عرض مشاركة واحدة
  #59  
قديم 13-07-2025, 07:29 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,763
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)

الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)

أم محمد الظن



س: هل سجود التلاوة والشكر صلاة؟
فالمشهور من المَذْهَبِ أنهما صلاة تُفْتَتَحُ بالتكبير، وتُخْتَتَمُ بالتَّسليم، ولهذا يُشرعُ عندهم أن يُكبِّر إِذا سجد وإِذا رفع، ويُسلِّم. وبِنَاءً على هذا يَحْرُمُ على المحْدِثِ أن يَسْجُدَ للتِّلاوة أو الشُّكْر وهو غير طاهر. فالخلاف في اشتراط الطَّهارة لهما مبنيٌّ على أنَّ سَجْدَتَي التِّلاوة والشُّكر هل هما صلاة أم لا؟ فإِن قُلْنا: إِنهما صلاة وَجَبَ لهما الطَّهارة، وإن قلنا: إنهما غير صلاة لم تَجِبْ لهما الطهارة.
الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالي: المتأمِّلُ للسُّنَّةِ يُدْرِك أنهما ليسا بصلاة .
لما يلي: _
1_ أن الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم كان يسجد للتِّلاوة، ولم يُنْقَل عنه أنه كان يُكبّر إذا سجد أو رفع،ولا يسلِّم، إلا في حديث رواه أبو داود في التَّكبير للسجود دُونَ الرَّفع منه، ودُونَ التَّسليم..
2_ أن الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم سَجَدَ في سورة النَّجْمِ، وسجد معه المسلمون والمشركون، والمشركُ لا تصحُّ منه صلاة، ولم يُنكر النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم ذلك.
والمتأمِّل لِسُجُودِ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم للشُّكر، أو التِّلاوة يَظْهَرُ له أنه لا يُكَبِّر، وعليه لا تكون سجدة التِّلاوة والشُّكر من الصَّلاة، وحينئذٍ لا يَحْرُم على مَنْ كان مُحْدِثاً أن يَسْجُدَ للتِّلاوة أو الشُّكْرِ وهو على غَير طَهَارة، وهذا اختيار شيخ الإِسلام رحمه الله[( انظر: «مجموع الفتاوى» (21/279، 293)، «الاختيارات» ص(60).)].
وصَحَّ عن عبد الله بنِ عُمَر رضي الله عنه أنه كان يَسْجُدُ للتِّلاوة بلا وُضُوء[(رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم، كتاب سجود القرآن: باب سجود المسلمين مع المشركين، انظر ترجمة حديث رقم (1071))].
ولا رَيْبَ أنَّ الأفضل أن يتوضّأ، ولا سيَّما أن القارئ سوف يَتْلُو القرآن، وتِلاوَةُ القرآن يُشْرَعُ لها الوُضُوء، لأنها مِنْ ذِكْرِ الله، وكلُّ ذكر لله يُشرع له الوُضُوء.
أمَّا اشتراط الطَّهارة لِسُجُودِ الشُّكر فَضَعيف، لأنَّ سَبَبَهُ تَجدُّد النِّعَمِ، أو تجدُّد اندفاع النِّقَمِ، وهذا قد يَقَعُ للإِنسان وهو مُحْدِث.أما سُجُود التِّلاوة فَيَنْبَغِي ألا يَسْجُدَ الإِنسانُ إِلا وهو على طَهَارةٍ كما أنَّهُ يَنْبغي أَنْ يقرأ على طهارة.

س: ماحكم طواف المحدث مع الدليل ؟
القول الأول: جمهور العلماء:
يحْرُمَ على المُحْدِثِ الطَّوافُ بالبيتِ، سواء كان هذا الطَّواف نُسُكاً في حَجٍّ، أو عُمْرَةٍ أو تَطَوُّعاً، كما لو طَافَ في سَائِرِ الأيَّام.
والدَّليل على ذلك:
1ـ أنه ثَبَتَ عنِ النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أنَّه حين أراد الطَّواف تَوَضَّأ ثمَّ طاف[(رواه البخاري، كتاب الحج: باب من طاف بالبيت إِذا قدم مكة، رقم (1614، 1615)، ومسلم، كتاب الحج: باب ما يلزم من طاف بالبيت وسعى من البقاء على الإِحرام وترك التحلل، رقم (1235) من حديث عائشة.)].
2ـ حديث صفيَّة لمَّا قيل له: إِنَّ صَفِيَّة قد حاضَتْ، وظنَّ أنها لم تَطُفْ للإِفاضة فقال: «أحابستنا هي؟»[( رواه البخاري، كتاب الحج: باب إِذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت، رقم (1757، 1762)، ومسلم، كتاب الحج: باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض، رقم [382 ـ (1211)].)].والحائِضُ معلوم أنَّها غيرُ طاهِرٍ.
3 ـ حديث عائشة أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال لها حين حاضت: «افعلي ما يفعل الحاجُّ غيرَ أنْ لا تطوفي بالبيت»[(رواه البخاري، كتاب الحيض: باب الأمر بالنّفساء إِذا نُفِسْنَ، رقم (294)، ومسلم، كتاب الحج، باب بيان وجوه الإِحرام، رقم [119 ـ (1211)].
)].
4ـ قوله صلّى الله عليه وسلّم: «الطَّواف بالبيت صلاة؛ إِلا أنَّ الله أباح فيه الكلام؛ فلا تَكلَّموا فيه إِلا بخير»[(رواه الترمذي، كتاب الحج: باب ما جاء في الكلام في الطواف، رقم (960)،)].
5ـ استدلَّ بعضهم بقوله تعالى: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: 125] .
القول الثاني:إِنَّ الطَّوافَ لا تُشْتَرطُ له الطَّهارة، ولا يَحْرُمُ على المُحْدِثِ أنْ يَطُوفَ، وإِنَّما الطَّهارة فيه أَكْمَل.
واسْتَدَلُّوا: بأنَّ الأَصْلَ بَراءة الذِّمَّة حتى يقوم دليلٌ على تحريمِ هذا الفِعْل إِلاَّ بهذا الشَّرط، ولا دليلَ على ذلك، ولمْ يَقُل النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم يوماً من الدَّهْر: لا يقبل الله طَوَافاً بغيرِ طهور، أو: لا تطوفوا حتى تطَّهَّروا. وإِذا كان كذلك فلا نُلْزِم الناس بأمرٍ لم يكن لنا فيه دليلٌ بَيِّنٌ على إِلزامهم، ولا سيَّما في الأحوالِ الحرِجَة كما لو انتقضَ الوُضُوءُ في الزَّحْمَةِ الشَّديدةِ في أيَّامِ الموسِمِ، فَيَلْزمه على هذا القَوْلِ إِعَادَةُ الوُضُوء، والطَّوافِ مِنْ جديد.
وأجابوا عن أدلَّة الجمهور:
أنَّ فِعْلَ النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم المجرَّد لا يدلُّ على الوُجُوبِ، بل يَدلُّ على أنَّه الأفضل، ولا نِزاع في أنَّ الطَّوافَ على طَهَارة أفضل؛ وإِنَّما النِّزاع في كَوْنِ الطَّهارة شَرْطاً لصِحَّة الطَّواف.
وأمَّا حديث عائشة: «افْعَلي ما يفعل الحاجُّ...» إلى آخره، وقوله صلّى الله عليه وسلّم في صفيَّة: «أحابِسَتنا هي؟». فالحائض إِنما مُنِعَتْ مِنَ الطَّواف بالبيت، لأنَّ الحيض سَبَبٌ لمنْعِها من المُكْثِ في المسجد، والطَّواف مُكْثٌ.
وأيضاً: فالحيض حَدَثٌ أكبر، فلا يُسْتَدلُّ بهذا على أنَّ المحدِثَ حَدَثاً أصغرَ لا يجوزُ لَهُ الطَّواف بالبيت، وأنتم توافقون على أنَّ المحدِثَ حدثاً أصغر يجوز له المُكْثُ في المسجد، ولا يجوز للحائض أن تَمْكُثَ، فَمَنَاطُ حُكْمِ المنْعِ عندنا هو المُكْثُ في المسجد.
وأمَّا حديث: «الطَّواف بالبيت صلاة»] فَيُجَاب عنه:
1ـ أنَّه موقوفٌ على ابن عباس، ولا يَصِحُّ رفعه للنبي صلّى الله عليه وسلّم.
2_نَّه مُنْتَقَضٌ، لأنَّنا إِذا أخذنا بِلَفْظِهِ، فإِنَّه على القواعِد الأصوليَّة يقتضي أنَّ جميعَ أحكام الصَّلاة تَثْبُتُ للطَّواف إِلاَّ الكلام.
وأما بالنسبة للآية؛ فلا يَصِحُّ الاستدلال بها، إِذ يلزم منه أنَّ المعْتَكِفَ لا يصحُّ اعتكافُه إلا بطهارة، ولم يَشْتَرِطْ أحدٌ ذلك، إِلا إِنْ كان جُنُباً فيجب عليه أن يَتَطَهَّر ثم يَعْتَكِف؛ لأنَّ الجنابة تُنافي المُكْثَ في المسجد.
ولا شَكَّ أنَّ الأفضل أن يَطُوفَ بطهارة بالإِجماع، ولا أظنُّ أنَّ أحداً قال: إِنَّ الطواف بطهارة وبغير طهارة سواء، لأنه من الذِّكرِ، ولِفِعْلِهِ صلّى الله عليه وسلّم.
س إِذا اضطُرَّت الحائض إِلى الطَّواف؟
على القول بأنَّ الطَّهارة من الحيض شَرْط فإنها لا تطوف؛ لأنها لو طافت لم يصحَّ طوافها؛ لأنه شرط للصِّحَّة.
وإن قلنا: لا تطوف لِتَحْرِيمِ المقَام عليها في المسجد الحرام، فإنها إِذا اضْطُرَّت جَازَ لها المُكثُ، وإِذا جاز المُكث جاز الطَّواف.
س:إذا حاضت امرأةٍ ولم تَطُفْ للإِفاضَةِ، وكانت في قافِلَةٍ ولن ينتظروها؟
فهذه القوافل التي لا يمكن أن تنتظر ولا يمكنُ للمرأة أن تَرْجِعَ إِذا سافرت؛ كما لو كانت في أقصى الهند أو أمريكا،.
فحينئذٍ إِما أن يُقَال: تكون مُحْصَرة فَتَتَحَلَّل بِدَمٍ، ولا يَتِمُّ حَجُّهَا؛ لأنَّها لمْ تَطُفْ. وهذا فيه صُعُوبَةٌ لأنها حينئذٍ لم تُؤَدِّ الفريضةَ.
أو يقال: تذهب إلى بلدها وهي لم تَتَحَلَّل التَّحَلُّلَ الثَّاني، فلا يَحِلُّ لها أن تتزوَّج ولا يحلُّ لمزوَّجةٍ أن يَقْرَبَهَا زوجُها، وإِنْ مات عنها أو طَلَّقَهَا لا يحلُّ لها أن تتزوَّج، لأنها ما زالت في إِحرام، وهذا فيه مَشَقَّةٌ عظيمة.
أو يقال: تَبْقَى في مكَّة وهذا غير ممكن.
أو يُقال: تطوف للضَّرورة، وهذا اختيارُ شيخ الإسلام رحمه الله[(انظر: «مجموع الفتاوى» (26/199، 243)، «الاختيارات» ص(27).)]، وهو الصَّواب، لكنْ يجبُ عليها أن تَتَحَفَّظَ حتى لا ينْزل الدَّمُ إلى المسجد فيلوِّثه.
انتهي باب نواقض الوضوء نسألكم الدعاء
أم محمد الظن

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.69 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 24.06 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.54%)]