عرض مشاركة واحدة
  #933  
قديم 05-07-2025, 05:54 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,305
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [569]
الحلقة (599)



شرح سنن أبي داود [569]

إن التكلف والتشدق والتقعر في الكلام مذموم في الشرع، وأما البلاغة والفصاحة والبيان من غير تكلف فمحمودة إذا استخدمت في الخير، وفي نشر العلم والأخلاق والفضيلة. والشعر منه ما هو محمود ومنه ما هو مذموم، فالمحمود ما كان في الخير، وما لم يشغل عن القرآن والحديث والذكر، وما لم يكن الاشتغال به هو الغالب، وإلا فسيصبح مذموماً، والشعر الحسن يجوز إنشاده في المسجد.

ما جاء في المتشدق في الكلام



شرح حديث (إن الله يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه تخلل الباقرة بلسانها)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في المتشدق في الكلام. حدثنا محمد بن سنان الباهلي -وكان ينزل العوقة- حدثنا نافع بن عمر عن بشر بن عاصم عن أبيه عن عبد الله -قال أبو داود : هو ابن عمرو رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إن الله عز وجل يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه تخلل الباقرة بلسانها) ]. أورد أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في المتشدق في الكلام ] وفي بعض النسخ: [ باب التشدق في الكلام ] والمقصود بذلك الإنسان الذي يتفاصح ويتقعر ويتعمق في الكلام ويتكلفه، ولم يكن ذلك له سليقة، فيتكلف ويأتي بشيء عن طريق التكلف، أما إذا كان من غير تكلف بأن يعطي الله الإنسان فصاحة وبلاغة فتكلم واستخدم فصاحته وبلاغته في بيان الحق، فإن ذلك غير مذموم. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (إن الله عز وجل يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه تخلل الباقرة بلسانها) ]. وهذا الحديث فيه أن الله يبغض الذي يتكلف البلاغة، ويأتي بشيء عن تقعر وتكلف، ووصفه بأنه يشبه البقرة التي تتخلل بلسانها وتحرك لسانها وتديره وتمده، يعني: أنه يتكلف ويتقعر كما أن البقرة هذا شأنها وهذه طريقتها في كونها تستعمل لسانها في أكلها، وقيل: إن البقرة ليست كالبهائم؛ لأن البهائم تتناول الشيء بأسنانها، وأما هي فتتناول الشيء بلسانها. فشبه من يتفاصح ويتكلف البلاغة والفصاحة بالبقرة التي تحرك لسانها وتمده وتميله يميناً وشمالاً. وفي هذا إثبات صفة البغض لله عز وجل حيث قال: [ (إن الله يبغض) ] فهذه من صفات الله عز وجل التي يجب إثباتها لله عز وجل كما يليق به، كما هو الشأن في جميع الصفات. وفيه: تحريم مثل هذا العمل وذمه، وأن صاحبه ممن هو مبغض عند الله سبحانه وتعالى. قوله: [ (الباقرة) ] يعني: المقصود بها البقرة، والجمع الباقر، والمفرد الباقرة كما أن المفرد البقرة، والجمع البقر، وهذه من الجموع التي يكون فيها وزن المفرد أكثر من وزن الجمع؛ لأن الجمع مبناه أقل من مبنى المفرد، لأن المفرد مبني من أربعة حروف، والجمع مكون من ثلاثة حروف، بقر وبقرة، فمبناه أكبر من معناه؛ لأنه إذا اتسع اللفظ قل المعنى، فإذا قيل: بقرة فهي واحدة، وإذا قيل بقر ونقص حرف في الآخر صار يقصد به الجمع، فهي من الجموع التي تكون فيها حروف المفرد أكثر من حروف الجمع. والباقرة لغة في البقرة، وإذا حذفت التاء صار الجمع باقراً، كما أن البقرة إذا حذفت التاء منها صار الجمع بقراً، ومثل بقرة وبقر: شجرة وشجر.
تراجم رجال إسناد حديث (إن الله يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه تخلل الباقرة بلسانها)


قوله: [ حدثنا محمد بن سنان الباهلي وكان ينزل العوقة ]. محمد بن سنان الباهلي هو ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ حدثنا نافع بن عمر ]. نافع بن عمر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن بشر بن عاصم ]. بشر بن عاصم وهو ثقة، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة . [ عن أبيه ]. هو عاصم بن سفيان وهو صدوق، أخرج له أصحاب السنن. [ عن عبد الله ، قال: أبو داود هو ابن عمرو ]. هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادله الأربعة من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. والعبادلة الأربعة هم: عبد الله بن عمرو ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين، فيطلق عليهم لفظ العبادلة من الصحابة، وإن كان في الصحابة عدد كبير ممن يسمى عبد الله مثل: عبد الله بن مسعود وعبد الله بن قيس أبو موسى الأشعري وعبد الله بن أبي بكر وغيرهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أن لفظ العبادلة غلب على هؤلاء الأربعة الذين هم من صغار الصحابة، والذين عمروا حتى استفاد من أدركهم من علمهم، وأما غيرهم ممن يسمى عبد الله فهم في الغالب من المتقدمين من الصحابة الذين لم يدركهم من التابعين مثل هؤلاء الذين أدركوا هؤلاء الصحابة الذين هم من صغارهم.
شرح حديث (من تعلم صرف الكلام ليسبي به قلوب الرجال)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن السرح حدثنا ابن وهب عن عبد الله بن المسيب عن الضحاك بن شرحبيل عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من تعلم صرف الكلام ليسبي به قلوب الرجال أو الناس، لم يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة : [ (من تعلم صرف الكلام ليسبي به قلوب الرجال أو الناس) ] يعني: تصاريفه والتعمق فيه من أجل أن يسبي عقول الرجال ويستميل قلوب الناس إليه، وأنه إنما تعلم من أجل أن يصرف الناس إليه فهذا هو المذموم. قوله: [ (لم يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلا) ] يعني: هذا يدل على أنه مذموم، والصرف النافلة والعدل الفريضة، وقيل غير ذلك، ولكن الحديث في إسناده ضعف من جهة أن فيه من هو مقبول، ومن جهة أن الضحاك قيل: إنه لم يرو عن الصحابة، وإنما روايته عن التابعين وليست عن الصحابة، ففيه احتمال الانقطاع، وفيه أيضاً الرجل الذي هو مقبول وهو عبد الله بن المسيب .
تراجم رجال إسناد حديث (من تعلم صرف الكلام ليسبي به قلوب الرجال)


قوله: [ حدثنا ابن السرح ]. هو أحمد بن عمرو بن السرح ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة. [ حدثنا ابن وهب ]. هو عبد الله بن وهب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن المسيب ]. عبد الله بن المسيب وهو مقبول، أخرج له أبو داود . [ عن الضحاك بن شرحبيل ]. الضحاك بن شرحبيل وهو صدوق يهم، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة . [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق.
شرح حديث ابن عمر (... إن من البيان لسحراً...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (قدم رجلان من المشرق فخطبا، فعجب الناس -يعني: لبيانهما- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من البيان لسحراً، أو إن بعض البيان لسحر) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: [ (قدم رجلان من المشرق فخطبا فعجب الناس يعني لبيانهما) ] فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: [ (إن من البيان لسحراً، أو إن بعض البيان لسحر) ]. وهذا فيه بيان أن من الكلام ما يكون فيه فصاحة وبلاغة، فإن كان عن تكلف فهو الذي سبق أن مر ذمه، وأما إذا كان من غير تكلف فإنه محمود إذا صرف فيما هو خير، ومذموم إن صرف فيما هو شر. والإمام أبو داود أورده في باب التشدق في الكلام، ومعلوم أن التشدق في الكلام مذموم، لكنه يحمل على ما إذا كان عن تكلف، وأما إذا كان عن طبيعة وجبلة وسليقة وليس فيه تكلف، فإنه يكون محموداً إذا كان الإتيان به فيما هو خير، أما إذا كانت الفصاحة والبلاغة الجبلية الطبيعية صرفت فيما هو شر فهي شر. ومعلوم أن الباب باب ذم وليس باب مدح، ولكنه كما أشرت يحمل على أن المقصود به ما إذا كان عن تكلف، أو فصاحة طبيعية جبلية ولكنها صرفت في شر، ولكن ورود حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: [ (إن من البيان لسحراً) ] الذي يبدو أنه مدح؛ لأنه كلام أعجبوا به، وليس فيه شيء يدل على الذم، ولكنَّ أبا داود أورده في باب التشدق فيحمل إيراده إياه على ما إذا كان عن طريق التكلف، أو أنه استعمل في شر، لأن من الناس من يكون فصيحاً بليغاً فيستخدم بلاغته في الشر ونشر الباطل وإظهار الباطل وإغواء الناس والعياذ بالله، ومنهم من يكون فصيحاً وفصاحته تستعمل في الخير. قوله: [ (قدم رجلان من المشرق) ]. الرجلان هما: الزبرقان بن بدر وعمرو بن الأهتم .
تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر (... إن من البيان لسحراً ...)


قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة ]. هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك ]. هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن زيد بن أسلم ]. زيد بن أسلم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن عمر ]. عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام. وهذا الإسناد رباعي وهو من أعلى الأسانيد عند أبي داود .
شرح حديث عمرو بن العاص (... لقد أمرت أن أتجوز في القول فإن الجواز هو خير)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا سليمان بن عبد الحميد البهراني أنه قرأ في أصل إسماعيل بن عياش وحدثه محمد بن إسماعيل ابنه قال: حدثني أبي قال: حدثني ضمضم عن شريح بن عبيد قال: حدثنا أبو ظبية أن عمرو بن العاص رضي الله عنه (قال يوماً وقام رجل فأكثر القول، فقال عمرو : لو قصد في قوله لكان خيراً له: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لقد رأيت -أو أمرت- أن أتجوز في القول؛ فإن الجواز هو خير) ]. أورد أبو داود حديث عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه: [ (أن رجلاً تكلم فأكثر الكلام، فقال عمرو رضي الله عنه: لو تجوز في الكلام لكان خيراً له، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: رأيت أو أمرت أن أتجوز في القول؛ فإن الجواز هو خير) ]. يعني: اختصار الكلام والإتيان به مختصراً غير مطول هو خير، ومعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أوتي جوامع الكلم، واختصر له الكلام اختصاراً، فكان يأتي بالكلام القليل المبنى الواسع المعنى؛ لأن كلامه جوامع عليه الصلاة والسلام. قوله: [ (أمرت أن أتجوز) ] إذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: [ (أمرت) ] فالآمر له هو الله، وإذا قال الصحابي أمرت بكذا أو أمرنا بكذا فالآمر هو الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد شك الراوي هل قال: أمرت أو رأيت.
تراجم رجال إسناد حديث عمرو بن العاص (.... لقد أمرت أن أتجوز في القول فإن الجواز هو خير)


قوله: [ حدثنا سليمان بن عبد الحميد البهراني ]. سليمان بن عبد الحميد البهراني هو صدوق، أخرج له أبو داود . [ أنه قرأ في أصل إسماعيل بن عياش ]. يعني: في أصل كتابه. [ وحدثه محمد بن إسماعيل ابنه قال: حدثني أبي ]. وأيضاً حدثه ابن إسماعيل بن عياش عن أبيه، فصار يروي الحديث من جهتين: من جهة أنه قرأه في أصل كتاب إسماعيل ثم رواه عنه، ومن جهة أنه رواه عن ابنه عن أبيه. وإسماعيل بن عياش صدوق في روايته عن أهل بلده، أخرج حديثه البخاري في رفع اليدين، وأصحاب السنن. أما محمد بن إسماعيل بن عياش فقد عابوا عليه أنه حدث عن أبيه من غير سماع، وحديثه أخرجه أبو داود . [ حدثني ضمضم]. هو ضمضم بن زرعة الحمصي ، وهو من أهل بلد إسماعيل بن عياش ، وهو صدوق يهم، أخرج له أبو داود وابن ماجة في التفسير. [ عن شريح بن عبيد ]. شريح بن عبيد وهو حمصي ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة . [ حدثنا أبو ظبية ]. أبو ظبية وهو مقبول، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والنسائي وابن ماجة ، وقد رجعت إلى تهذيب التهذيب فما وجدت شيئاً من الكلام فيه، وإنما الكلام الذي فيه حسن، فقد وثقه يحيى بن معين كما نقل عنه ذلك من طريقين، وأثنى عليه أناس غيره، فقول الحافظ فيه: إنه مقبول غير مستقيم. [ أن عمرو بن العاص ]. عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
الأسئلة



كيفية إثبات صفة البغض لله وغيرها من الصفات


السؤال: هل صفة البغض تثبت لله مطلقاً، أم لا بد من تقييدها مثل بغض المنافقين؟ الجواب: الله تعالى يبغض ويحب، فكما أن المحبة تثبت لله عز وجل وهي ليست لكل أحد، فالبغض يثبت لله عز وجل ولكن ليس لكل أحد. فالمحبة تثبت لله ويقال: من صفات الله المحبة، ويقال: من صفاته البغض، ولا يقال: إنه لا يذكر إلا مقيداً فيقال: من صفات الله بغض كذا، ومن صفات الله محبة كذا، بل يقال: من صفاته أنه يحب ويبغض، ولكن يحب من هو أهل للحب، ويبغض من هو أهل للبغض.

الكلام في نسبة محمد بن سنان الباهلي إلى العوقة


السؤال: ما معنى قوله عن محمد بن سنان الباهلي كان ينزل العوقة ؟ يعني: أنه كان يسكن وينزل هذه البلدة التي هي العوقة، والباهلي نسبة إلى قبيلة باهلة. قال الحافظ في التقريب: محمد بن سنان الباهلي أبو بكر البصري العوقي بفتح المهملة والواو بعدها قاف. فنسبه إلى البصرة ثم نسبه إلى العوقة، يعني: أن نسبته الأصلية بصري، ثم نزل العوقة، مثل ما يقولون: إن فلاناً كان في بلد كذا ثم انتقل إلى كذا، ولهذا يقول هنا: البصري ثم العوقي، ويقال في مثله البصري نزل كذا أو نزيل كذا. يعني: إن قيل: العوقي فنسبته صحيحة، وإن قيل: البصري فنسبته صحيحة. وقال صاحب العون: يذكر أن العوقة هذه محلة من محال البصرة. وأيضاً هي قرية في اليمامة. وهذا مثل الذي مر بنا أبو داود الحفري وهو كوفي. والحفر محلة من محلات الكوفة، فيقال له أحياناً : الحفري وأحياناً الكوفي ، وهذا إذا قيل له: العوقي أحياناً فهو نسبة إلى العوقة، وهي محلة في البصرة، وهي نسبة خاصة، وإذا قيل: البصري فهي نسبة عامة.

حكم تعلم إلقاء الخطبة والمسابقة في ذلك


السؤال: ما حكم تعلم إلقاء الخطبة والاشتراك في المسابقة فيها؟ الجواب: لا بأس أن يتعلم الإنسان أو يعود نفسه على الخطابة، ويأتي بالخطب في بعض الأحيان من أجل التمرن ومن أجل التعود لا بأس بذلك؛ لأن العلم بالتعلم، والإنسان لا يأتيه العلم فجأة وإنما يأتيه بالتدرج، فإذا حصل منه أن تعلم الخطابة وأتى بالخطبة في بعض المساجد من أجل أن يتمرن ويتعود فلا بأس بذلك. وكون الإنسان يخطب من أجل أن يتعود ويتمرن على الخطابة فهذا ليس من التكلف في البلاغة والفصاحة والتشدق والتعمق والتقعر في الكلام.
ما جاء في الشعر


شرح حديث (لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً خير له من أن يمتلئ شعراً)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في الشعر. حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا شعبة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً خير له من أن يمتلئ شعراً) ]. أورد أبو داود [ باب ما جاء في الشعر] يعني: فيما يتعلق بالاشتغال به وإنشاده وفي مدحه أو ذمه. أورد أبو داود هذا الحديث عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً خير له من أن يمتلئ شعراً) ] والحديث يدل على أن الانهماك فيه والاشتغال به عن القرآن والحديث وعن ذكر الله عز وجل مذموم، وأما إذا كان الاشتغال فيه ليس هو الغالب وإنما الغالب هو الاشتغال بالقرآن والحديث وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وذكر الله فإنه لا يكون مذموماً؛ لأن إنشاده وحفظ ما هو مفيد منه محمود وليس بمذموم، ولكن الذم فيما إذا شغل عن ذكر الله وشغل عن القرآن وشغل عن الحديث وشغل عن العلم النافع، وأما إذا لم يشغل فإنه لا مانع منه ولا محذور فيه؛ ولهذا بوب البخاري رحمه الله باباً للحديث يوضح هذا المعنى قال: باب ما يكره من الإكثار من الشعر حتى يشغل عن ذكر الله. يعني: أن المقصود به هو الإكثار منه والاشتغال به حتى يغلب الإنسان ويشغله عما هو أهم منه، ويقال: إن معناه إذا كان الشعر محرماً. وهذا لا يقال فيه: قليله حلال وكثيره حرام، بل لو لم يكن فيه غير بيت من الشعر وهو شر، ويظل الإنسان به ويحفظه ويحافظ عليه ويعجبه، فإنه مذموم ولو كان بيتاً واحداً، وإنما الكلام في قوله: [ (لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً خير له من أن يمتلئ شعراً) ] يعني: هو الشعر المحمود، ولكنه يشغل عن ذكر الله وعن القرآن وعن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا هو المذموم، أما إذا كان عنده شعر قليل ولكنه ليس شغله الشاغل واهتمامه بما هو أهم منه وبما هو أولى منه، فإنه لا بأس بذلك.
تراجم رجال إسناد حديث (لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً خير له من أن يمتلئ شعراً)


قوله: [ حدثنا أبو الوليد الطيالسي ]. هو هشام بن عبد الملك ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأعمش ]. هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي صالح ]. هو ذكوان السمان اسمه ذكوان ولقبه السمان وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة وقد مر ذكره.
نقل أبي علي اللؤلؤي عن أبي عبيد وجه الذم للمشتغل بالشعر ومعنى البيان وسحره


[ قال أبو علي : بلغني عن أبي عبيد أنه قال: وجهه أن يمتلئ قلبه حتى يشغله عن القرآن وذكر الله، فإذا كان القرآن والعلم الغالب فليس جوف هذا عندنا ممتلئاً من الشعر. وإن من البيان لسحراً: قال: كأن المعنى أن يبلغ من بيانه أن يمدح الإنسان فيصدق فيه حتى يصرف القلوب إلى قول، ثم يذمه فيصدق فيه حتى يصرف القلوب إلى قوله الآخر، فكأنه سحر السامعين بذلك ]. هذا الكلام فيما يتعلق بالشعر مطابق لما بوب به البخاري من أن المقصود هو الإكثار من الشعر بحيث *يغلب ويطغى على غيره مما هو أهم منه، وأما إذا كان الغالب هو القرآن والحديث وما فيه ذكر الله عز وجل، وكان عنده شيء من الشعر وهو مغمور وليس هو الأكثر، فإنه ليس هو المذموم الذي قال فيه: [ (لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً خير من أن يمتلئ شعراً) ] فهذا لا بأس به إذا كان عنده شيء من الشعر، ولكنه ليس هو الغالب، بل الغالب عليه ما هو أهم منه وهو القرآن والحديث وما فيه اشتغال بالعلم النافع. ثم ذكر ما يتعلق بالسحر وقال: (إن من البيان لسحراً) وهو أن الإنسان بفصاحته وبلاغته يمكن أن يمدح إنساناً فيأتي به، ويذم إنساناً فيأتي به، ولكن المحمود منه فيما إذا كان بخير، والمذموم منه فيما إذا كان بشر.
ترجمة اللؤلؤي وأبي عبيد وسبب عدم رواية صاحبي الصحيحين لبعض الثقات


قوله: [ قال أبو علي بلغني عن أبي عبيد ]. أبو علي هو اللؤلؤي راوي الكتاب عن أبي داود ، و أبو عبيد هو القاسم بن سلام وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً وفي جزء القراءة، وأبو داود . لم يخرج له البخاري ومسلم في صحيحيهما، مع أنه إمام من الأئمة رفيع المنزلة، وهذا يبين لنا أن البخاري ومسلماً ما رويا عن كل ثقة، كما أنهما لم يرويا كل حديث صحيح، فقد رويا أحاديث صحيحة وتركا أحاديث صحيحة، ورويا عن ثقات وتركا الرواية عن ثقات، وليس تركها الرواية عن الثقات لأنهما لا يريان الاحتجاج بهما، أو أنهم ليسوا حجة عندهما. كما أنهما تركا جملة من الأحاديث الصحيحة، وليس معنى ذلك أنهما لا يريانها أحاديث صحيحة، بل إنهما انتقيا وأوردا هذا المقدار من الأحاديث الصحيحة، وتركا من الصحيح ما هو كثير لم يأتيا به، فكذلك أيضاً اتفق لهما أن رويا أحاديث عن جماعة من الثقات ولم يرويا عن جماعة من الثقات، وهذا يبين لنا أن البخاري ومسلماً لم يلتزما إخراج كل صحيح، فلا يستدرك عليهما أحاديث صحيحة ولم يلتزما الإخراج عن كل ثقة، فلا يقال: كيف لم يخرجا لفلان وهو ثقة؟ فقد يكون الإنسان ثقة وفي غاية الأوصاف الحميدة ثم لا يرويان عنه، فأبو عبيد أثنى عليه الحافظ في التقريب ثناء عظيماً قال: القاسم بن سلام بالتشديد البغدادي أبو عبيد الإمام المشهور ثقة فاضل مصنف. ويقول الحافظ : لم أر له في الكتب حديثاً مسنداً، بل من أقواله في شرح الغريب. وهذا كما هو معلوم أن طريقة الحافظ أنه يذكر الشخص إذا كان من خرج له اتصالاً، أما إذا كان في التعاليق فإنه لا يرمز له، بل يرمز لمن خرج له اتصالاً. وهنا على خلاف طريقة أبي داود فقد رمز له الحافظ بدال.
حكم إيراد المفسرين بعض أشعار العرب في التفسير


أهل العلم قد شرطوا في المفسر أن يكون ملماً بلغة العرب وأشعارها وبخاصة المعلقات، رغم أن فيها الغزل الماجن، وقد كان الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في دروسه يأتي بأبيات عجيبة، ويبين أن المراد هو الوصول بها إلى التفسير وفهم كلام الله عز وجل. أقول: إذا كان الإنسان مثل الشيخ الشنقيطي في السعة في الحديث والتفسير وكلام العرب فليحفظ المعلقات، وأما كونه يشتغل بالمعلقات وهو لا يعرف التفسير ولا يعرف شيئاً من الأمور المهمة في التفسير فهذا هو الذي ينطبق عليه حديث ذم الشعر والاشتغال به. وهذه الأشعار التي كان يأتي بها الشيخ الشنقيطي عند التفسير فهو يأتي أولاً بتفسير القرآن بالقرآن، وتفسير القرآن بالحديث، وتفسير القرآن بكلام الصحابة، وتفسير القرآن بكلام التابعين، ثم يأتي بكلام العرب وأشعارهم، فالإنسان الذي عنده القدرة على أن يكون كذلك فليفعل.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 39.57 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 38.95 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.59%)]