عرض مشاركة واحدة
  #887  
قديم 19-07-2025, 04:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,147
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء السادس عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ يوسف
الحلقة (887)
صــ 301 إلى صــ 310





20009 - حدثني المثنى، قال: حدثنا الحجاج، قال: حدثنا ربيعة بن كلثوم، قال: حدثني أبي، أن مسلم بن يسار، سأل سعيد بن جبير ; فقال: يا أبا عبد الله، آية بلغت مني كل مبلغ: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا) ، فهذا الموتُ، أن تظنّ الرسل أنهم قد كُذِبوا، أو نظنّ أنهم قد كَذَبوا، مخففة! (1) قال: فقال سعيد بن جبير: يا أبا عبد الرحمن، حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يستجيبوا لهم، وظن قومُهم أن الرسل كذبتهم = (جاءهم نصرنا فنجى من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين) . قال: فقام مسلم إلى سعيد، فاعتنقه وقال: فرّج الله عنك كما فرّجت عني (2)
20010 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا يحيى بن عباد، قال: حدثنا وهيب، قال: حدثنا أبو المعلى العطار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا) قال: استيأس الرسل من إيمان قومهم ; وظنَّ قومهم أن الرسل قد كَذَبوهم، ما كانوا يخبرونهم ويبلِّغونهم. (3)
(1)
في المخطوطة: "وظنوا أنهم قد كذبوا، ونظن أنهم قد كذبوا مخففة ..." ، سقط من الكلام ما أتمه ناشر المطبوعة الأولى من الدر المنثور للسيوطي 4: 41.

(2)
الأثر: 20009 - "ربيعة بن كلثوم بن جبر البصري" ، ثقة، مضى برقم 6240، 12522.

وأبوه: "كلثوم بن جبر البصري" ، ثقة، مضى أيضًا برقم: 6240، 12522.و "مسلم بن يسار البصري" ، أبو عبد الله الفقيه، روى عن أبيه، وابن عباس، وابن عمر تابعي ثقة، مترجم في التهذيب، والكبير 4 / 1 / 275، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 198.
وانظر الخبر الآتي رقم: 20014.
(3)
الأثر: 20010 - "الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني" ، شيخ الطبري، مضى مرارًا آخرها رقم: 18807، 18817.

و "يحيى بن عباد الضبعي" ، "أبو عباد البصري" ، ثقة، حدث عنه أهل بغداد، وقال الخطيب: أحاديثه مستقيمة، لا نعلمه روى منكرًا. مترجم في التهذيب، والكبير 4 / 2 / 292، وابن أبي حاتم 4 / 2 / 173، وتاريخ بغداد 14: 144 -146.
و "وهيب" هو "وهيب بن خالد بن عجلان الباهلي" ، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: 4345، 12444.
و "أبو المعلى العطار" ، هو "يحيى بن ميمون" ، ثقة ليس به بأس، مضى برقم: 8346، 8347، 11162.

20011 -.... قال: حدثنا شبابة، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ; (حتى إذا استيأس الرسل) أن يصدقهم قومهم، وظن قومهم أن الرسل قد كَذَبوا، جاء الرسل نَصرُنا.
20012 - حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
20013 - حدثني المثنى: قال: حدثنا الحجاج، قال: حدثنا حماد، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، في هذه الآية: حتى إذا استيأس الرسل من قومهم، وظن قومهم أن الرسل قد كَذَبت.
20014 -.... قال: حدثنا حماد، عن كلثوم بن جبر، قال: قال لي سعيد بن جبير: سألني سيد من ساداتكم عن هذه الآية فقلت: استيأس الرسل من قومهم، وظنَّ قومهم أن الرسل قد كذبت. (1)
20015 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا) ، قال: استيأس الرسل أن يؤمن قومهم بهم، وظنَّ قومهم المشركون أن الرسل قد كَذَبوا ما وعدهم الله من نصره إياهم عليهم، وأخْلِفُوا، وقرأ: (جاءهم نصرنا) ، قال: جاء الرسلَ النصرُ حينئذ. قال: وكان أبيّ يقرؤها: "كُذِبُوا" .
20016 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد، عن أبي المتوكل، عن أيوب ابن أبي صفوان، عن عبد الله بن الحارث،
(1)
الأثر: 20014 - انظر الخبرين السالفين رقم: 20008، 20009.


أنه قال: (حتى إذا استيأس الرسل) ، من إيمان قومهم = (وظنوا أنهم قد كذبوا) ، وظن القوم أنهم قد كذبوهم فيما جاءوهم به. (1)
20017 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا عبد الوهاب، عن جويبر، عن الضحاك، قال: ظن قومهم أن رسلهم قد كَذَبوهم فيما وعدوهم به.
20018 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا محمد بن فضيل، عن جحش بن زياد الضبي، عن تميم بن حذلم، قال: سمعت عبد الله بن مسعود يقول في هذه الآية: "حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا" ، قال: استيأس الرسل من إيمان قومهم أن يؤمنوا بهم، وظن قومهم حين أبطأ الأمر أنهم قد كَذَبوا بالتخفيف. (2)
20019 - حدثنا أبو المثنى، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة،
(1)
الأثر: 20016 - "سعيد" ، هو "سعيد بن أبي عروبة" .

وأما "أبو المتوكل" فلا أدري ما هو، وسيأتي أنه عند البخاري وابن أبي حاتم: "المتوكل" ، ومع ذلك، فلست أدري من يكون على التحقيق.
و "أيوب بن أبي صفوان" ، هكذا جاء في ترجمة "أيوب بن صفوان" في التاريخ الكبير للبخاري، أي هكذا يقال فيه أيضًا، وأما ابن أبي حاتم فاقتصر على أنه: "أيوب بن صفوان" ، مولى عبد الله بن الحارث، وفي ترجمة أبي حاتم تخليط كثير.
قال البخاري في ترجمته: "قال عبد الأعلى، حدثنا سعيد، عن متوكل، عن أيوب بن صفوان، مولى عبد الله بن الحارث الهاشمي، عن عبد الله بن الحارث، عن أم هانئ، عن النبي صلى الله عليه وسلم" ، يعني في صلاة الضحى". ثم ذكره في إسناد آخر هكذا "أيوب بن أبي صفوان" ، كالذي هنا."
وأما ابن أبي حاتم فقال: "أيوب بن صفوان، مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل، روى عن المتوكل، عن عبد الله بن الحارث، روى عنه سعيد بن أبي عروبة" ، وهو خلط أرجح أن صوابه: "روى عنه المتوكل، عن عبد الله بن الحارث، وروى عن المتوكل سعيد بن أبي عروبة" .
وهذا خبر مشكل إسناده كما ترى، ولا حيلة لنا فيه، حتى نجد شيئًا يهدي إلى الصواب فيه.
(2)
الأثر: 20018 - "جحش بن زياد الضبي" ، روى عن تميم بن حذلم، روى عنه سفيان الثوري، وجرير، ومحمد بن فضيل، وأبو بكر بن عياش. لم يذكروا فيه جرحًا، مترجم في الكبير 1 / 2 / 251، وابن أبي حاتم 1 / 1 / 550.

و "تميم بن حذلم الضبي" ، من أصحاب ابن مسعود، ثقة، قليل الحديث، روى له الجماعة، مضى برقم: 13623. في ترجمة ولده.
عن أبي المعلى، عن سعيد بن جبير، في قوله: (حتى إذا استيأس الرسل) ، قال: استيأس الرسل من نصر قومهم، وظنّ قومُ الرسل أن الرسل قد كَذَبوهم. (1)
20020 - حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن سعيد بن جبير: حتى إذا استيأس الرسل أن يصدِّقوهم، وظن قومُهم أن الرسل قد كذبوهم. (2)
20021 -.... قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا إسرائيل، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: حتى إذا استيأس الرسل أن يصدّقهم قومهم، وظن قومُهم أن الرسل قد كَذَبوهم.
20022 - حدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك في قوله: (حتى إذا استيأس الرسل) ، يقول: استيأسوا من قومهم أن يجيبوهم، ويؤمنوا بهم = "وظنوا" ، يقول: وظن قوم الرسل أن الرسل قد كَذَبوهم الموعد.
* * *
قال أبو جعفر: والقراءة على هذا التأويل الذي ذكرنا في قوله: (كُذِبُوا) بضم الكاف وتخفيف الذال. وذلك أيضًا قراءة بعض قرأة أهل المدينة وعامة قرأة أهل الكوفة.
وإنما اخترنا هذا التأويل وهذه القراءة، لأن ذلك عقيب قوله: (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف
(1)
الأثر: 20019 - "أبو المعلي" ، هو العطار، "يحيى بن ميمون" ، مضى قريبًا برقم: 20010.

(2)
الأثر: 20020 - "عمرو بن ثابت بن هرمز البكري" ، روى عن أبيه، ضعيف جدًا ليس بثقة، مضى برقم: 641، 680، 5969.

وأبوه "ثابت بن هرمز" ، الحداد، "أبو المقدام" ، ثقة، مضى برقم: 641، 680، 5969، 16645.
كان عاقبة الذين من قبلهم) ، فكان ذلك دليلا على أن إياس الرسل كان من إيمان قومهم الذين أهلكوا، وأن المضمر في قوله: (وظنوا أنهم قد كذبوا) ، إنما هو من ذكر الذين من قبلهم من الأمم الهالكة، وزاد ذلك وضوحًا أيضًا، إتباعُ الله في سياق الخبر عن الرسل وأممهم قوله: (فنجي من نشاء) ، إذ الذين أهلكوا هم الذين ظنوا ان الرسل قد كذبتهم، (1) فكَذَّبوهم ظنًّا منهم أنهم قد كَذَبوهم.
* * *
وقد ذهب قوم ممن قرأ هذه القراءة، إلى غير التأويل الذي اخترنا، ووجّهوا معناه إلى: حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم، وظنَّتِ الرسل أنهم قد كُذِبوا فيما وُعِدُوا من النصر.
* ذكر من قال ذلك:
20023 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا عثمان بن عمر، قال: حدثنا ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، قال: قرأ ابن عباس: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذِبوا) ، قال: كانوا بشرًا ضَعفُوا ويَئِسوا.
20024 -.... قال: حدثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، قال: أخبرني ابن أبي مليكة، عن ابن عباس، قرأ: (وظنوا أنهم قد كُذِبوا) ، خفيفة، قال ابن جريج: أقول كما يقول: أخْلِفوا. قال عبد الله: قال لي ابن عباس: كانوا بشرًا. وتلا ابن عباس: (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) [سورة البقرة: 214] = قال ابن جريج: قال ابن أبي مليكة: ذهب بها إلى أنهم ضَعُفوا فظنوا أنهم أخْلِفوا.
20025 - حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا مؤمل، قال: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله، أنه قرأ: (حتى إذا
(1)
في المخطوطة: "إن الذين أهلكوا" ، والصواب ما في المطبوعة.

استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذِبوا) ، مخففة. قال عبد الله: هو الذي تَكْرَه.
20026 -.... قال: حدثنا أبو عامر، قال: حدثنا سفيان، عن سليمان، عن أبي الضحى، عن مسروق، أن رجلا سأل عبد الله بن مسعود: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا) ، قال: هو الذي تكره = مخففةً.
20027 -.... قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، أنه قال في هذه الآية: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا) ، قلت: "كُذِبوا" ! قال: نعم ألم يكونوا بشرًا؟
20028 - حدثنا الحارث، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، في قوله: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذِبوا) ، قال: كانوا بشرًا، قد ظنُّوا.
* * *
قال أبو جعفر: وهذا تأويلٌ وقولٌ، غيرُه من التأويل أولى عندي بالصواب، (1) وخلافه من القول أشبه بصفات الأنبياء، والرسل إن جاز أن يرتابوا بوعدِ الله إياهم ويشكوا في حقيقة خبره، مع معاينتهم من حجج الله وأدلته ما لا يعاينه المرسَل إليهم فيعذروا في ذلك، فإن المرسَلَ إليهم لأوْلى في ذلك منهم بالعذر. (2) وذلك قول إن قاله قائلٌ لا يخفى أمره.
* * *
وقد ذُكِر هذا التأويل الذي ذكرناه أخيرًا عن ابن عباس لعائشة، فأنكرته أشد النُكرة فيما ذكر لنا.
* ذكر الرواية بذلك عنها، رضوانُ الله عليها:
20029 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا عثمان بن عمر، قال: حدثنا
(1)
في المطبوعة والمخطوطة: "هذا تأويل وقول غيره من أهل التأويل ..." بزيادة "أهل" ، وهو لا يستقيم، لأنه لو عنى ذلك لقال: "وقول غيرهما" ، لأن الراوية قبل عند عبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود. ويصحح ما فعلت من حذف هذه الزيادة، قوله بعد: "وخلافه من القول...." .

(2)
في المطبوعة والمخطوطة: "أن المرسل إليهم" بغير الفاء، وهي واجبة في جواب الشرط من قوله: "والرسل إن جاز أن يرتابوا ... فإن المرسل إليهم ..." .

ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، قال: قرأ ابن عباس: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا انهم قد كذبوا) ، فقال: كانوا بشرًا، ضعفوا ويئسوا = قال ابن أبي مليكة: فذكرت ذلك لعروة، فقال: قالت عائشة: معاذ الله! ما حدَّث الله رسوله شيئًا قطُّ إلا علم أنه سيكون قبل أن يموت، ولكن لم يزل البلاء بالرسل حتى ظن الأنبياء أن من تبعهم قد كذّبوهم. فكانت تقرؤها: "قَدْ كُذِّبُوا" ، تثقلها. (1)
20030 -.... قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرني ابن أبي مليكة، أن ابن عباس قرأ: (وظنوا أنهم قد كُذِبوا) ، خفيفة، قال عبد الله: ثم قال لي ابن عباس: كانوا بشرًا وتلا ابن عباس: (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) [سورة البقرة: 214] = قال ابن جريج: قال ابن أبي مليكة: يذهب بها إلى أنهم ضَعُفوا، فظنوا أنهم أُخْلِفوا. قال ابن جريج: قال أبن أبي مليكة: وأخبرني عروة عن عائشة، أنها خالفت ذلك وأبته، وقالت: ما وعد الله محمدًا صلى الله عليه وسلم من شيء إلا وقد علم أنه سيكون حتى مات، ولكنه لم يزل البلاء بالرسل حتى ظنوا أنَّ من معهم من المؤمنين قد كذَّبوهم. قال ابن أبي مليكة في حديث عروة: كانت عائشة تقرؤها: "وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُوا" مثقَّله، للتكذيب. (2)
20031 -.... قال: حدثنا سليمان بن داود الهاشمي، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، قال: حدثني صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، عن عروة،
(1)
الأثر: 20029 - "عثمان بن عمر بن فارس العبدي" ، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا. وابن جريج، هو الإمام المشهور.

و "ابن أبي مليكة" ، هو "عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة" ، روى له الجماعة، مضى مرارًا كثيرة.
وهذا إسناد صحيح، رواه البخاري في صحيحه (الفتح 8: 140) ، من طريق إبراهيم بن موسى، عن هشام، عن ابن جريج.
(2)
الأثر: 20030 - مكرر الذي قبله، وهو إسناد صحيح.

عن عائشة قال: قلت لها قوله: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذِبوا) ، قال: قالت عائشة: لقد استيقنوا أنهم قد كُذِّبوا. قلت: "كُذِبوا" . قالت: معاذ الله، لم تكن الرُّسل تظُنُّ بربها، (1) إنما هم أتباع الرُّسُل، لما استأخر عنهم الوحيُ، واشتد عليهم البلاء، ظنت الرسل أن أتباعهم قد كذَّبوهم = (جاءهم نصرنا) . (2)
20032 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: حتى إذا استيأس الرجل ممن كذبهم من قومهم أن يصدّقوهم، وظنَّت الرسل أن من قد آمن من قومهم قد كَذَّبوهم، جاءهم نصر الله عند ذلك. (3)
* * *
قال أبو جعفر: فهذا ما روي في ذلك عن عائشة، غير أنها كانت تقرأ: "كُذِّبُوا" ، بالتشديد وضم الكاف، بمعنى ما ذكرنا عنها: من أن الرسل ظنَّت بأتباعها الذين قد آمنوا بهم، أنهم قد كذَّبوهم، فارتدُّوا عن دينهم، استبطاءً منهم للنصر.
وقد بيّنا أن الذي نختار من القراءة في ذلك والتأويل غيرَه في هذا الحرف خاصّةً.
* * *
وقال آخرون ممن قرأ قوله: "كُذِّبُوا" بضم الكاف وتشديد الذال، معنى ذلك: حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يؤمنوا بهم ويصدِّقوهم، وظنَّت الرسل، بمعنى: واستيقنت، أنهم قد كذّبهم أممهم، جاءَتِ الرُّسل نُصْرَتنا. وقالوا:
(1)
في المطبوعة والمخطوطة: "تظن يومًا" ، ورجحت أن هذا تصحيف من الناسخ، لم يحسن قراءة "بربها" ، فكتب مكانها "يومًا" ، لشبه ما بينها في الرسم، والذي في حديث البخاري: "تظن ذلك بربها" ، وهو يؤيد ما ذهبت إليه.

(2)
الأثر: 20031 - بهذا الإسناد، عن "عبد العزيز بن عبد الله، عن إبراهيم بن سعد، عن صالح بن كيسان" ، رواه البخاري في صحيحه (الفتح 8: 277 - 279) = مطولا.

ولفظ أبي جعفر مختصر أشد الاختصار. وكتب ابن حجر فصلاً جيدًا مستوفى في شرح هذا الحديث.
(3)
الأثر: 20032 - وهذا إسناد صحيح إلى عائشة.

"الظن" في هذا بمعنى العلم، (1) من قول الشاعر: (2)
فَظُنُّوا بِأَلْفَيْ فَارِسٍ مُتَلَبِّبٍ ... سَرَاتُهُمْ فِي الفَارِسِيّ المُسَرَّدِ (3)
* * *
* ذكر من قال ذلك:
20033 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن = وهو قول قتادة =: حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم، وظنوا أنهم قد كُذِّبوا "، أي: استيقنوا أنه لا خير عند قومهم، ولا إيمان = (جاءهم نصرنا) ."
* * *
20034 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (حتى إذا استيأس الرسل) ، قال: من قومهم = (وظنوا أنهم قد كذِّبوا) ، قال: وعلموا أنهم قد كذبوا = (جاءهم نصرنا) .
* * *
قال أبو جعفر: وبهذه القراءة كانت تقرأ عامة قرأة المدينة والبصرة والشأم، أعني بتشديد الذال من "كُذِّبُوا" وضم كافها.
* * *
وهذا التأويل الذي ذهب إليه الحسن وقتادة في ذلك، إذا قرئ بتشديد الذال وضم الكاف، خلافٌ لما ذكرنا من أقوال جميع من حكينا قوله من الصحابة، لأنه لم يوجه "الظن" في هذا الموضع منهم أحدٌ إلى معنى العلم واليقين، مع أن "الظنّ" إنما استعمله العرب في موضع العلم فيما كان من علم أدرك من جهة الخبر أو من غير وجه المشاهده والمعاينة. فأما ما كان من علم أدرك من وجه المشاهدة والمعاينة، فإنها لا تستعمل فيه "الظن" ، لا تكاد تقول: "أظنني حيًّا، وأظنني إنسانًا" ، بمعنى: أعلمني إنسانًا، وأعلمني حيًا. والرسل الذين كذبتهم أممهم، لا شك أنها كانت لأممها شاهدة، ولتكذيبها إياها منها سامعة، فيقال فيها: ظنّت بأممها أنها كَذَّبتها.
* * *
وروي عن مجاهد في ذلك قولٌ هو خلاف جميع ما ذكرنا من أقوال الماضين الذين سَمَّينا أسماءهم وذكرنا أقوالهم، وتأويلٌ خلاف تأويلهم، وقراءةٌ غير قراءة
(1)
انظر تفسير "الظن" بهذا المعنى فيما سلف من فهارس اللغة (ظنن) .

(2)
هو دريد بن الصمة.

(3)
مضى البيت بغير هذه الرواية 2: 18، تعليق: 1، وبينت ذلك هناك.


جميعهم، وهو أنه، فيما ذُكِر عنه، كان يقرأ: "وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كَذَبُوا" بفتح الكاف والذال وتخفيف الذال.
* ذكر الرواية عنه بذلك:
20035 - حدثني أحمد بن يوسف، قال: حدثنا أبو عبيد، قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، أنه قرأها: "كَذَبُوا" بفتح الكاف بالتخفيف.
* * *
=وكان يتأوّله كما: -
20036 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: استيأس الرجل أن يُعَذَّبَ قومهم، وظن قومهم أن الرسل قد كَذَبوا = (جاءهم نصرنا) ، قال: جاء الرسلَ نصرنا. قال مجاهد: قال في "المؤمن" (1) (فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ) ، قال: قولهم: "نحن أعلم منهم ولن نعذّب" . وقوله: (وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) ، [سورة غافر: 83] ، قال: حاق بهم ما جاءت به رسلهم من الحق.
* * *
قال أبو جعفر: وهذه قراءة لا أستجيز القراءة بها، (2) لإجماع الحجة من قرأة الأمصار على خلافها. ولو جازت القراءة بذلك، لاحتمل وجهًا من التأويل، وهو أحسن مما تأوله مجاهد، وهو: حتى إذا استيأس الرسل من عذاب الله قومَها المكَذِّبة بها، وظنَّت الرسل أن قومها قد كَذَبوا وافتروا على الله بكفرهم بها = ويكون "الظن" موجِّهًا حينئذ إلى معنى العلم، على ما تأوَّله الحسن وقتادة.
* * *
وأما قوله: (فنجي من نشاء) فإن القرأة اختلفت في قراءته.
فقرأه عامة قرأة أهل المدينة ومكة والعراق: "فَنُنْجِى مَنْ نَشَاء" ، مخفّفة بنونين، (3)
(1)
"المؤمن" هي سورة غافر، أي: سورة مؤمن آل فرعون.

(2)
في المطبوعة وحدها: "وهذه القراءة" ، غير الكلام بلا معنى.

(3)
في المطبوعة أسقط "مخففة" ، وكان في المخطوطة: "فننجي مخففة من نشاء بنونين" ، والذي أثبته أولى وأجود.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 47.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 47.08 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.32%)]