عرض مشاركة واحدة
  #629  
قديم 28-06-2025, 02:37 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله





ترك المكان الذي يوجد فيه عظام أثناء الدفن




شرح حديث: (كسر عظم الميت ككسره حياً)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الحفار يجد العظم هل يتنكّب ذلك المكان؟ حدثنا القعنبي حدثنا عبد العزيز بن محمد عن سعد -يعني ابن سعيد - عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (كسر عظم الميت ككسره حياً) ] .
قوله: [باب في الحفار يجد العظم هل يتنكب ذلك المكان] ، أي: أنه يترك ذلك المكان، ويحفر في مكان آخر ليس فيه قبر، والذي يظهر أن في هذا تفصيلاً وهو: إذا كان الميت ما زال موجوداً أو أكثر رفاته فإنه يترك ذلك المكان ويذهب إلى مكان آخر، وأما إذا كان القبر ليس فيه إلا عظم فإنه لا يكسره، ولكن ينحيه جانباً، ويدفن فيه ميتاً آخر.
وقد أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كسر عظم الميت ككسره حياً) ، أي: أنه محترم حياً وميتاً، فلا يجوز أن يستهان به في حال موته كما أنه لا يستهان به في حال حياته.
وهذا المنع من كسر العظم هو بالنسبة للمسلم، وأما عظم الكافر فلا بأس بكسره؛ لأن الكافر ليس له احترام، فمآله إلى النار.




تراجم رجال إسناد حديث (كسر عظم الميت ككسره حياً)
قوله: [حدثنا القعنبي] .
هو عبد الله بن مسلمة القعنبي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة.
[حدثنا عبد العزيز بن محمد] .
هو عبد العزيز بن محمد الدراوردي، وهو صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سعد يعني ابن سعيد] .
عن سعد بن سعيد صدوق سيء الحفظ، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[عن عمرة بنت عبد الرحمن] .
هي عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية، وهي ثقة أخرج لها أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة] .
هي أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.




اللحد




شرح حديث: (اللحد لنا والشق لغيرنا)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في اللحد.
حدثنا إسحاق بن إسماعيل حدثنا حكام بن سلم عن علي بن عبد الأعلى عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (اللحد لنا والشق لغيرنا) ] .
قوله: [باب في اللحد] ، اللحد: هو الشق الذي يكون في جانب القبر من جهة القبلة، فيكون مائلاً عن سمت القبر بحيث يقف الذين على القبر على الجهة المفتوحة إلى الأعلى، ثم يدخلونه في الجهة الأمامية وهي اللحد، واللحد لغة: هو الميل، وسمي اللحد لحداً لأنه مائل عن سمت القبر.
وقد لحد للرسول صلى الله عليه وسلم، ونُصب عليه اللبن نصباً.
وأما الشق: فهو أن يُشق في وسط القبر شق يوضع فيه الميت، ثم يوضع اللبن وضعاً على أطرافه، والميت يكون في وسطه، فاللحد ينصب فيه اللبن نصباً، فيكون اللبن واقفاً مائلاً، وأما الشق فإن اللبن يوضع وضعاً على أطرافه من الجهتين.
واللحد أفضل من الشق، وكل منهما جائز بإجماع العلماء، فإذا كانت الأرض صلبة فإن اللحد يكون أفضل، وأما إذا كانت رخوة بحيث إذا حفروا ينهال ويسقط عليهم التراب فالشق هنا أفضل؛ لأن الشق لا يبقي شيئاً معلقاً، فهم يأخذون كل ما أمامهم، وأما اللحد فإنه يحفر إلى جهة القبلة فيبقى الجزء الذي فوق الميت معلقاً، وهذا يكون أفضل إذا كانت الأرض صلبة.
وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اللحد لنا والشق لغيرنا) ، أي: أنه لأهل الكتاب، وهو سائغ لنا، ولكن اللحد أفضل من الشق.




تراجم رجال إسناد حديث (اللحد لنا والشق لغيرنا)
قوله: [حدثنا إسحاق بن إسماعيل] .
هو إسحاق بن إسماعيل الطالقاني، وهو ثقة أخرج له أبو داود.
[حدثنا حكام بن سلم] .
حكام بن سلم ثقة له غرائب، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[عن علي بن عبد الأعلى] .
علي بن عبد الأعلى صدوق ربما وهم أخرج له أصحاب السنن.
[عن أبيه] .
أبوه صدوق يهم أخرج له أصحاب السنن.
[عن سعيد بن جبير] .
سعيد بن جبير ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس] .
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.




عدد الذين يدخلون القبر




شرح أثر دخول عدد من الصحابة في قبر النبي صلى الله عليه وسلم
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب كم يدخل القبر؟ حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عامر قال: (غسّل رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم علي والفضل وأسامة بن زيد رضي الله عنهم، وهم أدخلوه قبره) ، قال: وحدثني مرحب أو أبو مرحب: (أنهم أدخلوا معهم عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، فلما فرغ علي قال: إنما يلي الرجل أهله) ] .
قوله: [باب كم يدخل القبر؟] ، أي: من الرجال الذين يتولون وضعه في لحده، فيدخل من يحتاج إليه ومن يكفي لذلك، فقد يكتفى باثنين وقد يحتاج إلى أكثر من اثنين وذلك إذا كان الميت ثقيلاً فيتساعدون على حمله، وعلى وضعه في لحده، فهذا يتبع الحاجة.
وقد أورد أبو داود حديث مرحب أو أبي مرحب -وهو من الصحابة- أن علياً والفضل وأسامة بن زيد هم الذين غسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنهم هم الذين نزلوا في قبره، وكان معهم عبد الرحمن بن عوف، فكانوا أربعة، فقال علي رضي الله عنه: إنما يلي الرجل أهله، أي: أنهم هم أولى الناس بإدخاله في القبر، فالأولوية لهؤلاء ويمكن أن يكون غيرهم، فإذا أرادوا ذلك فهم المقدمون، وإذا رغبوا من غيرهم أن يتولى ذلك لكونهم يجدون ضعفاً، أو عدم قدرة، أو عدم نشاط في ذلك فيجوز ذلك.




تراجم رجال إسناد أثر دخول عدد من الصحابة في قبر النبي صلى الله عليه وسلم
قوله: [حدثنا أحمد بن يونس] .
أحمد بن يونس ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا زهير] .
هو زهير بن معاوية، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا إسماعيل بن أبي خالد] .
إسماعيل بن أبي خالد ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عامر] .
هو عامر بن شراحيل الشعبي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وحدثني مرحب أو أبو مرحب] .
مختلف في صحبته، أخرج له أبو داود.




شرح أثر عدد الذين دخلوا قبر النبي من طريق ثانية وتراجم رجاله
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن الصباح أخبرنا سفيان عن ابن أبي خالد عن الشعبي عن أبي مرحب أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه نزل في قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (كأني أنظر إليهم أربعة) ] .
أورد أبو داود حديث مرحب وهو ابن أبي مرحب وأنه رأى عبد الرحمن بن عوف نزل وقال: (كأني أنظر إليهم أربعة) ، يعني: هم ثلاثة وعبد الرحمن معهم، ففي هذا مثل الحديث السابق أنهم أربعة.
قوله: [حدثنا محمد بن الصباح] .
محمد بن الصباح صدوق أخرج له أبو داود وابن ماجة.
[أخبرنا سفيان] .
هو ابن عيينة، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن أبي خالد عن الشعبي عن أبي مرحب] .
ابن أبي خالد والشعبي وأبو مرحب مر ذكرهم.




تراجم رجال الطريق الأخرى لأثر عدد الذين دخلوا قبر النبي




إدخال الميت من قبل رجلي القبر




شرح حديث: (أوصى الحارث أن يصلي عليه عبد الله بن يزيد فصلى عليه ثم أدخل القبر من قبل رجلي القبر وقال: هذا من السنة)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الميت يُدخل من قبل رجليه.
حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال: أوصى الحارث أن يصلي عليه عبد الله بن يزيد، فصلى عليه، ثم أدخله القبر من قِبَل رجلَي القبر، وقال: هذا من السنة] .
قوله: [باب في الميت يدخل من قِبَل رجلي القبر] ، أي: من الجهة التي تكون فيه رجلاه، فيؤتى برأسه ثم يستمر حتى يكون مسامتاً للقبر، فيؤتى برأسه من جهة رجليه لا أن يكون معترضاً من الجهة القبلية، ولا من الجهة التي يكون فيها رأسه.
وقد أورد حديث عبد الله بن يزيد رضي الله عنه أن الحارث أوصى بأن يصلي عليه عبد الله بن يزيد، وأنه أدخله من قِبَل رجلَيه، وقال: (هذا من السنة) ، وقوله: (هذا من السنة) له حكم الرفع.




تراجم رجال إسناد حديث: (أوصى الحارث أن يصلي عليه عبد الله بن يزيد فصلى عليه ثم أدخل القبر من قبل رجلي القبر وقال: هذا من السنة)
قوله: [حدثنا عبيد الله بن معاذ] .
عبيد الله بن معاذ، ثقة أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
[حدثنا أبي] .
أبوه هو معاذ بن معاذ العنبري، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة] .
مر ذكره.
[عن أبي إسحاق] .
هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن يزيد] .
عبد الله بن يزيد صحابي صغير، أخرج له أصحاب الكتب الستة.




الجلوس عند القبر




شرح حديث البراء بن عازب في جلوس النبي صلى الله عليه وسلم عند قبر رجل من الأنصار
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الجلوس عند القبر.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن زاذان عن البراء بن عازب رضي الله عنهما أنه قال: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولم يلحد بعد، فجلس النبي صلى الله عليه وآله وسلم مستقبل القبلة، وجلسنا معه) ] .
قوله: [باب الجلوس عند القبر] ، أي: قبل أن يدفن، فعندما يُذهب بالجنازة فللإنسان أن يجلس على الأرض، وقد مر بنا أن من ذهب معها فإنه لا يجلس حتى توضع على الأرض، وجاء في بعض الروايات: (حتى توضع في اللحد) ، لكن الرواية الصحيحة هي رواية: (حتى توضع على الأرض) ، فمن أراد أن يجلس بعد ذلك فليجلس، ومن أراد أن يقف فله أن يقف، ولكن الجلوس لا يكون بعد أن توضع على الأرض.
وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث البراء بن عازب، وهو حديث طويل مشهور، وفيه ذكر ما يجري في القبر، وفيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء إلى القبر ولم يلحد بعد، أي: أنهم لم يزالو يحفرون لحده، فاحتاجوا إلى الجلوس، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة وجلسوا حوله، ثم ذكّرهم وأخبرهم بما يجري للإنسان في قبره، وهو حديث طويل، وقد أورد أبو داود رحمه الله منه ما يتعلق بالترجمة، وهي: الجلوس عند القبر، فدل هذا على جواز الجلوس عند القبر، سواء كان القبر لم يلحد بعد، أو كان قد ألحد وإنما أراد الإنسان أن يجلس حتى يُنتهى من دفنه، فلا بأس بذلك ما دام أنه قد وضع على الأرض كما سبق في بعض الأحاديث السابقة، والنبي صلى الله عليه وسلم قد جلس مستقبل القبلة، ومعلوم أنهم جلسوا غير مستقبلين القبلة؛ لأنهم كانوا محيطين به عليه الصلاة والسلام، فوعظهم وذكرهم في تلك المناسبة منتظرين انتهاء الدفن.




تراجم رجال إسناد حديث البراء بن عازب في جلوس النبي صلى الله عليه وسلم عند قبر رجل من الأنصار
قوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة] .
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي والنسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة.
[حدثنا جرير] .
هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأعمش] .
هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن المنهال بن عمرو] .
المنهال بن عمرو صدوق ربما وهم، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[عن زاذان] .
زاذان صدوق، أخرج له البخاري في (الأدب المفرد) ومسلم وأصحاب السنن.
[عن البراء بن عازب] .
البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي ابن صحابي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.




الدعاء للميت إذا وضع في قبره




شرح حديث: (كان إذا وضع الميت في القبر قال: باسم الله وعلى سنة رسول الله)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الدعاء للميت إذا وضع في قبره.
حدثنا محمد بن كثير (ح) وحدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا همام عن قتادة عن أبي الصديق عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا وضع الميت في القبر قال: باسم الله، وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) هذا لفظ مسلم] .
قوله: [باب في الدعاء للميت إذا وضع في القبر] ، أي: أنه عندما يوضع في لحده فإن من يضعه يقول: (باسم الله، وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم) .
وقد أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا وضع الميت في قبره قال: باسم الله، وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم) ، وسنته هي منهجه وطريقته صلى الله عليه وسلم.
ولعل قائلاً أن يقول: إن الترجمة فيها الدعاء للميت، وليس في هذا الحديث دعاء، فما وجه المناسبة؟ فأقول: إن الدعاء -كما هو معلوم- على قسمين: دعاء عبادة، ودعاء مسألة، والذي في هذا الحديث هو دعاء العبادة.
وأما دعاء المسألة فهو الطلب كقوله: اللهم أعطني كذا، اللهم حقق لي كذا، اللهم اغفر لي، فهذا دعاء مسألة، وهو أيضاً عبادة؛ لأن الإنسان يعبد الله بدعائه، فالدعاء هو العبادة، والذكر أيضاً يقال له: دعاء، ولكنه دعاء عبادة وليس دعاء مسألة.




تراجم رجال إسناد حديث: (كان إذا وضع الميت في القبر قال: باسم الله وعلى سنة رسول الله)
قوله: [حدثنا محمد بن كثير] .
هو محمد بن كثير العبدي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ح وحدثنا مسلم بن إبراهيم] .
هو الفراهيدي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا همام] .
هو همام بن يحيى العوذي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة] .
هو ابن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الصديق] .
هو أبو الصديق الناجي واسمه: بكر بن عمرو، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر] .
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.




إذا مات للرجل قرابة مشرك




شرح حديث علي: (اذهب فوارِ أباك ثم لا تحدثن شيئاً حتى تأتيني)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الرجل يموت له قرابة مشرك.
حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان حدثني أبو إسحاق عن ناجية بن كعب عن علي رضي الله عنه أنه قال: (قلت للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن عمك الشيخ الضال قد مات، قال: اذهب فوارِ أباك، ثم لا تحدثن شيئاً حتى تأتيني، فذهبت فواريته وجئته، فأمرني فاغتسلت، ودعا لي) ] .
قوله: [باب في الرجل يموت له قرابة مشرك] ، أي: ماذا يفعل؟ معلوم أنه يواريه، ولا بد من ذلك، ولا يشيَّع، لكنه لابد أن يوارى ويدفن.
وقد أورد أبو داود حديث علي رضي الله عنه: أنه لما مات أبوه أبو طالب على الشرك والكفر ذهب إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقال له: (إن عمك الشيخ الضال قد مات، قال: اذهب فواره) أي: ادفنه في التراب، (ولا تحدثن شيئاً حتى تأتيني، فذهب وفعل ما أُمر به، ثم إنه رجع فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغتسل ودعا له) ، فهذا يدل على أن القريب المشرك إذا مات فإنه يجب على أقربائه المسلمين أن يواروه، ولكن لا يشرع تشييعه، ولا الذهاب معه، وإنما يذهب به من يحتاج إليه في مواراته ودفنه، وهذا الحديث يدل على أن أبا طالب مات كافراً، وقد جاءت عدة أحاديث تبيِّن أنه قد مات كافراً، ومن ذلك حديث ذهابه صلى الله عليه وسلم إليه في مرض موته، فقال له: (يا عم! قل لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله، وكان عنده اثنان من المشركين في ذلك الوقت، فقالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فأعاد عليه، وأعادا عليه، وكان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب، ولم يقل لا إله إلا الله) ، فمات كافراً، ولهذا قال علي: (إن عمك الشيخ الضال قد مات، قال: اذهب فواره) ، وفيه: أن الرسول أمره بالاغتسال بعد مواراته، ودعا له.




تراجم رجال إسناد حديث علي: (اذهب فوارِ أباك ثم لا تحدثن شيئاً حتى تأتيني)
قوله: [حدثنا مسدد] .
هو مسدد بن مسرهد، وهو ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
[حدثنا يحيى] .
هو يحيى بن سعيد القطان، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان] .
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثني أبو إسحاق عن ناجية بن كعب] .
أبو إسحاق هو السبيعي وقد مر ذكره، وناجية بن كعب، وهو ثقة أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي.
[عن علي رضي الله عنه] .
علي رضي الله عنه أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، رضي الله عنه وأرضاه.




تعميق القبر




شرح حديث: (احفروا وأوسعوا واجعلوا الرجلين والثلاثة في القبر)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في تعميق القبر.
حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي أن سليمان بن المغيرة حدثهم عن حميد يعني: ابن هلال عن هشام بن عامر رضي الله عنه قال: (جاءت الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم أحد فقالوا: أصابنا قرح وجهد فكيف تأمرنا؟ قال: احفروا، وأوسعوا، واجعلوا الرجلين والثلاثة في القبر، قيل: فأيهم يقدَّم؟ قال: أكثرهم قرآناً، قال: أصيب أبي يومئذ عامر بين اثنين، أو قال: واحد) ] .
قوله: [باب في تعميق القبر] ، التعميق: هو النزول في الأرض، والعلة في ذلك أنه إذا كان قريباً فربما نبشته السباع والكلاب فتأكله، وأما إذا كان عميقاً فإنها لا تصل إليه، فيكون في ذلك حفظه، إذاً فتعميق القبر جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكون ذلك بقدر كافٍ يحتاج إليه، فلا يعمق تعميقاً طويلاً جداً بحيث يكون بعيداً، ولا يكون قريباً جداً بحيث تصل إليه السباع والكلاب فتنبشه وتأكله.
وقد أورد أبو داود حديث هشام بن عامر قال: (جاءت الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم أحد فقالوا: أصابنا قرح وجهد) أي: بعد ما حصل الموت الشديد الكثير، فحصل جهد وشدة ومصيبة، فقال: (احفروا وأوسعوا) أي: أن القبر يوسع حتى يكفي لعدد من الموتى، فإن حفر قبر لكل واحد فيه مشقة عليهم؛ لكثرة القتلى، فأمرهم أن يحفروا ويوسعوا، ولعل المقصود من التعميق هو ألا يصير الميت عرضة للسباع والدواب، (واجعلوا الرجلين والثلاثة في القبر) ، وهذا يدل على الترجمة السابقة وهي: جمع الموتى في قبر، والقبر يعلَّم، فهذا الحديث من الأدلة الدالة على تلك الترجمة.
(قيل: فأيهم يقدم؟) أي: إلى جهة القبلة، قال: (أكثرهم قرآناً) ، وهذا يدل على فضل القرآن وحفظه والاشتغال والعناية به، ومعلوم أن طريقة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن وتعلمه أنهم يجمعون بين العلم والعمل به، قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (كنا إذا تعلمنا عشر آيات من القرآن لم نتجاوزهن حتى نتعلم معانيهن والعمل بهن) أي: أنهم يتعلمون العلم والعمل جميعاً، فيكونون بذلك قد جمعوا بين العلم والفقه وبين معرفة أحكامه وما اشتمل عليه، فيجمعون العلم والعمل.
وإذا وضع جماعة في قبر واحد فالذي يظهر أنه لا يفصل بينهم؛ لعدم ورود دليل في ذلك، بل يضم بعضهم إلى بعض.
قوله: (أصيب أبي بين اثنين أو واحد) ، أي: أنه دُفن ومعه اثنان أو واحد، فالمهم أنه ليس وحده في قبره، بل جُعل معه غيره، فوقع الشك بين أنه كان معه اثنان أو كان معه واحد.




تراجم رجال إسناد حديث: (احفروا وأوسعوا واجعلوا الرجلين والثلاثة في القبر)
قوله: [حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي أن سليمان بن المغيرة حدثهم] .
سليمان بن المغيرة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حميد يعني ابن هلال] .
حميد بن هلال ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن هشام بن عامر] .
هشام بن عامر صحابي أخرج له البخاري في (الأدب المفرد) ومسلم وأصحاب السنن.
وهذا الإسناد من الأسانيد الرباعية عند أبي داود.
ولا نعلم في التعميق حداً عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد جاءت بعض الآثار في ذلك، وقد ذكرها صاحب عون المعبود) فقال: وقد اختلف في حد الإعماق، فقال الشافعي: قامة، وقال عمر بن عبد العزيز: إلى السرة، وقال مالك: لا حد لإعماقه، وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن عمر بن الخطاب أنه قال: (أعمقوا القطر إلى قدر قامة وبسطة) ، قاله في النيل.
فالذي يظهر -والله أعلم- أنه يعمق بمقدار ما يؤمن فيه من وصول السباع والكلاب كما ذكرنا.




شرح حديث (احفروا وأوسعوا) من طريق ثانية وتراجم رجاله
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو صالح يعني الأنطاكي قال: أخبرنا أبو إسحاق يعني الفزاري عن الثوري عن أيوب عن حميد بن هلال بإسناده ومعناه، زاد فيه: (وأعمقوا) ] .
قوله: (وأعمقوا) هو محل الشاهد من إيراد الترجمة، وفي الأول ذكر السعة وذلك حتى يتسع القبر لعدة موتى، وهنا قال: (أعمقوا) ، أي: أنه يوسع ويعمق، فيوسع من أجل العدد، وأما إذا كان الميت واحداً فلا يحتاج إلى أن يوسع إلا بمقدار الحاجة.
قوله: [حدثنا أبو صالح يعني: الأنطاكي] .
هو أبو صالح محبوب بن موسى، وهو صدوق أخرج له أبو داود والنسائي.
[عن أبي إسحاق الفزاري] .
هو إبراهيم بن محمد بن الحارث، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الثوري] .
الثوري مر ذكره.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 49.03 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.40 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.28%)]