عرض مشاركة واحدة
  #819  
قديم 18-07-2025, 04:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,199
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الخامس عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ يونس
الحلقة (819)
صــ 201 إلى صــ 210






= (فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك) ، من أهل التوراة والإنجيل، كعبد الله بن سلام ونحوه، من أهل الصدق والإيمان بك منهم، دون أهل الكذب والكفر بك منهم.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
17886- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس في قوله: (فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك) ، قال: التوراة والإنجيل، الذين أدركوا محمدا صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب فآمنوا به، يقول: فاسألهم إن كنت في شك بأنك مكتوب عندهم.
17887- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك) ، قال: هو عبد الله بن سلام، كان من أهل الكتاب، فآمن برسول الله صلى الله عليه وسلم.
17888- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: (فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك) قال: هم أهل الكتاب.
17889- حدثت عن الحسين بن الفرج قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد قال: سمعت الضحاك يقول: (فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك) ، يعني أهل التقوى وأهلَ الإيمان من أهل الكتاب، ممن أدرك نبيّ الله صلى الله عليه وسلم.
* * *
فإن قال قائل: أو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في شكٍّ من خبَرِ الله
أنه حقٌّ يقين، حتى قيل له: (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك) ؟
قيل: لا وكذلك قال جماعة من أهل العلم.
17890- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير في قوله: (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك) ، فقال: لم يشك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسأل.
17891- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا سويد بن عمرو، عن أبي عوانة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير في قوله: (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك) ، قال: ما شك وما سأل.
17892- حدثني الحارث قال، حدثنا القاسم بن سلام قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير = ومنصور، عن الحسن في هذه الآية، قال: لم يشك صلى الله عليه وسلم ولم يسأل.
17893- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك) ، ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا أشك ولا أسأل.
17894- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك) ، قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا أشك ولا أسأل.
* * *
فإن قال: فما وجه مخرج هذا الكلام، إذنْ، إن كان الأمر على ما وصفت؟ قيل: قد بيّنا في غير موضع من كتابنا هذا، استجازة العرب قول القائل منهم لمملوكه: "إن كنت مملوكي فانته إلى أمري" والعبد المأمور بذلك لا يشكُّ سيدُه القائل له ذلك أنه عبده. كذلك قول الرجل منهم لابنه: "إن كنت"




ابني فبرَّني "، وهو لا يشك في ابنه أنه ابنه، وأنّ ذلك من كلامهم صحيح مستفيض فيهم، وذكرنا ذلك بشواهده، وأنّ منه قول الله: (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ) ، [سورة المائدة: 116] ، وقد علم جل ثناؤه أن عيسى لم يقل ذلك. (1) وهذا من ذلك، لم يكن صلى الله عليه وسلم شاكًّا في حقيقة خبر الله وصحته، والله تعالى ذكره بذلك من أمره كان عالمًا، ولكنه جل ثناؤه خاطبه خطاب قومه بعضهم بعضًا، إذْ كان القرآن بلسانهم نزل."
* * *
وأما قوله: (لقد جاءك الحق من ربك) الآية، فهو خبرٌ من الله مبتدأ.
يقول تعالى ذكره: أقسم لقد جاءك الحق اليقين من الخبر بأنك لله رسولٌ، وأن هؤلاء اليهود والنصارى يعلمون صحّة ذلك، ويجدون نعتك عندهم في كتبهم = (فلا تكونن من الممترين) ، يقول: فلا تكونن من الشاكين في صحة ذلك وحقيقته. (2)
* * *
ولو قال قائل: إن هذه الآية خوطب بها النبي صلى الله عليه وسلم، والمراد بها بعضُ من لم يكن صحَّت، بصيرته بنبوته صلى الله عليه وسلم، ممن كان قد أظهر الإيمان بلسانه، تنبيها له على موضع تعرف حقيقة أمره الذي يزيل اللبس عن قلبه، كما قال جل ثناؤه: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا) ، [سورة الأحزاب: 1] ، كان قولا غيرَ مدفوعةٍ صحته.
* * *
(1)
انظر ما سلف 11: 236، 237، ومعاني القرآن للفراء 1: 479.

(2)
انظر تفسير "الامتراء" فيما سلف 12: 61، تعليق: 2، والمراجع هناك.

القول في تأويل قوله تعالى: {وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (95) }
قال أبو جعفر: ويقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ولا تكونن يا محمدُ، من الذين كذَّبوا بحجج الله وأدلته، فتكون ممن غُبن حظه، وباع رحمةَ الله ورضاه، بسَخَطه وعقابه. (1)
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ (97) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إن الذين وجبت عليهم يا محمد = "كلمة ربك" ، هي لعنته إياهم بقوله: (أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) ، [سورة هود: 18] ، فثبتت عليهم.
* * *
يقال منه: "حق على فلان كذا يحقُّ عليه" ، إذا ثبت ذلك عليه ووجب. (2)
* * *
وقوله: (لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية) ، يقول: لا يصدقون بحجج الله، ولا يقرُّون بوحدانية ربهم، ولا بأنك لله رسول = (ولو جاءتهم كل آية) ، وموعظة وعبرة، فعاينوها، حتى يعاينوا العذاب الأليم، كما لم يؤمن فرعون وملؤه،
(1)
انظر تفسير "الآية" فيما سلف من فهارس اللغة (أيي) .

= وتفسير "الخسران فيما سلف من فهارس اللغة (خسر) ."
(2)
انظر تفسير "حق" فيما سلف ص: 85

إذ حقَّت عليهم كلمة ربّك حتى عاينوا العذاب الأليم، فحينئذ قال: (آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ) ، [سورة يونس: 90] ، حين لم ينفعه قيلُه، فكذلك هؤلاء الذين حقت عليهم كلمة ربك من قومك من عبدة الأوثان وغيرهم، لا يؤمنون بك فيتبعونك، إلا في الحين الذي لا ينفعهم إيمانهم.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
17895- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: (أن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون) ، قال: حقّ عليهم سَخَط الله بما عصوه.
17896- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون) ، حقّ عليهم سَخَط الله بما عصوه.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (98) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فهلا كانت قرية آمنت؟ (1) وهي كذلك فيما ذكر في قراءة أبيّ.
ومعنى الكلام: فما كانت قرية آمنت عند معاينتها العذاب، ونزول سَخَط الله بها، بعصيانها ربها واستحقاقها عقابه، فنفعها إيمانها ذلك في ذلك الوقت، كما لم ينفع فرعون إيمانه حين أدركه الغرق بعد تماديه في غيّه، واستحقاقه سَخَط الله
(1)
انظر "لولا" بمعنى "هلا" 2: 552، 553 / 11: 266، 343، 356.

بمعصيته = إلا قوم يونس، فإنهم نفعهم إيمانهم بعد نزول العقوبة وحلول السخط بهم.
فاستثنى الله قوم يونس من أهل القرى الذين لم ينفعهم إيمانهم بعد نزول العذاب بساحتهم، وأخرجهم منهم، وأخبر خلقه أنه نفعهم أيمانهم خاصة من بين سائر الأمم غيرهم.
* * *
فان قال قائل: فإن كان الأمر على ما وصفت من أن قوله: (فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها) ، بمعنى: فما كانت قرية آمنَت، بمعنى الجحود، فكيف نصب "قوم" وقد علمت أن ما قبل الاستثناء إذا كان جحدًا كان ما بعده مرفوعًا، وأن الصحيح من كلام العرب: "ما قام أحدٌ إلا أخوك" ، و "ما خرج أحدٌ إلا أبوك" ؟
قيل: إن ذلك فيما يكون كذلك إذا كان ما بعد الاستثناء من جنس ما قبله، وذلك أن "الأخ" من جنس "أحد" ، وكذلك "الأب" ، ولكن لو اختلف الجنسان حتى يكون ما بعد الاستثناء من غير جنس ما قبله، كان الفصيح من كلامهم النصبُ، وذلك لو قلت: "ما بقي في الدار أحدٌ إلا الوتدَ" ، و "ما عندنا أحدٌ إلا كلبًا أو حمارًا" ، لأن "الكلب" ، و "الوتد" ، و "الحمار" ، من غير جنس "أحد" ، ومنه قول النابغة الذبياني:
عَيَّتْ جَوَابًا وَمَا بِالرَّبْعِ مِنْ أَحَدِ
ثم قال:
إِلا أَوَارِيَّ لأيًا مَا أُبَيَّنُها ... وَالنُّؤْي كَالْحَوْضِ بِالْمَظْلُومَةِ الجَلَدِ (1)
فنصب "الأواري" إذ كان مستثنى من غير جنسه. فكذلك نصب (قوم يونس) ، لأنهم أمة غير الأمم الذين استثنوا منهم، ومن غير جنسهم
(1)
سلف الشعر وشرحه 9: 203، تعليق: 3، 4، والمراجع هناك.

وشكلهم، وإن كانوا من بني آدم. وهذا الاستثناء الذي يسميه بعض أهل العربية الاستثناء المنقطع، (1) ولو كان (قوم يونس) بعض "الأمة" الذين استثنوا منهم، كان الكلام رفعًا، ولكنهم كما وصفت.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
17897- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس قوله: (فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها) ، يقول: لم تكن قرية آمنت فنفعها الإيمان إذا نزل بها بأس الله، إلا قرية يونس.
قال ابن جريج: قال مجاهد: فلم تكن قرية آمنت فنفعها إيمانها كما نفع قوم يونس إيمانهم إلا قوم يونس.
17898- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين) ، يقول: لم يكن هذا في الأمم قبلهم لم ينفع قريةً كفرت ثم آمنت حين حضرها العذابُ، فتُرِكت، إلا قوم يونس، لما فقدوا نبيَّهم وظنوا أن العذاب قد دنا منهم، قذف الله في قلوبهم التوبة، ولبسوا المسوح، [وفرقوا] بين كل بهيمة وولدها، (2) ثم عجُّوا إلى الله أربعين ليلةً. فلما عرف الله الصِّدق من قلوبهم، والتوبة والندامة على ما مضى منهم، كشف الله عنهم العذاب بعد أن تدلَّى عليهم. قال: وذكر لنا أن قوم يونس كانوا بنينوى أرضِ الموصل.
(1)
انظر معاني القرآن للفراء 1: 479، 480، وفيه زيادة بيان.

(2)
في المطبوعة: "وألهوا بين كل بهيمة. . ." ، ولا معنى له، وفي المخطوطة: "وألفوا" غير منقوطة، وقد أعياني أن أجد لقراءتها وجهًا ارتضيه، فوضعت (وفرقوا) بين قوسين، لأن هذه الكلمة بهذا المعنى ولا شك، كما يتبين من الآثار التالية، ومن رواية هذا الأثر عن قتادة في الدر المنثور 3: 317 وفيه مكان هذه الكلمة المبهمة: "وفرقوا" كالتي أثبت بين القوسين.

17899- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (إلا قوم يونس) ، قال: بلغنا أنهم خرجوا فنزلوا على تل، وفرقوا بين كل بهيمة وولدها، يدعون الله أربعين ليلة، حتى تاب عليهم.
17900- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبد الحميد الحماني، عن إسماعيل بن عبد الملك، عن سعيد بن جبير قال: غشَّى قوم يونس العذابُ، كما يغشِّي الثوبُ القبرَ. (1)
17901- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن صالح المري، عن قتادة، عن ابن عباس: إن العذاب كان هبط على قوم يونس، حتى لم يكن بينهم وبينه إلا قدر ثلثي ميل، فلما دَعَوْا كشف الله عنهم.
17902- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد = وإسحاق قال، حدثنا عبد الله، عن ورقاء = جميعًا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا) ، قال: كما نفع قوم يونس. زاد أبو حذيفة في حديثه، قال: لم تكن قرية آمنت حين رأت العذاب فنفعها إيمانها، إلا قوم يونس متعناهم.
17903- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس قال، حدثنا رجل قد قرأ القرآن في صدره، في إمارة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، (2) فحدّث عن قوم يونس حين أنذر قومه فكذّبوه، فأخبرهم أن العذاب يصيبهم، وفارقهم. (3) فلما رأوا ذلك وغشيهم العذاب، [لكنهم] خرجوا من مساكنهم، (4)
وصعدوا في مكان رفيع، وأنهم
(1)
معنى هذا: كما يغشي القبر بالثوب، إذا أدخل فيه صاحبه، كما جاء في رواية هذا الأثر في الدر المنثور 3: 318، باللفظ الذي ذكرته. وانظر ما سيأتي رقم: 17905.

(2)
قوله: "قرأ القرآن في صدره" ، أي جمعه، فحفظه جميعًا.

(3)
في المطبوعة: "ففارقهم" بالفاء، والصواب من المخطوطة.

(4)
في المطبوعة: "لكنهم" ، ولا معنى لها، وفي المخطوطة: "لكنهم" غير منقوطة، ولست أدري ما صوابها، والمشكل أنه جاء مثلها فيما يلي، واستعصت علي قراءتها في الموضعين - فوضعتها بين القوسين في الموضوعين.

جأروا إلى ربهم ودعوه مخلصين له الدين: أن يكشف عنهم العذاب، وأن يرجعَ إليهم رسولهم. قال: ففي ذلك أنزل: (فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين) ، فلم تكن قرية غشيها العذاب ثم أمسك عنها، إلا قوم يونس خاصة. فلما رأى ذلك يونس، [لكنه] ذهب عاتبًا على ربه، (1) وانطلق مغاضبًا وظنّ أن لن يُقدرَ عليه، حتى ركب في سفينة، فأصاب أهلَها عاصفُ الريح = فذكر قصة يونس وخبره.
17904- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح قال: "لما رأوا العذاب ينزل، فرَّقوا بين كل أنثى وولدها من الناس والأنعام، ثم قاموا جميعًا فدعوا الله، وأخلصوا إيمانهم، فرأوا العذاب يكشف عنهم. قال يونس حين كشف عنهم العذاب: أرجع إليهم وقد كذَبْتُهم! وكان يونس قد وعدهم العذاب بصبح ثالثةٍ، فعند ذلك خرج مغضبًا وساء ظنُّه. (2) "
17905- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا سفيان، عن إسماعيل بن عبد الملك، عن سعيد بن جبير قال: لما أرسل يونس إلى قومه يدعوهم إلى الإسلام وترك ما هم عليه. قال: فدعاهم فأبوا، فقيل له: أخبرهم أن العذاب مصبِّحهم، فقالوا: إنا لم نجرب عليه كذبًا، فانظروا، فإن بات فيكم فليس بشيء، وإن لم يبت فاعلموا أن العذاب مصبحكم. فلما كان في جوف الليل أخذ عُلاثَةً فتزوّد منها شيئًا، (3) ثم خرج، فلما أصبحوا تغشَّاهم العذاب،
(1)
انظر التعليق السالف.

(2)
انظر تفسير "ساء ظنه" فيما سلف 3: 585، تعليق: 1 / 13: 95، تعليق: 4.

(3)
في المطبوعة: "أخذ مخلاته فتزود فيها شيئًا" ، خالف رسم المخطوطة، وفيها رسم ما أثبته غير منقوط. و "العلاثة" (بضم العين) : الأقط المخلوط بالسمن.

كما يتغشَّى الإنسان الثوبَ في القبر، ففرقوا بين الإنسان وولده، وبين البهيمة وولدها، ثم عجُّوا إلى الله فقالوا: آمنا بما جاء به يونس وصدّقنا! فكشف الله عنهم العذاب، فخرج يونس ينظر العذاب فلم ير شيئًا، قال: جَرَّبوا عليّ كذبًا! فذهب مغاضبًا لربه حتى أتى البحر.
17906- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون قال، حدثنا ابن مسعود في بيت المال، قال: إن يونس عليه السلام كان قد وعد قومه العذاب، وأخبرهم أنه يأتيهم إلى ثلاثة أيام، ففرَّقوا بين كل والدة وولدها، ثم خرجوا فجأروا إلى الله واستغفروه. فكف الله عنهم العذاب، وغدا يونس ينظر العذاب فلم ير شيئًا، وكان من كذب ولم تكن له بيِّنةٌ قُتِل، فانطلق مغاضبًا.
17907- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا صالح المرى، عن أبي عمران الجوني، عن أبي الجلد جيلان قال: لما غشّى قوم يونس العذاب، مشوا إلى شيخ من بقية علمائهم فقالوا له: إنه قد نزل بنا العذاب فما ترى؟ فقال: قولوا: "يا حيُّ حين لا حيَّ، ويا حي محييَ الموتى، ويا حيُّ لا إله إلا أنت" ! فكشف عنهم العذاب، ومُتِّعوا إلى حين. (1)
17908- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر قال: بلغني في حرف ابن مسعود: "فلولا" ، يقول (فَهَلا) .
* * *
وقوله: (لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا) ، يقول: لما صدّقوا رسولهم، وأقروا بما جاءهم به بعد ما أظلّهم العذاب وغشيهم أمْرُ الله
(1)
الأثر: 17907 - "أبو الجلد" ، هو "جيلان بن أبي فروة الأسدي" ، مضى برقم 434، 723، 1913.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 43.30 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 42.67 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.45%)]