عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 03-07-2025, 04:38 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,207
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث: (من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال)

قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ]. حفص بن عمر ، ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا همام ]. هو همام بن يحيى العوذي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا قتادة ]. هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سالم بن أبي الجعد ]. سالم بن أبي الجعد، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن معدان بن أبي طلحة ]. معدان بن أبي طلحة ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي الدرداء ]. هو عويمر رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ قال أبو داود : وكذا قال هشام الدستوائي عن قتادة إلا أنه قال: (من حفظ من خواتيم سورة الكهف) ]. هشام بن أبي عبد الله ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وقال شعبة عن قتادة : (من آخر الكهف) ]. شعبة بن الحجاج الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
الاختلاف في رواية هشام الدستوائي لحديث فواتح سورة الكهف


ورد في صحيح مسلم من طريق معاذ بن هشام عن أبيه -وهو هشام الدستوائي- عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال) . بينما نجد هنا عند أبي داود قال: وكذا قال هشام الدستوائي عن قتادة إلا أنه قال: (من حفظ من خواتيم سورة الكهف) . فهشام الدستوائي و همام كلاهما اتفقا في إسناد هذا الحديث عن قتادة عن أبي الدرداء ، لكن اختلفا في متن الحديث، فقال همام في روايته: (من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف)، وقال هشام : (من حفظ من خواتيم سورة الكهف)، وتابع هشاماً شعبة فقال: عن قتادة من آخر الكهف، هذا هو معنى كلام المؤلف، وهو مخالف لما في صحيح مسلم ، فإن مسلماً أخرجه في فضائل القرآن بقوله: حدثنا محمد بن المثنى أخبرنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد الغطفاني عن معدان بن أبي طلحة اليعمري عن أبي الدرداء أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: (من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال) . وحدثنا محمد بن المثنى و ابن بشار قالا: أخبرنا محمد بن جعفر قال: أخبرنا شعبة ح وحدثنا زهير بن حرب أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي أخبرنا همام جميعاً عن قتادة بهذا الإسناد، قال شعبة : من آخر الكهف، وقال همام : من أول الكهف كما قال هشام ، فرواية مسلم هذه تنادي أن هماماً و هشاماً كليهما متفقان في الإسناد والمتن، وقالا: (عشر آيات من أول الكهف)، وأما شعبة فقال: من آخر الكهف. وأما برواية الترمذي في فضائل القرآن فقال محمد بن جعفر : أخبرنا شعبة عن قتادة بإسناده: (من قرأ ثلاث آيات من أول الكهف). وقال المزي في الأطراف: وأخرج النسائي -أي: في السنن الكبرى- في فضائل القرآن، وفي (عمل اليوم والليلة) عن عمرو بن علي عن غندر عن شعبة بإسناده وقال: (من قرأ عشر آيات من الكهف)، وقال في (عمل اليوم والليلة): (العشر الأواخر) . فعلى كل الذي جاء عن هشام في صحيح مسلم هو كراوية الأكثرين الذين رووا في فواتح سورة الكهف، فهذه الرواية التي ذكرها أبو داود إما أن يكون فيها وهم، أو أنها رواية مرجوحة.
شرح حديث أبي هريرة في نزول عيسى آخر الزمان، وفيه: (... ويهلك المسيح الدجال...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هدبة بن خالد حدثنا همام بن يحيى عن قتادة عن عبد الرحمن بن آدم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليس بيني وبينه نبي -يعني: عيسى عليه السلام-، وإنه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه: رجل مربوع إلى الحمرة والبياض، بين ممصرتين كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل، فيقاتل الناس على الإسلام، فيدق الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام، ويهلك المسيح الدجال، فيمكث في الأرض أربعين سنة، ثم يتوفى فيصلي عليه المسلمون) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (ليس بينه وبينه نبي)، يعني: بينه وبين عيسى بن مريم نبي، فنبينا عليه الصلاة والسلام هو الذي يلي عيسى، وليس بينه وبينه نبي، وقد رفع إلى السماء وسينزل في آخر الزمان كما صحت بذلك الأحاديث، ويحكم بشريعة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، ولا يحكم بالإنجيل الذي أنزل عليه؛ لأن الشرائع كلها نسخت برسالته عليه الصلاة والسلام، وختمت بشريعته، فليس لها اعتبار ولا عليها عمل، فالعمل كله يكون بما جاء في شريعة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، وعيسى إذا نزل في آخر الزمان فإنه ينزل متبعاً لنبينا عليه الصلاة والسلام، حاكماً بشريعته، فهو لا ينزل فيحكم بشرع غير شرع نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، فهذا لا ينافي أن نبينا هو آخر الأنبياء؛ لأن نزول عيسى ليس مبعوثاً ولا نازلاً بشريعة جديدة، وإنما حاكماً بشريعة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام. قوله: [ (ليس بيني وبينه نبي -يعني: عيسى- وإنه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه) ]. قوله: (وإنه نازل) يعني: من السماء في آخر الزمان، (فإذا رأيتموه فاعرفوه)، يعني: بهذه الأوصاف التي بينها الرسول عليه الصلاة والسلام. قوله: [ (رجل مربوع إلى الحمرة والبياض) ]. يعني: ربعة من الرجال، فليس بالطويل ولا بالقصير، أي: أنه كنبينا محمد عليه الصلاة والسلام، فوصفه أنه ليس بالطويل البائن ولا بالقصير، وإنما هو ربعة من الرجال، فكذلك عيسى عليه الصلاة والسلام مربوع ليس بالطويل ولا بالقصير. قوله: [ (إلى الحمرة والبياض) ]. يعني: أن لونه بياض مشرب بحمرة. قوله: [ (بين ممصرتين) ]. يعني: ثياباً صفراً ليست صفرتها شديدة. قوله: [ (كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل) ]. يعني: يكاد يقطر بدون بلل؛ وذلك لنظافته ووضاءته عليه الصلاة والسلام. قوله: [ (فيقاتل الناس على الإسلام) ]. أي: لا يقبل منهم إلا الإسلام، فلا يقبل الجزية، ولهذا فإنه يضع الجزية كما جاء في بعض الأحاديث ولا يقبلها، ولا يقبل إلا الإسلام. قوله: [ (فيدق الصليب) ]. أي: يكسره. قوله: [ (ويقتل الخنزير، ويضع الجزية) ]. أي: فلا يقبلها من أحد، ولا يقبل إلا الإسلام. قوله: [ (ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام) ]. وليس معنى ذلك أن الكفر قد انتهى من الأرض، وأن الكفار قد هلكوا، لا بل الكفار موجودون، ولهذا من آمن عند طلوع الشمس من مغربها فلا ينفعه إيمانه، وهذا يعني أن الكفار موجودون، ولكن معنى ذلك أن الغلبة والعزة والقوة ستكون للإسلام، وأما أولئك فمقهورون مغلوبون، وليس معنى ذلك أن الأرض قد خلت من كل كافر وأنه لم يبق إلا الإسلام، فالهلاك ليس هلاك للأبدان، ولكن المقصود به القضاء على سلطة الكفر وقدرته وولايته، فتكون الولاية والقدرة لأهل الإسلام، ويكون الكفار مغمورين، ولهذا جاء في الأحاديث أنه إذا طلعت الشمس من مغربها لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً، وكذلك كما هو معلوم أن الساعة لا تقوم إلا على شرار الناس الذين لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً، ولا يقال فيهم: الله، وأما المسلمون فينتهون قبل ذلك بخروج الريح اللينة التي تقبض روح كل مسلم ومسلمة، ولا يبقى إلا شرار الخلق الذين تقوم عليهم الساعة، (ويهلك الله الملل كلها إلا الإسلام). قوله: [ (ويهلك المسيح الدجال) ]. أي: يقتله ويقضي عليه، فيتولى مسيح الهداية عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام بنفسه قتل مسيح الضلالة الدجال. قوله: [ (فيمكث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى فيصلي عليه المسلمون) ]. أي: أنه رفع إلى السماء فهو حي، ثم ينزل ويبقى تلك المدة، ثم يموت ويصلي عليه المسلمون صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة في نزول عيسى آخر الزمان، وفيه: (...ويهلك المسيح الدجال...)

قوله: [ حدثنا هدبة بن خالد ]. هدبة بن خالد ثقة، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود ، و البخاري يذكره بلفظ هدبة، وكذلك أبو داود ذكره بلفظ هدبة، وأما مسلم فيذكره أحياناً بقوله: هدبة وأحياناً بقوله: هدّاب، وقد قيل: إن هدبة اسم، و هداب لقب، ومعنى هذا أن هذا اللقب هو من الألقاب التي تكون منحوته من الأسماء، فمسلم يذكره أحياناً هداب ، وأحياناً يقول له: هدبة ، وأما البخاري فكان لا يذكره إلا بلفظ هدبة ، وكذلك أبو داود. [ حدثنا همام بن يحيى ]. هو همام بن يحيى العوذي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة عن عبد الرحمن بن آدم ]. قتادة مر ذكره، و عبد الرحمن بن آدم صدوق، أخرج له مسلم و أبو داود ، وقيل: إن آدم ليس أباه، وأنه لا يعرف له أب، وإنما ينسب إلى آدم أبي البشر. قال في (عون المعبود): قال الدارقطني : عبد الرحمن بن آدم إنما نسب إلى آدم أبي البشر، ولم يكن له أب يعرف، انتهى كلام المنذري مختصراً ]. وقال الحافظ في التقريب: عبد الرحمن بن آدم البصري صاحب السقاية، صدوق، وقال في (فتح الباري): إسناده صحيح. [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً.
الجمع بين رواية أنه يمكث أربعين سنة ورواية مسلم أنه يمكث سبع سنين

قال في (عون المعبود) في الجمع بين ما ورد هنا من أنه يمكث أربعين سنة وما ورد في صحيح مسلم في أنه يمكث سبع سنين. قال الحافظ عماد الدين بن كثير : ويشكل في رواية مسلم من حديث عبد الله بن عمرو أنه يمكث في الأرض سبع سنين، قال: اللهم إلا أن تحمل هذه السبع على مدة إقامته بعد نزوله، فيكون ذلك مضافاً لمكثه بها قبل رفعه إلى السماء، فعمره إذ ذاك ثلاث وثلاثون سنة بالمشهور. انتهى. وهذا فيه نظر، أعني أن عمره كان ثلاثاً وثلاثين؛ لأن المعروف أن الأنبياء يبعثون لأربعين سنة.
قراءة في رد الشيخ العباد على محمد فريد وجدي في إنكاره لأحاديث الدجال

كتب الشيخ ابن محمود رحمه الله رسالة سماها: لا مهدي ينتظر بعد رسول خير البشر، وكان قد ألفها في أوائل عام ألف وأربعمائة عندما حصلت فتنة الحرم، وألف هذه الرسالة منكراً أنه لا مهدي، وأن الأحاديث فيه غير صحيحة، ورددت عليه في هذا الكتاب وهو: الرد على من كذب بالأحاديث الصحيحة الواردة في المهدي ، وكان من جملة الذين ذكرهم منكرين لأحاديث المهدي محمد فريد وجدي، وقد ذكرت أن هذا الذي قلده قد أنكر ما هو أعظم من أحاديث المهدي ، وهو أحاديث الدجال، حيث وصف أحاديث الدجال كلها بأنها موضوعة مختلقة مع أن الصحيحين فيهما الشيء الكثير من أحاديث الدجال، بل إن الدعاء الذي يدعو به الإنسان في آخر صلاته مشتمل على السلامة والاستعاذة من الدجال: أعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال. فالأحاديث فيه كثيرة ومتواترة، وهذا الرجل وهو محمد فريد وجدي أنكر في كتابه: (دائرة معارف القرن العشرين) هذه الأحاديث وقال: إنها كلها موضوعة ملفقة مكذوبة، وهي في الصحيحين ورجالها ثقات ليس فيهم ضعيف فضلاً عن أن يكون فيهم كذاب أو وضاع، والآن سنقرأ ما كتبته رداً عليه؛ لأنه ذكر أربع شبه في رد أحاديث الدجال وأنها موضوعة ومختلقة، وكلها شبه عقلية، وقد رددت عليه فيها استطراداً في الكلام على المهدي. قلت: تقليده للكاتب محمد فريد وجدي في إنكار خروج المهدي ، ومناقشة مقلده فيما هو أخطر من ذلك وهو: زعمه أن كل ما ورد في المسيح الدجال موضوع ملفق: ذكر في صفحة عشرين أن محمد فريد وجدي صاحب (دائرة معارف القرن العشرين) ممن ضعف أحاديث المهدي ، ونقل كلامه في ذلك، وأحب أن يضيف الشيخ ابن محمود إلى معلوماته أن محمد فريد وجدي في كتابه المذكور في (8/788) اعتبر جميع الأحاديث الواردة في الدجال موضوعة، بناءً على شبه عقلية، وأكثر أحاديث الدجال في الصحيحين للبخاري و مسلم كما هو معلوم. ومادام أن أحاديث الدجال على كثرتها في الصحيحين وفي غيرهما حظها من محمد فريد وجدي أن يبطلها بجرة قلم، ويحكم عليها جميعها بأنها موضوعة ملفقة، فمن باب أولى إبطال أحاديث المهدي؛ لأنها دونها في الكثرة والصحة، وقد يكون من المناسب هنا أن أناقش بإيجاز محمد فريد وجدي في شبهه العقلية الأربع التي اعتمد عليها في توهين أحاديث الدجال، وقال عنها: إنها لا تقبل المناقشة. الشبهة الأولى: أن ما ورد بشأن الدجال أشبه بالأساطير الباطلة، فإن رجلاً يمشي على رجليه يطوف البلاد، يدعو الناس لعبادته، ويكون معه جنة ونار يلقي فيهما من يشاء، كل هذا من الأمور التي لا يستسيغها العقل، والنبي أجل من أن يأتي بشيء تنقضه بداهة النظر، وإلا فما هي جنته؟ وما هي ناره التي تتبعانه حيث سار؟ وهل هما مرئيان أو خياليان؟... إلى آخره. ويجاب عن هذه الشبهة: بأن ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من أخبار الدجال يقبله العقل السليم ولا يرده، والعقل لا يتعارض مع النقل الصحيح، وإذا لم يحصل الاتفاق والتطابق بين العقل والنقل على أمر ما تعين اتهام العقل، كما ثبت في الصحيحين عن سهل بن حنيف رضي الله عنه أنه قال: يا أيها الناس! اتهموا رأيكم على دينكم. وكما جاء عن علي رضي الله عنه في سنن أبي داود -قال الحافظ في (الفتح): بسند حسن- أنه قال: لو كان الدين بالرأي لكان مسح أسفل الخف أولى من أعلاه. هذا من جهة، ومن جهة أخرى: العقول تتفاوت، فقد يقبل هذا ما لا يقبله هذا، وأحاديث الدجال الثابتة صدق بها الصحابة الكرام رضي الله عنهم، وقبلتها عقولهم، وكذا التابعون لهم بإحسان، فالعقول التي لم تقبل ما قبلوه قد أصيبت بمرض لا شفاء لها منه إلا بالاعتصام بما جاء في الكتاب والسنة، والسير على ما درج عليه سلف الأمة. ومن جهة ثالثة: هذه الأمور التي يأتي بها الدجال هي من جملة فتنته التي هي أعظم فتنة في الحياة الدنيا، وهي تحصل منه بإذن الله ابتلاءً وامتحاناً للعباد في ذلك الزمان، وهي غير مستحيلة عقلاً، وأما كونها على خلاف ما هو معتاد ومألوف فنعم، ومن أجل هذا صارت فتنة، ومن عرف أن الله على كل شيء قدير، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم -وهو الصادق المصدوق- الذي لا ينطق عن الهوى أخبر عن الدجال بهذه الأخبار التي منها: طوافه البلاد ودخولها ما عدا مكة والمدينة، ومعه جنة ونار، أقول: من عرف كمال قدرة الله وإخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم بهذه الأمور لم يتردد في التصديق بذلك، وأنه سيقع وفقاً لما أخبر به صلى الله عليه وسلم. الشبهة الثانية: قوله كيف يعقل أن رجلاً أعور مكتوب على جبهته كافر يقرؤها الكاتب والأمي على السواء، يقوم بين الناس فيدعوهم لعبادته، فتروج له دعوة، أو تسمع له كلمة، أي إنسان يبلغ به الانحطاط العقلي إلى درجة يعتقد فيه بالألوهية؟! رجل مشوه الخلقة، مكتوب في وجهه كافر بالأحرف العريضة، وأي جيل من أجيال الناس تروج فيهم مثل هذه الدعوة.. إلى آخره. أقول: هذه إحدى شبهه التي اعتمد عليها في رد النصوص الصحيحة، ولا أدري كيف فات على هذا المسكين أن الأبصار لا تغني شيئاً إذا عميت البصائر، فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج:46]، وكيف ينكر النصوص المتواترة لأنه عقله استبعد أن تروج دعوة الدجال ويقبل قوله: وقد كتب على وجهه كافر يقرؤها الكاتب والأمي، مع وجود المثال المحسوس فيما نشاهد ونعاني في هذا العصر الذي نعيش فيه، فأكثر البلاد التي تنتمي إلى الإسلام لا تحكم بشريعة الإسلام، مع أن آيات القرآن ينادى بها بأعلى الأصوات، ومنها قول الله تعالى: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة:44]. وقوله: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [المائدة:45]. وقوله: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [المائدة:47]. وقوله: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [النساء:65]، وقوله تعالى: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة:50]. إلى غير ذلك من الآيات، فإن الذين تروج عليهم دعوة الدجال في آخر الزمان فيتبعونه لعمى بصائرهم، مع أنه مكتوب على وجهه كافر يقرؤها الكاتب والأمي، هم من جنس الذين عميت بصائرهم في عصرنا، فلم يحكموا شريعة الإسلام مع قراءتهم القرآن، وفيه مثل هذه الآيات، وسماعهم لها في الإذاعات، وما أشبه الليلة بالبارحة، والله المستعان! الشبهة الثالثة: قوله: لماذا لم يذكر القرآن عن هذا المسيح الدجال شيئاً مع خطورة أمره، وعظم فتنته كما تدل عليه الأحاديث الموضوعة؟ فهل يعقل أن القرآن يذكر ظهور دابة الأرض، ولا يذكر ظهور ذلك الدجال الذي معه جنة ونار، ويفتتن به الناس؟ والجواب عن هذه الشبهة: أن الله تعالى قال في كتابه العزيز: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]. وقال صلى الله عليه وسلم: (ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه) يعني: السنة، والسنة والقرآن متلازمان لا يفترقان، ومن لم يؤمن بالسنة لم يؤمن بالقرآن، ومن زعم فصل السنة عن القرآن يقال له كما جاء عن بعض السلف: أين وجدت في القرآن أعداد الصلوات، وأعداد ركعاتها، وكيفيتها وغير ذلك مما لا يعرف توضيحه وبيانه إلا في السنة التي هي شقيقة القرآن، والموضحة والمبينة له؟ ولم تعدم السنة منذ أزمان من أعداء لها هم في الحقيقة أعداء للقرآن، يشككون فيها، ويحاولون فصلها عن القرآن، وقد هيأ الله من العلماء من يذب عنها، ويدحض شبه أعدائها، ومنهم الحافظ السيوطي رحمه الله، فقد ألف رسالة لطيفة سماها: (مفتاح الجنة بالاحتجاج بالسنة)، افتتحها بعد حمد الله بقوله: اعلموا يرحمكم الله أن من العلم كهيئة الدواء، ومن الآراء كهيئة الخلاء، لا تذكر إلا عند داعية الضرورة، وإن مما فاح ريحه في هذا الزمان وكان دارساً بحمد الله منذ أزمان وهو أن قائلاً رافضياً زنديقاً أكثر في كلامه: أن السنة النبوية والأحاديث المروية -زادها الله علواً وشرفاً- لا يحتج بها، وأن الحجة في القرآن خاصة.. إلى أن قال: فاعلموا -رحمكم الله- أن من أنكر كون حديث النبي صلى الله عليه وسلم قولاً كان أو فعلاً بشرطه المعروف في الأصول حجة كفر وخرج عن دائرة الإسلام، وحشر مع اليهود والنصارى أو مع من شاء الله من فرق الكفرة. روى الإمام الشافعي رضي الله عنه يوماً حديثاً وقال: إنه صحيح، فقال له قائل: أتقول به يا أبا عبد الله ؟ فاضطرب وقال: يا هذا! أرأيتني نصرانياً؟ أرأيتني خارجاً من كنيسة؟ أرأيت في وسطي زناراً، أروي حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أقول به؟! ورسالة السيوطي هذه رسالة عظيمة مفيدة. الشبهة الرابعة: قوله: إن كون هذه الأحاديث موضوعة يعرف بالحس من الحديث الطويل الذي نسب إلى النواس بن سمعان ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الحديث الذي ينبئ أن الدجال يخرج من خلة بين الشام والعراق، ويعمل الأعاجيب، ثم يدركه عيسى فيقتله، ثم يؤمر عيسى بأن يعتصم بالطور هرباً من قوم لا قدرة عليهم وهم يأجوج ومأجوج.. إلى أن قال: فيقولون: لقد قتلنا من في الأرض، فلنقتل من في السماء، فيرمون نشابهم إلى السم

الأسئلة



اهتمام الصحابة بالصلاة

السؤال: لو أنكم تعلقون عن موقف الصحابة رضي الله عنهم لما أخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن الدجال يمكث هذه المدة، وأن اليوم كسنة، فقالوا: كيف نصلي؟ فهذا يدل على اهتمامهم بالصلاة. الجواب: نعم، هذا من الأمور الدالة على عنايتهم بالصلاة وبأمور الدين، وتفقههم في دين الله عز وجل، فهم لما رأوا هذا الأمر غريباً خارجاً عما اعتادوه، وكانت الصلاة من أعظم ما يهتمون به سألوا هل يصلون فيه خمس صلوات على اعتبار أنه يوم واحد وإن كان مقداره سنة، أو عليهم شيء آخر؟ فالنبي صلى الله عليه وسلم بين لهم أنهم يقدرون الصلاة بمقدار اليوم والليلة التي يعرفونها بحيث يكون ذلك اليوم مقسماً على أوقات الصلوات في أيام السنة.

كيفية قراءة فواتح سورة الكهف على الدجال


السؤال: كيف يقرأ الإنسان على الدجال فواتح سورة الكهف؟ الجواب: المعنى أنه يقرؤها في ذلك الحال، وليس المعنى أنه ينفث عليه ويرقيه، فعلى الإنسان أن يحفظها؛ لأنه إذا كان غير حافظ لها فقد لا يكون معه مصحف يقرأ فيه، فإذا كان حافظاً تمكن من قراءتها.

حكم بناء المنارة للمسجد


السؤال: هل في الحديث الأخير دلالة على أن بناء المنارة للمسجد ليست ببدعة؛ لذكر النبي صلى الله عليه وسلم لها وإقرارها؟ الجواب: إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن وجود منارة لا يستدل به على مشروعيتها، وقد مر بنا عند أبي داود باب الأذان على المنارة، وأتى بالحديث الذي فيه أنه كان يرقى المؤذن على أعلى البيوت عند المسجد، فاستدل به على المنارة، لكن هذا الإخبار بهذا الأمر الذي سيقع لا يدل على مشروعيتها.

اقتتال الناس على الذهب الذي ينحسر عنه الفرات


السؤال: هل نسبة نجاة واحد في المائة في الذهب الذي سينحسر عنه الفرات خاصة بأهل تلك المنطقة أم تشمل جميع المسلمين؟ الجواب: هي في الذين يحضرونه ويتنافسون عليه لأخذه، فيهلك منهم تسعة وتسعون وينجو واحد.

علة النهي عن الأخذ من الذهب الذي ينحسر عنه الفرات


السؤال: لماذا نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الأخذ من ذلك الذهب الذي ينحسر عنه الفرات؟ الجواب: لما فيه من الهلاك فلا يجوز للإنسان أن يعرض نفسه للهلاك بسبب الحرص على الدنيا، فما دام أن نسبة الهلاك 99"



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.45 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.82 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.06%)]