عرض مشاركة واحدة
  #909  
قديم 19-07-2025, 08:59 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء السادس عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ إبراهيم
الحلقة (909)
صــ 521 إلى صــ 530





سفيان، عن عبيدٍ المُكْتِب، عن مجاهد، مثله.
20570- حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا عبثر، عن حصين، عن مجاهد، مثله. (1)
20571- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى = ح وحدثني الحارث قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا ورقاء= جميعًا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (بأيام الله) قال: بنعم الله.
20572- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
20573- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
20574- حدثني المثنى قال، أخبرنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وذكرهم بأيام الله) قال: بالنعم التي أنعم بها عليهم، أنجاهم من آل فرعون، وفَلَق لهم البحر، وظلَّل عليهم الغمَام، وأنزل عليهم المنَّ والسَّلوَى.
20575-حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا حبيب بن حسان، عن سعيد بن جبير: (وذكرهم بأيام الله) قال: بنعم الله. (2)
20576- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (وذكرهم بأيام الله) يقول: ذكرهم بنعم الله عليهم.
20577- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن
(1)
الأثر: 20570 - "عبثر" ، هو "عبثر بن القاسم الزبيدي" ، "أبو زبيد الكوفي" ، روى له الجماعة، سلفت ترجمته برقم: 12336، 13255، وانظر: 12402، 17106، 19995.

(2)
الأثر: 20575 - "حبيب بن حسان" ، هو و "حبيب بن أبي الأشرس" . و "حبيب بن أبي هلال" ، منكر الحديث، متروك، سلف برقم: 16528.

معمر، عن قتادة: (وذكرهم بأيام الله) قال: بنعم الله.
20578- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قول الله: (وذكرهم بأيام الله) قال: أيامُه التي انتقم فيها من أهل مَعاصيه من الأمم خَوَّفهم بها، وحذَّرهم إياها، وذكَّرهم أن يصيبهم ما أصابَ الذين من قبلهم.
20579- حدثني المثنى قال، حدثنا الحِمَّاني قال، حدثنا محمد بن أبان، عن أبي إسحاق، عن سعد بن جبير، عن ابن عباس. عن أبيّ، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (وذكرهم بأيام الله) ، قال: نعم الله. (1)
(1)
الأثر: 20579 - "الحماني" (بكسر الحاء وتشديد الميم) ، هو "يحيي بن عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني" ، متكلم فيه، ووثقه يحيي بن معين. وانظر ما قاله أخي السيد أحمد رحمه الله في توثيقه فيما سلف رقم: 6892.

و "محمد بن أبان بن صالح بن عمير الجعفي" ، متكلم في حفظه، سلف برقم: 2720، 11515، 11516.
و "أبو إسحق" ، هو السبيعي، مضى مرارًا.
هذا إسناد أبي جعفر. وقد رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائده على مسند أبيه (المسند 5: 122) ، وإسناده:
"حدثنا عبد الله، حدثني أَبي، حدثنا يحيى بن عبد الله، مولى بني هاشم، حدثنا محمد بن أبان الجعفيّ، عن أَبي إِسحق، عن سعيد بن جبير ..."
= و "يحيى بن عبد الله، مولى بني هاشم" ، هو "يحيى بن عبدويه، مولى عبيد الله ابن المهدي" ، متكلم فيه، سئل عنه يحيى بن معين فقال: هو في الحياة؟ فقالوا: نعم. فقال: كذاب، رجل سوء. وروى الخطيب في تاريخ بغداد أن أحمد بن حنبل حث ولده عبد الله على السماع من يحيى بن عبدويه، وأثنى عليه. مترجم في ابن أبي حاتم 4 / 2 / 173، وتاريخ بغداد 14: 165، وتعجيل المنفعة: 443، وميزان الاعتدال 3: 296.
وهذا الخبر نقله ابن كثير في تفسيره: 5: 545، عن المسند، وخرجه السيوطي في الدر المنثور 4: 70، وزاد نسبته إلى النسائي، وابن أبي حاتم، وابن المنذر، وابن مردويه، والبيهقي في شعب الإيمان.
وقد روى عبد الله بن أحمد في المسند 5: 122 قال: "حدثنا أبو عبد الله العنبري، حدثنا أبو الوليد الطيالسي، حدثنا محمد بن أبان، عن أبي إسحق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس عن أبي، نحوه ولم يرفعه" .
قال ابن كثير، وأشار على هذا الخبر: "ورواه عبد الله بن أحمد أيضًا موقوفًا، وهو أشبه" .
قلت: ومدار هذه الأسانيد على "محمد بن أبان الجعفي" ، وقد قيل في سوء حفظه وضعفه ما قيل.
20580- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق، عن الثوري، عن عبيد الله أو غيره، عن مجاهد: (وذكرهم بأيام الله) قال: بنعم الله.
* * *
(إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) ، يقول: إن في الأيام التي سلفت بنِعَمِي عليهم = يعني على قوم موسى= (لآيات) ، يعني: لعِبرًا ومواعظ (1) = (لكل صبار شكور) ،: يقول: لكل ذي صبر على طاعة الله، وشكرٍ له على ما أنعم عليه من نِعَمه. (2)
20581- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا هشام، عن عمرو، عن سعيد، عن قتادة، في قول الله عز وجلّ: (إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور) قال: نعمَ العبدُ عَبْدٌ إذا ابتلى صَبَر، وإذا أعْطِي شَكَر.
* * *
(1)
انظر تفسير "الآية" فيما سلف من فهارس اللغة (أيي) .

(2)
انظر تفسير "الصبر" فيما سلف 13: 35، تعليق: 4، والمراجع هناك.

= وتفسير "الشكر" فيما سلف 3: 212، 213.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (6) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمدٍ صلى الله عليه وسلم: واذكر، يا محمد، إذ قال موسى بن عمْران لقومه من بني إسرائيل: (اذكروا نعمة الله عليكم) ، التي أنعم بها عليكم = (إذ أنجاكم من آل فرعون) ، يقول: حين أنجاكم من أهل دين فرعون وطاعته (1) = (يسومونكم سوء العذاب) ، أي يذيقونكم
(1)
انظر تفسير "الإنجاء" فيما سلف 15: 53، 194، 195.

شديدَ العذاب (1) (ويذبحون أبناءكم) ، مع إذاقتهم إياكم شديد العذاب [يذبحون] أبناءكم. (2)
* * *
وأدْخلت الواو في هذا الموضع، لأنه أريد بقوله: (ويذبحون أبناءكم) ، الخبرُ عن أن آل فرعون كانوا يعذبون بني إسرائيل بأنواع من العذاب غير التذبيح وبالتذبيح. وأما في موضعٍ آخر من القرآن، فإنه جاء بغير الواو: (يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ) [سورة البقرة: 49] ، في موضع، وفي موضع (يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ) [سورة الأعراف: 141] ، ولم تدخل الواو في المواضع التي لم تدخل فيها لأنه أريد بقوله: (يذبحون) ، وبقوله: (يقتلون) ، تبيينه صفات العذاب الذي كانوا يسومونهم. وكذلك العملُ في كل جملة أريد تفصيلُها،فبغير الواو تفصيلها، وإذا أريد العطف عليها بغيرها وغير تفصيلها فبالواو. (3)
* * *
20582- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن الزبير، عن ابن عيينة، في قوله: (وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم) ، أيادي الله عندكم وأيامه. (4)
* * *
وقوله: (ويستحيون نساءكم) ، يقول: ويُبقون نساءكم فيتركون قتلهن،
(1)
انظر تفسير "السوم" فيما سلف 2: 40 / 13، 85، ثم مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 335.

= وتفسير "سوء العذاب" فيما سلف 2: 40 / 13: 85.
(2)
من أول قوله: "مع إذاقتهم ..." ساقط من المطبوعة. و "يذبحون" التي بين القوسين. ساقطة من المطبوعة.

(3)
في المطبوعة: "فالواو" ، لم يحسن قراءة المخطوطة.

(4)
الأثر: 20582 - "عبد الله بن الزبير بن عيسى الحميدي" ، سلف برقم: 9914، 11622، وقد أطلت الكلام في نسبه، في جمهرة أنساب قريش للزبير بن بكار 1: 449، تعليق: 1، ويزاد عليه: الانتقاء لابن عبد البر: 104، وأول مسند الحميدي، الذي طبع في الهند حديثًا.

وذلك استحياؤهم كَان إياهُنَّ = وقد بينا ذلك فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع (1) = ومعناه: يتركونهم والحياة، (2) ومنه الخبر الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"اقْتُلُوا شُيوخَ المشركين وَاسْتَحْيُوا شَرْخَهُمْ" ، (3) بمعنى: استبقُوهم فلا تقتلوهم.
* * *
= (وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم) ، يقول تعالى: وفيما يصنعُ بكم آلُ فرعون من أنواع العذاب، بلاءٌ لكم من ربكم عظيمٌ، أي ابتلاء واختبارٌ لكم، من ربكم عظيم. (4) وقد يكون "البلاء" ، في هذا الموضع نَعْماء، ويكون: من البلاء الذي يصيب النَّاس من الشدائد. (5)
* * *
(1)
انظر تفسير "الاستحياء" فيما سلف 2: 41 - 48 / 13: 41، 85.

(2)
في المطبوعة: "يتركونهم" والحياة هي الترك "، زاد" هي الترك "بسوء ظنه."

(3)
هذا الخبر رواه أحمد في مسنده في موضعين 5: 12، 20 في مسند سمرة بن جندب، من طريق أبي معاوية، عن الحجاج، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة = ثم طريق هشيم، عن حجاج ابن أرطأة، عن قتادة، ومن هذه الثانية قال: "واستبقوا شرخهم" .

ورواه أبو داود في سننه 3: 73، من طريق سعيد بن منصور، عن هشيم، عن حجاج.
ورواه الترمذي في أبواب السير، "باب ما جاء في النزول على الحكم" ، من طريق أبي الوليد الدمشقي، عن الوليد بن مسلم، عن سعيد بن بشير، عن قتادة. وقال: "هذا حديث حسن غريب، ورواه الحجاج بن أرطاة عن قتادة نحوه" . وفيه: "واستحيوا" . ثم قال: "والشرخ: الغلمان الذين لم ينبتوا" .
وقال عبد الله بن أحمد (المسند 5: 12) : "سألت أبي عن تفسير هذا الحديث: اقتلوا شيوخ المشركين؟ قال: يقول: الشيخ لا يكاد أن يسلم، والشاب، أي يسلم، كأنه أقرب إلى الإسلام من الشيخ. قال: الشرخ، الشباب" .
(4)
انظر تفسير "البلاء" فيما سلف 15، 250، تعليق: 4، والمراجع هناك.

(5)
في المطبوعة: "وقد يكون معناه من البلاء الذي قد يصيب الناس في الشدائد وغيرها" ، زاد في الجملة ما شاء له هواه وغير، فأساء غفر الله له.

القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7) }
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: واذكروا أيضًا حين آذنكم رَبُّكم.
* * *
= و "تأذن" ، "تفعَّل" من "آذن" . والعرب ربما وضعت "تفعَّل" موضع "أفعل" ، كما قالوا: "أوعدتُه" "وتَوعَّدته" ، بمعنى واحد. و "آذن" ، أعلم، (1) كما قال الحارث بن حِلِّزة:
آذَنَتْنَا بِبَيْنِهَا أَسْمَاءُ ... رُبَّ ثَاوٍ يُمَلُّ مِنْهُ الثَّوَاءُ (2)
يعني بقوله: "آذنتنا" ، أعلمتنا.
* * *
وذكر عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقرأ: (وإذ تأذن ربكم) : "وَإِذْ قَالَ رَبُّكُمْ" :-
20583- حدثني بذلك الحارث قال، حدثني عبد العزيز قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش عنه. (3)
20584- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: (وإذ تأذن ربكم) ، وإذ قال ربكم، ذلك "التأذن" .
* * *
وقوله: (لئن شكرتم لأزيدنكم) ، يقول: لئن شكرتم ربَّكم، بطاعتكم إياه
(1)
انظر تفسير "أذن" فيما سلف 13: 204، ثم تفسير "الإذن" فيما سلف من فهارس اللغة. ثم انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 345.

(2)
مطلع طويلته المشهورة، انظر شرح القصائد السبع لابن الأنباري: 433.

(3)
الأثر: 20583 - "الحارث" ، هو "الحارث بن أبي أسامة" منسوبًا إلى جده، وهو "الحارث بن محمد بن أبي أسامة التميمي" ، شيخ الطبري، ثقة، سلف مرارًا آخرها رقم: 14333.

و "عبد العزيز" ، هو "عبد العزيز بن أبان الأموي" ، كذاب خبيث يضع الأحاديث، مضى مرارًا كثيرة آخرها رقم 14333.
فيما أمركم ونهاكم، لأزيدنكم في أياديه عندكم ونعمهِ عليكم، على ما قد أعطاكم من النجاة من آل فرعون والخلاص مِنْ عذابهم.
* * *
وقيل في ذلك قولٌ غيره، وهو ما:-
20585- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا الحسين بن الحسن قال، أخبرنا ابن المبارك قال، سمعت علي بن صالح، يقول في قول الله عز وجل: (لئن شكرتم لأزيدنكم) ، قال: أي من طاعتي.
20586- حدثنا المثنى قال، حدثنا يزيد قال، أخبرنا ابن المبارك قال: سمعت علي بن صالح، فذكر نحوه.
20587- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان: (لئن شكرتم لأزيدنكم) ، قال: من طاعتي.
20588- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا مالك بن مغول، عن أبان بن أبي عياش، عن الحسن، في قوله: (لئن شكرتم لأزيدنكم) ، قال: من طاعتي.
* * *
قال أبو جعفر: ولا وجهَ لهذا القول يُفْهَم، لأنه لم يجرِ للطاعة في هذا الموضع ذكرٌ فيقال: إن شكرتموني عليها زدتكم منها، وإنما جَرَى ذكر الخبر عن إنعام الله على قوم موسى بقوله: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ) ، ثم أخبرهم أن الله أعلمهم إن شكروه على هذه النعمة زادهم. فالواجب في المفهوم أن يكون معنى الكلام: زادهم من نعمه، لا مما لم يجرِ له ذكر من "الطاعة" ، إلا أن يكون أريد به: لئن شكرتم فأطعتموني بالشكر، لأزيدنكم من أسباب الشكر ما يعينكم عليه، فيكون ذلك وجهًا.
* * *
وقوله: (ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) ، يقول: ولئن كفرتم، أيها القوم، نعمةَ الله، فجحدتموها بتركِ شكره عليها وخلافِه في أمره ونهيه، وركوبكم معاصيه = (إن عَذَابي لشديد) ، أعذبكم كما أعذب من كفر بي من خلقي.
* * *
وكان بعض البصريين يقول في معنى قوله: (وإذ تأذن ربكم) ، وتأذّن ربكم: ويقول: "إذ" من حروف الزوائد، (1) وقد دللنا على فساد ذلك فيما مضى قبل. (2)
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وقال موسى لقومه: إن تكفروا، أيها القوم، فتجحدوا نعمةَ الله التي أنعمها عليكم، أنتم = ويفعل في ذلك مثل فعلكم مَنْ في الأرض جميعًا = (فإن الله لغني) عنكم وعنهم من جميع خلقه، لا حاجة به إلى شكركم إياه على نعمه عند جميعكم (3) (حميد) ، ذُو حمد إلى خلقه بما أنعم به عليهم، (4) كما: -
20589- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن هاشم قال، أخبرنا سيف، عن أبي روق، عن أبي أيوب، عن علي: (فإن الله لغني) ، قال: غني عن خلقه = (حميد) ، قال: مُسْتَحْمِدٌ إليهم. (5)
(1)
هو أبو عبيدة في مجاز القرآن 1: 345.

(2)
انظر ما سلف 1: 439 - 444 ويزاد في المراجع ص: 439، تعليق: 1 أن قول أبي عبيدة هذا في مجاز القرآن 1: 36، 37.

(3)
انظر تفسير "الغني" فيما سلف 15: 145، تعليق: 2، والمراجع هناك.

(4)
انظر تفسير "الحميد" ، فيما سلف قريبًا: 512، تعليق: 1، والمراجع هناك.

(5)
في أساس البلاغة: "استحمد الله إلى خلقه، بإحسانه إليهم، وإنعامه عليهم" ، وقد سلف "استحمد" في خبر آخر رقم: 8349 في الجزء 7: 470، وهو مما ينبغي أن يقيد على كتب اللغة الكبرى، كاللسان والتاج وأشباههما.

القول في تأويل قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره، مخبرًا عن قيل موسى لقومه: يا قوم (ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم) ، يقول: خبر الذين من قبلكم من الأمم التي مضت قبلكم (1) = (قومِ نوح وعاد وثمودَ) ، وقوم نوح مُبيَّنٌ بهم عن "الذين" ، (2) و "عاد" معطوف بها على "قوم نوح" ،= (والذين من بعدهم) ، يعني من بعد قوم نوح وعاد وثمود = (لا يعلمهم إلا الله) ، يقول: لا يحصي عَدَدهم ولا يعلَمُ مبلغهم إلا الله، كما: -
20590- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون: (وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله) ، قال: كذَب النسَّابون. (3)
(1)
انظر تفسير "النبأ" فيما سلف 15: 147، تعليق: 2، والمراجع هناك.

(2)
في المطبوعة والمخطوطة: "وقوم عاد فبين بهم عن الذين" ، وهذا كلام لا معنى له، وإنما سها الناسخ، ومراده أن "قوم نوح" ، بدل من "الذين" ، و "التبيين" ، هو البدل، ذكر ذلك الأخفش (همع الهوامع 2: 125) . ويقال له أيضًا "التفسير" ، كما أسلفت في الجزء 12: 7، تعليق: 1، ويقال له أيضًا: "التكرير" ، (همع الهوامع 2: 125) .

(3)
الآثار: 20590 - 20593 - خرجها السيوطي في الدر المنثور 4: 71، وزاد نسبته إلى عبيد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.

وإسناد هذا الخبر صحيح.
20591- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله بن مسعود، بمثل ذلك.
20592- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون قال، حدثنا ابن مسعود، أنه كان يقرؤها: "وَعَادًا وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلا اللهُ" ، ثم يقول: كذب النسابون.
20593- حدثني ابن المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عيسى بن جعفر، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله، مثله. (1)
* * *
وقوله: (جاءتهم رسلهم بالبينات) ، يقول: جاءت هؤلاء الأمم رسلُهم الذين أرسلهم الله إليهم بدعائهم إلى إخلاص العبادة له = "بالبينات" ، يعني بحججٍ ودلالاتٍ على حقيقة ما دعوهم إليه من مُعْجِزاتٍ. (2)
* * *
وقوله: (فردوا أيديهم في أفواههم) ، اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك. فقال بعضهم: معنى ذلك: فعضُّوا على أصابعهم، تغيُّظًا عليهم في دعائهم إياهم إلى ما دَعَوهم إليه.
(1)
الأثر: 20593 - "ابن المثنى" ، هو "محمد بن المثنى العنزي" ، الحافظ، المعروف بالزمن، شيخ الطبري، روي عنه ما لا يحصى كثرة، مضى مرارًا، انظر: 2734، 2740، 5440، 10314.

و "عيسى بن جعفر" ، هذا خطأ لا شك فيه، وإنما الصواب "محمد بن جعفر الهذلي" ، وهو "غندر" ، روي عند "ابن المثنى" في مواضع من التفسير لا تعد كثرة، انظر ما سلف من الأسانيد مثلا: 35، 101، 194، 208، 419، في الجزء الأول من التفسير، وفي الجزء الثامن: 8761، 8810، 8863، 8973، وفيه "المثنى" ، وصوابه "ابن المثنى" . وغير هذه كثير.
(2)
انظر تفسير "البينات" فيما سلف 13: 14، تعليق: 2، والمراجع هناك.

= هذا، وكان في المطبوعة: "يعني بالحجج الواضحات، والدلالات البينات الظاهرات على حقيقة ما دعوهم إليه معجزات" ، زاد في الكلام غثاء كثيرًا، كأنه غمض عليه نص أبي جعفر، فأراد أن يوضحه بما ساء وناء.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 49.47 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.85 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.27%)]