عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 05-07-2025, 05:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,410
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [585]
الحلقة (615)





شرح سنن أبي داود [585]

لقد جاءت الشريعة بالتكافل الاجتماعي من إعالة يتيم وكفالته والإحسان إليه، والقيام بشئونه، ورعايته وتربيته، وغير ذلك مما يتعلق بالتكافل الاجتماعي، كالاهتمام بالفقراء والمساكين، فكفالة اليتيم فيها الأجر العظيم كما وردت بذلك الأحاديث. وأيضاً جاءت الشريعة لتنبه على عظم حق الجار، سواءً كان مسلماً قريباً أو مسلماً بعيداً أو كافراً، وجاء التحذير من إيذاء الجار والتقصير في حقه.

ما جاء في فضل من عال يتيماً



شرح حديث (من كانت له أنثى فلم يئدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها أدخله الله الجنة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في فضل من عال يتيماً. حدثنا عثمان و أبو بكر ابنا أبي شيبة المعنى قالا: حدثنا أبو معاوية عن أبي مالك الأشجعي عن ابن حدير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من كانت له أنثى فلم يئدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها- قال: يعني الذكور- أدخله الله الجنة) ولم يذكر عثمان : يعني الذكور ]. أورد أبو داود [ باباً في فضل من عال يتيماً ]. يعني: قام على شئونه ورعايته وكفالته والإحسان إليه وتنشئته. واليتيم: هو الذي مات أبوه؛ لأن والده هو الذي يرعاه ويقوم بالإنفاق عليه وبالاكتساب له. فاليتم هو من جهة الأب؛ لأنه هو الذي يسعى لجلب الرزق له، وإذا فقده فإنه يعتبر يتيماً، فإذا أحسن إنسان إلى يتيم وقام مقام أبيه في الرعاية والإحسان إليه؛ فإنه يعتبر كافل اليتيم أو عائلاً لليتيم. أورد أبو داود حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كانت له أنثى فلم يئدها). يعني: لم يفعل فعل الجاهلية بها، وذلك أنهم كانوا يدفنونها حية؛ وذلك خشية الفقر والعار، وقد جاء ذلك في القرآن: وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ [التكوير:8-9]. قوله: [ (ولم يهنها) ] يعني: لم يحصل منه إهانة لها، وإساءة إليها، مثل ما كانوا في الجاهلية، فقد كانوا يسيئون إلى المرأة ويهينونها ولا يعطونها ما تستحق. قوله: (ولم يؤثر ولده عليها) المقصود بالولد الذكر كما جاء عن أحد الرواة: (قال: يعني الذكور) وذلك أن الولد يطلق على الذكور والإناث، كما قال الله عز وجل: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11]، وكذلك يقال: الأم لها الثلث إذا لم يكن للميت ولد، والولد يطلق على الذكر والأنثى، فالولد سواء كان ذكراً أو أنثى يحجب الأم من الثلث إلى السدس. قوله: [ (أدخله الله الجنة) ] يعني: جزاؤه أن يدخله الله الجنة. والحديث في إسناده ضعف، ولكن الإحسان إلى البنات، وتربيتهن وتنشئتهن والإحسان إليهن جاء فيه أحاديث، ولكن الحديث بهذا الإسناد ضعيف.

تراجم رجال إسناد حديث (من كانت له أنثى فلم يئدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها أدخله الله الجنة)

قوله: [ حدثنا عثمان و أبو بكر ابنا أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي ، و إلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة. وأما أخوه أبو بكر فهو عبد الله بن محمد ، وهو مشهور بكنيته أبي بكر ، وهو من شيوخ الشيخين، وأخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي ، و مسلم أكثر من الرواية عنه حتى بلغت أحاديثه التي رواها عنه أكثر من ألف وخمسمائة حديث، وهو أكثر شيخ روى عنه مسلم في صحيحه. [ حدثنا أبو معاوية ]. هو محمد بن خازم الضرير الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي مالك الأشجعي ]. هو سعد بن طارق وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن ابن حدير ]. وهو مستور، أخرج له أبو داود . [ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي عليه الصلاة والسلام، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث (من عال ثلاث بنات فأدبهن وزوجهن وأحسن إليهن فله الجنة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا خالد حدثنا سهيل -يعني ابن أبي صالح - عن سعيد الأعشى ، قال أبو داود : وهو سعيد بن عبد الرحمن بن مكمل الزهري ، عن أيوب بن بشير الأنصاري رضي الله عنه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من عال ثلاث بنات فأدبهن وزوجهن وأحسن إليهن فله الجنة) ]. أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (من عال ثلاث بنات فأدبهن وزوجهن وأحسن إليهن فله الجنة) وهذه الثلاث سواء كن بنات له أو أخوات، كل ذلك يدخل تحت عموم الحديث مادام أنه هو القائم عليهن، وقد أحسن إليهن وعالهن حتى بلغن مبلغ الزواج وزوجهن، حصل منه الإحسان إليهن فجزاؤه الجنة عند الله عز وجل. بالنسبة للأخوات اللاتي مات عنهن أبوهن فقام أخوهن بإعالتهن والإحسان إليهن، فهذا يدخل تحت باب في فضل من عال يتيماً، أما بنات الرجل فلا يعتبرن يتيمات، ولكن الإحسان إليهن فيه الأجر العظيم والثواب الجزيل من الله سبحانه وتعالى.
تراجم رجال إسناد حديث (من عال ثلاث بنات فأدبهن وزوجهن وأحسن إليهن فله الجنة)


قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا خالد ]. هو خالد بن عبد الله الطحان الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سهيل يعني ابن أبي صالح ]. سهيل بن أبي صالح وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة، والبخاري روايته عنه مقرونة. [ عن سعيد الأعشى قال أبو داود : وهو سعيد بن عبد الرحمن بن مكمل الزهري ]. سعيد بن عبد الرحمن بن مكمل الزهري وهو مقبول، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و أبو داود و الترمذي . [ عن أيوب بن بشير الأنصاري ]. أيوب بن بشير الأنصاري له رؤية، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و أبو داود و الترمذي . [ عن أبي سعيد الخدري ]. أبو سعيد الخدري رضي الله عنه اسمه سعد بن مالك بن سنان ، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. والحديث في إسناده هذا الرجل المقبول، ولكنه قد جاء ما يدل على فضل من عال ثلاث بنات وأحسن إليهن، أو عدداً من البنات وأحسن إليهن في أحاديث عدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
طريق أخرى لحديث (...من عال ثلاث بنات...) مع ترجمة رجال الإسناد


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يوسف بن موسى حدثنا جرير عن سهيل بهذا الإسناد بمعناه قال: (ثلاث أخوات، أو ثلاث بنات، أو بنتان، أو أختان) ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وفيه أنه فصل في التي حصل إعالتهن أنهن ثلاث بنات أو أخوات أو بنتان أو أختان. قوله: [ حدثنا يوسف بن موسى ]. يوسف بن موسى هو صدوق، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي في مسند علي و ابن ماجة . [ حدثنا جرير ]. هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سهيل بهذا الإسناد ]. أي: بالإسناد المتقدم.
شرح حديث (أنا وامرأة سفعاء الخدين كهاتين يوم القيامة...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يزيد بن زريع حدثنا النهاس بن قهم حدثني شداد أبو عمار عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أنا وامرأة سفعاء الخدين كهاتين يوم القيامة -وأومأ يزيد بالوسطى والسبابة- امرأة آمت من زوجها ذات منصب وجمال حبست نفسها على يتاماها حتى بانوا أو ماتوا) ]. أورد أبو داود حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنا وامرأة سفعاء الخدين كهاتين يوم القيامة -وأومأ يزيد بالوسطى والسبابة- امرأة آمت من زوجها ذات منصب وجمال). يعني: تأيمت من زوجها ومات عنها وعندها بنات، فلم تتزوج من أجل أن ترعاهن وتحافظ عليهن، فآثرت البقاء بدون زوج مع بناتها للإحسان إليهن وتربيتهن وتنشئتهن، وهي ذات منصب وجمال ليست مرغوباً عنها، بل فيها من الصفات ما يقتضي الرغبة فيها، ولكنها آثرت البقاء معهن دون أن تتزوج. قوله: [ (سفعاء الخدين) ] السفع: المقصود به حصول كدرة أو شيء يغير لون البشرة، وقيل: إنه بسبب أنها لم تتزوج فلا تحتاج إلى التجمل، ولا إلى أن تتهيأ للزوج، بل بقيت على هذا الوصف بسبب ترك التزين، لا أن ذلك عيب فيها أو أنه شيء في أصل خلقتها، وإنما هو بسبب ابتعادها أو تركها للزواج وتركها التجمل والتزين للزوج. قوله: [ (ذات منصب وجمال) ] هذا ليس له مفهوم، بمعنى أن هذا الأجر لا يكون إلا لمن تكون كذلك، بل إن غيرها لو حصل منها مثل ما حصل من هذه، فإنه يكون لها ذلك الأجر، ولكن ذكرت ذات المنصب والجمال؛ لأن هذا مما يرغب فيها ومما يشجع على الإقدام على خطبتها والزواج منها، فكونها ذات شرف وذات حسب ومع ذلك جميلة فإن النفوس تطمع فيها وترغب فيها؛ ولهذا جاء في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله: (ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله) يعني: دعته إلى نفسها وهي متصفة بهذه الصفات التي تدعوه إلى الميل إليها والرغبة فيها، ولكنه لبعده عن الفاحشة وبعده عن معصية الله عز وجل امتنع من ذلك وقال: إني أخاف الله.
تراجم رجال إسناد حديث (أنا وامرأة سفعاء الخدين كهاتين يوم القيامة...)


قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا يزيد بن زريع ]. مسدد مر ذكره. و يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا النهاس بن قهم ]. النهاس بن قهم وهو ضعيف، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ حدثني شداد أبو عمار ]. شداد أبو عمار وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عوف بن مالك الأشجعي ]. عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. ويفهم من الحديث الحث على عدم الزواج لمن مات عنها زوجها، لكن هذا يرجع إلى حالها وإلى ما تعرفه من نفسها، فإذا كان عندها أولاد والزواج يؤثر في ضياعهم، وهي أيضاً كذلك عندها صبر ولا تخشى على نفسها من الفتنة ومن الأمور المحرمة، فلا شك أن بقاء المرأة دون زواج من أجل أولادها أمر مطلوب، لكن الحديث ضعيف.
شرح حديث (أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب فيمن ضم اليتيم. حدثنا محمد بن الصباح بن سفيان أخبرنا عبد العزيز -يعني ابن أبي حازم - حدثني أبي عن سهل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة. وقرن بين أصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة: [ باب فيمن ضم اليتيم ]. يعني: أنه كفله وقام برعايته والإحسان إليه، والباب السابق فيمن عال يتيماً. ويمكن أن يحمل ما جاء في الترجمة السابقة على الإنفاق عليه، وهذه الترجمة على أنه أتى به وجعله عنده، وقام برعايته والإحسان إليه، فجمع بين كونه ينفق عليه وبين كونه يباشر تأديبه والإحسان إليه. أورد أبو داود حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة. وقرن بين أصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام). هذا فيه إشارة إلى أنه يكون معه الجنة، ولا يعني ذلك أنه يكون معه في درجته. ولا شك أن هذا خير عظيم، والإنسان إذا دخل الجنة، فإنه يجد فيها كل ما تشتهيه نفسه، ويرى أن هذا الذي هو فيه ليس فوقه شيء، وليس هناك شيء أحسن منه، كما أن المعذبين في النار أهونهم عذاباً يرى أنه ليس هناك أحد أشد منه عذاباً، مع كونه أخف الناس عذاباً.
تراجم رجال إسناد حديث (أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة...)


قوله: [ حدثنا محمد بن الصباح بن سفيان ]. محمد بن الصباح بن سفيان صدوق، أخرج له أبو داود و ابن ماجة . [ أخبرنا عبد العزيز يعني ابن أبي حازم ]. عبد العزيز بن أبي حازم صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني أبي ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سهل ]. هو سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وهذا إسناد رباعي وهو من أعلى الأسانيد عند أبي داود .
الفرق بين إعالة اليتيم وبين ضمه وكفالته


الأحاديث السابقة التي مرت، حديث: (من عال ثلاث بنات فأدبهن وزوجهن وأحسن إليهن فله الجنة). وحديث: (من كانت له أنثى فلم يئدها، ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها أدخله الله الجنة). يفهم منها أنه هو المباشر، لكن كأن أبا داود رحمه الله ذكر هناك كونه يعول اليتيم، وهنا ذكر الضم الذي فيه زيادة إحسان، وأنه قد يكون الكافل أجنبياً وليس قريباً لليتيم، وأما تلك الأحاديث ففيها أن الكافل والعائل لليتيم يكون من أوليائه كأمه مثلاً، أو أعمامه.
ما جاء في حق الجوار



شرح حديث (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى قلت ليورثنه)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في حق الجوار. حدثنا مسدد حدثنا حماد عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى قلت: ليورثنه) ]. أورد أبو داود [ باباً في حق الجوار ]. والمقصود بالجوار المجاورة في المسكن، كأن يكون قريباً من الإنسان سواء كان ملاصقاً أو غير ملاصق؛ لأن الجيران متعددون، ولكن من يكون ملاصقاً ويكون بابه قريباً فحقه أعظم وهو مقدم على من يكونون وراءه ومن يكونون أبعد منه، وكلهم لهم حق ولكن هم متفاوتون على حسب القرب. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى قلت: ليورثنه) يعني: أنه ينزل بالوحي الذي فيه الوصية بالجار، حتى ظن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه سيكون له نصيب من الميراث، وهذا هو الأقرب في معنى الحديث، وبعضهم قال: إنه ينزل منزلة الوارث في التعظيم، ولكن كونه قال: (حتى قلت: ليورثنه) واضح بأنه ظن أنه سيكون له نصيب من الميراث. وهذا يدل على عظم شأن حق الجار، وأنه مادام بهذه المنزلة فحقيق أو حري أن يجعل له نصيب من مال الإنسان إذا مات. فمعنى ذلك أن حق الجار عظيم، وأن الإنسان يحسن إليه ويهدي إليه، ويصل إليه معروفه في حياته مادام أن الرسول صلى الله عليه وسلم ظن أنه سيورث ويجعل له نصيب من ماله إذا مات، وإن لم يحصل التوريث، والتوريث إنما هو للأقارب كما جاء في الكتاب والسنة. وجاءت أحاديث كثيرة تدل على حق الجار وعلى الابتعاد عن أذاه، وأن أذى الجار أعظم من إيذاء غيره؛ لأن له حقاً على جاره، ولهذا جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره) وقال صلى الله عليه وسلم: (والله لا يؤمن، من لا يأمن جاره بوائقه) يعني: غوائله وشروره. وقوله: [ (حتى قلت: ليورثنه) ]. يمكن أن يكون قسماً، مثل قول الرجل لأخيه: لتفعلن، ولم يذكر لفظ الجلالة، فهذا يحتمل القسم وغيره.
تراجم رجال إسناد حديث (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى قلت ليورثنه)


قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا حماد ]. هو حماد بن زيد بن درهم وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وإذا جاء مسدد يروي عن حماد، فالمقصود به ابن زيد كما أن موسى بن إسماعيل إذا جاء يروي عن حماد فالمقصود به حماد بن سلمة ، وذكر المزي ذلك في تهذيب الكمال. [ عن يحيى بن سعيد ]. هو يحيى بن سعيد الأنصاري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي بكر بن محمد ]. [ عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمرة ]. هي عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية وهي ثقة، أخرج لها أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وهي الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام. و عمرة كثيرة الرواية عن عائشة .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 38.27 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 37.64 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.64%)]