عرض مشاركة واحدة
  #848  
قديم 03-07-2025, 07:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,591
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

النهي عن الجدال واتباع المتشابه من القرآن


شرح حديث (...فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب النهي عن الجدال واتباع المتشابه من القرآن. حدثنا القعنبي حدثنا يزيد بن إبراهيم التستري عن عبد الله بن أبي مليكة عن القاسم بن محمد عن عائشة أنها قالت: (قرأ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم هذه الآية: (( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ ))[آل عمران7] إلى (( أُوْلُوا الأَلْبَابِ ))[آل عمران7]، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم) ]. أورد أبو داود باب النهي عن الجدال واتباع المتشابه من القرآن، والمراد: الجدال في القرآن بالباطل وبغير حق، وكذلك اتباع المتشابه من القرآن، وهو الذي يكون في دلالته خفاء، والقرآن فيه محكم ومتشابه، فالمحكم دلالته واضحة جلية لا خفاء فيها، والمتشابه هو الذي دلالته غير واضحة، وطريقة أهل السنة والجماعة في ذلك أنهم يردون المتشابه إلى المحكم، وأما طريقة أهل الأهواء فإنهم يتركون المحكم ويصيرون إلى المتشابه؛ ولهذا جاء في هذا الحديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: (إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم)، أي الذين يتبعون المتشابه، ولا يردونه إلى المحكم، ولو ردوه إلى المحكم لاتضح وتبين، ولكنهم يأخذون بالمتشابه ويفسرونه بما يريدون من الاحتمالات، فأولئك هم الذين ذمهم الله عز وجل، ولهذا قال: (فاحذروهم) أي: الذين هذا شأنهم. وقد وصف القرآن بأنه كله محكم، ووصف بأنه كله متشابه، ووصف بأن منه المحكم ومنه المتشابه، فهناك إحكام عام، وهناك إحكام خاص، وهناك محكم ومتشابه متقابلان، ويفسر كل واحد منهما بمعنى، فمعنى كون القرآن محكماً أي: أنه في غاية الإتقان والإحكام، وهذا هو الإحكام العام، ومعنى كونه متشابهاً، أي: يشبه بعضه بعضاً في الحسن والإتقان، وقد جاء الإحكام العام في أول سورة هود في قوله: (( كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ))[هود:1]، وجاء التشابه العام في قوله: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ [الزمر:23]، وأما آية آل عمران فقسمته إلى محكم ومتشابه، فالمحكم هو: الواضح الجلي، والمتشابه هو: الذي في دلالته خفاء ويحتمل احتمالات.

تراجم رجال إسناد حديث (...فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم)


قوله: [ حدثنا القعنبي ]. القعنبي هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ حدثنا يزيد بن إبراهيم التستري ]. يزيد بن إبراهيم التستري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن أبي مليكة ]. هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن القاسم بن محمد ]. هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وهو ثقة، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
مجانبة أهل الأهواء وبغضهم


شرح حديث (أفضل الأعمال الحب في الله والبغض في الله)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب مجانبة أهل الأهواء وبغضهم. حدثنا مسدد حدثنا خالد بن عبد الله حدثنا يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن رجل عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أفضل الأعمال الحب في الله والبغض في الله) ]. أورد أبو داود باب مجانبة أهل الأهواء وبغضهم، ومجانبة أهل الأهواء تعني البعد عنهم، وعدم مخالطتهم، وبغضهم يكون من أجل الله، ومن أجل ما هم عليه من الأهواء، ومن أجل مخالفتهم للسنة، وارتكابهم للبدع، فهم يُبغضون من أجل ذلك، ويبتعد عنهم، وهذا هو معنى المجانبة، أي: أن يكون المرء في جانب وهم في جانب حتى يسلم من بدعهم وبلائهم، وهو مع كونه يجانبهم ويبتعد عنهم فإنه يبغضهم؛ لأن من شأن المسلم أن يحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ويحب من يحبه الله ورسوله، ويحب ما يحبه الله ورسوله، ويبغض من يبغضه الله ورسوله، وما يبغضه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولهذا جاء في الحديث (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله -أي: أن الحب يكون في الله ومن أجل الله- وأن يكره أن يعود للكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار)، وهذه الثلاث الخصال من وجدت فيه ذاق طعم الإيمان، وهذا يطابق ما نحن فيه من جهة أنه يبغض أهل الأهواء والبدع من أجل الله؛ لأنهم انحرفوا عن الجادة، وخرجوا عن الصراط المستقيم، وتركوا المنهج القويم الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، والخروج منه قد يوصل إلى حد الكفر، فتكون تلك البدعة مكفرة، ويكون صاحبها كافراً وحكمه حكم الكفار، ومنها ما تكون بدعة مفسقة وليست مكفرة، وهذا هو الذي تدخل فيه الفرق التي مر ذكرها، وهم أمة الإجابة، وأما من كانت بدعته مكفرة فهذا ليس من أمة محمد صلى الله عليه وسلم -أمة الإجابة-، وإنما هو من الكفار الذين مآلهم إلى النار، ويبقون فيها أبد الآباد إلى غير نهاية. وأورد أبو داود رحمه الله حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أفضل الأعمال الحب في الله والبغض في الله)، وهذا الحديث ورد بهذا الإسناد وهو ضعيف، ولكنه ثابت بلفظ: (أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله)، والحديث الذي أشرت إليه سابقاً، وهو: (أن يحب المرء لا يحبه إلا لله)، وأن من كان كذلك فقد ذاق حلاوة وطعم الإيمان؛ لأنه يحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ويحب من يحبه الله ورسوله عليه الصلاة والسلام من الأشخاص، ويحب ما يحبه الله ورسوله من الأقوال والأعمال، فهو يحب في الله، ومن أجل الله.
تراجم رجال إسناد حديث (أفضل الأعمال الحب في الله والبغض في الله)


قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا خالد بن عبد الله ]. هو خالد بن عبد الله الطحان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا يزيد بن أبي زياد ]. يزيد بن أبي زياد ضعيف، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم و أصحاب السنن. [ عن مجاهد ]. هو مجاهد بن جبر المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن رجل عن أبي ذر ]. رجل هنا مبهم، وأبو ذر جندب بن جنادة رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. والحديث في إسناده رجل ضعيف، ورجل مبهم.
شرح حديث (نهي النبي عن كلام الثلاثة الذين خلفوا)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن السرح أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب وأخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن عبد الله بن كعب بن مالك -وكان قائد كعب من بنيه حين عمي- قال: (سمعت كعب بن مالك وذكر ابن السرح قصة تخلفه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة تبوك، قال: ونهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة،حتى إذا طال عليَّ تسورت جدار حائط أبي قتادة -وهو ابن عمي-، فسلمت عليه فوالله ما رد علي السلام! ثم ساق خبر تنزيل توبته) ]. ذكر حديث كعب بن مالك رضي الله عنه المتعلق بتخلفه عن غزوة تبوك، وقد استنفر الرسول صلى الله عليه وسلم الناس، وأمرهم بالخروج، على ألا يتخلف إلا معذور، وقد تخلف هؤلاء الثلاثة وهم غير معذورين، فهجرهم الرسول صلى الله عليه وسلم، وأمر الناس بعدم مخاطبتهم، فحصل لهم ما حصل، ومكثوا على تلك الحال خمسين يوماً، ثم أنزل الله توبته عليهم، ومحل الشاهد من هذا الحديث: أن الرسول صلى الله عليه وسلم تركهم خمسين ليلة، وأمر الصحابة بهجرهم وتركهم وعدم مخاطبتهم، حتى كانوا لا يردون عليهم السلام، وذلك للمعصية التي وقعوا فيها، وهي: تخلفهم عن غزوة تبوك بغير عذر، ولكنهم كانوا أهل صدق، فنجاهم الله تعالى بصدقهم، ولما أنزل الله توبته عليهم عاد حالهم إلى ما كانوا عليه من قبل، فالتوبة تجب ما قبلها، وأنزل الله تعالى فيهم قرآناً يتلى في سورة التوبة وهو قوله: وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [التوبة:118]، فتاب الله عليهم ونجاهم بصدقهم، ولهذا فكعب بن مالك رضي الله عنه لما دعاه الرسول صلى الله عليه وسلم وقال له: لماذا تخلفت؟ قال مقالة عظيمة وهي: إنني قد أوتيت جدلاً، ولو كنت مع أحد غيرك من أهل الدنيا لأمكنني أن أتخلص منه، ولكن أما أنت فلو حدثتك بشيء خلاف الواقع فإن الوحي سينزل بتكذيبي، وإنني لا أكلمك إلا بالصدق، فكلمه بالصدق، وأخبره بالذي قد حصل، وأنه لم يكن له عذر، وأنه حصل منه التسويف والتأخر حتى حصل ما حصل، وقدر الله وما شاء فعل. وتركهم الرسول صلى الله عليه وسلم مدة خمسين ليلة، وهذا يدل على أن هجر المبتدع لا يتقيد ولا يتحدد بوقت، وأما الحديث الذي جاء فيه النهي عن الهجر فوق ثلاث فإنما هو لأمور الدنيا وليس من أجل الدين، وأما إذا كان من أجل الدين فإنه يستمر حتى تحصل المنفعة والفائدة من ورائه إذا كان يترتب على ذلك فائدة. يقول الخطابي رحمه الله: وفيه دلالة على أنه لا يحرج المرء بترك رد سلام أهل الأهواء والبدع. أقول: ولا يصير رد السلام في هذه الحالة واجباً، فقد جاء في حديث كعب بن مالك أنه كان يسلم ولا يردون عليه السلام، كما في هذا الحديث الذي معنا، فقد ذكر أنه تسلق على حائط أبي قتادة الأنصاري -وهو ابن عمه- فسلم عليه فلم يرد عليه السلام، وكذلك جاء عنه في الحديث الطويل أنه كان يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيسلم عليه، فينظر إلى شفتيه هل حركهما أو لم يحركهما. وفيه دليل أيضاً على أن من حلف على ألا يكلم رجلاً فسلم عليه، أو رد عليه السلام كان حانثاً؛ لأن هذا كلام، فتلزمه الكفارة.
تراجم رجال إسناد حديث (نهي النبي عن كلام الثلاثة الذين خلفوا)


قوله: [ حدثنا ابن السرح ]. هو أحمد بن عمرو بن السرح المصري ، وهو ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ أخبرنا ابن وهب ]. هو عبد الله بن وهب المصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني يونس ]. هو يونس بن يزيد الأيلي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن شهاب ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ]. عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ثقة، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ عن عبد الله بن كعب بن مالك ]. عبد الله بن كعب بن مالك ثقة، وقيل: له رؤية، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ عن كعب بن مالك ]. كعب بن مالك رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
ترك السلام على أهل الأهواء


شرح حديث امتناع النبي عن رد السلام على عمار لتخلقه بالزعفران


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ترك السلام على أهل الأهواء. حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا عطاء الخراساني عن يحيى بن يعمر عن عمار بن ياسر قال: (قدمت على أهلي وقد تشققت يداي، فخلقوني بزعفران، فغدوت على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فسلمت عليه فلم يرد علي، وقال: اذهب فاغسل هذا عنك) ]. أورد أبو داود باب ترك السلام على أهل الأهواء، والمقصود من ذلك هو التأديب لهم، وهذا فيه مصلحة وفائدة لهم؛ لأن المقصود من وراء ذلك هو الإصلاح والإحسان إليهم حتى ينزجروا ويرتدعوا. وأورد أبو داود رحمه الله حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه، قال: (قدمت على أهلي وقد تشققت يداي، فخلقوني بزعفران) أي: دهنوا يديه المشققتين بالزعفران، وكأن المقصود من ذلك هو التداوي؛ لأنه دواء لتتشقق اليدين، فجاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فسلم عليه، فلم يرد عليه السلام وقال: (اذهب فاغسل هذا عنك)، فالإنسان لا يستعمل الزعفران لا في جسده ولا في ثيابه.
تراجم رجال إسناد حديث امتناع النبي عن رد السلام على عمار لتخلقه بالزعفران


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. هو حماد بن سلمة، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ أخبرني عطاء الخراساني ]. هو عطاء بن أبي مسلم الخراساني ، وهو صدوق يهم كثيراً، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن يحيى بن يعمر ]. يحيى بن يعمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمار بن ياسر ]. عمار بن ياسر رضي الله عنه، وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث هجر النبي لزينب بسبب سبها صفية بنت حيي


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن ثابت البناني عن سمية عن عائشة: (أنه اعتل بعير لصفية بنت حيي، وعند زينب فضل ظهر، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لزينب : أعطيها بعيراً، فقالت: أنا أعطي تلك اليهودية! فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهجرها ذا الحجة والمحرم وبعض صفر) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، أنها قالت: (إنه اعتل بعير لصفية بنت حيي) أي: أصابه علة، فصار لا يحمل عليه ولا يركب، (وكان عند زينب فضل ظهر) أي: عندها زيادة في الإبل، (فأمرها أن تعطيها بعيراً، فقالت: أنا أعطي هذه اليودية، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهجرها ذا الحجة ومحرم وبعض صفر) وهذا الحديث في إسناده سمية الراوية عن عائشة ، وهي هنا غير منسوبة، وقد قال عنها الحافظ في (التقريب): إنها مقبولة، أي: أنه يحتج بحديثها حيث يعتضد، وقد ضعف هذا الحديث بسببها.
تراجم رجال إسناد حديث هجر النبي لزينب بسبب سبها صفية بنت حيي


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن ثابت البناني ] ثابت بن أسلم البناني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سمية ]. سمية مقبولة، أخرج لها أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، وقد مر ذكرها.
النهي عن الجدال في القرآن



شرح حديث (المراء في القرآن كفر)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب النهي عن الجدال في القرآن. حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا يزيد -يعني ابن هارون - أخبرنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (المراء في القرآن كفر) ]. أورد المصنف هذه الترجمة وهي قوله: [ باب النهي عن الجدال في القرآن ]، أي: بالباطل، وأما البحث عما جاء في القرآن من المعاني والحكم والأسرار، وفهم معانيه على مقتضى اللغة، وعلى ما جاء عن الصحابة والتابعين، فهذا أمر مطلوب، وأما الجدال الذي يكون بالباطل، والذي يكون بغير حق، والذي يترتب عليه ضرر وفتن، والذي يترتب عليه ضلال وتنافر بين الناس فهو منهي عنه. وقد أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (المراء في القرآن كفر)، والمراء هو الجدال، والمقصود من ذلك المراء الذي يكون بالباطل، والذي يكون بضرب القرآن بعضه ببعض، بحيث يشكك فيه، أو يؤتى فيه بأمور غير سائغة تصرف الناس عن القرآن، فلا شك أن هذا كفر بالله عز وجل، وهو مخرج من الملة.
تراجم رجال إسناد حديث (المراء في القرآن كفر)


قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا يزيد -يعني ابن هارون- ]. أحمد بن حنبل مر ذكره. و يزيد بن هارون الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة ]. محمد بن عمرو بن وقاص الليثي، و أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف و أبو هريرة، مر ذكر ثلاثتهم في إسناد سابق.
الأسئلة



حكم استعمال الرجال للحناء


السؤال: ما حكم استخدام الزعفران والحناء للرجال للعلاج، وذلك في اليدين أو في الرجلين؟ الجواب: استعمال الحناء للرجال في حالة العلاج لا بأس به، وأما استعماله للزينة فلا يجوز، وإنما هو للنساء فقط؛ فهن اللاتي يتزين بالحناء، وأما الرجال فلا يتجملون بالحناء.

البدعة أخطر من المعصية


السؤال: الأحاديث التي جاءت في الهجر وترك السلام هي فيمن وقع في معصية، فهل تقاس المعصية على البدعة؟ الجواب: نعم، فالترجمة هي في الأهواء والبدع، وإن كانت الأحاديث التي جاءت هي في المعاصي، إلا أن الحكم واحد؛ لأن هذا كله فيه مخالفة للسنة، إلا أن هذا يتعلق بالاعتقاد، وهذا يتعلق بالعمل، ومعلوم أن البدع أعظم وأخطر من المعاصي، وهي أيضاً أضر من المعاصي، وذلك أن صاحب المعصية يعرف أنه عاص، فهو يشعر بذنبه ويخاف منه، بخلاف المبتدع فإنه يرى أنه على حق، فيموت وهو على بدعته، ولهذا جاء في الحديث: (إن الله حجب التوبة عن صاحب بدعة حتى يتوب عن بدعته)، فلكونه يظن أنه على حق لا يحصل منه توبة، بخلاف العاصي فإنه يعرف أنه عاص، ويعرف أن فعله محرم فيتوب منه.

حكم مدح أهل الأهواء


السؤال: ما حكم من يمدح أهل الأهواء؟ الجواب: إذا كان يمدحهم من أجل بدعهم فهو مدح للباطل -والعياذ بالله-، وأما إذا مدحهم لأمر هو موجود فيهم من صفات حميدة مثلاً فهذا أمره هين، ولكن لا ينبغي أن يمدح أهل البدع؛ لأنه بوجود هذا المدح قد يظنون أن أمرهم هين، وأن بدعهم هينة، وإن كان مدحهم على أمر موجود فيهم كالفصاحة أو البلاغة أو ما إلى ذلك، فعليه بالمقابل أن يحذر من بدعتهم، وهذا مثل ما ذكروا عن واصل بن عطاء المعتزلي، فقد كان فصيحاً بليغاً، وكانت عنده لثغة بالراء، لذلك كان يتجنب النطق بالراء، فكان يأتي بالقصيدة خالية من حرف الراء؛ وذلك لقدرته على صياغة الكلام.

حديث كعب وعمار في الأبواب المتعلقة بأهل الأهواء


السؤال: الإمام أبو داود ترجم بقوله: مجانبة أهل الأهواء، ثم ذكر حديث كعب، وكذا عنون بترك السلام على أهل الأهواء، وذكر حديث عمار بن ياسر ، فقد يفهم من ذلك إنزال لفظ الأهواء على الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، وحاشاهم من كل لفظ سيئ؟ الجواب: لا ينزل هذا عليهم، وهذه الأمور التي حصلت منهم إنما هي معاص، والترجمة تتعلق بالأهواء، أي أن ذلك من باب أولى، فإذا كان من وقع منهم بعض المعاصي قد هجروا فأصحاب البدع من باب أولى.

اجتماع الحب والبغض في العاصي


السؤال: إذا كانت البدعة غير مكفرة فهل يبغض صاحبها على الإطلاق، أم يجتمع فيه الحب والبغض؟ الجواب: يجتمع فيه الحب والبغض؛ لأن من كان عاصياً -أي: مرتكب الكبيرة- فهو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، فيحب على ما عنده من الإيمان، ويبغض على ما عنده من الفسوق والعصيان، ولكن لا يُظهر حبهم ولا يُنشر، بل يحذر منهم."



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.96 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.33 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.17%)]