عرض مشاركة واحدة
  #659  
قديم 28-06-2025, 06:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,400
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [386]
الحلقة (87)



شرح سنن أبي داود [386]
الربا من أعظم المحرمات، وهو أبواب كثيرة، وقد حذر الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام من التعامل به، وبين أهل العلم صوره وأحكامه؛ حتى يحذر المسلم من التلطخ به، فيجب على من يتعامل بالبيع والشراء أن يعلم هذه الأحكام وإلا وقع في الربا وهو لا يدري.
ومما يدخل في الربا بيع الحيوان بالحيوان نسيئة وبيع الرطب بالتمر إلا أنه رخص في العرايا وذلك فيما دون خمسة أوسق.



الحيوان بالحيوان نسيئة



شرح حديث (نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الحيوان بالحيوان نسيئة.
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن قتادة عن الحسن عن سمرة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة) ] .
قوله: [باب في الحيوان بالحيوان نسيئة] أي: في بيع الحيوان بالحيوان نسيئة؛ أن يباع حيوان، فيقبضه المشتري، وتكون القيمة في ذمته حيواناً آخر، ويعطيه إياه فيما بعد، هذا هو المقصود ببيع الحيوان بالحيوان نسيئة.
وقد أورد أبو داود حديث سمرة بن جندب رضي الله تعالى عنه: (أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة) ، وهو واضح الدلالة على أن الحيوان لا يباع بالحيوان نسيئة، لكن يجوز بيع الحيوان بالحيوان يداً بيد.
وقد اختلف أهل العلم في بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، فمنهم من قال بعدم جوازه لهذا الحديث، ومنهم من قال بجوازه؛ لحديث عبد الله بن عمرو الآتي في الباب التالي، لكن الحديث الثاني في إسناده من هو متكلم فيهم، وهذا الحديث من طريق الحسن عن سمرة، وفي رواية الحسن عن سمرة ثلاثة أقول: قيل: إنه سمع منه مطلقاً، وقيل: لم يسمع منه مطلقاً، وقيل: لم يسمع منه غير حديث العقيقة.
وحديث سمرة يصححه الألباني، ولعله للشواهد التي جاءت في معناه، وعلى هذا فيكون القول بالمنع هو الأولى، والذين قالوا بجواز بيع الحيوان بالحيوان نسيئة قالوا: إن هذا الحديث يحمل على ما إذا كان الحيوانان اللذان بيع أحدهما بالآخر كلاهما غائباً، كما لو باع هذا في ذمته حيواناً، وباع هذا في ذمته حيواناً، من غير تقابض، فصارت النسيئة من الجهتين، وليست من جهة واحدة، فقالوا: يحمل هذا الحديث على ما إذا كانت النسيئة من الجهتين، وليس من جهة واحدة، وأجازوا بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، واستدلوا بحديث عبد الله بن عمرو الذي سيأتي، ولكن فيه عدة أشخاص متكلم فيهم.



تراجم رجال إسناد حديث (نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة)
قوله: [حدثنا موسى بن إسماعيل] .
موسى بن إسماعيل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا حماد] .
هو حماد بن سلمة بن دينار، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[عن قتادة] .
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الحسن] .
هو الحسن بن أبي الحسن البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سمرة] .
هو سمرة بن جندب وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.



الرخصة في بيع الحيوان بالحيوان نسيئة



شرح حديث عبد الله بن عمرو في الرخصة في بيع الحيوان بالحيوان نسيئة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الرخصة في ذلك.
حدثنا حفص بن عمر حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مسلم بن جبير عن أبي سفيان عن عمرو بن حريش عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمره أن يجهز جيشاً، فنفدت الإبل، فأمره أن يأخذ في قلاص الصدقة، فكان يأخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة) ] .
قوله: [باب في الرخصة في ذلك] أي: في بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، فالترجمة الماضية تتعلق بالنهي، وهذه تتعلق بالجواز والترخيص.
وقد أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يجهز جيشاً فنفدت الإبل) أي: لم يكن هناك إبل تكفي.
قوله: [(فأمره أن يأخذ في قلاص الصدقة، فكان يأخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة)] .
معناه: أنه كان يشتري إبلاً ويدفع قيمتها إذا جاء وقت الصدقة، ويكون البعير الذي يأخذه الآن ببعيرين من إبل الصدقة، لكن الحديث فيه عدة رجال متكلم فيهم.



تراجم رجال إسناد حديث عبد الله بن عمرو في الرخصة في بيع الحيوان بالحيوان نسيئة
قوله: [حدثنا حفص بن عمر] .
حفص بن عمر ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي.
[حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق] .
محمد بن إسحاق صدوق يدلس، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن، وهنا روى الحديث بالعنعنة.
[عن يزيد بن أبي حبيب] .
يزيد بن أبي حبيب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مسلم بن جبير] .
مسلم بن جبير مجهول، أخرج له أبو داود.
[عن أبي سفيان] .
أبو سفيان مقبول، أخرج له أبو داود.
[عن عمرو بن حريش] .
عمرو بن حريش مجهول الحال، أخرج له أبو داود.
[عن عبد الله بن عمرو] .
هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وهذا الحديث فيه راويان مدلسان، وكل منهما روى بالعنعنة، وهما: محمد بن إسحاق ويزيد بن أبي حبيب، وفيه مجهول العين وهو مسلم بن جبير، وفيه راو مقبول وهو أبو سفيان، وفيه عمرو بن حريش وهو مجهول الحال، ففيه عدة أشخاص متكلم فيهم.
وقد ضعفه الشيخ الألباني رحمه الله في سنن أبي داود وحسنه في الإرواء من وجوه أخرى، فإذا صح فيحمل على أن النهي يكون للكراهة، لكن الاحتياط ألا يباع الحيوان بالحيوان نسيئة.



بيع الحيوان بالحيوان يداً بيد



شرح حديث: (أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى عبداً بعبدين)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في ذلك إذا كان يداً بيد.
حدثنا يزيد بن خالد الهمداني وقتيبة بن سعيد الثقفي أن الليث حدثهم عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اشترى عبداً بعبدين) ] .
قوله: [باب في ذلك إذا كان يداً بيد] ، أي: أنه يجوز بيع الحيوان بالحيوان إذا كان يداً بيد، ولو كان هناك تفاضل.
وقد أورد أبو داود حديث جابر رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى عبداً بعبدين) وهذا البيع حاضر وليس نسيئةً، فيجوز بيع العبد بالعبد متماثلين أو متفاضلين كعبد بعبدين.



تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى عبداً بعبدين)
قوله: [حدثنا يزيد بن خالد الهمداني] .
يزيد بن خالد الهمداني ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة.
[وقتيبة بن سعيد الثقفي] .
قتيبة بن سعيد الثقفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أن الليث حدثهم] .
هو الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الزبير] .
هو أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن جابر] .
هو جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا الحديث في صحيح مسلم، وأبو الزبير مدلس وقد عنعن فيه، ولكن ما جاء في الصحيحين عن المدلسين معنعناً فهو محمول على الاتصال؛ لأن الشيخين اشترطا ألا يذكرا إلا ما كان صحيحاً عندهما، ثم إن الراوي عن أبي الزبير هنا هو الليث، وقد ميز له ما سمعه من جابر.



بيع التمر بالتمر



شرح حديث (أينقص الرطب إذا يبس؟)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الثمر بالتمر.
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن عبد الله بن يزيد أن زيداً أبا عياش أخبره أنه سأل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن البيضاء بالسلت، فقال له سعد: أيهما أفضل؟ قال: البيضاء، فنهاه عن ذلك وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسأل عن شراء التمر بالرطب، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أينقص الرطب إذا يبس؟ قالوا: نعم، فنهاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك) ] .
قوله: [باب في الثمر بالتمر] ، الثمر هو الرطب، والتمر: هو الذي قد نشف ويبس، ومعلوم أن الرطب بعد ما يمضي عليه وقت ييبس ويكون تمراً؛ ولهذا جاء في الحديث إن الإفطار يكون على رطبات، فإن لم يجد فعلى تمرات، فالرطب شيء والتمر شيء، الرطب طري جديد، والتمر قديم قد مضى عليه وقت.
والترجمة هي: الثمر بالتمر، وليست التمر بالتمر؛ لأن الحديث الذي أورده فيه رطب بتمر، ولا يجوز أن يباع التمر بالرطب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن العلة هي عدم التماثل بقوله: (أينقص الرطب إذا جف؟) قال ذلك ليلفت أنظارهم إلى العلة، فقالوا: نعم، فنهاهم عن بيع الرطب بالتمر.
قوله: [أن زيداً أبا عياش سأل سعداً عن البيضاء بالسلت، فقال له سعد: أيهما أفضل؟ قال: البيضاء، فنهاه عن ذلك] .
فسرت البيضاء بتفسيرين: أحدهما: أن المقصود بها نوع من البر أبيض اللون وفيه رخاوة، ورطوبة، أو نداوة، وليس يابساً، والسلت نوع آخر غير البر، وهذا لا يناسب الترجمة، ولا يناسب ما جاء في الحديث؛ لأن الذي جاء في الحديث أنهما من جنس واحد إلا أن أحدهما رطب والآخر يابس، هذا جديد وهذا قديم، فيكون معنى هذا أن البيضاء بالسلت جنس واحد، ولكنهما مختلفان في الرطوبة واليبوسة.
التفسير الثاني: أن البيضاء نوع من السلت، وكلاهما من الحبوب، وهذا هو الذي يناسب ذكر الرطب بالتمر الذي استدل به سعد رضي الله عنه، وأنه ليس جنساً آخر؛ لأنه لو كان جنساً آخر لجاز التفاضل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فإذا اختلفت الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد) ، فيجوز التفاضل حينئذ، ولا يمنع إلا إذا كانا من جنس واحد، كأن يباع بر رطب قبل أن ييبس ببر يابس، فهذا لا يصح، ورطب بتمر لا يصح، وعنب بزبيب لا يصح؛ لأن الجنس واحد، ويختلف كل عن الآخر في طراوته ويبوسته، والنبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى العلة في ذلك، وهي عدم التماثل؛ لأن الرطب إذا يبس فإنه ينقص، فلو بيع صاع من الرطب بصاع من التمر، ثم ترك الرطب حتى ييبس، فإنه يكون أقل من صاع، فالنبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى العلة بسؤالهم ليبين لهم أن العلة في عدم جواز ذلك أنه ينقص.
قوله: [فنهاه عن ذلك وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن شراء التمر بالرطب] .
نهاه عن ذلك لأن هذا مثل بيع التمر بالرطب، وهذا من جنسه، إلا أنه بيع حبوب بحبوب من جنس واحد، إلا أن هذا رطب وهذا يابس.
قوله: [فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أينقص الرطب إذا يبس؟ قالوا: نعم، فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك) ] .
سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم هذا هو سؤال تقرير، وليس سؤال استفهام واستعلام، فإنه كان يعرف أن الرطب ينقص إذا جف ويبس، ولكن أراد أن يوقفهم على العلة والحكمة في ذلك، فقال: (أينقص الرطب إذا جف؟ فقالوا: نعم) إذاً: فما دمتم تعرفون أنه ينقص إذا جف، فليس بينهما تماثل، ومن شرط بيع التمر بالتمر أن يكونا مثلاً بمثل يداً بيد.



تراجم رجال إسناد حديث (أينقص الرطب إذا يبس؟)
قوله: [حدثنا عبد الله بن مسلمة] .
هو عبد الله بن مسلمة القعنبي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة.
[عن مالك] .
هو مالك بن أنس المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن يزيد] .
عبد الله بن يزيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أن زيداً أبا عياش] .
هو زيد بن عياش أبو عياش، وهو صدوق، أخرج له أصحاب السنن.
فكنيته أبو عياش، وأبوه اسمه عياش، ومن أنواع علوم الحديث: معرفة من وافقت كنيته اسم أبيه، وفائدة معرفة هذا النوع ألا يظن التصحيف، فالذي يعرف أنه زيد أبو عياش ولا يعرف أنه ابن عياش، يظن أن (أبو) تصحفت إلى (ابن) ، والذي يعرف أنه زيد بن عياش، ولا يعرف أن كنيته أبو عياش، يظن أن (ابن) تصحفت إلى (أبو) ، وإذا عرف أن الراوي كنيته مطابقة لاسم أبيه، فلن يكون هناك لبس، ولن يظن التصحيف، ومثله الأوزاعي واسمه عبد الرحمن بن عمرو، وكنيته أبو عمرو، ومثله هناد بن السري أبو السري، فهؤلاء وافقت كناهم أسماء آبائهم.
[عن سعد بن أبي وقاص] .
سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، أحد العشرة المبشرين بالجنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[قال أبو داود: رواه إسماعيل بن أمية نحو مالك] .
يعني: من طريق أخرى.
وإسماعيل بن أمية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.



شرح حديث (نهى رسول الله عن بيع الرطب بالتمر نسيئة)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الربيع بن نافع أبو توبة حدثنا معاوية -يعني ابن سلام - عن يحيى بن أبي كثير أخبرنا عبد الله أن أبا عياش أخبره أنه سمع سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه يقول: (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن بيع الرطب بالتمر نسيئة) ] .
أورد أبو داود حديث سعد بن أبي وقاص: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الرطب بالتمر نسيئة) وهذا مثل الذي قبله، إلا أن فيه ذكر النسيئة، وذكر النسيئة خطأ فقد؛ جاء عن سعد من عدة طرق بدون ذكر النسيئة، وهو الذي مر في الرواية السابقة أيضاً.
إذاً: ذكر النسيئة خطأ، وقد يفهم منها جواز غير النسيئة، ولكن المنع هو في النسيئة وغير النسيئة، فيمنع بيع الرطب بالتمر حالاً متفاضلاً، ومن باب أولى نسيئة، فالمحفوظ في الحديث هو بيع الرطب بالتمر بدون ذكر النسيئة، وذكر النسيئة رواية شاذة.



تراجم رجال إسناد حديث (نهى رسول الله عن بيع الرطب بالتمر نسيئة)
قوله: [حدثنا الربيع بن نافع أبو توبة] .
هو الربيع بن نافع أبو توبة الحلبي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
أبو توبة الربيع بن نافع الحلبي هو الذي اشتهرت عنه الكلمة التي قال فيها: إن معاوية رضي الله عنه ستر لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فمن اجترأ على الستر اجترأ على ما وراءه، يعني: من سهل عليه أن يتكلم في معاوية سهل عليه أن يتكلم في غير معاوية، والسيئة تجر إلى السيئة، والزيغ يجر إلى الزيغ، والله تعالى يقول: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف:5] .
ومن العقوبة على السيئة السيئة بعدها، كما أن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها، فمن ثواب الحسنة أن يوفق الإنسان إلى حسنة بعدها، ومن العقوبة على السيئة أن يبتلى بسيئة بعدها.
فمن سمح لنفسه أن يتكلم في معاوية وأن يعيبه أو ينتقده فإنه يسهل عليه أن ينتقل إلى من وراء معاوية رضي الله عن الصحابة أجمعين.
[حدثنا معاوية يعني ابن سلام] .
معاوية بن سلام ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن أبي كثير] .
هو يحيى بن أبي كثير اليمامي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا عبد الله] .
هو عبد الله بن يزيد، وقد مر ذكره.
[أن أبا عياش أخبره أنه سمع سعد بن أبي وقاص] .
مر ذكرهما.
وقد تفرد يحيى بن أبي كثير اليمامي بكلمة (نسيئة) ، وغيره من الثقات رووه بدون كلمة (نسيئة) ، كالإمام مالك وإسماعيل بن أمية، والضحاك بن عثمان، فهؤلاء رووا النهي عن بيع الرطب بالتمر مطلقاً بدون أن يقيد بنسيئة.



طريق أخرى لحديث (نهى عن بيع الرطب بالتمر نسيئة) وتراجم رجال إسنادها
[قال أبو داود: رواه عمران بن أبي أنس عن مولى لبني مخزوم عن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه] .
عمران بن أبي أنس ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[عن مولى لبني مخزوم عن سعد] .
سعد رضي الله عنه مر ذكره.
قال أبو الحسن الدارقطني: خالفه مالك وإسماعيل بن أمية والضحاك بن عثمان وأسامة بن زيد رووه عن عبد الله بن يزيد ولم يقولوا فيه: نسيئة، واجتماع هؤلاء الأربعة على خلاف ما رواه يحيى بن أبي كثير يدل على ضبطهم للحديث.



المزابنة



شرح حديث (نهى عن بيع الثمر بالتمر كيلاً)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في المزابنة.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا ابن أبي زائدة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن بيع الثمر بالتمر كيلاً، وعن بيع العنب بالزبيب كيلاً، وعن بيع الزرع بالحنطة كيلاً) ] .
قوله: [باب في المزابنة] ، المزابنة هي بيع الثمر على رءوس النخل بتمر، ومثله بيع البر بالحب الذي في السنابل، وهذا غير جائز، ونهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لأن فيه الجهل بالتساوي، وقد مر بنا أن بيع التمر بالرطب لا يجوز؛ لأنه ينقص إذا يبس، فهما غير متماثلين، فالتمر الذي على رءوس النخل الجهالة فيه أكثر؛ لأنه يباع بالخرص، والتمر معروف مقداره؛ لأنه يكال، فإذا كان لا يجوز بيع الرطب بالتمر كيلاً وليس على رءوس النخل، مع تحقق المماثلة من ناحية المقدار، لكون المحذور من أجل أنه ينقص إذا يبس؛ فمن باب أولى لا يجوز بيع التمر الذي على النخل بالتمر، إلا أنه سيأتي استثناء العرايا من المزابنة، وهي أن يباع ما على رءوس النخل خرصاً بتمر يدفع في مقابله حتى يستفيد الناس من الثمر، ويلقطونه شيئاً فشيئاً، ويستفيدون منه، وقد جاء الترخيص في حدود مقدار معين كما سيأتي ذكره في الأحاديث الآتية.
وعلى هذا فبيع الثمر بالتمر لا يجوز سواءً كيل وعرفت مساواته؛ لأنه ينقص إذا يبس، وسواء كان على رءوس النخل وعرف مقداره بالخرص وكيل التمر؛ كل ذلك لا يجوز، ولا يستثنى من ذلك إلا العرايا التي سيأتي لها أبواب تخصها.
قوله: [عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن بيع الثمر بالتمر كيلاً) ] .
يعني: بيع الرطب بالتمر كيلاً لا يجوز؛ لأن الثمر ينقص، لكن التمر بالتمر يجوز بشرط التماثل والتقابض.
ولو خرص الثمر بقدر التمر، بحيث لو جف الثمر صار بقدر التمر، فلا يجوز؛ لأن القاعدة المشهورة: الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل.
قوله: [(وعن بيع العنب بالزبيب كيلاً)] .
لأن العنب إذا يبس ينقص مقداره، فلا يجوز بيع صاع من هذا بصاع من هذا.
قوله: [(وعن بيع الزرع بالحنطة كيلاً)] .
يعني: سواء كان على السنابل أو أخذ من السنابل ولا يزال فيه رطوبة، فهذا أيضاً منهي عنه.



تراجم رجال إسناد حديث (نهى عن بيع الثمر بالتمر كيلاً)
قوله: [حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة] .
هو عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[حدثنا ابن أبي زائدة] .
هو يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبيد الله] .
هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع] .
هو نافع مولى ابن عمر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر] .
هو عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 46.00 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.37 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.37%)]