
28-06-2025, 03:32 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,562
الدولة :
|
|
رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
تراجم رجال إسناد حديث (من حلف بالأمانة فليس منا) قوله: [حدثنا أحمد بن يونس] .
أحمد بن يونس ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا زهير] .
هو زهير بن معاوية وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الوليد بن ثعلبة الطائي] .
الوليد بن ثعلبة الطائي ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة.
[عن ابن بريدة] .
هو عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه] .
أبوه هو بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
معنى الكراهة عند المتقدمين تعبير المصنف بالكراهة هو على طريقة المتقدمين أن الكراهة يراد بها: التحريم، كما قال الله عز وجل: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [الإسراء:38] ، فإن الله عز وجل ذكر قبل هذه الآية جملة من الذنوب الكبيرة التي منها الزنا وقتل النفس، وقتل الأولاد، وأكل مال اليتيم، وغير ذلك من الأمور المحرمة، ثم ختم بقوله: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [الإسراء:38] .
حكم قول (وأمانة الله) أما قول: (وأمانة الله) فقال أبو حنيفة وأصحابه: إذا قال: وأمانة الله، كانت يميناً ولزمته كفارة فيها، وقال الشافعي: ليس ذلك يميناً ولا يكون فيه الكفارة، والظاهر أنها ليست يميناً، وليس فيها كفارة؛ لأنها ليست حلفاً بالله، وقول: (وأمانة الله) هو مثل الأمور التي تضاف إلى الله للتشريف، كبيت الله وعبد الله وناقة الله، وهذا إضافته من هذا النوع؛ لأن الأمانة ليست من صفات الله عز وجل، وإنما هي من مخلوقاته، أو من الأمور التي شرعها كالعبادات، كما في قوله عز وجل: (( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا )) [النساء:58] ، وحقوق الله تعتبر أمانة عند الإنسان، وحقوق الآدمي كذلك، والغسل من الجنابة أمانة، والصيام أمانة، وكل ذلك أمانة، أي: أن الإنسان مؤتمن عليها يجب عليه أن يأتي بها، فليس الإنسان حالفاً بصفة من صفات الله، ولا باسم من أسماء الله، إذاً: هو ليس حلفاً شرعياً، وليس عليه كفارة.
لغو اليمين
شرح حديث (هو كلام الرجل في بيته كلا والله وبلى والله) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب لغو اليمين.
حدثنا حميد بن مسعدة السامي حدثنا حسان -يعني ابن إبراهيم - حدثنا إبراهيم -يعني الصائغ - عن عطاء في اللغو في اليمين قال: قالت عائشة رضي الله عنها: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (هو كلام الرجل في بيته: كلا والله، وبلى والله) ] .
قوله: [باب لغو اليمين] ، المقصود بلغو اليمين: الشيء الذي لا يراد عقده، ولا التزامه، وإنما هو شيء يجري على الألسنة عند الكلام، فهذا يقال له لغو يمين، مثل: لا والله، وبلى الله، فعندما يتحدث الإنسان أو يخبر عن شيء أو يراد أن يطلب منه شيء في المستقبل، فيقول: لا والله، وبلى والله، فهذا من لغو اليمين، ولغو اليمين ليس فيه كفارة، ولا يؤاخذ عليه الإنسان، ولكن على الإنسان أن يحرص على أن يحفظ لسانه عن اليمين، فقد جاء عن إبراهيم النخعي أنه قال: كانوا يضربوننا على اليمين والعهد ونحن صغار.
أي: كانوا يؤدبونهم ويعظمون في أنفسهم الحلف بالله، حتى لا يكون الحلف بالله أمراً سهلاً، وإنما كانوا يجعلونه أمراً عظيماً، وكانوا لا يقدمون عليه ولا يستسهلونه ويستهينون به، فالإنسان يحرص على ألا يحلف، إلا إذا كان هناك أمر يحتاج إلى توكيد وأراد أن يحلف عليه فلا بأس بذلك.
وتفسير لغو اليمين بهذا جاء عن عائشة رضي الله عنها من طرق كثيرة موقوفاً عليها، وجاء من هذه الطريق مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكون قد صح عنها موقوفاً ومرفوعاً، فهو من كلامها، وأيضاً أضافته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقد أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال في لغو اليمين: (هو كلام الرجل: كلا والله، وبلى والله) أي: الشيء الذي يجري على اللسان ولا يقصد الإنسان به عقد اليمين.
المعاريض في اليمين
شرح حديث (يمينك على ما يصدقك عليها صاحبك) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب المعاريض في اليمين.
حدثنا عمرو بن عون أخبرنا هشيم (ح) وحدثنا مسدد حدثنا هشيم عن عباد بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يمينك على ما يصدقك عليها صاحبك) ] .
قوله: [باب المعاريض في اليمين] ، المقصود بالمعاريض: أن يذكر الإنسان شيئاً مورياً به، فهو يريد شيئاً وغيره يريد شيئاً آخر، بمعنى: أنه يريد أن يفهم منه صاحبه شيئاً أو يريد شيئاً وهو يريد شيئاً آخر، فهذا يقال له: معاريض، وقد جاء عن عمر رضي الله عنه وعن عمران بن حصين: (إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب) ، ولكن المعاريض لا تستعمل إلا عند الحاجة إليها.
أما إذا كان الإنسان الذي استحلف صاحب حق، أو استحلفه القاضي، فليس له استعمال المعاريض، وإنما تستعمل المعاريض في أمر هناك داعٍ إليه، كأن يكون مظلوماً، أو مكرهاً على شيء، أما إذا كان الذي استحلفه صاحب حق فليس الأمر كذلك، بل الأمر كما جاء في هذا الحديث الذي أورده أبو داود عن أبي هريرة: (يمينك على ما يصدق عليها صاحبك) أي: أن اليمين على نية المستحلف، وقد جاء في بعض الروايات: (اليمين على نية المستحلف) فليس هو على ما يريد أو على ما يعرض به أو يذكره الحالف من المعاريض، وإنما هو على نية المستحلف.
فإذا كان مظلوماًَ، أو كان في أمر لا يلزمه فله أن يعرض حتى يسلم، فيكون صادقاً فيما يقول على حسب الظاهر، والمستحلف يفهم شيئاً آخر غير الذي يريده الحالف.
والمعاريض تكون في الحلف وفي غير الحلف، وقد جاء في أحاديث عديدة فيها ذكر المعاريض أو التعريض، ومن ذلك قصة أم سليم مع أبي سليم لما جاء وكان ولده مريضاً وقد مات الولد، فسألها عنه فلم تخبره بأنه مات، ولكنها أتت بعبارات هي أرادت شيئاً وهو فهم شيئاً آخر، فقالت: إنه أسكن ما كان وقد استراح.
ففهم أنه في حالة جيدة وأنه هادئ مستريح في النوم، وهي تريد أنه هدأت نفسه واستراح وانتهى من هذه الدنيا، فقد كانت تريد شيئاً وهو فهم شيئاً آخر، فهذا يقال له: تعريض، ولهذا أكل معها وجامعها واطمأن معها، ولم تقل له: إنه قد مات حتى لا يتأثر ويتألم.
ويأتي في بعض الأحاديث وفي كلام بعض أهل العلم ذكر المعاريض، فهذا من هذا القبيل، وقد ذكر أبو داود في آخر الباب حديثاً فيه ذكر المعاريض، وهو أن سويد بن غفلة قال عن وائل بن حجر: إنه أخوه، والمخاطب كان يفهم أنه أخوه من النسب، وهو يريد أخوته في الإسلام، فهذا يقال له معاريض.
ومنه أيضاً ما حصل من إبراهيم الخليل في الكذبات الثلاث التي قال: إنها كذبات، وهي في الحقيقة معاريض؛ لأنه قال عن زوجته: إنها أختي، وقال: إنه ليس هناك مسلم إلا أنا وأنتِ، ولذا قال للجبار: إنها أخته، وهي ليست أخته من النسب، ولكنها أخته في الإسلام، فهذا من قبيل المعاريض.
وقوله: (يمينك على ما يصدقك به صاحبك) أي: على نية المستحلف، فإذا أمره القاضي أن يحلف فعليه أن يحلف بدون تعريض، ولكنه إذا كان مظلوماً، أو كان في أمر فيه مضرة عليه وليس المستحلف محقاً فله أن يعرض، وفي المعاريض مندوحة عن الكذب كما جاء ذلك عن عمر بن الخطاب وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما.
تراجم رجال إسناد حديث (يمينك على ما يصدقك عليها صاحبك) قوله: [حدثنا عمرو بن عون] .
عمرو بن عون ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا هشيم] .
هو هشيم بن بشير الواسطي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ح وحدثنا مسدد] .
هو ابن مسرهد البصري، وهو ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
[حدثنا هشيم عن عباد بن أبي صالح] .
هشيم مر ذكره، وعباد بن أبي صالح هو ابن أبي صالح السمان، ويقال له: عبد الله، وعبد الله اسمه وعباد لقبه، وهو أخو سهيل، وأبوه أبو صالح السمان المشهور الذي يروي عن أبي هريرة كثيراً، وهو لين الحديث، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة.
[عن أبيه] .
أبوه هو أبو صالح السمان واسمه ذكوان ولقبه السمان ويقال له: الزيات، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة] .
هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، بل هو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
والحديث رواه مسلم، فهو حديث صحيح.
[قال مسدد: أخبرني عبد الله بن أبي صالح، قال أبو داود: هما واحد؛ عباد بن أبي صالح وعبد الله بن أبي صالح] .
يعني: أن في رواية هشيم الأولى قال: عباد بن أبي صالح، وفي رواية مسدد عن هشيم قال: عبد الله بن أبي صالح، ثم قال أبو داود: إنهما شخص واحد، يعني: أن هذا عبر باللقب، وهذا عبر بالاسم، أو هذا أتى بالاسم وهذا أتى باللقب، وهذا من الألقاب التي تؤخذ من الأسماء؛ لأن مثل عباد مأخوذ من عبد الله، ومثل عبد الله بن عثمان المروزي لقبه عبدان، ومثل: عبد الرحمن بن إبراهيم يقال له: دحيم، وهكذا فالألقاب أحياناً تؤخذ من الأسماء، فهنا عباد مأخوذ من عبد الله، ومثله كلمة (العباد) التي أنتسب إليها في نسبي، فأنا يقال لي: عبد المحسن العباد، وذلك أنه اشتهر أحد الأجداد بلقبه: العباد، فحصلت النسبة إلى الجد باللقب، وإلا فاسمه عبد الله، ولكن لقب بالعباد، فهذا الذي في هذا الإسناد هو من هذا القبيل.
والتورية هي بمعنى المعاريض، فيعرض ويوري بمعنى واحد.
شرح حديث (صدقت المسلم أخو المسلم) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عمرو بن محمد الناقد حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا إسرائيل عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن جدته عن أبيها سويد بن حنظلة رضي الله عنه قال: خرجنا نريد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعنا وائل بن حجر رضي الله عنه، فأخذه عدو له، فتحرج القوم أن يحلفوا وحلفت أنه أخي، فخلي سبيله، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبرته أن القوم تحرجوا أن يحلفوا وحلفت أنه أخي، قال: (صدقت؛ المسلم أخو المسلم) ] .
أورد أبو داود رحمه الله حديث سويد بن حنظلة رضي الله عنه أنهم كانوا في سفر وكان معهم وائل بن حجر، وأنه أخذه عدو، وأن أصحابه الذين كانوا معه تحرجوا أن يحلفوا وأنني حلفت وقلت: إنه أخي، فقال عليه الصلاة والسلام: (صدقت؛ المسلم أخو المسلم) يعني: أخوة الإسلام موجودة، فكونك أتيت بهذا الوصف فهو وصف حقيقي وهو واقع، ولكن المستحلف فهم أنه يقصد أخوة النسب، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (صدقت؛ المسلم أخو المسلم) أي: صدقت فهو أخوك، أو الواقع أنه أخوك، لكنها أخوة الإسلام، وليست أخوة النسب، وهذا هو وجه كونه من المعاريض، وهو من جنس قول إبراهيم عليه السلام للجبار: إنها أختي، وهي زوجته، أي: أنها أخته في الإسلام، وهذا من التعريض والتورية.
تراجم رجال إسناد حديث (صدقت المسلم أخو المسلم) قوله: [حدثنا عمرو بن محمد الناقد] .
عمرو بن محمد الناقد ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
[حدثنا أبو أحمد الزبيري] .
هو محمد بن عبد الله بن الزبير، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا إسرائيل] .
هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن إبراهيم بن عبد الأعلى] .
إبراهيم بن عبد الأعلى ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
[عن جدته] .
جدته مجهولة.
[عن أبيها سويد بن حنظلة] .
سويد بن حنظلة رضي الله عنه صحابي، أخرج حديثه أبو داود وابن ماجة.
الحكم على حديث (صدقت المسلم أخو المسلم) هذا الحديث في إسناده هذه المجهولة، وأما قوله: (المسلم أخو المسلم) فهذا ثابت في أحاديث أخرى صحيحة، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: (المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يحقره ولا يخذله، التقوى ها هنا) كما في حديث أبي هريرة الطويل في صحيح مسلم، وهو أحد الأربعين النووية، ولكن قوله في هذه القصة: (صدقت المسلم أخو المسلم) لا أعرف شيئاً يدل على هذا اللفظ الذي فيه هذه التورية، والألباني يصحح هذا الحديث، ولكن لا أدري هل التصحيح المقصود به لفظ: (المسلم أخو المسلم) ، فإن هذا صحيح ثابت وليس فيه إشكال، ولكن هذه القصة التي فيها التورية جاءت من طريق سويد بن حنظلة، ولم يرو عنه إلا ابنته وليس له إلا هذا الحديث الواحد، وابنته مجهولة.
فإن قيل: الحلف لا يجوز فيه التعريض فكيف حلف هنا على المعاريض؟ ف
الجواب أن الحالف ليس له أن يعرض إلا إذا كان مظلوماً كما في هذه القصة، فإن فيها: أنه أخذه عدو فحلف أنه أخوه حتى يخلصه، وهذا تعريض جائز، وعلى هذا فالتعريض فيه تفصيل: إذا كان بحق فليس للإنسان أن يعرض، وإذا كان المستحلف محقاً فليس له أن يعرض كما جاء في الحديث الأول: أن اليمين على نية المستحلف.
وأما إذا لم يكن المستحلف محقاً بأن كان ظالماً، فللحالف أن يعرض حتى يتخلص من الظلم، وفي نفس الوقت أيضاً يكون صادقاً في مقاله وابتعد عن الكذب واعتاد الصدق؛ ومثل ذلك قوله: (إنه أخوه) وهو يريد أخوة الإسلام، وهذا كلام صحيح.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|