عرض مشاركة واحدة
  #834  
قديم 03-07-2025, 05:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,491
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [503]
الحلقة (533)





شرح سنن أبي داود [505]

اعتبرت الشريعة الغراء الحفاظ على النفس من مقاصدها العظيمة، لذا فلا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والتارك لدينه، والمفارق للجماعة. فمن قتل قتيلاً متعمداً دفع إلى أولياء الدم، وهم بالخيار بين: القصاص، العفو لا إلى بدل، العفو إلى بدل (الدية)، وللإمام أن يأمر بالعفو لا على جهة الإلزام، ولا يؤخذ أحد بجريرة أحد.

النفس بالنفس


شرح حديث ابن عباس الذي فيه تحاكم بني النضير وبني قريظة إلى النبي في قتيل بينهم


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أول كتاب الديات. باب النفس بالنفس. حدثنا محمد بن العلاء حدثنا عبيد الله -يعني ابن موسى - عن علي بن صالح عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان قريظة والنضير، وكان النضير أشرف من قريظة، فكان إذا قتل رجل من قريظة رجلاً من النضير قتل به، وإذا قتل رجل من النضير رجلاً من قريظة فودي بمائة وسق من تمر، فلما بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم قتل رجل من النضير رجلاً من قريظة، فقالوا: ادفعوه إلينا نقتله، فقالوا: بيننا وبينكم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأتوه فنزلت: وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ [المائدة:42]والقسط: النفس بالنفس، ثم نزلت: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ [المائدة:50]). قال أبو داود : قريظة والنضير جميعا ًمن ولد هارون النبي عليه الصلاة السلام ]. يقول المصنف رحمه الله تعالى: [ أول كتاب الديات ]. الديات: جمع دية، والدية: هي ما يدفع من المال مقابل قتل نفس، سواءً كانت الدية عن خطأ وهي مقدرة، أو كانت عن عمد إذا تنازل أهل القتيل عن القصاص وطلبوا الدية. والمقصود من هذا الكتاب ما يتعلق بالديات وهي الأموال التي تكون مقابل النفس، وما يتعلق بالقصاص الذي هو النفس بالنفس. وقد أورد أبو داود رحمه الله جملة من الأبواب، منها ما يتعلق بالقصاص، ومنها ما يتعلق بالديات. وأول باب أورده: [ باب: النفس بالنفس ]. أي: أن النفس تقتل بالنفس قصاصاً. وإذا أراد أولياء القتيل التنازل عن القتل وأرادوا أن يأخذوا الدية، فلهم أن يأخذوا الدية، ولهم أن يأخذوا أكثر من الدية المقدرة في مقابل تنازلهم عن القتل، ولهم أن يعفوا، كل ذلك لهم، وأما الدية في قتل الخطأ فإنها محددة ومقدرة. وقد أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن بني النضير وقريظة من اليهود، وكان بنو النضير أشرف من بني قريظة، وكانوا إذا قتل نضيري قرظياً فإنه لا يقتل النضيري بالقرظي، والقرظي يقتل بالنضيري، فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقتل رجل من بني النضير رجلاً من بني قريظة، طلب بنو قريظة النضيري من أجل أن يقتلوه في مقابل قتيلهم، فامتنع بنو النضير من ذلك بناءً على ما كانوا عليه في الجاهلية من أن هؤلاء أشرف من هؤلاء، وأن هؤلاء لا يقتلون بأولئك وأولئك يقتلون بهؤلاء، فأبوا أن يسلموه، ولما امتنع بنو النضير من تسليم القاتل لبني قريظة ليقتلوه، قالوا: بيننا وبينكم محمد صلى الله عليه وسلم، فذهبوا إليه. وكانت الطريقة كما قال ابن عباس : أن القرظي يقتل بالنضيري والنضيري لا يقتل بالقرظي، وإنما يودى أو يدفع عنه مائة وسق من التمر في مقابل قتله إياه، ولا يقتل به. فترافع بنو النضير وبنو قريظة إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وجاءوا إليه وأخبروه، وطلبوا منه أن يحكم بينهم، وقد جاء في القرآن: وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ [المائدة:42] والقسط: هو العدل، الذي هو النفس بالنفس، وأنزل الله تعالى: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ [المائدة:50] أي: أيريدون أن يبقوا على ما كانوا عليه في الجاهلية من أن الشريف لا يقتل بمن دونه، والذي هو دونه يقتل به، ولا يريدون حكم الله سبحانه وتعالى؟!
تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس الذي فيه تحاكم بني النضير وبني قريظة إلى النبي في قتيل بينهم


قوله: [ حدثنا محمد بن العلاء ]. هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبيد الله - يعني ابن موسى - ]. عبيد الله بن موسى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن علي بن صالح ]. هو علي بن صالح بن حي ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن سماك بن حرب ]. سماك بن حرب صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عكرمة ]. هو عكرمة مولى ابن عباس وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ قال أبو داود : قريظة والنضير جميعاً من ولد هارون النبي عليه الصلاة والسلام ] أي: أن قريظة والنضير، هم من ولد هارون النبي الكريم عليه الصلاة والسلام أخو موسى عليه الصلاة والسلام.
لا يؤخذ أحد بجريرة أخيه وأبيه



شرح حديث أبي رمثة (... أما إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: لا يؤخذ أحد بجريرة أخيه أو أبيه. حدثنا أحمد بن يونس حدثنا عبيد الله -يعني ابن إياد - حدثنا إياد عن أبي رمثة قال: (انطلقت مع أبي نحو النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لأبي: ابنك هذا؟ قال: إي ورب الكعبة، قال: حقاً؟ قال: أشهد به، قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضاحكاً من ثبت شبهي في أبي ومن حلف أبي علي، ثم قال: أما إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه، وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164])]. يقول المصنف رحمه الله: [ باب لا يؤخذ بجريرة أخيه أو أبيه ]. أي: أنه لا يؤخذ أحد بذنب الآخر، ولا يعاقب أحد من أجل أن غيره جنى، بل العقوبة على الجاني والعاصي، وأما الذي لم يحصل منه جناية ولا معصية؛ فإنه لا يعاقب ولا يؤخذ البريء بجريرة المذنب العاصي الجاني، وقد كان في الجاهلية يؤخذ الشخص بجريرة غيره. وقد أورد أبو داود حديث أبي رمثة رضي الله تعالى عنه: أنه جاء مع أبيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكان قوي الشبه بأبيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لوالد أبي رمثة : [ (ابنك هذا؟ قال: إي ورب الكعبة، قال: حقاً؟ قال: أشهد به)]. قوله: [ (قال: حقاً) ] أي: أنه ولدك؟ قوله: [ (قال: أشهد به) ] أي: أشهد على ذلك، أو اشهد بذلك أنت يا رسول الله! والرسول صلى الله عليه وسلم رأى قوة الشبه بينه وبينه. قوله: [ (أما إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه)]. أي: لا يؤخذ بجنايتك ولا تؤخذ بجنايته. وليس معنى ذلك عدم حصول الجناية من الولد للوالد أو من الوالد للولد، فقد يجني الوالد على الولد وقد يجني الولد على الوالد؛ ولكن المقصود المؤاخذة، وأن الواحد لا يؤاخذ بذنب الثاني، وإنما كل يؤاخذ بذنبه. فالمذنب هو الذي يؤاخذ بما ارتكبه من جناية أو معصية، ولا يؤاخذ به ولده ولا والده، وهكذا لا يؤاخذ أحد بذنب غيره. قوله: [ (وقرأ: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164]) ] أي: لا يعاقب شخص بجناية غيره أو بوزر غيره؛ وإنما المذنب والجاني هو الذي يعاقب، والبريء لا عقوبة عليه.
تراجم رجال إسناد حديث أبي رمثة (... أما إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه ...)

قوله: [ حدثنا أحمد بن يونس ]. هو أحمد بن عبد الله بن يونس ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبيد الله يعني ابن إياد ]. عبيد الله بن إياد صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا إياد ]. إياد هو أبوه، وهو ثقة، أخرج له الذين أخرجوا لابنه. [ عن أبي رمثة ]. هو رفاعة بن يثربي، وهو صحابي، أخرج حديثه أبو داود و الترمذي و النسائي ، وهذا يعتبر من أعلى الإسانيد عند أبي داود ؛ لأنه رباعي.

الإمام يأمر بالعفو في الدم


شرح حديث (من أصيب بقتل أو خبل فإنه يختار إحدى ثلاث ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الإمام يأمر بالعفو في الدم. حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا محمد بن إسحاق عن الحارث بن فضيل عن سفيان بن أبي العوجاء عن أبي شريح الخزاعي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من أصيب بقتل أو خبل فإنه يختار إحدى ثلاث: إما أن يقتص، وإما أن يعفو، وإما أن يأخذ الدية، فإن أراد الرابعة فخذوا على يديه، ومن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم)]. قوله: [ باب الإمام يأمر بالعفو في الدم ] أي: أنه يشفع إلى أولياء القتيل من أجل أن يعفوا عن القاتل. وهذا يبين أن القصاص ليس كالحدود التي لابد من تنفيذها، وأنه لا يشفع فيها لا من جهة الإمام ولا من جهة غيره، فإذا وصلت إلى الإمام فلا شفاعة في الحدود؛ ولهذا جاء في الحديث الذي سبق في حق أسامة بن زيد : (أتشفع في حد من حدود الله؟!) وهذا استفهام إنكار. فهذا يبين أن القصاص ليس من هذا القبيل؛ وذلك أن الحق في القصاص للمخلوق، فله أن يتركه ويتنازل عنه، ولغيره أن يشفع عنده حتى يتنازل عنه. ولهذا اختلف العلماء هل يقال له: حد أو لا؟ ولو قيل: إنه من الحدود، فإنه مستثنى من منع الشفاعة فيه، بل الشفاعة فيه سائغة، والنبي صلى الله عليه وسلم جاء عنه الترغيب في ذلك. وقد أورد أبو داود حديث أبي شريح الخزاعي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: [ (من أصيب بقتل) ] وهو إزهاق النفس. قوله: [ (أو خبل) ] الخبل هو الجرح. قوله: [ (فإنه يختار إحدى ثلاث: إما أن يقتص، وإما أن يعفو، وإما أن يأخذ الدية) ] يعني: إذا كان القاتل قتل عمداً فيقتص أولياء القتيل من القاتل فيقتل، أو يحصل العفو منهم فيتركونه دون أن يقتلوه ودون أن يأخذوا منه دية، أو يأخذوا منه دية. وسواءً كانت تلك الدية هي المقدرة أو أكثر منها؛ لأن أخذهم للدية هو مقابل تنازلهم عن حق لهم، وإذا لم يعطوا ما يريدون فلهم أن يقتلوا القاتل قصاصاً، وإذا طلبوا شيئاً وأعطوا إياه فإنه يسقط حقهم في القتل قصاصاً. قوله: [ (فإن أراد الرابعة فخذوا على يديه) ] أي: إذا طلب شيئاً أكثر مما حدد له وقدر، وهو أحد هذه الأمور الثلاثة، أو حصل منه اعتداء أو شيء لا يجوز الإقدام عليه، فيؤخذ على يده ويمنع، وليس إلا أحد هذه الأمور الثلاثة فقط. قوله: [ (ومن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم) ] أي: بعدما يأخذ حقه أو يتنازل عن حقه، سواء القصاص أو الدية، أو عفا عنهما، ثم عاقب فإنه يكون معتدياً، وللمعتدي عذاب أليم.
تراجم رجال إسناد حديث (من أصيب بقتل أو خبل فإنه يختار إحدى ثلاث ...)


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. هو حماد بن سلمة بن دينار البصري وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ أخبرنا محمد بن إسحاق ]. هو محمد بن إسحاق المدني وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن الحارث بن فضيل ]. الحارث بن فضيل ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن سفيان بن أبي العوجاء ]. سفيان بن أبي العوجاء ضعيف، وحديثه أخرجه أبو داود و ابن ماجة . [ عن أبي شريح الخزاعي ]. أبو شريح الخزاعي رضي الله تعالى عنه صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة. والحديث ضعيف الإسناد؛ لأن فيه سفيان بن أبي العوجاء ، وهو ضعيف، ولكن معناه صحيح من جهة أن هناك قصاصاً، أو عفواً مطلقاً عن القصاص والدية، أو عفواً عن القتل مع أخذ الدية.
شرح حديث (ما رأيت رسول الله رفع إليه شيء فيه قصاص إلا أمر فيه بالعفو)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عبد الله بن بكر بن عبد الله المزني عن عطاء بن أبي ميمونة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع إليه شيء فيه قصاص إلا أمر فيه بالعفو)]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: [ (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع إليه شيء فيه قصاص إلا أمر فيه بالعفو) ] يعني: أمر بالعفو أمر إرشاد وترغيب، وليس أمر إيجاب؛ لأن هذا حق لهم، ولكن يرغبون في العفو. فأنس رضي الله عما كان عليه رسول الله عليه الصلاة والسلام من أنه كان يأمر ويرغب ولي القتيل بالعفو عن القصاص مطلقاً، أو العفو عن القتل مع أخذ الدية.
تراجم رجال إسناد حديث (ما رأيت رسول الله رفع إليه شيء فيه قصاص إلا أمر فيه بالعفو)


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عبد الله بن بكر بن عبد الله المزني ]. عبد الله بن بكر بن عبد الله المزني صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن عطاء بن أبي ميمونة ]. عطاء بن أبي ميمونة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي. [ عن أنس بن مالك ]. أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام. وهذا الإسناد من الرباعيات التي هي أعلى الأسانيد عند أبي داود .
شرح حديث (قتل رجل على عهد النبي فرفع ذلك إليه، فدفعه إلى ولي المقتول ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة أخبرنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (قتل رجل على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فدفعه إلى ولي المقتول، فقال القاتل: يا رسول الله! والله ما أردت قتله، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للولي: أما إنه إن كان صادقاً ثم قتلته دخلت النار، قال: فخلى سبيله، قال: وكان مكتوفاً بنسعة، فخرج يجر نسعته، فسمي ذا النسعة)]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قتل رجلاً فجيء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فدفعه لولي القتيل ليقتله، فقال القاتل: [ (يا رسول الله والله ما أردت قتله)] أي: أنه لم يقتله عمداً وإنما قتله خطأً. قوله: [ (فقال الرسول صلى الله عليه وسلم للولي: أما إنه إن كان صادقاً) ] أي: إن كان صادقاً في أنه لم يكن متعمداً. قوله: [ (ثم قتلته دخلت النار) ] لأنك قتلت معصوماً لا يستحق القتل. فما دام الأمر دائراً بين أن يكون عمداً وأن يكون خطأً، فهذه شبهة يدرأ بها الحكم، ولا يصار للحكم الأشد مع احتمال ذلك. ودفع النبي صلى الله عليه وسلم القاتل لولي المقتول على اعتبار أنه اعترف بالقتل، ولكنه قال بعد ذلك: إني ما أردت قتله، فالنبي صلى الله عليه وسلم أرشد هذا الولي إلى أن يتركه، وذلك أولى من أن يقتله. ولكن لو أراد أن يأخذ الدية فله ذلك، وإذا أراد أن يعفو عن هذا وهذا فهذا من الأمور المحمودة الطيبة. قوله: [ (قال: فخلى سبيله، قال: وكان مكتوفاً بنسعة، فخرج يجر نسعته، فسمي ذا النسعة)]. النسعة سير كان مربوطاً به. وهذا فيه دليل على أن الشخص الذي يخشى انفلاته فإنه يوثق ويمسك حتى لا يهرب.
تراجم رجال إسناد حديث (قتل رجل على عهد النبي فرفع ذلك إليه، فدفعه إلى ولي المقتول ...)


قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ أخبرنا أبو معاوية ]. هو أبو معاوية محمد بن خازم الضرير الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا الأعمش ]. هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي صالح ]. هو ذكوان السمان المدني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه. وهذا يدخل تحت القاعدة المشهورة: الخطأ في العفو خير من الخطأ في العقوبة، أي: إذا كان هذا وهذا محتملاً فالخطأ في العفو أحسن من الخطأ في العقوبة.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 38.24 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 37.61 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.64%)]