
09-07-2025, 10:56 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,491
الدولة :
|
|
رد: تفسير (الجامع لأحكام القرآن) الشيخ الفقيه الامام القرطبى

تَّفْسِيرِ
(الْجَامِعِ لِأَحْكَامِ الْقُرْآنِ ، وَالْمُبَيِّنِ لِمَا تَضَمَّنَهُ مِنَ السُّنَّةِ وَآيِ الْفُرْقَانِ )
الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقُرْطُبِيُّ
المجلد (14)
سُورَةُ الاحزاب
من صــ 106 الى صــ 115
الحلقة (566)
"صفحة رقم 107"
الموضع يتضمن جنات ) نزلا ( أي ضيافة والنزل : ما يهيأ للنازل والضيف وقد مضى في آخر آل عمران وهو نصب على الحال من الجنات أي لهم الجنات معدة ويجوز أن يكون مفعولا له ) وأما الذين فسقوا ( أي خرجوا عن الإيمان إلى الكفر ) فمأواهم النار ( أي مقامهم فيها ) كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها ( أي إذا دفعهم لهب النار إلى أعلاها ردوا إلى موضعهم فيها لأنهم يطمعون في الخروج منها وقد مضى هذا في الحج ) وقيل لهم ( أي يقول لهم خزنة جهنم أو يقول الله لهم : ) ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون ( والذوق يستعمل محسوسا ومعنى وقد مضى في هذه السورة بيانه
السجدة : ) 21 ( ولنذيقنهم من العذاب . . . . .
) السجدة 21 (
قوله تعالى : ) ولنذيقهم من العذاب الأدنى ( قال الحسن وأبو العالية والضحاك وأبي بن كعب وإبراهيم النخعي : العذاب الأدنى مصائب الدنيا وأسقامها مما يبتلى به العبيد حتى يتوبوا وقاله أبن عباس وعنه أيضا أنه الحدود وقال بن مسعود والحسين بن علي وعبد الله بن الحارث : هو القتل بالسيف يوم بدر وقال مقاتل : الجوع سبع سنين بمكة حتى أكلوا الجيف وقاله مجاهد وعنه أيضا : العذاب الأدنى عذاب القبر وقاله البراء بن عازب قالوا : والأكبر عذاب يوم القيامة قال القشيري : وقيل عذاب القبر وفيه نظر لقوله : لعلهم يرجعون قال : ومن حمل العذاب على القتل قال : لعلهم يرجعون أي يرجع من بقي منهم ولا خلاف أن العذاب الأكبر عذاب جهنم إلا ما روي عن جعفر بن محمد أنه خروج المهدي بالسيف والأدنى غلاء السعر وقد قيل : إن معنى قوله : لعلهم يرجعون على قول مجاهد والبراء : أي لعلهم يريدون الرجوع ويطلبونه
"صفحة رقم 108"
كقوله : فارجعنا نعمل صالحا وسميت إرادة الرجوع رجوعا كما سميت إرادة القيام قياما في قوله تعالى : إذا قمتم إلى الصلاة ويدل عليه قراءة من قرأ : يرجعون على البناء للمفعول ذكره الزمخشري
السجدة : ) 22 ( ومن أظلم ممن . . . . .
) السجدة 22 (
قوله تعالى : ) ومن أظلم ( أي لا أحد أظلم لنفسه ) ممن ذكر بآيات ربه ( أي بحججه وعلاماته ) ثم أعرض عنها ( بترك القبول ) إنا من المجرمين منتقمون ( لتكذيبهم وإعراضهم
السجدة : ) 23 ( ولقد آتينا موسى . . . . .
) السجدة 23 : 25 (
قوله تعالى : ) ولقد آتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه ( أي فلا تكن يا محمد في شك من لقاء موسى قاله بن عباس وقد لقيه ليلة الإسراء قتادة : المعنى فلا تكن في شك من أنك لقيته ليلة الإسراء والمعنى واحد وقيل : فلا تكن في شك من لقاء موسى في القيامة وستلقاه فيها وقيل : فلا تكن في شك من لقاء موسى الكتاب بالقبول قاله مجاهد والزجاج وعن الحسن أنه قال في معناه : ولقد آتينا موسى الكتاب فأوذي وكذب فلا تكن في شك من أنه سيلقاك ما لقيه من التكذيب والأذى فالهاء عائدة على محذوف والمعنى من لقاء ما لاقى النحاس : وهذا قول غريب إلا أنه من رواية عمرو
"صفحة رقم 109"
بن عبيد وقيل في الكلام تقديم وتأخير والمعنى : قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم فلا تكن في مرية من لقائه فجاء معترضا بين ولقد آتينا موسى الكتاب وبين وجعلناه هدى لبني إسرائيل والضمير في جعلناه فيه وجهان : أحدهما جعلنا موسى قاله قتادة الثاني جعلنا الكتاب قاله الحسن ) ( أي قادة وقدوة يقتدى بهم في دينهم والكوفيون يقرؤون أئمة النحاس : وهو لحن عند جميع النحويين لأنه جمع بين همزتين في كلمة واحدة وهو من دقيق النحو وشرحه : أن الأصل أأممة ثم ألقيت حركة الميم على الهمزة وأدغمت الميم وخففت الهمزة الثانية لئلا يجتمع همزتان والجمع بين همزتين في حرفين بعيد فأما في حرف واحد فلا يجوز إلا تخفيف الثانية نحو قولك : آدم وآخر ويقال : هذا أوم من هذا وأيم بالواو والياء وقد مضى هذا في براءة والله تعالى أعلم ) يهدون بأمرنا ( أي يدعون الخلق إلى طاعتنا ) بأمرنا ( أي أمرناهم بذلك وقيل : بأمرنا أي لأمرنا أي يهدون الناس لديننا ثم قيل : المراد الأنبياء عليهم السلام قاله قتادة وقيل : المراد الفقهاء والعلماء ) لما صبروا ( قراءة العامة لما بفتح اللام وتشديد الميم وفتحها أي حين صبروا وقرأ يحيى وحمزة والكسائي وخلف ورويس عن يعقوب : لما صبروا أي لصبرهم جعلناهم أئمة واختاره أبو عبيد اعتبارا بقراءة بن مسعود بما صبروا بالباء وهذا الصبر صبر على الدين وعلى البلاء وقيل : صبروا عن الدنيا ) إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة ( أي يقضي ويحكم بين المؤمنين والكفار فيجازي كلا بما يستحق وقيل : يقضي بين الأنبياء وبين قومهم حكاه النقاش
السجدة : ) 26 ( أولم يهد لهم . . . . .
) السجدة 26 (
"صفحة رقم 110"
قوله تعالى : ) أو لم يهد لهم ( وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي وقتادة وأبو زيد عن يعقوب نهد لهم بالنون فهذه قراءة بينة النحاس : وبالياء فيها إشكال لأنه يقال : الفعل لا يخلو من فاعل فأين الفاعل ل يهد فتكلم النحويون في هذا فقال الفراء : كم في موضع رفع ب يهد وهذا نقض لأصول النحويين في قولهم : إن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله ولا في كم بوجه أعني ما قبلها ومذهب أبي العباس أن يهد يدل على الهدى والمعنى أو لم يهد لهم الهدى وقيل : المعنى أولم يهد الله لهم فيكون معنى الياء والنون واحدا أي أو لم نبين لهم إهلاكنا القرون الكافرة من قبلهم وقال الزجاج : كم في موضع نصب ب أهلكنا ) يمشون في مساكنهم ( يحتمل الضمير في يمشون أن يعود على الماشين في مساكن المهلكين أي وهؤلاء يمشون ولا يعتبرون ويحتمل أن يعود على المهلكين فيكون حالا والمعنى : أهلكناهم ماشين في مساكنهم ) إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون ( آيات الله وعظاته فيتعظون
السجدة : ) 27 ( أولم يروا أنا . . . . .
) السجدة 27 (
قوله تعالى : ) أو لم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز ( أي أولم يعلموا كمال قدرتنا بسوقنا الماء إلى الأرض اليابسة التي لا نبات فيها لنحييها الزمخشري : الجرز الأرض التي جرز نباتها أي قطع إما لعدم الماء وإما لأنه رعي وأزيل ولا يقال للتي لا تنبت كالسباخ جرز ويدل عليه قوله تعالى : ) فنخرج به زرعا ( قال بن عباس : هي أرض باليمن وقال مجاهد : هي أبين وقال عكرمة : هي الأرض الظمآى وقال الضحاك : هي الأرض الميتة العطشى وقال الفراء : هي الأرض التي لا نبات فيها وقال الأصمعي : هي الأرض التي لا تنبت شيئا وقال محمد بن يزيد : يبعد أن تكون لأرض بعينها لدخول الألف واللام إلا أنه يجوز على قول من قال : العباس والضحاك والإسناد
"صفحة رقم 111"
عن بن عباس صحيح لا مطعن فيه وهذا إنما هو نعت والنعت للمعرفة يكون بالألف واللام وهو مشتق من قولهم : رجل جروز إذا كان لا يبقي شيئا إلا أكله قال الراجز : خب جروز وإذا جاع بكى ويأكل التمر ولا يلقي النوى وكذلك ناقة جروز : إذا كانت تأكل كل شيء تجده وسيف جراز : أي قاطع ماض وجرزت الجراد الزرع : إذا استأصلته بالأكل وحكى الفراء وغيره أنه يقال : أرض جرز وجرز وجرز وجرز وكذلك بخل ورغب ورهب في الأربعة أربع لغات وقد روي أن هذه الأرض لا أنهار فيها وهي بعيدة من البحر وإنما يأتيها في كل عام ودان فيزرعون ثلاث مرات في كل عام وعن مجاهد أيضا : أنها أرض النيل ) فنخرج به ( أي بالماء ) زرعا تأكل منه أنعامهم ( من الكلأ والحشيش ) وأنفسهم ( من الحب والخضر والفواكه ) أفلا يبصرون ( هذا فيعلمون أنا نقدر على إعادتهم وفنخرج يكون معطوفا على نسوق أو منقطعا مما قبله تأكل منه أنعامهم في موضع نصب على النعت
السجدة : ) 28 ( ويقولون متى هذا . . . . .
) السجدة 28 : 29 (
قوله تعالى : ) ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين ( متى في موضع رفع ويجوز أن يكون في موضع نصب على الظرف قال قتادة : الفتح القضاء وقال الفراء والقتبي : يعني فتح مكة وأولى من هذا ما قاله مجاهد قال : يعني يوم القيامة ويروى أن المؤمنين قالوا : سيحكم الله عز وجل بيننا يوم القيامة فيثيب المحسن ويعاقب المسيء فقال الكفار على التهزيء : متى يوم الفتح أي هذا الحكم ويقال للحاكم : فاتح وفتاح لأن الأشياء تنفتح على يديه وتنفصل وفي القرآن : ربنا افتح بيننا وبين
"صفحة رقم 112"
قومنا بالحق وقد مضى في هذا في البقرة وغيرها ) قل يوم الفتح ( على الظرف وأجاز الفراء الرفع ) لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون ( أي يؤخرون ويمهلون للتوبة إن كان يوم الفتح يوم بدر أو فتح مكة ففي بدر قتلوا ويوم الفتح هربوا فلحقهم خالد بن الوليد فقتلهم
السجدة : ) 30 ( فأعرض عنهم وانتظر . . . . .
) السجدة 30 (
قوله تعالى : ) فأعرض عنهم ( قيل : معناه فأعرض عن سفههم ولا تجبهم إلا بما أمرت به ) وانتظر إنهم منتظرون ( أي انتظر يوم الفتح يوم يحكم الله لك عليهم بن عباس : فأعرض عنهم أي عن مشركي قريش مكة وأن هذا منسوخ بالسيف في براءة في قوله : فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وانتظر أي موعدي لك قيل : يعني يوم بدر ) إنهم منتظرون ( أي ينتظرون بكم حوادث الزمان وقيل : الآية غير منسوخة إذ قد يقع الإعراض مع الأمر بالقتال كالهدنة وغيرها وقيل : أعرض عنهم بعد ما بلغت الحجة وانتظر إنهم منتظرون إن قيل : كيف ينتظرون القيامة وهم لا يؤمنون ففي هذا جوابان : أحدهما أن يكون المعنى إنهم منتظرون الموت وهو من أسباب القيامة فيكون هذا مجازا والآخر أن فيهم من يشك وفيهم من يؤمن بالقيامة فيكون هذا جوابا لهذين الصنفين والله أعلم وقرأ بن السميقع : إنهم منتظرون بفتح الظاء ورويت عن مجاهد وبن محيصن قال الفراء : لا يصح هذا إلا بإضمار مجازه : إنهم منتظرون بهم قال أبو حاتم : الصحيح الكسر أي انتظر عذابهم إنهم منتظرون هلاكك وقد قيل : إن قراءة بن السميقع ) بفتح الظاء ( معناها : وانتظر هلاكهم فإنهم أحقاء بأن ينتظر هلاكهم يعني أنهم هالكون لا محالة وانتظر ذلك فإن الملائكة في السماء ينتظرونه ذكره الزمخشري وهو معنى قول الفراء والله أعلم
تفسير سورة الأحزاب
مدنية في قول جميعهم نزلت في المنافقين وإيذائهم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وطعنهم فيه وفي مناكحته وغيرها وهي ثلاث وسبعون آية وكانت هذه السورة تعدل سورة البقرة وكانت فيها آية الرجم : ) الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالا من الله والله عزيز حكيم ( ذكره أبو بكر الأنباري عن أبي بن كعب وهذا يحمله أهل العلم على أن الله تعالى رفع من الأحزاب إليه ما يزيد على ما في أيدينا وأن آية الرجم رفع لفظها وقد حدثنا أحمد بن الهيثم بن خالد قال حدثنا أبو عبيد القاسم بن سلام قال حدثنا بن أبي مريم عن بن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة قالت : كانت سورة الأحزاب تعدل على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مائتي آية فلما كتب المصحف لم يقدر منها إلا على ما هي الآن قال أبو بكر : فمعنى هذا من قول أم المؤمنين عائشة : أن الله تعالى رفع إليه من سورة الأحزاب ما يزيد على ما عندنا قلت : هذا وجه من وجوه النسخ وقد تقدم في البقرة القول فيه مستوفي والحمد لله وروي زر قال قال لي أبي بن كعب : كم تعدون سورة الأحزاب قلت : ثلاثا وسبعين آية قال : فوالذي يحلف به أبي بن كعب أن كانت لتعدل سورة البقرة أو أطول ولقد قرأنا منها آية الرجم : الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالا من الله والله عزيز حكيم أراد أبي أن ذلك من جملة ما نسخ من القرآن وأما ما يحكى من أن تلك الزيادة كانت في صحيفة في بيت عائشة فأكلتها الداجن فمن تأليف الملاحدة والروافض بسم الله الرحمن الرحيم
الأحزاب : ) 1 ( يا أيها النبي . . . . .
) الاحزاب 1 (
"صفحة رقم 114"
قوله تعالى : ) يأيها النبي اتق الله ( ضمت أي لأنه نداء مفرد والتنبيه لازم لها والنبي نعت لأي عند النحويين إلا الأخفش فإنه يقول : إنه صلة لأي مكي : ولا يعرف في كلام العرب اسم مفرد صلة لشيء النحاس : وهو خطأ عند أكثر النحويين لأن الصلة لا تكون إلا جملة والاحتيال له فيما قال أنه لما كان نعتا لازما سمي صلة وهكذا الكوفيون يسمون نعت النكرة صلة لها ولا يجوز نصبه على الموضع عند أكثر النحويين وأجازه المازني جعله كقولك : يا زيد الظريف بنصب الظريف على موضع زيد مكي : وهذا نعت يستغني عنه ونعت أي لا يستغنى عنه فلا يحسن نصبه على الموضع وأيضا فإن نعت أي هو المنادى في المعنى فلا يحسن نصبه وروي أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لما هاجر إلى المدينة وكان يحب إسلام اليهود : قريظة والنضير وبني قينقاع وقد تابعه ناس منهم على النفاق فكان يلين لهم جانبه ويكرم صغيرهم وكبيرهم وإذا أتى منهم قبيح تجاوز عنه وكان يسمع منهم فنزلت وقيل إنها نزلت فيما ذكر الواحدي والقشيري والثعلبي والماوردي وغيرهم في أبي سفيان بن حرب وعكرمة بن أبي جهل وأبي الأعور عمرو بن سفيان نزلوا المدينة على عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين بعد أحد وقد أعطاهم النبي ( صلى الله عليه وسلم ) الأمان على أن يكلموه فقام معهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح وطعمة بن أبيرق فقالوا للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) وعنده عمر بن الخطاب : ارفض ذكر آلهتنا اللات والعزى ومناة وقل إن لها شفاعة ومنعة لمن عبدها وندعك وربك فشق على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ما قالوا فقال عمر : يا رسول الله ائذن لي في قتلهم فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : ) إني قد أعطيتهم الأمان ) فقال عمر : اخرجوا في لعنة الله وغضبه فأمر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أن يخرجوا من المدينة فنزلت الآية ) يأيها النبي اتق الله ( أي خف الله ) ولا تطع الكافرين ( من أهل مكة يعني أبا سفيان وأبا الأعور وعكرمة ) والمنافقين ( من أهل المدينة يعني عبد الله بن أبي وطعمة وعبد الله بن سعد بن أبي سرح فيما نهيت عنه
"صفحة رقم 115"
ولا تمل إليهم ) إن الله كان عليما ( بكفرهم ) حكيما ( فيما يفعل بهم الزمخشري : وروي أن أبا سفيان بن حرب وعكرمة بن أبي جهل وأبا الأعور السلمي قدموا على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في الموادعة التي كانت بينه وبينهم وقام معهم عبد الله بن أبي ومعتب بن قشير والجد بن قيس فقالوا لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : ارفض ذكر آلهتنا وذكر الخبر بمعنى ما تقدم وأن الآية نزلت في نقض العهد ونبذ الموادعة ولا تطع الكافرين من أهل مكة والمنافقين من أهل المدينة فيما طلبوا إليك وروي أن أهل مكة دعوا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلى أن يرجع عن دينه ويعطوه شطر أموالهم ويزوجه شيبة بن ربيعة بنته وخوفه منافقو المدينة أنهم يقتلونه إن لم يرجع فنزلت النحاس : ودل بقوله إن الله كان عليما حكيما على أنه كان يميل إليهم استدعاء لهم إلى الإسلام أي لو علم الله عز وجل أن ميلك إليهم فيه منفعة لما نهاك عنه لأنه حكيم ثم قيل : الخطاب له ولأمته
الأحزاب : ) 2 ( واتبع ما يوحى . . . . .
) الاحزاب 2 : 3 (
قوله تعالى : ) واتبع ما يوحى إليك من ربك ( يعني القرآن وفيه زجر عن اتباع مراسم الجاهلية وأمر بجهادهم ومنابذتهم وفيه دليل على ترك اتباع الآراء مع وجود النص والخطاب له ولأمته ) إن الله كان بما تعملون خبيرا ( قراءة العامة بتاء على الخطاب وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم وقرأ السلمي وأبو عمرو وبن أبي إسحاق : يعملون بالياء على الخبر وكذلك في قوله : بما تعملون بصيرا ) وتوكل على الله ( أي اعتمد عليه في كل أحوالك فهو الذي يمنعك ولا يضرك من خذلك ) وكفى بالله وكيلا ( حافظا وقال شيخ من أهل الشام : قدم على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وفد من ثقيف فطلبوا منه أن يمتعهم باللات سنة وهي الطاغية التي كانت ثقيف تعبدها وقالوا : لتعلم قريش منزلتنا عندك فهم
"صفحة رقم 116"
النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بذلك فنزلت وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا أي كافيا لك ما تخافه منهم وبالله في موضع رفع لأنه الفاعل ووكيلا نصب على البيان أو الحال
الأحزاب : ) 4 ( ما جعل الله . . . . .
) الاحزاب 4 (
فيه خمس مسائل : الأولى قال مجاهد : نزلت في رجل من قريش كان يدعى ذا القلبين من دهائه وكان يقول : إن لي في جوفي قلبين أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد قال : وكان من فهر الواحدي والقشيري وغيرهما : نزلت في جميل بن معمر الفهري وكان رجلا حافظا لما يسمع فقالت قريش : ما يحفظ هذه الأشياء إلا وله قلبان وكان يقول : لي قلبان أعقل بهما أفضل من عقل محمد فلما هزم المشركون يوم بدر ومعهم جميل بن معمر رآه أبو سفيان في العير وهو معلق إحدى نعليه في يده والأخرى في رجله فقال أبو سفيان : ما حال الناس قال انهزموا قال : فما بال إحدى نعليك في يدك والأخرى في رجلك قال : ما شعرت إلا أنهما في رجلي فعرفوا يومئذ أنه لو كان له قلبان لما نسى نعله في يده وقال السهيلي : كان جميل بن معمر الجمحي وهو بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح واسم جمح : تيم وكان يدعى ذا القلبين فنزلت فيه الآية وفيه يقول الشاعر : وكيف ثوائي بالمدينة بعد ما قضى وطرا منها جميل بن معمر قلت : كذا قالوا جميل بن معمر وقال الزمخشري : جميل بن أسد الفهري وقال بن عباس : سببها أن بعض المنافقين قال : إن محمدا له قلبان لأنه ربما كان في شيء فنزع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|