
28-06-2025, 06:46 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,400
الدولة :
|
|
رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)
كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [385]
الحلقة (417)
شرح سنن أبي داود [385]
إذا اتفقت الأجناس الربوية كذهب بذهب أو فضة بفضة، فلا يجوز بيع بعضها ببعض إلا مثلاً بمثل يداً بيد، وإذا اختلفت كذهب بفضة فيجوز بيعها متفاضلة يداً بيد، وهذا ما يسميه العلماء بالصرف، ومسائله تقع في أيامنا بكثرة.
المطل
شرح حديث: (مطل الغني ظلم)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في المطل.
حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (مطل الغني ظلم، وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع) ] .
قوله: [باب في المطل] المطل: هو عدم التسديد، وعدم توفية صاحب الحق حقه، فإذا طلب منه حقه لا يعطيه إياه، بل يماطله ويؤخر القضاء، وإذا كان المدين غنياً وأخر الحق فهو ظالم، وإن كان فقيراً فهو معذور، قال تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286] ، ويقول الله عز وجل: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة:280] .
وقد أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مطل الغني ظلم) أي: تأخير الحق عن صاحبه مع قدرته على التسديد ظلم لصاحب الدين؛ لأنه أخر عنه حقه بغير حق، وهذا يدل على تحريم ذلك، وأنه لا يجوز للإنسان أن يفعل هذا؛ لأنه ظلم، والظلم منهي عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الظلم ظلمات يوم القيامة) .
وعلى هذا: فالمدينون منهم من هو غني واجد، ومنهم من هو فقير غير واجد، فعدم تسديد المدين مع قدرته هو ظلم منه للدائن، والفقير المعسر الذي لا يستطيع الوفاء ليس بظالم؛ لأنه ليس عنده شيء به يقضي دينه، والله تعالى يقول في حقه: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة:280] يعني: ينظر إلى أن ييسر الله عز وجل له.
وقد جاء في بعض الروايات: (لي الواجد يحل عرضه وعقوبته) بمعنى: أنه يحل أن يعاقب فيحبس حتى يقوم بالتسديد؛ لأنه قادر على القضاء، ويحل عرضه بأن يقول: منعني حقي، ويتكلم فيه، ويذمه؛ لأنه منعه حقه، وهذا إذا كان غنياً مماطلاً.
قوله: [(وإذا أحيل أحدكم على مليء فليتبع)] أي: إذا أحال المدين الدائن على شخص آخر مليء غير معسر، فليقبل الإحالة عليه، ويذهب إلى الشخص الذي أحيل عليه، ويستوفي دينه منه، وهذا إذا كان مليئاً؛ لأنه قال: (وإذا أحيل أحدكم على مليء فليتبع) أي: فليذهب إلى ذلك المحال عليه وليتبعه لأخذ حقه منه.
والأمر في قوله: (فليتبع) للاستحباب.
وإذا مطل الغني فلا يحل للدائن أن يأخذ شيئاً من متاعه، بل يرفع أمره إلى السلطان، وإذا أصلِ على مليء ثم مات أو أعسر فإنه يرجع إلى المحيل، ولا يسقط حق الدائن.
تراجم رجال إسناد حديث: (مطل الغني ظلم)
قوله: [حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي] .
عبد الله بن مسلمة القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة.
[عن مالك] .
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث الفقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الزناد] .
هو عبد الله بن ذكوان المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأعرج] .
هو عبد الرحمن بن هرمز المدني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة] .
هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.
حسن القضاء
شرح حديث: (خيار الناس أحسنهم قضاء)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في حسن القضاء.
حدثنا القعنبي عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي رافع رضي الله عنه قال: (استسلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بكراً، فجاءته إبل من الصدقة فأمرني أن أقضي الرجل بكره، فقلت: لم أجد في الإبل إلا جملاً خياراً رباعياً، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أعطه إياه، فإن خيار الناس أحسنهم قضاء) ] .
قوله: [باب في حسن القضاء] أي: إذا كان الإنسان مديناً فعندما يأتي وقت السداد يؤديه على وجه حسن، وله أن يزيده بالكمية أو الكيفية والنوع، فإذا تسلف نقوداً فله أن يزيده من النقود على حقه، وإذا استلف منه بكراً فله أن يرد رباعياً، وهو أكبر وأنفس من البكر، وهذا جائز إذا كان من غير مواطأة واتفاق، وأما إذا اتفقا عند الإقراض على أن يزيده، أو تواطأا والتواطؤ يكون بشيء غير معلن، كأن يلمح له تلميحاً أو يعرض له تعريضاً.
على الزيادة دون أن ينصا على ذلك في الوثيقة التي كتبت بينهما؛ فهذا لا يجوز؛ لأنه من القرض الذي جر نفعاً، وقد أجمع العلماء على أن كل قرض جر نفعاً فهو ربا، وقد ورد هذا في حديث ضعيف جداً كما قال الحافظ في بلوغ المرام، لكن معناه محل إجماع بين العلماء.
قوله: [(استسلف رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل بكراً) البكر: هو من الإبل مثل الغلام في بني الإنسان، أي: أنه في مقتبل حياته، وليس كبيراً، والرباعي هو الذي أكمل السنة السادسة ودخل في السنة السابعة.
وفي هذا الحديث أن النبي عليه الصلاة والسلام استسلف بكراً ورد رباعياً، وهذا فيه حسن القضاء؛ لأنه أعطاه أنفس مما أخذ منه، ثم قال: (إن خير الناس أحسنهم قضاءً) ، فدل هذا على أن للمدين أن يعطي الدائن عند السداد شيئاً أكثر مما أخذه منه، إذا لم تكن هناك مشارطة ولا تواطؤ، وإنما هو إحسان ومعاملة طيبة من المقترض حيث أعطى أكثر مما أقرض.
تراجم رجال إسناد حديث: (خيار الناس أحسنهم قضاء)
قوله: [حدثنا القعنبي عن مالك عن زيد بن أسلم] .
زيد بن أسلم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء بن يسار] .
عطاء بن يسار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي رافع] .
هو أبو رافع مولى رسول الله عليه الصلاة والسلام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث جابر: (كان لي على النبي صلى الله عليه وسلم دين فقضاني وزادني)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا يحيى عن مسعر عن محارب بن دثار قال: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (كان لي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم دين فقضاني وزادني) ] .
أورد المصنف حديث جابر رضي الله عنه قال: (كان لي على النبي صلى الله عليه وسلم دين فقضاني وزادني) محل الشاهد منه قوله: (زادني) ، ففيه حسن القضاء بالزيادة.
وإذا تعارف الناس على الزيادة في القضاء فهي من الربا.
ولا يجوز للمقترض أن يهدي للمقرض هدية بسبب القرض؛ لأنه من القرض الذي جر نفعاً.
تراجم رجال إسناد حديث جابر: (كان لي على النبي صلى الله عليه وسلم دين فقضاني وزادني)
قوله: [حدثنا أحمد بن حنبل] .
هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، الإمام الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يحيى] .
هو يحيى بن سعيد القطان البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مسعر] .
هو مسعر بن كدام، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محارب بن دثار] .
محارب بن دثار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن جابر بن عبد الله] .
هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما، وهو صحابي جليل، أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الصرف
شرح حديث: (الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الصرف.
حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن مالك بن أوس عن عمر رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الذهب بالورق رباً إلا هاء وهاء، والبر بالبر رباً إلا هاء وهاء، والتمر بالتمر رباً إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير رباً إلا هاء وهاء) ] .
قوله: [باب في الصرف] الصرف: هو بيع النقود بعضها ببعض، سواء كان ذهباً بذهب أو ذهباً بفضة، والصرف خاص بالنقود، وأما الشعير بالشعير والتمر بالتمر فليس من قبيل الصرف، ولكنه مثل الصرف من جهة أنه جنس مثل جنس الذهب، فالذهب بالذهب يباع متماثلاً ومتقابضاً فيه، والتمر بالتمر يباع متماثلاً ومتقابضاً فيه، بدون تأجيل ولا زيادة، لكن الصرف خاص بالنقود والعملة؛ ولهذا يقول بعض المصنفين في كتبهم: باب الربا والصرف، والربا أعم من الصرف؛ لأن الربا يكون في الصرف وفي غيره، لكن الصرف لا يدخل فيه المكيلات مثل التمر والشعير والبر والأرز وغير ذلك من الأشياء المكيلة.
إذاً: هذه الترجمة هي ببعض ما اشتملت عليه الأحاديث؛ لأن الأحاديث الواردة في الباب اشتملت على الصرف وغير الصرف، وهي تدل على الترجمة، ولكنها ليست مقصورة على الترجمة؛ بل تشتمل على الترجمة -وهي الصرف- وعلى الأشياء المكيلة.
فالصرف خاص بالنقود، والنقود المتماثلة لابد فيها من التساوي والتقابض، فلا يجوز فيها فضل ولا نسيئة، والفضل هو الزيادة في بعضها على بعض، والنسيئة هو: تأجيل النقدين أو تأجيل أحدهما.
والنقود التي ليست من جنس واحد يشترط فيها التقابض، ولا مانع من التفاضل، كذهب وفضة، فالفضة تكون أكثر وزناً؛ لأن الذهب أنفس وأغلى من الفضة، فلا مانع من التفاضل، لكن لابد من التقابض؛ لأنه قد جاء في الحديث: (فإذا اختلفت الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد) ، أي: فبيعوا كيفما شئتم متفاضلاً إذا كان يداً بيد، فيجوز بيع (2) كيلو مثلاً فضة بكيلو ذهب، أو (10) كيلو فضة بكيلو ذهب، لكن لابد من التقابض، فصاحب الذهب يعطي الذهب لصاحب الفضة، وصاحب الفضة يعطي الفضة لصاحب الذهب في المجلس، دون أن يكون هناك تأخير.
وعلى هذا فالصرف إذا كان في بيع الشيء بجنسه فلابد فيه من أمرين: التماثل، والتقابض، وإذا اختلفت الأجناس فلابد من التقابض والتفاضل لا بأس به.
وقد أورد أبو داود حديث عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الذهب بالورق رباً إلا هاء وهاء) (هاء وهاء) يعني إلا بالقبض، فيجوز بيعهما متفاضلين بشرط التقابض، وقد جاء في الحديث: (فإذا اختلفت الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد) فالتفاضل بين الذهب والفضة جائز، والمحذور هو النسيئة فيهما.
قوله: [(والبر بالبر رباً إلا هاء وهاء)] ، لابد هنا من التقابض والتماثل أيضاً؛ لأن الذهب والورق جنسان مختلفان، فيلزم التقابض ويجوز التفاضل، وأما البر بالبر فهو جنس واحد، فلابد من التماثل والتقابض.
قوله: [(والتمر بالتمر رباً إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير رباً إلا هاء وهاء)] .
(هاء وهاء) أي: خذ وخذ، كل واحد يقول للثاني: خذ، ففيه أخذ وإعطاء، هذا يقول لصاحبه: خذ ما عندي، وهذا يقول لصاحبه: خذ ما عندي.
تراجم رجال إسناد حديث: (الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء)
قوله: [حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن ابن شهاب] .
ابن شهاب هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن مالك بن أوس] .
مالك بن أوس له رؤية، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمر] .
هو عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، أمير المؤمنين وثاني الخلفاء الراشدين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (الذهب بالذهب تبرها وعينها)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الحسن بن علي حدثنا بشر بن عمر حدثنا همام عن قتادة عن أبي الخليل عن مسلم المكي عن أبي الأشعث الصنعاني عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (الذهب بالذهب تبرها وعينها، والفضة بالفضة تبرها وعينها، والبر بالبر مدي بمدي، والشعير بالشعير مدي بمدي، والتمر بالتمر مدي بمدي، والملح بالملح مدي بمدي، فمن زاد أو ازداد فقد أربى، ولا بأس ببيع الذهب بالفضة والفضة أكثرهما يداً بيد، وأما نسيئة فلا، ولا بأس ببيع البر بالشعير والشعير أكثرهما يداً بيد، وأما نسيئة فلا) ] .
أورد أبو داود حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(الذهب بالذهب تبرها وعينها)] ، أي: لابد من التماثل والتقابض؛ لأنهما جنس واحد، حتى لو كان ذلك الجنس من نوعين: نوع مضروب نقوداً، ونوع قطعة من الذهب غير مسبوكة، فلابد من التساوي بينهما والتقابض.
ولا يقال: إنها إذا كانت مضروبة فإن سعرها يكون أغلى، بل لابد من التساوي، ولو كانت المضروبة نقوداً أو سبائك يتجمل بها، وصنعتها جميلة، فلابد من التساوي في بيع الذهب بالذهب، ويعرف التساوي بالوزن، ولابد أيضاً من التقابض؛ لأن بيع الجنس بالجنس لابد فيه من التقابض مع التماثل.
قوله: [(والفضة بالفضة تبرها وعينها)] ، التبر المقصود به: الكسر والقطع، والعين هو النقد.
قوله: [(والبر بالبر مدي بمدي)] .
المدي هو مقياس، فلابد من التساوي، مدي بمدي، وليس مديان بمدي ونحو ذلك.
قوله: [(والشعير بالشعير مدي بمدي، والتمر بالتمر مدي بمدي، والملح بالملح مدي بمدي)] .
يعني: أن كل جنس يباع بجنسه لابد فيه من أمرين: التقابض، والتماثل، حتى ولو كان أحدهما جيداً والآخر رديئاً، مثل بيع ذهب مستعمل قديم بذهب جديد لماع حسن وجميل، فلابد من التساوي، ويمكن أن يتخلص من الذهب القديم ببيعه، ثم يشتري بالنقود ذهباً جديداً، أما أن يبيع ذهباً قديماً بذهب جديد مع التفاضل فهذا لا يجوز.
قوله: [(فمن زاد أو ازداد فقد أربى)] .
(من زاد) أي: من أعطى، (أو ازداد) أي: طلب الزيادة، (فقد أربى) أي: أخذ الربا.
قوله: [(ولا بأس ببيع الذهب بالفضة والفضة أكثرهما يداً بيد)] .
يعني: إذا اختلف الجنس فلا مانع من التفاضل، فإذا باع ذهباً بفضة، والفضة أكثر، فلا بأس، لكن لابد من التقابض يداً بيد، أما إذا كان الجنس واحداً فلابد من الأمرين، وإذا كانا جنسين فالتقابض لابد منه، والتفاضل لا بأس به، فيجوز -مثلاً- بيع عشرة كيلو من الفضة بكيلو من الذهب، لكن لابد من تسليم الذهب وتسليم الفضة في مجلس الاتفاق.
قوله: [(وأما نسيئة فلا)] .
يعني: إذا اختلف الجنسان فلا تجوز النسيئة، ويجوز التفاضل، فالربا ينقسم إلى قسمين: ربا فضل، وربا نسيئة، فربا الفضل يجري في بيع جنس واحد بمثله وأحدهما زائد، فهذا لا يجوز، فهو ربا فضل، وإذا اختلف الجنسان فالتفاضل جائز، والتقابض لابد منه في جميع الأحوال.
تراجم رجال إسناد حديث: (الذهب بالذهب تبرها وعينها)
قوله: [حدثنا الحسن بن علي] .
هو الحسن بن علي الحلواني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي.
[حدثنا بشر بن عمر] .
بشر بن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا همام] .
هو همام بن يحيى العوذي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة] .
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الخليل] .
هو صالح بن أبي مريم، وثقه ابن معين والنسائي، وأخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مسلم المكي] .
هو مسلم بن اليسار المكي، وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة.
[عن أبي الأشعث الصنعاني] .
هو شراحيل بن آده، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[عن عبادة بن الصامت] .
عبادة بن الصامت رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (الذهب بالذهب عينها وتبرها) من طريق أخرى وتراجم رجال الإسناد
[قال أبو داود: روى هذا الحديث سعيد بن أبي عروبة وهشام الدستوائي عن قتادة عن مسلم بن يسار بإسناده] .
وهذا مثلما تقدم، وهنا ذكر اسم الراوي: مسلم بن يسار.
وسعيد بن أبي عروبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وهشام بن أبي عبد الله الدستوائي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن خالد عن أبي قلابة عن أبي الأشعث الصنعاني عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذا الخبر يزيد وينقص، وزاد قال: (فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد) ] .
هذه كلمة عامة تشمل ما إذا كان بيع شعير ببر وأحدهما متفاضل، أو بر بتمر وأحدهما متفاضل، فيجوز ذلك بشرط التقابض.
تراجم رجال إسناد حديث: (فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم)
قوله: [حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة] .
هو عبد الله بن محمد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي، وهو أخو عثمان بن أبي شيبة، وعثمان يأتي كثيراً عند أبي داود، وأما أبو بكر فيأتي قليلاً بالنسبة لأخيه، ولكن مسلم لم يكثر عن أحد كما أكثر عن أبي بكر بن أبي شيبة، فهو أكثر شيخ روى عنه، وقد بلغت الأحاديث التي أخذها عن شيخه أبي بكر بن أبي شيبة في صحيحه أكثر من ألف وخمسمائة حديث.
[حدثنا وكيع] .
هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان] .
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن خالد] .
هو خالد بن مهران الحذاء، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي قلابة] .
هو أبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الأشعث الصنعاني عن عبادة بن الصامت] .
مر ذكرهما.
حلية السيف تباع بالدراهم
شرح حديث: (أتى النبي صلى الله عليه وسلم عام خيبر بقلادة فيها ذهب وخرز)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في حلية السيف تباع بالدراهم.
حدثنا محمد بن عيسى وأبو بكر بن أبي شيبة وأحمد بن منيع قالوا: حدثنا ابن المبارك (ح) وحدثنا ابن العلاء أخبرنا ابن المبارك عن سعيد بن يزيد حدثني خالد بن أبي عمران عن حنش عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه أنه قال: (أتي النبي صلى الله عليه وسلم عام خيبر بقلادة فيها ذهب وخرز، قال أبو بكر وابن منيع: فيها خرز معلقة بذهب ابتاعها رجل بتسعة دنانير أو بسبعة دنانير، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لا، حتى تميز بينه وبينه، فقال: إنما أردت الحجارة، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لا، حتى تميز بينهما، قال: فرده حتى ميز بينهما) ، وقال ابن عيسى: أردت التجارة.
قال أبو داود: وكان في كتابه: (الحجارة) ، فغيره فقال: (التجارة) ] .
قوله: [باب في حلية السيف تباع بالدراهم] أي: إذا كانت الحلية من الفضة، والسيف إذا كان محلى بفضة فلا يباع بفضة؛ لأنه سيكون بيع فضة بفضة غير متماثلين، وهذا لا يجوز، ولو كان أحدهما من جنس الآخر، ولكن إذا باعها بذهب فلا بأس بذلك، فيجوز أن يبيع السيف المحلى بفضة بذهب، ولكن المحذور أن يبيعه بشيء من جنسه.
قوله في الحديث: [(فيها خرز معلقة بذهب ابتاعها رجل بتسعة دنانير أو بسبعة دنانير)] .
الدنانير من الذهب، فمعناه: أنه حصل بيع ذهب بذهب، ومعه زيادة خرز، والذهب غير متميز، ولم يعرف مقدار الذهب ومقدار الخرز، والجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل.
قوله: [(فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا، حتى تميز بينه وبينه)] .
يعني: حتى تفصل الخرز عن الذهب، فإذا فصل وصار الذهب مماثلاً للذهب جاز البيع، وإن كان فيه زيادة أو نقص لم يجز، ويباع الخرز على حدة، ويباع الذهب بالذهب على حدة، لكن لو بيع بجنس آخر كالفضة فلا بأس.
قوله: [(فقال: إنما أردت الحجارة)] .
أي: إنما أردت الخرز، ولم أرد الذهب، بل الذهب جاء تبعاً.
قوله: [وقال ابن عيسى: أردت التجارة] .
هنا صحف الشيخ، فذكر التجارة بدل الحجارة، فيكون المعنى: أردت الاكتساب بهذا الذي اشتريته.
تراجم رجال إسناد حديث: (أتى النبي صلى الله عليه وسلم عام خيبر بقلادة فيها ذهب وخرز)
قوله: [حدثنا محمد بن عيسى] .
هو محمد بن عيسى الطباع، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة.
[وأبو بكر بن أبي شيبة وأحمد بن منيع] .
أحمد بن منيع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا ابن المبارك] .
هو عبد الله بن المبارك، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ح وحدثنا ابن العلاء] .
هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا ابن المبارك عن سعيد بن يزيد] .
سعيد بن يزيد ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.
[حدثنا خالد بن أبي عمران] .
خالد بن أبي عمران صدوق، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.
[عن حنش] .
هو حنش الصنعاني، وهو ثقة أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[عن فضالة بن عبيد] .
فضالة بن عبيد رضي الله عنه صحابي، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
شرح حديث فضالة: (اشتريت يوم خيبر قلادة باثني عشر ديناراً فيها ذهب وخرز)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن أبي شجاع سعيد بن يزيد عن خالد بن أبي عمران عن حنش الصنعاني عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: (اشتريت يوم خيبر قلادة باثني عشر ديناراً فيها ذهب وخرز، ففصلتها فوجدت فيها أكثر من اثني عشر ديناراً، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: لا تباع حتى تفصل) ] .
هذا الحديث مثل الذي قبله، فلا تباع القلادة حتى يفصل بعضها من بعض، وبعد فصلها إذا كانت القيمة للخرز فلا بأس، وإذا كانت القيمة للذهب فلابد من التماثل والتقابض.
تراجم رجال إسناد حديث فضالة: (اشتريت يوم خيبر قلادة باثني عشر ديناراً فيها ذهب وخرز)
قوله: [حدثنا قتيبة بن سعيد] .
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الليث] .
هو الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي شجاع سعيد بن يزيد عن خالد بن أبي عمران عن حنش الصنعاني عن فضالة بن عبيد] .
مر ذكرهم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|