عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 29-06-2025, 05:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,255
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [411]
الحلقة (443)





شرح سنن أبي داود [411]
أجاز الشارع الحكيم حبس المماطل في قضاء الدين؛ وذلك من أجل حفظ حقوق الناس، وحتى لا يماطل من عنده القدرة على الدفع والتسديد، أما من كان معسراً فلا حبس عليه.
وأجازت الشريعة الوكالة في البيع والشراء والأخذ والعطاء وغير ذلك مما يجوز التوكيل فيه؛ لما في ذلك من التيسير على الناس، إذ لو منعت لشق ذلك عليهم، وحث الشارع الجار على ألا يمنع جاره من غرز خشبته في جداره للحاجة، ومن تسريح الماء إلى أرض جاره؛ حتى يعم المجتمع المسلم المودة والألفة والمحبة والأخوة.



حكم الحبس في الدين وغيره



شرح حديث: (لي الواجد يحل عرضه وعقوبته)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الحبس في الدين وغيره.
حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا عبد الله بن المبارك عن وبر بن أبي دليلة عن محمد بن ميمون عن عمرو بن الشريد عن أبيه رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لي الواجد يحل عرضه وعقوبته) قال ابن المبارك: يحل عرضه: يغلظ له، وعقوبته: يحبس له] .
يقول المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الحبس في الدين وغيره] المقصود الحبس في الدين في حق الواجد الميسر الذي يماطل، فإنه يحبس حتى يقوم بالوفاء؛ لأنه قادر على ذلك، وهو ظالم في مطله، وقد جاء في الحديث: (مطل الغني ظلم) فيحبس من أجل أنه ظالم، أما من كان فقيراً معدماً فإنه لا يحبس، وإنما ينظر إلى ميسرة، كما قال الله عز وجل: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة:280] .
أورد أبو داود حديث الشريد بن سويد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(لي الواجد يحل عرضه وعقوبته)] يعني: الواجد هو الموسر الذي يجد الوفاء والسداد.
قوله: [(لي الواجد)] هذا يدل على كونه يحبس، وكونه يغلظ له بالقول، لكونه قادراً وموسراً، وإذا كان معدماً فقيراً، فإنه لا يحبس ولا يستحق الحبس، وإنما الذي يستحقه من كان قادراً ولم يقم بوفاء ما وجب عليه.
والحديث يدل على العقوبة، ويدخل فيها السجن، أو تفسر بالسجن، ولهذا فسر عبد الله بن المبارك هاتين الكلمتين بقوله: [يحل عرضه: يغلظ له بالقول] يعني يتكلم في حقه كأن يقال له: إنك ظالم وغير ذلك، وهذا من الأمور التي يجوز فيها الكلام في الشخص في أمر يكرهه، ولا يعتبر من الغيبة المحرمة، وإنما هو سائغ ويحل عرضه بأن يقول: مطلني حقي وظلمني.
قوله: [وعقوبته] بأن يحبس من أجل الدين الذي عليه حتى يقوم بالسداد؛ لأنه إذا أحس بالعقوبة عند ذلك يترك المماطلة ويقوم بسداد الدين الذي عليه.



تراجم رجال إسناد حديث: (لي الواجد يحل عرضه وعقوبته)
قوله: [حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي] .
عبد الله بن محمد النفيلي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[حدثنا عبد الله بن المبارك] .
هو عبد الله بن المبارك المروزي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن وبر بن أبي دليلة] .
وبر بن أبي دليلة وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة.
[عن محمد بن ميمون] .
هو محمد بن عبد الله بن ميمون بن مسيكة الطائفي مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة.
[عن عمرو بن الشريد] .
عمرو بن الشريد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي فأخرج له في الشمائل.
[عن أبيه] .
هو الشريد بن سويد رضي الله عنه وهو صحابي، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة.



شرح حديث ثعلبة التميمي: (أتيت النبي بغريم لي فقال لي الزمه)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا معاذ بن أسد حدثنا النضر بن شميل أخبرنا هرماس بن حبيب رجل من أهل البادية عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بغريم لي فقال لي: الزمه، ثم قال لي: يا أخا بني تميم ما تريد أن تفعل بأسيرك؟) ] .
أورد أبو داود حديث ثعلبة التميمي أنه قال: [(أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بغريم فقال لي: الزمه، ثم قال لي: يا أخا بني تميم ما تريد أن تفعل بأسيرك؟)] .
يعني: إذا كان معسراً فإنه لا سبيل إلى ملازمته، ولا سبيل إلى حبسه وإلى سجنه، وإن كان بخلاف ذلك فهو يستحق كما جاء في الحديث الماضي، لكن هذا الحديث الذي الذي معنا حديث ضعيف؛ لأن فيه شخصين تكلم فيهما.



تراجم رجال إسناد حديث ثعلبة التميمي: (أتيت النبي بغريم لي فقال لي الزمه)
قوله: [حدثنا معاذ بن أسد] .
معاذ بن أسد هو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود.
[حدثنا النضر بن شميل] النضر بن شميل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا هرماس بن حبيب] .
هرماس هو مجهول، والمجهول هو الذي لم يرو عنه إلا واحد ولم يوثق، هذا هو مجهول العين، قال الحافظ في التقريب: شيخ أعرابي لم يرو عنه إلا النضر بن شميل أخرج له أبو داود وابن ماجة.
[عن أبيه] .
أبوه مجهول، أخرج له أبو داود وابن ماجة.
[عن جده] هو ثعلبة التميمي صحابي، أخرج له أبو داود وابن ماجة.



شرح حديث: (أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس رجلاً في تهمة)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حبس رجلاً في تهمة) ] .
أورد أبو داود حديث معاوية بن حيدة رضي الله عنه: [(أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حبس رجلاً في تهمة).
وهذا هو الذي يدخل تحت قول المصنف: [في الدين وغيره] فحديث: (لي الواجد ظلم، يحل عرضه وعقوبته) هو في الدين، وهذا في غيره؛ لأنه ذكر الدين وفيه الحديث الأول، وذكر التهمة، وهو في هذا الحديث، وهو في الذي دخل تحت قوله: [وغيره] يعني: أنه متهم في شيء فحبس ثم بعد ذلك خلي سبيله، والتهمة تكون في أمر من الأمور التي فيها الشخص متهم، والتهمة غير الدين، فالمتهم يحبس في شيء حتى يعرف هل يثبت عليه أو لا يثبت، حتى لا يشرد وينفلت.



تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس رجلاً في تهمة)
قوله: [حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي] .
إبراهيم بن موسى الرازي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا عبد الرزاق] .
هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن معمر] .
هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن بهز بن حكيم] .
بهز بن حكيم وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً وأصحاب السنن.
[عن أبيه] .
هو حكيم بن معاوية وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن.
[عن جده] .
هو معاوية بن حيدة القشيري صحابي رضي الله عنه، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن.
وهذا من رواية من روى عن أبيه عن جده، وإذا صح الإسناد إلى بهز فيكون الحديث حسناً، وإذا صح الإسناد إلى عمرو بن شعيب فيكون الحديث حسناً.



شرح حديث: (قام رجل إلى النبي وهو يخطب فقال جيراني بم أخذوا فأعرض عنه مرتين)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن قدامة ومؤمل بن هشام قال ابن قدامة: حدثني إسماعيل عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، قال ابن قدامة: (إن أخاه أو عمه، قال مؤمل إنه قام إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يخطب فقال: جيراني بم أخذوا؟ فأعرض عنه مرتين، ثم ذكر شيئاً، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: خلوا له عن جيرانه) لم يذكر مؤمل: وهو يخطب] .
أورد أبو داود حديث معاوية بن حيدة قوله: (إن أخاه أو عمه قام إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب فقال: جيراني بم أخذوا؟ فأعرض عنه) ].
يعني: بم حبسوا؟ قوله: [(ثم ذكر شيئاً فقال: خلوا له جيرانه)] يعني: أطلقوا سراحهم.
قوله: [(قام إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب)] .
يعني: أنه خاطبه وهو يخطب، ومحادثة الخطيب سائغ حتى في الجمعة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم جاءه رجل وهو يخطب يوم الجمعة فقال: (يا رسول الله! هلكت الأموال فانقطعت السبل، فادع الله أن يغيثنا فرفع يديه واستسقى) وكذلك الخطيب يجوز له أن يكلم بعض الحاضرين، مثل ما حصل من الرسول صلى الله عليه وسلم لما جاء الرجل الذي كان يتخطى رقاب الناس، فقال له: (اجلس فقد آذيت) .
كذلك الرجل الذي جاء ودخل وجلس ولم يصل فقال: (أصليت ركعتين؟ فقال: لا.
قال: قم فصل ركعتين وتجوز فيهما) وكذلك عمر رضي الله عنه لما كان يخطب يوم الجمعة فدخل عثمان بن عفان فقال: أي ساعة هذه؟ -يخاطب عثمان - فقال: إني كنت في كذا فما شعرت إلا وقد جاء الأذان فما زدت أن توضأت وجئت، فقال: والوضوء أيضاً! يعني: لم تغتسل مع تأخرك.
فهذا كله يدل على أن الخطيب يتكلم مع الحاضرين، وأن الخطيب يمكن أن يُخَاطب في الأمر الذي يقتضي ذلك، كأن يطلب منه أن يدعو الله عز وجل بأن يغيثهم الله سبحانه وتعالى، لكن هنا في هذا الحديث ما يدرى أكان في جمعة أم في غير جمعة.



تراجم رجال إسناد حديث: (قام رجل إلى النبي وهو يخطب فقال جيراني بم أخذوا فأعرض عنه مرتين)
قوله: [حدثنا محمد بن قدامة] .
هو محمد بن قدامة المصيصي وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي.
[ومؤمل بن هشام] .
مؤمل بن هشام هو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي.
[قال ابن قدامة: حدثني إسماعيل] .
هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي المشهور بـ ابن علية وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده] .
قد مر ذكر الثلاثة.
[قال ابن قدامة: إن أخاه أو عمه] .
ابن قدامة هو الشيخ الأول قال: إن أخاه أو عمه، وأما مؤمل فقال: إنه هو الذي خاطب النبي صلى الله عليه وسلم، يعني: أن معاوية هو نفسه الذي خاطب النبي صلى الله عليه وسلم.
[لم يذكر مؤمل: وهو يخطب] .
كلمة [(وهو يخطب)] هي مما جاء عن محمد بن قدامة، فكأنه ساقه بلفظ ابن قدامة؛ وأشار إلى الفرق بينهما بأن أحدهما قال: إن أخاه أو عمه، ومؤمل بن هشام قال: إنه هو، وليس عند مؤمل بن هشام: وهو يخطب، وإنما هي عند محمد بن قدامة.



حكم الوكالة



شرح حديث: (إذا أتيت وكيلي فخذ منه خمسة عشر وسقاً)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الوكالة.
حدثنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم حدثنا عمي حدثنا أبي عن ابن إسحاق عن أبي نعيم وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمعه يحدث قال: (أردت الخروج إلى خيبر فأتيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فسلمت عليه، وقلت له: إني أردت الخروج إلى خيبر، فقال: إذا أتيت وكيلي فخذ منه خمسة عشر وسقاً، فإن ابتغى منك آية فضع يدك على ترقوته) ] .
قال المصنف: [باب في الوكالة] .
الوكالة: هي نيابة الشخص عن غيره، إما أن يكون نائباً عنه نيابة مطلقة، يقوم مقامه في جميع شئونه، وفي جميع التصرفات، أو نيابة مقيدة بأن يقول: أنت وكيلي في الأمر الفلاني المعين، فيمكن أن تكون الوكالة مطلقة فيتصرف عنه كما يتصرف في ماله، وأن تكون الوكالة مقيدة في أمر من الأمور، كأن يشتري له بيتاً أو يشتري له سيارة، أو أي شيء معين.
والوكالة ثابتة بإجماع العلماء، والناس يحتاجون إليها ولا يستغنون عنها؛ لأنه ليس كل أحد يستطيع أن يقوم بكل شئونه دون أن يوكل أحداً، بل من الناس من لا يستطيع أن يقوم بشئونه؛ لعجزه ولعدم قدرته، فيوكل من يقوم مقامه.
أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما أنه عندما أراد أن يذهب إلى خيبر جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخبره بذهابه، فقال: [(إذا أتيت وكيلي)] وهذا محل الشاهد؛ لأنه قال: (وكيلي) .
قوله: [(فخذ منه خمسة عشر وسقاً، فإن ابتغى منك آية، فضع يدك على ترقوته)] فهذا يدل على مشروعية الوكالة، وهي مجمع عليها، ويدل على أنه يمكن أن تكون هناك علامة خاصة بين الوكيل والموكل، بمعنى أنه لو أرسل أحداً بدون أن يكون معه بينة فإنه يكفي أن يذكر هذه العلامة الخاصة التي اتفق عليها الطرفان الوكيل والموكل.
والترقوة هو العظم الذي يكون بين الكتف والرقبة، وكل إنسان فيه ترقوتان: ترقوة في اليمين، وترقوة في اليسار.
الحاصل أن الحديث يدل على هذا وعلى هذا، والحديث فيه كلام، لكن من حيث الوكالة فهي مجمع عليها، ولا خلاف فيها بين أهل العلم.



تراجم رجال إسناد حديث: (إذا أتيت وكيلي فخذ منه خمسة عشر وسقاً)
قوله: [حدثنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم] .
عبيد الله بن سعد بن إبراهيم ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
[حدثنا عمي] .
عمه هو يعقوب بن إبراهيم وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبي] .
أبوه ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن إسحاق] .
ابن إسحاق صدوق يدلس، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن، وهنا روى بالعنعنة.
[عن أبي نعيم وهب بن كيسان] .
أبو نعيم وهب بن كيسان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن جابر بن عبد الله] .
هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.



أبواب من القضاء



شرح حديث: (إذا تدارأتم في طريق فاجعلوه سبعة أذرع)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أبواب من القضاء.
حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا المثنى بن سعيد حدثنا قتادة عن بشير بن كعب العدوي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إذا تدارأتم في طريق فاجعلوه سبعة أذرع) ] .
يقول المصنف رحمه الله: [أبواب من القضاء] يعني: هذه أمور متفرقة مختلفة الموضوعات جمعها المصنف في هذه الأبواب، فبدلاً أن يجعل لكل واحد منها باباً مستقلاً قال: [أبواب من القضاء] فسرد الأحاديث التي في موضوعات متفرقة وليست في موضوع واحد، أولها: حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(إذا تدارأتم في طريق) يعني: إذا اختلفتم في طريق فاجعلوه سبعة أذرع، وهذا في غير الطرق التي تكون خاصة بين البيوت التي يجلعها الجيران بينهم، فتكون خاصة بهم، وإنما هذا في الطريق النافذ، فيكون قدرها سبعة أذرع؛ حتى يمكن سير الجمال بأحمالها فيه.
فالحاصل أن الطرق النافذة الشارعة تكون على حسب الحاجة، وقد كانوا قبل ذلك يجعلونها سبعة أذرع، حتى تمشي الجمال بأحمالها وتتقابل دون مزاحمة أو أذى، كما جاء في هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما الطرق الخاصة التي تكون بين البيوت والأزقة فلا يلزم أن تكون سبعة أذرع، ولا يلزم أن تدخل فيها الجمال بأحمالها، وإنما المقصود بالتي تكون سبعة أذرع هي الواسعة، ولكل زمان ما يناسبه، فالآن في هذا الزمان توجد سيارات، ويوجد طريق للذهاب وطريق للإياب، فتكون الطرق على حسب ما يحتاج الناس إليه.



تراجم رجال إسناد حديث: (إذا تدارأتم في طريق فاجعلوه سبعة أذرع)
قوله: [حدثنا مسلم بن إبراهيم] .
هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا المثنى بن سعيد] .
هو المثنى بن سعيد القسام ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا قتادة] .
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن بشير بن كعب العدوي] .
بشير بن كعب العدوي وهو ثقة، أخرج له البخاري ومسلم في المقدمة وأصحاب السنن.
[عن أبي هريرة] .
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق.



شرح حديث: (إذا استأذن أحدكم أخاه أن يغرز خشبة في جداره فلا يمنعه)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد وابن أبي خلف قالا: حدثنا سفيان عن الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا استأذن أحدكم أخاه أن يغرز خشبة في جداره فلا يمنعه، فنكسوا، فقال: مالي أراكم قد أعرضتم؟! لألقينها بين أكتافكم) .
قال أبو داود: وهذا حديث ابن أبي خلف وهو أتم] .
أورد أبو داود حديث أبي هريرة وهو في موضوع آخر؛ لأن ذاك يتعلق بالطريق، وعرض الطريق وسعة الطريق، وأما هذا فيتعلق بالتعامل بين الجيران، وأن الواحد إذا احتاج إلى أن يضع خشبته فوق جدار جاره، فإنه لا يرده ولا يمنعه، وهذا فيما إذا كان الجدار يتحمل، وأما إذا كان الجدار فيه خلل، أو فيه شقوق، ولو أضيف إليه شيء لسقط، فإنه لا يعمل شيئاً يؤدي إلى سقوطه.
فالحاصل أن الجدار الذي يكون بين الجيران، وكان الذي بناه أول الجارين، وجاء الجار الثاني، فإنه إن احتاج إلى أن يضع خشبة عليه فإنه يفعل، وعلى جاره أن يمكنه ولا يمنعه من ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا استأذن أحدكم أخاه أن يغرز خشبة في جداره فلا يمنعه) ].
قوله: [(فنكسوا)] يعني: كأنه حصل منهم عدم الرضا بهذا أو بعضهم، فقال: [(ما لي أراكم قد أعرضتم؟! لألقينها بين أكتافكم)] يعني: لأرمين بهذه الحجة وبهذه السنة بين أكتافكم، وأنه يبلغهم إياها، ويصدع بها، وقيل: إن المقصود من ذلك أنه كان أميراً على المدينة فأراد أن يلزمهم بها، يعني: بدل أن يجعلها في الجدار يجعلها على أكتافهم، مبالغة في إلزامهم بهذا الشيء الذي أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 45.62 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 44.99 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.38%)]