عرض مشاركة واحدة
  #912  
قديم 20-07-2025, 11:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,122
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء السادس عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ إبراهيم
الحلقة (913)
صــ 551 إلى صــ 560





(1)
الأثر: 20633 - "محمد بن خلف بن عمار العسقلاني" ، شيخ الطبري، مضى مرارًا كثيرة آخرها رقم: 12523.

و "حيوة بن شريح بن يزيد الحضرمي الحمصي" ثقة، مضى مرارًا آخرها رقم: 15378.
وهذا الخبر قد مرت الإشارة إليه في التعليق السالف، من طريق بقية بن الوليد عن صفوان بن عمرو.
وقوله: (ومن وَرائه عَذَابٌ غليظ) ، يقول: ومن وراء ما هو فيه من العذاب = يعني أمامه وقدامه (1) = (عذاب غليظ) . (2)
القول في تأويل قوله عز ذكره: {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (18) }
قال أبو جعفر: اختلف أهلُ العربية في رافعِ "مَثَلُ" .
فقال بعض نحويي البصرة: إنما هو كأنه قال: ومما نقصّ عليكم مَثَلُ الذين كفروا، ثم أقبل يفسّر، كما قال: (مَثَلُ الْجَنَّةِ) [سورة الرعد: 35] ، وهذا كثير. (3)
* * *
وقال بعض نحويي الكوفيين: إنما المثل للأعمال، ولكن العرب تقدّم الأسماء، لأنها أعرفُ، ثم تأتي بالخبر الذي تخبر عنه مع صاحبه. ومعنى الكلام: مَثَلُ أعمال الذين كفروا بربهم كرماد، كما قيل: (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) [سورة الزمر: 60] ، ومعنى الكلام: (4) ويوم القيامة ترى وجوه الذين كذبوا على الله مسودة. قال: ولو خفض "الأعمال" جاز، كما قال: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ) الآية [سورة البقرة: 217] ،. وقوله: (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ)
(1)
انظر تفسير "وراء" فيما سلف: 546، 475، تعليق: 1.

(2)
انظر تفسير "الغليظ" فيما سلف 7: 341 / 14: 360، 576 / 15: 366.

(3)
انظر ما سلف قريبًا: 469 - 472

(4)
انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 338، وسيبويه 1: 77.

[سورة الرعد: 35] . قال: فـ "تجري" ، هو في موضع الخبر، كأنه قال: أن تجري، وأن يكون كذا وكذا، فلو أدخل "أن" جاز. قال: ومنه قول الشاعر: (1)
ذَرِينِي إِنَّ أَمْرَكِ لَنْ يُطَاعَا ... وَمَا أَلْفَيْتِنِي حِلْمِي مُضَاعَا ... (2)
قال: فالحلمُ منصوبٌ ب "ألفيتُ" على التكرير، (3) قال: ولو رفعه كان صوابًا. قال: وهذا مثلٌ ضربه الله لأعمال الكفّار فقال: مَثَلُ أعمال الذين كفروا يوم القيامة، التي كانوا يعملونها في الدنيا يزعمُون أنهم يريدون الله بها، مَثَلُ رمادٍ عصفت الريح عليه في يومِ ريح عاصفٍ، فنسفته وذهبت به، فكذلك
(1)
هو عدي بن زيد بن العبادي، ونسبه سيبويه لرجل من بجيله أو خثعم.

(2)
سيبويه 1: 77، 78 / والخزانة 2: 368، 369 / والعيني بهامش الخزانة 4: 192 / وسيأتي في التفسير 24: 15 (بولاق) ، من أبيات عزيزة هذا أولها، يقول بعده: ألاَ تِلْكَ الثَّعَالِبُ قَدْ تَعَاوَتْ ... عَلَيَّ وَحَالَفَتْ عُرْجًا ضِبَاعَا

لِتَاكُلَنِي، فَمَرَّ لَهُنَّ لَحْمِي ... وأَذْرَقَ مِنْ حِذَارِي أَوْ أَتَاعَا
فَإِنْ لَمْ تَنْدَمُوا فَثَكِلْتُ عَمْرًا ... وَهَاجَرْتُ المُرَوَّقَ والسَّماعَا
وَلاَ وَضَعَتْ إِلَيَّ عَلَى فِرَاشٍ ... حَصَانٌ يَوْمَ خَلْوَتِهَا قِنَاعَا
وَلاَ مَلَكَتْ يَدَايَ عِنَانَ طِرْفٍ ... ولا أَبْصَرْتُ من شَمْسٍ شُعَاعَا
وخُطَّةِ مَاجِدٍ كَلَّفْتُ نَفْسِي ... إِذَا ضَاقُوا رَحُبْتُ بِهَا ذِرَاعَا
والبيتان الأول والثاني من هذه الأبيات، في المعاني الكبير 867، واللسان (مرد) (ذرق) (فرق) . ولم أجد لهذه الأبيات خبرًا بعد، وأتوهمها في أقوام تحالفوا على أذاه، جعل بعضهم ثعالب لمكرها وخداعها، وبعضها ضباعًا، لدناءتها وموقها، والضباع موصوفة بالحمق (الحيوان 7: 38) وقول صاحب الخزانة: "أراد بالثعالب، الذين لاموه على جوده حسدًا ولؤمًا" قول مرغوب عنه. و "الضباع" عرج، فيها خمع. و "تعاوت" تجمعت، كما تتعاوى الذئاب فتجتمع. "ومر اللحم" ، و "أمر، كان مرًا لا يستساغ. و" أذرق، أي جعلها تذرق، يقال: "ذرق الطائر، إذا خذق بسلحه، أي قذف، وهو هنا مستعار. إشارة إلى أن ذا بطونهم قد أساله الخوف حتى صار كسلح الطير مائعًا. و" أتاع "حملهم على القيء يعني من الخوف أيضًا" تاع القيء يتيع "خرج. ويرى" فأفرق "وهو مثل" أذرق "في المعنى هنا. و" عمرو "المذكور في شعر عدي، لا أكاد أشك أنه أخوه" عمرو بن زيد (الأغاني 2: 105) قال:" كان لعدَي بن زيد أخوان، أحدهما اسمه عمار، ولقبه أبي، والآخر اسمه عمرو، ولقبه سمي ". و" المروق "، الخمر، لأنها تصفى بالراووق. و" السماع "، الغناء، يدعو على نفسه أن ينخلع من لذات الدنيا إذا لم يندموا على مغبة كيدهم له."
(3)
"التكرير" ، هو البدل عند البصريين، ويسميه الكوفيون أيضًا "التبيين" ، انظر ما سلف 529 تعليق: 2.

أعمال أهل الكفر به يوم القيامة، لا يجدون منها شيئًا ينفعهم عند الله فينجيهم من عذابه، لأنهم لم يكونوا يعملونها لله خالصًا، بل كانوا يشركون فيها الأوثان والأصنام.
يقول الله عز وجل: (ذلك هو الضلال البعيد) ، يعني أعمالهم التي كانوا يعملونها في الدنيا، التي يشركون فيها مع الله شركاء، هي أعمالٌ عُملت على غير هُدًى واستقامة، بل على جَوْر عن الهُدَى بعيد، وأخذٍ على غير استقامة شديد.
* * *
وقيل: (في يوم عاصف) ، فوصف بالعُصوف اليومَ، (1) وهو من صفة الريح، لأن الريح تكون فيه، كما يقال: "يوم بارد، ويوم حارّ" ، لأن البردَ والحرارة يكونان فيه، (2) وكما قال الشاعر: (3)
* يَوْمَيْنِ غَيْمَيْنِ وَيَوْمًا شَمْسًا * (4)
فوصف اليومين بالغيمين، وإنما يكون الغيم فيهما. وقد يجوز أن يكون أريد به: في يوم عاصف الريح، فحذفت "الريح" ، لأنها قد ذكرت قبل ذلك، فيكون ذلك نظير قول الشاعر: (5)
* إِذَا جَاءَ يَوْمٌ مُظْلِمُ الشَّمْسِ كَاسِفُ * (6)
يريد: كاسفُ الشمس. وقيل: هو من نعت "الريح" خاصة، غير أنه
(1)
في المطبوعة حذف "اليوم" ، اجتراء وتحكمًا.

(2)
انظر تفسير "عاصف" فيما سلف 15: 51.

(3)
لم أعرف قائله.

(4)
سيأتي في التفسير 24: 67 (بولاق) ، وبعده هناك: * نَجْمَيْنِ بِالسَّعْدِ ونَجْمًا نَحْسَا *

(5)
هو مسكين الدارمي.

(6)
من أبيات خرجتها فيما سلف 7: 520، تعليق: 3. وانظر الخزانة 2: 323 وصدر البيت: * وتَضْحَكُ عِرْفَانَ الدُّرُوعِ جُلُودُنَا *

لما جاء بعد "اليوم" أُتبع إعرابَهُ، وذلك أن العرب تتبع الخفضَ الخفضَ في النعوت، كما قال الشاعر: (1)
تُرِيكَ سُنَّةَ وَجْهٍ غَيْرِ مُقْرِفَةٍ ... مَلْسَاءَ لَيْسَ بِهَا خَالٌ وَلا نَدَبُ (2)
فخفض "غير" إتباعًا لإعراب "الوجه" ، وإنما هي من نعت "السنَّة" ، والمعنى: سُنَّةَ وَجْه غَيْرَ مُقْرفة، وكما قالوا: "هذا جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ" .
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
20636 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، في قوله: (كرماد اشتدت به الريح) ، قال: حملته الريح في يوم عاصف.
20637 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف) ، يقول: الذين كفروا بربهم وعبدوا غيرَه، فأعمالهم يوم القيامة كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، لا يقدرون على شيء من أعمالهم ينفعهم، كما لا يُقْدَر على الرماد إذا أُرْسِل في يوم عاصف. (3)
* * *
(1)
هو ذو الرمة.

(2)
ديوانه: 4، من عقيلته المحجبة بالحسن. وهذا البيت من أبيات في صفة صاحبته مي.

= و "السنة" ، ما أقبل عليك من الوجه وصفحة الحد مصقولا يلوح. و "غير مقرنة" ، لا يشوب معارفها ولا لونها شيء يهجنها، وذلك من عتقها. و "الندب" ، أثر الجرح إذا لم يرتفع.
(3)
في المطبوعة: "إذا أرسل عليه الريح في يوم عاصف" ، زاد ما لا معنى له.

وقوله: (ذلك هو الضَّلال البعيد) ، أي الخطأ البينُ، البعيدُ عن طريق الحق. (1)
* * *
(1)
من أول: "وقوله: ذلك هو ..." ، ليس في المخطوطة، ولست أدري من أين جاء به ناشر المطبوعة، فتركته على حالة، حتى أقطع بأنه ليس من كلام أبي جعفر.

= وانظر تفسير "الضلال" ، و "البعيد" ، فيما سلف من فهارس اللغة.
القول في تأويل قوله عز ذكره: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (19) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (20) }
قال أبو جعفر: يقول عز ذكره لنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم: ألم تر، يا محمد، بعين قلبك، (1) فتعلم أن الله أنشأ السماوات والأرض بالحق منفردًا بإنشائها بغير ظهير ولا مُعين = (إن يشأ يذهبكم ويَأت بخلق جديد) ، يقول: إن الذي تفرد بخلق ذلك وإنشائه من غير معين ولا شريك، إن هو شاء أن يُذْهبكم فيفنيكم، أذهبكم وأفناكم، (2) ويأتِ بخلق آخر سواكم مكانكم، فيجدِّد خلقهم = (وما ذلك على الله بعزيز) ، يقول: وما إذهابكم وإفناؤكم وإنشاء خلقٍ آخر سواكم مكانَكُم، على الله بممتنع ولا متعذّر، لأنه القادر على ما يشاء. (3)
* * *
واختلفت القرأة في قراءة قوله: (ألم تر أن الله خلق) .
فقرأ ذلك عامة قرأة أهل المدينة والبصرة وبعض الكوفيين: (خَلَقَ) على "فعَل" .
* * *
(1)
انظر تفسير "الرؤية" فيما سلف 5: 485، تعليق: 1، والمراجع هناك.

(2)
انظر تفسير "الإذهاب" فيما سلف 14: 161، تعليق: 1، والمراجع هناك.

(3)
انظر تفسير "عزيز" فيما سلف: 511، تعليق: 4، والمراجع هناك.

وقرأته عامة قرأة أهل الكوفة: "خَالِقُ" ، على "فاعل" .
* * *
وهما قراءتان مستفيضتان، قد قرأ بكل واحدة منهما أئمة من القرأة، متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيبٌ.
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: {وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ (21) }
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: (وبرزوا لله جميعًا) ، وظهر هؤلاء الذين كفروا به يوم القيامة من قبورهم، فصاروا بالبَراز من الأرض (1) = (جميعًا) ، يعني كلهم (2) = (فقال الضعفاء للذين استكبروا) ، يقول: فقال التُّبَّاع منهم للمتبوعين، وهم الذين كانوا يستكبرون في الدنيا عن إخلاص العبادة لله واتباع الرسل الذين أرسلوا إليهم (3) = (إنَّا كنا لكم تَبَعًا) ، في الدنيا.
* * *
و "التبع" جمع "تابع" ، كما الغَيَب جمع "غائب" .
* * *
وإنما عنوا بقولهم: (إنا كنا لكم تبعًا) ، أنهم كانوا أتباعهم في الدنيا يأتمرون
(1)
انظر تفسير "برز" فيما سلف 5: 354 / 7: 324 / 8: 562.

(2)
انظر تفسير "الجميع" فيما سلف 15: 212.

(3)
انظر تفسير "الضعفاء" فيما سلف 14: 419، تعليق: 2، والمراجع هناك.

= وتفسير "الاستكبار" فيما سلف 15: 155، تعليق: 2، والمراجع هناك.
لما يأمرونهم به من عبادة الأوثان والكفر بالله، وينتهون عما نهوهم عنه من اتّباع رسل الله = (فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء) ، يعنون: فهل أنتم دافعون عنَّا اليوم من عذاب الله من شيء. (1)
* * *
وكان ابن جريج يقول نحو ذلك:
20638 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: (وقال الضعفاء) ، قال: الأتباع = (للذين استكبروا) ، قال: للقادة.
* * *
قوله: (لو هدانا الله لهديناكم) ، يقول عز ذكره: قالت القادةُ على الكفر بالله لتُبَّاعها: (لو هدانا الله) ، يعنون: لو بَيَّن الله لنا شيئًا ندفع به عَذَابَه عنا اليوم = (لهديناكم) ، لبيَّنا ذلك لكم حتى تدفعوا العذابَ عن أنفسكم، ولكنا قد جزعنا مِن العذاب، فلم ينفعنا جزعُنا منه وصَبْرُنا عليه (2) = (سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص) ، يعنون: ما لهم من مَراغٍ يرُوغون عنه. (3)
* * *
يقال منه: "حاص عن كذا" ، إذا راغ عنه، "يَحِيصُ حَيْصًا، وحُيُوصًا وحَيَصَانًا. (4) "
* * *
20639 - وحدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك، عن
(1)
انظر تفسير "الإغناء" فيما سلف 166، تعليق: 1، والمراجع هناك.

(2)
انظر تفسير "الهدى" فيما سلف من فهارس اللغة (هدي) .

(3)
في المطبوعة: "مزاغ" ، و "يزوغون" ، و "زاغ" ، كل ذلك بالزاي، والذي في المخطوطة صواب محض.

(4)
انظر تفسير "الحيص" فيما سلف 9: 226.

الحكم، عن عُمَر بن أبي ليلى، أحد بني عامر، قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يقول: بلغني، أو ذُكِر لي أن أهل النار قال بعضهم لبعضٍ: يا هؤلاء، إنه قد نزل بكم من العذاب والبلاء ما قد ترون، فهلمَّ فلنصبر، فلعل الصَّبر ينفعنا، كما صبر أهل الدنيا على طاعة الله فنفعهم الصبر إذ صبروا. قال: فيُجْمعون رأيهم على الصَّبر. قال، فصبروا، فطال صبرهم، ثم جزعوا فنادوا: (سواءٌ علينا أجزِعْنَا أم صبرنَا ما لنا من محيص) ، أي من منجًي. (1)
20640 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: (سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص) ، قال: إن أهل النار قال بعضهم لبعض: تعالوا، فإنما أدركَ أهل الجنة الجنَّةَ ببكائهم وتضرُّعهم إلى الله، فتعالوا نبكي ونتضرع إلى الله! قال: فبكوا، فلما رأوا ذلك لا ينفعهم قالوا:
(1)
الأثر: 20639 - "الحكم" ، هو "الحكم المكي" ، شيخ لعبد الله بن المبارك توقف الإمام البخاري في أمره. وقال ابن أبي حاتم: هو مجهول. قال البخاري: "الحكم المكي، عن عمر بن أبي ليلى، سمع منه ابن المبارك ومحمد بن مقاتل. وروى مروان، يعني ابن معاوية، عن الحكم بن أبي خالد، مولى بني فزارة، عن عمر بن أبي ليلى. قال الحسن بن علي، وعن الحكم بن أبي خالد، عن الحسن، عن جابر، في الجنة، فلا أدري هذا من ذاك" . وكأن هذا إشارة إلى هذا الخبر نفسه.

وذكر في ترجمة "الحكم بن ظهير الفزاري" : "حدثنا محمد بن عبد العزيز، قال حدثنا مروان، عن الحكم بن أبي خالد، مولى بني فزارة، عن عمر بن أبي ليلى النميري ..." ، وقال مثل ما قال في ترجمة "الحكم المكي" . ثم ترجم "الحكم بن أبي خالد" ، ولم يذكر فيه شيئًا من هذا.
وأما ابن أبي حاتم فاقتصر على ترجمة "الحكم المكي" ، ولم يذكر فيه "الحكم بن أبي خالد" .
وقال ابن حجر في التهذيب: "قال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: كان مروان بن معاوية يغير الأسماء، يعمي على الناس، يقول: حدثنا الحكم بن أبي خالد، وإنما هو الحكم بن ظهير" .
وانظر هذا الذي ذكرت في الكبير للبخاري 1/2/336، 339، 342، وابن أبي حاتم 1/2/131، وميزان الاعتدال 1: 273، ولسان الميزان 2: 341، وتهذيب التهذيب.
و "عمر بن أبي ليلي" ، قال البخاري في الكبير 3/2/190: "روى عنه الحكم المكي، وقال بعضهم:" عمر بن أبي ليلى، أخو بني عامر، سمع محمد بن كعب، قوله ". وزاد البخارى في ترجمة" الحكم بن ظهير "في نسبته" النميري "، كما سلف قريبًا. وقال مثل ذلك ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 3/1/131، وزاد عن أبيه فقال:" سمعته يقول: هو مجهول "، وفي ميزان الاعتدال 2: 268 قال:" قلت حدث عنه ابن أبي فديك والواقدي "، وزاد ابن حجر في لسان الميزان 4: 224 قال:" وذكره ابن حبان في الثقات "."
وكان في المطبوعة: "عمرو بن أبي ليلى" ، غير ما هو ثابت في المخطوطة على الصواب.
و "محمد بن كعب القرظي" ، تابعي ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا كثيرة لا تعد.
وهذا الخبر تالف، لما علمت من أمر "الحكم المكي" وجهالته، فإن كان هو "الحكم بن ظهير الفزاري" ، فهو متروك كما سلف مرارًا كثيرة.
تعالوا، فإنَّما أدرك أهل الجنة الجنّةَ بالصبر، (1) تعالوا نصبر! فصبروا صبرًا لم يُرَ مثله، فلم ينفعهم ذلك، فعند ذلك قالوا: (سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص) .
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وقال إبليس، (2) (لما قُضِي الأمر) ، يعني لما أدخل أهلُ الجنة الجنةَ وأهل النار النارَ، واستقرّ بكل فريق منهم قرارهم، (3) أن الله وعدكم، أيها الأتباعُ، النارَ، ووعدتكم النُّصْرة، فأخلفتكم وعدي، ووفى الله لكم بوعده = (وما كان لي عليكم من سلطان) ، يقول: وما كان لي عليكم، فيما وعدتكم من النصرة، من حجة تثبت لي عليكم بصدق قولي (4) = (إلا أنْ دعوتكم) . وهذا من الاستثناء المنقطع عن الأول، كما تقول: "ما ضربْتُه إلا أنه أحمق" ، ومعناه: ولكن (دعوتكم فاستجبتم لي) . يقول: إلا أن دعوتكم
(1)
تلعب الناشر بالكلام فجعله: "فما أدرك أهل الجنة الجنة إلا بالصبر" ، فجعل "فإنما" "فما" ثم زاد "إلا" ! فاعجب لما فعل.

(2)
انظر تفسير "الشيطان" فيما سلف 1: 111، 112، 296/ 12: 51.

(3)
انظر تفسير "القضا" فيما سلف: 107،، تعليق: 2، والمراجع هناك.

(4)
انظر تفسير "السلطان" فيما سلف: 537، تعليق: 7، والمراجع هناك.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 49.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.41 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.28%)]