
18-07-2025, 04:21 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,405
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
 تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الخامس عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ يونس
الحلقة (818)
صــ 191 إلى صــ 200
الطين مخافة أن يقول لا إله إلا الله. (1)
17859- حدثني الحسين بن عمرو بن محمد العنقزي قال، حدثنا أبي قال، حدثنا شعبة، عن عطاء بن السائب، عن عدي بن ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "جعل جبرائيل عليه السلام يدسُّ = أو: يحشو = في فم فرعون الطين، مخافة أن تدركه الرحمة."
17860- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن كثير بن زاذان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: قال لي جبريل: يا محمد، لو رأيتني وأنا أغطُّه وأدسُّ من الحَالِ في فيه، مخافة أن تدركه رحمة الله فيغفر له! = يعني فرعون. (2)
(1) الأثران: 17858، 17859 - خبر ابن عباس رواه أحمد من هذا الطريق، طريق شعبة، عن عدي بن ثابت، وعطاء بن السائب، في مسنده رقم: 2144، 3154. ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده ص: 341 رقم: 2618.
ورواه الحاكم في المستدرك 2: 340، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه إلا أن أكثر أصحاب شعبة أوقفوه على ابن عباس" ، وواقفه الذهبي. وانظر الموقوف فيما سيأتي: 17865، ورواه الترمذي في كتاب التفسير وقال: "حسن غريب صحيح" .
وانظر ما سيأتي رقم: 17862.
(2) الأثر: 17860 - "حكام" ، هو "حكام بن سلم الكناني" ، ثقة، ولكن قال أحمد فيه: "كان حسن الهيئة قدم علينا، وكان يحدث عن عنبسة أحاديث غرائب" ، مضى مرارًا. "وعنبسة" ، هو "عنبسة بن سعيد الضريس" ، ثقة، لا بأس به. مضى مرارًا. "وكثير بن زاذان النخعي" ، قال ابن معين: "لا أعرفه" ، وقال أبو حاتم وأبو زرعة، "هذا شيخ مجهول" ، لا نعلم أحدًا حدث عنه إلا ما روى ابن حميد، عن هارون بن المغيرة، عن عنبسة، عنه ". مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم 3 / 2 / 151،، وميزان الاعتدال 2: 353، وقال:" عن عاصم بن ضمرة، له حديث منكر "."
و "أبو حازم" ، هو "سلمان الأشجعي" ، ثقة. مضى برقم: 7616.
فهذا خبر ضعيف جدا، لضعف كثير بن زاذان. وخرج نحوه الهيثمي في مجمع الزوائد 7: 36، عن أبي هريرة وقال: "رواه الطبراني في الأوسط، وفيه: قيس بن الربيع، وثقه شعبة والثوري، وضعفه جماعة" .وقوله: "أغطه" ، أي: أغطسه في الماء وأغمسه. و "الحال" ، الطين الأسود والحمأة، وهو "حال البحر" . وكان في المطبوعة "وحمئة" ، غير ما في المخطوطة، لأنه لم يعرف معناه، فظنه خطأ.
17861- حدثني المثنى قال، حدثنا حجاج قال، حدثنا حماد، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لما أغرق الله فرعون قال: (آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل) ، فقال جبريل: يا محمد لو رأيتني وأنا آخذ من حَالِ البحر وأدَسِّيه في فيه، مخافة أن تدركه الرحمة. (1)
17862- حدثني المثنى قال، حدثني عمرو، عن حكام قال، حدثنا شعبة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لما قال فرعون "لا إله إلا الله" ، جعل جبريل يحشوا في فيه الطين والتراب. (2)
17863- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر قال: أخبرني من سمع ميمون بن مهران يقول في قوله: (آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل) ، قال: أخذ جبرائيل من حمأة البحر فضرب بها
(1) الأثر: 17861 - "علي بن زيد بن جدعان" ، مضى مرارًا، آخرها رقم: 17154 - 17516، وثقه أخي السيد أحمد رحمه الله في المسند رقم 783، وفيما مضى من تعليقه على بعض أحاديث الطبري. ولكني رأيت الأئمة يضعفونه، - لا أنهم يكذبونه - ويرونه إلى اللين أدنى، وأنه كان يقلب الأحاديث وكان يحدث بالحديث اليوم ثم يحدث غدا، فكأنه ليس بذاك، وكان يسوء حفظه، فأخشى أن يكون أخي جازف في توثيقه، ولكني أرجح أنه يعتبر بحديثه، ويكتب حديثه، ولكن لا يحتج به، وإنما روى له مسلم مقرونًا بغيره. فهذا غاية علي بن زيد فيما أرى، والله أعلم. "ويوسف بن مهران" ، مضى مرارًا رقم: 13494. وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده رقم: 2203 من طريق يونس، عن حماد بن سلمة، ورقم: 2821 من طريق سليمان بن حرب، عن حماد. وصححه أخي رحمه الله في الموضعين. وخرجه الترمذي في كتاب التفسير من سننه، من هذه الطريق نفسها، وقال: "هذا حديث حسن" وكان في المطبوعة: "آخذ من حمأة البحر" ، وأثبت ما في المخطوطة،
وقوله: "وأدسيه في فيه" (بتشديد السين) من قولهم "دساه" إذا غيبه أو أخفاه. وأصله "دسسه" مضعفا، ثم توالت السينات، فقلبت أخراهن ياء. وكذلك جاء في المسند رقم: 2821، وهو في المطبوعة "أدسه" ، وفي المخطوطة كما أثبتها، إلا أنها غير منقوطة.
(2) الأثر: 17862 - سلف تخريجه في رقم: 17858، 17859.
فاه = أو قال: ملأ بها فاه = مخافة أن تدركه رحمه الله.
17864- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا الحسين بن علي، عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران قال: خطب الضحاك بن قيس، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن فرعون كان عبدًا طاغيًا ناسيًا لذكر الله، فلما أدركه الغرق قال: (آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين) ، قال الله: (آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين) .
17865-. . . . قال، حدثني أبي، عن شعبة، عن عدي بن ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن فرعون لما أدركه الغرق جعل جبريل يحشو في فيه التراب خشية أن يغفر له. (1)
17866-. . . . قال، حدثنا محمد بن عبيد، عن عيسى بن المغيرة، عن إبراهيم التيمي: أن جبريل عليه السلام قال: ما حسدتُ أحدًا من بني آدم الرحمة إلا فرعون، (2)
فإنه حين قال ما قال، خشيت أن تصل إلى الربّ فيرحمه، فأخذت من حَمْأة البحر وزَبَده، فضربت به عينيه ووجهه.
17867-. . . . قال، أخبرنا أبو خالد الأحمر، عن عمر بن يعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال جبريل عليه السلام: لقد حشوت فاه الحمأة مخافة أن تدركه الرحمة.
* * *
(1) الأثر: 17865 - هذا الخبر الموقوف على ابن عباس، كما سلف في تخريج رقم: 17858، 17859. وكان في المطبوعة: "يحثو" بالثاء، وأثبت ما في المخطوطة.
(2) في المطبوعة: "ما خشيت على أحد" ، غير ما في المخطوطة، وهو الصواب المحض، وأساء في التغيير.
القول في تأويل قوله تعالى: {آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره، معرِّفًا فرعون قبح صَنيعه أيّام حياته وإساءته إلى نفسه أيام صحته، بتماديه في طغيانه، ومعصيته ربه، حين فزع إليه في حال حلول سَخطه به ونزول عقابه، مستجيرًا به من عذابه الواقع به، لما ناداه وقد علته أمواج البحر، وغشيته كرَبُ الموت: (آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين) له، المنقادين بالذلة له، المعترفين بالعبودية = الآن تقرُّ لله بالعبودية، وتستسلم له بالذلة، وتخلص له الألوهة، وقد عصيته قبل نزول نقمته بك، فأسخطته على نفسك، وكنت من المفسدين في الأرض، الصادِّين عن سبيله؟ فهلا وأنت في مَهَلٍ، وباب التوبة لك منفتح، أقررت بما أنت به الآن مقرٌّ؟
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لفرعون: اليوم نجعلك على نَجْوةٍ من الأرض ببدنك، ينظر إليك هالكًا من كذّب بهلاكك = (لتكون لمن خلقك آية) ، يقول: لمن بعدك من الناس عبرة يعتبرون بك،، فينزجرون عن معصية الله، والكفر به والسعي في أرضه بالفساد.
= و "النجوة" ، الموضع المرتفع على ما حوله من الأرض، ومنه قوله أوس بن حجر:
فَمَنْ بِعَقْوَتِهِ كَمَنْ بِنْجْوَتِهِ ... وَالمُسْتَكِنُّ كَمَنْ يَمْشِي بِقِرْوَاحِ (1)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر قال ذلك:
17868- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أبي السليل، عن قيس بن عباد وغيره قال: قالت بنو إسرائيل لموسى: إنه لم يمت فرعون! قال: فأخرجه الله إليهم ينظرون إليه مثل الثور الأحمر.
17869- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن سعيد الجريري، عن أبي السليل، عن قيس بن عباد قال = وكان من أكثر الناس = أو: أحدث الناس = عن بنى إسرائيل؛ قال: فحدّثنا أن أول جنود فرعون لما انتهى إلى البحر، هابت الخيلُ اللِّهْبَ. (2)
قال: ومثل لحصان منها فرس وَديق، (3) فوجد ريحها = أحسبه أنا قال: = فانسلَّ فاتَّبعته. قال: فلما تتامّ آخر جنود فرعون في البحر، وخرج آخرُ بني إسرائيل، أُمر البحر فانطَبق عليهم، فقالت بنو إسرائيل: ما مات فرعون، وما كان ليموت أبدًا! فسمع الله تكذيبهم نبيَّه، قال:
(1) ديوانه، قصيدة: 4، بيت: 15، يصف السحاب والمطر بالشدة، يغشي كل مكان وكل أحد. "عقوة الدار" ، ساحتها وما حولها. و "المستكن" ، الذي اختبأ في كن. و "القرواح" ، البارز الذي ليس يستره من السماء والشمس شيء.
(2) في المخطوطة: "اللهث" ، والذي في المطبوعة هو الصواب إلا أن ضبطه بكسر اللام وسكون الهاء. و "اللهب" المهواة بين الجبلين، وهو الصدع الذي صدع في البحر، وانظر قوله تعالى: {فكان كل فرق كالطود العظيم} .
(3) "فرس وديق" ، مريدة للفحل تشتهيه، انظر ما سلف ص: 190، تعليق: 2.
فرمى به على الساحل كأنه ثور أحمرُ، يتراءآه بنو إسرائيل.
17870- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب، عن عبد الله بن شداد: (فاليوم ننجيك ببدنك) ، قال: "بدنه" ، جسده، رمى به البحرُ.
17871- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن مجاهد،: (فاليوم ننجيك ببدنك) ، قال: بجسدك.
17872- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
17873- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
17874- حدثنا تميم بن المنتصر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا الأصبغ بن زيد، عن القاسم بن أبي أيوب قال، حدثني سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لما جاوز موسى البحرَ بجميع من معه، التقى البحرُ عليهم = يعني على فرعون وقومه = فأغرقهم، فقال أصحاب موسى: إنا نخاف أن لا يكون فرعون غرق، ولا نؤمن بهلاكه! فدعا ربّه فأخرجه فنبذه البحر، حتى استيقنوا بهلاكه.
17875- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية) ، يقول: أنكر ذلك طوائف من بني إسرائيل، فقذفه الله على ساحل البحر ينظرون إليه.
17876- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (لتكون لمن خلفك آية) ، قال: لما أغرق الله فرعون لم تصدِّق طائفة من الناس بذلك، فأخرجه الله آيةً وعظةً.
17877- حدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا
ابن التيمي، عن أبيه، عن أبي السليل، عن قيس بن عباد، أو غيره، بنحو حديث ابن عبد الأعلى، عن معمر.
17878- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبد الله بن رجاء، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد: (فاليوم ننجيك ببدنك) ، قال: بجسدك.
17879- قال، حدثنا محمد بن بكر، عن ابن جريج قال، بلغني عن مجاهد: (فاليوم ننجيك ببدنك) ، قال: بجسدك. (1)
17880- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: كذّب بعض بني إسرائيل بموت فرعون، فرمى به على ساحل البحر ليراه بنو إسرائيل، قال أحمر: كأنه ثور. (2)
* * *
وقال آخرون: تنجو بجسدك من البحر، فنخرجه منه. (3)
*ذكر من قال ذلك:
17881- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية) ، يقول: أنجى الله فرعون لبني إسرائيل من البحر، فنظروا إليه بعد ما غرق.
* * *
فإن قال قائل: وما وجه قوله: (ببدنك) ؟ وهل يجوز أن ينجيه بغير بدنه، فيحتاج الكلام إلى أن يقال فيه (ببدنك) ؟
قيل: كان جائزًا أن ينجيه بهيئته حيًّا كما دخل البحر. فلما كان جائزًا
(1) الأثر: 17879 - "محمد بن بكر بن عثمان البرساني" ، مضى مرارًا، وروايته عن ابن جريج، وفي المطبوعة: "محمد بن بكير" ، وهو خطأ، لم يحسن قراءة المخطوطة.
(2) في المطبوعة: "قال: كأنه ثور أحمر" ، وأثبت ما في المخطوطة، وهو صواب محض.
(3) في المطبوعة: "فتخرج منه" ، وأثبت ما في المخطوطة.
ذلك قيل:/ (فاليوم ننجيك ببدنك) ، ليعلم أنه ينجيه بالبدن بغير روح، ولكن ميّتًا.
* * *
وقوله: (وإن كثيرًا من الناس عن آياتنا لغافلون)
، يقول تعالى ذكره: (وإن كثيرًا من الناس عن آياتنا) ، يعني: عن حججنا وأدلتنا على أن العبادة والألوهة لنا خالصةٌ (1) = (لغافلون) ، يقول: لساهون، لا يتفكرون فيها ولا يعتبرون بها. (2)
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (93) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولقد أنزلنا بني إسرائيل منازلَ صِدْق. (3)
* * *
قيل: عني بذلك الشأم وبيت المقدس.
وقيل: عُنِي به الشأم ومصر.
*ذكر من قال ذلك:
17882- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا المحاربي، وأبو خالد، عن جويبر، عن الضحاك: (مبوّأ صدق) ، قال: منازل صدق، مصر والشأم.
(1) انظر تفسير "الآية" فيما سلف من فهارس اللغة (أيي) .
(2) انظر تفسير "الغفلة" فيما سلف ص: 80،، تعليق: 1، والمراجع هناك.
(3) انظر تفسير "بوأ" فيما سلف ص: 171، تعليق: 1، والمراجع هناك.
17883- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (مبوَّأ صدق) ، قال: بوّأهم الله الشأم وبيت المقدس.
17884- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: (ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق) ، الشام. وقرأ: (إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ) [سورة الأنبياء: 71]
* * *
وقوله: (ورزقناهم من الطيبات) ، يقول: ورزقنا بني إسرائيل من حلال الرزق = وهو (الطيب) . (1)
* * *
وقوله: (فما اختلفوا حتى جاءهم العلم) ، يقول جل ثناؤه: فما اختلف هؤلاء الذين فعلنا بهم هذا الفعل من بني إسرائيل، حتى جاءهم ما كانوا به عالمين. وذلك أنهم كانوا قبل أن يبعث محمد النبيّ صلى الله عليه وسلم مجمعين على نبوّة محمدٍ والإقرار به وبمبعثه، غير مختلفين فيه بالنعت الذي كانوا يجدونه مكتوبًا عندهم، فلما جاءهم ما عرفوا كفر به بعضهم وآمن به بعضهم، والمؤمنون به منهم كانوا عددًا قليلا. فذلك قوله: فما اختلفوا حتى جاءهم المعلوم الذي كانوا يعلمونه نبيًّا لله = فوضع (العلم) مكان (المعلوم) .
* * *
وكان بعضهم يتأول (العلم) ههنا، كتابَ الله ووحيَه.
*ذكر من قال ذلك:
17885- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: (فما اختلفوا حتى جاءهم العلم) ، (2) قال: (العلم) ، كتاب الله الذي
(1) انظر تفسير "الطيب" فيما سلف من فهارس اللغة (طيب) .
(2) في المطبوعة والمخطوطة: ". . . حتى جاءهم العلم بغيا بينهم" ، وليس هذا من تلاوة هذه الآية، ولا هو في تفسيرها، فحذفته. وأشباهها من الآيات التي ورد فيها ذكر العلم والبغي فيه في سورة آل عمران: 19 / سورة الشورى: 14 / سورة الجاثية: 17، وآثرت حذف هذه الزيادة من هذا الموضع، لأني لم أجد أبا جعفر ذكر هذا الخبر في تفسير شيء من هذه الآيات، والظاهر أن المعنى أخذ بعضه ببعض، فزاد ابن زيد في التفسير من نظائر الآية في السور الأخرى.
أنزله، وأمره الذي أمرهم به، وهل اختلفوا حتى جاءهم العلم بغيًا بينهم؟ أهل هذه الأهواء، هل اقتتلوا إلا على البغي قال: و "البغي" وجهان: وجه النفاسة في الدنيا ومن اقتتل عليها من أهلها، وبغى في "العلم" ، يرى هذا جاهلا مخطئًا، ويرى نفسه مصيبًا عالمًا، فيبغي بإصابته وعلمه عَلَى هذا المخطئ.
* * *
وقوله: (إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون) ، يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: إن ربَّك، يا محمد، يقضي بين المختلفين من بني إسرائيل فيك يوم القيامة، فيما كانوا فيه من أمري في الدنيا يختلفون، بأن يدخل المكذبين بك منهم النار، والمؤمنين بك منهم الجنة، فذلك قضاؤه يومئذ فيما كانوا فيه يختلفون من أمر محمد صلى الله عليه وسلم. (1)
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنزلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (94) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فإن كنت يا محمد في شك من حقيقة ما اخترناك فأنزلنا إليك، (2) من أن بني إسرائيل لم يختلفوا في نبوّتك قبل أن تبعث رسولا إلى خلقه، لأنهم يجدونك عندهم مكتوبًا، ويعرفونك بالصفة التي أنت بها موصوف في كتابهم في التوراة والإنجيل
(1) انظر تفسير "القضاء" فيما سلف من فهارس اللغة (قضى) .
(2) في المطبوعة: "ما أخبرناك وأنزل إليك" ، وأثبت الصواب من المخطوطة.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|