
19-07-2025, 04:59 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,280
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
 تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء السادس عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ يوسف
الحلقة (875)
صــ 181 إلى صــ 190
وهي من "الوخامة" ، قلبت الواو في ذلك كله تاء، و "الواو" في هذه الحروف كلها من الأسماء، وليست كذلك في (تالله) ، لأنها إنما هي واو القسم، وإنما جعلت تاء لكثرة ما جرى على ألسن العرب في الأيمان في قولهم: "والله" ، فخُصَّت في هذه الكلمة بأن قلبت تاء. ومن قال ذلك في اسم الله فقال: "تالله" . لم يقل "تالرحمن" و "تالرحيم" ، ولا مع شيء من أسماء الله، ولا مع شيء مما يقسم به، ولا يقال ذلك إلا في "تالله" وحده.
* * *
وقوله: (لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض) ، يقول: لقد علمتم ما جئنا لنعصى الله في أرضكم. (1)
* * *
كذلك كان يقول جماعة من أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
19555- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس، في قوله: (قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض) ، نقول: ما جئنا لنعصى في الأرض.
* * *
فإن قال قائل: وما كان عِلْمُ من قيل له (2) (لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض) ، بأنهم لم يجيئوا لذلك، حتى استجاز قائلو ذلك أن يقولوه؟
قيل: استجازوا أن يقولوا ذلك لأنهم فيما ذكر ردُّوا البضاعة التي وجدوها
(1) انظر تفسير "الفساد في الأرض" فيما سلف من فهارس اللغة (فسد) .
(2) في المطبوعة: "وما كان أعلم من قيل له" ، وهو عبث وفساد، صوابه ما في المخطوطة.
في رحالهم، فقالوا: لو كنا سُرَّاقًا لم نردَّ عليكم البضاعة التي وجدناها في رحالنا.
وقيل: إنهم كانوا قد عُرِفوا في طريقهم ومسيرهم أنهم لا يظلمون أحدًا ولا يتناولون ما ليس لهم، فقالوا ذلك حين قيل لهم: (إنكم لسارقون) .
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ (74) قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (75) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال أصحاب يوسف لإخوته: فما ثواب السَّرَق إن كنتم كاذبين في قولكم (1) (ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين) ؟ = (قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه) .، يقول جل ثناؤه: وقال إخوة يوسف: ثواب السرق من وجد في متاعه السرق (فهو جزاؤه) ، (2) يقول: فالذي وجد ذلك في رحله ثوابه بأن يسلم بسَرِقته إلى من سرق منه حتى يستَرِقّه= (كذلك نجزي الظالمين) ، يقول: كذلك نفعل بمن ظلم ففعل ما ليس له فعله من أخذه مال غيره سَرَقًا.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
19556- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (فهو
(1) "السرق" (بفتحتين) ، ومصدره فعل السارق. وسوف يسمى "المسروق" "سرقًا" ، بعد قليل، وهو صحيح في العربية جيد. وهكذا كان يقوله أئمة الفقهاء القدماء.
(2) "السرق" (بفتحتين) ، ومصدره فعل السارق. وسوف يسمى "المسروق" "سرقًا" ، بعد قليل، وهو صحيح في العربية جيد. وهكذا كان يقوله أئمة الفقهاء القدماء.
جزاؤه) ، أي: سُلِّم به= (كذلك نجزي الظالمين) ، أي: كذلك نصنع بمن سرقَ منَّا.
19557- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر قال، بلغنا في قوله: (قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين) ، أخبروا يوسف بما يحكم في بلادهم أنه من سرق أخذ عبدًا، فقالوا: (جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه) .
19558- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي: (قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه) ، تأخذونه فهو لكم.
* * *
قال أبو جعفر: ومعنى الكلام: قالوا: ثوابُ السَّرَق الموجودُ في رحله= كأنه قيل: ثوابه استرقاق الموجود في رحله "، ثم حذف" استرقاق "، إذ كان معروفًا معناه. ثم ابتدئ الكلام فقيل: (هو جزاؤه كذلك نجزي الظالمين) ."
* * *
وقد يحتمل وجهًا آخر: أن يكون معناه: قالوا ثوابُ السَّرق، الذي يوجدُ السَّرق في رحله، فالسارق جزاؤه= فيكون "جزاؤه" الأول مرفوعًا بجملة الخبر بعده، ويكون مرفوعًا بالعائد من ذكره في "هو" ، و "هو" مرافع "جزاؤه" الثاني. (1)
* * *
ويحتمل وجهًا ثالثًا: وهو أن تكون "مَنْ" جزاءً (2) وتكون مرفوعة بالعائد من ذكره في "الهاء" التي في "رحله" ، و "الجزاء" الأول مرفوعًا بالعائد من
(1) في المطبوعة: "رافع" ، وأثبت ما في المخطوطة. وهذا الوجه الثاني مكرر في المخطوطة، كتب مرتين.
(2) في المطبوعة: "جزائية" ، وهو تصرف معيب.
ذكره في "وجد" ، ويكون جواب الجزاء "الفاء" في "فهو" . و "الجزاء" الثاني مرفوع ب "هو" ، فيكون معنى الكلام حينئذ: قالوا: جزاء السَّرق، من وجد السرق في رحله فهو ثوابه، يُستَرَقُّ ويُستعبَد. (1)
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (76) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ففتش يوسف أوعيتهم ورحالهم، طالبًا بذلك صواعَ الملك، فبدأ في تفتيشه بأوعية إخوته من أبيه، فجعل يفتشها وعاء وِعاءً قبل وعاء أخيه من أبيه وأمه، فإنه أخّر تفتيشه، ثم فتش آخرها وعاء أخيه، فاستخرج الصُّواع من وعاء أخيه.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
19559- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه) ، ذكر لنا أنه كان لا ينظر في وعاء إلا استغفر الله تأثمًا مما قذفهم به، حتى بقي أخوه، وكان أصغر القوم، قال: ما أرى هذا أخذ شيئًا! قالوا: بلى فاستبْرِهِ! (2) ألا وقد علموا حيث وضعوا سقايتهم
(1) انظر معاني القرآن للفراء في تفسير هذه الآية، فقد ذكر هذه الوجوه بغير هذا اللفظ.
(2) "بلى" ، انظر استعمالها في غير جواب الجحد فيما سلف، في التعليق على رقم: 16987، والمراجع هناك. وقوله "استبره" من "الاستبراء" سهلت همزتها، وأصله: واستبرئه، و "الاستبراء" طلب البراءة من الشيء، ما كان تهمة أو عيبًا أو قادحًا.
= (ثم استخرجها من وعاء أخيه) .
19560- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة قال: (فاستخرجها من وعاء أخيه) ، قال: كان كلما فتح متاعًا استغفر تائبًا مما صنع، حتى بلغ متاعَ الغلام، فقال: ما أظن هذا أخذ شيئًا! قالوا: بلى، فاستَبْره!
19561- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو بن محمد، عن أسباط، عن السدي قال، (فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه) ، فلما بقي رحل الغلام قال: ما كان هذا الغلام ليأخذه! قالوا: والله لا يترك حتى تنظر في رحله، لنذهب وقد طابت نفسك. فأدخلَ يده فاستخرجه من رحله. (1)
19562- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: لما قال الرسول لهم: (ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم) ، قالوا: ما نعلمه فينَا ولا معنَا. قال: لستم ببارحين حتى أفتّش أمتعتكم، وأعْذِر في طلبها منكم! فبدأ بأوعيتهم وعاء وعاءً يفتشها وينظر ما فيها، حتى مرّ على وعاء أخيه ففتشه، فاستخرجها منه، فأخذ برقبته، فانصرف به إلى يوسف. يقول الله: (كذلك كدنا ليوسف) .
19563- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: ذُكر لنا أنه كان كلما بَحَث متاع رجل منهم استغفر ربه تأثمًا، قد علم أين موضع الذي يَطْلُب! حتى إذا بقي أخوه، وعلم أن بغيته فيه، قال: لا أرى هذا الغلام أخذه، ولا أبالي أن لا أبحث متاعه! قال إخوته: إنه أطيبُ لنفسك وأنفسنا أن تستبرئ متاعه أيضًا. فلما فتح متاعه استخرج بغيته منه، قال الله: (كذلك كدنا ليوسف) .
* * *
(1) في المطبوعة: "فاستخرجها" ، وأثبت ما في المخطوطة.
واختلف أهل العربية في الهاء والألف اللتين في قوله: (ثم استخرجها من وعاء أخيه) .
فقال بعض نحويي البصرة: هي من ذكر "الصواع" ، قال: وأنّث وقد قال: (ولمن جاء به حمل بعير) ، لأنه عنى "الصواع" . قال، و "الصواع" ، مذكر، ومنهم من يؤنث "الصواع" ، وعني ههنا "السقاية" ، وهي مؤنثة. قال: وهما اسمان لواحد، مثل "الثوب" و "الملحفة" ، مذكر ومؤنث لشيءٍ واحدٍ.
* * *
وقال بعض نحويي الكوفة في قوله: (ثم استخرجها من وعاء أخيه) ، ذهب إلى تأنيث "السرقة" . قال: وإن يكن "الصواع" في معنى"الصاع (1) فلعل هذا التأنيث من ذلك. قال، وإن شئت جعلته لتأنيث السقاية. قال: و "الصواع" ذكر، و"الصاع "يؤنث ويذكر، فمن أنثه قال، ثلاث أصوُع، مثل ثلاث أدور، ومن ذكره قال" أصواع "، مثل أبواب."
* * *
وقال آخر منهم: إنما أنّث "الصواع" حين أنث لأنه أريدت به "السقاية" ، وذكّر حين ذكّر، لأنه أريد به "الصواع" . قال: وذلك مثل "الخوان" و "المائدة" ، و "سنان الرمح" و "عاليته" ، وما أشبه ذلك من الشيء الذي يجتمع فيه اسمان: أحدهما مذكر، والآخر مؤنث.
* * *
وقوله: (كذلك كدنا ليوسف) ، يقول: هكذا صنعنا ليوسف، (2) حتى يخلص أخاه لأبيه وأمه من إخوته لأبيه، بإقرارٍ منهم أن له أن يأخذه منهم ويحتبسه في يديه، ويحول بينه وبينهم. وذلك أنهم قالوا، إذ قيل لهم: (ما جزاؤه إن كنتم
(1) في المطبوعة: "وإن لم يكن الصواع" ، زاد "لم" فأفسد الكلام، وإنما عنى أن "الصاع" يذكر ويؤنث، فمن أجل ذلك أنث "الصواع" .
(2) انظر تفسير "الكيد" فيما سلف ص: 141، تعليق: 1، والمراجع هناك.
كاذبين) : جزاءُ من سرق الصُّواع أن من وجد ذلك في رحله فهو مستَرَقٌّ به، وذلك كان حكمهم في دينهم. فكاد الله ليوسف كما وصف لنا حتى أخذ أخاه منهم، فصار عنده بحكمهم وصُنْعِ الله له.
* * *
وقوله: (ما كان ليأخذ أخا في دين الملك إلا أن يشاء الله) ، يقول: ما كان يوسف ليأخذ أخاه في حكم ملك مصر وقضائه وطاعته منهم، لأنه لم يكن من حكم ذلك الملك وقضائه أن يسترقّ أحد بالسَّرَق، فلم يكن ليوسف أخذ أخيه في حكم ملك أرضه، إلا أن يشاء الله بكيده الذي كاده له، حتى أسلم من وجد في وعائه الصواع إخوتُه ورفقاؤه بحكمهم عليه، وطابت أنفسهم بالتسليم.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
19564- حدثنا الحسن قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك) ، إلا فعلة كادها الله له، فاعتلّ بها يوسف.
19565- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
19566- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (كذلك كدنا ليوسف) كادها الله له، فكانت علَّةً ليوسف.
19567- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: (ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله) ، قال: إلا فعلة كادها الله، فاعتلّ بها يوسف= قال حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله: (كذلك كدنا ليوسف) ، قال، صنعنا.
19568- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي: (كذلك كدنا ليوسف) ، يقول: صنعنا ليوسف.
19569- حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (كذلك كدنا ليوسف) ، يقول: صنعنا ليوسف
* * *
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك) .
فقال بعضهم: ما كان ليأخذ أخاه في سلطان الملك.
*ذكر من قال ذلك:
19570- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك) ، يقول: في سلطان الملك.
19571- حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ، يقول، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك) ، يقول: في سلطان الملك.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: في حكمه وقضائه.
*ذكر من قال ذلك:
19572- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله) ، يقول: ما كان ذلك في قضاء الملك أن يستعبد رجلا بسرقة.
19573- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (في دين الملك) ، قال: لم يكن ذلك في دين الملك= قال: حكمه.
19574- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح محمد بن ليث المروزي، عن رجل قد سماه، عن عبد الله بن المبارك، عن أبي مودود المديني قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يقول: (قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه) = (كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك) ، قال: دين الملك لا يؤخذ به من سرق أصلا ولكن الله كاد لأخيه، حتى تكلموا ما تكلموا به، فأخذهم بقولهم، وليس في قضاء الملك. (1)
19575- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر قال: بلغه في قوله: (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك) ، قال: كان حكم الملك أن من سَرَق ضوعف عليه الغُرْم.
19576- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدى: (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك) ، يقول: في حكم الملك.
19577- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك) :، أي: بظلم، ولكن الله كاد ليوسف ليضمّ إليه أخاه.
19578- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك) ، قال: ليس في دين الملك أن يؤخذ السارق بسرقته. قال: وكان الحكم عند الأنبياء، يعقوب وبنيه، أن يؤخذ السارق بسرقته عبدًا يسترقّ.
* * *
(1) الأثر: 19574 - "محمد بن ليث المروزي" ، "أبو صالح" ، لم أجد له ترجمة في شيء من المراجع التي بين يدي.
و "أبو مودود المديني" هو "عبد العزيز بن أبي سليمان الهذلي" ، كان قاصًا لأهل المدينة، كان من أهل النسك والفضل، وكان متكلمًا يعظ، ورأى أبا سعيد الخدري وغيره من الصحابة. ثقة، مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم 2 / 2 / 384.
قال أبو جعفر: وهذه الأقوال وإن اختلفت ألفاظ قائليها في معنى "دين الملك" ، فمتقاربة المعاني، لأن من أخذه في سلطان الملك عامله بعمله، فبرضاه أخذه إذًا لا بغيره، (1) وذلك منه حكم عليه، وحكمه عليه قضاؤه.
* * *
وأصل "الدين" ، الطاعة. وقد بينت ذلك في غير هذا الموضع بشواهده بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (2)
* * *
وقوله: (إلا أن يشاء الله) كما:-
19579- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي: (إلا أن يشاء الله) ، ولكن صنعنا له، بأنهم قالوا: (فهو جزاؤه) .
19580- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (إلا أن يشاء الله) إلا بعلة كادَها الله، فاعتلَّ بها يوسف.
* * *
وقوله: (نرفع درجات من نشاء) ، اختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأه بعضهم: "نَرْفَعُ دَرَجَاتِ مَنْ نَشَاءُ" بإضافة "الدرجات" إلى "من" بمعنى: نرفع منازل من نشاء رفع منازله ومراتبه في الدنيا بالعلم على غيره، كما رفعنا مرتبة يوسف في ذلك ومنزلته في الدنيا على منازل إخوته ومراتبهم. (3)
* * *
وقرأ ذلك آخرون: (نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ) بتنوين "الدرجات" ، بمعني: نرفع
(1) في المطبوعة: "فيريناه أخذه إذا لم يغيره" ، وهو كلام مختل لا معنى له، وهو في المخطوطة غير منقوط بعضه، وصواب قراءته إن شاء الله ما أثبت، وأساء الناسخ في كتابته، لأنه لم يحسن القراءة عن الأم التي نقل منها، فجعل "فبرضاه" "فيريناه" ، وجعل "لا" ، "لم" ، أما "بغيره" فهي غير منقوطة في المخطوطة.
(2) انظر تفسير "الدين" فيما سلف 3: 571 / 6: 273، 274، وغيرها من المواضع في فهارس اللغة (دين) .
(3) انظر تفسير "الدرجة" فيما سلف 14: 173، تعليق: 6، والمراجع هناك.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|