
30-06-2025, 01:10 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,395
الدولة :
|
|
رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)
كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [421]
الحلقة (453)
شرح سنن أبي داود [421]
جاءت هذه الشريعة من عند الله كاملة متكاملة محكمة، لم تترك خيراً إلا ودلت الأمة عليه، ولا شراً إلا وحذرت الأمة منه، فجاءت ببيان الواجبات والمحرمات والمستحبات والمكروهات والمباحات، ومما جاءت ببيانه أحكام الشرب وبيان آدابه وما يستحب فيه وما يكره.
ما جاء في الشرب قائماً
شرح حديث (نهى أن يشرب الرجل قائماً)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الشرب قائماً.
حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا هشام عن قتادة عن أنس رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يشرب الرجل قائماً) ] .
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة بعنوان: باب في الشرب قائماً، أي: في حكمه، وهل هو سائغ أو غير سائغ؟ والمعروف من عادته صلى الله عليه وسلم أنه كان يشرب وهو جالس، وشربه وهو قائم حصل منه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه بقلة.
وقد جاء النهي عن الشرب قائماً، وجاء أنه صلى الله عليه وسلم شرب قائماً في بعض الأحوال، فمن العلماء من رأى أن هذا النهي الذي جاء عن الشرب عن قيام محمول على كراهة التنزيه، وأن فعله صلى الله عليه وسلم دال على الجواز، وجاء أيضاً ما يدل على ذلك من فعل الصحابة كفعل علي رضي الله عنه الذي سيأتي أنه شرب قائماً وقال: (إن رجالاً يكره أحدهم أن يشرب قائماً وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم شرب قائماً) ، فيكون الجمع بين هذه النصوص هو أن الأصل الشرب عن جلوس وهو الذي ينبغي أن يحرص عليه، وإن شرب الإنسان قائماً في بعض الأحيان لحاجة دعت إلى ذلك فلا بأس به.
وأورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يشرب الرجل قائماً) ، وذكر الرجل هنا لا مفهوم له، فمثله المرأة، ولكن كما ذكرنا أن الغالب هو الخطاب مع الرجال، وإلا فإن المرأة حكمها حكم الرجل، والأصل هو التساوي بين الرجال والنساء في الأحكام، ولا يفرق بينهما إلا بدليل يفرق بينهما، وعلى هذا فذكر الرجل في قوله: (نهى أن يشرب الرجل) لا مفهوم له؛ فإن المرأة كذلك منهية عن أن تشرب قائمة كما أن الرجل منهي عن أن يشرب قائماً.
تراجم رجال إسناد حديث: (نهى أن يشرب الرجل قائماً)
قوله: [حدثنا مسلم بن إبراهيم] .
مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا هشام] .
هشام الدستوائي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة] .
قتاده بن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس] .
أنس رضي الله عنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا الإسناد رباعي من أعلى الأسانيد عند أبي داود.
شرح حديث (أن علياً شرب قائماً وقال إن رجالاً يكرهون أن يشرب الرجل قائماً)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن مسعر بن كدام عن عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة: (أن علياً رضي الله عنه دعا بماء فشربه وهو قائم ثم قال: إن رجالاً يكره أحدهم أن يفعل هذا، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل مثلما رأيتموني أفعله) ] .
أورد أبو داود حديث علي رضي الله عنه أنه شرب قائماً وقال: (إن رجالاً يكرهون أن يشرب الرجل قائماً وإني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعل مثلما رأيتموني أفعل) يعني: أنه شرب قائماً، ولكن كما هو معلوم هذا ليس هو المعتاد من فعله صلى الله عليه وسلم، بل المعتاد من هديه أنه كان يشرب جالساً، وإنما كان شربه قائماً في بعض الأحيان، فيكون الشرب جالساً هو الأصل وهو الذي ينبغي أن يكون عليه الإنسان، وإن شرب قائماً في بعض الأحيان لحاجة دعت إلى ذلك فلا بأس بذلك.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن علياً شرب قائماً وقال إن رجالاً يكرهون أن يشرب الرجل قائماً)
قوله: [حدثنا مسدد] .
مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
[حدثنا يحيى] .
يحيى بن سعيد القطان البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مسعر بن كدام] .
مسعر بن كدام ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الملك بن ميسرة] .
عبد الملك بن ميسرة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن النزال بن سبرة] .
النزال بن سبرة ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة.
[أن علياً رضي الله عنه] .
علي بن أبي طالب رضي الله عنه أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة رضي الله عنه وأرضاه.
حكم الأكل قائماً
والأكل قائماً إذا كان هناك حاجة تدعو إليه لا بأس به.
الشرب قائماً ليس من خوارم المروءة
يقول بعضهم: إذا شرب طالب العلم قائماً فهل هذا يعتبر من خوارم المروءة؟
و الجواب أنه لا يعتبر من خوارم المروءة، لكن الأولى به أن يفعل ما هو الأفضل وما هو الأولى، وإذا حصل أمر يقتضيه فلا بأس بذلك.
تقديم تحية المسجد على الشرب قائماً
إذا دخل الرجل المسجد ولم يصل التحية فلا يشرب قائماً ولا يشرب جالساً، بل يصلي التحية ثم يجلس ويشرب.
مدى صحة القاعدة التي تقول النهي في باب الآداب يحمل على التنزيه هناك قاعدة تقول: النهي في باب الآداب يحمل على التنزيه وليس على التحريم.
وهذا ليس على إطلاقه، فلا يقال: إن هذا في كل شيء.
الجمع بين النهي عن الشرب قائماً مع شربه صلى الله عليه وسلم قائماً
إن قال قائل: كيف يحمل النهي على التنزيه مع ما ورد في صحيح مسلم: (من شرب قائماً فليستقئ) ؟
و الجواب هذا الذي فعله الرسول من الشرب قائماً دل على الجواز، وهذا الذي جاء في صحيح مسلم وفي غيره يقال: فيه زجر، يعني: أنه يدل على تأكيد أن يشرب الإنسان من جلوس، لكن إذا حصل أن شرب قائماً لأمر يقتضي ذلك فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل عليه، وجاء عن علي رضي الله عنه أنه فعله مقتدياً برسول الله صلى الله عليه وسلم.
الحكمة في النهي عن الشرب قائماً
قد يقول قائل: هل حكمة النهي عن الشرب قائماً معلومة؟
و الجواب من العلماء من قال: إنه إذا كان عن جلوس فهو أفضل وفيه فائدة فيما يتعلق بالصحة وفيما يتعلق بالمروءة، ويكون فيه ميزات على كونه يشرب وهو قائم، فبعض العلماء ذكر أنه إذا كان جالساً فإنه يحصل فيه من الفائدة للجسم ومن عدم المضرة عليه ما لا يحصل في حال القيام.
ما جاء في الشرب من في السقاء شرح حديث: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشرب من في السقاء)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الشراب من في السقاء.
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد قال: أخبرنا قتادة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشرب من في السقاء، وعن ركوب الجلالة والمجثمة) .
قال أبو داود: الجلالة التي تأكل العذرة] .
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: باب الشرب من في السقاء، يعني: أن يشرب الإنسان من فم السقاء، فلا يصب في إناء ثم يشرب منه، وإنما يشرب من فمه، والأصل الذي لا شك فيه هو أنه يصب في إناء ويشرب منه؛ لأنه إذا صب في الإناء تبين له ما في الإناء ونظافته أو وساخته أو ما فيه من أشياء مستقذرة أو أشياء محذورة؛ أما إذا كان يشرب من في السقاء فقد يكون فيه شيء من القذر والوسخ فيذهب إلى جوفه دون أن يشعر؛ لأنه لا يرى الذي يخرج.
ثم أيضاً قد يكون فيه تقذير لغيره ممن يحتاج إلى أن يشرب من هذا السقاء، فيكون ذلك سبباً في أن يكرهه ولا يرغب فيه، فالحكمة في ذلك إما الخوف من أن يكون فيه شيء من الوسخ أو شيء من حيوانات الماء مثل العلق وغيره من الأشياء التي تكون في الماء فتذهب إلى جوفه وهو لا يراها.
والشيء الآخر أنه إذا كان معه من يشاركه في ذلك فإنه قد يكون ذلك سبباً في استقذاره وعدم الشرب منه.
وأورد المصنف حديث ابن عباس: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشرب من في السقاء) والسقاء هو القربة، وقيل: إنه يطلق على ما كان صغيراً من الجلود، وما كان كبيراً يقال له: قربة.
وقوله: (وعن ركوب الجلالة) الجلالة هي الناقة التي تأكل العذرة، والعذرة هي رجيع الإنسان، والرجيع هو المستقذر النجس، فيكون أكلها وركوبها فيه مضرة، أما الأكل فلكون اللحم فيه هذا المأكول الذي هو نجس، فإنه يكون متعلقاً باللحم فترة من الزمان؛ وكذلك بالنسبة للركوب يمكن أن يصل إلى ثيابه أو إلى جسده فمها وفيه هذا الوسخ الذي قد يكون فيه شيء من النجاسة، فيترتب على ذلك مثل هذه الأضرار.
وقوله: (والمجثمة) هي الحيوان الذي يحبس ثم يتخذ هدفاً، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، يعني: نهى عن اتخاذ الشيء الذي فيه روح هدفاً يرمى إليه ويعمل على إصابته، فالهدف لا يكون من الحيوانات وإنما يكون من الجمادات أو من الأشياء التي لا يترتب عليها مضرة أو إتلاف في غير فائدة ولا مصلحة.
تراجم رجال إسناد حديث: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشرب من في السقاء)
قوله: [حدثنا موسى بن إسماعيل] .
موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا حماد] .
حماد بن سلمة بن دينار البصري ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[أخبرنا قتادة] .
قتادة مر ذكره.
[عن عكرمة] .
عكرمة مولى ابن عباس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس] .
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حكم الشرب من فم القارورة الشفافة النهي عن الشرب من في السقاء هو في الذي يشرب منه أو يستخدمه أكثر من واحد، وأما بعض المشروبات التي تكون في قارورة فيشربها الشخص وحده فهذه ليس فيها بأس، وهي في الغالب سليمة ونظيفة، وأيضاً هي غالباً شفافة يرى ما في داخلها؛ ولو كان فيها شيء من الأجسام التي تحذر ويخشى منها أو شيء من الوسخ فإنه قد يتبين من الداخل، فإذا كان الإنسان يشرب القارورة وحده فهذا ليس فيه بأس؛ لأنه يشرب منها ولا يقذر الشراب على أحد ما دامت خاصة به.
وقد ذكر الإمام الشوكاني في نيل الأوطار عن بعض العلماء أنه لو كان هذا السقاء شفافاً بحيث يعرف ما بداخله فلا بأس أن يشرب منه، وذلك لأنه يأمن خروج شيء من الحيوانات عليه.
ولكن يبقى موضوع المشاركة وكون بعض الناس قد يحتاج إلى أن يشرب منه فيستقذره بسبب شرب غيره منه، وهذا ليس مثله القدح الذي يشرب منه؛ لأن القدح يكون واسعاً، وقد يشرب الإنسان من جهة لم يحصل منها ملامسة شفتي الشارب الأول، لكن السقاء يكون فمه ضيقاً، وغالباً أنه يكون مع أسفله الذي يجيء الماء معه، فيكون مكان الشرب واحداً، فكونه تتوارد عليه الشفاه يجعل بعض الناس إذا سبقه أحد إلى هذا لا يعجبه ذلك.
حكم الشرب من فم الصنبور ونحوه وأما الشرب من الحنفية أو الصنبور أو البرادات الكبيرة فليس من هذا القبيل؛ لأن المحذور في الغالب غير موجوداً في الصنابير؛ لأن الماء فيها يكون غالباً نظيفاً؛ لكن إذا كانت الصنابير فيها وسخ ويخرج منها أشياء قذرة فليس للإنسان أن يشرب منها، وفي الغالب أنها إذا كانت كذلك يصب في يده ويشرب ويتبين له، ولا يضع فمه في الصنبور؛ لأن الصنبور نازل إلى تحت، وهو في الغالب يضع يده ويشرب.
حكم الدجاج والنعامة التي تأكل من عذرتها الدجاجة والنعامة قد تأكل من عذرتها، ولا يضر هذا؛ لأن ما يؤكل لحمه روثه طاهر، فمثل الإبل والبقر والغنم روثها طاهر ليس بنجس.
ما جاء في اختناث الأسقية شرح حديث: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن اختناث الأسقية)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في اختناث الأسقية.
حدثنا مسدد حدثنا سفيان عن الزهري أنه سمع عبيد الله بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن اختناث الأسقية) ] .
أورد أبو داود هذه الترجمة بعنوان: باب في اختناث الأسقية.
واختناث الأسقية هو: أن يثنى طرفها مثل كفت الكم بحيث ترجع أطرافه إلى وراء فيكون الذي ثني من خارج السقاء، هذا هو اختناث الأسقية؛ فنهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك؛ قيل: الحكمة في ذلك أنه يكون سبباً في الإنتان.
ومن ناحية الشرب هو مثل الشرب من فم السقاء، فالنتيجة واحدة من ناحية الشرب، ولكن هذه الهيئة أيضاً يترتب عليها شيء آخر وهو أن يصير لها رائحة مع طول المكث وطول المدة.
والمقصود من ثنيه بهذه الطريقة أنه يصير أسهل للشرب، ولا يتدفق عليه بقوة؛ خاصة إذا كان في طرف الجلد خشونة.
أما الشرب من فم السقاء فقد جاء النهي عنه باختناث أو بعدم اختناث.
تراجم رجال إسناد حديث (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن اختناث الأسقية) قوله: [حدثنا مسدد] .
مسدد مر ذكره.
[حدثنا سفيان عن الزهري] .
سفيان هو ابن عيينة المكي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
والزهري هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أنه سمع عبيد الله بن عبد الله] .
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سعيد الخدري] .
أبو سعيد الخدري سعد بن مالك بن سنان رضي الله تعالى عنه، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|