الموسوعة التاريخية
علوي عبد القادر السقاف
المجلد الرابع
صـــ 461الى صــ 470
(242)
أخذ ابن مردنيش غرناطة من عبدالمؤمن وعودها إليه.
العام الهجري: 557العام الميلادي: 1161تفاصيل الحدث:
أرسل أهل غرناطة من بلاد الأندلس، وهي لعبد المؤمن، إلى الأمير إبراهيم بن همشك صهر ابن مردنيشن فاستدعوه إليهم ليسلموا إليه البلد؛ وكان قد وحد، وصار من أصحاب عبد المؤمن، وفي طاعته، وممن يحرضه على قتل ابن مردنيش. ففارق طاعة عبد المؤمن وعاد إلى موافقة ابن مردنيش. فامتنعوا بحصنها، فبلغ الخبر أبا سعيد عثمان بن عبد المؤمن وهو بمدينة مالقة، فجمع الجيش الذي كان عنده وتوجه إلى غرناطة لنصرة من فيها من أصحابهم، فعلم بذلك إبراهيم بن همشك فاستنجد ابن مردنيش، ملك البلاد بشرق الأندلس، فأرسل إليه ألفي فارس من أنجاد أصحابه ومن الفرنج الذين جندهم معه، فاجتمعوا بضواحي غرناطة، فالتقوا هم ومن بغرناطة من عسكر عبد المؤمن قبل وصول أبي سعيد إليهم، فاشتد القتال بينهم فانهزم عسكر عبد المؤمن، وقدم أبو سعيد، واقتتلوا أيضاً، فانهزم كثير من أصحابه، وثبت معه طائفة من الأعيان والفرسان المشهورين، والرجالة الأجلاد، حتى قتلوا عن آخرهم وانهزم حينئذ أبو سعيد ولحق بمالقة، وسمع عبد المؤمن الخبر، وكان قد سار إلى مدينة سلا، فسير إليهم في الحال ابنه أبا يعقوب يوسف في عشرين ألف مقاتل، فيهم جماعة من شيوخ الموحدين، فجدوا المسير، فبلغ ذلك ابن مردنيش فسار بنفسه وجيشه إلى غرناطة ليعين ابن همشك، فاجتمع منهم بغرناطة جمع كثير، فنزل ابن مردنيش في الشريعة بظاهرها، ونزل العسكر الذي كان أمد به ابن همشك أولا وهم ألفا فارس، بظاهر القلعة الحمراء، ونزل ابن همشك بباطن القلعة الحمراء بمن معه، ووصل عسكر عبد المؤمن إلى جبل قريب من غرناطة، فأقاموا في سفحه أياماً ثم سيروا سرية أربعة ألاف فارس، فبينوا العسكر الذي بظاهر القلعة الحمراء، وقاتلوهم من جهاتهم، فما لحقوا يركبون، فقتلوهم عن آخرهم، وأقبل عسكر عبد المؤمن بجملته، فنزلوا بضواحي غرناطة، فعلم ابن مردنيش وابن همشك أنهم لا طاقة لهم بهم، ففروا في الليلة الثانية، ولحقوا ببلادهم، واستولى الموحدون على غرناطة في باقي السنة المذكورة، وعاد عبد المؤمن من مدينة سلا إلى مراكش.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً
فتنة العبيد مع الحجاج.
العام الهجري: 557العام الميلادي: 1161تفاصيل الحدث:
وصل الحجاج إلى منى، ولم يتم الحج لأكثر الناس لصدهم عن دخول مكة والطواف والسعي، فمن دخل يوم النحر مكة وطاف وسعى كمل حجه، ومن تأخر عن ذلك منع دخول مكة لفتنة جرت بين أمير الحاج وأمير مكة، كان سببها أن جماعة من عبيد مكة أفسدوا في الحاج بمنى، فنفر عليهم بعض أصحاب أمير الحاج فقتلوا منهم جماعة، ورجع من سلم إلى مكة، وجمعوا جمعاً وأغاروا على جمال الحاج، وأخذوا منها قريباً من ألف جمل، فنادى أمير الحاج في جنده، فركبوا بسلاحهم، ووقع القتال بينهم، فقتل جماعة، ونهب جماعة من الحاج وأهل مكة، فرجع أمير الحاج ولم يدخل مكة، ولم يقم بالزاهر غير يوم واحد، وعاد كثير من الناس رجالة لقلة الجمال، ولقوا شدة
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً
ملك الخليفة العباسي المستنجد قلعة الماهكي.
العام الهجري: 557الشهر القمري: رجبالعام الميلادي: 1162تفاصيل الحدث:
ملك الخليفة المستنجد بالله قلعة الماهكي، وسبب ذلك أن سنقر الهمذاني، صاحبها، سلمها إلى أحد مماليكه ومضى إلى همذان، فضعف هذا المملوك عن مقاومة ما حولها من التركمان والأكراد، فأشير عليه ببيعها من الخليفة، فراسل في ذلك، فاستقرت على خمسة عشر ألف دينار وسلاح وغير ذلك من الأمتعة، وعدة من القرى، فسلمها واستلم ما استقر له، وأقام ببغداد. وهذه القلعة لم تزل من أيام المقتدر بالله بأيدي التركمان والأكراد.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً
الحرب بين المسلمين والكرج.
العام الهجري: 557الشهر القمري: شعبانالعام الميلادي: 1162تفاصيل الحدث:
اجتمعت الكرج في خلق كثير يبلغون ثلاثين ألف مقاتل، ودخلوا بلاد الإسلام، وقصدوا مدينة دوين من أذربيجان، فملكوها ونهبوها، وقتلوا من أهلها وسوادها نحو عشرة آلاف قتيل، وأخذوا النساء سبايا، وأسروا كثيراً، وأعروا النساء وقادوهم حفاة عراة، وأحرقوا الجوامع والمساجد؛ فلما وصلوا إلى بلادهم أنكر نساء الكرج مافعلوا بنساء المسلمين، وقلن لهم قد أحوجتم المسلمين أن يفعلوا بنا مثل ما فعلتم بنسائهم؛ وكسونهن، ولما بلغ الخبر إلى شمس الدين إيلدكز، صاحب أذربيجان والجبل وأصفهان، جمع عساكره وحشدها، وانضاف إليه شاه أرمن بن سكمان القطبي، صاحب خلاط، وابن آقسنقر، صاحب مراغة وغيرها، فاجتمعوا في عسكر كثير يزيدون على خمسين ألف مقاتل، وساروا إلى بلاد الكرج في صفر سنة ثمان وخمسين ونهبوها، وسبوا النساء والصبيان، وأسروا الرجال، ولقيهم الكرج، واقتتلوا أشد قتال صبر فيه الفريقان، ودامت الحرب بينهم أكثر من شهر، وكان الظفر للمسلمين، فانهزم الكرج وقتل منهم كثير وأسر كذلك، وكان سبب الهزيمة أن بعض الكرج حضر عند إيلدكز، فأسلم على يديه، وقال له: تعطيني عسكراً حتى أسير بهم في طريق أعرفها وأجيء إلى الكرج من ورائهم وهم لا يشعرون! فاستوثق منه، وسير معه عسكراً وواعده يوماً يصل فيه إلى الكرج، فلما كان ذلك اليوم قاتل المسلمون الكرج، فبينما هم في القتال وصل ذلك الكرجي الذي أسلم ومعه العسكر، وكبروا وحملوا على الكرج من ورائهم، فانهزموا، وكثر القتل فيهم والأسر، وغنم المسلمون من أموالهم ما لا يدخل تحت الإحصاء لكثرته، فإنهم كانوا متيقنين النصر لكثرتهم، فخيب الله ظنهم، وتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون ثلاثة أيام بلياليها، وعاد المسلمون منصورين قاهرين.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً
إجلاء بني أسد من العراق.
العام الهجري: 558العام الميلادي: 1162تفاصيل الحدث:
أمر الخليفة المستنجد بالله بإهلاك بني أسد أهل الحلة المزيدية، لما ظهر من فسادهم، ولما كان في نفس الخليفة منهم من مساعدتهم السلطان محمداً لما حصر بغداد، فأمر يزدن بن قماج بقتالهم وإجلائهم عن البلاد، وكانوا منبسطين في البطائح، فلا يقدر عليهم، فتوجه يزدن إليهم، وجمع عساكر كثيرة من راجل وفارس، وأرسل إلى ابن معروف مقدم المنتفق، وهو بأرض البصرة، فجاء في خلق كثير فحصرهم وسد عليهم الماء، وصابرهم مدة، فأرسل الخليفة إلى يزدن يعتب عليه ويعجزه وينسبه إلى موافقتهم في التشيع، وكان يزدن يتشيع، فجد هو وابن معروف في قتالهم والتضييق عليهم، وسد مسالكهم في الماء، فاستسلموا حينئذ، فقتل منهم أربعة آلاف قتيل، ونادى فيمن بقي: من وجد بعد هذا في المزيدية فقد حل دمه؛ فتفرقوا في البلاد، ولم يبق منهم في العراق من يعرف، وسلمت بطائحهم وبلادهم إلى ابن معروف.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً
انهزام نور الدين زنكي من الفرنج.
العام الهجري: 558العام الميلادي: 1162تفاصيل الحدث:
انهزم نور الدين محمود بن زنكي من الفرنج، تحت حصن الأكراد، وهي الوقعة المعروفة بالبقيعة، وسببها أن نور الدين جمع عساكره ودخل بلاد الفرنج ونزل في البقيعة تحت حصن الأكراد، محاصراً له عازما على قصد طرابلس ومحاصرتها، فبينما الناس يوماً في خيامهم، وسط النهار، لم يرعهم إلا ظهور صلبان الفرنج من وراء الجبل الذي عليه حصن الأكراد، وذلك أن الفرنج اجتمعوا واتفق رأيهم على كبسة المسلمين نهاراً، فإنهم يكونوا آمنين، فركبوا من وقتهم، ولم يتوقفوا حتى يجمعوا عساكرهم، وساروا مجدين، فلم يشعر بذلك المسلمين إلا وقد قربوا منهم، فأرادوا منعهم، فلم يطيقوا ذلك، فأرسلوا إلى نور الدين يعرفونه الحال، فرهقهم الفرنج بالحملة، فلم يثبت المسلمون، وعادوا يطلبون معسكر المسلمين، والفرنج في ظهورهم، فوصلوا معاً إلى العسكر النوري، فلم يتمكن المسلمون من ركوب الخيل، وأخذ السلاح، إلا وقد خالطوهم، فأكثروا القتل والأسر، وكان أشدهم على المسلمين الدوقس الرومي، فإنه كان قد خرج من بلاده إلى الساحل في جمع كثير من الروم، فقاتلوا محتسبين في زعمهم، فلم يبقوا على أحد، وقصدوا خيمة نور الدين وقد ركب فيها فرسه ونجا بنفسه، ونزل نور الدين على بحيرة قدس بالقرب من حمص، وبينه وبين المعركة أربعة فراسخ، وتلاحق به من سلم من العسكر، وقال له بعضهم ليس من الرأي أن تقيم هاهنا، فإن الفرنج ربما حملهم الطمع على المجيء إلينا، فنؤخذ ونحن على هذه الحال؛ فوبخه وأسكته، وقال: إذا كان معي ألف فارس لقيتهم ولا أبالي بهم، ووالله لا أستظل بسقف حتى آخذ بثأري وثأر الإسلام؛ ثم أرسل إلى حلب ودمشق، وأحضر الأموال والثياب والخيام والسلاح والخيل، فأعطى اللباس عوض ما أخذ منهم جميعه بقولهم، فعاد العسكر كأن لم تصبه هزيمة، وكل من قتل أعطى أقطاعه لأولاده، وأما الفرنج فإنهم كانوا عازمين على قصد حمص بعد الهزيمة لأنها أقرب البلاد إليهم، فلما بلغهم نزول نور الدين بينها وبينهم قالوا: لم يفعل هذا إلا وعنده قوة يمنعنا بها، ثم إن الفرنج راسلوا نور الدين يطلبون منه الصلح، فلم يجبهم، وتركوا عند حصن الأكراد من يحميه وعادوا إلى بلادهم.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً
وفاة عبدالمؤمن بن علي خليفة الموحدين بالمغرب والأندلس.
العام الهجري: 558الشهر القمري: جمادى الآخرةالعام الميلادي: 1163تفاصيل الحدث:
في العشرين من جمادى الآخرة، توفي عبد المؤمن بن علي، صاحب بلاد المغرب، وإفريقية، والأندلس، وكان قد سار من مراكش إلى سلا، فمرض بها ومات، ولما حضره الموت جمع شيوخ الموحدين من أصحابه، وقال لهم: قد جربت ابني محمداً، فلم أره يصلح لهذا الأمر، وإنما يصلح له ابني يوسف، وهو أولى بها، فقدموه لها، ووصاهم بها، وبايعوه ودعي بأمير المؤمنين، وكتما موت عبد المؤمن، وحمل من سلا في محفة بصورة أنه مريض إلى أن وصل إلى مراكش، وكان ابنه أبو حفص في تلك المدة حاجباً لأبيه، فبقي مع أخيه على مثل حاله مع أبيه يخرج فيقول للناس: أمير المؤمنين أمر بكذا، ويوسف لم يقعد مقعد أبيه إلى أن كملت المبايعة له في جميع البلاد، واستقرت قواعد الأمور له، ثم أظهر موت أبيه عبد المؤمن، فكانت ولايته ثلاثاً وثلاثين سنة وشهوراً.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً
إجلاء القارغلية من وراء النهر.
العام الهجري: 559العام الميلادي: 1163تفاصيل الحدث:
كان خان خانان الصيني ملك الخطا قد فوض ولاية سمرقند وبخارى إلى الخان جغري خان ابن حين تكين، واستعمله عليها، وهو من بيت الملك، قديم الأبوة، فبقي فيها مدبر لأمورها، فلما كان الآن أرسل إليه ملك الخطا بإجلاء الأتراك القارغلية من أعمال بخارى وسمرقند إلى كاشغر، وأن يتركوا حمل السلاح ويشتغلوا بالزراعة وغيرها من الأعمال، فتقدم جغري خان إليهم بذلك، فامتنعوا، فألزمهم وألح عليهم بالانتقال، فاجتمعوا وصارت كلمتهم واحدة، فكثروا وساروا إلى بخارى، فأرسل الفقيه محمد بن عمر بن برهان الدين عبد العزيز بن مازة، رئيس بخارى، إلى جغري خان يعلمه ذلك ويحثه على الوصول إليهم بعساكره قبل أن يعظم شرهم، وينهبوا البلاد، وأرسل إليهم ابن مازة يقول لهم: إن الكفار بالأمس لما طرقوا هذه البلاد امتنعوا عن النهب والقتل، وأنتم مسلمون، غزاة، يقبح منكم مد الأيدي إلى الأموال والدماء، وأنا أبذل لكم من الأموال ما ترضون به لتكفوا عن النهب والغارة؛ فترددت الرسل بينهم في تقرير القاعدة، وابن مازة يطاول بهم ويمادي الأيام إلى أن وصل جغري خان، فلم يشعر الأتراك القارغلية إلا وقد دهمهم جغري خان في جيوشه وجموعه بغتة ووضع السيف فيهم، فانهزموا وتفرقوا، وكثر القتل فيهم والنهب، واختفى طائفة منهم في الغياض والآجام ثم ظفر بهم أصحاب جغري خان فقطعوا دابرهم، ودفعوا عن بخارى وضواحيها ضررهم، وخلت تلك الأرض منهم.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً
غارة الأمير محمد بن أنز الإسماعيلية بخراسان.
العام الهجري: 559العام الميلادي: 1163تفاصيل الحدث:
أغار الأمير محمد بن أنز على بلد الإسماعيلية بخراسان وأهلها غافلون، فقتل منهم وغنم وسبى وأكثر وملأ أصحابه أيديهم من ذلك
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً
خروج ملك الروم من القسطنطينية وهزيمته أمام المسلمين التركمان.
العام الهجري: 559العام الميلادي: 1163تفاصيل الحدث:
خرج ملك الروم من القسطنطينية في عساكر لا تحصى وقصد بلاد الإسلام التي بيد قلج أرسلان وابن دانشمند، فاجتمع التركمان في تلك البلاد في جمع كبير، فكانوا يغيرون على أطراف عسكره ليلاً، فإذا أصبح لا يرى أحداً، وكثر القتل في الروم حتى بلغت عدة القتلى عشرات ألوف، فعاد إلى القسطنطينية، ولما عاد ملك المسلمون منه عدة حصون.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً