شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)
كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [367]
الحلقة (399)
شرح سنن أبي داود [367]
للصلاة على الجنازة واتباعها فضل عظيم وأجر كبير، وذلك الأجر يشمل المصلي والمتبع والميت أيضاً، وقد جاءت صفة الصلاة على الجنازة واتباعها في الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما جاء النهي عن أمور لا يجوز فعلها في اتباع الجنائز ودفنها.
الدفن بالليل
شرح حديث دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر ليلاً
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الدفن بالليل.
حدثنا محمد بن حاتم بن بزيع حدثنا أبو نعيم عن محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار أخبرني جابر بن عبد الله أو سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (رأى ناس ناراً في المقبرة فأتوها فإذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في القبر، وإذا هو يقول: ناولوني صاحبكم، فإذا هو الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر) ] .
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي: [باب في الدفن بالليل] ، أي: في حكمه، وقد سبق أن مر حديث وفيه: (أنهم دفنوا رجلاً ليلاً فزجر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك) ، وذلك في باب الكفن، أي: أنهم كفنوه بكفن غير طائل، فزجر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وهنا أورد هذه الترجمة وهي الدفن في الليل: ما حكمه؟ وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يجوز إلا للضرورة، وقال بعضهم: إنه يسوغ إذا حصلت المصالح التي تحصل بالنهار للميت، وذلك أن يكفَّن بكفن مناسب، وأن يكثر المصلون عليه، فإذا حصل للميت في الليل مثلما يحصل له بالنهار فلا بأس بذلك، وأما إذا كان الدفن ليلاً يترتب عليه تقصير في حق الميت؛ وذلك بأن يكون الكفن غير كافٍ، أو يقل المصلون فإنه لا يصلى عليه ليلاً، بل يترك إلى النهار، وقد جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم دُفن في الليل، وكذلك أبو بكر وفاطمة وعثمان وعدد من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
قوله: (رأى ناس ناراً في المقبرة) ، قال العلماء: هذا يدل على أنه لا بأس بوجود الإضاءة في الليل؛ من أجل رؤية المكان، ومن أجل التمكن من الدفن، (فجاءوا وإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر، وكان يقول: ناولوني صاحبكم، فإذا هو الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر) أي: أن هذا الشخص كان مشهوراً برفع صوته بالذكر.
تراجم رجال إسناد حديث دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر ليلاً
قوله: [حدثنا محمد بن حاتم بن بزيع] .
محمد بن حاتم بن بزيع ثقة أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
[حدثنا أبو نعيم] .
هو الفضل بن دكين الكوفي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن مسلم] .
هو محمد بن مسلم الطائفي، وهو صدوق يخطئ، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[عن عمرو بن دينار] .
هو عمرو بن دينار المكي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني جابر بن عبد الله] .
جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه، وهو صحابي جليل، أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا الحديث ضعفه الألباني، وسبب ضعفه محمد بن مسلم الطائفي، فهو صدوق يخطئ، ولكن للحديث شواهد تدل عليه.
قوله: [أخبرني جابر بن عبد الله أو سمعت جابر بن عبد الله] .
هذا يدل على عناية المحدثين بكتابة الألفاظ والصيغ، ومعلوم أن المؤدى واحد والنتيجة واحدة، ولكن هذا من باب العناية والدقة.
وكلا العبارتين فيها اتصال وتصريح بالسماع.
كراهة حمل الميت من أرض إلى أرض
شرح حديث أمر النبي صلى الله عليه وسلم بدفن قتلى أحد في مضاجعهم
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الميت يحمل من أرض إلى أرض وكراهة ذلك.
حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن الأسود بن قيس عن نبيح عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: (كنا حملنا القتلى يوم أحد لندفنهم، فجاء منادي النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمركم أن تدفنوا القتلى في مضاجعهم، فرددناهم) ] .
أورد أبو داود هذه الترجمة: [باب في الميت يحمل من أرض إلى أرضَ وكراهة] ذلك]، والمقصود من ذلك: كراهة نقل الميت من المكان الذي مات فيه إلى مكان آخر، والأصل أن كل ميت يدفن في المكان الذي مات فيه، وإذا كانت هناك مصلحة في النقل كأن يكون في مكان يخشى عليه فيه، أو يكون في بلد كفار فينقل عنهم ويقبر مع المسلمين، فإنه لا بأس بذلك، وإلا فإن الأصل أن كل ميت يدفن في البلد الذي مات فيه.
وقد أورد حديث جابر رضي الله عنه: (أنهم أرادوا نقل وحمل القتلى يوم أحد، فأخبرهم منادي النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم يأمرهم أن يدفنوهم في مضاجعهم) أي: في الأماكن التي قُتلوا فيها، وقال بعض أهل العلم: إن هذا خاص بالشهداء، وأما غيرهم فيجوز نقلُه، ولكن الأصل هو عدم النقل، بل يدفن في المكان الذي مات فيه، ولا ينقل إلا لأمر يقتضي ذلك.
ويستدل القائلون بالجواز بأن سعد بن أبي وقاص نُقل من قصره في العقيق إلى المدينة، والحق أن مثل هذا لا يقال: إنه نقل من بلد إلى بلد؛ لأن الكل في المدينة، فالعقيق هو في أطراف المدينة، فنقله من أطراف المدينة إلى المدينة لا يقال: إنه نقل من بلد إلى بلد، فمثل هذا لا يصلح دليلاً على الجواز.
تراجم رجال إسناد حديث أمر النبي صلى الله عليه وسلم بدفن قتلى أحد في مضاجعهم
قوله: [حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن الأسود بن قيس] .
الأسود بن قيس ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن نبيح] .
هو نبيح العنزي، وهو مقبول أخرج له أصحاب السنن.
[عن جابر بن عبد الله] .
جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما، وقد مر ذكره.
وهذا الحديث إسناده ضعيف، لكن كون الأموات يدفنون في مضاجعهم هذا ثابت، فقد دُفن قتلى أحد في مضاجعهم ولم ينقلوا إلى البقيع.
وكذلك نقْل الميت المسلم من بلاد مسلمة إلى بلاد مسلمة أخرى فيها أقاربه وأهله ليس بجيّد، بل ينبغي أنه يدفن كل واحد في المكان الذي مات فيه.
الصفوف على الجنازة
شرح حديث: (ما من مسلم يموت فيصلي عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجب)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الصفوف على الجنازة.
حدثنا محمد بن عبيد حدثنا حماد عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد اليزني عن مالك بن هبيرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ما من مسلم يموت فيصلي عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجب) ، قال: فكان مالك إذا استقل أهل الجنازة جزأهم ثلاثة صفوف للحديث] .
أورد أبو داود [باباً في الصوف على الجنازة] ، أي: أنهم يجعلون ثلاثة صفوف، وليس بلازم أن يكونوا ثلاثة، ولكن هذا هو الحد الأدنى، وإذا كثروا وزادوا على ذلك فهو خير.
وقد أورد أبو داود حديث مالك بن هبيرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من مسلم يموت فيصلي عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجب) أي: إلا وجبت له الجنة بشفاعتهم وبدعائهم له، وهذا فيه دلالة على الترجمة من جهة أنهم يصفون ثلاثة صفوف.
وهذا الحديث ضعفه الألباني، ولكنه ذكره في (أحكام الجنائز) وجعله ثابتاً بشواهده، فذكر حديثاً فيه ابن لهيعة، وفي هذا الحديث: (أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى على ميت، وكان المصلون سبعة، فجعل ثلاثة في صف، واثنين في صف، واثنين في صف) ثم قال: إنه شاهد للحديث الذي بعده، والذي بعده شاهد له، يعني: هذا الحديث الذي معنا، وعلى هذا فيكون تقسيمهم ثلاثة صفوف ثابتاً بشواهده.
قوله: [وكان مالك إذا استقل أهل الجنازة جعلهم ثلاثة صفوف للحديث] أي: عملاً بالحديث، وإذا كانوا قليلين لا يكملون ثلاثة صفوف كاملة على مقدار الصفوف فإنه يجزئهم بحيث يكونون ثلاثة صفوف.
تراجم رجال إسناد حديث: (ما من مسلم يموت فيصلي عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجب)
قوله: [حدثنا محمد بن عبيد] .
هو محمد بن عبيد بن حساب، وهو ثقة أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي.
[حدثنا حماد] .
هو حماد بن زيد، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن إسحاق] .
هو محمد بن إسحاق المدني، وهو صدوق أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[عن يزيد بن أبي حبيب] .
يزيد بن أبي حبيب ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مرثد اليزني] .
هو أبو الخير، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مالك بن هبيرة] .
مالك بن هبيرة صحابي أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة.
وهذا الحديث فيه عنعنة ابن إسحاق، فإنه مدلس وقد روى بالعنعنة، ولكن الحديث الآخر الذي ذكره الألباني يشهد له.
اتباع النساء للجنائز
شرح حديث أم عطية: (نُهينا أن نتبع الجنائز ولم يُعزم علينا)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب اتباع النساء الجنازة.
حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد عن أيوب عن حفصة عن أم عطية رضي الله عنها أنها قالت: (نهينا أن نتبع الجنائز ولم يعزم علينا) ] .
أورد أبو داود [باباً اتباع النساء الجنائز] ، أي: أن النساء يتبعن الجنائز ويذهبن معها إلى المقبرة.
وأورد فيه حديث أم عطية رضي الله تعالى عنها قالت: (نهينا أن نتبع الجنائز ولم يعزم علينا) ، وهذا فيه دلالة على أن نهي الرسول صلى الله عليه وسلم كان على درجات وليس على درجة واحدة، والمراد من قولها: (ولم يعزم علينا) أي: كالعزم في بعض الأمور الأخرى التي نُهي عنها نهياً جازماً، فهذا يفيد أن النهي هنا دون النهي عن كثير من الأمور التي عُزم في النهي عنها، لذا فقد ذهب كثير من أهل العلم إلى أن ذلك مكروه كراهة تنزيه لا تحريم؛ لقول أم عطية: (ولم يعزم علينا) وقال بعض أهل العلم: إنه للتحريم، وقالوا: قد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه نهى عن زيارة القبور للنساء) ، قالوا: وذلك لضعفهن وعدم صبرهن، ولما يحصل منهن من الجزع والخوف والنياحة، ومعلوم أن اتباع الجنائز أشد من زيارة القبور؛ لأن ذلك يكون في وقت المصيبة، ووقت المصيبة أشد وأعظم من مجرد الزيارة، فعند الزيارة يكون قد حصل السلوان، وأما وقت المصيبة فهو الوقت الذي تكون فيه شدة وقع المصيبة على النفوس، فمن هنا قالوا: إن الحكم للتحريم.
تراجم رجال إسناد حديث أم عطية: (نُهينا أن نتبع الجنائز ولم يعزم علينا)
قوله: [حدثنا سليمان بن حرب] .
سليمان بن حرب ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا حماد] .
هو حماد بن زيد، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أيوب] .
هو أيوب بن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حفصة] .
هي حفصة بنت سيرين، وهي ثقة أخرج لها أصحاب الكتب الستة.
[عن أم عطية] .
أم عطية رضي الله عنها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
فضل الصلاة على الجنائز وتشييعها
شرح حديث: (من تبع جنازة فصلى عليها فله قيراط)
قال المصنف يرحمه الله تعالى: [باب فضل الصلاة على الجنائز وتشييعها.
حدثنا مسدد حدثنا سفيان عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه يرويه قال: (من تبع جنازة فصلى عليها فله قيراط، ومن تبعها حتى يفرغ منها فله قيراطان أصغرهما مثل أحد، أو أحدهما مثل أحد) ] .
أورد أبو داود [باباً في فضل الصلاة على الجنائز وتشييعها] ، أي: الذهاب معها بعد الصلاة عليها، فإذا صلى عليها فله قيراط، وإذا تبعها حتى تدفن ويفرغ منها فله قيراطان: قيراط لا تباع الجنازة، وقيراط للصلاة عليها، وقد جاء بيان حجم القيراط بأنه مثل جبل أحد، وهذا شيء عظيم، قالوا: ومعنى هذا: أن الأعمال تجعل أجساماً وتوضع في الميزان، ولهذا قال: مثل جبل أحد، أي: في العِظَم والضخامة.
وقد أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه يرويه قال: (من تبع جنازة فصلى عليها فله قيراط) أي: أنه اكتفى بالصلاة عليها.
قوله: (ومن تبعها حتى يفرغ منها فله قيراطان) أي: قيراط آخر مع القيراط الأول، وليس معنى ذلك أن الاتباع له قيراطان والصلاة عليها لها قيراط، فتكون ثلاثة قراريط، وإنما هي قيراطان للاثنين، وهذا من جنس قوله صلى الله عليه وسلم: (من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله) ، فليس معناه أن من صلى هاتين الصلاتين في جماعة فكأنه قام الليل مرة ونصف المرة، وإنما المراد هذا مع هذا.
وظاهر لفظ الحديث أن من تبعها من بيتها حتى صلى عليها فله قيراط، وأما من صلى عليها فقط فلا يشمله هذا الأجر، لكن لاشك أن الإنسان إذا صلى على الجنازة فله خير عظيم.
قوله: (حتى يفرغ منها) حدّ الفراغ منها أن يُهال عليها التراب وتُدفن.
قوله: (أصغرهما مثل أحد، أو أحدهما مثل أحد) شك هل قال: أحدهما، أو قال: أصغرهما.
وإذا صلى المصلي على أكثر من جنازة فالذي يبدو أنه يكون له في كل جنازة قيراط.
تراجم رجال إسناد حديث: (من تبع جنازة فصلى عليها فله قيراط)
قوله: [حدثنا مسدد] .
هو مسدد بن مسرهد، وهو ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
[حدثنا سفيان] .
هو ابن عيينة، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سمي] .
سمي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي صالح] .
هو أبو صالح السمان، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة] .
أبو هريرة مر ذكره.
[يرويه] .
أي: يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فكلمة: يرويه، أو ينميه، أو يرفعه، أو رواية، كلها بمعنى يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث: (من تبع جنازة فصلى عليها) من طريق ثانية
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا هارون بن عبد الله وعبد الرحمن بن حسين الهروي قالا: حدثنا المقرئ حدثنا حيوة حدثني أبو صخر وهو حميد بن زياد أن يزيد بن عبد الله بن قسيط حدثه أن داود بن عامر بن سعد بن أبي وقاص حدثه عن أبيه أنه كان عند ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما إذ طلع خباب صاحب المقصورة، فقال: يا عبد الله بن عمر! ألا تسمع ما يقول أبو هريرة؟ إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (من خرج مع جنازة من بيتها وصلى عليها) ، فذكر معنى حديث سفيان، فأرسل ابن عمر إلى عائشة رضي الله عنها فقالت صدق أبو هريرة] .
أورد أبو داود حديث أبي هريرة وعائشة رضي الله تعالى عنهما، وهو مثل الذي قبله، وفيه: (من خرج مع جنازة من بيتها وصلى عليها فله قيراط) ، فهذا يوضح الحديث السابق، وأن اتباع الجنازة يكون من بيتها، وجاء عن ابن عمر رضي الله عنه كما في صحيح البخاري أنه قال بعدما بلغه هذا الحديث: لقد فرطنا في قراريط كثيرة، وهذا ندم على ما فات من الأجر العظيم الذي يحصل في الملازمة والحرص على هذه الأعمال العظيمة.
تراجم رجال إسناد حديث (من تبع جنازة فصلى عليها) من طريق ثانية
قوله: [حدثنا هارون بن عبد الله] .
هو هارون بن عبد الله الحمال البغدادي، وهو ثقة أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[وعبد الرحمن بن حسين الهروي] .
عبد الرحمن بن حسين الهروي مقبول أخرج له أبو داود.
[حدثنا المقرئ] .
هو عبد الله بن يزيد المقرئ المكي وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا حيوة] .
حيوة بن شريح الحمصي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وهناك شخصان كل منهما يقال له: حيوة بن شريح، أحدهما مصري، وهو في طبقة متقدمة، والثاني شامي، وهو في طبقة متأخرة، وهو من شيوخ أبي داود، فإذا جاء حيوة بن شريح من شيوخ أبي داود فالمراد به الشامي، وإذا جاء حيوة بن شريح في طبقة متقدمة فهو المصري.
[حدثني أبو صخر] .
هو حميد بن زياد، وهو صدوق يهم، أخرج له البخاري في (الأدب المفرد) ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي في مسند علي وابن ماجة.
[أن يزيد بن عبد الله بن قسيط حدثه] .
يزيد بن عبد الله بن قسيط ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أن داود بن عامر بن سعد حدثه] .
داود بن عامر بن سعد ثقة أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي.
[عن أبيه] .
أبوه هو عامر بن سعد، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن خباب صاحب المقصورة] .
خباب صاحب المقصورة قيل: له صحبة، وقيل: مخضرم، أخرج له مسلم وأبو داود.
[عن أبي هريرة] .
أبو هريرة مر ذكره.
[وعائشة] .
عائشة مر ذكرها.
شرح حديث: (ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الوليد بن شجاع السكوني حدثنا ابن وهب أخبرني أبو صخر عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شُفِّعوا فيه) ] .
أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئا إلا شفِّعوا فيه) ، وهذا يدل على فضل كثرة عدد المصلين على الجنازة، وأن العدد كلما كثر كان أعظم وأفضل؛ لأنهم كلهم يدعون ويشفعون للميت، وقد مر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصفّهم ثلاثة صفوف، وذكر أن من صلى عليه ثلاثة صفوف فقد أوجب، وذلك يدل على سعة فضل الله عز وجل، وعلى عظم الأجر والثواب، وسواء بلغ العدد الأربعين أو المائة أو أقل من ذلك، ولكن لاشك أنه كلما كان العدد أكبر فإنه يكون أولى وأفضل.
تراجم رجال إسناد حديث: (ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون)
قوله: [حدثنا الوليد بن الشجاع السكوني] .
الوليد بن الشجاع السكوني ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة.
[حدثنا ابن وهب] .
ابن وهب مر ذكره.
[أخبرني أبو صخر] .
أبو صخر مر ذكره.
[عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر] .
شريك بن عبد الله بن أبي نمر صدوق يخطئ، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي، فقد أخرج له في الشمائل.
[عن كريب] .
هو كريب مولى ابن عباس، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس] .
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الأسئلة
معنى حديث: (ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً)
السؤال حديث: (ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً) هل يدخل هنا الشرك الأصغر؟
الجواب هذا يدل على أن المصلين يكونون مؤمنين موحدين وليسوا بمشركين، واللفظ هذا عام فيدخل فيه الشرك الأصغر.
رواية: (ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته مائة)
السؤال جاء في حديث أخرجه مسلم أنه يصلي عليه مائة؟
الجواب معلوم أنه كلما زاد العدد فهو أفضل، فإذا كانوا مائتين أو ألفاً فلاشك أن هذا أكمل وأفضل.
مضاعفة الأجر على صلاة الجنازة في المسجد النبوي
السؤال هل يكون الأجر في الصلاة على الجنازة في المسجد النبوي مضاعفاً بألف درجة؟
الجواب قوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة في مسجدي هذا) يشمل كل صلاة، لكن مع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في مسجده هذا فقد كان في غالب أحواله يصلي على الجنائز خارج مسجده.