طعن حسن بن فرحان المالكي في الصحابة
وقد نبت في هذا الزمان نابتة يزعم أنه من أهل السنة وهو ليس منهم، بل هو على طريقة الرافضة الحاقدين على الصحابة، وهو حسن بن فرحان المالكي ، نسبة إلى بني مالك في أقصى جنوب المملكة، وقد كتب رسالة سيئة بعنوان: ((الصحابة بين الصحبة اللغوية والصحبة الشرعية)) زعم فيها أن الصحابة هم المهاجرون والأنصار قبل الحديبية فقط، وأن كل من أسلم وهاجر بعد الحديبية فليس له نصيب في الصحبة الشرعية، وأن صحبتهم كصحبة المنافقين والكفار! فأخرج بذلك الكثيرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وفي مقدمتهم العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وابنه عبد الله بن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن، رضي الله تعالى عنه وعن أبيه وعن الصحابة أجمعين. كما أخرج أبا موسى الأشعري و أبا هريرة و خالد بن الوليد وغيرهم ممن لا يحصون، وهو قول محدث في القرن الخامس عشر لم يسبقه إليه إلا شاب حديث السن مثله اسمه عبد الرحمن بن محمد الحكمي . ومما جاء في كتابه السيئ إنكار القول بعدالة الصحابة، وزعمه أن أكثر الصحابة يذادون عن حوض الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه يؤمر بهم إلى النار، وأنه لا ينجو منهم إلا القليل مثل همل النعم. وبهذا يتبين مماثلته للرافضة الحاقدين على الصحابة.
الرد على المالكي الطاعن في الصحابة
وقد رددت عليه في كتاب بعنوان ((الانتصار للصحابة الأخيار في رد أباطيل حسن المالكي))، ومما جاء في الكتاب مما يتعلق بالذود عن الحوض ما يلي: السابع -أي من وجوه الرد في إنكاره عدالة الصحابة- قوله: ومن الأحاديث في الذم العام قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أحاديث الحوض في ذهاب أفواج من أصحابه إلى النار، فيقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أصحابي أصحابي؟ فيقال: لا تدري ما أحدثوا بعدك)، الحديث متفق عليه، وفي بعض ألفاظه في البخاري : (فلا أرى ينجو منكم إلا مثل همل النعم)، فيأتي المعارض بالثناء العام بعد هذا الذم العام، فكيف تجعلون للصحابة ميزة وقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه لا ينجو منهم إلا القليل، وأن البقية يؤخذون إلى النار؟ وقال عن هذا الحديث أيضاً كما أخبر النبي صلى الله وآله وسلم: أنه لا ينجو من أصحابه يوم القيامة إلا القليل مثل همل النعم، كما ثبت في صحيح البخاري كتاب الرقاق؟ ويجاب عنه: بأن لفظ الحديث في صحيح البخاري في كتاب الرقاق عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (بينا أنا نائم فإذا زمرة، حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، فقال: هلم! فقلت: أين؟ قال: إلى النار إلى النار، والله قلت: وما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى. ثم إلى زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، فقال: هلم! قلت: أين؟ قال: إلى النار، والله قلت: ما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى. فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم). قال الحافظ في شرحه: قوله: (بينا أنا نائم) كذا بالنون للأكثر و للكشمهيني : (قائم) بالقاف، وهو أوجه، والمراد به قيامه على الحوض يوم القيامة، وتوجه الأولى بأنه رأى في المنام في الدنيا ما سيقع له في الآخرة. وقال أيضاً: قوله: (فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم) يعني: من هؤلاء الذين دنوا من الحوض وكادوا يردونه فصدوا عنه. وقال أيضاً: والمعنى: أنه لا يرده منهم إلا القليل، لأن الهمل في الإبل قليل بالنسبة لغيره. واللفظ الذي ورد في الحديث: (فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم) أي: من الزمرتين المذكورتين في الحديث، وهو لا يدل على أن الذين عرضوا عليه هاتان الزمرتان فقط، و المالكي أورد لفظ الحديث على لفظ خاطئ لم يرد في الحديث، وبناءً عليه حكم على الصحابة حكماً عاماً خاطئاً فقال فيه: وفي بعض ألفاظه في البخاري : (فلا أرى ينجوا منكم إلا مثل همل النعم) فجاء بلفظ: (منكم) على الخطاب بدل: (منهم) وبناء عليه قال: كيف تجعلون للصحابة ميزة وقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أنه لا ينجو منهم إلا القليل، وأن البقية يؤخذون إلى النار؟ وقال: كما أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنه لا ينجو من أصحابه يوم القيامة إلا القليل مثل همل النعم، كما ثبت في صحيح البخاري كتاب الرقاق. وهذا كذب على الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإنه لم يخبر أن أصحابه لن ينجو منهم إلا القليل، ولعل هذا الذي وقع من المالكي حصل خطأً لا عمداً. وأما ما جاء في بعض الأحاديث من: (أنه يذاد عن حوضه أناس من أصحابه وأنه يقول: أصحابي؟ -وفي بعض الألفاظ: أصيحابي_ فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك)، فهو محمول على القلة التي ارتدت منهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقتلوا في ردتهم على أيدي الجيوش المظفرة التي بعثها أبو بكر الصديق رضي الله عنه. وإذا كان مصير أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى النار، وأنه لا ينجو منهم إلا القليل مثل همل النعم بزعم هذا الزاعم، فليت شعري ما هو المصير الذي يفكر به المالكي لنفسه؟! نسأل الله السلامة والعافية، ونعوذ بالله من الخذلان! بل إن الصحبة الشرعية بزعم المالكي لم تحصل إلا للمهاجرين والأنصار قبل صلح الحديبية، ومن بعدهم ليسوا من الصحابة بزعمه، وعلى هذا فإنه لا ينجو من الصحابة إلا القليل مثل همل النعم، والبقية يؤخذون إلى النار، فهذا يعم الصحابة الذين كانوا قبل الحديبية، فإذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذين هم خير هذه الأمة لا يسلمون من النار، فمن الذي يسلم منها؟! بل إن اليهود والنصارى لم يقولوا في أصحاب موسى وعيسى مثل هذه المقالة القبيحة. وقد ذكر شارح الطحاوية أن اليهود والنصارى فضلوا على الرافضة بخصلة وهي: أنه إذا قيل لليهود: من خير أهل ملتكم؟ قالوا: أصحاب موسى، وإذا قيل للنصارى: من خير أهل ملتهم؟ قالوا: أصحاب عيسى، وإذا قيل للرافضة: من شر أهل ملتكم؟ قالوا: أصحاب محمد. وهذا يبين لنا منتهى السوء الذي وقع فيه المالكي، وأن من يسمع أو يطلع على كلامه في الصحابة يتهمه في عقله، أو يستدل به على منتهى خبثه وحقده على خير هذه الأمة، لاسيما أن زعمه أن العباس بن عبد المطلب وابنه عبد الله رضي الله عنهما ليسا من الصحابة، وزعمه أن أكثر الصحابة إلا قليل منهم مثل همل النعم يؤخذون إلى النار. وأيضاً: إذا كان أكثر الصحابة إلا قليل منهم يؤخذون إلى النار في زعم هذا الزاعم والكتاب والسنة لم يصلا إلى هذه الأمة إلا عن طريق الصحابة، فهم الواسطة بين الناس وبين الرسول صلى الله عليه وآله وسلم؛ فأي حق وهدى يكون بأيدي المسلمين؟! فإن القدح في الناقل قدح في المنقول. قال أبو زرعة الرازي المتوفي (سنة 264هـ) رحمه الله: إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاعلم أنه زنديق، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقة. (الكفاية) للخطيب البغدادي. وسأكشف أباطيله الأخرى التي اشتمل عليها كتابه ((قراءة في كتب العقائد)) وأدحضها إن شاء الله تعالى في كتابي: ((الانتصار لأهل السنة والحديث في رد أباطيل حسن المالكي)) . انتهى.
الأسئلة
تأليف المالكي في الطعن في الشيخ محمد بن عبد الوهاب والرد عليه
السؤال: يذكر البعض أن المالكي ألف كتاباً في الطعن في شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ؟ الجواب: نعم، له كتاب خاص بهذا، وقد تكلم فيه كلاماً قبيحاً سيئاً، وهذا ليس بمستغرب ممن طعن في الصحابة وهم خير هذه الأمة، فلا يسلم منه من بعدهم من باب أولى، كالشيخ محمد بن عبد الوهاب، فالرجل يقول في الصحابة المقالات القبيحة التي لا يقولها اليهود والنصارى في أصحاب موسى وعيسى، فمن باب أولى ومن السهل أن يتكلم في الشيخ محمد بن عبد الوهاب كما تكلم فيمن قبله مثل ابن تيمية و ابن القيم وابن كثير والذهبي ، وفي أهل السنة من زمن الصحابة إلى عصرنا هذا، وقد تكلم في الشيخ محمد ومن كان على طريقة الشيخ محمد من العلماء حتى العصر الحاضر، فهو في منتهى السوء، وقد رد عليه الشيخ ربيع المدخلي في كتابه عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب بكتاب مفيد سماه: ((دحر افتراءات أهل الزيغ والاغتياب عن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، أباطيل حسن المالكي ))، وهو لم يطبع.
الرد على المالكي في الطعن في الصحابة من كلامه
السؤال: ألا يمكن الاحتجاج على المالكي بمقالته، فإنه احتج بحديث عند البخاري بزعمه وهو من رواية أبي هريرة فلا يصح احتجاجه؛ لأن أبا هريرة رضي الله عنه ليس بصحابي عنده، فهو غير عدل؟ الجواب: على كلٍ أقول: الإنسان المبطل يأتي بالشيء الذي يريد، وأما الشيء الذي لا يريده فإنه لا يأتي به، وهو أتى بشيء كذب فيه، لأن اللفظ الذي بنى عليه الحكم لا يوجد في البخاري ، وإنما هو الحقد والخبث الذي يكون في النفوس.
الرافضة يدعون أن الصحابة يذادون عن الحوض ولا يؤمنون به
السؤال: كيف يقول الرافضة إن الصحابة لا يردون الكوثر وهم أصلاً لا يؤمنون بالكوثر، بل يقولون: إن الكوثر في القرآن هي فاطمة ؟ الجواب: الرافضة لهم مقالات قبيحة يقولونها في أمور أخرى، وأما هذا الموضع بالذات فلا أدري عن حقيقة قولهم فيه، وعندهم تحريف للقرآن وذلك بتفسيره بأمور لا يدل عليها لا من حيث اللغة ولا من حيث المعنى أيضاً.
الراجح في مكان الحوض
السؤال: ما هو الراجح في مكان الحوض؟ الجواب: الذي يبدو -والله أعلم- أنه في عرصات القيامة قبل الصراط.
حكم تأسيس معهد خاص بالنساء وسكنهن فيه
السؤال: ما حكم تأسيس معهد إسلامي خاص بالبنات يسكنَّ فيه بعيداً عن أهلهن مع الأمن، ولا يذهبن إليه ولا يعدن منه إلا مع محرم، وهو في أيام الإجازة فقط، هل هذا العمل يعد من الأعمال البدعية؟ السؤال: لا يعد هذا من الأعمال البدعية إذا كان النساء في محل خاص بهن، وفيه أكلهن ودراستهن، ولا يخرجن من هذا المكان إلا مع محارمهن، وفيه الأمور التي يحتجن إليها، ولا يحتجن إلى الخروج، لأن المنع إنما جاء عن السفر: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم)، وكونها تذهب وتجيء مع ذي محرم لا بأس به، وهو مطابق لما جاء في الحديث. فعندما تكون المرأة في مكان آمن وفي مكان خاص بحيث لا ترى الرجال ولا يرونها ولا تختلط بأحد، وإنما يدخل أهلها إذا أرادوا ثم يخرجونها مثل إدخالهم إياها إلى المدرسة ثم إخراجها منها، فلا بأس.
كلام ابن رجب في معنى: (لم يعملوا خيراً قط)
السؤال: قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في كتابه ((التخويف من النار)) شرحاً لقوله عليه الصلاة والسلام: (لم يعملوا خيراً قط) أي: لم يعملوا شيئاً مما هو من أفعال الجوارح، لكنهم يخرجون من النار بشيئين: الأول: قول اللسان، وهو نطقهم بالشهادتين، الثاني: عمل القلب، وهو التوحيد. فما رأي فضيلتكم في هذا التفسير؟ وهل من يقول به يعد من المرجئة ؟ الجواب: هذا كلام مستقيم، ولكن ما يتعلق بأعمال الجوارح وأنها كلها منفية وأنه لا يؤثر ذهابها؛ هذا غير صحيح، أعني إذا كان المقصود أن الجوارح ليس لها عمل أصلاً، بل الصحيح أن من أعمال الجوارح الصلاة، وتركها كفر كما جاءت الأحاديث بذلك عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
القضاء على من أفطر لمرض لا يرجى برؤه
السؤال: أختي أفطرت رمضان العام الماضي بسبب عملية صمام القلب، وعندما تصوم تتعب ولن تقدر أن تقضي تلك الأيام، فماذا عليها؟ الجواب: إذا كان يمكنها القضاء في المستقبل فإنها تقضي في المستقبل، وتطعم عن كل يوم مسكين إذا قضت بعد دخول رمضان آخر، وذلك إذا كان المرض مما يرجى برؤه، وأما إذا كان هذا المرض لا يرجى برؤه فإنها تطعم عن كل يوم مسكيناً ولا قضاء عليها.
حكم لبس الدبلة للرجال والنساء
السؤال: ما حكم لبس الدبلة للرجال والنساء، سواء كانت مكتوباً عليها أم لم يكتب عليها شيء؟ الجواب: هذه من الأمور التي وفدت على المسلمين واستوردوها من أعدائهم، فلا يجوز استعمالها من أجل الزواج إذا حصلت الخطبة، ولا أن يضع كل واحد في أصبعه خاتماً يسمونه الدبلة، فهذه من الأمور المحدثة المنكرة التي يقلد فيها المسلمون أعداءهم فيما يضر ولا ينفع.
حكم وصف أبي بكر بالضعف بالنسبة لعمر
السؤال: ألقى أحد الأساتذة محاضرة عن آراء الناس في أبي بكر و عمر رضي الله عنهما، فقال الأستاذ أثناء محاضرته: كان أبو بكر رضي الله عنه ليناً جداً في الإمارة، وأيضاً ضعيفاً بالنسبة لعمر رضي الله عنه، فما رأيكم فيما قال؟ الجواب: يجب أن تكون الألسنة نظيفة عند الكلام على أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك يجب أن تكون القلوب سليمة ليس فيها شيء من الأذى والقذر، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطة : ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكل شيء فيه احتمال أو إيهام تنقص فإن البعد عنه مطلوب. فكون أبي بكر رضي الله عنه ليناً هذا لاشك فيه، ولكنه في بعض المواقف كان أشد وأعظم من عمر ، وذلك في مسألة قتال المرتدين، فإنه وقف وقفة شجاعة حتى إن عمر جاء وراجعه للقتال في ذلك، ولكنه قال: لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، ثم قال عمر : فما هو إلا أن رأيت أن الله شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق. وهذا معناه أن عمر رأى أن هذا موقف شجاع. والحاصل أنه كان عنده لين، و عمر عنده شدة، وقد كان عمر محموداً في شدته وأبو بكر محموداً في لينه، ولا يقال إن أحدهما مذموم. فالتعبير بأنه ضعيف أمام عمر لا يصلح، وإذا أراد الإنسان بذلك التنقص فلاشك أنه كلام قبيح، والذي ينبغي هو تنظيف الألسنة والقلوب من أن يكون فيها شيء لا يليق بحق أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم. وأما بالنسبة لعمر رضي الله عنه فخلافته طالت وبلغت مقدار خلافة أبي بكر خمس مرات، لأن أبا بكر تولى سنتين وأشهراً، و عمر رضي الله عنه تولى عشر سنوات وأشهراً، فحصل فيها خير كثير، وحصل فيها فتوحات عظيمة، وقضى على الدولتين العظميين في ذلك الزمان: دولة الفرس ودولة الروم، والرؤيا التي رآها النبي صلى الله عليه وسلم في النزع من البئر فيها: (أن أبا بكر نزع ذنوباً أو ذنوبين، ثم نزع عمر حتى استحالت غرباً، قال: فلم أر عبقرياً يفري فرية، حتى ضرب الناس بعطن)، ومعنى ذلك أنه اتسعت رقعة البلاد الإسلامية في خلافته ودخل الناس في دين الله، وقضي على الدولتين العظميين في ذلك الزمان. فالحاصل أن كل شيء لا ينبغي في حق الصحابة ليس للإنسان أن يتلفظ به، وكذلك إذا كان الكلام موهماً أو محتملاً، بل يأتي بالكلام الواضح الجلي الذي فيه الثناء والمدح للجميع، ولا يأتي بشيء فيه احتمال.
إسناد أول خطبة نبوية
السؤال: نقل بعضهم من تاريخ الطبري الجزء الثاني خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول جمعة جمعها بالمدينة ويريد أن تنظر في السند، فيقول ابن جرير : حدثني يونس بن عبد الأعلى أخبرنا ابن وهب حدثني سعيد بن عبد الرحمن الجمحي أنه بلغه عن خطبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أول جمعة صلاها في المدينة في بني سالم بن عوف : (الحمد لله أحمده وأستعينه .. إلخ) الجواب: قوله: (بلغني عن خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم) هناك مسافة شاسعة بين سعيد بن عبد الرحمن الجمحي وبين زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، قال عنه في التقريب: من ولد عامر بن حذيم ، أبو عبد الله المدني قاضي بغداد، صدوق له أوهام، وأفرط ابن حبان في تضعيفه، من الثامنة، مات سنة ست وسبعين، له اثنتان وسبعون، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد و مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . فأنت ترى أنه من الطبقة الثامنة، أي أنه بعد طبقة صغار التابعين بثلاث طبقات، لأن طبقة صغار التابعين هي الطبقة الخامسة، وهو بعد طبقة صغار التابعين بثلاث طبقات، ومعناه أن هناك مسافة بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكون في هذا الحديث انقطاع طويل، فهو معضل.
يذاد عن الحوض كل من غير وبدل
السؤال: هل الذين يذادون عن الحوض هم أهل البدع فقط أم أن من أهل السنة من يذاد عن الحوض؟ الجواب: الذي جاء أن الذين يذادون هم الذين أحدثوا وغيروا وبدلوا، ومعلوم أن هناك من أحدث كفراً، وهناك من أحدث بدعاً ومحدثات، ومعلوم أن الذين ارتدوا بعد وفاته صلى الله عليه وسلم يذادون عن حوضه وذلك لكفرهم، والحديث بعمومه يدل على أن الإحداث والتغيير سبب للذود عن الحوض، لكن من ذيد عنه وهو مسلم فإنه يدخل الجنة، ولا أعلم شيئاً يدل على أنه يذاد عنه أحد من أهل الجنة، ولكن اللفظ يدل بعمومه على أن الكفار وغير الكفار ممن أحدثوا وبدلوا يذادون."