عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 16-07-2025, 11:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,340
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثالث عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الأعراف
الحلقة (692)
صــ 81 إلى صــ 90





وقيل: إن القوم الذين كانوا عكوفًا على أصنام لهم، الذين ذكرهم الله في هذه الآية، قوم كانوا من لَخْم.
* ذكر من قال ذلك:
15054 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا بشر بن عمرو قال، حدثنا العباس بن المفضل، عن أبي العوام، عن قتادة: (فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم) ،قال: على لخم. (1)
* * *
وقيل: إنهم كانوا من الكنعانيين الذين أمر موسى عليه السلام بقتالهم. وقد:-
15055 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري: أن أبا واقد الليثي قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حنين، فمررنا بِسدْرة، (2) قلت: يا نبي الله، اجعل لنا هذه ذاتُ أنواط كما للكفار ذاتُ أنواط! وكان الكفار ينوطون سلاحهم بسدرة يعكفون حولها (3) = فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الله أكبر! هذا كما قالت بنو إسرائيل لموسى: "اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهة" ، إنكم ستركبون سنن الذين من قبلكم. (4)
15056 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا
(1)
الأثر: 15054 - (( بشر بن عمر الحكم بن عقبة الزهراني الأزدي )) ، روي له الجماعة. مضى برقم 3375. و (( العباس بن المفضل )) ، هكذا في المخطوطة والمطبوعة، وأرجح أنه (( العباس بن الفضل الأنصارى الواقفي )) ، مترجم في التهيب، وابن أبي حاتم 2/1/212، وهو متروك الحديث. و (( أبو العوام )) ، هو (( عمران بن داور القطان )) ، مضى برقم: 7503.

(2)
(( السدرة )) ، وواحدتها (( سدرة )) ، هو شجر النبق.

(3)
(( ناط الشيء ينوطه نوطا )) ، علقه. و (( الأنواط )) ما يعلق على الهودج أو غيره، وهي المعاليق.

(4)
الأثر: 15055 - خبر أبي واقد الليثى، في (( ذات أنواط )) ، رواه أبو جعفر من أربع طرق، هذا أولها، وهو خبر مرسل، لأن الزهري لم يسنده. وسيأتي تخريجه في الذي يليه.

معمر، عن الزهري، عن سنان بن أبي سنان، عن واقد الليثي قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حنين، فمررنا بسدرة، فقلنا: يا نبي الله، اجعل لنا هذه ذات أنواط، فذكر نحوه. (1)
15057- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج قال، حدثنا حماد، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن سنان بن أبي سنان، عن أبي واقد الليثي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، نحوه. (2)
15058 - حدثني المثنى قال، حدثنا ابن صالح قال، حدثني الليث قال، حدثني عقيل، عن ابن شهاب قال، أخبرني سنان بن أبي سنان الديلي، عن أبي واقد الليثي: أنهم خرجوا من مكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين، قال: وكان للكفار سدرة يعكفون عندها، ويعلقون بها أسلحتهم، يقال لها "ذات أنواط، قال: فمررنا بسدرة خضراء عظيمة، قال: فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط. قال:" قلتم والذي نفسي بيده، ما قال قوم موسى: "اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون" ، إنها السنن، لتركبن سَنَنَ من كان قبلكم. (3)
* * *
(1)
الأثر: 15056 - (( سنان بن أبي سنان = الديلى أو الدؤلى =الجدرى )) ، تابعي ثقة. مترجم في التهذيب، والكبير 2/2/163، وابن أبي حاتم 2/1/252. وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده 5: 218 من طريق عبد الرازق، عن معمر، بنحوه.

(2)
الأثر: 15057 - رواه ابن إسحق في سيرته 4: 84، عن (( أبي واقد الليثى، الحارث بن مالك قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين، ونحن حديثو عهد بكفر )) ، وفي المطبوعة الحلبية (( أن الحارث بن مالك )) ، بزيادة (( أن )) ، وهي زيادة فاسدة، ليست في سائر النسخ.

(3)
الأثر: 15058 - (( ابن صالح )) : هو (( عبد الله بن صالح الجهني المصري )) ، (( أبو صالح )) ، كاتب الليث بن سعد. وأسقط في المطبوعة والمخطوطة [حدثني المثنى قال] ، وأبو جعفر لم يدرك أبا صالح، وإنما يروى عنه عن طريق (( المثنى )) ، كما سلف في إسناده الدائر في التفسير، وأقربه: 15050: (( حدثنا المثنى، قال: حدثنا عبد الله بن صالح )) . وقد رواه البخاري كما سترى عن أبي صالح مباشرة، فلذلك ثبت أنه قد سقط من الإسناد: [حدثني المثنى] فزدتها، وانظر مثل هذا الإسناد فيما سلف: 2350. والليث هو (( الليث بن سعد )) الإمام. و (( عقيل )) هو (( عقيل بن خالد الأيلي )) ، مضى برقم: 19، 2350، ثقة ثبت حجة. وهذا الخبر رواه أحمد من طريق حجاج، عن ليث بن سعد، بنحوه، ورواه البخاري مختصراً في تاريخه 2/2/164 قال: (( وقال لنا أبو صالح حدثني الليث، حدثني عقيل، عن ابن شهاب، أخبرنى سنان بن أبي سنان الدؤلى، ثم الجدرى، عن أبي واقد الليثى، سمع النبي صلى الله عليه وسلم: لتركبن سنن من قبلكم )) . وزاد أحمد طريقاً أخرى في مسنده لخبر أبي واقد، طريق مالك بن أنس، عن الزهرى، عن سنان ابن أبي سنان (المسند رقم 5: 218) . ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده: 191 من طريق إبراهيم بن سعد الزهرى، عن [الزهرى] ، عن سنان بن أبي سنان، نحوه. وفي المسند إسقاط [الزهرى] . وخرجه السيوطي في الدر المنشور 3: 114، وزاد نسبته لابن أبي شيبة، والنسائي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وابن مردوية. و (( السنن )) (بفتحتين) : نهج الطريق.

القول في تأويل قوله: {إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (139) }
قال أبو حعفر: وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن قيل موسى لقومه من بني إسرائيل. يقول تعالى ذكره: قال لهم موسى: إن هؤلاء العُكوف على هذه الأصنام، الله مُهْلِكٌ ما هم فيه من العمل ومفسده، ومخسرهم فيه، بإثابته إياهم عليه العذاب المهين = "وباطل ما كانوا يعملون" ، من عبادتهم إياها، فمضمحلّ، لأنه غير نافعهم عند مجيء أمر الله وحلوله بساحتهم، (1) ولا مدافع عنهم بأسَ الله إذا نزل بهم، ولا منقذهم من عذابه إذا عذبهم في القيامة، فهو في معنى ما لم يكن. (2)
* * *
(1)
في المطبوعة: (( غير نافع )) ، وأثبت ما في المخطوطة.

(2)
انظر تفسير (( الباطل )) فيما سلف من فهارس اللغة (بطل) .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
15059 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل، = حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد = قالا جميعًا، حدثنا أسباط، عن السدي: (إن هؤلاء متبر ما هم فيه) ، يقول: مهلك ما هم فيه.
15060 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: (إن هؤلاء متبر ما هم فيه) ، يقول: خُسْران.
15061 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون) ، قال: هذا كله واحد كهيئة: "غفور رحيم" ، "عفوّ غفور" . قال: والعرب تقول: "إنه البائس لمُتَبَّرٌ" ، "وإنه البائس لَمُخَسَّرٌ."
* * *
القول في تأويل قوله: {قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (140) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال موسى لقومه: أسِوَى الله ألتمسكم إلهًا، وأجعل لكم معبودًا تعبدونه، (1) والله الذي هو خالقكم، فضلكم على عالمي دهركم وزمانكم؟ (2) يقول: أفأبغيكم معبودًا لا ينفعكم ولا يضركم تعبدونه، وتتركون عبادة من فضلكم على الخلق؟ إن هذا منكم لجهل!
(1)
انظر تفسير (( بغى )) فيما سلف 12: 559، تعليق: 3، والمراجع هناك.

(2)
انظر تفسير (( العالمين )) فيما سلف من فهارس اللغة (علم) .

القول في تأويل قوله: {وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (141) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لليهود من بني إسرائيل الذين كانوا بين ظهراني مهاجَر رسول الله صلى الله عليه وسلم: واذكروا مع قيلكم هذا الذي قلتموه لموسى بعد رؤيتكم من الآيات والعبر، وبعد النعم التي سلفت مني إليكم، والأيادي التي تقدمت = فعلَكم ما فعلتم = (إذ أنجيناكم من آل فرعون) ، وهم الذين كانوا على منهاجه وطريقته في الكفر بالله من قومه (1) = (يسومونكم سوء العذاب) ، يقول: إذ يحملونكم أقبح العذاب وسيئه. (2)
* * *
وقد بينا فيما مضى من كتابنا هذا ما كان العذاب الذي كان يسومهم سيئه. (3)
* * *
= (يقتلون أبناءكم) ، الذكورَ من أولادهم = (ويستحيون نساءكم) ، يقول: يستبقون إناثهم (4) = (وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم) ، يقول: وفي سومهم إياكم سوء العذاب، اختبار من الله لكم ونعمة عظيمة. (5)
* * *
(1)
انظر تفسير (( الآل )) فيما سلف 2: 37 / 3: 222، تعليق 3 / 6: 326 / 8: 480.

(2)
انظر تفسير (( السوم )) فيما سلف 2: 40.

(3)
انظر ما سلف 2: 40، 41.

(4)
انظر تفسير (( الاستحياء )) فيما سلف 2: 41 - 48 / 13: 41.

(5)
انظر تفسير (( البلاء )) فيما سلف 12: 289، تعليق: 2، والمراجع هناك. وكان في المطبوعة: (( وتعمد عظيم )) ، ولا معنى له، والصواب ما أثبت، وانظر ما سلف في تفسير نظيرة هذه الآية 2: 48، 49، فمنه استظهرت الصواب.

القول في تأويل قوله: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً}
قال أبوجعفر: يقول تعالى ذكره: وواعدنا موسى لمناجاتنا ثلاثين ليلة. (1) وقيل: إنها ثلاثون ليلة من ذي القعدة. = (وأتممناها بعشر) ، يقول: وأتممنا الثلاثين الليلة بعشر ليال تتمة أربعين ليلة.
* * *
وقيل: إن العشر التي أتمها به أربعين، عشر ذي الحجة.
* ذكر من قال ذلك.
15062 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد: (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر) ، قال: ذو القعدة، وعشر ذي الحجة.
15063 - ... قال، حدثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد: (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر) ، قال: ذو القعدة، وعشر ذي الحجة. ففي ذلك اختلفوا. (2)
15064 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة) ، هو ذو القعدة، وعشر من ذي الحجة، فذلك قوله: (فتم ميقات ربه أربعين ليلة) .
15065 - حدثني محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه قال: زعم حضرميٌّ أن الثلاثين التي كان واعدَ موسى ربه، كانت
(1)
انظر تفسير (( المواعدة )) فيما سلف 2: 58 - 60، في نظيرة هذه الآية.

(2)
الأثر: 15063 - وضعت النقط، لأنه اختصار أراد به أن صدر الإسناد هو صدر الإسناد الذي قبله، وقد مضى مثل ذلك مرارًا ولم أشر إليه، فآثرت منذ الآن، أن أضع النقط تنبيهاً على ذلك، فهو رواية سفيان بن وكيع، عن جرير، كما مضى مرارًا مثل هذا الإسناد.

ذا القعدة، والعشرَ من ذي الحجة التي تمم الله بها الأربعين.
15066 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة) ، قال: ذو القعدة. (وأتممناها بعشر) ، قال: عشر ذي الحجة = قال ابن جريج: قال ابن عباس مثله.
15067 - حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد قال، سمعت مجاهدًا يقول في قوله: (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر) ، قال: ذو القعدة، والعشر الأوَل من ذي الحجة.
15068 - ... قال: حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مسروق: (وأتممناها بعشر) ، قال: عشر الأضحى.
* * *
وأما قوله: (فتم ميقات ربه أربعين ليلة) ، فإنه يعني: فكمل الوقت الذي واعد الله موسى أربعين ليلة، (1) وبلغها. كما:-
15069 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج: (فتم ميقات ربه) ، قال: فبلغ ميقات ربه أربعين ليلة.
* * *
القول في تأويل قوله: {وَقَالَ مُوسَى لأخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: لما مضى لموعد ربه قال لأخيه هارون: (اخلفني في قومي) ، يقول: كن خليفتي فيهم إلى أن أرجع.
* * *
(1)
انظر تفسير (( التمام )) فيما سلف 3: 17، 18 / 4: 7/ 12: 62. = وتفسير (( الميقات )) فيما سلف 3: 553 - 555.

يقال منه: "خَلَفه يخْلُفه خِلافة" . (1)
* * *
(وأصلح) ، يقول: وأصلحهم بحملك إياهم على طاعة الله وعبادته، كما:-
15070 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: "وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح" ، وكان من إصلاحه أن لا يدع العجل يُعْبد.
* * *
وقوله: (ولا تتبع سبيل المفسدين) ، يقول: ولا تسلك طريق الذين يفسدون في الأرض، بمعصيتهم ربهم، ومعونتهم أهل المعاصي على عصيانهم ربهم، ولكن اسلك سبيل المطيعين ربهم. (2)
* * *
وكانت مواعدة الله موسى عليه السلام بعد أن أهلك فرعون، ونجَّى منه بني إسرائيل، فيما قال أهل العلم، كما:-
15071 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني الحجاج، عن ابن جريج قوله: (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة) ، الآية، قال: يقول: إن ذلك بعد ما فرغ من فرعون وقبل الطور، لما نجى الله موسى عليه السلام من البحر وغرّق آل فرعون، وخلص إلى الأرض الطيبة، أنزل الله عليهم فيها المنّ والسلوى، وأمره ربه أن يلقَاه، فلما أراد لقاء ربه، استخلف هارون على قومه، وواعدهم أن يأتيهم إلى ثلاثين ليلة، ميعادًا من قِبَله، من غير أمر ربه ولا ميعاده. فتوجه ليلقى ربه، فلما تمت ثلاثون ليلة، قال عدو الله السامريُّ: ليس يأتيكم موسى، وما يصلحكم إلا إله تعبدونه! فناشدهم هارون وقال: لا تفعلوا، انظروا ليلتكم هذه ويومكم هذا، فإن جاء وإلا فعلتم ما بدا لكم! فقالوا: نعم! فلما أصبحوا
(1)
انظر تفسير (( الخلافة )) فيما سلف 12: 540، 541 تعليق: 1، والمراجع هناك.

(2)
انظر تفسير (( اتبع )) و (( الفساد )) فيما سلف من فهارس اللغة (تبع) (فسد) .

من غد ولم يروا موسى، عاد السامري لمثل قوله بالأمس. قال: وأحدث الله الأجل بعد الأجل الذي جعله بينهم عشرًا، (1) فتم ميقات ربه أربعين ليلة، فعاد هارون فناشدهم إلا ما نظروا يومهم ذلك أيضًا، فإن جاء وإلا فعلتم ما بدا لكم! ثم عاد السامري الثالثة لمثل قوله لهم، وعاد هارون فناشدهم أن ينتظروا، فلما لم يروا ... (2)
15072 - قال القاسم، قال الحسين، حدثني حجاج قال، حدثني أبو بكر بن عبد الله الهذليّ قال: قام السامري إلى هارون حين انطلق موسى فقال: يا نبي الله، إنا استعرنا يوم خرجنا من القبط حليًّا كثيرًا من زينتهم، وإن الجند الذين معك قد أسرعوا في الحلي يبيعونه وينفقونه، (3) وإنما كان عارية من آل فرعون، فليسوا بأحياء فنردّها عليهم، ولا ندري لعل أخاك نبيّ الله موسى إذا جاء يكون له فيها رأي، إما يقرّبها قربانا فتأكلها النار، وإما يجعلها للفقراء دون الأغنياء! فقال له هارون: نِعْمَ ما رأيت وما قلت! فأمر مناديًا فنادى: من كان عنده شيء من حليّ آل فرعون فليأتنا به! فأتوه به، فقال هارون: يا سامري أنت أحق من كانت عنده هذه الخزانة! فقبضها السامري، وكان عدو الله الخبيث صائغًا، فصاغ منه عجلا جسدًا، ثم قذف في جوفه تُرْبة من القبضة التي قبض من أثر فرس جبريل عليه السلام إذ رآه في البحر، فجعل
(1)
في المطبوعة: (( بينهم عشرا )) وفي المخطوطة غير منقوطة، وهذا صوابها.

(2)
الأثر 15071 - هذا خبر لم يتم كما ترى، ولم أجده في مكان آخر. وسبب ذلك أن قوله (( فلما لم يروه )) هو في المخطوطة في آخر الصفحة اليسرى، ثم بدأ بعدها: (( قال القاسم )) ، فظاهر أن الناسخ عجل، فأسقط من الخبر تمامه، لما قلب الصفحة، وبدأ الخبر التالي بعده.

(3)
(3) في المطبوعة: (( وإن الذين معك )) ، حذف (( الجند )) ، لأنها غير منقوطة، فلم يحسن قراءتها.

يخور، ولم يخر إلا مرة واحدة، وقال لبني إسرائيل: إنما تخلف موسى بعد الثلاثين الليلة يلتمس هذا! (هذا إلهُكُمْ وإلهُ مُوسَى فَنَسِي) ، [طه: 88] . يقول: إن موسى عليه السلام نسي ربّه.
* * *
القول في تأويل قوله: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي}
قال أبوجعفر: يقول تعالى ذكره: ولما جاء موسى للوقت الذي وعدنا أن يلقانا فيه (1) = "وكلمه ربه" ، وناجاه = "قال" موسى لربه = (أرني أنظر إليك) ، قال الله له مجيبًا: "(لن تراني ولكن انظر إلى الجبل) ."
* * *
وكان سبب مسألة موسى ربه النظر إليه، ما:-
15073 - حدثني به موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: إن موسى عليه السلام لما كلمه ربه، أحب أن ينظر إليه = قال: "رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني" ، فحُفَّ حول الجبل [بملائكة] ، (2) وحُفَّ حول الملائكة بنار، وحُفّ حول النار بملائكة، وحُفّ حول الملائكة بنار، ثم تجلى ربه للجبل.
15074 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن
(1)
انظر تفسير (( الميقات )) فيما سلف قريباً ص: 87، تعليق: 1، والمراجع هناك.

(2)
هذه الزيادة بين القوسين يقتضيها السياق.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 44.75 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 44.12 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.40%)]