عرض مشاركة واحدة
  #639  
قديم 28-06-2025, 04:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,350
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [375]
الحلقة (407)



شرح سنن أبي داود [375]
الحلف لا يكون إلا باسم من أسماء الله عز وجل أو صفة من صفاته، والأمانة ليست اسماً من أسماء الله عز وجل ولا صفة من صفاته، لذا لا يجوز الحلف بها، وقد جاء الوعيد الشديد فيمن حلف بالأمانة أو بملة غير الإسلام، ويكون الوعيد أشد إذا كانت اليمين على كذب، ولا حنث على من قرن اليمين بمشيئة الله تعالى.



ما جاء في الحلف بالبراءة وبملة غير الإسلام



شرح حديث (من حلف بملة غير الإسلام كاذباً فهو كما قال)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما جاء في الحلف بالبراءة وبملة غير الإسلام.
حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع حدثنا معاوية بن سلام عن يحيى بن أبي كثير قال: أخبرني أبو قلابة أن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أخبره أنه بايع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تحت الشجرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من حلف بملة غير ملة الإسلام كاذباً فهو كما قال، ومن قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة، وليس على رجل نذر فيما لا يملكه) ] .
قوله: [باب ما جاء في الحلف بالبراءة وبملة غير الإسلام] كأن يقول: هو يهودي أو هو نصراني إن حصل كذا أو كذا أو إن فعل كذا وكذا، هذا معنى قوله: بملة غير الإسلام وقوله: (بالبراءة) أي: أنه بريء من الإسلام.
وقد أورد أبو داود حديث ثابت بن الضحاك وهو ممن بايع تحت الشجرة بيعة الرضوان، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من حلف بملة غير ملة الإسلام كاذباً فهو كما قال) وهذا فيه زجر وفيه وعيد شديد، وليس معنى ذلك أنه يكون كافراً، ولكنه تلفظ بكلام خبيث وقبيح، فهو آثم وإثمه شديد، وسواء كان كاذباً أو صادقاً كما سيأتي في الحديث الذي بعد هذا؛ لأن التلفظ بهذا الكلام لا يجوز لا بكونه صادقاً ولا كاذباً، فكون الإنسان يكذب ويتلفظ بمثل هذا فهو سوء إلى سوء وشر إلى شر، فإذا تلفظ بهذا التلفظ الخبيث ومع ذلك كذب فيكون قد جمع بين خصلتين ذميمتين: كذب ولفظ سيء، وإذا كان صادقاً فإن الصدق محمود ولكن اللفظ مذموم.
فقوله: (من حلف بملة غير ملة الإسلام كاذباً فهو كما قال) معناه: كأن يقول: هو يهودي أو هو نصراني إن فعل كذا وكذا أو إن حصل كذا وكذا.
وقوله: (كاذباً) معناه: أنه أتى بهذا الكلام ليؤكده وهو كذب ليس بصحيح، ولكن حتى لو كان صحيحاً فإن الأمر خطير كما سيأتي في الحديث الذي بعد هذا.
وقوله: (ومن قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة) هذا فيه أن الجزاء من جنس العمل، وقد جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قتل نفسه بحديدة جاء وحديدته بيده يجأ بها نفسه -أي: يقتل بها نفسه- ومن قتل نفسه بسم فإنه يتحساه في نار جهنم) ، أي: أنه يعذب بالشيء الذي قتل نفسه به في الآخرة، وهذا يدل على أنه يجب على الإنسان أن يحافظ على نفسه وألا يعرضها للتهلكة، كما قال الله عز وجل: {وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ} [النساء:29] ، فنفس الإنسان ليست ملكاً له يتصرف فيها كيف يشاء، وإنما يتصرف في حدود ما هو مأذون له وما هو مشروع له، وقد حرم عليه أن يقتل نفسه، فإذا أقدم على قتل نفسه فإنه يكون بذلك مرتكباً أمراً خطيراً وهو مستحق للعقوبة، ويعذب بالشيء الذي قتل نفسه به، فإن قتل نفسه بحديدة فإنه يوم القيامة يجأ نفسه بتلك الحديدة، وإن قتلها بسم فإنه يتحسى ذلك السم، وإن قتل نفسه برميه نفسه من جبل فإنه يعاقب بمثل ذلك يوم القيامة.
وقوله: (وليس على رجل نذر فيما لا يملكه) أي: أن الإنسان ينذر بالشيء الذي يملكه، أما شيء لا يملكه كأن يقول: إن شفى الله مريضي فعبد فلان حر، فليس له ذلك؛ لأنه لا يملكه، فالإنسان لا ينذر إلا في الشيء الذي يملكه، ولا يكون النذر إلا في طاعة، أما شيء لا يملكه الإنسان فليس له أن ينذر به.
والنذر أيضاً غير مستحب، فالإنسان لا ينبغي له أن ينذر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن النذر لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل) وذلك أن الناذر يقول مثلاً: إن شفى الله مريضي أصوم مثلاً شهراً، أو أتصدق بكذا، أو أعتق كذا، فإذا شفى الله المريض فإنه قد يتألم ويتأثر، وهذه الصدقة التي ألزم نفسه بها قد يؤديها وهو كاره ويبحث عن مخرج ليتخلص؛ لأنه لا يريد أن يخرج هذه الصدقة باطمئنان وارتياح، وإنما خرجت منه بكره، فهو قال: إن حصل كذا فعلي كذا، ولما حصل الأمر الذي ذكره كره أن يفعل الأمر الذي نذره؛ لأنه يتعلق بماله أو يتعلق بصحته وصيامه، فتجده يبحث عن المخارج، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (وإنما يستخرج به من البخيل) فهو يلزم نفسه وقد كان في عافية قبل أن يلزم نفسه، فالنذر غير مرغب فيه، ولكنه إذا نذر فيلزمه الوفاء، والإنسان يمدح على وفائه، كما قال الله عز وجل: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الإنسان:7] أي: أنهم بعد أن ينذروا يوفون، ولكن لا ينبغي النذر، فالإنسان إذا أراد أن يتصدق، فيتصدق بدون أن يعلق صدقته بشيء وبدون أن يعلقها على شيء، وإنما يخرجها لله من أول وهلة، أما كونه يلزم نفسه إن حصل شيء ثم إذا حصل ذلك الشيء كرهت نفسه أن يخرج الشيء الذي نذره، ويبحث عن المخارج والتخلص، فهذا لا ينبغي.



تراجم رجال إسناد حديث (من حلف بملة غير الإسلام كاذباً فهو كما قال)
قوله: [حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع] .
أبو توبة الربيع بن نافع ثقة أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[حدثنا معاوية بن سلام] .
معاوية بن سلام ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن أبي كثير] .
هو يحيى بن أبي كثير اليمامي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني أبو قلابة] .
هو أبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أن ثابت بن الضحاك أخبره] .
ثابت بن الضحاك رضي الله عنه صحابي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.



شرح حديث (من حلف فقال: إني بريء من الإسلام فإن كان كاذباً فهو كما قال)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا زيد بن الحباب حدثنا حسين -يعني ابن واقد - حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من حلف فقال: إني بريء من الإسلام، فإن كان كاذباً فهو كما قال، وإن كان صادقاً فلن يرجع إلى الإسلام سالماً) ] هذا يدل على خطورة مثل هذا الكلام؛ سواء كان صادقاً أو كاذباً، وأنه سواء إن كذب أو صدق، ولكنه إن كذب ينضاف إلى إثم القول الشنيع والقول السيئ إثم الكذب، وإذا كان صادقاً فإتيانه بهذا اللفظ السيئ مضرة عليه؛ لأن اللفظ نفسه شنيع وقبيح ولا يجوز للإنسان أن يأتي به.
فمن حلف بذلك فهو آثم على كل حال؛ لأنه عليه الصلاة والسلام قال: (فإن كان كاذباً فهو كما قال) وذلك مثل أن يقول: هو يهودي أو نصراني.
(وإن كان صادقاً فلن يرجع إلى الإسلام سالماً) أي: لن يبقى على ما كان عليه قبل أن يقول هذه المقالة؛ لأن هذه الكلمة خبيثة يعاقب على قولها ولو كان صادقاً.



تراجم رجال إسناد حديث (من حلف فقال: إني بريء من الإسلام فإن كان كاذباً فهو كما قال)
قوله: [حدثنا أحمد بن حنبل] .
هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، وهو الإمام ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا زيد بن الحباب] .
زيد بن الحباب صدوق أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.
[حدثنا حسين يعني ابن واقد] .
حسين بن واقد ثقة له أوهام، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه] .
عبد الله بن بريدة وأبوه قد مر ذكرهما.



الأسئلة



خطورة الحلف بملة غير الإسلام
السؤال ألا يكون قوله: (فلن يرجع إلى الإسلام سالماً) أمارة على خروجه من الإسلام وكفره بحلفه بملة غير ملة الإسلام، وأن حلفه بالبراءة من الإسلام يقضي بكفره الأكبر وإن لم يرد حقيقة البراءة؟
الجواب الذي يبدو أن هذا إنما هو زجر، وهو مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من قال لأخيه: يا كافر فإن كان كذلك وإلا حار عليه) فالذي قالها لا يكون كافراً بمجرد أنه قالها لإنسان غير كافر، وإنما المعنى: أنه يعود عليه مغبة ذلك وإثمه.
وإذا حلف بذلك كاذباً فإنه يكون أشد مما لو كان صادقاً، ومعلوم أن كونه يقول هذا الكلام ويكذب أسوأ وأعظم من كونه يقول ذلك ويصدق؛ لأنه جمع بين خصلتين ذميمتين: الأولى: أنه تكلم بكلام قبيح، والثانية: أنه كذب، وأما هذا فتكلم بكلام صحيح وصدق.
والذي يصرف الحديث عن ظاهره يقول: إن هذا من جنس أحاديث الوعيد التي فيها التهديد والتخويف، مثل الحديث الذي ذكرنا: (من قال لأخيه: يا كافر فإن كان كذلك وإلا حار عليه) .
حكم العمليات الاستشهادية
السؤال في قوله صلى الله عليه وسلم: (ومن قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة) تأتي أسئلة منها: ما هو الموقف الصحيح تجاه ما نسمعه مما يسمى بالعمليات الاستشهادية أو الانتحارية في مقابلة الكفار: هل يثنى على هذه الأعمال أم أننا نحذر منها؟ فإن بعض الناس يقول: إن الذي يفجر نفسه مع مجموعة من الكفار يكون شهيداً، فهل هذا صحيح؟
الجواب الله تعالى يقول: {وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ}[النساء:29] ومعلوم أن من فعل ذلك فإنه قاتل لنفسه، فقتال الكفار مأذون فيه، ولكن كون الإنسان يقتل نفسه غير مأذون فيه، فقتلهم يكون بغير قتل النفس، وأما أن يقتلهم بقتل نفسه فإن ذلك غير سائغ، وهذا لا يقال له: استشهاد، وإنما يقال له: انتحار وقتل نفس.


حكم من قتل نفسه بشرب الدخان
السؤال الذي يشرب الدخان ويكون سبباً في موته هل يعتبر قاتلاً لنفسه ويعذب به يوم القيامة في النار أم لا؟
الجواب هذا محتمل؛ لأنه إذا كان قتل نفسه بالدخان أو بأي شيء فإنه يعذب به؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم: (من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة) عام.




حكم الرجل يحلف ألا يتأدم



شرح حديث (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وضع تمرة على كسرة فقال هذه إدام هذه)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الرجل يحلف ألا يتأدم.
حدثنا محمد بن عيسى حدثنا يحيى بن العلاء عن محمد بن يحيى بن حبان عن يوسف بن عبد الله بن سلام رضي الله عنهما قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وضع تمرة على كسرة فقال: هذه إدام هذه) ] .
قوله: [باب الرجل يحلف ألا يتأدم] ، أي: أنه إذا حلف ألا يستعمل إداماً ثم استعمل إداماً، فيكون قد حلف فتلزمه الكفارة، لكن ما هو الإدام؟ لم يورد أبو داود حديثاً فيه حلف على ألا يأتدم، وإنما فيه تسمية التمر بأنه إدام، ومعنى ذلك: أنه إذا أضاف التمر إلى الخبز الذي هو الطعام فإنه يعتبر إداماً له، والمشهور: أن الإدام هو مثل الزيت والسمن، واللحم، ونحو ذلك، ولكن ذكر هنا أن التمر يؤتدم به سواء كان مخلوطاً مع الطعام أو متميزاً عنه ما دام أنه يؤتدم به، فالحديث ليس فيه ذكر حلف وإنما فيه ذكر تسمية التمر أنه إدام.
والحديث غير صحيح؛ لأن في إسناده من اتهم بالوضع فهو غير ثابت، ولكن إذا حلف الإنسان ألا يأتدم وكان حلفه على قضية معينة فله أن يكفر عن يمينه ويأتي الذي هو خير، فإذا حلف على ألا يأكل إداماً فإنه يكفر عن يمينه ويأتي الذي هو خير، والحديث هنا ليس فيه شيء فيه حلف، ولكن فيه تسمية التمر إداماً، وهو غير صحيح.



تراجم رجال إسناد حديث (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وضع تمرة على كسرة فقال هذه إدام هذه)
قوله: [حدثنا محمد بن عيسى] .
هو محمد بن عيسى الطباع، وهو ثقة أخرج حديثه البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة.
[حدثنا يحيى بن العلاء] .
يحيى بن العلاء متهم بالوضع، أخرج حديثه أبو داود وابن ماجة.
[عن محمد بن يحيى بن حبان] .
محمد بن يحيى بن حبان ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يوسف بن عبد الله بن سلام] .
يوسف بن عبد الله بن سلام صحابي صغير أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.



طريق أخرى لحديث (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وضع تمرة على كسرة فقال هذه إدام هذه) وتراجم رجال إسنادها
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي عن محمد بن أبي يحيى عن يزيد الأعور عن يوسف بن عبد الله بن سلام رضي الله عنهما مثله] .
يعني: أنه وضع تمرة على كسرة فقال: (هذه إدام هذه) .
قوله: [حدثنا هارون بن عبد الله] .
هو هارون بن عبد الله الحمال البغدادي، وهو ثقة أخرج حديثه البخاري ومسلم وأصحاب السنن.
[حدثنا عمر بن حفص] .
هو عمر بن حفص بن غياث وهو ثقة ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة.
[حدثنا أبي] .
أبوه ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن أبي يحيى] .
محمد بن أبي يحيى صدوق، أخرج له أبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة.
[عن يزيد الأعور] .
يزيد الأعور مجهول، أخرج له أبو داود والترمذي في الشمائل.
[عن يوسف بن عبد الله بن سلام] .
يوسف بن عبد الله بن سلام رضي الله عنهما قد مر ذكره.



الاستثناء في اليمين



شرح حديث (من حلف على يمين فقال إن شاء الله فقد استثنى)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الاستثناء في اليمين.
حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا سفيان عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما يبلغ به النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من حلف على يمين فقال: إن شاء الله فقد استثنى) ] .
قوله: [باب الاستثناء في اليمين] ، الاستثناء في اليمين هو أن يقول: والله! إن شاء الله، أي: أنه يضيف ذلك إلى مشيئة الله؛ لأنه إذا قال: إن شاء الله فإن الأمر واسع، ولا يعتبر حانثاً؛ لأن الذي يقع هو الذي شاءه الله إما هذا وإما هذا، فإذا قال الإنسان في حلفه: والله إن شاء الله لأفعلن كذا وكذا ولم يفعل، فليس عليه كفارة ولا يعتبر حانثاً؛ لأنه أضاف ذلك إلى مشيئة الله.
وقوله: (من حلف فقال: إن شاء الله فقد استثنى) أي: أنه يقول: إن شاء الله بعد اليمين بشرط أن يكون متصلاً، لا أن يكون بين الحلف والاستثناء مدة، وإنما إذا كان متصلاً بأن قال: والله! ثم قال بعدها: إن شاء الله، فهذا هو الاستثناء الصحيح، ولا يضر إذا كان الفصل للتنفس أو السعال أو العطاس أو شيء منعه من الاستثناء فإنه يعتبر متصلاً، أما كونه يحلف ثم بعد مدة يقول: إن شاء الله، فهذا لا ينفع؛ لأن الاستثناء لا بد أن يكون متصلاً، ولا مانع أن يلقن الاستثناء بأن يقول: والله! فيقال له: قل: إن شاء الله، فقال إن شاء الله، فإذا لقن فلا بأس، كما جاء في قصة سليمان بن داود حين قال: (والله! لأطوفن الليلة على تسعين امرأة.
فقيل له: قل: إن شاء الله.
فلم يقل: إن شاء الله) الحديث.



تراجم رجال إسناد حديث (من حلف على يمين فقال إن شاء الله فقد استثنى)
قوله: [حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا سفيان] .
سفيان هو ابن عيينة المكي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وأحمد لا يروي عن الثوري؛ لأن الثوري متقدم الوفاة؛ فقد توفي سنة (161هـ) والإمام أحمد توفي سنة (241هـ) .
[عن أيوب] .
هو أيوب بن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع] .
هو نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر] .
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.



شرح حديث (من حلف فاستثنى فإن شاء رجع وإن شاء ترك غير حنث)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن عيسى ومسدد وهذا حديثه قالا: حدثنا عبد الوارث عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من حلف فاستثنى فإن شاء رجع وإن شاء ترك غير حنث) ] .
أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حلف فاستثنى) أي: قال: إن شاء الله (فإن شاء رجع) أي: رجع عن اليمين، (وإن شاء ترك غير حنث) .
أي: لا يعتبر ذلك حنثاً ولا يعتبر حالفاً، سواء فعل أو لم يفعل.



تراجم رجال إسناد حديث (من حلف فاستثنى فإن شاء رجع وإن شاء ترك غير حنث)
قوله: [حدثنا محمد بن عيسى ومسدد] .
محمد بن عيسى ومسدد مر ذكرهما.
[وهذا حديثه] .
أي: حديث مسدد الذي هو الشيخ الثاني.
[قالا: حدثنا عبد الوارث] .
هو عبد الوارث بن سعيد العنبري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أيوب عن نافع عن ابن عمر] .
أيوب ونافع وابن عمر قد مر ذكرهم.



الأسئلة



صيغة الحلف بالأمانة
السؤال ما هي صيغة الحلف بالأمانة؟ وهل قول الرجل: بأمانة -يعني: بصدق- فيها شيء؟
الجواب صيغتها: أن يقول: بالأمانة مثل قوله: بالله أو والله، هذه هي صيغة الحلف بالأمانة.
وأما إذا قال الرجل لآخر: بأمانة، ومقصوده: أني أأمنك، أو أنك تصدقني فيما تقول وأن هذا شيء أنت مؤتمن عليه، ولم يرد صيغة الحلف؛ فهذا لا شيء فيه، لكن كونه يحلف ويقول: بالأمانة أو والأمانة فهو مثلما يقول: والله وبالله.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 44.23 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 43.60 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.42%)]