حكم نبش القبور لغير مصلحة كطلب رؤية النعيم والعذاب
السؤال هل يجوز نبش القبور لغير مصلحة دينية كنبشها ليُرى العذاب أو النعيم؟
الجواب لا، لا تنبش القبور لغير مصلحة، وأما نبشها لرؤية العذاب فهذا غير صحيح، فإنه وإن فعل ذلك فلن يجد عذاباً كما هو مألوف ومعروف في هذه الحياة الدنيا، وربما إن لم يجد ذلك أدى به الأمر إلى إنكار عذاب القبر، ومع أنه وإن لم يره فالمعذب معذب والمنعم منعم وإن لم تر نعيماً ولا عذاباً، لأن أمور البرزخ أمور غيبية وليست كأمور الدنيا وأحوالها، فعلى الإنسان أن يؤمن ويصدق بالغيب، وليعلم أن كل من يستحق العذاب فهو معذب، وأن كل من يستحق النعيم فهو منعم.
الصلاة على قبر الميت بعد حين
السؤال مات أبي قبل ثلاثة أسابيع، وبعد شهر ونصف سأرجع إلى بلدي إن شاء الله، فهل يجوز لي أن أصلي على قبره؟
الجواب إذا تطاول العهد فلا تصل عليه، ولكن ادعوا له ويكفي.
وصف المرض بالخبث
السؤال هل يجوز أن يقال للمرض: هذا المرض الخبيث؟
الجواب لا ينبغي أن يوصف بهذا الوصف.
كتابة عمل المرأة الحائض حال حيضها
السؤال هل يكتب للمرأة ما كانت تعمله من الأعمال الصالحة إذا حاضت؟
الجواب الذي يبدوا أنه ليس لها ذلك؛ لأنه جاء في الحديث أنها: (ناقصة عقل ودين، وأن من نقصان دينها أنها لا تصلي) ،فهذا يدل على أن النقص حاصل لها، ولم يأتِ شيء يدل على أنه يكتب لها أجر عملها في حال حيضها، فهذا نقص يحصل لها دون الرجال.
تعارض مصلحة العلم مع طاعة الوالد
السؤال أنا شاب في الثانوية وعلى وشك التخرج منها إن شاء الله، وأرغب في الدراسة في الجامعة الإسلامية، ولكن والدي يقول: لابد أن تسجل في كلية عسكرية، وأنا لا أرغب في ذلك، فهل أدرس في الشريعة أم أنه يجب عليّ أن أطيع أبي؟
الجواب ينبغي أن تحرص على الدراسة في الشريعة، وأن تسعى لإقناع أبيك وإرضائه، وتجمع بين مصلحتيك.
كتاب الشيخ الألباني رحمه الله تعالى (الرد المفحم)
السؤال ما رأيكم في كتاب (الرد المفحم على الذين أوجبوا تغطية الوجه والكفين للمرأة) وهو للشيخ الألباني رحمه الله؟
الجواب لم أطلع عليه، ولكني أعرف أن رأي الألباني رحمه الله تعالى هو القول بكشف الوجه والكفين، وهو مخطئ في ذلك، والله يغفر له ويتجاوز عنا وعنه، والحق هو وجوب تغطية المرأة وجهها وكفيها، ومعلوم أن الوجه هو محل زينة المرأة، والشريعة جاءت بإرخاء الثياب حتى تُغطي القدمين، بل وتجر مقدار شبر على الأرض فمن باب أولى أن تأمر بتغطية الوجه؛ لأنه محل الفتنة، ففيه المحاسن والجمال، فالشيخ الألباني رحمة الله عليه نعتقد أنه قد أخطأ في هذا، وأن الصواب مع غيره، وكنت أقول: إن هذا الذي كان الشيخ الألباني رحمه الله يعتني به ويحرص عليه لو كان حقاً فإنه يكون من الحق الذي ينبغي إخفائه، ولو كان يرى أن تغطية الوجه والكقين ليست بواجبة فإنه ينبغي له أن يسكت، ويترك الناس على ما هم عليه من الحرص على السلامة، والبعد عن التكشف، والوقوع في أمور لا تنبعي، فنسأل الله تعالى يغفر له، وأن يتجاوز عنا وعنه.
المشي في العيادة
شرح حديث جابر: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يعودني ليس براكب بغلة ولا برذون)
قال المصنف يرحمه الله تعالى: [باب المشي في العيادة.
حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن محمد بن المنكدر عن جابر رضي الله عنه أنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعودني ليس براكب بغل ولا بِرْذَوْن) .
قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب في المشي في العيادة، أي: أن يعود المريض ماشياً، والعيادة جاءت السنة بها مشياً وركوباً، وهذا الحديث الذي أورده أبو داود رحمه الله عن جابر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوده ليس براكب بغلاً ولا برذون) يدل على العيادة مشياً، وجاء في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد سعد بن عبادة راكباً على حمار، فدل هذا على أن عيادة المريض تكون بالذهاب ركوباً أو مشياً، وكل ذلك جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقوله: (ليس براكب بغلاً ولا برذون) البغل: هو الحيوان الذي يتولد بين الحمار والفرس، وأما البرذون فهو نوع من أنواع الخيل، وليس من الخيل العربي الأصيل، وإنما هو من غير ذلك، فيقال: إنه من خيل التُرك، أي: أنه ليس من خيل العرب، وهو أقل جودة من الخيل العربي.
وقوله: (كان يعودني) تدل (كان) في الأصل على التكرار، ومعنى ذلك أنها تكررت عيادته، وقد تأتي (كان) لغير التكرار، كما في قول عائشة رضي الله عنها: (كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت) ، فإن قولها: (ولحله قبل أن يطوف بالبيت) لم يحصل إلا مرة واحدة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحج إلا مرة واحدة، ومع ذلك جاء التعبير (بكان) ، إذاً فهي في الغالب تدل على التكرار، وقد تأتي لغير التكرار.
تراجم رجال إسناد حديث جابر: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يعودني ليس براكب بغلة ولا برذون)
قوله: [حدثنا أحمد بن حنبل] .
هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبد الرحمن بن مهدي] .
عبد الرحمن بن مهدي البصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان] .
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة فقيه وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن المنكدر] .
محمد بن المنكدر ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن جابر] .
جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، وهو صحابي ابن صحابي، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فضل العيادة على وضوء
شرح حديث: (من توضأ فأحسن الوضوء وعاد أخاه المسلم محتسباً)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في فضل العيادة على وضوء.
حدثنا محمد بن عوف الطائي حدثنا الربيع بن روح بن خليد حدثنا محمد بن خالد حدثنا الفضل بن دلهم الواسطي عن ثابت البناني عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من توضأ فأحسن الوضوء، وعاد أخاه المسلم محتسباً بُوعِد من جهنم مسيرة سبعين خريفاً) ، قلت: يا أبا حمزة! وما الخريف؟ قال: العام.
قال أبو داود: والذي تفرد به البصريون منه: العيادة وهو متوضئ] .
ثم أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: باب في فضل العيادة على وضوء، أي: أن الإنسان يعود المريض وهو متوضئ، ولعل ذلك أن الزائر إذا دعا للمريض فإنه يدعو له على طهارة، فيكون ذلك أكمل، وقيل: لأن العيادة قربة وعبادة، فإذا فُعلت على طهارة فإنها تكون أكمل وأتم.
وأورد أبو داود رحمه الله حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من توضأ فأحسن الوضوء، وعاد أخاه المسلم محتسباً بُوْعِد من جهنم مسيرة سبعين خريفاً) .
قوله: (من توضأ فأحسن الوضوء، وزار أخاه محتسباً) أي: محتسباً الأجر من الله عز وجل، (بوعد بينه وبين جهنم سبعين خريفاً، قيل: وما الخريف؟ قال: العام) أي: سبعين سنة، وهذه مسافة طويلة.
وهذا الحديث يدل على فضل العيادة على وضوء إذا كان ذلك احتساباً للأجر من الله تعالى، فعلى الزائر أن يكون محتسباً يرجو الثواب من الله عز وجل، وليس المقصود من ذلك المجاملة أو رد جميل سابق بدون أن تكون هناك نية، فإن الأعمال لابد فيها من النيات، كما قال عليه الصلاة والسلام: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل أمرٍ ما نوى) .
وحديث أنس بن مالك هذا في إسناده رجل لين الحديث، فهو إذن ضعيف، إلا أن فضل العيادة والزيارة ثابت في أحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما، وأما ذكر الوضوء في العيادة فلا يثبت، فإنه لم يأت إلا في هذا الحديث، وقد ذكرنا أن هذا الحديث ضعيف؛ لأن في سنده الفضل بن دلهم، وهو لين الحديث.
تراجم رجال إسناد حديث: (من توضأ فأحسن الوضوء وعاد أخاه المسلم محتسباً)
قوله: [حدثنا محمد بن عوف الطائي] .
محمد بن عوف الطائي ثقة أخرج له أبو داود والنسائي في (مسند علي) .
[حدثنا الربيع بن الروح بن خليد] .
الربيع بن الروح بن خليد ثقة أخرج له أبو داود والنسائي.
[حدثنا محمد بن خالد] .
محمد بن خالد الوهبي وهو صدوق أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة.
[حدثنا الفضل بن دلهم الواسطي] .
الفضل بن دلهم الواسطي البصري لين الحديث، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة.
[عن ثابت البناني] .
هو ثابت بن أسلم البناني، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس بن مالك] .
أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[قال أبو داود: والذي تفرد به البصريون منه: العيادة وهو متوضأ] أي: أن يعود مريضاً وهو على وضوء، فهذا تفرد به البصريون، والبصريون هم أنس وثابت والفضل بن دلهم، ومعلوم أن ثابت بن أسلم البناني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو حجة، ولكن الآفة فيه من الفضل بن دلهم الواسطي البصري، فهو علّة هذا الحديث.
شرح حديث: (ما من رجل يعود مريضاً ممسياً إلا خرج معه سبعون ألف ملك)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن كثير أخبرنا شعبة عن الحكم عن عبد الله بن نافع عن علي رضي الله عنه أنه قال: (ما من رجل يعود مريضاً ممسياً إلا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يصبح، وكان له خريف في الجنة، ومن أتاه مصبحاً خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يمسي، وكان له خريفٌ في الجنة) ] .
وقال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمعناه، لم يذكر الخريف.
قال أبو داود: رواه منصور عن الحكم كما رواه شعبة] .
ثم أورد أبو داود حديثين عن علي رضي الله عنه، أحدهما موقوف والآخر مرفوع وكل منهما صحيح، والموقوف له حكم المرفوع؛ لأنه لا يقال من قبل الرأي، فيكون حكمه حكم الرفع، إذن فقد جاء مرفوعاً صراحة ومرفوعاً حكماً.
قوله: (ما من رجل يعود مريضاً ممسياً إلا وخرج مع سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يصبح) يعني: أن هؤلاء يستغفرون له بالليل كله حتى يصبح، وذلك من حين يخرج ممسياً إلى أن يصبح؛ لقيامه بهذا العمل العظيم، وهو: عيادة المريض، وهذا يدل على فضل عيادة المريض، وعلى الترغيب فيها.
قوله: (وكان له خريفٌ في الجنة) الخريف: هو البستان، أي: يكون له بستان في الجنة.
قوله: (ومن عاد مريضاً مصبحاً خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يمسي، وكان له خريفٌ في الجنة) أي: أنه إن عاده في الليل خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى الصباح، وله خريف في الجنة، وإن عاده في الصباح فإنه يخرج معه سبعون ألفاً من الملائكة يستغفرون له حتى يمسي، وكان له خريفٌ في الجنة.
تراجم رجال إسناد حديث: (ما من رجل يعود مريضاً ممسياً إلا خرج معه سبعون ألف ملك)
[حدثنا محمد بن كثير] .
هو محمد بن كثير العبدي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا شعبة] .
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الحكم] .
هو الحكم بن عتيبة الكندي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن نافع] .
عبد الله بن نافع صدوق أخرج له أبو داود والنسائي في (مسند علي) .
[عن علي] .
علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، رضي الله تعالى وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
وقوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة] .
عثمان بن أبي شيبة، ثقة أخرج له أصحاب الكتب إلا الترمذي والنسائي، فإنما أخرج له في (عمل اليوم والليلة) .
[حدثنا أبو معاوية] .
هو أبو معاوية محمد بن الخازم الضرير وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأعمش] .
هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى] .
الحكم مر ذكره.
وعبد الرحمن بن أبي ليلى ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه] .
أي: بمعنى الحديث المتقدم.
[لم يذكر الخريف] .
أي: أنّ الخريف إنما جاء في الموقوف، ولم يأت في المرفوع.
[قال أبو داود: رواه منصور عن الحكم كما رواه شعبة] أي: موقوفاً، وعلى كلٍ فالحديث -كما عرفنا- ليس للرأي فيه مجال، فهو في حكم المرفوع.
شرح أثر عيادة أبي موسى للحسن بن علي
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن منصور عن الحكم عن أبي جعفر عبد الله بن نافع أنه قال: وكان نافع غلام الحسن بن علي، قال جاء أبو موسى إلى الحسن بن علي يعوده.
قال أبو داود: وساق معنى حديث شعبة] .
ثم ذكر الحديث من طريق أخرى، وفيها: أن أبا موسى جاء الحسن بن علي بن أبي طالب يعوده، ثم ذكر بمعنى حديث شعبة الأول الذي جاء موقوفاً عن علي.
تراجم رجال إسناد أثر عيادة أبي موسى الأشعري للحسن بن علي
قوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة] .
عثمان بن أبي شيبة مر ذكره.
[حدثنا جرير] .
هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن منصور] .
هو منصور بن معتمر الكوفي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الحكم عن أبي جعفر عبد الله بن نافع] .
الحكم وأبو جعفر عبد الله بن نافع مر ذكرهما.
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، واسمه عبد الله بن قيس، وهو صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[قال أبو داود: وساق معنى حديث شعبة] أي: الطريق الأولى التي جاءت عن علي.
[قال أبو داود: أُسند هذا عن علي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من غير وجه صحيح] يعني: من وجوه أخرى متعددة وكلها صحيحة، وقد ذكر هنا واحداً منها، وهي طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر هنا أنه جاء من طرق أخرى مرفوعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي مع تعددها صحيحة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا الحديث ليس فيه شيء يدل على مطابقة الترجمة فيما يتعلق بفضل الوضوء، فالتنصيص على ذكر الوضوء لم يأتِ إلا في حديث أنس الذي سبق، وهو لا يصح، وبقاء الإنسان دائماً على طهارة شيء طيب.
وهذا الحديث من مسند الحسن بن علي كما هو المتبادر؛ لأن المزور هو الذي يذكر فضل الزيارة وليس الزائر.
وقد ذكر هذا الحديث من مسند الحسن بن علي الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في (الصحيحة) برقم (1367) .
العيادة مراراً
شرح حديث ضرْب النبي صلى الله عليه وسلم خيمة في المسجد لسعد بن معاذ كي يعوده من قريب
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في العيادة مراراً.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن نمير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: لما أصيب سعد بن معاذ رضي الله عنه يوم الخندق رماه رجل في الأكحل، فضرب عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خيمة في المسجد؛ ليعوده من قريب] .
ثم أورد أبو داود باباً في العيادة مراراً، أي: أن العيادة تتكرر، وأورد فيه حديث عائشة: (أن سعد بن معاذ -وهو سيد الأوس رضي الله عنه- لما أصيب عام الخندق في أكحله -وهو عرق في الذراع- ضرب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خيمةً في المسجد؛ ليبقى فيها حتى يزوره) أي: أن يكون قريباً منه حتى تكرر زيارته، وسبق أن مر بنا حديث يشير إلى تكرار الزيارة، وهو حديث جابر: (كان يعودني ماشياً) ، وقلنا هناك: إنّ (كان) تفيد في الأصل التكرار، إذن فهو يدل على تكرار الزيارة، وهذا الحديث أيضاً يدل على تكررها، وقد عقد أبو داود الترجمة لهذا.
وهذا الحديث يدلنا أيضاً على أنه يجوز اتخاذ المسجد سكناً للحاجة في فترة من الزمان كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع سعد بن معاذ رضي الله عنه.
قوله: [لما أصيب سعد بن معاذ يوم الخندق رما رجل في الأكحل] ، يوم الخندق هو يوم الأحزاب، وقد كان ذلك في السنة الخامسة، والأكحل: هو عرق في الذراع.
تراجم رجال إسناد حديث ضرْب النبي صلى الله عليه وسلم خيمة في المسجد لسعد بن معاذ كي يعوده من قريب
قوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن النمير] .
عبد الله بن النمير ثقة أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن هشام بن عروة] .
هشام بن عروة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه] .
أبوه هو عروة بن الزبير ثقة فقيه، وهو من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة] .
عائشة هي أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
العيادة من الرمد
شرح حديث: (عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجع كان بعيني)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في العيادة من الرمد.
حدثنا عبد الله بن محمد بن النفيلي حدثنا حجاج بن محمد عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن زيد بن أرقم رضي الله عنه، قال: (عادني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من وجع كان بعيني) ] .
ثم أورد أبو داود هذه الترجمة: باب العيادة من الرمد، وهو: وجع العين، وهذا يدل على أن العيادة تكون من أي مرض وليس بلازم أن يكون مخوفاً، أو أن يكون مرضاً خطيراً، فالإنسان قد يبقى في بيته مع أن المرض ليس مخوفاً، فتشرع عيادته وزيارته، فليس الأمر خاصاً بالمرض الشديد، أو بالمرض الخطير، أو بالمرض المخوف، وإنما يكون ذلك في مختلف الأمراض ولو كانت سهلة، وهذا هو الذي ترجم له المصنف، وأورد الحديث فيه.
وأورد أبو داود حديث زيد بن أرقم قال: (عادني رسول الله عليه وسلم من وجع كان بعيني) ، وهو دال على ما ترجم له، ودال على أن مختلف الأمراض يعاد المريض فيها، وقال بعض أهل العلم: إن عيادة العيادة من الرمد ليست كغيرها، وعللوا ذلك: بأن الرجل الذي فيه رمد إذا زاره الناس فإنهم ينظرون في بيته وهو لا يراهم.
قال ابن القيم رحمه الله: وهذا غير صحيح؛ لأن الأعمى يزار إذا مرض مع أنه لا يرى، وكذلك زار الرسول صلى الله عليه وسلم جابراً وهو مغمىً عليه وليس له شعور ولا إحساس، فالحديث والسنة ثبتت في ذلك، فلا يصار إلى هذه التعاليل والاحتمالات بعد ثبوت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث (عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجع كان بعيني)
قوله: [حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي] .
عبد الله بن محمد النفيلي ثقة أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[حدثنا حجاج بن محمد] .
هو عن حجاج بن محمد المصيصي الأعور، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يونس بن أبي إسحاق] .
يونس بن أبي إسحاق صدوق يهم قليلاً، أخرج له البخاري في (جزء القراءة) ومسلم وأصحاب السنن.
[عن أبي إسحاق] .
هو أبو إسحاق السبيعي عمرو بن عبد الله الهمداني، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن زيد بن أرقم] .
زيد بن أرقم رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرج له أصحاب الكتب الستة.