عرض مشاركة واحدة
  #648  
قديم 28-06-2025, 06:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,122
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله



شرح حديث عقبة بن عامر الجهني (نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مخلد بن خالد حدثنا عبد الرزاق حدثنا ابن جريج أخبرني سعيد بن أبي أيوب أن يزيد بن أبي حبيب أخبره أن أبا الخير حدثه عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه أنه قال: (نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله، فأمرتني أن أستفتي لها النبي صلى الله عليه وسلم، فاستفتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: لتمش ولتركب) ] .
أورد أبو داود حديث عقبة بن عامر من طريق أخرى، وفيه قال: (لتمش ولتركب) ، أي: تجمع بين هذا وهذا، فإذا كانت تطيق أن تشمي فلتمش، وإذا شق عليها فلتركب، وبهذا تكون قد جمعت بين هذا وهذا.



تراجم رجال إسناد حديث عقبة بن عامر الجهني (نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله)
قوله: [حدثنا مخلد بن خالد حدثنا عبد الرزاق حدثنا ابن جريج أخبرني سعيد بن أبي أيوب] .
سعيد بن أبي أيوب ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أن يزيد بن أبي حبيب أخبره] .
يزيد بن أبي حبيب ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أن أبا الخير حدثه] .
هو مرثد بن عبد الله اليزني المصري، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عقبة بن عامر] .
عقبة بن عامر قد مر ذكره، وأخته معروفة بـ أم حبان لم يذكر اسمها.



شرح حديث (بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذا هو برجل قائم في الشمس)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب حدثنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (بينما النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخطب إذا هو برجل قائم في الشمس، فسأل عنه فقالوا: هذا أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم، قال: مروه فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه) ] .
أورد المصنف حديث عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: (بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إذ رأى رجلاً قائماً في الشمس، فقال: من هذا؟ قالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد، ولا يتكلم، ولا يستظل، ويصوم) .
يعني: أنه نذر أن يمتنع عن الكلام، فلا يكلم أحداً، ولا يجلس، وأن يكون واقفاً في الشمس، ويصوم، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يترك هذه الأشياء التي نذرها وقال: (مروه فليتكلم، وليستظل، وليقعد، وليتم صومه) .
فأمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم أن ينهوه عن ثلاث، وأن يأمروه بواحدة وهي إتمام الصوم؛ لأنه يطيق الصوم؛ ولأنه نذر طاعة، وأما تلك ففيها مشقة على النفس، وفيها تكليف، وفيها ضرر، فليست نذر طاعة، فأمره بتركها، وأمره أن يكون في الظل بدلاً عن الشمس، وأن يجلس بدل القيام، وأن يتكلم بدل السكوت؛ لأن هذه الأمور ليس له أن يفعلها، وأن يلزم نفسه بها؛ لأنها من الإضرار بالنفس، والإضرار بالصحة، وليس فيه قربة لله عز وجل، وأما الصيام ففيه قربة، فأمرهم أن يأمروه أن يتم الصوم، وأن يترك هذه الأمور التي فعلها، وأن يصير إلى أضدادها.
وليس في الحديث أنه أمره بالكفارة، وبعض أهل العلم الذين لا يرون الكفارة استدلوا بهذا الحديث وأمثاله على عدم الكفارة، وقالوا: إنه لم يذكر الكفارة، إذاً: لا كفارة في نذر المعصية، ولكن قد جاء ذكر الكفارة في أحاديث أخرى، فهي ثابته، وعدم ذكرها في هذا الحديث لا يدل على نفيها، بل الأدلة الدالة على إثباتها هي المعتبرة، وهي التي يعول عليها؛ لأنها ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.



تراجم رجال إسناد حديث (بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذا هو برجل قائم في الشمس)
قوله: [حدثنا موسى بن إسماعيل] .
هو موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا وهيب] .
هو وهيب بن خالد، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أيوب] .
هو أيوب بن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عكرمة] .
هو عكرمة مولى ابن عباس، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس] .
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.



الكلام مع الخطيب يوم الجمعة
وفي هذا الحديث أن الكلام حصل في الخطبة، والكلام مع الخطيب لا بأس به، فإذا تكلم الخطيب مع غيره أو كلمه غيره فلا بأس بذلك، وهذا الحديث ليس فيه شيء يتعلق ببيان الخطبة وما هو المراد بالخطبة؟ لكن ذكر الحافظ ابن حجر في الفتح عن الخطيب البغدادي في المبهمات أنه قال: في جمعة، أو يوم جمعة، ولا أدري شيئاً عن ثبوت ذلك، لكن الكلام في خطبة الجمعة من الإمام، ومن يكلم الإمام هذا ثابت؛ فقد جاء في قصة الأعرابي الذي جاء وقال: (يا رسول الله! هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله أن يغيثنا) ، وكذلك أيضاً لما جاء رجل وجلس والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: (هل صليت ركعتين؟ قال: لا، قال: قم فصل ركعتين وتجوز فيهما) ، وكذلك الحديث الذي فيه ذكر الرجل الذي جاء يقطع الصفوف ويمشي بينها والرسول صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال له: (اجلس فقد آذيت) فكلام الخطيب والكلام مع الخطيب لا بأس به.



من ابتدع عبادة فهي مردودة عليه
فإن قيل: أليس في حديث أبي إسرائيل دلالة على رد من ابتدع عبادة؟
و الجواب إذا كان يريد أن يتعبد الله به بمجرد كونه واقفاً في الشمس، فلا شك أن هذا من البدع، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (كل بدعة ضلالة) .



حكم التسمي بإسرائيل والتكني به
وأما هل يجوز التسمي بإسرائيل أو التكني بأبي إسرائيل؟ ف
الجواب لا نعلم شيئاً يمنعه؛ لأن إسرائيل المراد به: يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، هذا هو إسرائيل، واليهود والنصارى وأهل الكتاب هم من نسل يعقوب، فلهذا يقال لهم: بنو إسرائيل، فالتسمي أو التكني به ليس بذلك بأس، ومن الصحابة من يقال له: أبو إسرائيل، ومن الرواة الثقات إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي الذي يأتي ذكره في الأسانيد.



شرح حديث (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يهادى بين ابنيه)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن حميد الطويل عن ثابت البناني عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يهادى بين ابنيه، فسأل عنه، فقالوا: نذر أن يمشي، فقال: إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه، وأمره أن يركب) ] .
أورد أبو داود حديث أنس رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يهادى بين ابنيه) أي: لا يستطيع المشي بمفرده، وإنما يلزمه ابناه واحد عن يمينه، وواحد عن شماله، وكان ذلك في الحج، حيث إنه نذر أن يحج ماشياً وهو بهذه الهيئة لا يستطيع أن يمشي وحده، فكان أولاده يسندونه واحد من اليمين، وواحد من الشمال، فسأل عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إنه نذر أن يمشي، فقال: (إن الله غني عن تعذيب هذا نفسه، وأمره أن يركب) .
فقد كان يمشي في المشاعر بهذه الهيئة حيث كان يهادى بين ابنيه، فقالوا: إنه نذر، فقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله غني عن تعذيب هذا نفسه، وأمره أن يركب) ، ومعلوم أن الحج عبادة، والإنسان إذا كان مطيقاً ونذر أن يحج، وأن يمشي على رجليه، وكان يستطيع أن يمشي فلا بأس بذلك، فيذهب من مكة إلى منى، ومن منى إلى عرفة، ويرجع من عرفة إلى مزدلفة، ومن مزدلفة إلى منى, ومن منى إلى مكة؛ فإن الله عز وجل ذكر المشاة وذكر الركبان فقال: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج:27] ، (رجالاً) أي: مشاة، فالذي يستطيع ذلك له أن يفعله، ولكن إذا كان سيلحقه مضرة، فليس له ذلك، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ولا يجلب الإنسان الضرر إلى نفسه.
وفي الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمره أن يركب، وليس فيه شيء يتعلق بالكفارة، وقد تقدم أن ذكرنا أنه قد جاءت الأحاديث بثبوت الكفارة ولزومها.



تراجم رجال إسناد حديث (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يهادى بين ابنيه)
قوله: [حدثنا مسدد] .
هو مسدد بن مسرهد البصري، وهو ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
[حدثنا يحيى] .
هو يحيى بن سعيد القطان البصري، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حميد الطويل] .
هو حميد بن أبي حميد الطويل، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ثابت البناني] .
هو ثابت بن أسلم البناني، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس بن مالك] .
أنس بن مالك رضي الله عنه، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.



طريق أخرى لحديث (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يهادى بين ابنيه) وتراجم رجال إسنادها
[قال أبو داود: رواه عمرو بن أبي عمرو عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نحوه] .
ذكر أبو داود أنه جاء من طريق أخرى عن أبي هريرة.
قوله: [رواه عمرو بن أبي عمرو عن الأعرج عن أبي هريرة] .
عمرو بن أبي عمرو ثقة ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة، والأعرج هو عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وأبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً.



شرح حديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم مر وهو يطوف بالكعبة بإنسان يقوده بخزامة في أنفه)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا يحيى بن معين حدثنا حجاج عن ابن جريج أخبرني عاصم الأحول أن طاوساً أخبره عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم مر وهو يطوف بالكعبة بإنسان يقوده بخزامة في أنفه، فقطعها النبي صلى الله عليه وسلم بيده، وأمره أن يقوده بيده) ] .
أورد أبو داود حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بإنسان وهو يطوف بالكعبة يقوده آخر بخزامة في أنفه، وهي من شعر تشبه الخطام، وأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يقوده بيده، إذا كان محتاجاً للقيادة، وذلك لكونه كفيفاً، أو لكونه عاجزاً ويحتاج إلى من يساعده، فإنه يقوده بيده، ولا يفعل ذلك بحبل أو ما إلى ذلك حتى لا يشبه البهيمة التي تقاد بالحبال؛ لأن هذا غير سائغ.
وذكر هنا خزامة في أنفه، ولا أدري ما المقصود بقوله: (في أنفه) ، لأن المعروف أنهم كانوا يأخذون الناقة التي فيها شدة أو الجمل الصعب فيخرقون أنفه أو يربطونه بأنفه ويقودونه به لشدة صعوبته، فيكون في ذلك منع لقسوته وقوته وهيجانه وشدته عليهم، فلا أدري هل يكون هذا في الإنسان أنه يُجعل في أنفه شيء يقاد به أم لا؟ لأن هذا فيه صعوبة؛ وفعل هذا الشيء من الصعب جداً، وأما كونه يقاد بيده أو يربط بيده حبل ويقاد به فيمكن، وقد جاء في بعض الأحاديث أنه كان هناك حبل في يده، فقطعه الرسول صلى الله عليه وسلم.



تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم مر وهو يطوف بالكعبة بإنسان يقوده بخزامة في أنفه)
قوله: [حدثنا يحيى بن معين] .
يحيى بن معين ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا حجاج] .
هو حجاج بن محمد المصيصي الأعور، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن جريج] .
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني عاصم الأحول] .
هو عاصم بن سليمان الأحول، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أن طاوساً أخبره] .
هو طاوس بن كيسان، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس] .
ابن عباس مر ذكره.



شرح حديث (أن أخت عقبة بن عامر نذرت أن تحج ماشية)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن حفص بن عبد الله السلمي حدثني أبي حدثني إبراهيم -يعني ابن طهمان - عن مطر عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن أخت عقبة بن عامر رضي الله عنها نذرت أن تحج ماشية، وأنها لا تطيق ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله لغني عن مشي أختك، فلتركب ولتهد بدنة) .
أورد أبو داود حديث ابن عباس في قصة نذر أخت عقبة بن عامر الجهني أن تحج ماشية، وقد مر جملة من الأحاديث في هذا الموضوع عن عقبة وعن ابن عباس، وذكر أبو داود بعض الطرق لهذا الحديث، وقد فصل بين أحاديثها بهذه الثلاثة الأحاديث التي مرت: الحديث الذي فيه أبو إسرائيل، والحديث الذي فيه الرجل الذي يهادى بين رجلين، والحديث الأخير الذي فيه أنه رأى إنساناً يقوده آخر بخزامة، وكان المناسب أن تكون الأحاديث المتعلقة بأخت عقبة متصلة ببعضها، هذا هو المناسب في الترتيب، ولكنها تأخرت، فلا أدري ما وجه التأخير، وهل ذلك من أبي داود أو من غيره؟ الله أعلم.
قوله: [عن ابن عباس: (أن أخت عقبة بن عامر نذرت أن تحج ماشية وأنها لا تطيق ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله لغني عن مشي أختك، فلتركب ولتهد بدنة) ] .
فكونها تحج ماشية لا بأس بذلك إذا كانت تستطيع؛ لأن الله عز وجل ذكر أن الناس يأتون إلى الحج مشاة وركباناً، فمن نذر أن يحج ماشياً وأمن لحوق المضرة فعليه أن يوفي بالنذر، لكن حيث لا يكون الأمر كذلك كما في هذا الحديث فقد كانت غير مطيقة فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله غني عن مشي أختك مرها فلتركب ولتهد بدنة) أي: تترك ذلك الذي نذرته وتركب وتهدي بدنة, والبدنة شيء كبير، فلا أدري ما وجه كونها تهدي بدنة، وأما فيما يتعلق بالنذر فكفارته كفارة يمين كما تقدم، وأما فيما يتعلق بالبدنة فمعلوم أن الذي يجب في الهدي هو أقل شيء وهو الشاة كما جاء في تفسير ما استيسر من الهدي، وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه شاة، وأما كونها تهدي بدنة فقال بعض أهل العلم: إن هذا على سبيل الاستحباب، لا على سبيل الإيجاب.



تراجم رجال إسناد حديث (أن أخت عقبة بن عامر نذرت أن تحج ماشية)
قوله: [حدثنا أحمد بن حفص بن عبد الله السلمي] .
أحمد بن حفص بن عبد الله السلمي صدوق أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي.
[حدثني أبي] .
أبوه صدوق، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
[حدثني إبراهيم يعني ابن طهمان] .
إبراهيم بن طهمان ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مطر] .
هو مطر الوراق، وهو صدوق كثير الخطأ، وعليه فإذا لم يأت ذكر البدنة إلا من طريقه، ففي صحة الحديث نظر إذا لم يوجد له شواهد؛ لأن الهدي مطلق ينطبق على أقل شيء، وأقل شيء هو شاة، فالحديث فيه أمرها بأن تهدي بدنة، وهذا شيء كبير، وفيه نظر، ومادام في إسناده مطر الوراق وهو صدوق كثير الخطأ فمعناه: أن التصحيح فيه نظر، اللهم إلا أن يأتي شيء من طريق أخرى يقويه، فيكون الاعتبار بغير هذا الطريق، والألباني صحح الحديث.
ومطر الوراق أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[عن عكرمة عن ابن عباس] .
عكرمة وابن عباس مر ذكرهما.



وجه أمر النبي صلى الله عليه وسلم لأخت عقبة بن عامر أن تهدي بدنة
جاء في بعض الأحاديث التي مرت أنه أمرها بالهدي من دون تخصيص، فمن أهل العلم من قال: إن هذه شبيهة بقتل الصيد، أو أنه لأجل الإخلال بما التزم في الحج، وأما ما يتعلق بالنذر فمعلوم أن كفارته كفارة يمين، لكن هذا الإهداء يفعل إذا كان شيئاً قليلاً، ولكن حتى الإهداء ولو بشاة هو أكثر من إطعام عشرة مساكين، ولكن المقصود أن تفعل الكفارة.
وما جاء ذكر الهدي إلا في مسألة الحج هذه في قصة أخت عقبة بن عامر، فيحتمل أن يكون أمرها بالهدي لأن هذا شيء يتعلق بالحج وأنها التزمت شيئاً لم تف به، أو لم تتمكن من الوفاء به.
وعلى كل الحديث فيما يتعلق بالهدي المطلق سبق أن مر، وإذا فعل الإنسان ما جاء في الحديث وهو ما استيسر من الهدي لإطلاقه فيما مضى فلا بأس، وإن ثبت ذكر البدنة من غير هذا الطريق فلعل ذلك على سبيل الاستحباب.
وقد ذكر الخطابي عن الشافعي وأبي حنيفة أنه يريق دماً بدون تخصيص، ولكن كأنهم يريدون به ما يتعلق بالحج، لكن كما ذكرنا أن بعض أهل العلم لا يقول بالكفارة في المعصية، وهذا ليس معصية، فإذا كان مباحاً وكان مطاقاً فليس بمعصية، لكن إذا كان غير مطاق فلا يجوز النذر به، وإذا نذره فيخرج منه بالكفارة إذا لم يمكن الوفاء به.



شرح حديث (إن أختي نذرت أن تمشي إلى البيت)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا شعيب بن أيوب حدثنا معاوية بن هشام عن سفيان عن أبيه عن عكرمة عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه أن قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن أختي نذرت أن تمشي إلي البيت، فقال: إن الله لا يصنع بمشي أختك إلى البيت شيئاً) ] .
أورد أبو داود حديث عقبة بن عامر، وهو مثل الذي قبله، ولكنه مختصر، فلم يذكر فيه شيئاً أمرت به، وإنما ذكره باختصار، ولكن في الأحاديث التي مضت ما يوضحه.



تراجم رجال إسناد حديث (إن أختي نذرت أن تمشي إلى البيت)
قوله: [حدثنا شعيب بن أيوب] .
شعيب بن أيوب صدوق أخرج له أبو داود.
[حدثنا معاوية بن هشام] .
معاوية بن هشام صدوق له أوهام، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[عن سفيان] .
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه] .
أبوه ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عكرمة عن عقبة بن عامر الجهني] .
عكرمة مر ذكره، وعقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وبالنسبة لترتيب الأحاديث ذكرنا أن الأولى أن تكون أحاديث قصة أخت عقبة بن عامر متتالية، وفي بعض النسخ ذكرت كذلك، وهذا هو الترتيب المناسب؛ لأنها كلها في موضوع واحد، فكونها تأتي على نسق واحد هذا هو المناسب في الترتيب، فإذا كان في بعض النسخ هذا فهو الأقرب.
وفي النسخة التي مع عون المعبود جعل حديث أبي إسرائيل في باب آخر متقدم غير هذا الباب، وهو باب النذر في المعصية.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 39.09 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 38.46 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.61%)]