عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 10-07-2025, 12:49 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,829
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح كتاب الحج من صحيح مسلم



شرح كتاب الحج من صحيح مسلم – باب: نَحرُ البُدْن قِيَامًا مُقَيَّدَةً


  • أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم بعدم إعطاء الجَزّار من الهدي لأنّ عطيّته كانت عِوضَاً عن عَمله فيكون في معنى بيع جزءٍ منْها وذلك لا يجوز
  • قولَ الصَّحابيِّ: مِن السُّنَّةِ كذا يأخُذُ حُكمَ الرَّفْعِ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو كذلك عند الشيخين
عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَتَى عَلَى رَجُلٍ، وَهُوَ يَنْحَرُ بَدَنَتَهُ بَارِكَةً؛ فَقَالَ: ابْعَثْهَا قِيَاماً مُقَيَّدَةً، سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ - صلى الله عليه وسلم -. رواه مسلم في الحج (2/956) باب: نحر البُدن قياماً مقيدة، ورواه البخاري في كتاب الحج (1713) باب: نحر الإبل مقيدة. في هذا الحَديثِ يَروي التابعيُّ زِيادُ بنُ جُبَيْرٍ: أنَّه رَأى عبداللهِ بنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- وقدْ مرَّ على رجُلٍ، لم يُذكر اسمه، «وهو ينحر بدَنتَه باركة» زاد أحمد: «ليَنْحرَها بمنَى»؛ أي: قد أقعدها ليَنحرها وهي باركة على الأرض، والبَدَنةُ: تكونُ مِن الإبلِ خاصَّةً.
«ابْعَثْهَا قِيَاماً مُقَيَّدَةً»
فَقَالَ: «ابْعَثْهَا قِيَاماً مُقَيَّدَةً» «ابعثها» أي: أثِرْها وأقمها، يقال: بَعثتُ الناقة أثرتها، قوله: «قِيَاماً مُقيّدة» أي: معقولة الرجل، قائمة على ما بقي من قوائمها، ولأبي داود: من حديث جابر: أنّ النّبي - صلى الله عليه وسلم - وأصْحابه كانوا يَنْحرُون البدنة، مَعْقولة اليُسْرى، قائمةً على ما بَقِي منْ قوائمها. وروى سعيد بن منصور: عن سعيد بن جبير: رأيتُ ابنَ عُمر يَنْحرُ بدنته، وهي معقولة إحدى يديها، فأمَرَه ابنُ عُمَرَ وأرْشَدَه أنْ يَجعَلَها واقفةً مُقيَّدةً مَربوطةَ اليَدِ اليُسرى، ثمَّ يَنحَرَها قائِمةً، وبيَّن له أنَّ ذلك هو سُنَّةُ رَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. وقوله: «سنّة محمد» بنصب سنة بعامل مضمر، كالاختصاص، أو التقدير: مُتّبعاً سُنّة محمد. ونحْرُ الإبلِ: هو أنْ يَضرِبَها بحَربةٍ أو سكين في الوَهْدةِ التي بيْن أصلِ عُنُقِها وصَدْرِها. وقيل: إنَّ الحِكمةَ في تَخْصيصِ الإبِلِ بالنَّحْرِ قائمةً، هو طُولُ العُنُقِ؛ إذْ لو ذُبِحَت قريبًا مِن الرَّأسِ، لكان مَجرَى الدَّمِ مِنَ القَلبِ إلى محَلِّ الذَّبحِ بعيدًا، فلا يُساعِدُ على إخراجِ جَميعِ الدَّمِ بيُسرٍ، بخلافِ النَّحْرِ في آخِرِ العُنقِ، فإنَّه يُقَرِّبُ المسافةَ ويُساعِدُ القَلبَ على دَفْعِ الدَّمِ كُلِّه، أمَّا البقرُ والغَنَمُ فالذَّبحُ مُناسِبُ لهما.
فوائد الحديث
  • استحباب نحر الإبل على الصفة المذكورة وعن الحنفية يستوي نحرها قائمة وباركة في الفضيلة.
  • تَعليمُ الجاهِلِ، وعدَمُ السُّكوتِ على مُخالَفةِ السُّنَّةِ وإنْ كان مُباحًا.
  • وفيه: أنَّ قولَ الصَّحابيِّ: مِن السُّنَّةِ كذا، يأخُذُ حُكمَ الرَّفْعِ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وهو عند الشيخين كذلك، لاحْتجاجهما بهذا الحديث في صحيحيهما.
باب: الصّدقة بلُحُوم الهَدْي وجِلالها وجُلُودها
عَنْ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ، وأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا وجُلُودِهَا وأَجِلَّتِهَا، وأَنْ لَا أُعْطِيَ الجَزَّارَ مِنْهَا. قَالَ: «نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا». رواه مسلم في الحج (2/954) وبوب عليه النووي، بمثل ما بوّب المنذري.
في هذا الحَديثِ يروي علِيُّ بنُ أبي طالبٍ - رضي الله عنه -: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَه وهو في الحجِّ، لِيَتولِّي أمْرَ البُدْنِ الَّتي جَعَلَها هَدْياً، في ذَبْحِها وتَفرِقتها على الفُقراءِ. وفي رِوايةٍ للبُخاريِّ: «أهْدى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِئةَ بَدَنةٍ». وفي صَحيحِ مُسلمٍ: مِن حَديثِ جابرٍ - رضي الله عنه -: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نحَرَ ثَلاثًا وسِتِّينَ بيَدِه، ثمَّ أعْطى علِيًّا، فنَحَرَ ما غَبَرَ-أي: ما بَقِيَ-، وأشْرَكَه في هَدْيِه إلى المنحَرِ». والبُدْنُ: جمْعُ بَدَنةٍ، وهي بَهيمةُ الأنعامِ التي تُهْدى إلى البيتِ الحرامِ للتَّقرُّبِ بها إلى اللهِ -تعالى-، وتكونُ مِن الإبلِ خاصَّةً، وقيل: البُدْنُ تُطلَقُ على الإبلِ والبقَرِ. وأمَرَه - صلى الله عليه وسلم - أنْ يَقسِمَ لُحومَها في المساكِينِ فقَسَمَها، ثمَّ أمَرَه أنْ يَقسِمَ جِلالَها وجُلودَها فقَسَمَهما، والجِلالُ: ما تَلبَسُه الدَّابَّةُ مِن كِساءٍ وقِلادةٍ ونحْوِها، وذلك لئلَّا يَعودَ إليه منها شَيءٌ؛ لأنَّه أخْرَجَها للهِ.
التجليل سُنّة
قال القاضي: التجليل سُنّة، وهو عند العلماء مُختصٌّ بالإبل، وهو ممّا اشْتُهر من عمل السلف، قال: وممّن رآه مالك والشافعي وأبوثور وإسحاق. قالوا: ويكون بعد الإشعار لئلا يتلطخ بالدم، قالوا: ويُستحبّ أنْ تكون قيمتها ونفاستها بحسَب حال المُهدي، وكان بعض السلف يُجلّل بالوشي، وبعضهم بالحبرة، وبعضهم بالقباطي والملاحف والأزر، قال مالك: وتشق على الأسنمة إنْ كانت قليلة الثمن، لئلا تسقط، قال مالك: وما علمت مَنْ تَرَك ذلك إلا ابن عمر، اسْتبقاء للثياب، لأنّه كان يُجلّل الجلال المرتفعة من الأنماط والبرود والحبر. قال القاضي: وفي شقّ الجِلال على الأسنمة فائدة أخرى، وهي إظْهار الإشْعار لئلا يَسْتتر تحتها. انتهى. وكذلِك أمَرَه ألَّا يُعْطي الجَزَّارَ شَيئاً منْها أجرةً على عَمَلِه فيها، فإعطاءُ الجَزَّارِ شَيئاً منها عِوَضًا مِن فِعلِه وذَبْحِه بَيعٌ، ولا يَجوزُ بَيعُ شَيءٍ مِن لَحْمِها، وأمَّا إعطاؤه صَدَقةً، أو هَديةً، أو زِيادةً على حقِّه، فلا حَرَجَ فيه. قال النووي: ومذهبنا أنّه لا يجوزُ بَيعُ جلدِ الهَدْي ولا الأضْحية، ولا شيء مِنْ أجزائهما، لأنّها لا ينتفع بها في البيت ولا بغيره، سواءً كانا تطوعاً أو واجبتين، لكن إنْ كانا تطوعاً، فله الانتفاع بالجلد وغيره باللبس وغيره، ولا يجُوز إعْطاء الجزار منْها شيئاً بسببِ جزارته، هذا مذهبنا، وبه قال عطاء والنخعي ومالك وأحمد وإسحاق...
فوائد الحديث
  • جواز التَّوكيل في القِيامِ على الهَديِ والأضَاحي، مِنْ شرائه، وذَبْحِه، وقِسْمة لَحمِه، وغيرِ ذلك.
  • وفيه: جواز الاسْتِئجار على النّحر ونحوه.
  • وأنّه يتَصَدّق منْ لُحُومها وجلودها وجلالها.
  • وفيه: عدَمُ جواز بَيعِ ما أُخرِجَ للهِ -تعالى-، ولو جُزء منه.
  • فالنبيّ - صلى الله عليه وسلم - أمَرَه ألا يُعْطى الجَزّار منْها؛ لأنّ عطيّته كانت عِوضَاً عن عَمله، فيكون في معنى بيع جزءٍ منْها، وذلك لا يجوز.
  • وأنّها تجلّل، واسْتَحبوا أنْ يكونَ جَلالاً حَسَناً.
  • وفي الحديث: الصدقة بالجلال.
محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - من الإيمان
إن محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - من أوثق عرى الإيمان، ومن أعظم درجات الدين، وهي دالة على صدق إيمان الإنسان، ولما كانت هذه المحبة أهم الحقوق الواجبة للنبي - صلى الله عليه وسلم - على أمته، جعلها الله فوق محبة الإنسان لنفسه، وأهله، وماله، والناس أجمعين كما قال الله -تعالى-: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (التوبة:24) فهذه الآية دليل واضح على وجوب تقديم حب النبي - صلى الله عليه وسلم - وحقه على كل حب وحق، وليت شعري أين نحن من هذه الآيـة؟! قال القاضي عياض: «كفى بهذه الآيـة حضا وتنبيهاً، ودلالة وحجة على لزوم محبته، ووجوب فرضها، واستحقاقه لها - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ قرع -تعالى- من كان ماله، وأهله، وولده، أحب إليه من الله ورسوله، وأوعدهم بقوله -تعالى-: فتربصوا حتى يأتي الله بأمره، ثم فسقهم بتمام الآية، وأعلمهم أنهم ممن ضل ولم يهده الله». إن هذه الآية لم تجعل الواجب على الناس حب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقط! بل ذهبت إلى ما هو أعلى من ذلك ألا وهو أن يكون الله ورسوله أحب إلى العبد من الأموال، والأولاد، والإخوان، والأزواج! ويتطلب ذلك أن يقتدي الإنسان بالرسول - صلى الله عليه وسلم - في شؤون حياته، وهو متابعته، وعدم مخالفـة سنته كما قال -تعالى-: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (آل عمران:31)، ومما يدل على أن محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الإيمان قوله - صلى الله عليه وسلم -: ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما.


اعداد: الشيخ: د. محمد الحمود النجدي





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.06 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.43 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.85%)]