
17-07-2025, 10:12 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,240
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
 تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الرابع عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ براءة
الحلقة (753)
صــ 121 إلى صــ 130
16426- حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم أنه قال: يوم الحج الأكبر، يوم النحر، الذي يحلّ فيه كل حرام.
16427- قال حدثنا هشيم، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن علي، قال: يوم الحج الأكبر، يوم النحر.
16428- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة، عن ابن عون قال: سألت محمدًا عن يوم الحجّ الأكبر فقال: كان يومًا وافق فيه حج رسول الله صلى الله عليه وسلم وحج أهل الوَبر.
16429- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا الحكم بن بشير قال، حدثنا عمر بن ذر قال: سألت مجاهدًا عن يوم الحج الأكبر فقال: هو يوم النحر.
16430- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا إسرائيل، عن أبى إسحاق، عن مجاهد: يوم الحج الأكبر، يوم النحر.
16431- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا إسرائيل، عن ثور، عن مجاهد: يوم الحج الأكبر، يوم النحر.
16432- حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا إسرائيل، عن جابر، عن عامر قال: يوم الحجّ الأكبر، يوم النحر = وقال عكرمة: يوم الحج الأكبر: يوم النحر، يوم تهراق فيه الدماء، ويحلّ فيه الحرام = قال وقال مجاهد: يوم يجمع فيه الحج كله، وهو يوم الحج الأكبر.
16433- قال حدثنا إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن محمد بن علي: يوم الحج الأكبر، يوم النحر.
16434- قال، حدثنا إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، مثله.
16435- قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا حماد بن سلمة،
عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس، مثله.
16436- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن أبي إسحاق قال، قال علي: الحج الأكبر، يوم النحر = قال: وقال الزهري: يوم النحر، يوم الحج الأكبر.
16437- حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال، حدثنا عمي عبد الله بن وهب قال، أخبرني يونس، وعمرو، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر في الحجة التي أمَّره رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها قبل حجة الوداع، في رَهْط يؤذِّنون في الناس يوم النحر: ألا لا يحجّ بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان = قال الزهري: فكان حميد يقول: يوم النحر، يوم الحح الأكبر. (1)
16438- حدثنا الحسن بن يحيى قال، حدثنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الشعبي، عن أبي إسحاق قال: سألت عبد الله بن شداد عن الحج الأكبر، والحج الأصغر، فقال: الحج الأكبر يوم النحر، والحج الأصغر العمرة.
16439- قال أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن أبي إسحاق قال، سألت عبد الله بن شداد، فذكر نحوه.
16440- قال أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة، عن عبد الملك بن عمير قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى يقول: يوم الحج الأكبر، يوم يوضع فيه الشعر، ويُهَراق فيه الدم، ويحلّ فيه الحرام. (2)
(1) الأثر: 16437 - "يونس" ، هو "يونس بن يزيد الأيلي" ثقة، سلف مرارا. و "عمرو" ، هو "عمرو بن الحارث بن يعقوب الأنصاري" ، ثقة مضى مرارا. و "حميد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري" ، الثقة، مضى مرارا. وهذا الخبر رواه البخاري في صحيحه (الفتح 3: 387 / 8: 238 - 241) من طرق، واستوفى الكلام عليه الحافظ بن حجر هناك. وبمثله في السنن لأبي داود 2: 264، رقم: 1946.
(2) الأثر: 16440 - انظر ما سلف رقم: 16399.
16441- قال، حدثنا الثوري، عن أبي إسحاق، عن علي قال: الحج الأكبر، يوم النحر.
16442- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا قيس، عن عياش العامري، عن عبد الله بن أبي أوفى: أنه سئل عن يوم الحج الأكبر فقال: سبحان الله، هو يوم تهراق فيه الدماء، ويحل فيه الحرام، ويوضع فيه الشعر، وهو يوم النحر. (1)
16443- قال، حدثنا إسرائيل، عن أبي حصين، عن عبد الله بن سنان، قال: خطبنا المغيرة بن شعبة على ناقة له فقال: هذا يوم النحر، وهذا يوم الحج الأكبر. (2)
16444- قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا حسن بن صالح، عن مغيرة، عن إبراهيم قال، يوم الحج الأكبر، يوم النحر.
16445- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز، عن إبراهيم بن طهمان، عن مغيرة، عن إبراهيم: يوم الحج الأكبر، يوم النحر، يحلّ فيه الحرام.
16446- حدثني أحمد بن المقدام قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا ابن عون، عن محمد بن سيرين، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه قال: لما كان ذلك اليوم، قعد على بعير له، (3) وأخذ إنسان بخطامه = أو: زمامه = فقال: أي يوم هذا؟ قال: فسكتنا حتى ظننا أنه سيسمِّيه غير اسمه فقال: أليس يوم الحج؟. (4)
(1) الأثر: 16442 - انظر ما سلف رقم: 16398.
(2) الأثر: 16443 - انظر ما سلف رقم: 16411 - 16413.، وكان في المطبوعة هنا أيضا: "عبد الله بن يسار" ، والصواب "ابن سنان" ، كما في المخطوطة أيضا.
(3) زاد في المطبوعة هنا فكتب: "قعد على بعير له النبي" .
(4) الأثر: 16446 - رواه البخاري في صحيحه (الفتح 3: 459) من طريق أبي عامر العقدي، عن قرة بن خالد، عن محمد بن سيرين، مطولا وفيه: "أليس يوم النحر" .
16447- حدثنا سهل بن محمد السجستاني قال، حدثنا أبو جابر الحرمي قال، حدثنا هشام بن الغاز الجرشي، عن نافع، عن ابن عمر قال: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر عند الجمرات في حجة الوداع فقال: هذا يوم الحج الأكبر. (1)
(1) الأثر: 16447 - "سهل بن محمد بن عثمان السجستاني" ، هو "أبو حاتم" ، النحوي، المقرئ، البصري المشهور. ذكره ابن حبان في الثقات. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 204. وكان في المطبوعة والمخطوطة، وتفسير ابن كثير "سهل بن محمد الحساني" . وكان الصواب هو ما أثبته لما سترى بعد. و "أبو جابر الحرمي" ، هو "محمد بن عبد الملك الأزدي البصري" نزيل مكة، مشهور بكنيته. روى عنه "أبو حاتم السجستاني" ، فمن أجل ذلك صححت الاسم السالف "سهل بن محمد السجستاني" . ونسبته "الحرمي" ، كانت في المخطوطة "الحربي" ، تشبه أن تكون "باءا" أو "تاء" أو "ثاء" ، أو "ميما" ، فرجحت أنها "ميم" لأنه نزيل مكة، نسبة إلى "الحرم" . وكانت في المطبوعة: "الحرثي" ، وفي تفسير ابن كثير "الحربي" ولم يوجد شيء من ذلك في ترجمته. و "أبو جابر" ، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو حاتم: "أدركته، مات قبلنا بيسير، وليس بقوي" . وهو مترجم في التهذيب، والكبير 1 / 1 / 165، ولم يذكر فيه جرحا، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 5، وميزان الاعتدال 3: 95. و "هشام بن الغاز بن ربيعة الجرشي" ، ثقة صالح الحديث. مترجم في التهذيب، والكبير 4 / 2 / 199، وابن أبي حاتم 4 / 2 / 67. وهذا الخبر، خرجه ابن كثير في تفسيره 4: 114، وقال: "هكذا رواه ابن أبي حاتم وابن مردويه" من حديث أبي جابر - واسمه: محمد بن عبد الملك - به. ورواه ابن مردويه أيضا من حديث الوليد بن مسلم، عن هشام بن الغاز. ثم رواه من حديث سعيد بن عبد العزيز، عن نافع، به ". وفاته أن البخاري أخرجه في صحيحه تعليقا (الفتح 3: 459) ، مطولا، وأخرجه أبو داود في سننه 2: 264 رقم: 1945، من طريق مؤمل بن الفضل، عن الوليد بن مسلم، عن هشام بن الغاز" ، بمثله مطولا. وأخرجه ابن ماجه في سننه: 1016 رقم 3058، من طريق هشام بن عمار، عن صدقة بن خالد، عن هشام بن الغاز، بمثله مطولا. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 5: 139. وقال الحافظ ابن حجر (الفتح 3: 459، 460) : "وأخرجه الطبراني عن أحمد بن المعلي، والإسماعيلي عن جعفر الفريابي، كلاهما عن هشام بن عمار = وعن جعفر الفريابي، عن دحيم، عن الوليد بن مسلم، عن هشام بن الغاز، ومن هذا الوجه أخرجه أبو داود" . أما الحاكم، فقد أخرجه في المستدرك 2: 331 من طريق سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، عن الوليد بن مسلم، عن هشام بن الغاز، ثم قال: "وهذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة. وأكثر هذا المتن مخرج في الصحيحين إلا قوله: إن يوم الحج الأكبر، يوم النحر سنة. فإن الأقاويل فيه عن الصحابة والتابعين رضى الله عنهم، على خلاف بينهم فيه، فمنهم من قال: يوم عرفة، ومنهم من قال: يوم النحر" ، ووافقه الذهبي على صحته.
16448- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن مرة الهمداني، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقة حمراء مخضرمة، (1) فقال: أتدرون أيَّ يوم يومكم؟ قالوا: يوم النحر! قال: صدقتم، يوم الحج الأكبر. (2)
16449- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا يحيى بن سعيد قال، حدثنا شعبة قال، أخبرني عمرو بن مرة قال، حدثنا مرة قال، حدثنا رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر نحوه.
16450- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبيه، عن قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًّا بأربع كلمات حين حج أبو بكر بالناس، فنادى ببراءة: إنه يوم الحج الأكبر، ألا إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، ألا ولا يطوف بالبيت عريان، ألا ولا يحج بعد العام مشرك، ألا ومن كان بينه وبين محمد عهدٌ فأجله إلى مدته، والله بريء
(1) "المخضرمة" ، المقطوع طرف أذنها، وكان أهل الجاهلية يخضرمون نعمهم، فلما جاء الإسلام، أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يخضرموا من غير الموضع الذي يخضرم منه أهل الجاهلية، فكانت خضرمة أهل الإسلام بائنة من خضرمة أهل الجاهلية.
(2) الأثر: 16448 - "رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم" ، ربما كان: "عبد الله بن مسعود" ، فقد روى الخبر مطولا ابن ماجه في السنن: 1016، رقم: 3057، من طريق إسماعيل بن توبة، عن زافر بن سليمان، عن أبي سنان، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن مسعود ". وسيأتي برقم: 16454، من حديث شعبة، عن عمرو بن مرة، عن رجل من أصحاب رسول الله" ، كمثل ما في رواية ابن ماجه، ليس فيه "مرة الطيب" .
من المشركين ورسوله. (1)
16451- حدثني يعقوب قال، حدثني هشيم، عن حجاج بن أرطأة، عن عطاء قال: يوم الحج الأكبر، يوم النحر.
16452- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (يوم الحج الأكبر) ، قال: يوم النحر، يوم يحلّ فيه المحرم، وينحر فيه البُدْن. وكان ابن عمر يقول: هو يوم النحر. وكان أبي يقوله. وكان ابن عباس يقول: هو يوم عرفة. ولم أسمع أحدًا يقول إنه يوم عرفة إلا ابن عباس. قال ابن زيد: والحج يفوت بفوت يوم النحر، ولا يفوت بفوت يوم عرفة، إن فاته اليوم لم يفته الليل، يقف ما بينه وبين طلوع الفجر.
16453- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: يوم الأضحى، يوم الحج الأكبر.
16454- حدثنا سفيان قال، حدثنا أبي، عن شعبة، عن عمرو بن مرة، قال، حدثني رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في غرفتي هذه، حسبته قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر على ناقة حمراء مُخَضرَمة فقال: أتدرون أي يوم هذا؟ هذا يوم النحر، وهذا يوم الحج الأكبر. (2)
* * *
وقال آخرون: معنى قوله: (يوم الحج الأكبر) ، حين الحجّ الأكبر ووقته. قال: وذلك أيام الحج كلها، لا يوم بعينه.
(1) الأثر: 16450 - "إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي" ، مضى مرارا. و "أبوه" : "أبو خالد الأحمسي البجلي" ، مترجم في التهذيب، روى عن أبي هريرة، وجابر بن سمرة. ذكره ابن حبان في الثقات. وقد حذفت المطبوعة ما أثبت، وهو "عن. . ." ، وبعدها بياض، سقط من المخطوطة اسم الصحابي الذي روى عنه أبو خالد هذا الخبر. ولم أجد الخبر في مكان آخر.
(2) الأثر: 16454 - انظر التعليق على رقم: 16448.
* ذكر من قال ذلك:
16455- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (يوم الحج الأكبر) ، حين الحجّ، أيامه كلها.
16456- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا ابن عيينة، عن ابن جريج، عن مجاهد قال: الحج الأكبر، أيام منى كلها، ومجامع المشركين حين كانوا بذي المجاز وعكاظ ومَجَنَّة، حين نودي فيهم: أن لا يجتمع المسلمون والمشركون بعد عامهم هذا، وأن لا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهدٌ فعهده إلى مدته.
16457- حدثني الحارث قال، حدثنا أبو عبيد قال، كان سفيان يقول: "يوم الحج" ، و "يوم الجمل" ، و "يوم صفين" ، أي: أيامه كلها.
16458- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد في قوله: (يوم الحج الأكبر) ، قال: حين الحجّ، أي: أيامه كلها.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصحة، قولُ من قال: "يوم الحج الأكبر، يوم النحر" ، لتظاهر الأخبار عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عليًّا نادى بما أرسله به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرسالة إلى المشركين، وتلا عليهم "براءة" ، يوم النحر. هذا، مع الأخبار التي ذكرناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم النحر: أتدرون أيّ يوم هذا؟ هذا يوم الحج الأكبر.
وبعدُ، فإن "اليوم" إنما يضاف إلى المعنى الذي يكون فيه، كقول الناس: "يوم عرفة" ، وذلك يوم وقوف الناس بعرفة = و "يوم الأضحى" ، وذلك يوم
يضحون فيه = "ويوم الفطر" ، وذلك يوم يفطرون فيه. وكذلك "يوم الحج" ، يوم يحجون فيه، وإنما يحج الناس ويقضون مناسكهم يوم النحر، لأن في ليلة نهار يوم النحر الوقوفُ بعرفة غير فائت إلى طلوع الفجر، (1) وفي صبيحتها يعمل أعمال الحج. فأما يوم عرفة، فإنه وإن كان الوقوف بعرفة، فغير فائت الوقوف به إلى طلوع الفجر من ليلة النحر، والحج كله يوم النحر.
* * *
وأما ما قال مجاهد: من أن "يوم الحج" ، إنما هو أيامه كلها، فإن ذلك وإن كان جائزًا في كلام العرب، فليس بالأشهر الأعرف في كلام العرب من معانيه، بل أغلبُ على معنى "اليوم" عندهم أنه من غروب الشمس إلى مثله من الغد. وإنما محمل تأويل كتاب الله على الأشهر الأعرف من كلام من نزل الكتابُ بلسانه.
* * *
واختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله قيل لهذا اليوم: "يوم الحج الأكبر" .
فقال بعضهم: سمي بذلك، لأن ذلك كان في سنة اجتمع فيها حجّ المسلمين والمشركين.
* ذكر من قال ذلك:
16459- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن قال: إنما سمي "الحج الأكبر" ، من أجل أنه حج أبو بكر الحجة التي حجها، واجتمع فيها المسلمون والمشركون، فلذلك سمي "الحج الأكبر" ، ووافق أيضًا عيدَ اليهود والنصارى.
16460- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا
(1) في المطبوعة: "الوقوف بعرفة كان إلى طلوع الفجر" ، غير ما في المخطوطة، وهو الصواب المحض.
حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال: يوم الحج الأكبر، كانت حجة الوداع، اجتمع فيه حج المسلمين والنصارى واليهود، ولم يجتمع قبله ولا بعده.
16461- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو سفيان، عن معمر، عن الحسن قال: قوله: (يوم الحج الأكبر) ، قال: إنما سمي "الحج الأكبر" ، لأنه يوم حج فيه أبو بكر، ونُبذت فيه العهود.
* * *
وقال آخرون: "الحج الأكبر" ، القِرآنُ، و "الحج الأصغر" ، الإفراد.
* ذكر من قال ذلك:
16462- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا أبو بكر النهشلي، عن حماد، عن مجاهد قال: كان يقول: "الحج الأكبر" و "الحج الأصغر" ، فالحج الأكبر، القِرآن = و "الحج الأصغر" ، إفراد الحج.
* * *
وقال آخرون: "الحج الأكبر" ، الحج = و "الحج الأصغر" ، العمرة.
* ذكر من قال ذلك:
16463- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا محمد بن بكر، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: "الحج الأكبر" ، الحج، و "الحج الأصغر" ، العمرة.
16464- قال، حدثنا عبد الأعلى، عن داود، عن عامر قال: قلت له: هذا الحج الأكبر، فما "الحج الأصغر" ، قال: العمرة.
16465- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي قال: كان يقال: "الحج الأصغر" ، العمرة في رمضان.
16466- قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد قال: كان يقال: "الحج الأصغر" ، العمرة.
16467- قال، حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن أبي أسماء، عن عبد الله بن شداد قال: "يوم الحج الأكبر" ، يوم النحر، و "الحج الأصغر" ، العمرة.
16468- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري: أن أهل الجاهلية كانوا يسمون "الحج الأصغر" ، العمرة.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب في ذلك عندي، قول من قال: "الحج الأكبر، الحج" ، لأنه أكبر من العمرة بزيادة عمله على عملها، فقيل له: "الأكبر" ، لذلك. وأما "الأصغر" فالعمرة، لأن عملها أقل من عمل الحج، فلذلك قيل لها: "الأصغر" ، لنقصان عملها عن عمله.
* * *
وأما قوله: (أن الله بريء من المشركين ورسوله) ، فإن معناه: أن الله بريء من عهد المشركين ورسوله، بعد هذه الحجة.
* * *
قال أبو جعفر: ومعنى الكلام: وإعلام من الله ورسوله إلى الناس في يوم الحج الأكبر: أن الله ورسوله من عهد المشركين بريئان، كما:-
16469- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (أن الله بريء من المشركين ورسوله) ، أي: بعد الحجة. (1)
* * *
(1) الأثر: 16469 - سيرة ابن هشام 4: 188، وهو تابع الأثر السالف رقم: 16356.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|