عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 16-07-2025, 12:01 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,406
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الحادى عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الأنعام
الحلقة (621)
صــ 516 إلى صــ 525







13521 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبدة بن سليمان، عن جويبر، عن الضحاك، "فقد وكلنا بها قومًا ليسوا بها بكافرين" ، قال: الأنصار.
13522- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن مغراء، عن جويبر، عن الضحاك: "فإن يكفر بها هؤلاء" ، قال: إن يكفر بها أهل مكة = "فقد وكلنا بها" ، أهل المدينة الأنصار= "ليسوا بها بكافرين" .
13523 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "فإن يكفر بها هؤلاء" ، يقول: إن تكفر بها قريش = "فقد وكلنا بها" ، الأنصار.
13524 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج: "فإن يكفر بها هؤلاء" ، أهل مكة = "فقد وكلنا بها قومًا ليسوا بها بكافرين" ، أهلَ المدينة.
13525 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: "فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قومًا ليسوا بها بكافرين" ، قال: كان أهل المدينة قد تبوءوا الدار والإيمان قبل أن يقدم عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما أنزل الله عليهم الآيات، جحد بها أهل مكة. فقال الله تعالى ذكره: "فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قومًا ليسوا بها بكافرين" . قال عطية: ولم أسمع هذا من ابن عباس، ولكن سمعته من غيره. (1)
13526- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: "فإن يكفر بها هؤلاء" ، يعني أهل
(1)
الأثر: 13525 - "عطية" ، هو "عطية بن سعد العوفي" ، جد "محمد بن سعد" الأعلى، وهو مفسر في شرح هذا الإسناد رقم: 305.

مكة. يقول: إن يكفروا بالقرآن = "فقد وكلنا بها قومًا ليسوا بها بكافرين" ، يعني أهلَ المدينة والأنصار.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: فإن يكفر بها أهل مكة، فقد وكلنا بها الملائكة.
* ذكر من قال ذلك:
13527 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة، عن عوف، عن أبي رجاء: "فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قومًا ليسوا بها بكافرين" ، قال: هم الملائكة.
13528- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر وابن أبي عدي وعبد الوهاب، عن عوف، عن أبي رجاء، مثله.
* * *
وقال آخرون: عنى بقوله: "فإن يكفر بها هؤلاء" ، يعني قريشًا= وبقوله: "فقد وكلنا بها قومًا" ، الأنبياء الذين سماهم في الآيات التي مضت قبلَ هذه الآية.
* ذكر من قال ذلك:
13529- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "فإن يكفر بها هؤلاء" ، يعني أهل مكة = "فقد وكلنا بها قومًا ليسوا بها بكافرين" ، وهم الأنبياء الثمانية عشر الذين قال الله: أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ.
13530- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: "فإن يكفر بها هؤلاء" ، قال: يعني قوم محمد. ثم قال: "فقد وكلنا بها قومًا ليسوا بها بكافرين" ، يعني: النبيين الذين قص قبل هذه الآية قصصهم. ثم قال: "أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده" .
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال في تأويل ذلك بالصواب، قولُ من قال: عنى بقوله: "فإن يكفر بها هؤلاء" ، كفار قريش = "فقد وكلنا بها قومًا ليسوا بها بكافرين" ، يعني به الأنبياء الثمانية عشر الذين سماهم الله تعالى ذكره في الآيات قبل هذه الآية. وذلك أن الخبر في الآيات قبلها عنهم مضى، وفي التي بعدها عنهم ذكر، فما بينها بأن يكون خبرًا عنهم، (1) أولى وأحق من أن يكون خبرًا عن غيرهم.
* * *
فتأويل الكلام، إذ كان ذلك كذلك: فإن كفر قومك من قريش، يا محمد، بآياتنا، (2) وكذبوا وجحدوا حقيقتها، فقد استحفظناها واسترعينا القيام بها رُسلَنا وأنبياءنا من قبلك، الذين لا يجحدون حقيقتها، ولا يكذبون بها، ولكنهم يصدقون بها ويؤمنون بصحتها.
* * *
وقد قال بعضهم: معنى قوله: "فقد وكّلنا بها قومًا" ، رزقناها قومًا.
* * *
القول في تأويل قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ}
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: "أولئك" ، هؤلاء القوم الذين وكلنا بآياتنا وليسوا بها بكافرين، هم الذين هداهم الله لدينه الحق، وحفظ ما وكلوا بحفظه من آيات كتابه، والقيام بحدوده، واتباع حلاله وحرامه، والعمل بما فيه من أمر الله، والانتهاء عما فيه من نهيه، فوفقهم جل ثناؤه لذلك = "فبهداهم اقتده" ،
(1)
في المطبوعة: "ففيما بينها" ، وفي المخطوطة "" فما بينهم "، والصواب بينهما ما أثبت."

(2)
في المطبوعة: "فإن يكفر قومك من قريش" ، وفي المخطوطة: "فإن يكفر بها قومك" والكلام لا يستقيم إلا بحذف "بها" ولكن الجملة لا تستقيم أيضًا في العطوف المتتابعة حتى تكون "فإن كفر قومك" ، فعلا ماضيًا كالذي عطف عليه.

يقول تعالى ذكره: فبالعمل الذي عملوا، والمنهاج الذي سلكوا، وبالهدى الذي هديناهم، والتوفيق الذي وفقناهم = "اقتده" ، يا محمد، أي: فاعمل، وخذ به واسلكه، فإنه عمل لله فيه رضًا، ومنهاجٌ من سلكه اهتدى.
* * *
وهذا التأويل على مذهب من تأوّل قوله: "فقد وكلنا بها قومًا ليسوا بها بكافرين" ، أنهم الأنبياء المسمون في الآيات المتقدمة. وهو القول الذي اخترناه في تأويل ذلك.
* * *
وأما على تأويل من تأول ذلك: أن القوم الذين وكّلوا بها هم أهل المدينة = أو: أنهم هم الملائكة = فإنهم جعلوا قوله: "فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قومًا ليسوا بها بكافرين" ، اعتراضًا بين الكلامين، ثم ردّوا قوله: "أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده" ، على قوله: "أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوّة" .
* ذكر من قال ذلك:
13531 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله: "ووهبنا له إسحاق ويعقوب" إلى قوله: "أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده" ، يا محمد.
13532- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "أولئك الذين هدى الله" ، يا محمد، "فبهداهم اقتده" ، ولا تقتد بهؤلاء.
13533 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثني أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده" .
13534 - حدثنا علي بن داود قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قال: ثم قال في الأنبياء
الذين سماهم في هذه الآية: "فبهداهم اقتده" .
* * *
ومعنى: "الاقتداء" في كلام العرب، بالرجل: اتباع أثره، والأخذ بهديه. يقال: "فلان يقدو فلانًا" ، إذا نحا نحوه، واتبع أثره، "قِدَة، وقُدوة وقِدوة وقِدْيَة" . (1)
* * *
القول في تأويل قوله: {قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ (90) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: "قل" لهؤلاء الذين أمرتك أن تذكّرهم بآياتي، أن تبسَل نفس بما كسبت، من مشركي قومك يا محمد: "لا أسألكم" ، على تذكيري إياكم، والهدى الذي أدعوكم إليه، والقرآن الذي جئتكم به، عوضًا أعتاضه منكم عليه، وأجرًا آخذه منكم، (2) وما ذلك مني إلا تذكير لكم، ولكل من كان مثلكم ممن هو مقيم على باطل، بَأسَ الله أن يَحُلّ بكم، وسَخَطه أن ينزل بكم على شرككم به وكفركم = وإنذارٌ لجميعكم بين يدي عذاب شديد، لتذكروا وتنزجروا. (3)
* * *
(1)
في المطبوعة: "كتب مكان" وقدية "" وقدوة "، وهو خطأ صرف، خالف ما في المخطوطة وهو الصواب."

(2)
انظر تفسير "الأجر فيما سلف من فهارس اللغة (أجر) ."

(3)
انظر تفسير "ذكرى" فيما سلف ص: 439.

القول في تأويل قوله: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ}
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: "وما قدروا الله حق قدره" ، وما أجلُّوا الله حق إجلاله، ولا عظموه حق تعظيمه = "إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء" ، يقول: حين قالوا: لم ينزل الله على آدميٍّ كتابًا ولا وحيًا. (1)
* * *
واختلف أهل التأويل في المعنيّ بقوله: "إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء" ، وفي تأويل ذلك.
فقال بعضهم: كان قائل ذلك رجلا من اليهود.
* * *
ثم اختلفوا في اسم ذلك الرجل.
فقال بعضهم: كان اسمه: مالك بن الصيف.
* * *
وقال بعضهم: كان اسمه فنحاص.
* * *
واختلفوا أيضًا في السبب الذي من أجله قال ذلك.
* * *
* ذكر من قال: كان قائل ذلك: مالك بن الصيف.
13535 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير قال: جاء رجل من اليهود يقال له مالك بن الصيف يخاصم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أنشدك بالذي أنزل التوراة على موسى، أما تجد في التوراة أن الله يُبْغِض الحَبْر السمين؟ وكان حبرًا سمينًا، فغضب فقال: والله ما أنزل الله على بشر من شيء! فقال له أصحابه الذين معه: ويحك! ولا موسى! فقال:
(1)
انظر تفسير "بشر" فيما سلف 6: 538/10: 152.

والله ما أنزل الله على بشر من شيء! فأنزل الله: "وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى" ، الآية.
13536 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة قوله: "وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء" ، قال: نزلت في مالك بن الصيف، كان من قريظة، من أحبار يهود = "قل" يا محمد "من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورًا وهدى للناس" ، الآية.
* * *
* ذكر من قال: نزلت في فنحاص اليهوديّ.
13537 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء" ، قال: قال فنحاص اليهوديّ: ما أنزل الله على محمد من شيء!
* * *
وقال آخرون: بل عنى بذلك جماعة من اليهود، سألوا النبي صلى الله عليه وسلم آيات مثل آيات موسى.
* ذكر من قال ذلك:
13538 - حدثنا هناد قال، حدثنا يونس قال، حدثنا أبو معشر المدني، عن محمد بن كعب القرظي قال: جاء ناسٌ من يهودَ إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو مُحْتَبٍ، فقالوا: يا أبا القاسم، ألا تأتينا بكتاب من السماء، كما جاء به موسى ألواحًا يحملها من عند الله؟ فأنزل الله: يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنزلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً، الآية [سورة النساء: 153] . فجثا رجل من يهود فقال: ما أنزل الله عليك
ولا على موسى ولا على عيسى ولا على أحد شيئًا! فأنزل الله: "وما قدروا الله حق قدره" . = قال محمد بن كعب: ما علموا كيف الله (1) = "إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورًا" ، فحلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حُبْوته، وجعل يقول: "ولا على أحَدٍ" . (2)
13539 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: "وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء" ، إلى قوله: "في خوضهم يلعبون" ، هم اليهود والنصارى، قوم آتاهم الله علمًا فلم يقتدوا به، (3)
ولم يأخذوا به، ولم يعملوا به، فذمهم الله في عملهم ذلك. ذكر لنا أن أبا الدرداء كان يقول: إن من أكثر ما أنا مخاصَمٌ به غدًا أن يقال: يا أبا الدرداء، قد علمت، فماذا عملت فيما علمت؟
13540 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: "وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء" ، يعني من بني إسرائيل، قالت اليهود: يا محمد، أنزل الله عليك كتابًا؟ قال: نعم! قالوا: والله ما أنزل الله من السماء كتابًا! قال: فأنزل الله: "قل" يا محمد "من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورًا وهدًى للناس" ، إلى قوله: "ولا آباؤكم" ، قال: الله أنزله.
* * *
وقال آخرون: هذا خبر من الله جل ثناؤه عن مشركي قريش أنهم قالوا: "ما أنزل الله على بشر من شيء" .
(1)
في المطبوعة والمخطوطة: "ما علموا كيف الله" ، هكذا، وهو تعبير غريب جدًا أكاد أستنكره، وأخشى أن يكون تحريفًا، وهو تفسير للآية، أي: "قدروا الله" .

(2)
الأثر: 13538 - هذا الخبر لم يذكر في تفسير الآية من سورة النساء 9: 356 - 358، وهذا من وجوه اختصار أبي جعفر تفسيره.

(3)
في المطبوعة: "فلم يهتدوا" ، وأثبت ما في المخطوطة.

* ذكر من قال ذلك:
13541 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج، قال عبد الله بن كثير: أنه سمع مجاهدًا يقول: "وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء" ، قالها مشركو قريش. قال: وقوله: (قُلْ مَنْ أَنزلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلناسِ يَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ يُبْدُونَهَا وَيُخْفُونَ كَثِيرًا) ، (1) قال: هم يهود، الذين يبدونها ويخفون كثيرًا. قال: وقوله: "وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم" ، قال: هذه للمسلمين.
13542 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: "وما قدروا الله حق قدره" ، قال: هم الكفار، لم يؤمنوا بقدرة الله عليهم، فمن آمنَ أن الله على كل شيء قدير، فقد قدر الله حق قدره. ومن لم يؤمن بذلك، فلم يقدر الله حق قدره.
13543 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "وما قدروا الله حق قدره" ، يقول: مشركو قريش.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب في تأويل ذلك، قول من قال: عني بقوله (2) "وما قدروا الله حق قدره" ، مشركو قريش. وذلك أن ذلك في سياق الخبر عنهم أولا فأن يكون ذلك أيضًا خبرًا عنهم، أشبهُ من أن يكون خبرًا عن اليهود ولما يجر لهم ذكرٌ يكون هذا به متصلا مع ما في الخبر عمن أخبر الله عنه في هذه الآية، من إنكاره أن يكون الله أنزل على بشر شيئًا من الكتب، وليس ذلك مما تدين به اليهود، بل المعروف من دين اليهود: الإقرار
(1)
هذه إحدى القراءتين في الآية بالياء فيها جميعا "يجعلونه" ، "يبدونها" ، "يخفون" ، وهي غير قراءتنا في مصحفنا، وسيذكرها أبو جعفر فيما يلي.

(2)
في المطبوعة والمخطوطة: "عني بذلك" ، والسياق يقتضي ما أثبت.

بصُحُف إبراهيم وموسى، وزبور داود. وإذا لم يأت بما روي من الخبر، (1) بأن قائل ذلك كان رجلا من اليهود، خبرٌ صحيح متصل السند = ولا كان على أن ذلك كان كذلك من أهل التأويل إجماعٌ = وكان الخبر من أوّل السورة ومبتدئها إلى هذا الموضع خبرًا عن المشركين من عبدة الأوثان = وكان قوله: "وما قدروا الله حق قدره" ، موصولا بذلك غير مفصول منه = (2) لم يجز لنا أن ندّعي أن ذلك مصروف عما هو به موصول، إلا بحجة يجب التسليم لها من خبر أو عقل.
ولكني أظن أن الذين تأوّلوا ذلك خبرًا عن اليهود، وجدوا قوله: "قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورًا وهدى للناس يجعلونه قراطيس يبدونها ويخفون كثيرًا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم" ، فوجهوا تأويل ذلك إلى أنه لأهل التوراة، فقرءوه على وجه الخطاب لهم: تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آبَاؤُكُمْ، (3) فجعلوا ابتداء الآية خبرًا عنهم، إذ كانت خاتمتها خطابًا لهم عندهم. وغير ذلك من التأويل والقراءة أشبه بالتنزيل، لما وصفت قبل من أن قوله: "وما قدروا الله حق قدره" ، في سياق الخبر عن مشركي العرب وعبدة الأوثان وهو به متصل، فالأولى أن يكون ذلك خبرًا عنهم.
والأصوب من القراءة في قوله: (يَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ يُبْدُونَهَا وَيُخْفُونَ كَثِيرًا) ، أن يكون بالياء لا بالتاء، على معنى: أنّ اليهود يجعلونه قراطيس يبدونها ويخفون كثيرًا، ويكون الخطاب بقوله: "قل من أنزل الكتاب" ، لمشركي قريش. وهذا هو المعنى الذي قصده مجاهد إن شاء الله في تأويل ذلك، وكذلك كان يقرأ.
13544 - حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا
(1)
في المطبوعة والمخطوطة: "وإذا لم يكن بما روى هذا الخبر" ، وهو كلام غير مستقيم، صوابه ما أثبت إن شاء الله - أي: "وإذا لم يأت بما روى. . . خبر صحيح" .

(2)
السياق: "وإذا لم يأت بما روى. . . خبر صحيح. . .ولا كان. . . وكان الخبر. . . وكان قوله.. . . لم يجز" ، كل ذلك عطوف متتابعة، وجواب "وإذ لم يأت" قوله: "لم يجز" .

(3)
هذه القراءة الثانية للآية، وهي قراءتنا اليوم في مصحفنا.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 44.59 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 43.97 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.41%)]