
19-07-2025, 08:04 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,464
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
 تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء السادس عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الرعد
الحلقة (893)
صــ 361 إلى صــ 370
20173- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا شعبة، عن جعفر، عن مجاهد، في قوله: (وما تغيض الأرحام وما تزداد) قال: المرأة ترى الدم، وتحمل أكثر من تسعة أشهر.
20174- حدثنا الحسن قال: حدثنا محمد بن الصباح قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، في قوله: (وما تغيض الأرحام) ، قال: هي المرأة ترى الدم في حملها.
20175- قال: حدثنا شبابة، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (وما تغيض الأرحام وما تزداد) إهراقُ الدم حتى يخسّ الولد= و "تزداد" إن لم تهرق المرأة تَمَّ الولد وعَظُم.
20176- قال: حدثنا الحكم بن موسى قال: حدثنا هقل، عن عثمان بن الأسود قال: قلت لمجاهد: امرأتي رأت دمًا، وأرجو أن تكون حاملا! = قال أبو جعفر: هكذا هو في الكتاب (1) فقال مجاهد: ذاك غيضُ الأرحام: (يعلم ما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار) ، الولد لا يزال يقع في النقصان ما رأت الدَّم، فإذا انقطعَ الدم وقع في الزيادة، فلا يزال حتى يتمّ، فذلك قوله: (وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار) . (2)
(1) موضع الإشكال الذي شكك فيه أبو جعفر أن عثمان بن الأسود قال: "امرأتي رأت الدم" ، وذلك يعني الطمث، وهي إذا رأت الدم لم تكن حاملا. ثم قال: "وأرجو أن تكون حاملا" ، يوهم أنه من جل رؤية الدم، رجا أن تكون حاملا. ولكني أخالف أبا جعفر، وأجعل "أرجو" بمعنى التحقيق لا بمعنى الرجاء، كأنه قال: "امرأتي رأت الدم وهي حامل" ، وهم يضعون "أرجو" بهذا المكان من التحقيق في كثير من كلامهم. هذا، وبعض النساء ترى الدم وهي حامل في ميقات طمثها، هكذا أخبرني النساء.
(2) الأثر: 20176 - "الحكم بن موسى بن أبي زهير البغدادي" ، ثقة، روى عنه البخاري تعليقًا ومسلم. مترجم في التهذيب، والكبير 1 / 2 / 342، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 128
و "هقل" هو: "الهقل بن زياد بن عبد الله الدمشقي" ، كاتب الأوزاعي، و "هقل" لقب، قيل اسمه: "محمد" ، وقيل: "عبد الله" ، ثقة الثقات، من أعلى أصحاب الأوزاعي. مترجم في التهذيب، والكبير 4 / 2 / 248، وابن أبي حاتم 4 / 2 / 122.
و "عثمان بن الأسود بن موسى المكي" ، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا.
20177- قال: حدثنا محمد بن الصباح قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا أبو بشر، عن مجاهد، في قوله: (وما تغيض الأرحام وما تزداد) ، قال: "الغيض" : الحامل ترى الدم في حملها، وهو "الغيض" وهو نقصان من الولد. فما زادت على التسعة الأشهر فهي الزيادة، وهو تمامٌ للولادة.
20178- حدثنا ابن المثنى قال: حدثنا عبد الوهاب قال: حدثنا داود، عن عكرمة في هذه الآية: (الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام) ، قال: كلما غاضت بالدم، زاد ذلك في الحمل.
20179- قال: حدثنا عبد الأعلى قال: حدثنا داود، عن عكرمة نحوه.
20180- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا عباد بن العوّام، عن عاصم، عن عكرمة: (وما تغيض الأرحام) قال: غيض الرحم: الدم على الحمل كلما غاض الرحم من الدم يومًا زاد في الحمل يومًا حتى تستكمل وهي طاهرةٌ.
20181- قال: حدثنا عباد، عن سعيد، عن يعلى بن مسلم، عن سعيد بن جبير، مثله.
20182- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا الوليد بن صالح قال: حدثنا أبو يزيد، عن عاصم، عن عكرمة في هذه الآية: (وما تغيض الأرحام) ، قال: هو الحيض على الحمل= (وما تزداد) قال: فلها بكل يوم حاضت على حملها يوم تزداده في طهرها حتى تستكمل تسعة أشهر طاهرًا.
20183- قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا عمران بن حدير، عن عكرمة في قوله: (وما تغيض الأرحام وما تزداد) قال: ما رأت الدم في حملها زاد في حملها.
20184- حدثنا عبد الحميد بن بيان قال: أخبرنا إسحاق، عن جويبر،
عن الضحاك، في قوله: (وما تغيض الأرحام وما تزداد) ما "تغيض" : أقل من تسعة= وما تزداد: أكثر من تسعة.
20185- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا ابن المبارك، عن الحسن بن يحيى قال: سمعت الضحاك يقول: قد يولد المولود لسنتين. قد كان الضحاك وُلد لسنتين، و "الغيض" : ما دون التسعة= (وما تزداد) فوق تسعة أشهر.
20186- قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا سفيان، عن جويبر، عن الضحاك: (وما تغيض الأرحام وما تزداد) قال: دون التسعة، وما تزداد: قال: فوق التسعة.
20187- قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا سفيان، عن جويبر، عن الضَّحاك قال: ولدت لسنتين.
20188- حدثني المثنى قال: حدثنا سويد بن نصر قال: أخبرنا ابن المبارك، عن الحسن بن يحيى قال: حدثنا الضحاك: أن أمه حملته سنتين. قال: (وما تغيض الأرحام) قال: ما تنقص من التسعة= (وما تزداد) قال: ما فوق التسعة. (1)
20189- ... قال: حدثنا عمرو بن عون ; قال: أخبرنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك في قوله: (الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام) ، قال: كل أنثى من خلق الله.
20190- ... قال: حدثنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك= ومنصور، عن الحسن قالا "الغيض" ما دون التسعة الأشهر.
(1) الآثار: 20185، 20187، 20188 - "الضحاك بن مزاحم" ، صاحب التفسير، مضى مرارًا لا تحصى، ولكن يزاد هنا هذا الخبر في ترجمته أنه قال عن نفسه أنه ولد لسنتين. ثم انظر رقم: 20199، أنه ولد وقد نبتت ثناياه.
20191- ... قال: حدثنا سويد قال: أخبرنا ابن المبارك، عن داود بن عبد الرحمن، عن ابن جريج، عن جميلة بنت سعد، عن عائشة قالت: لا يكون الحمل أكثر من سنتين، قدر ما يتحوَّل ظِلُّ مِغْزَل.
20192- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية العوفي: (وما تغيض الأرحام) قال: هو الحمل لتسعة أشهر وما دون التسعة= (وما تزداد) قال: على التسعة.
20193- ... قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن سعيد بن جبير: (وما تغيض الأرحام) قال: حيضُ المرأة على ولدها.
20194- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (وما تغيض الأرحام وما تزداد) . قال: "الغيض" ، السَّقْط= (وما تزداد) ، فوق التسعة الأشهر.
20195- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن سعيد بن جبير: إذا رأت المرأة الدمَ على الحمل، فهو "الغيض" للولد. يقول: نقصانٌ في غذاء الولد، وهو زيادة في الحمل.
20196- حدثنا بشر بن معاذ قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد) قال: كان الحسن يقول: "الغيضوضة" ، (1) أن تضع المرأة لستة أشهر أو لسبعة أشهر، أو لما دون الحدّ= قال قتادة: وأما الزيادة، فما زاد على تسعة أشهر.
20197- حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا قيس، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير قال: غيض الرحم: أن ترى الدم على
(1) "الغيضوضة" ، مصدر "غاض" ، لم تذكره كتب اللغة، وهو حقيق أن يثبت فيها، لأنه من كلام الحسن البصري، وناهيك به فصيحًا وحجة في العربية.
حملها. فكل شيء رأت فيه الدم على حملها، ازدادت على حملها مثل ذلك.
20198-....قال حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن قيس بن سعد، عن مجاهد قال: إذا رأت الحاملُ الدمَ كان أعظمَ للولد.
20199- حدثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد بن سليمان قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وما تغيض الأرحام وما تزداد) ، "الغيض" : النقصان من الأجل، "والزيادة" : ما زاد على الأجل. وذلك أن النساء لا يلدن لعدّةٍ واحدة، يولد المولود لستة أشهر فيعيش، ويولد لسنتين فيعيش، وفيما بين ذلك. قال: وسمعت الضحاك يقول: ولدت لسنتين، وقد نبتت ثناياي.
20200- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (وما تغيض الأرحام) قال: غيض الأرحام: الإهراقة التي تأخذ النساء على الحمل، وإذا جاءت تلك الإهراقة لم يعتدَّ بها من الحمل، ونقص ذلك حملها حتى يرتفع ذلك. وإذا ارتفع استقبلت عِدّةً مستقبلةً تسعة أشهر. وأما ما دامت ترى الدم، فإن الأرحام تغيض وتنقص، والولد يرقّ. فإذا ارتفع ذلك الدم رَبَا الولد واعتدّت حين يرتفع عنها ذلك الدم عدّة الحمل تسعة أشهر، وما كان قبله فلا تعتدُّ به، هو هِرَاقةٌ، يبطل ذلك أجمع أكتع.
* * *
وقوله: (وكل شيء عنده بمقدار) .
20201- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (وكل شيء عنده بمقدار) إي والله، لقد حفظ عليهم رزقهم وآجالهم، وجعل لهم أجلا معلومًا.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: والله عالم ما غاب عنكم وعن أبصاركم فلم تروه، وما شاهدتموه، فعاينتم بأبصاركم، لا يخفى عليه شيء، لأنهم خلقه (1) وتدبيره= "الكبير الذي كل شيء دونه" ، (2) = "المتعال" المستعلي على كل شيء بقدرته.
= وهو "المتفاعل" من "العلو" مثل "المتقارب" من القرب و "المتداني" من الدنوّ. (3)
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: معتدلٌ عند الله منكم، (4) أيها الناس، الذي أسر القول، (5) والذي جهر به، (6) والذي هو مستخفٍ بالليل في ظلمته بمعصية الله= "وسارب بالنهار" ، يقول: وظاهر بالنهار في ضوئه، لا يخفى عليه شيء من ذلك. سواء عنده سِرُّ خلقه وعلانيتهم، لأنه لا يستسرّ عنده شيء ولا يخفى.
* * *
(1) انظر تفسير "الغيب والشهادة" فيما سلف 11: 464، 465.
(2) انظر تفسير "الكبير" فيما سلف 8: 318.
(3) وانظر تفسير "التعالي" فيما سلف 15: 47، تعليق: 1، والمراجع هناك.
(4) انظر تفسير "سواء" فيما سلف من فهارس اللغة (سوى) .
(5) انظر تفسير "الإسرار" فيما سلف ص: 198، تعليق: 1، والمراجع هناك.
(6) انظر تفسير "الجهر" فيما سلف 9: 343 - 349، 358 /11: 368 / 13: 353، تعليق: 4، والمراجع هناك.
يقال منه: "سَرَبَ يَسْرَبُ سُرُوبًا" إذا ظهر، كما قال قيس بن الخطيم:
أَنَّى سَرَيْتِ وَكُنْتِ غَيْرَ سَرُوبِ ... وَتُقَرِّبُ الأحْلامُ غَيْر قَرِيب (1)
يقول: كيف سريت بالليل [على] بُعْد هذا الطريق، (2) ولم تكوني تبرُزين وتظهرين؟
وكان بعضهم يقول: هو السَّالك في سَرْبه: أي في مذهبه ومكانه. (3)
واختلف أهل العلم بكلام العرب في "السّرب" .
فقال بعضهم: "هو آمن في سَرْبه" ، بفتح السين.
وقال بعضهم: "هو آمن في سِرْبه" بكسر السين.
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
20202- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (سواء منكم من أسرّ القول ومن جهر به ومن هو مستخفٍ بالليل وسارب بالنهار) ، يقول: هو صاحبُ ريبة مستخف بالليل. وإذا خرج بالنهار أرَى الناس أنه بريء من الإثم.
20203- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: قال ابن عباس: (وسارب بالنهار) ، ظاهر.
20204- حدثنا ابن بشار قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن عوف، عن أبي رجاء، في قوله: (سواء منكم من أسرّ القول ومن جهر به ومن هو مستخفٍ
(1) ديوانه: 5، واللسان (سرب) وغيرها كثير. ويروى "سربت" بالباء الموحدة أيضًا وقوله: "غير سروب" ، أي: غير مبعدة في مذهبك، أو كما قال أبو جعفر في تفسيره بعد.
(2) الزيادة بين القوسين لا بد منها لتصحيح معنى الكلام.
(3) أرجح أنه يعني أبا عبيدة في مجاز القرآن 1: 323، ولكن لفظه: "سالك في سربه، أي مذاهبه ووجوهه" ، وهو أجود مما في التفسير، وأخشى أن يكون من تحريف الناسخ أو سهوه.
بالليل وساربٌ بالنهار) قال: إن الله أعلم بهم، سواء من اسر القول ومن جهر به، ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار.
20205- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا علي بن عاصم، عن عوف، عن أبي رجاء: (سواء منكم من أسرّ القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار) قال: من هو مستخف في بيته= (وسارب بالنهار) ، ذاهب على وجهه. علمه فيهم واحدٌ.
20206- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (سواء منكم من أسرّ القول ومن جهر به) ، يقول: السر والجهر عنده سواء= (ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار) أما "المستخفي" ففي بيته، وأما "السارب" : الخارج بالنهار حيثما كان. المستخفي غَيْبَه الذي يغيب فيه والخارجُ، عنده سواء.
20207- ... قال: حدثنا الحماني قال: حدثنا شريك، عن خصيف، في قوله: (مستخف بالليل) قال: راكب رأسه في المعاصي= (وسارب بالنهار) قال: ظاهر بالنهار.
20208- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (سواء منكم من أسر القول ومن جهر به) كل ذلك عنده تبارك وتعالى سواء، السر عنده علانية= قوله: (ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار) ، أي: في ظلمه الليل، و "سارب" : أي: ظاهر بالنهار.
20209- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا شريك، عن خصيف، عن مجاهد وعكرمة: (وسارب بالنهار) قال: ظاهر بالنهار.
* * *
و "مَنْ" في قوله: (من أسرّ القول ومَنْ جهر به ومَنْ هو مستخف بالليل) رفع الأولى منهن بقوله: "سواء" . والثانية معطوفة على الأولى، والثالثة على الثانية.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11) }
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.
فقال بعضهم: معناه: لله تعالى ذكرهُ معقِّباتٌ قالوا: "الهاء" في قوله: "له" من ذكر اسم الله.
و "المعقبات" التي تعتقب على العبد. (1) وذلك أن ملائكة الليل إذا صعدت بالنهار أعقبتها ملائكة النهار، فإذا انقضى النهار صعدت ملائكة النهار ثم أعقبتها ملائكة الليل. وقالوا: قيل "معقبات" ، و "الملائكة" : جمع "ملك" مذكر غير مؤنث، وواحد "الملائكة" "معقِّب" ، وجماعتها "مُعَقبة" ، ثم جمع جمعه= أعني جمع "معقّب" بعد ما جمع "مُعَقّبة" = وقيل "معقِّبات" ، كما قيل: "سادات سعد" ، (2) "ورجالات بني فلان" ، جمع "رجال" .
* * *
وقوله: (من بين يديه ومن خلفه) ، يعني بقوله: (من بين يديه) ، من قدام هذا المستخفي بالليل والسارب بالنهار (3) (ومن خلفه) ، من وراء ظهره.
*ذكر من قال ذلك:
20210- حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا
(1) في المطبوعة والمخطوطة: تتعقب "، والصواب ما أثبت."
(2) في المطبوعة "ابناوات سعد" ، وهي في المخطوطة غير منقوطة والصواب ما أثبت يقال "سيد" و "سادة و" سادات "."
(3) انظر تفسير بين يديه "فيما سلف 10: 438، 12: 492."
شعبة، عن منصور، يعني ابن زاذان=، عن الحسن في هذه الآية: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه) قال: الملائكة.
20211- حدثني المثنى قال: حدثنا إبراهيم بن عبد السلام بن صالح القشيري قال: حدثنا علي بن جرير، عن حماد بن سلمة، عن عبد الحميد بن جعفر، عن كنانة العدوي قال: دخل عثمان بن عفان على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أخبرني عن العبد كم معه من ملك؟ قال: ملك على يمينك على حسناتك، وهو أمينٌ على الذي على الشمال، (1) فإذا عملتَ حسنة كُتِبت عشرًا، وإذا عملت سيئة قال الذي على الشمال للذي على اليمين: اكتب! قال: لا لعله يستغفر الله ويتوب! فإذا قال ثلاثًا قال: نعم اكتب أراحنا الله منه، فبئس القرين، ما أقل مراقبته لله، وأقل استحياءَه منّا! يقول الله: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) ، [سورة ق: 18] ، وملكان من بين يديك ومن خلفك، يقول الله: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) ، وملك قابض على ناصيتك، فإذا تواضعت لله رفعك، وإذا تجبَّرت على الله قصمك. وملكان على شفتيك ليس يحفظان عليك إلا الصَّلاة على محمد. وملك قائم على فيك لا يدع الحيّة تدخل في فيك، (2) وملكان على عينيك. فهؤلاء عشرة أملاك على كلّ آدميّ، ينزلون ملائكة الليل على ملائكة النهار، [لأن ملائكة الليل سوى ملائكة النهار] (3) فهؤلاء عشرون ملكًا على كل آدمي، وإبليس بالنهار وولده بالليل. (4)
(1) في المطبوعة وابن كثير: "وهو أمير" ، وأثبت ما في المخطوطة والدر المنثور.
(2) في المخطوطة: "تدخل فيك" ، والصواب ما في المطبوعة والدر المنثور.
(3) زيادة من ابن كثير والدر المنثور، ولا غنى عنها.
(4) الأثر: 20211 - هذا إسناد قد سلف مثله برقم: 1386، 1395. وهو إسناد مشكل منكر.
"إبراهيم بن عبد السلام بن صالح القشيري" ، وسلف "التستري" وكان في ذلك الموضع في ابن كثير "القشيري" ، لا ندري أيهما الصواب، ولم نجد له ذكرًا في شيء من كتب الرجال.
و "علي بن جرير" ، لا يدري منه هو أيضًا، كما قلنا فيما سلف، إلا أني أزيد أن ابن أبي حاتم ترجم في الجرح والتعديل: "علي بن جرير البارودي روى عنه ... سئل أبي عن علي بن جرير البارودي، فقال: صدوق" ، ولا أظنه هذا الذي في إسنادنا، كأن هذا متأخر، ابن أبي حاتم 3 / 1 / 178 وأما "عبد الحميد بن جعفر، فثقة، سلف برقم: 1386."
وأما "كنانة العدوي" ، فهو "كنانة بن نعيم العدوي" ، تابعي ثقة، لم يذكر أنه أدرك عثمان بن عفان أو روى عنه.
فهذا حديث فيه نكارة وضعف شديد، وانفرد بروايته أبو جعفر الطبري عن المثنى. انظر تفسير ابن كثير 4: 503، والدر المنثور 4: 48. وقال ابن كثير: إنه حديث غريب جدًا.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|