عرض مشاركة واحدة
  #573  
قديم 14-07-2025, 10:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,530
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الحادى عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ المائدة
الحلقة (573)
صــ 36 إلى صــ 45






* ذكر من قال ذلك:
12618 - حدثنا هناد قال، أخبرنا ابن أبي زائدة قال، أخبرنا ابن جريج قال، قلت لعطاء: ما "أو عدل ذلك صيامًا" ؟ قال: إن أصاب ما عَدْله شاة، أقيمت الشاة طعامًا، ثم جعل مكان كل مدّ يومًا يصومه.
* * *
وقال آخرون: بل الواجب عليه إذا أراد التكفير بالإطعام أو الصوم، أن يقوِّم الصيد المقتولَ طعامًا، ثم الصدقة بالطعام إن اختار الصدقة. (1) وإن اختار الصوم صام.
* * *
ثم اختلفوا أيضا في الصوم.
فقال بعضهم: يصوم لكل مدّ يومًا.
* * *
وقال آخرون: يصوم مكان كل نصف صاع يومًا.
وقال آخرون: يصوم مكان كل صاع يومًا.
* * *
* ذكر من قال: المقوَّم لإطعام هو الصيد المقتول. (2)
12619 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا جامع بن حماد قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا شعبة، عن قتادة: "يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد" ، الآية، قال: كان قتادة يقول: يحكمان في النعم، فإن كان ليس
(1)
في المطبوعة: "ثم يتصدق بالطعام" وأثبت ما في المخطوطة وهو لا بأس به.

(2)
في المطبوعة: "المتقوم للإطعام" وفي المخطوطة بهذا الرسم غير منقوطة وصواب قراءتها ما أثبت.

عنده ما يبلغ ذلك، (1) نظروا ثمنه فقوَّموه طعامًا، ثم صام مكان كل صاع يومين.
* * *
وقال آخرون: لا معنى للتكفير بالإطعام، لأن من وجد سبيلا إلى التكفير بالإطعام، فهو واجد إلى الجزاء بالمثل من النعم سبيلا. ومن وجد إلى الجزاء بالمثل من النعم سبيلا لم يجزه التكفير بغيره. قالوا: وإنما ذكر الله تعالى ذكره الكفارة بالإطعام في هذا الموضع، ليدلّ على صفة التكفير بالصوم= لا أنه جعل التكفير بالإطعام إحدى الكفارات التي يكفر بها قتل الصيد. (2) وقد ذكرنا تأويل ذلك فيما مضى قبل. (3)
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب عندي في قوله: "فجزاء مثل ما قتل من النعم" ، أن يكون مرادا به: فعلى قاتله متعمدًا مثلُ الذي قتل من النعم= لا القيمة، إن اختار أن يجزيه بالمثل من النعم. وذلك أن القيمة إنما هي من الدنانير أو الدراهم. والدراهم أو الدنانير ليست للصيد بمثل، والله تعالى ذكره إنما أوجب الجزاء مثلا من النعم.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب عندي في قوله: "أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صيامًا" أن يكون تخييرًا، وأن يكون للقاتل الخيار في تكفيره بقتله الصيد وهو محرم بأيِّ هذه الكفارات الثلاث شاء. لأن الله تعالى ذكره، جعل ما أوجبَ في قتل الصيد من الجزاء والكفارة عقوبة لفعله، وتكفيرًا لذنبه، في إتلافه ما أتلف من الصيد الذي كان حرامًا عليه إتلافه في حال إحرامه، وقد كان حلالا له قبل حال إحرامه، كما جعل الفدية من صيام أو صدقة أو نسك في حلق الشعر الذي حلقه المحرم في حال إحرامه، وقد كان له حلالا قبل حال
(1)
في المطبوعة: "فإن كان ليس صيده ما يبلغ ذلك" وهو خطأ صوابه في المخطوطة.

(2)
في المخطوطة: "لأنه جعل التكفير ..." وصوابه ما في المطبوعة.

(3)
انظر ما سلف ص: 15 وما بعدها.

إحرامه، [عقوبة لفعله، وتكفيرًا لذنبه] وحلق الشعر الذي حلقه المحرم في حال إحرامه وقد كان له حلقه قبل حال إحرامه، ثم منع من حلقه في حال إحرامه نظير الصيد. (1) ثم جعل عليه إن حلقه جزاءً من حلقه إياه. فأجمع الجميع على أنه في حلقه إياه إذا حلقه من أذاته، (2) مخيَّر في تكفيره، فعله ذلك بأيِّ الكفارات الثلاث شاء. لا فرق بين ذلك (3) فمثله إن شاء الله قاتل الصيد من المحرمين، (4) .
ومن أبى ما قلنا فيه، قيل له: حكم الله تعالى ذكره على قاتل الصيد بالمثل من النعم، أو كفارة طعام مساكين، أو عدله صيامًا= كما حكم على الحالق بفدية من صيام أو صدقة أو نسك، فزعمتَ أن أحدهما مخيَّر في تكفير ما جعل منه، عِوَضٌ بأيّ الثلاث شاء، وأنكرت أن يكونَ ذلك للآخر، فهل بينك وبين من عكس عليك الأمر في ذلك= فجعل الخيارَ فيه حيث أبيت، وأبى حيث جعلته له= فرقٌ من أصل أو نظير؟ فلن يقول في أحدهما قولا إلا إذا ألزم في الآخر مثله. (5)
(1)
كانت هذه الجملة في المطبوعة: "كما جعل الفدية من صيام او صدقة أو نسك في حلق الشعر الذي حلقه المحرم في حال إحرامه وقد كان له حلقه قبل حال إحرامه ثم منع من حلقه في حال إحرامه، نظير الصيد" . وهو كلام غير مستقيم وهو اختصار لما في المخطوطة.

وكان في المخطوطة هكذا: "كما جعل الفدية من صيام أو صدقة أو نسك في حلق الشعر الذي حلقه المحرم في حال إحرامه وقد كان حلالا قبل حال إحرامه كما جعل الفدية من صيام أو صدقة أو نسك في حلق الشعر الذي حلقه المحرم في حال إحرامه، وقد كان له حلقه قبل حال إحرامه ثم منع من حلقه في حال إحرامه نظير الصيد" . وهي جملة مختلطة فيها بلا شك زيادة من الناسخ وهو قوله: "كما جعل الفدية من صيام أو صدقة او نسك" واستظهرت أن مكان هذه العبارة كما وضعته بين القوسين، لتتم المناظرة بين الفعلين والعقوبتين والجزاءين وبذلك استقام الكلام إن شاء الله.
(2)
في المطبوعة: "من إيذائه" وأثبت ما في المخطوطة وهو غير منقوطة.

(3)
في المطبوعة والمخطوطة: "في تكفيره فعليه ذلك" وهو خطأ محض صوابه ما أثبت.

(4)
في المطبوعة: "فمثله إن شاء الله قاتل الصيد" وفي المخطوطة: "فمثله مما شاله قاتل الصيد" واستظهرت الصواب من نص الآية "ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم" .

(5)
انظر ما قاله أبو جعفر في الحلق فيما سلف 4: 76- 78.

ثم اختلفوا في صفة التقويم إذا أراد التكفير بالإطعام.
فقال بعضهم: يقوَّم الصيد قيمته بالموضع الذي أصابه فيه. (1) وهو قول إبراهيم النخعي، وحماد، وأبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد. وقد ذكرت الرواية عن إبراهيم وحماد فيما مضى بما يدل على ذلك، (2) وهو نص قول أبي حنيفة وأصحابه.
* * *
وقال آخرون: بل يقوَّم ذلك بسعر الأرض التي يكفِّر فيها. (3)
* ذكر من قال ذلك:
12620 - حدثنا هناد قال، حدثنا ابن أبي زائدة قال، حدثنا إسرائيل، عن جابر، عن عامر قال في محرم أصاب صيدًا بخراسان، قال: يكفر بمكة أو بمنًى. وقال: يقوّم الطعام بسعر الأرض التي يكفّر بها.
12621 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أبو يمان، عن إسرائيل، عن جابر، عن الشعبي، في رجل أصاب صيدًا بخراسان، قال: يحكم عليه بمكة.
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا، أن قاتل الصيد إذا جزأه بمثله من النَّعم، فإنما يجزيه بنظيره في خلق وقدره في جسمه، (4) من أقرب الأشياء به شبهًا من الأنعام. فإن جزاه بالإطعام، قوّمه قيمته بموضعه الذي أصابه فيه، لأنه هنالك وجب عليه التكفير بالإطعام. ثم إن شاء أطعم بالموضع الذي أصابه فيه، وإن شاء بمكة، وإن شاء بغير ذلك من المواضع حيث شاء، لأن الله تعالى ذكره؛ إنما شَرَط بلوغ الكعبة بالهدي في قتل الصيد دون غيره من جزائه، فللجازي
(1)
في المطبوعة: "قيمته بالموضع" وأثبت ما في المخطوطة وهو صواب محض وليس في المخطوطة "فيه" وإثباتها واجب.

(2)
يعني ما سلف رقم: 12583، 12584/ 12604، 12605.

(3)
في المطبوعة: "يكفر بها" وأثبت ما في المخطوطة.

(4)
في المطبوعة والمخطوطة: "في خلق" والجيد ما أثبت.

بغير الهدى أن يجزيه بالإطعام والصوم حيث شاء من الأرض.
* * *
وبمثل الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل العلم.
* ذكر من قال ذلك:
12622 - حدثنا هناد قال، حدثنا ابن أبي زائدة قال، حدثنا ابن أبي عروبة، عن أبي معشر، عن إبراهيم قال: ما كان من دم فبمكة. وما كان من صدقة أو صوم، حيث شاء.
* * *
وقد خالف ذلك مخالفون، فقالوا: لا يجزئ الهدى والإطعام إلا بمكة. فأما الصوم، فإن لم يكن كفَّر، به يصوم حيث شاء من الأرض. (1)
* ذكر من قال ذلك:
12623- حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع= وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي= عن حماد بن سلمة، عن قيس بن سعد، عن عطاء قال: الدم والطعام بمكة، والصيامُ حيث شاء.
12624 - حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع= وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي= عن مالك بن مغول، عن عطاء قال: كفارة الحج بمكة.
12625 - حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا أبو عاصم، عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: أين يُتصدق بالطعام إن بدا له؟ قال: بمكة، من أجل أنه بمنزله الهدي، قال: "فجزاء مثل ما قتل من النعم أو هديًا بالغ الكعبة" ، من أجل أنه أصابه في حَرَم = يريد البيت = فجزاؤه عند البيت.
* * *
(1)
في المطبوعة: "فأما الصوم فإن كفر به يصوم حيث شاء من الأرض" وفي المخطوطة: "فإن لم يكن كفر به أن يصومه حيث شاء من الأرض" وصواب قراءتها ما أثبت.

فأما الهدي، فإنّ من جَزَى به ما قتل من الصيد، (1) فلن يجزئه من كفارة ما قتل من ذلك إلا أن يبلغه الكعبة كما قال تعالى ذكره (2) وينحره أو يذبحه ويتصدق به على مساكين الحرم= وعنَى بالكعبة في هذا الموضع، الحرم كله. (3) ولمن قدَّم بهديه الواجبَ من جزاء الصيد، أن ينحره في كل وقت شاء، قبل يوم النحر وبعده، ويطعمه. وكذلك إن كفر بالطعام، (4) فله أن يكفر به متى أحب وحيث أحب. وإن كفّر بالصوم فكذلك.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، خلا ما ذكرنا من اختلافهم في التكفير بالإطعام على ما قد بينا فيما مضى.
* ذكر من قال ذلك:
12626 - حدثنا هناد قال، حدثنا ابن أبي زائدة قال، أخبرنا ابن جريج قال، قلت لعطاء: "أو عدل ذلك صيامًا" ، هل لصيامه وقت؟ قال: لا إذ شاء وحيث شاء، وتعجيله أحبُّ إليّ.
12627 - حدثنا هناد قال، حدثنا ابن أبي زائدة قال، أخبرنا ابن جريج قال، قلت لعطاء: رجل أصابَ صيدًا في الحج أو العمرة، فأرسل بجزائه إلى الحرم في المحرَّم أو غيره من الشهور، أيجزئ عنه؟ قال: نعم. ثم قرأ: "هديًا بالغ الكعبة" = قال هناد: قال يحيى: وبه نأخذ. (5)
(1)
في المطبوعة: "فأما الهدي، فإنه من جراء ما قتل من الصيد" وهو كلام فاسد جدا وفي المخطوطة: "فإن من جرائه ما قتل من الصيد" غير منقوطة وهذا صواب قراءتها.

(2)
في المطبوعة: "إلا أن يبلغه الكعبة طيبا وينحره أو يذبحه" وهو فاسد المعنى وفي المخطوطة: "إلا أن يبلغه الكعبة طيبا قال تعالى ذكره وينحره ..." وصواب قراءة "طسا" غير منقوطة "كما" كما أثبتها.

(3)
في المطبوعة: "ويعني بالكعبة" وفي المخطوطة "وعنا بالكعبة" وصواب قراءتها ما أثبت.

(4)
في المطبوعة: "بالطعام" وأثبت ما في المخطوطة.

(5)
الأثر: 12627- "يحيى" هو "ابن أبي زائدة" وهو: "يحيى بن زكريا ابن أبي زائدة" ومضى مرارا.

12628- حدثنا هناد قال، حدثنا ابن أبي زائدة قال، أخبرنا ابن جريج وابن أبي سليم، عن عطاء قال: إذا قدمتَ مكة بجزاء صيدٍ فانحره، فإن الله تعالى ذكره يقول: "هديًا بالغ الكعبة" ، إلا أن يقدَم في العشر، فيؤخِّرُه إلى يوم النحر. (1)
12629- حدثنا هناد قال، حدثنا ابن أبي زائدة قال، حدثنا ابن جريج، عن عطاء قال: يتصدّق الذي يصيب الصيدَ بمكة. فإن الله تعالى ذكره يقول: "هديًا بالغ الكعبة" .
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا}
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: أو على قاتل الصيد محرِمًا، عدلُ الصّيد المقتول من الصيام. وذلك أن يقوّم الصيد حيًّا غير مقتول قيمته من الطعام بالموضع الذي قتله فيه المحرم، ثم يصوم مكان كل مدٍّ يومًا. وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم عَدَل المدَّ من الطعام بصوم يوم في كفَّارة المُوَاقع في شهر رمَضَان. (2)
* * *
فإن قال قائل: فهلا جعلت مكان كلّ صاع في جزاءِ الصيد، صومَ يوم، قياسًا على حكم النبي صلى الله عليه وسلم في نظيره، وذلك حكمه على كَعْب بن عُجْرة إذ أمره أن يطعم إنْ كفَّر بالإطعام فَرْقًا من طعام، وذلك ثلاثة آصُعٍ بين ستّة مساكين (3) = إنْ كفر بالصيام أن يصوم ثلاثة أيام، فجعل الأيام
(1)
في المطبوعة: "فيخر" بغير ضمير وأثبت ما في المخطوطة.

(2)
انظر الأخبار في كفارة من أتى أهله في نهار رمضان وهو صائم في السنن الكبرى البيهقي 4: 221- 225.

(3)
انظر خبر "كعب بن عجرة" إذ شكا رأسه من صئبانه، فيما سلف في التفسير 4: 58- 69 الآثار رقم: 3334- 3359.

الثلاثة في الصوم عَدْلا من إطعام ثلاثة آصع، فإن ذلك بالكفارة في جزاءِ الصيد، أشبهُ من الكفارة في قتلِ الصيد بكفَّارة المُواقع امرأتَه في شهر رمضان؟. قيل: إن "القياس" ، إنما هو رَدُّ الفروع المختلف فيها، إلى نظائرها من الأصول المجمع عليها. ولا خلافَ بين الجميع من الحجّة أنه لا يجزئ مكفِّرًا كفَّر في قتل الصيد بالصوم، أن يعدِلَ صوم يوم بصاعِ طعام. فإذْ كان ذلك كذلك، وكان غير جائز خلافها فيما حدَّثت به من الدين مجمعةً عليه، (1) صحَّ بذلك أن حكم معادلة الصوم الطعامَ في قتل الصيد، مخالف حكم معادلته إيَّاه في كفارة الحلق، إذْ كان غير جائز ردّ أصْلٍ على أصْلٍ قياسًا. وإنما يجوز أن يقاس الفرعُ على الأصل. (2) وسواء قال قائل: "هلا رددتَ حكم الصوم في كفارة قتلِ الصيد، على حكمه في حَلْق الأذى فيما يُعْدل به من الطعام" ؟ = وآخر قال: "هلا رددت حكم الصوم في الحلق، على حكمه في كفارة قتل الصيد فيما يُعدلُ به من الطعام، فتُوجب عليه مكان كل مدٍّ أو مكان كل نصف صاع صومَ يوم" ؟
* * *
وقد بينا فيما مضى قبل أن "العَدْل" في كلام العرب بالفتح، هو قدر الشيء من غير جنسه= (3) وأن "العِدْل" هو قدره من جنسه. (4)
وقد كان بعض أهل العلم بكلام العرب يقول: "العدل" مصدر من قول القائل: "عَدَلت بهذا عَدْلا حسنًا" . قال: "والعَدْل" أيضًا بالفتح،
(1)
في المطبوعة: "حدت به من الدين" (بتشديد الدال والتاء في آخره) وفي المخطوطة "حدث به" بالثاء وصواب قراءتها ما أثبت.

(2)
في المطبوعة والمخطوطة: "إذا كان غير جائز وداخل على آخر قياسا" وفي المخطوطة مثلها مهملة غير منقوطة. وهو كلام لا معنى له، بل الصواب المحض ما أثبت وذلك أن الكاتب كتب: "وداحل" وصوابها: "رد أصل" ثم كتب "على أحر" وصوابها: "على أصل" وهو ظاهر كلام أبي جعفر كما رأيت قبل، وكما ترى بعد.

(3)
في المطبوعة: "وهو قدر ..." بزيادة "الواو" وهو خطأ.

(4)
انظر تفسير "العدل" فيما سلف 2: 35، 574. ثم معاني القرآن للفراء 1: 320، ثم مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 53، 175، 176.

المثل. ولكنهم فرَّقوا بين "العدل" في هذا وبين "عِدْل المتاع" ، بأن كسروا "العين" من "عِدْل المتاع" ، وفتحوها من قول الله تعالى: (1) وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ [سورة البقرة:123] ، وقول الله عز وجل: "أو عدل ذلك صيامًا" ، كما قالوا: "امرأة رَزان" وحجر رَزين ". (2) "
وقال بعضهم: "العدل" هو القسط في الحق، و "العِدْل" بالكسر، المثل. وقد بينا ذلك بشواهد فيما مضى. (3) .
* * *
وأما نصب "الصيام" فأنه على التفسير، (4) كما يقال: "عندي ملء زقٍّ سمنًا" ، و "قدر رطلٍ عسلا" . (5)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل. (6)
(1)
في المطبوعة: "من قولهم" وفي المخطوطة: "من قول هم" وهو خطأ غريب والصواب ما كتبت إن شاء الله.

(2)
نص هذا الكلام ذكره صاحب لسان العرب في مادة (عدل) ولم يشر إليه في مادة (رزن) فهو مما يقيد في اللسان في موضعه. وجاء في اللسان "وعجز رزين" وهو خطأ يصحح، إنما الصواب "وحجر" و "حجر رزين" : ثقيل. وقد صرح صاحب أساس البلاغة فقال: "وامرأة رزان، ولا يقال" رزينة "."

(3)
يعني ما سلف في 2: 35.

(4)
"التفسير" هو التمييز وانظر ما سلف في فهارس المصطلحات.

(5)
انظر معاني القرآن للفراء 1: 320.

(6)
عند هذا الموضع انتهى المجلد الثامن من مخطوطة التفسير التي اعتمدناها. وفيها هنا ما نصه:

"تم المجلد الثامن بحمد الله وعونه"
وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وصحبه وسلم كثيرا.
يتلوه في التاسع إن شاء الله تعالى:
ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا أبو
عاصم قال، أخبرنا ابن جريج قال قلت لعطاء: ما
"عَدْل ذلك صيامًا" ؟
قال: عدل الطعام من الصيام.
وكان الفراغ منه في شهر ربيع الآخر سنة خمس عشرة وسبعمئة "."
ثم يليه في أول الجزء التاسع ما نصه:
"بسْم الله الرَّحمن الرحِيمِ"
رَبِّ يَسِّرْ
بقية تفسير: "أَوْ عَدْلُ ذلك صِيَامًا" .
12630- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو عاصم قال، أخبرنا ابن جريج قال، قلت لعطاء: ما "عدل ذلك صيامًا" ؟ قال: عَدْل الطعامِ من الصيام. قال: لكل مدٍّ يومًا، يأخذ زعَم بصيام رمضان وبالظِّهار. (1) وزعم إن ذلك رأى يراه، ولم يسمعه من أحد، ولم تمض به سنة. قال: ثم عاودته بعد ذلك بحين، قلت: ما "عدل ذلك صيامًا" ؟ قال: إن أصاب ما عَدْله شاةٌ، قوِّمت طعامًا، ثم صام مكان كل مدٍّ يومًا. قال: ولم أسأله: هذا رأي أو سنة مسنونة؟
12631 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير في قوله عز وجل: "أو عدل ذلك صيامًا" ، قال: بصوم ثلاثةَ أيام إلى عشرة أيام.
12632 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن حماد: "أو عدل ذلك صيامًا" ، من الجزاء، إذا لم يجد ما يشتري به هديًا، أو ما يتصدق به مما لا يبلُغ ثمنَ هدي، حكم عليه الصيامُ مكان كل نصفِ صاعٍ يومًا.
12633 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: "أو عدل ذلك صيامًا" ، قال: إذ قتل المحرم شيئًا من الصيد، حكم عليه فيه. فإن قتل ظبيًا أو نحوه، فعليه شاة تذبح بمكة. فإن لم يجدها، فإطعام ستة مساكين. فإن لم يجد فصيام
(1)
في المطبوعة: "يؤخذ" وأثبت ما في المخطوطة وهو الصواب. ومعنى قوله: "يأخذ" هنا، يعني به يقيس ذلك بكفارة المواقع أهله في نهار رمضان، وبكفارة الظهار.

ثلاثة أيام. وإن قتل أيِّلا أو نحوه، فعليه بقرة. فإن لم يجد أطعم عشرين مسكينًا، فإن لم يجد، صام عشرين يومًا. وإن قتل نعامةً أو حمارَ وحش أو نحوه، فعليه بدنة من الإبل. فإن لم يجد، أطعم ثلاثين مسكينًا. فإن لم يجد، صام ثلاثين يومًا. والطعام: مدٌّ مدٌّ، شِبَعَهم. (1)
12634 - حدثنا ابن البرقي قال، حدثنا عمرو بن أبي سلمة، عن سعيد، [سألته] المحرِم يصيب الصيد (2) فيكون عليه الفدية، شاة، أو البقرة أو البدنة. فلا يجد، (3) فما عدل ذلك من الصيام أو الصدقة؟ قال: ثمن ذلك، فإن لم يجد ثمنه، قوّم ثمنه طعامًا يتصدق به لكل مسكين مُدّ، ثم يصومُ بكُلّ مدٍّ يومًا. (4)
* * *




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 48.93 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.30 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.28%)]