عرض مشاركة واحدة
  #911  
قديم 20-07-2025, 11:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,530
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد





وقوله: (فأوحَى إليهم ربُّهم لنُهلكنَّ الظالمين) ، الذين ظلموا أنفسهم، (1) فأوجبوا لها عقاب الله بكفرهم. وقد يجوز أن يكون قيل لهم: "الظالمون" لعبادتهم من لا تجوز عبادته من الأوثان والآلهة، (2) فيكون بوضعهم العبادةَ في غير موضعها، إذ كان ظلمًا، سُمُّوا بذلك. (3)
* * *
وقوله: (ولنسكننكم الأرض من بعدهم) ، هذا وعدٌ من الله مَنْ وَعد من أنبيائه النصرَ على الكَفَرة به من قومه. يقول: لما تمادتْ أمم الرسل في الكفر، وتوعَّدوا رسُلهم بالوقوع بهم، أوحى الله إليهم بإهلاك من كَفَر بهم من أممهم ووعدهم النصر. وكلُّ ذلك كان من الله وعيدًا وتهدُّدا لمشركي قوم نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم على كفرهم به، (4) وجُرْأتهم على نبيه، وتثبيتًا لمحمد صلى الله عليه وسلم، وأمرًا له بالصبر على ما لقي من المكروه فيه من مشركي قومه، كما صبر من كان قبله من أولي العزم من رسله = ومُعرِّفَة أن عاقبة أمرِ من كفر به الهلاكُ، وعاقبتَه النصرُ عليهم، سُنَّةُ الله في الذين خَلَوْا من قبل.
* * *
20611 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (ولنسكننكم الأرضَ من بعدهم) ، قال: وعدهم النصرَ في الدنيا، والجنَّةَ في الآخرة.
* * *
وقوله: (ذلك لمن خَافَ مَقامي وخاف وَعِيدِ) ، يقول جل ثناؤه:
(1)
انظر تفسير: "أوحى" فيما سلف 6: 405/9: 399 / 11: 217، 290، 371، 533.

(2)
انظر تفسير "الظلم" فيما سلف 1: 523، 524 / 2: 369، 519 / 4: 584 / 5: 384، وغيرها في فهارس اللغة.

(3)
في المطبوعة كتب: "سموا بذلك ظالمين" ، زاد ما لا محصل له، إذ لم يألف عبارة أبي جعفر، فأظلمت عليه.

(4)
في المطبوعة: "وعيدًا وتهديدًا" ، أساء إذ غير لفظ أبي جعفر.

هكذا فِعْلي لمن خاف مَقامَه بين يديّ، وخاف وعيدي فاتَّقاني بطاعته، وتجنَّب سُخطي، أنصُرْه على ما أراد به سُوءًا وبَغَاه مكروهًا من أعدائي، أهلك عدوّه وأخْزيه، وأورثه أرضَه وديارَه.
* * *
وقال: (لمن خاف مَقَامي) ، ومعناه ما قلت من أنه لمن خاف مَقَامه بين يديَّ بحيث أقيمه هُنالك للحساب، (1) كما قال: (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنّكُمْ تُكَذِّبُونَ) [سورة الواقعة: 82] ، معناه: وتجعلون رِزقي إياكم أنّكُم تكذبون. وذلك أن العرب تُضيف أفعالها إلى أنفسها، وإلى ما أوقعت عليه، فتقول: "قد سُرِرتُ برؤيتك، وبرؤيتي إياك" ، فكذلك ذلك.
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: {وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: واستفتحت الرُّسل على قومها: أي استنصرت الله عليها (2) = (وخاب كل جبار عنيد) ، يقول: هلك كل متكبر جائر حائدٍ عن الإقرار بتوحيد الله وإخلاص العبادة له.
* * *
و "العنيد" و "العاند" و "العَنُود" ، بمعنى واحد. (3)
* * *
(1)
انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 337.

(2)
انظر تفسير "الاستفتاح" فيما سلف 2: 254 / 10: 405، 406، ومجاز القرآن 1: 337.

(3)
انظر تفسير "عنيد" فيما سلف 15: 366، 367، ومجاز القرآن 1: 337.

ومن "الجبار" ، تقول: هو جَبَّار بَيِّنُ الجَبَريَّة، والجَبْرِيَّة، والجَبْرُوَّة، والجَبَرُوت. (1)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
20612 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى = وحدثني الحارث قال، حدثنا الحسن قال: حدثنا ورقاء = جميعًا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (واستفتحوا) ، قال: الرسل كلها. يقول: استنصروا = (عنيد) ، قال معاند للحق مجانبه. (2)
20613 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
20614 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، = ح وحدثني الحارث قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (واستفتحوا) ، قال: الرسل كُلها استنصروا = (وخاب كل جبَّار عَنيد) ، قال: معاند للحق مجانبه.
(1)
انظر تفسير "جبار" فيما سلف 10، 172/11: 470 / 15: 366.

هذا، وفي المطبوعة: "هو جبار بين الجبرية، والجبروتية، والجبروة، والجبروت" زاد في اللغة ما لا نص عليه، وهو "الجبروتية" ، ونقص واحدة من الخمس "الجبروة" . وكان في المخطوطة مكان "الجبرية" الثانية: "الجبر ننبه" ، غير منقوطة، وأساء كتابتها.
(2)
الأثر: 20612 - هذا الذي أثبته هو الذي جاء في المخطوطة، وطابق ما خرجه السيوطي في الدر المنثور 4: 73، عن مجاهد، ونسبه لابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم، وكان في المطبوعة هنا.

"يقول: استنصروا على أَعدائهم ومعانديهم، أَي على من عاند عن اتباع الحق وتجنَّبه" .
20615 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله = وقال ابن جريج: استفتحوا على قومهم.
20616 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى ... (1)
20617 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد) ، قال: كانت الرسلُ والمؤمنون يستضعفهم قومُهم، ويقهَرُونهم ويكذبونهم، ويدعونهم إلى أن يعودوا في مِلّتهم، فأبَى الله عز وجل لرسله وللمؤمنين أن يعودُوا في مِلّة الكفر، وأمرَهُم أن يتوكلوا على الله، وأمرهم أن يستفتحوا على الجبابرة، ووعدهم أن يُسْكنهم الأرض من بعدهم، فأنجز الله لهم ما وعدهم، واستفتحوا كما أمرهم أن يستفتحوا، (وخابَ كل جبار عنيد) .
20618 - حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا أبو عوانة، عن المغيرة، عن إبراهيم، في قوله: (وخاب كل جبار عنيد) ، قال: هو النَّاكب عن الحق. (2)
20619 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا مطرف، عن بشر، عن هشيم، عن مغيرة، عن سماك، عن إبراهيم: (وخاب كل جبار عنيد) ، قال: الناكب عن الحق. (3)
(1)
الأثر: 20616 - هذا إسناد مقحم فيما أرجح، وإنما هو صدر الإسناد رقم: 20612 اجتلبته يد الناسخ سهوًا إلى هذا المكان. والله أعلم.

(2)
الأثر: 20618 - في هذا الخبر أيضًا زيادة لا أدري كيف جاءت، فاقتصرت على ما في المخطوطة، وهو مطابق لما خرجه السيوطي في الدر المنثور 4: 73، عن إبراهيم النخعي، ونسبه لابن جرير وحده، والزيادة التي كانت المطبوعة هي:

"أي الحائد عن اتباع طريق الحق"
وانظر الخبر التالي، بلا زيادة أيضًا.
(3)
الأثر: 20619 - "مطرف بن بشر" ، لا أدري ما هو، ولم أجد له ذكرًا في شيء مما بين يدي. وجاء ناشر المطبوعة فجعله "مطرف، عن بشر" بلا دليل.

20620 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (واستفتحوا) ، يقول: استنصرت الرسل على قومها = قوله: (وخاب كل جبار عنيد) ، و "الجبار العنيد" : الذي أبى أن يقول: لا إله إلا الله.
20621 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (واستفتحوا) ، قال: استنصرت الرسل على قومها = (وخاب كل جبار عنيد) ، يقول: عَنِيد عن الحق، مُعْرِض عنه. (1)
20622 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة، مثله - وزاد فيه: مُعْرِض، (2) أبى أن يقول: لا إله إلا الله.
20623 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: (وخاب كل جبار عنيد) ، قال: "العنيد عن الحق" ، الذي يعنِدُ عن الطريق، قال: والعرب تقول: "شرُّ الأهْل العَنِيد" (3) الذي يخرج عن الطريق.
20624 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: (واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد) ، قال: "الجبّار" : المتجبّر. (4)
* * *
وكان ابن زيد يقول في معنى قوله: (واستفتحوا) ، خلاف قول هؤلاء، ويقول: إنما استفتحت الأمم، فأجيبت.
20625 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: (واستفتحوا) ، قال: استفتاحهم بالبلاء، قالوا: اللهم إن كان هذا الذي
(1)
في المطبوعة، والدر المنثور 4: 73: "بعيد عن الحق" ، وأرى الصواب ما في المخطوطة، انظر ما سلف في تفسير "عنيد" ص:.. 542، 543

(2)
في المطبوعة: "معرض عنه" ، كأنه زادها من عنده.

(3)
في المطبوعة: "شر الإبل" ، ولا أدري أهو صواب، أم غيرها الناشر، ولكني أثبت ما في المخطوطة، فهو عندي أوثق.

(4)
في المطبوعة: "هو المتجبر" ، زاد في الكلام.

أتى به محمد هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السماء، كما أمطرتها على قوم لوط، أو ائتنا بعذاب أليم. (1) قال: كان استفتاحهم بالبلاء كما استفتح قوم هود: (فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) [سورة الأعراف: 70] قال: فالاستفتاح العذاب، قال: قيل لهم: إنّ لهذا أجلا! حين سألوا الله أن ينزل عليهم، فقال: "بلْ نُؤخِّرُهُمْ ليَوْم تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَار" . (2) فقالوا: لا نريد أن نؤخر إلى يوم القيامة: (رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا) عَذَابَنَا (قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ) [سورة ص: 16] . وقرأ: (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ) حتى بلغ: (وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [سورة العنكبوت: 53 - 55] .
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: {مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17) }
قال أبو جعفر: يقول عزّ ذكره: (من ورائه) ، من أمام كل جَبار (جهنم) ، يَرِدُونها.
* * *
و "وراء" في هذا الموضع، يعني أمام، كما يقال: "إن الموت مِنْ ورائك" ، أي قُدّامك، وكما قال الشاعر: (3)
(1)
هذا من تأويل آية سورة الأنفال: 32.

(2)
هو انتزاع من آية سورة إبراهيم: 42.

(3)
هو جرير.

أَتُوعِدُنِي وَرَاءَ بَنِي رِيَاحٍ ... كَذَبْتَ لَتَقْصُرَنَّ يَدَاكَ دُونِي ... (1)
يعني: "وراء بني رياح" ، قدَّام بني رياح وأمَامهم.
* * *
وكان بعض نحويِّي أهل البَصرة يقول: إنما يعني بقوله: (من ورائه) ، أي من أمامه، لأنه وراءَ ما هو فيه، كما يقول لك: "وكلّ هذا من ورائك" : أي سيأتي عليك، وهو من وراء ما أنت فيه، لأن ما أنت فيه قد كان قبل ذلك وهو من ورائه. وقال: (وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا) [سورة الكهف: 79] ، من هذا المعنى، أي كان وراء ما هم فيه أمامهم.
* * *
وكان بعض نحويي أهل الكوفة يقول: أكثر ما يجوزُ هذا في الأوقات، لأن الوقت يمرُّ عليك، فيصير خلفك إذا جزته، وكذلك (كَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ) ، لأنهم يجوزونه فيصير وراءهم.
* * *
وكان بعضهم يقول: هو من حروف الأضداد، يعني وراء يكون قُدَّامًا وخلفًا.
* * *
وقوله: (وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ) ، يقول: ويسقى من ماءٍ، ثم بيَّن ذلك الماء جل ثناؤه وما هو، فقال: هو "صديد" ، ولذلك رد "الصَّديد" في إعرابه على "الماء" ، لأنه بيَانٌ عنه. (2)
* * *
(1)
البيت وتخريجه وشرحه فيما سلف: 399، تعليق: 3، ثم انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 337.

(2)
"البيان" ، هو "عطف البيان" ، ويسميه الكوفيون "الترجمة" كما سلف، انظر فهارس المصطلحات.

و "الصديد" ، هو القَيْحُ والدم.
* * *
وكذلك تأوَّله أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
20626 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى = وحدثني الحارث قال، حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء = ح وحدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء = عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (من ماء صديد) ، قال قيحٌ ودم.
20627 - حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
20628 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (ويسقى من ماء صديد) ، و "الصديد" ، ما يسيل من لحمه وجلدِه. (1)
20629 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله: (ويسقى من ماء صديد) ، قال: ما يسيل من بين لحمه وجلده.
20630 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا هشام، عمن ذكره، عن الضحاك: (ويسقى من ماء صديد) ، قال: يعني بالصديد: ما يخرج من جوف الكافر، قد خالط القَيْح والدم.
* * *
وقوله: (يتجرَّعه) ، يتحسَّاه = (ولا يكاد يسيغه) ، يقول: ولا يكاد يزدرده من شدة كراهته، وهو مُسيغه من شدّة العطش.
* * *
(1)
الأثر: 20628 - في المطبوعة: "من دمه ولحمه وجلده" ، بزيادة، وأثبت ما في المخطوطة موافقًا لما في الدر المنثور 4: 74.

والعرب تجعل "لا يكاد" فيما قد فُعِل، وفيما لم يُفْعَل. فأما ما قد فعل، فمنه هذا، لأن الله جل ثناؤه جعل لهم ذلك شرابًا. وأمَّا ما لم يفعل وقد دخلت فيه "كاد" فقوله: حتى (إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا) [سورة النور: 40] ، فهو لا يراها. (1)
* * *
وبنحو ما قلنا من أن معنى قوله: (ولا يكاد يسيغه) ، وهو يُسيغه، جاء الخبرُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. *
ذكر الرواية بذلك:
20631 - حدثني محمد بن المثنى قال، حدثنا إبراهيم أبو إسحاق الطَّالقَاني قال، حدثنا ابن المبارك، عن صفوان بن عمرو، عن عبيد الله بن بسر، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (ويُسقى من ماء صديد يتجرّعه) ، "فإذا شَربه قَطَّع أمعاءَه حتى يخرج من دُبُره" ، يقول الله عز وجل: (وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ) [سورة محمد: 15] ، ويقول: (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ) [سورة الكهف: 29] . (2)
20632 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا معمر، عن ابن المبارك قال، حدثنا صفوان بن عمرو، عن عبيد الله بن بسر، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (ويسقى من ماءٍ صديد) ، فذكر مثله، إلا أنه قال: (سُقُوا مَاءً حَمِيمًا) . (3)
(1)
انظر تفسير "كاد" فيما سلف 2: 218، 219 / 13: 131.

(2)
الأثران: 20631، 20632 - "إبراهيم، أبو إسحق الطالقاني" ، هو "إبراهيم بن إسحق بن عيسى الطالقاني البناني" ، وربما قيل: "إبراهيم بن عيسى" ، منسوبًا إلى جده، وهو مولى "بنانة" ، ثقة، من شيوخ أحمد، سمع ابن المبارك، وبقية. و "الطالقان" ، بسكون اللام، ويقال بفتحها، بلدة بخراسان. وهو مترجم في التهذيب، والكبير 1/1/273، وابن أبي حاتم في موضعين 1/1/86، 119، وتاريخ بغداد 6: 24.

و "عبد الله بن المبارك" ، أحد الأئمة الكبار، مضى مرارًا كثيرة.
و "صفوان بن عمرو بن هرم السكسكي" ، ثقة ثبت مأمون، مضى مرارًا منها: 7009، 12194، 12807، 13108.
و "عبيد الله بن بسر" ، مصغرًا هكذا هو هنا، وفي رواية أحمد في مسنده، وفي سنن الترمذي. و "عبد الله بن بسر" في المستدرك للحاكم، وحلية الأولياء لأبي نعيم. وفي ابن كثير نقلا عن المسند "عبيد الله بن بشر" ، وهو تصحيف.
وهذا الخبر من طريق ابن المبارك، عن صفوان بن عمرو، رواه أحمد في مسنده عن علي بن إسحق، عن عبد الله بن المبارك (المسند 5: 265) .
ورواه الترمذي عن سويد بن نصر، عن عبد الله بن المبارك (في باب ما جاء في صفة شراب أهل النار)
ورواه أبو نعيم في الحلية 8: 182 من طرق: نعيم بن حماد، عن ابن المبارك، ومعاذ بن أسد، عن ابن المبارك، ويحيي الحماني عنه، ومحمد بن مقاتل عنه، أربع طرق.
ورواه الحاكم في المستدرك 2: 31 من طريق عبدان، وهو عبد الله بن عثمان بن جبلة، عن ابن المبارك، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه" ، ووافقه الذهبي.
وفي "عبيد الله بن بسر" مقال. قال الترمذي، وساق الخبر: "هذا حديث غريب، هكذا قال محمد بن إسماعيل:" عن عبيد الله بن بسر "، ولا يعرف "عبيد الله بن بسر" إلا في هذا الحديث. وقد روى صفوان بن عمرو عن "عبد الله بن بسر" صاحب النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث، وعبد الله بن بسر له أخ قد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وأخته قد سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم، وعبيد الله بن بسر الذي روى عنه صفوان بن عمرو حديث أبي أمامة، أخو عبد الله بن بسر"
قلت: لم أجد ما قاله محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه الكبير.
وأما أبو نعيم في الحلية فقال: "تفرد به صفوان، عن عبد الله بن بسر، وقيل: عبد الله بن بشر، وهو اليحصبي الحمصي، يكنى أبا سعيد، ورواه بقية بن الوليد، عن صفوان مثله. روى صفوان، عن عبد الله بن بسر المازني، وله صحبة، وعن عبد الله بن بشر، ولذلك اشتبه على بعض الناس، وهذا هو: عبد الله بن بسر" .
وقال الحافظ ابن حجر في التهذيب، وساق ما قاله الترمذي: "وقال ابن أبي حاتم: عبيد الله بن بسر، ويقال: عبد الله، روى عن أبي أمامة، وعنه صفوان بن عمرو. وقال الطبراني عبد الله بن بسر اليحصبي، عن أبي أمامة، وروى له هذا الحديث، وحديثًا آخر من رواية بقية، عن صفوان، والله أعلم. وذكر أبو موسى المديني في ذيل الصحابة: عبيد الله بن بسر، أخو عبد الله بسر، قاله السلماني" . والذي نقله الحافظ عن ابن أبي حاتم موجود في الجرح والتعديل 2/2/308.
ولكن العجب أن الإمام الحافظ محمد بن إسماعيل البخاري، لم يترجم لعبيد الله بن بسر في تاريخه الكبير ولا الصغير، مع ما نقله عنه الترمذي مما يوهم أنه في أحدهما. وإنما الذي فيه: " عبد الله بن بسر السلمي، ثم المازني، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (الكبير 3/1/14) ثم ذكر "عبد الله بن بسر" وليس المازني، الجبراني "، وهذا يروي عن عبد الله بن بسر المازني، الصحابي، وعن أبي أمامة الباهلي. (مترجم في التهذيب أيضًا) .
ولكن الإشارة التي تكاد تكون صريحة إلى هذا الخبر في كتاب البخاري، فهي في ترجمة "عبيد الله بن بشير بن جرير البجلي" قال: "عن أبي أمامة رضي الله عنه عن ابن المبارك، عن صفوان بن عمرو، الشامي" ، ولا أدري كيف هذا، لأن ابن أبي حاتم ترجم في الجرح والتعديل 2/2/308 "عبيد الله بن بسر" رقم: 1467، ثم يليه رقم: 1468 فقال: "عبيد الله بن بشير بن جرير البجلي (روى عن ... ) ، روى عنه يونس بن أبي إسحق، سمعت أبي يقول ذلك ويقول: هو مجهول" .
وكذلك فعل الذهبي في ميزان الاعتدال 2: 164، وقال: "عبيد الله بن بسر. حمصي، عن أبي أمامة، وعنه صفوان بن عمرو وحده، لا يعرف" ، فيقال هو "عبد الله الصحابي، ويقال هو:" عبيد الله بن بسر الحبراني التابع، وهو أظهر "، ثم ذكر بعد" عبيد الله بن بشير البجلي "، وقال:" فيه جهالة، حدث عنه يونس بن أبي إسحق ليس إلا "."
فيكاد يكون واضحًا، أن الذي وقع في التاريخ الكبير (3 / 1 / 374، 375) ، إنما هو خلط بين ترجمتين مختلفتين، وأن ترجمة "عبيد الله بن بسر" قد سقط صدر منها من النسخة المطبوعة من التاريخ الكبير، وتداخل بعضها في ترجمة أخرى، ويرجح ذلك أن ابن أبي حاتم، الذي ذكر الترجمتين جميعًا، لم يتعرض لهذا في كتابه: "بيان خطأ محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه" ، ولو كان في أصل تاريخ البخاري مثل هذا، لما فات ابن أبي حاتم، فيكون ما نقله الترمذي عن البخاري من التاريخ الكبير، وسقط من المطبوع.
(3)
الأثران: 20631، 20632 - "إبراهيم، أبو إسحق الطالقاني" ، هو "إبراهيم بن إسحق بن عيسى الطالقاني البناني" ، وربما قيل: "إبراهيم بن عيسى" ، منسوبًا إلى جده، وهو مولى "بنانة" ، ثقة، من شيوخ أحمد، سمع ابن المبارك، وبقية. و "الطالقان" ، بسكون اللام، ويقال بفتحها، بلدة بخراسان. وهو مترجم في التهذيب، والكبير 1/1/273، وابن أبي حاتم في موضعين 1/1/86، 119، وتاريخ بغداد 6: 24.

و "عبد الله بن المبارك" ، أحد الأئمة الكبار، مضى مرارًا كثيرة.
و "صفوان بن عمرو بن هرم السكسكي" ، ثقة ثبت مأمون، مضى مرارًا منها: 7009، 12194، 12807، 13108.
و "عبيد الله بن بسر" ، مصغرًا هكذا هو هنا، وفي رواية أحمد في مسنده، وفي سنن الترمذي. و "عبد الله بن بسر" في المستدرك للحاكم، وحلية الأولياء لأبي نعيم. وفي ابن كثير نقلا عن المسند "عبيد الله بن بشر" ، وهو تصحيف.
وهذا الخبر من طريق ابن المبارك، عن صفوان بن عمرو، رواه أحمد في مسنده عن علي بن إسحق، عن عبد الله بن المبارك (المسند 5: 265) .
ورواه الترمذي عن سويد بن نصر، عن عبد الله بن المبارك (في باب ما جاء في صفة شراب أهل النار)
ورواه أبو نعيم في الحلية 8: 182 من طرق: نعيم بن حماد، عن ابن المبارك، ومعاذ بن أسد، عن ابن المبارك، ويحيي الحماني عنه، ومحمد بن مقاتل عنه، أربع طرق.
ورواه الحاكم في المستدرك 2: 31 من طريق عبدان، وهو عبد الله بن عثمان بن جبلة، عن ابن المبارك، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه" ، ووافقه الذهبي.
وفي "عبيد الله بن بسر" مقال. قال الترمذي، وساق الخبر: "هذا حديث غريب، هكذا قال محمد بن إسماعيل:" عن عبيد الله بن بسر "، ولا يعرف "عبيد الله بن بسر" إلا في هذا الحديث. وقد روى صفوان بن عمرو عن "عبد الله بن بسر" صاحب النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث، وعبد الله بن بسر له أخ قد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وأخته قد سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم، وعبيد الله بن بسر الذي روى عنه صفوان بن عمرو حديث أبي أمامة، أخو عبد الله بن بسر"
قلت: لم أجد ما قاله محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه الكبير.
وأما أبو نعيم في الحلية فقال: "تفرد به صفوان، عن عبد الله بن بسر، وقيل: عبد الله بن بشر، وهو اليحصبي الحمصي، يكنى أبا سعيد، ورواه بقية بن الوليد، عن صفوان مثله. روى صفوان، عن عبد الله بن بسر المازني، وله صحبة، وعن عبد الله بن بشر، ولذلك اشتبه على بعض الناس، وهذا هو: عبد الله بن بسر" .
وقال الحافظ ابن حجر في التهذيب، وساق ما قاله الترمذي: "وقال ابن أبي حاتم: عبيد الله بن بسر، ويقال: عبد الله، روى عن أبي أمامة، وعنه صفوان بن عمرو. وقال الطبراني عبد الله بن بسر اليحصبي، عن أبي أمامة، وروى له هذا الحديث، وحديثًا آخر من رواية بقية، عن صفوان، والله أعلم. وذكر أبو موسى المديني في ذيل الصحابة: عبيد الله بن بسر، أخو عبد الله بسر، قاله السلماني" . والذي نقله الحافظ عن ابن أبي حاتم موجود في الجرح والتعديل 2/2/308.
ولكن العجب أن الإمام الحافظ محمد بن إسماعيل البخاري، لم يترجم لعبيد الله بن بسر في تاريخه الكبير ولا الصغير، مع ما نقله عنه الترمذي مما يوهم أنه في أحدهما. وإنما الذي فيه: " عبد الله بن بسر السلمي، ثم المازني، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (الكبير 3/1/14) ثم ذكر "عبد الله بن بسر" وليس المازني، الجبراني "، وهذا يروي عن عبد الله بن بسر المازني، الصحابي، وعن أبي أمامة الباهلي. (مترجم في التهذيب أيضًا) .
ولكن الإشارة التي تكاد تكون صريحة إلى هذا الخبر في كتاب البخاري، فهي في ترجمة "عبيد الله بن بشير بن جرير البجلي" قال: "عن أبي أمامة رضي الله عنه عن ابن المبارك، عن صفوان بن عمرو، الشامي" ، ولا أدري كيف هذا، لأن ابن أبي حاتم ترجم في الجرح والتعديل 2/2/308 "عبيد الله بن بسر" رقم: 1467، ثم يليه رقم: 1468 فقال: "عبيد الله بن بشير بن جرير البجلي (روى عن ... ) ، روى عنه يونس بن أبي إسحق، سمعت أبي يقول ذلك ويقول: هو مجهول" .
وكذلك فعل الذهبي في ميزان الاعتدال 2: 164، وقال: "عبيد الله بن بسر. حمصي، عن أبي أمامة، وعنه صفوان بن عمرو وحده، لا يعرف" ، فيقال هو "عبد الله الصحابي، ويقال هو:" عبيد الله بن بسر الحبراني التابع، وهو أظهر "، ثم ذكر بعد" عبيد الله بن بشير البجلي "، وقال:" فيه جهالة، حدث عنه يونس بن أبي إسحق ليس إلا "."
فيكاد يكون واضحًا، أن الذي وقع في التاريخ الكبير (3 / 1 / 374، 375) ، إنما هو خلط بين ترجمتين مختلفتين، وأن ترجمة "عبيد الله بن بسر" قد سقط صدر منها من النسخة المطبوعة من التاريخ الكبير، وتداخل بعضها في ترجمة أخرى، ويرجح ذلك أن ابن أبي حاتم، الذي ذكر الترجمتين جميعًا، لم يتعرض لهذا في كتابه: "بيان خطأ محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه" ، ولو كان في أصل تاريخ البخاري مثل هذا، لما فات ابن أبي حاتم، فيكون ما نقله الترمذي عن البخاري من التاريخ الكبير، وسقط من المطبوع.
20633 - حدثني محمد بن خلف العسقلاني قال، حدثنا حيوة بن شريح الحمصيّ قال، حدثنا بقية، عن صفوان بن عمرو قال، حدثني عبيد الله بن بسر، عن أبي أمامه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثله سواءً. (1)
* * *
وقوله: (ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت) ، فإنه يقول: ويأتيه الموت من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وشماله، ومن كل موضع من أعضاء جسده = (وما هو بميت) ، لأنه لا تخرج نفسه فيموت فيستريح، ولا يحيا لتعلُّق نفسه بالحناجر، فلا ترجع إلى مكانها، كما: -
20634 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، في قوله: (يتجرعه ولا يكاد يسبغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت) ، قال: تعلق نفسه عند حنجرته، فلا تخرج من فيه فيموت، ولا ترجع إلى مكانها من جوفه، فيجد لذلك راحة، فتنفعه الحياة.
20635 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا يزيد بن هارون قال، حدثنا العوّام بن حوشب، عن إبراهيم التيمي قوله: (ويأتيه الموت من كل مكان) ، قال: من تحت كل شَعَرة في جسده.
* * *




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 49.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.76 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.27%)]