عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 03-07-2025, 06:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,352
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [502]
الحلقة (532)





شرح سنن أبي داود [504]

شرب الخمر من كبائر الذنوب، وحده أربعون جلدة كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد جلد أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، فلما تساهل الناس في عهد عمر جلد ثمانين، ومن تكرر منه شرب الخمر فقد ورد أنه يقتل في الرابعة، وهذا محمول على التعزير.

ما جاء في الحد في الخمر


شرح حديث (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقت في الحمر حداً


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الحد في الخمر. حدثنا الحسن بن علي و محمد بن المثنى وهذا حديثه قالا: حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن محمد بن علي بن ركانة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقت في الخمر حداً). وقال ابن عباس : (شرب رجل فسكر فلقي يميل في الفج، فانطلق به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما حاذى بدار العباس انفلت فدخل على العباس فالتزمه، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فضحك وقال: أفعلها؟ ولم يأمر فيه بشيء). قال أبو داود : هذا مما تفرد به أهل المدينة حديث الحسن بن علي هذا ]. ذكر الإمام أبو داود رحمه الله تعالى هذه الترجمة وهي: [ باب في الحد في الخمر ]، جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم التحديد في حد الخمر بأربعين، وجاء عن عمر رضي الله عنه بمشورة الصحابة أنه جعله ثمانين، وهو ما يعادل أخف وأسهل الحدود غير الخمر، وهو القذف الذي يكون الجلد فيه ثمانين، وقد جاء في بعض الأحاديث عدم التحديد، وإنما ذكر فيها جلد وضرب، وأن كلاً يضرب من جهته، وجاء في بعضها التحديد بأربعين وقد ذكر بعضها المصنف هنا، فقد جاء أن الرسول صلى الله عليه وسلم جلد أربعين، و أبا بكر جلد أربعين، و عمر جلد أربعين ثم جعلها ثمانين، وعلى هذا فحد الخمر أربعون كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعض أهل العلم قال: حده ثمانون جلدة، وبعضهم قال: ما زاد على الأربعين إنما هو تعزير، ويرجع فيه إلى الإمام، ولا شك أن الذي ثبتت به السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام هو أربعون، فمن أخذ بذلك فقد أخذ بالسنة، ومن أخذ بالثمانين فقد أخذ بما جاء عن عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهو من الخلفاء الراشدين الهادين المهديين. وقد أورد أبو داود حديث ابن عباس (أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقت للخمر حداً) أي: أنه لم يوقت ولم يجعل لها حداً، وذكر أيضاً: أن رجلاً سكر وأنه رؤي يميل في الفج -أي: في الطريق- فعرف أنه سكران فهرب ودخل في بيت العباس والتزمه، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما فعل فقال: (أفعلها؟) فجعل يتبسم ويضحك ويقول: (أفعلها؟) ولم يأمر فيه بشيء، لكن الحديث في إسناده ابن جريج ، وقد روى بالعنعنة، ولو ثبت فإنه يكون محمولاً على أنه لم يحصل فيه ثبوت شيء لا بالاعتراف ولا بالشهادة، وإنما رؤي يتمايل فظن أنه شرب خمراً، وأنه لما دخل على العباس والتزمه معناه أنه: ملتجئ إليه وطالب تخليصه، ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم فيه بشيء، ولكنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جلد في الخمر أربعين، كما جاء في حديث علي رضي الله عنه وأرضاه الذي ذكره أبو داود، وهو عند مسلم وغيره كما سيأتي.
تراجم رجال إسناد حديث (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقت في الخمر حداً)


قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ]. هو الحسن بن علي الحلواني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ و محمد بن المثنى ]. هو الزمن أبو موسى العنزي البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وهذا حديثه قالا: حدثنا أبو عاصم ]. هو الضحاك بن مخلد النبيل ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن جريج ]. هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن علي بن ركانة ]. محمد بن علي بن ركانة صدوق، أخرج له أبو داود . [ عن عكرمة ]. هو عكرمة مولى ابن عباس ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى ا لله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث (أن رسول الله أتي برجل قد شرب فقال: اضربوه...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا أبو ضمرة عن يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي برجل قد شرب فقال: اضربوه، قال أبو هريرة : فمنا الضارب بيده، والضارب بنعله، والضارب بثوبه، فلما انصرف قال بعض القوم: أخزاك الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقولوا هكذا، لا تعينوا عليه الشيطان) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة : أن النبي عليه الصلاة والسلام أتي برجل قد شرب الخمر، فأمر بضربه فضربوه، فكان منهم الضارب بنعله، والضارب بسوطه، والضارب بثوبه، وبعد ذلك قال رجل من القوم: أخزاك الله، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا تقولوا هكذا، لا تعينوا عليه الشيطان)، وهذا ليس فيه ذكر التحديد بأربعين، ولكنه جاء في بعض الأحاديث الأخرى التحديد بالأربعين.
تراجم رجال إسناد حديث (أن رسول الله أتي برجل قد شرب فقال: اضربوه..)


قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ]. قتيبة بن سعيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو ضمرة ]. هو أنس بن عياض ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يزيد بن الهاد ]. يزيد بن الهاد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن إبراهيم ]. هو محمد بن إبراهيم التيمي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سلمة ]. هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.

شرح حديث (أن رسول الله أتي برجل قد شرب فقال اضربوه...) من طريق أخرى


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن داود بن أبي ناجية الإسكندراني حدثنا ابن وهب أخبرني يحيى بن أيوب و حيوة بن شريح و ابن لهيعة عن ابن الهاد بإسناده ومعناه، قال فيه بعد الضرب: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (بكتوه، فأقبلوا عليه يقولون: ما اتقيت الله! ما خشيت الله! وما استحييت من رسول الله صلى الله عليه وسلم! ثم أرسلوه، وقال في آخره: ولكن قولوا: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، وبعضهم يزيد الكلمة ونحوها) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله أو نحوه، وقال فيه: (بكتوه) أي: أنبوه بدون سب وشتم، فجعلوا يقولون له: ما اتقيت الله، ما استحييت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك قال: (قولوا: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه). قوله: [ (وبعضهم يزيد الكلمة ونحوها) ]. أي: في الدعاء له، وهذا فيه ورود اللوم ولكن بدون سب؛ لأن قولهم له: ما اتقيت الله، أي: مما حصل منك، فهذا تأنيب وتبكيت، ولكن ليس فيه سب ولا دعاء عليه، بل في آخر ذلك أمر بالدعاء له.

تراجم رجال إسناد حديث (أن رسول الله أتي برجل قد شرب فقال اضربوه...) من طريق أخرى


قوله: [ حدثنا محمد بن داود بن أبي ناجية الإسكندراني ]. محمد بن داود بن أبي ناجية الإسكندراني ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي في عمل اليوم والليلة. [ حدثنا ابن وهب ]. هو عبد الله بن وهب ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني يحيى بن أيوب ]. يحيى بن أيوب صدوق ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و حيوة بن شريح ]. هو حيوة بن شريح المصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و ابن لهيعة ]. ابن لهيعة صدوق اختلط، وحديثه أخرجه مسلم و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . وهو هنا مقرون باثنين من الثقات، وأيضاً الراوي عنه عبد الله بن وهب ، وحتى لو لم يكن معه قرين أو قرناء فإن رواية عبد الله بن وهب مما سمع منه قبل الاختلاط، والعبادلة الأربعة: عبد الله بن وهب و عبد الله بن يزيد المكي و عبد الله بن المبارك و عبد الله بن مسلمة القعنبي .
شرح حديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم جلد في الخمر بالجريد والنعال، وجلد أبو بكر أربعين...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا هشام (ح) وحدثنا مسدد حدثنا يحيى عن هشام المعنى عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم جلد في الخمر بالجريد والنعال وجلد أبو بكر رضي الله عنه أربعين، فلما ولي عمر رضي الله عنه دعا الناس فقال لهم: إن الناس قد دنوا من الريف -وقال مسدد : من القرى والريف- فما ترون في حد الخمر؟ فقال له عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: نرى أن تجعله كأخف الحدود، فجلد فيه ثمانين) ]. أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الذي فيه: أنهم جلدوا بالجريد والنعال في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر أربعين، وأن عمر رضي الله عنه لما حصل الريف وحصلت الخيرات، وكثرت الثمرات، استسهل بعض الناس صنع الخمر واستعمالها، فاستشار الصحابة رضي الله عنهم في الإتيان بعقوبة تردع عن هذا العمل، فرأوا أن الذي يحصل به المقصود ثمانون وهي المماثلة لحد القذف الذي هو أقل الحدود؛ لأن الزنا فيه مائة جلدة، والسرقة فيها قطع اليد، وأخفها حد القذف الذي هو ثمانون، فعند ذلك رأى عمر رضي الله عنه ومن معه من الصحابة ذلك، وكان فيهم علي و عبد الرحمن بن عوف ، فصار يجلد ثمانين رضي الله تعالى عنه وعن الصحابة أجمعين.

تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم جلد في الخمر بالجريد والنعال، وجلد أبو بكر أربعين...)


قوله: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم ]. هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا هشام ]. هو هشام الدستوائي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح وحدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد البصري ، وهو ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا يحيى ]. هو يحيى بن سعيد القطان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن هشام المعنى عن قتادة ]. هشام مر ذكره، و قتادة هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس بن مالك ]. أنس بن مالك رضي الله عنه، خادم رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
مرسل قتادة أن النبي جلد بالجريد والنعال أربعين


[ قال أبو داود : رواه ابن أبي عروبة عن قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه جلد بالجريد والنعال أربعين) ]. أورد أبو داود الحديث ولكنه مرسل؛ لأنه من رواية قتادة ولم يذكر فيه أنساً ، وفيه أنه جلد بالجريد والنعال أربعين. قوله: [ رواه ابن أبي عروبة ]. هو سعيد بن أبي عروبة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة ]. قتادة مر ذكره.
شرح حديث (ضرب بجريدتين نحو الأربعين)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ورواه شعبة عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (ضرب بجريدتين نحو الأربعين) ]. ذكر طريقاً أخرى وهي عن شعبة بن الحجاج الوسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. عن قتادة عن أنس (أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب بجريدتين نحو الأربعين) وليس فيه ذكر التحديد بالأربعين، وفيه ذكر الجريدتين، ومعنى ذلك أنه ضرب بكل واحدة قريباً من نصف هذا العدد، وفي الثانية مثلها، فصار مجموع ذلك قريباً من الأربعين، بمعنى: ضرب عشرين بجريدة، وعشرين بجريدة أو قريباً من ذلك، فيكون نحواً من أربعين.
شرح حديث علي (جلد النبي أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، وكل سنة...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد بن مسرهد و موسى بن إسماعيل المعنى قالا: حدثنا عبد العزيز بن المختار حدثنا عبد الله الداناج حدثني حضين بن المنذر الرقاشي -هو أبو ساسان - قال: (شهدت عثمان بن عفان رضي الله عنه وأتي بالوليد بن عقبة فشهد عليه حمران ورجل آخر، فشهد أحدهما أنه رآه شربها -يعني: الخمر- وشهد الآخر أنه رآه يتقيؤها، فقال عثمان : إنه لم يتقيأها حتى شربها، فقال لعلي رضي الله عنه: أقم عليه الحد، فقال علي للحسن رضي الله عنه: أقم عليه الحد، فقال الحسن : ول حارها من تولى قارها، فقال علي لعبد الله بن جعفر : أقم عليه الحد، قال: فأخذ السوط فجلده و علي يعد، فلما بلغ أربعين قال: حسبك، جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين، أحسبه قال: وجلد أبو بكر أربعين، و عمر ثمانين، وكل سنة، وهذا أحب إلي) ]. أورد أبو داود حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قصة جلد الوليد بن عقبة وقد شهد عليه حمران مولى عثمان أنه رآه شرب الخمر، وشهد رجل آخر أنه رآه يتقيؤها، ومعلوم أنه لم يتقيأها إلا لكونه شربها؛ لأن من تقيأ شيئاً فهو قد شربه، فعثمان رضي الله عنه أقام عليه الحد، وأسند إلى علي القيام بهذه المهمة، أي: أنه هو المنفذ، ويعين من يرى ليباشر الجلد، فأمر الحسن بأن يجلد فقال: ول حارها من تولى قارها، أي: أن من تولى الشيء السهل هو الذي يتولى الشيء الصعب، والمقصود من ذلك: من تولى قار الخلافة هو الذي يتولى حارها، فالذي يحصل السهولة واليسر والمال هو الذي يكلف بمثل هذه الأعمال، فصرف علي رضي الله عنه النظر عنه وأمر عبد الله بن جعفر أن يجلده، فباشر جلده، فجعل يجلده و علي يعد حتى وصل إلى أربعين فقال له: أمسك، ثم قال: جلد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وجلد عمر ثمانين، وكل سنة، وهذا أحب إلي، أي: هذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه سنة عمر رضي الله عنه، قال: وكل سنة، أي: وكل ذلك حق، ولكن هذا أحب إلي؛ لأنه هو الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، و عمر رضي الله عنه اجتهد في شيء رأى فيه المصلحة بردع الناس؛ لكونهم تتابعوا على شرب الخمر وكثر فيهم الشرب، فأراد أن تكون هناك عقوبة تردعهم وتمنعهم من الوقوع في ذلك الذي أقدموا عليه.

تراجم رجال إسناد حديث علي (جلد النبي أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، وكل سنة...)


قوله: [ حدثنا مسدد بن مسرهد و موسى بن إسماعيل ]. مسدد مر ذكره، وموسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قالا: حدثنا عبد العزيز بن المختار ]. عبد العزيز بن المختار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد الله الداناج ]. عبد الله الداناج ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثني حضين بن المنذر ]. هو حضين بن المنذر أبو ساسان ، وهو ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن علي ]. هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة رضي الله عنه أرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (جلد رسول الله في الخمر وأبو بكر أربعين، وكملها عمر ثمانين...) وتراجم رجال الإسناد


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ابن أبي عروبة عن الداناج عن حضين بن المنذر عن علي رضي الله عنه قال: (جلد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر و أبو بكر رضي الله عنه أربعين، وكملها عمر رضي الله عنه ثمانين، وكل سنة) ]. أي: أوصلها إلى ثمانين، كأدنى الحدود الذي هو حد القذف، وقال: (وكل سنة) فمن أخذ بهذا فقد أخذ بسنة، ومن أخذ بهذا فقد أخذ بسنة. قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ابن أبي عروبة عن الداناج عن حضين بن المنذر عن علي ]. قد مر ذكرهم جميعاً.
تفسير الأصمعي لقول الحسن (ول حارها من تولى قارها)


[ قال أبو داود : وقال الأصمعي : ول حارها من تولى قارها: ول شديدها من تولى هينها ]. ذكر هذا الأثر عن الأصمعي في تفسيره: (ول حارها من تولى قارها) أي: ول شديدها من تولى هينها. والقار قيل: هو البارد وهو مقابل الحار، والقر: هو البرد، والمقصود أنه يتولى الشديد من تولى اللين. ويقال في أيام النحر: يوم العيد يوم النحر، ويوم الحادي عشر: يوم القر، الذي هو الاستقرار، وهذا ليس من المعنى الذي نحن فيه. [ قوله: وقال الأصمعي ]. هو: عبد الملك بن قريب ، وهو صدوق سني، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم في المقدمة وأصحاب السنن. وقوله: (سني) سبق أن مر بنا ذكر الأصمعي ، وعرفنا أن الحافظ ابن حجر في ترجمته له في تهذيب التهذيب ذكر أن أربعة من علماء اللغة في البصرة هم أهل سنة ومنهم الأصمعي . [ قال أبو داود : هذا كان سيد قومه حضين بن المنذر أبو ساسان ]. هذا تعريف بهذا الرجل الذي يروي عن علي وهو حضين بن المنذر أبو ساسان وأنه كان سيد قومه.

إذا تتابع في شرب الخمر



شرح حديث (إذا شربوا الخمر فاجلدوهم...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب إذا تتابع في شرب الخمر. حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبان عن عاصم عن أبي صالح ذكوان عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا شربوا الخمر فاجلدوهم، ثم إن شربوا فاجلدوهم، ثم إن شربوا فاجلدوهم، ثم إن شربوا فاقتلوهم) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: [ باب إذا تتابع في شرب الخمر ]، أي: إذا شرب الخمر مراراً وحصل الجلد في كل مرة فإنه في المرة الرابعة يقتل، وقد جاء عن معاوية وغيره هذا الحكم الذي هو: الجلد في المرات الثلاث الأولى، ثم في الرابعة يقتل، وأكثر أهل العلم على أنه لا يقتل، ولهذا ذكر الترمذي رحمه الله في العلل أن كل ما في كتابه السنن قد عمل به إلا أحاديث ثلاثة، ومنها هذا الحديث الذي هو حديث قتل شارب الخمر، ولكنه حديث واضح وصريح، وقد جاء عن بعض أهل العلم أنه قال بقتله، ويكون هذا من قبيل التعزير، وأنه يمكن أن يحصل التعزير بقتله إذا لم يحصل الانكفاف إلا بذلك. وللشيخ أحمد شاكر رحمه الله رسالة في هذا اسمها: القول الفصل في قتل مدمن الخمر.
تراجم رجال إسناد حديث (إذا شربوا الخمر فاجلدوهم...)


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبان ]. موسى بن إسماعيل مر ذكره، وأبان هو أبان بن يزيد العطار ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الستة إلا ابن ماجة . [ عن عاصم ]. هو عاصم بن أبي النجود ، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وحديثه في الصحيحين مقرون. [ عن أبي صالح ذكوان ]. هو أبو صالح ذكوان السمان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن معاوية بن أبي سفيان ]. معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أمير المؤمنين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

كلام الخطابي في المراد بقول النبي صلى الله عليه وسلم (ثم إن شربوا فاقتلوهم)


قال الخطابي : قد يرد الأمر بالوعيد ولا يراد به وقوع الفعل. وهذا ليس بواضح، فكيف يقول: اقتلوه وهو لا يريد قتله؟! واستدلاله بحديث: (من قتل عبده قتلناه، ومن جدع عبده جدعناه) حيث قال: وهو لو قتل عبده لم يقتل به في قول عامة العلماء، وكذلك لو جدعه لم يجدع بالاتفاق، فالحديث جاء عن جماعة من الصحابة وفيه ذكر القتل، وهو من باب التعزير، فيحصل القتل إذا رأى الإمام مصلحة في ذلك ويكون تعزيراً.
شرح حديث (إذا شربوا الخمر فاجلدوهم...) من طريق أخرى


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن حميد بن يزيد عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بهذا المعنى، قال: وأحسبه قال في الخامسة: إن شربها فاقتلوه) ]. أورد أبو داود حديث ابن عمر ، وهو بمعنى حديث معاوية قال: أحسبه قال في الخامسة: (إن شربها فاقتلوه)، وفي الحديث الأول قال ذلك في المرة الرابعة ولكنه شك، والذي ثبت هو في الرابعة.

تراجم رجال إسناد حديث (إذا شربوا الخمر فاجلدوهم...) من طريق أخرى


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد ]. هو ابن سلمة بن دينار ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن حميد بن يزيد ]. حميد بن يزيد مجهول الحال، أخرج له أبو داود . [ عن نافع ]. هو نافع مولى ابن عمر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ]. هو عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، وهو الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ قال أبو داود : وكذا في حديث أبي غطيف: في الخامسة ]. أي: أنه مثل الذي قبله، قال: أحسبه قال في الخامسة، و أبو غظيف لا يعرف اسمه، وهو هذلي مجهول، أخرج له أبو داود و الترمذي و ابن ماجة .
شرح حديث (إذا سكر فاجلدوه، ثم إن سكر فاجلدوه...) وتراجم رجاله


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا نصر بن عاصم الأنطاكي حدثنا يزيد بن هارون الواسطي حدثنا ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا سكر فاجلدوه، ثم إن سكر فاجلدوه، ثم إن سكر فاجلدوه، فإن عاد الرابعة فاقتلوه) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة وهو بمعنى حديث معاوية الذي تقدم. قوله: [ حدثنا نصر بن عاصم الأنطاكي ]. نصر بن عاصم الأنطاكي لين الحديث، أخرج له أبو داود . [ حدثنا يزيد بن هارون الواسطي ]. يزيد بن هارون الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا ابن أبي ذئب ]. هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الحارث بن عبد الرحمن ]. الحارث بن عبد الرحمن صدوق، أخرج له أصحاب السنن. [ عن أبي سلمة ]. هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة قد مر ذكره.
شرح حديث (إذا شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد الرابعة فاقتلوه) وتراجم رجال الإسناد


[ قال أبو داود : وكذا حديث عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد الرابعة فاقتلوه) ]. هذا أيضاً طريق آخر عن أبي هريرة وفيه أنه في الرابعة يقتل. قوله: [ وكذا حديث عمر بن أبي سلمة ]. عمر بن أبي سلمة صدوق يخطئ، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن. [ عن أبيه عن أبي هريرة ]. أبوه هو أبو سلمة ، وأبو هريرة مر ذكره.
شرح حديث (إن شربوا الرابعة فاقتلوهم) من طرق أخرى، وتراجم رجال الإسناد


[ قال أبو داود : وكذا حديث سهيل عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن شربوا الرابعة فاقتلوهم) ]. وهذا أيضاً مثلما تقدم، و سهيل بن أبي صالح صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة وروايته مقرونة عند البخاري . قوله: [ عن أبي صالح عن أبي هريرة ]. مر ذكرهما. [ وكذا حديث ابن أبي نعم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ]. يعني: أن فيه القتل في الرابعة. و ابن أبي نعم هو عبد الرحمن بن أبي نعم البجلي ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وكذا حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم ]. كذلك فيه القتل في الرابعة. [ و الشريد عن النبي صلى الله عليه وسلم ]. الشريد بن سويد صحابي، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم و أبو داود و الترمذي في الشمائل و النسائي و ابن ماجة . [ وفي حديث الجدلي عن معاوية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فإن عاد في الثالثة أو الرابعة فاقتلوه) ]. هذا شك، والرواية التي تقدمت نص في الرابعة. و الجدلي هو أبو عبد الله الجدلي واسمه: عبد بن عبد ويقال: عبد الرحمن بن عبد ، وهو ثقة، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي .
شرح حديث (من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن عبدة الضبي حدثنا سفيان قال الزهري : أخبرنا عن قبيصة بن ذؤيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد في الثالثة أو الرابعة فاقتلوه، فأتي برجل قد شرب فجلده، ثم أتي به فجلده، ثم أتي به فجلده، ثم أتى به فجلده، ورفع القتل وكانت رخصة) ]. قوله: [ (من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد في الثالثة أو الرابعة فاقتلوه) ]. هذا كالذي قبله إلا أن فيه شكاً في القتل هل هو في الثالثة أو الرابعة. قوله: [ (فأتي برجل قد شرب فجلده، ثم أتي به فجلده، ثم أتي به فجلده، ثم أتي به فجلده، ورفع القتل وكانت رخصة) ]. ذكر أنه أتي بشارب، وأنه جلده ثلاث مرات، ثم بعد ذلك تركه ولم يقتله، فكانت رخصة، أي: أن القتل ليس لازماً ولا حتماً، ولكن كما عرفنا هذا يدل على أن الأمر فيه سعة، وأنه إذا لزم الأمر أن يقتل تعزيراً فإن ذلك قد جاء ما يدل عليه، وإن ترك فكذلك.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 45.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.04 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.38%)]