عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 19-07-2025, 08:51 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,331
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء السادس عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ يوسف
الحلقة (863)
صــ 61 إلى صــ 70





19136 - حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (يوسف أعرض عن هذا) ، قال: لا تذكره، (واستغفري) أنت زوجك، يقول: سليه أن لا يعاقبك على ذنبك الذي أذنبتِ، وأن يصفح عنه فيستره عليك.
* * *
= (إنك كنت من الخاطئين) ، يقول: إنك كنت من المذنبين في مراودة يوسف عن نفسه.
* * *
يقال منه: "خَطِئ" في الخطيئة "يخطَأ خِطْأً وخَطَأً" (1) كما قال جل ثناؤه: (إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً) [سورة الإسراء: 31] ، و "الخطأ" في الأمر.
وحكي في "الصواب" أيضًا "الصوابُ" ، و "الصَّوْبُ" ، (2) كما قال: الشاعر: (3)
لَعَمْرُكَ إِنَّمَا خَطَئِي وَصَوْبِي ... عَلَيَّ وَإِنَّ مَا أَهْلَكْتُ مَالُ (4)
وينشد بيت أمية:
عِبَادُكَ يُخْطِئُونَ وَأَنْتَ رَبٌّ ... بِكَفَّيْكَ الْمَنَايَا وَالْحُتُومُ (5)
(1)
انظر تفسير "خطئ" فيما سلف 2: 110 / 6: 143.

(2)
في المطبوعة والمخطوطة: "أيضًا الصواب، والصوب" ، وكأن الصواب ما أثبت. وأخشى أن يكون: "والخطأ" و "الخطاء" في الأمر، وحكي في "الصواب ..." ، يعني المقصور والممدود.

(3)
هو أوس بن غلفاء.

(4)
نوادر أبي زيد: 47، طبقات فحول الشعراء: 140، مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 241، اللسان (صوب) ، من أبيات يقولها لامرأته: أَلا قالَتْ أُمَامَةُ يَوْمَ غُوْلٍ: ... تَقَطَّعَ بِابنِ غَلْفاء الحِبالُ

ذَرِيني إنَّما خَطَئِي وصَوْبي ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَإِنْ تَرَنِي أُمَامَة قَلَّ مالِي ... وَأْلَهانِي عَنِ الغَزْوِ ابْتِذَالُ
فَقَدْ ألْهُو مَعَ النَّفَرِ النَّشَاوَى ... لِيَ النَّسَبُ المُوَاصَلُ والخِلالُ
(5)
ديوانه: 4، واللسان (خطأ) ، (حتم) ، وقبل البيت: سَلامَكَ رَبَّنا فِي كُلِّ فَجْرٍ ... بَرِيئًا ما تَلِيقُ بِكَ الذًّمُومُ

وبعده: غَدَاةَ يَقُولُ بَعْضُهُمْ ... ألاَ يَاليْتَ أُمَّكُمُ عَقِيمُ
.ن خطئ الرجل.

* * *
وقيل: (إنك كنت من الخاطئين) ، لم يقل: من الخاطئات، لأنه لم يقصد بذلك قصد الخبر عن النساء، وإنما قصد به الخبر عمَّن يفعل ذلك فيخطَأ.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (30) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وتحدث النساء بأمر يوسف وأمر امرأة العزيز في مدينة مصر، وشاع من أمرهما فيها ما كان، فلم ينكتم، وقلن: (امرأة العزيز تراود فتاها) ، (1) عبدها (2) = (عن نفسه) ، كما:-
19137 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: وشاع الحديث في القرية، وتحدث النساء بأمره وأمرها، وقلن: (امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه) ، أي: عبدها.
* * *
وأما "العزيز" فإنه: "الملك" في كلام العرب، (3) ومنه قول أبي دؤاد:
دُرَّةٌ غَاصَ عَلَيْهَا تَاجِرٌ ... جُلِيَتْ عِنْدَ عَزِيزٍ يَوْمَ طَلِّ (4)
يعني بالعزيز، الملك، وهو من "العزّة" . (5)
* * *
(1)
انظر تفسير "المراودة" فيما سلف ص: 53، تعليق: 1، والمراجع هناك.

(2)
انظر تفسير "الفتى" فيما سلف 8: 188.

(3)
هذا التفسير من عزيز اللغة، وليس في المعاجم، فليقيد في مكانه.

(4)
لم أجد البيت في مكان آخر.

(5)
انظر تفسير "العزة" فيما سلف من فهارس اللغة (عزز) .

وقوله: (قد شغفها حبًّا) ، يقول قد وصل حبُّ يوسف إلى شَغَاف قلبها فدخل تحته، حتى غلب على قلبها.
* * *
و "شَغَاف القلب" : حجابه وغلافه الذي هو فيه، وإياه عنى النابغة الذبياني بقوله:
وَقَدْ حَالَ هَمٌّ دُونَ ذَلِكَ دَاخِلٌ ... دُخُولَ شَغَافٍ تَبْتَغِيهِ الأصَابِعُ (1)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
19138 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، قال: أخبرني عمرو بن دينار، أنه سمع عكرمة يقول في قوله: (شغفها حبًّا) قال: دخل حبه تحت الشَّغاف.
19139 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا شبابة، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (قد شغفها حبًّا) ، قال: دخل حبه في شَغافها.
19140 - حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (قد شغفها حبًّا) ، قال: دخل حبه في شَغافها.
(1)
ديوانه: 38، مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 308، وغيرهما، مع اختلاف في روايته، وقبله: عَلَى حِينَ عَاتَبْتُ المَشِيبَ عَلَى الصِّبَا ... وَقُلْتُ: أَلَمَّا تَصْحُ والشَّيْبُ وَازِعُ ?

و "الأصابع" يعني أصابع الأطباء. وجعله الطبري من "الشغاف" بالفتح، واللغويون يجعلونه من "الشغاف" (بضم الشين "، وهو داء يأخذ تحت الشراسيف من الشق الأيمن. وإذا اتصل بالطحال قتل صاحبه. وهذا أجود الكلاميين."
19141 - حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (قد شغفها حبًّا) ، قال: كان حبه في شَغافها.
19142 -.... قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثل حديث الحسن بن محمد، عن شبابة.
19143 - حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (قد شغفها حبًّا) ، يقول: عَلَّقها حبًّا.
19144 - حدثني المثنى، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (قد شغفها حبًّا) ، قال: غَلَبها.
19145 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع = وحدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي = عن أبيه عن أيوب بن عائذ الطائي عن الشعبي: (قد شغفها حبًّا) ، قال: "المشغوف" : المحب، و "المشعوف" ، (1) المجنون. (2)
19146 -.... وبه قال، حدثنا أبي، عن أبي الأشهب، عن أبي رجاء والحسن: (قد شغفها حبًّا) ، قال أحدهما: قد بَطَنَها حبًّا. وقال الآخر: قد صَدَقها حبًّا.
19147 - حدثني يعقوب، قال: حدثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله: (قد شغفها حبا) ، قال: قد بطنَها حبًّا = قال يعقوب: قال أبو بشر: أهل المدينة يقولون: "قد بَطَنها حبًّا" .
19148 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن
(1)
"المشعوف" ، بالعين المهملة، وكان في المطبوعة بالغين المعجمة، وهو خطأ. وأراد الشعبي أن يفرق بينهما.

(2)
الأثر: 19145 - "أيوب بن عائذ المدلجي الطائي" ، ثقة، مضى برقم: 10338، 10339

الحسن، قال: سمعته يقول في قوله: (قد شغفها حبا) ، قال: بَطنَها حبًّا. وأهل المدينة يقولون ذلك.
19149 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا عبد الوهاب، عن قرة، عن الحسن: (قد شغفها حبًّا) ، قال: قد بَطَن بها حبًّا. (1)
19150 - حدثنا الحسن، قال: حدثنا أبو قطن، قال: حدثنا أبو الأشهب، عن الحسن: (قد شغفها حبًّا) ، قال: بَطَنها حبه.
19151 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة. عن الحسن: (قد شغفها حبًّا) ، قال: بطَن بها.
19152 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (قد شغفها حبًّا) ، قال: استبطنها حبها إياه.
19153 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (قد شغفها حبًّا) ، أي: قد عَلَّقها.
19154 - حدثني الحارث، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد: (قد شغفها حبًّا) ، قال: قد عَلَّقَها حبًّا.
19155 - حدثنا بن وكيع، قال: حدثنا المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك، قال: هو الحب اللازق بالقلب.
19156 - حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك، في قوله: (قد شغفها حبًّا) ، يقول: هلكت عليه حبًّا، و "الشَّغَاف" : شَغَاف القلب.
19157 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو بن محمد، قال: حدثنا
(1)
في المخطوطة: "بطن لها" ، وانظر رقم: 19151.

أسباط، عن السدي: (قد شغفها حبًّا) ، قال: و "الشَّغاف" : جلدة على القلب يقال لها ": لسان القلب" ، (1) يقول: دخل الحب الجلد حتى أصاب القلب.
* * *
وقد اختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأته عامة قرأة الأمصار بالغين: (قَدْ شَغَفَهَا) ، على معنى ما وصفت من التأويل.
* * *
وقرأ ذلك أبو رجاء: "قَدْ شَعَفَهَا" بالعين. (2)
19158 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا أبو قطن، قال: حدثنا أبو الأشهب، عن أبي رجاء: "قَدْ شَعَفَهَا" .
19159 -.... قال: حدثنا خلف، قال: حدثنا هشيم، عن أبي الأشهب، أو عوف عن أبي رجاء: "قَدْ شَعَفَهَا حُبًّا" ، بالعين.
19160 -.... قال: حدثنا خلف، قال: حدثنا محبوب، قال: قرأه عوف: "قَدْ شَعَفَهَا" .
19161 -.... قال: حدثنا عبد الوهاب، عن هارون، عن أسيد، عن الأعرج: "قَدْ شَعَفَهَا حُبًّا" ، وقال: شَعَفَهَا إذا كان هو يحبها.
* * *
ووجَّه هؤلاء معنى الكلام إلى أنَّ الحبَّ قد عمَّها.
* * *
وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من الكوفيين يقول: هو من قول القائل:
(1)
هكذا في المطبوعة والمخطوطة، وأنا أرجح أن الصواب "لباس القلب" ، لأنهم قالوا في شرح اللفظ: "الشغاف: غلاف القلب، وهو جلدة دونه كالحجاب، وسويداؤه" ، وقالوا "هو غشاء القلب" وقال أبو الهيثم: "يقال لحجاب القلب، وهي شحمة تكون لباسًا للقلب الشغاف" .

(2)
هكذا في المخطوطة: "شعفها" ، وظني أن الصواب: "شغف بها، إذا كان هو يحبها" ، وذلك بالبناء للمجهول، أما هذا الذي قاله، فمما لا يعرف.

"قد شُعفَ بها" ، كأنه ذهب بها كل مَذهب، من "شَعَف الجبال" ، وهي رؤوسها.
* * *
وروي عن إبراهيم النخعي أنه قال: "الشغف" ، شغف الحب = و "الشعف" ، شعف الدابة حين تذعر.
19162 - حدثني بذلك الحارث، عن القاسم، أنه قال: يروى ذلك عن أبي عوانة، عن مغيرة عنه.
= قال الحارث: قال القاسم، يذهب إبراهيم إلى أن أصل "الشَّعَف" ، هو الذعر. قال: وكذلك هو كما قال إبراهيم في الأصل، إلا أن العرب ربما استعارت الكلمة فوضعتها في غير موضعها ; قال امرؤ القيس:
أَتَقْتُلُنِي وَقَدْ شَعَفْتُ فُؤَادَهَا ... كَمَا شَعَفَ المَهْنُوءَة الرَّجُلُ الطَّالِي (1)
قال: و "شعف المرأة" من الحبّ، و "شعف المهنوءة" من الذعر، فشبه لوعة الحب وجَوَاه بذلك.
* * *
وقال ابن زيد في ذلك ما: -
19163 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (قد شغفها حبًّا) قال: إن "الشغف" و "الشعف" ، مختلفان،
(1)
ديوانه: 142، واللسان "شعف" ، وغيرها، من قصيدة البارعة، يقول وقد ذكر صاحبته وبعلها: فَأَصْبحْتُ مَعْشُوقًا وَأَصْبَحَ بَعْلُها ... عَلَيْه القَتامُ سَيِّءَ الظَّنِّ وَالبالِ

يَغِط غَطِيطَ البَكْرِ شُدَّ خِناقُهُ ... لِيَقْتُلَنِي، والمرْءُ لَيْسَ بقَتَّالِ
أَيَقْتُلَني والمَشْرَفِيُّ مُضَاجِعِي ... وَمَسْنُونَةٌ زُرْقٌ كَأَنْيابِ أَغْوَالِ
ولَيْسَ بذي رُمْحٍ فَيَطْعُنُني بهِ ... وَلَيْسَ بِذي سَيْفٍ، ولَيْسَ بِنَبَّالِ
أيقتُلَني أنِّي شعفتُ فُؤَادها ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَدْ عَلِمَتْ سَلْمَى، وإنْ كانَ بَعلَها ... بِأَنَّ الفَتَى يَهْذِي ولَيْسَ بفَعَّال
و "الشعف" ، في البغض = و "الشغف" في الحب.
* * *
وهذا الذي قاله ابن زيد لا معنى له، لأن "الشعف" في كلام العرب بمعنى عموم الحب، أشهر من أن يجهله ذو علم بكلامهم.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب في ذلك عندنا من القراءة: (قَدْ شَغَفَهَا) ، بالغين، لإجماع الحجة من القرأة عليه.
* * *
وقوله: (إنا لنراها في ضلال مبين) ، قلن: إنا لنرى امرأة العزيز في مراودتها فتاها عن نفسه، وغلبة حبه عليها، لفي خطأ من الفعل، وجَوْر عن قصد السبيل = "مبين" ، لمن تأمله وعلمه أنه ضلال، وخطأ غير صواب ولا سداد. (1) وإنما كان قيلهنّ ما قلن من ذلك، وتحدُّثهن بما تحدَّثن به من شأنها وشأن يوسف، مكرًا منهن، فيما ذكر، لتريَهُنَّ يوسف.
* * *
(1)
انظر تفسير "الضلال" و "مبين" فيما سلف من فهارس اللغة (ضلل) ، (بين) .

القول في تأويل قوله تعالى: {فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فلما سمعت امرأة العزيز بمكر النسوة اللاتي قلن في المدينة ما ذكره الله عز وجل عنهن =
* * *
وكان مكرهنَّ ما: -
19164 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو بن محمد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: (فلما سمعت بمكرهن) ، يقول: بقولهن.
19165 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لما أظهر النساء ذلك، من قولهن ": تراود عبدها!" مكرًا بها لتريهن يوسف، وكان يوصف لهن بحُسنه وجماله ; (فلما سمعت بمكرهن (1) أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأ) .
19166 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (فلما سمعت بمكرهن) :، أي بحديثهن، (= أرسلت إليهن) ، يقول: أرسلت إلى النسوة اللاتي تحدثن بشأنها وشأن يوسف.
* * *
(وأعتدت) ، "أفعلت" من العتاد، وهو العدَّة، (2) ومعناه: أعدّت لهن = "متكأ" ، يعني: مجلسًا للطعام، وما يتكئن عليه من النمارق والوَسائد:
* * *
= وهو "مفتعل" من قول القائل: "اتَّكأت" ، يقال: "ألق له مُتَّكأ" ، يعني: ما يتكئ عليه.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
19167 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا يحيى بن اليمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد: (وأعتدت لهن متكأ) قال: طعامًا وشرابًا ومتكأ.
19168 -.... قال: حدثنا عمرو بن محمد، عن أسباط، عن السدي: (وأعتدت لهن متكأ) ، قال: يتكئن عليه.
(1)
انظر تفسير "المكر" فيما سلف 15: 49، تعليق: 1، والمراجع هناك.

(2)
انظر تفسير "أعتد" فيما سلف 8: 103، 355 / 9: 353، 392.

19169 - حدثني المثنى، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية عن علي، عن ابن عباس: (وأعتدت لهن متكأ) ، قال: مجلسًا.
19170 -.... قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن أبي الأشهب، عن الحسن أنه كان يقرأ: (مُتَّكَآءً) ، ويقول: هو المجلس والطعام. (1)
19171 -.... قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله بن يزيد: من قرأ: "مُتْكَأً" ، خفيفة، يعني طعامًا. ومن قرأ (مُتَّكَأً) ، يعني المتكأ.
* * *
فهذا الذي ذكرنا عمن ذكرنا عنه تأويل هذه الكلمة، هو معنى الكلمة، وتأويل "المتكأ" ، وأنها أعدّت للنسوة مجلسًا فيه متكأ وطعام وشراب وأترج. ثم فسر بعضهم "المتكأ" بأنه الطعام على وجه الخبر عن الذي أعدّ من أجله المتكأ = وبعضهم عن الخبر عن الأترج. إذ كان في الكلام: (وآتت كل واحدة منهن سكينًا) ، لأن السكين إنما تعد للأترج وما أشبهه مما يقطع به = وبعضهم على البزماورد.
19172 - حدثني هارون بن حاتم المقرئ، قال: حدثنا هشيم بن الزبرقان، عن أبي روق، عن الضحاك، في قوله: (وأعتدت لهن متكأ) ، قال: البزماورد.
* * *
وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: "المتكأ" : هو النُّمْرُق يتكأ عليه. وقال: زعم قوم أنه الأترج. قال: وهذا أبطل باطل في الأرض، ولكن عسى أن يكون مع "المتكأ" أترج يأكلونه. (2)
* * *
(1)
قراءة الحسن بالمد، آخره همز، ذكر هذه القراءة ابن خالويه في شواذ القراءات ص: 63 عن الحسن، وذكرها أبو حيان في تفسيره 5: 302، ونسبها إلى الحسن وابن هرمز، وقال: "بالمد والهمز. وهي مفتعل، من الاتكاء، إلا أنه أشبع الفتحة فتولدت منها الألف كما قالوا" : وَأَنْتَ مِنَ الغَوَائِل حَيْثُ تُرْمَى ... ومِنْ ذَمِّ الرِّجالِ بِمُنْتَزَاحِ

أي: بمنتزح، فأشبع.
(2)
انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 309.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 48.19 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 47.56 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.30%)]