
19-07-2025, 09:02 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,530
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
 تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء السادس عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ إبراهيم
الحلقة (910)
صــ 531 إلى صــ 540
* ذكر من قال ذلك:
20594- حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى، قالا حدثنا عبد الرحمن، قال حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله: (فردوا أيديهم في أفواههم) ، قال: عضوا عليها تغيُّظًا.
20595- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، في قوله: (فردوا أيديهم في أفواههم) ، قال: غيظًا، هكذا، وعضَّ يده.
20596- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله: (فردوا أيديهم في أفواههم) ، قال: عضُّوها. (1)
20597- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن رجاء البصريّ قال، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله في قول الله عز وجل: (فردوا أيديهم في أفواههم) ، قال: عضوا على أصابعهم. (2)
(1) الآثار: 20594 - 20596 - خبر "سفيان الثوري، عن أبي إسحق" ، أخرجه الحاكم في المستدرك 2: 351، من طريق عبد الرزاق، وهو هنا رقم: 20595، ولفظه في المستدرك:
"قال عبد الله كذا، وردَّ يده في فيه، وعضَّ يده، وقال: عضُّوا على أصابعهم غيظًا" .
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح بالزيادة على شرطهما" ، ووافقه الذهبي.
وخرجه السيوطي في الدر المنثور 4: 72، وزاد نسبته إلى عبد الرزاق، والفريابي، وأبي عبيد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني. وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 7: 43، وقال: رواه الطبراني عن شيخه، عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم، وهو ضعيف ". ولم يذكر هو ولا السيوطي الحديث بزيادة الحاكم."
وسيأتي الخبر عن "سفيان الثوري" و "إسرائيل" برقم: 20603.
(2) الأثر: 20597 - "إسرائيل" ، هو "إسرائيل بن يونس بن أبي إسحق السبيعي" ، روى عن جده، ومضى مرارًا كثيرة لا تعد.
و "عبد الله بن رجاء بن عمرو الغداني البصري" ، ثقة، كان حسن الحديث عن "إسرائيل" سلفت ترجمته برقم: 2814، 2939، 16973.
وهذا الخبر، رواه الحاكم في المستدرك، من طريق: "عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل" ،
وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه" ، ووافقه الذهبي، وسيأتي من طريق أبي أحمد الزبيري، عن إسرائيل، وسفيان جميعًا برقم: 20603. وانظر تخريج الآثار السالفة.
20598- حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله: (فردوا أيديهم في أفواههم) ، قال: عضوا على أطراف أصابعهم. (1)
20599- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن هبيرة، عن عبد الله أنه قال في هذه الآية: (فردوا أيديهم في أفواههم) ، قال: أن يجعل إصْبعه في فيه.
20600- حدثنا الحسن بن محمد، قالا حدثنا أبو قطن قال، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن هبيرة، عن عبد الله في قول الله عز وجلّ: (فردوا أيديهم في أفواههم) ، ووضع شُعبة أطرافَ أنامله اليُسرى على فيه.
20601- حدثنا الحسن قال، حدثنا يحيى بن عباد قال، حدثنا شعبة قال، أخبرنا أبو إسحاق، عن هبيرة قال، قال عبد الله (فردوا أيديهم في أفواههم) ، قال: هكذا، (2) وأدخل أصابعه في فيه.
20602- حدثنا الحسن قال، حدثنا عفان قال، حدثنا شعبة، قال أبو إسحاق: أنبأنا عن هبيرة، عن عبد الله أنه قال في هذه الآية: (فردوا أيديهم في أفواههم) ، قال أبو علي: وأرَانا عفان، وأدخل أطراف أصابع كفّه مبسوطةً في فيه، وذكر أن شعبة أراه كذلك. (3)
(1) الأثر: 20598 - هذه طريق ثالثة لخبر أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود: "شريك، عن أبي إسحق: عن أبي الأحوص، عن عبد الله" ،. وانظر الآثار السالفة.
(2) "قال هكذا" ، أي أشار. وقد سلف مرارًا تفسير "قال" بهذا المعنى.
(3) الآثار: 20599 - 20602 - هذه الثلاثة، طريق أخرى لخبر عبد الله بن مسعود، من حديث هبيرة عنه.
و "أبو قطن" ، هو "عمرو بن الهثيم بن قطن الزبيري" ، "أبو قطن البصري" ، ثقة، في الطبقة الرابعة من أصحاب شعبة. مضى برقم: 18674، 20091، 20420.
و "يحيى بن عباد الضبعي" ، "أبو عباد" ، من شيوخ أحمد، والحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني، ثقة، ولكنه ضعيف. مضى برقم: 20010، 20091
و "هبيرة بن مريم الشبامي" ، تابعي ثقة، لم يرو عنه غير أبي إسحق السبيعي، مضى برقم: 3001، 5468.
20603- حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله: (فردوا أيديهم في أفواههم) ، قال: عضُّوا على أناملهم. وقال سفيان: عضُّوا غيظًا. (1)
20604- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: (فردوا أيديهم في أفواههم) ، فقرأ: "عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأنَامِلَ مِنَ الْغيْظِ" [سورة آل عمران: 119] ، قال: هذا، (ردُّوا أيديهم في أفواههم) . (2) قال: أدخلوا أصابعهم في أفواههم. وقال: إذا اغتاظ الإنسان عضَّ يده.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أنهم لما سمعوا كتابَ الله عجبوا منه، ووضعوا أيديهم على أفواههم.
* ذكر من قال ذلك:
20605- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (فردوا أيديهم في أفواههم) ، قال: لما سمعوا كتابَ الله عجِبُوا ورَجَعوا بأيديهم إلى أفواههم.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك أنهم كذبوهم بأفواههم.
* ذكر من قال ذلك:
20606- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا
(1) الأثر: 20603 - انظر التعليق على الآثار السالفة.
(2) في المطبوعة: "وقال: معنى: ردوا أيديهم في أفواههم" ، عبث باللفظ وأساء غاية الإساءة.
عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد = ح وحدثني الحارث قال، حدثنا الحسن قال، حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: (فردوا أيديهم في أفواههم) ، قال: ردوا عليهم قولهم وكذَّبوهم.
20607- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
20608- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
20609- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم) ، يقول: قومُهم كذّبوا رسلهم وردُّوا عليهم ما جاءوا به من البينات، وردُّوا عليهم بأفواههم، وقالوا: إنا لفي شك مما تَدعوننا إليه مُرِيب.
20610- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: (فردوا أيديهم في أفواههم) ، قال: ردوا على الرسل ما جاءت به.
* * *
قال أبو جعفر: وكأنّ مجاهدًا وجَّه قوله: (فردُّوا أيديهم في أفواههم) ، إلى معنى: ردُّوا أيادى الله التي لو قبلوها كانت أياديَ ونعمًا عندهم، فلم يقبلوها= ووجَّه قوله: (في أفواههم) ، إلى معنى: بأفواههم، يعني: بألسنتهم التي في أفواههم (1) .
* * *
وقد ذكر عن بعض العرب سَماعًا: "أدخلك الله بالجنَّة" ، يعنون: في الجنة، وينشد هذا البيت (2)
(1) انظر ما سلف: 515، تعليق: 6.
(2) لم أعرف قائله. ومنشده هو الفراء، كما في اللسان (فيا) .
وَأَرْغَبُ فِيهَا عَنْ لَقِيطٍ وَرَهْطِهِ ... وَلَكِنَّنِي عَنْ سِنْبِسٍ لَسْتُ أَرْغَبُ (1)
يريد: وأرغب بها، يعنى بابنة له، (2) عن لقيط، ولا أرغبُ بها عن قبيلتي.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك أنهم كانوا يَضَعُون أيديهم على أفواه الرّسل ردًّا عليهم قولَهم، وتكذيبًا لهم.
* * *
وقال آخرون: هذا مَثَلٌ، وإنما أُرِيد أنهم كفُّوا عَمَّا أُمروا بقَوْله من الحق، (3) ولم يؤمنوا به ولم يسلموا. وقال: يقال لِلرَّجل إذا أمسَك عن الجواب فلم يجبْ: "ردّ يده في فمه" . وذكر بعضهم أن العرب تقول: "كلمت فلانًا في حاجة فرَدّ يدَه في فيه" ، إذا سكت عنه فلم يجب. (4)
* * *
قال أبو جعفر: وهذا أيضًا قول لا وَجْه له، لأن الله عزَّ ذكره، قد أخبر عنهم أنهم قالوا: "إنا كفرنا بما أرسلتم به" ، فقد أجابوا بالتكذيب.
* * *
قال أبو جعفر:-
وأشبه هذه الأقوال عندي بالصواب في تأويل هذه الآية، القولُ الذي ذكرناه عن عبد الله بن مسعود: أنهم ردُّوا أيديهم في أفواههم،
(1) اللسان (فيا) ، وسيأتي في التفسير 17: 105 (بولاق) وأنشده في اللسان عن الفراء: وأَرغبُ فيها عن عُبَيْدٍ ورَهْطِهِ ... ولكنْ بِهَا عن سِنْبسٍ لستُ أَرغَبُ
(2) كان في المطبوعة: "يريد: وأرغب فيها، يعني أرغب بها عن لقيط" ، لم يحسن قراءة المخطوطة لأن فيها "وأرغب فيها" مكان "وأرغب بها" ، ولأنه كتبت "بابنت" بتاء مفتوحة، وغير منقوطة فضل، فتصرف، فأضل، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
(3) في مجاز القرآن لأبي عبيدة "بقوله" ، مكان "بقبوله" فأثبته، ولم أثبت ما في المخطوطة والمطبوعة، وما وافقهما في فتح الباري (8: 285) ، لأن قول أبي جعفر بعد: "لأن الله عز وجل قد أخبر عنهم أنهم قالوا ..." ، دليل على صوابه.
(4) هذا قول أبي عبيدة في مجاز القرآن 1: 336، ولكنه في المطبوع من مجاز القرآن مختصر جدًا، وكأن هذا الموضع من "مجاز القرآن" مضطرب وفيه خروم، كما أسلفت بيان ذلك في ص: 519 تعليق رقم: 2.
فعضُّوا عليها، غيظاً على الرسل، كما وصف الله جل وعز به إخوانهم من المنافقين، فقال: (وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ) [سورة آل عمران: 119] . فهذا هو الكلام المعروف والمعنى المفهوم من "ردِّ اليدِ إلى الفم" .
* * *
وقوله: (وقالوا إنّا كفرنا بمَا أرسلتم به) ، يقول عز وجل: وقالوا لرسلهم: إنا كفرنا بما أرسلكم به مَنْ أرسلكم، من الدعاء إلى ترك عبادة الأوثان والأصنام = (وإنا لفي شك) من حقيقة ما تدعوننا إليه من توحيد الله = (مُريب) ، يقول: يريبنا ذلك الشك، أي يوجب لنا الريبَة والتُّهمَةَ فيه.
* * *
= يقال منه: "أرابَ الرجل" ، إذا أتى بريبة، "يُريبُ إرابةً" . (1)
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (10) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قالت رُسل الأمم التي أتتها رسُلها: (أفي الله) ، (2) أنه المستحق عليكم، أيها الناس، الألوهة والعبادةَ دون جميع
(1) انظر تفسير "الريب" فيما سلف من فهارس اللغة (ريب) ، وتفسير "الإرابة فيما سلف 15: 370، 493."
(2) في المخطوطة: "أفي الناس" ، وهو سهو منه.
خلقه = (شك) = وقوله: (فاطر السماوات والأرض) ، يقول: خالق السماوات والأرض (1) (يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم) ، يقول: يدعوكم إلى توحيده وطاعته = (ليغفر لكم من ذنوبكم) ، يقول: فيستر عليكم بعضَ ذنوبكم بالعفو عنها، فلا يعاقبكم عليها، (2) (ويؤخركم) ، يقول: وينسئ في آجالكم، (3) فلا يعاقبكم في العاجل فيهلككم، ولكن يؤخركم إلى الوقت الذي كتبَ في أمّ الكتاب أنه يقبضكم فيهِ، وهو الأجل الذي سمَّى لكم. (4) فقالت الأمم لهم: (إن أنتم) ، أيها القوم (إلا بشرٌ مثلنا) ، في الصورة والهيئة، ولستم ملائكة، (5) وإنما تريدون بقولكم هذا الذي تقولون لنا = (أن تصدُّونا عما كان يعبدُ آباؤنا) ، يقول: إنما تريدون أن تصرِفونا بقولكم عن عبادة ما كان يعبدُه من الأوثان آباؤنا (6) = (فأتونا بسلطان مبين) ، يقول: فأتونا بحجة على ما تقولون تُبين لنا حقيقتَه وصحتَه، فنعلم أنكم فيما تقولون محقُّون. (7)
* * *
(1) انظر تفسير "فطر" فيما سلف: 287، تعليق: 2، والمراجع هناك.
(2) انظر تفسير "المغفرة" فيما سلف من فهارس اللغة (غفر) ، ثم انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 336، في بيان زيادة "من" في الآية.
(3) انظر تفسير "التأخير" فيما سلف من فهارس اللغة (أخر) .
(4) انظر تفسير "الأجل" فيما سلف: 476، تعليق: 4، والمراجع هناك.
= وتفسير "مسمى" فيما سلف: 326، تعليق: 1، والمراجع هناك.
(5) انظر تفسير "بشر" فيما سلف 15: 295، تعليق: 2، والمراجع هناك.
(6) انظر تفسير "الصد" فيما سلف: 515، تعليق: 2، والمراجع هناك.
(7) انظر تفسير "السلطان" فيما سلف: 106، تعليق: 1، والمراجع هناك.
= وتفسير "مبين" فيما سلف من فهارس اللغة (بين) .
القول في تأويل قوله عز ذكره: {قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قالت الأمم التي أتتهم الرّسلُ رُسُلهم: (1) (إن نحن إلا بشر مثلكم) ، صدقتم في قولكم، إن أنتم إلا بشر مثلنا، فما نحنُ إلا بَشَر من بني آدم، إنسٌ مثلكم (2) = (ولكنّ الله يمنُّ على من يشاء من عباده) ، يقُول: ولكن الله يتفضل على من يشاء من خلقه، (3) فيهديه ويوفقه للحقّ، ويفضّله على كثير من خلقه = (وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان) ، يقول: وما كان لنا أن نأتيكم بحجة وبرهان على ما ندعوكم إليه (4) = (إلا بإذن الله) ، يقول: إلا بأمر الله لنا بذلك (5) = (وعلى الله فليتوكل المؤمنون) ، يقول: وبالله فليثق به من آمن به وأطاعه، فإنا به نثق، وعليه نتوكل. (6)
20610م - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله: (فأتونا بسلطان مبين) ، قال: "السلطان المبين" ، البرهان والبينة. وقوله: (مَا لَمْ يُنزلْ بِهِ سُلْطَانًا) [سورة آل عمران: 151 / سورة الأعراف: 7 / سورة الحج: 71] ، قال: بينَةً وبرهانًا.
* * *
(1) في المطبوعة: "قال الأمم التي أتتهم الرسل لرسلهم" ، وهو لا يفهم، وفي المخطوطة: "قالت الأمم التي أتتهم الرسل رسلهم" ، وصوابها "للأمم" ، و "رسلهم" فاعل "قالت" .
(2) انظر تفسير "البشر" فيما سلف قريبًا: 537، تعليق: 5
(3) انظر تفسير "المن" فيما سلف 7: 369/9: 71/11: 389.
(4) انظر تفسير "السلطان" فيما سلف قريبًا.
(5) انظر تفسير "الإذن" فيما سلف: 526، تعليق: 1، والمراجع هناك.
(6) انظر تفسير "التوكل" فيما سلف 166، تعليق: 2، والمراجع هناك.
القول في تأويل قوله عز ذكره: {وَمَا لَنَا أَلا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره، مخبًرا عن قِيل الرسل لأممها: (وما لنا أن لا نتوكل على الله) ، فنثق به وبكفايته ودفاعه إياكم عنَّا = (وقد هدانا سُبُلنا) ، يقول: وقد بَصَّرنا طريقَ النجاة من عذابه، فبين لنا (1) = (ولنصبرنَّ على ما آذيتمونا) ، في الله وعلى ما نلقى منكم من المكروه فيه بسبب دُعائنا لكم إلى ما ندعوكم إليه، (2) من البراءة من الأوثان والأصنام، وإخلاص العبادة له = (وعلى الله فليتوكل المتوكلون) ، يقول: وعلى الله فليتوكل من كان به واثقًا من خلقه، فأما من كان به كافرًا فإنّ وليَّه الشيطان.
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (14) }
قال أبو جعفر: يقول عزّ ذكره: وقال الذين كفروا بالله لرسلهم الذين أرسلوا إليهم، حين دعوهم إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له، وفراق عبادة الآلهة والأوثان=
(1) انظر تفسير "الهدى" فيما سلف من فهارس اللغة (هدى) .
= وتفسير "السبيل" فيما سلف من فهارس اللغة (سبل) .
(2) انظر تفسير "الأذى" فيما سلف 14: 324، تعليق: 1، والمراجع هناك.
(لنخرجنَّكم من أرضنا) ، يعنون: من بلادنا فنطردكم عنها = (أو لتعودن في مِلّتنا) ، يعنون: إلا أن تَعُودوا في دِيننا الذي نحن عليه من عبادة الأصنام. (1)
* * *
وأدخلت في قوله: (لتعودُنَّ) "لام" ، وهو في معنى شرطٍ، كأنه جواب لليَمين، وإنما معنى الكلام: لنخرجَنكم من أرضنا، أو تعودون في ملتنا. (2)
* * *
ومعنى "أو" ههنا معنى "إلا" أو معنى "حتى" كما يقال في الكلام: "لأضربنك أوْ تُقِرَّ لي" ، فمن العرب من يجعل ما بعد "أو" في مثل هذا الموضع عطفًا على ما قبله، إن كان ما قبله جزمًا جزموه، وإن كان نصبًا نصبوه، وإن كان فيه "لام" جعلوا فيه "لاما" ، (3) إذ كانت "أو" حرف نَسق. ومنهم من ينصب "ما" بعد "أو" بكل حالٍ، ليُعْلَم بنصبه أنه عن الأول منقطع عما قبله، كما قال امرؤ القيس:
بَكَى صَاحِبِي لَمَّا رَأَى الدَّرْبَ دُونَهُ ... وَأَيْقَنَ أَنَّا لاحِقَانِ بِقَيْصَرَا ... فَقُلْتُ لَهُ: لا تَبْكِ عَيْنُكَ إِنَّمَا ... نُحَاوِلُ مُلْكًا أَوْ نَمُوتَ فَنُعْذَرَا (4)
فنصب "نموت فنعذرا" وقد رفع "نحاول" ، لأنه أراد معنى: إلا أن نموتَ،أو حتى نموتَ، ومنه قول الآخر: (5)
لا أَسْتَطِيعُ نزوعًا عَنْ مَوَدَّتِهَا ... أَوْ يَصْنَعَ الْحُبُّ بِي غَيْرَ الَّذِي صَنَعَا (6)
(1) انظر تفسير "الملة" فيما سلف: 101، تعليق: 1، والمراجع هناك، وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 336.
(2) في المطبوعة: "أو تعودن" ، والصواب من المخطوطة.
(3) في المطبوعة: "إن كان فيه لامًا" ،، خطأ، صوابه في المخطوطة.
(4) ديوانه: 65 من قصيدته الغالية التي قالها في مسيرة إلى قيصر مستنصرًا به بعد قتل أبيه. وصاحبه الذي ذكره، هو عمرو بن قميئة اليشكري الذي استصحبه إلى قيصر، و "الدرب" . ما بين طرسوس وبلاد الروم.
(5) هو الأحوص بن محمد الأنصاري، وينسب أحيانًا للمجنون.
(6) الأغاني 4: 299، وديوان المجنون: 200، وخرج أبيات الأحوص، ولدنا الأستاذ عادل سليمان، فيما جمعه من شعر لأحوص، ولم يطبع بعد.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|