عرض مشاركة واحدة
  #920  
قديم 20-07-2025, 11:50 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,450
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد






أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى) . ثم قال (مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ) قال: الانتقال من الدنيا إلى الآخرة.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء، وحدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا ورقاء، وحدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا سلمة، وحدثني المثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله (مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ) قال: لا تموتون لقريش.
حدثني القاسم، قال: ثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن الحكم، عن عمرو بن أبي ليلى أحد بني عامر، قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يقول: بلغني، أو ذُكر لي أن أهل النار ينادون (رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ) فردّ عليهم (أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) ... إلى قوله (لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) .
القول في تأويل قوله تعالى: {وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأمْثَالَ (45) }
يقول تعالى ذكره: وسكنتم في الدنيا في مساكن الذين كفروا بالله، فظلموا بذلك أنفسهم من الأمم التي كانت قبلكم (وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ) يقول: وعلمتم كيف أهلكناهم حين عتوا على ربهم وتمادوا في طغيانهم وكفرهم (وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأمْثَالَ) يقول: ومثَّلنا لكم فيما كنتم عليه من الشرك بالله مقيمين الأشباه، فلم تنيبوا ولم تتوبوا من كفركم، فالآن تسألون التأخير للتوبة حين نزل بكم ما قد نزل بكم من العذاب، إن ذلك غير كائن.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) يقول: سكن الناس في مساكن قوم نوح وعاد وثمود، وقرون بين ذلك كثيرة ممن هلك من الأمم.
(وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأمْثَالَ) قد والله بعث رسله، وأنزل كتبه، ضرب لكم الأمثال، فلا يصم فيها إلا أصمّ، ولا يخيب فيها إلا الخائب، فاعقلوا عن الله أمره.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ) قال: سكنوا في قراهم مدين والحجر والقرى التي عذب الله أهلها، وتبين لكم كيف فعل الله بهم، وضرب لهم الأمثال.
حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد، قوله (الأمْثَالَ) قال: الأشباه.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) }
يقول تعالى ذكره: قد مكر هؤلاء الذين ظلموا أنفسهم، فسكنتم من بعدهم في مساكنهم، مكرهم. وكان مكرهم الذي مكروا ما:
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا يحيى، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا أبو إسحاق، عن عبد الرحمن بن أبان (1) قال: سمعت عليا يقرأ: "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" قال: كان ملك فره (2) أخذ فروخ النسور، فعلفها اللحم حتى شبَّت واستعلجت واستغلظت. فقعد هو وصاحبه في التابوت وربطوا التابوت بأرجل النسور، وعلقوا اللحم فوق التابوت، فكانت كلما نظرت إلى اللحم صعدت وصعدت، فقال لصاحبه: ما ترى؟ قال: أرى الجبال
(1)
سيأتي (ص 345) أن اسمه عبد الرحمن بن دانيل، وقد نقل هذا الاسم القرطبي في تفسيره (9: 380) ولم أجده في أسماء الرواة، ولعل لفظتي "أبان، وواصل" هنا تحريف عن "دانيل" .

(2)
الفره: البطر الأشر. المتمادي في غيه.

مثل الدخان، قالا ما ترى؟ قال: ما أرى شيئا، قال: ويحك صوّب صوّب، قال: فذلك قوله: (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) .
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن واصل (1) عن عليّ بن أبي طالب، مثل حديث يحيى بن سعيد، وزاد فيه: وكان عبد الله بن مسعود يقرؤها: "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" .
حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا محمد بن أبي عديّ، عن شعبة، عن أبي إسحاق، قال: ثنا عبد الرحمن بن واصل (2) أن عليا قال في هذه الآية: "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" قال: أخذ ذلك الذي حاجّ إبراهيم في ربه نسرين صغيرين فرباهما، ثم استغلظا واستعلجا وشبَّا، قال: فأوثق رجل كلّ واحد منهما بوتد إلى تابوت، وجوّعهما، وقعد هو ورجل آخر في التابوت، قال: ورفع في التابوت عصا على رأسه اللحم، قال: فطارا، وجعل يقول لصاحبه: انظر ماذا ترى؟ قال: أرى كذا وكذا، حتى قال: أرى الدنيا كأنها ذباب، فقال: صوّب العصا، فصوّبها فهبطا، قال: فهو قول الله تعالى "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" قال أبو إسحاق: وكذلك في قراءة عبد الله "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" .
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" مكر فارس. وزعم أن بختنصر خرج بنسور، وجعل له تابوتا يدخله، وجعل رماحا في أطرافها واللحم فوقها. أراه قال: فعلت تذهب نحو اللحم حتى انقطع بصره من الأرض وأهلها، فنودي: أيها الطاغية أين تريد؟ ففرق: ثم سمع الصوت فوقه، فصوّب الرماح، فتصوّبت النسور، ففزعت الجبال من هدّتها، وكادت الجبال أن تزول منه من حسّ ذلك، فذلك قوله "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" .
حدثا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، قال: قال ابن جريج، قال مجاهد: "وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَادَ مَكْرُهُمْ"
(1)
تقدمت الإشارة إليه في (ص 244) .

(2)
تقدمت الإشارة إليه في (ص 244) .

كذا قرأها مجاهد "كَادَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" وقال: إن بعض من مضى جوّع نسورا، ثم جعل عليها تابوتا فدخله، ثم جعل رماحا في أطرافها لحم، فجعلت ترى اللحم فتذهب، حتى انتهى بصره، فنودي: أيها الطاغية أين تريد؟ فصوّب الرماح، فتصوّبت النسور، ففزعت الجبال، وظنت أن الساعة قد قامت، فكادت أن تزول، فذلك قوله تعالى "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" .
قال ابن جريج: أخبرني عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن عمر بن الخطاب، أنه كان يقرأ "وَإِنْ كادَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" .
حدثني هذا الحديث أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم بن سلام، قال: ثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، أنه كان يقرأ على نحو: "لَتَزُولُ" بفتح اللام الأولى ورفع الثانية.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن دانيل (1) قال: سمعت عليا يقول: "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" .
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن دانيل (2) قال: سمعت عليا يقول: "وَإِنْ كادَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" قال: ثم أنشأ عليّ يحدّث فقال: نزلت في جبَّار من الجبابرة قال: لا أنتهي حتى أعلم ما في السماء، ثم اتخذ نسورا فجعل يطعمها اللحم حتى غلظت واستعلجت واشتدّت، وذكر مثل حديث شعبة.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو داود الحضرمي، عن يعقوب، عن حفص بن حميد أو جعفر، عن سعيد بن جبير: "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" قال: نمرود صاحب النسور، أمر بتابوت فجعل وجعل معه رجلا ثم أمر بالنسور فاحتمل، فلما صعد قال لصاحبه: أي شيء ترى؟ قال: أرى الماء وجزيرة -يعني الدنيا- ثم صعد فقال لصاحبه: أي شيء ترى؟ قال: ما نزداد من السماء إلا بعدا، قال: اهبط -وقال غيره: نودي- أيها الطاغية أين تريد؟ قال: فسمعت الجبال حفيف النسور، فكانت ترى أنها أمر من السماء، فكادت
(1)
تقدمت الإشارة إليه في (ص 244) .

(2)
تقدمت الإشارة إليه في (ص 244) .

تزول، فهو قوله: "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" .
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس، أن أنسا كان يقرأ: "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" .
وقال آخرون: كان مكرهم: شركهم بالله، وافتراؤهم عليه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنا معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" يقول: شركهم، كقوله (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ) .
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك: "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" قال: هو كقوله (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا) .
حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ) ثم ذكر مثله.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، أن الحسن كان يقول: كان أهون على الله وأصغر من أن تزول منه الجبال، يصفهم بذلك. قال قتادة: وفي مصحف عبد الله بن مسعود: "وَإِنْ كادَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" ، وكان قتادة يقول عند ذلك (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا) أي لكلامهم ذلك.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" قال ذلك حين دعوا لله ولدا. وقال في آية أخرى (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا) .
حُدِثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) في حرف ابن مسعود: "وَإِنْ كادَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" هو مثل قوله (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا) .
واختلفت القرّاء في قراءة قوله (لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) فقرأ ذلك عامَّة قرّاء الحجاز والمدينة والعراق ما خلا الكسائي (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) بكسر اللام الأولى وفتح الثانية، بمعنى: وما كان مكرهم لتزول منه الجبال. وقرأه الكسائي: "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" بفتح اللام الأولى ورفع الثانية على تأويل قراءة من قرا ذلك: "وَإِنْ كادَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" من المتقدمين الذين ذكرت أقوالهم، بمعنى: اشتدّ مكرهم حتى زالت منه الجبال، أو كادت تزول منه، وكان الكسائي يحدّث عن حمزة، عن شبل عن مجاهد، أنه كان يقرأ ذلك على مثل قراءته "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" برفع تزول.
حدثني بذلك الحارث عن القاسم عنه.
والصواب من القراءة عندنا، قراءة من قرأه (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) بكسر اللام الأولى وفتح الثانية، بمعنى: وما كان مكرهم لتزول منه الجبال.
وإنما قلنا: ذلك هو الصواب، لأن اللام الأولى إذا فُتحت، فمعنى الكلام: وقد كان مكرهم تزول منه الجبال، ولو كانت زالت لم تكن ثابتة، وفي ثبوتها على حالتها ما يبين عن أنها لم تزُل، وأخرى إجماع الحجة من القرّاء على ذلك، وفي ذلك كفاية عن الاستشهاد على صحتها وفساد غيرها بغيره.
فإن ظنّ ظانٌّ أن ذلك ليس بإجماع من الحجة إذ كان من الصحابة والتابعين من قرأ ذلك كذلك، فإن الأمر بخلاف ما ظنّ في ذلك، وذلك أن الذين قرءوا ذلك بفتح اللام الأولى ورفع الثانية قرءوا: "وَإِنْ كادَ مَكْرُهُمْ" بالدال، وهي إذا قرئت كذلك، فالصحيح من القراءة مع "وَإِنْ كادَ" فتح اللام الأولى ورفع الثانية على ما قرءوا، وغير جائز عندنا القراءة كذلك، لأن مصاحفنا بخلاف ذلك، وإنما خطَّ مصاحفنا وإن كان بالنون لا بالدال، وإذ كانت كذلك، فغير جائز لأحد تغيير رسم مصاحف المسلمين، وإذا لم يجز ذلك لم يكن الصحاح من القراءة إلا ما عليه قرّاء الأمصار دون من شذ بقراءته عنهم.
وبنحو ما قلنا في معنى (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ) قال جماعة من أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال:
ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) بقول: ما كان مكرهم لتزول منه الجبال.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، قال: قال الحسن، في قوله (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) ما كان مكرهم لتزول منه الجبال.
حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن عوف، عن الحسن، قال: ما كان مكرهم لتزول منه الجبال.
حدثني الحارث، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا حجاج، عن هارون، عن يونس وعمرو، عن الحسن (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) قالا وكان الحسن يقول: وإن كان مكرهم لأوهن وأضعف من أن تزول منه الجبال.
-
قال: قال هارون: وأخبرني يونس، عن الحسن قال: أربع في القرآن (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) ما كان مكرهم لتزول منه الجبال، وقوله (لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ) ما كنا فاعلين، وقوله (إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ) ما كان للرحمن ولد، وقوله (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ) ما مكناكم فيه.

قال هارون: وحدثني بهنّ عمرو بن أسباط، عن الحسن، وزاد فيهنّ واحدة (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ) ما كنت في شكّ (مِمَّا أَنزلْنَا إِلَيْكَ) .
فالأولى من القول بالصواب في تأويل الآية، إذ كانت القراءة التي ذكرت هي الصواب لما بيَّنا من الدلالة في قوله (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) وقد أشرك الذين ظلموا أنفسهم بربهم وافتروا عليه فريتهم عليه، وعند الله علم شركهم به وافترائهم عليه، وهو معاقبهم على ذلك عقوبتهم التي هم أهلها، وما كان شركهم وفريتهم على الله لتزول منه الجبال، بل ما ضرّوا بذلك إلا أنفسهم، ولا عادت بغية مكروهه إلا عليهم.
حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا وكيع بن الجرّاح، قال: ثنا الأعمش، عن شمر، عن عليّ، قال: الغدر: مكر، والمكر كفر.
القول في تأويل قوله تعالى: {فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (47) }
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ) الذي وعدهم من كذّبهم، وجحد ما أتَوْهم به من عنده، وإنما قاله تعالى ذكره لنبيه تثبيتا وتشديدا لعزيمته، ومعرّفه أنه منزل من سخطه بمن كذّبه وجحد نبوّته، وردّ عليه ما أتاه به من عند الله، مثال ما أنزل بمن سلكوا سبيلهم من الأمم الذين كانوا قبلهم على مثل منهاجهم من تكذيب رسلهم وجحود نبوّتهم وردّ ما جاءوهم به من عند الله عليهم.
وقوله (إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ) يعني بقوله (إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ) لا يمانع منه شيء أراد عقوبته، قادر على كلّ من طلبه، لا يفوتُه بالهَرَب منه. (ذُو انْتِقَامٍ) ممن كفر برسله وكذّبهم، وجحد نبوتهم، وأشرك به واتخذ معه إلها غيره. وأضيف قوله (مُخْلِفَ) إلى الوعد، وهو مصدر، لأنه وقع موقع الاسم، ونصب قوله (رُسُلَهَ) بالمعنى، وذلك أن المعنى: فلا تحسبنّ الله مخلف رسله وعده، فالوعد وإن كان مخفوضا بإضافة "مخلف" إليه، ففي معنى النصب، وذلك أن الإخلاف يقع على منصوبين مختلفين، كقول القائل: كسوت عبد الله ثوبا، وأدخلته دارا؛ وإذا كان الفعل كذلك يقع على منصوبين مختلفين، جاز تقديم أيِّهما قُدّم، وخفضُ ما وَلِيَ الفعل الذي هو في صورة الأسماء، ونصب الثاني، فيقال: أنا مدخلُ عبد الله الدار، وأنا مدخلُ الدَّارِ عبدَ الله، إن قدَّمت الدار إلى المُدْخل وأخرت عبدَ الله خفضت الدار، إذ أضيف مُدْخل إليها، ونُصِب عبد الله؛ وإن قُدّم عبدُ الله إليه، وأخِّرت الدار، خفض عبد الله بإضافة مُدْخلٍ إليه، ونُصِب الدار؛ وإنما فعل ذلك كذلك، لأن الفعل، أعني مدخل، يعمل في كلّ واحد منهما نصبا نحو عمله في الآخر؛ ومنه قول الشاعر:
تَرَى الثَّوْرَ فيها مُدْخِلَ الظِّلِّ رأسَهُ ... وسائرُهُ بادٍ إلى الشَّمْسِ أجْمَعُ (1)
أضاف مُدْخل إلى الظلّ، ونصب الرأس، وإنما معنى الكلام: مدخلٌ
(1)
هذا البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن (الورقة 165) كما استشهد به المؤلف، ولم ينسبه، قال: وقوله "فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله" أضفت مخلف إلى الوعد، ونصبت الرسل على التأويل، وإذا كان الفعل يقع على شيئين مختلفين مثل: كسوتك الثوب، وأدخلتك الدار، فابدأ بإضافة الفعل إلى الرجل، فتقول: هو كاسي عبد الله ثوبا، ومدخله الدار، ويجوز هو كاسي الثوب عبد الله، ومدخل الدار زيدا.. ومثله قول الشاعر: ترى الثور.. البيت، فأضاف مدخل إلى الظن، وكان الوجه أن يضف مدخل إلى الرأس.

رأسَه الظلَّ. ومنه قول الآخر:
فَرِشْني بِخَيْرٍ لا أكُونَ وَمِدْحَتِي ... كناحِتِ يَوْمٍ صَخْرَةٌ بعَسِيلِ (1)
والعسيل: الريشة جُمع بها الطيب، وإنما معنى الكلام: كناحت صخرة يوما بعسيل، وكذلك قول الآخر:
رُبَّ ابْنِ عَمٍّ لِسُلَيْمَى مُشْمَعِلْ ... طَبَّاخِ ساعاتِ الكَرَى زَادَ الكَسِلْ (2)
وإنما معنى الكلام: طباخ زاد الكَسل ساعات الكَرَى.
فأما من قرأ ذلك (فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلُهُ) فقد بيَّنا وجه بُعْدِه من الصحة في كلام العرب في سورة الأنعام، عند قوله (وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ) ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
القول في تأويل قوله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) }
يقول تعالى ذكره: إن الله ذو انتقام (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ) من مشركي قومك يا محمد من قريش، وسائر من كفر بالله وجحد نبوّتك ونبوّة رسله من قبلك. فيوم من صلة الانتقام.
واختلف في معنى قوله (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) فقال بعضهم: معنى ذلك: يوم تبدّل الأرض التي عليها الناس اليوم في دار الدنيا غير هذه الأرض، فتصير أرضا بيضاء كالفضة.
(1)
وهذا البيت أيضا من شواهد الفراء (الورقة 165) عطفه على آخر قبله وعطفهما على الأول، ومحل الشاهد فيه: أن الشاعر أضاف ناحت وهو وصف مشبه الفعل إلى يوم، ونصب الصخرة، والأولى إضافة الوصف إلى الصخرة، ونصب يوما على ما قاله القراء.

(2)
البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن (مصورة الجامعة ص 165) على أن طباخ كان حقه أن يضاف إلى "زاد الكسل" ، فأضافه الشاعر إلى الساعات. والمشمعل: الخفيف الماضي في الأمر المسرع. والكرى: النوم.

* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت عمرو بن ميمون يحدّث، عن عبد الله أنه قال في هذه الآية (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ) قال: أرض كالفضة نقية لم يَسِل فيها دم، ولم يُعْمَل فيها خطيئة، يسمعهم الداعي، وينفُذهُم البصر، حُفاة عُراة قياما،أحسب قال: كما خُلِقوا، حتى يلجمهم العرق قياما وَحْدَه.
قال: شعبة: ثم سمعته يقول: سمعت عمرو بن ميمون، ولم يذكر عبد الله ثم عاودته فيه، قال: حدثنيه هبيرة، عن عبد الله.
حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا يحيى بن عباد، قال: أخبرنا شعبة، قال: أخبرنا أبو إسحاق، قال: سمعت عمرو بن ميمون وربما قال: قال عبد الله: وربما لم يقل، فقلت له: عن عبد الله؟ قال: سمعت عمرو بن ميمون يقول (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) قال: أرض كالفضة بيضاء نقية، لم يسل فيها دم، ولم يعمل فيها خطيئة، فينفُذهُم البصر، ويسمعهم الداعي، حفاة عُراة كما خُلِقوا، قال: أراه قال: قياما حتى يُلجمهم العرق.
حدثنا الحسن، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن ابن مسعود، في قوله (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ) قال: تبدّل أرضا بيضاء نقية كأنها فضة، لم يسفك فيها دم حرام، ولم يُعمَل فيها خطيئة.
حدثني المثنى، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: أخبرنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله، في قوله (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) قال: أرض الجنة بيضاء نقية، لم يعمل فيها خطيئة، يسمعهم الداعي، وينفذه البصر، حفاة عراة قياما يلجمهم العرق.
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) قال: أرض بيضاء كالفضة لم يسفك فيها دم حرام، ولم يُعمل فيها خطيئة.
حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا يحيى بن عباد، قال: ثنا حماد بن زيد،
قال: أخبرنا عاصم بن بَهْدلة، عن زِرّ بن حُبيش، عن عبد الله بن مسعود، أنه تلا هذه الآية (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) قال: يجاء بأرض بيضاء كأنها سبيكة فضة لم يُسْفك فيها دم، ولم يُعمل عليها خطيئة، قال: فأوّل ما يحكم بين الناس فيه في الدماء.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا معاوية بن هشام، عن سنان، عن جابر الجُعفيّ، عن أبي جبيرة، عن زيد، قال: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليهود، فقال: هَلْ تَدْرُونَ لِمَ أَرْسَلْتُ إلَيْهِمْ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فإني أرْسَلْتُ إلَيْهِمْ أسألُهُمْ عَنْ قَوْلِ الله (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) إنَّها تَكُونُ يَوْمَئذٍ بَيْضَاءَ مثْلُ الفضَّةِ، فلما جاءوا سألهم. فقالوا: تكون بيضاء مثل النقيّ (1) .
حدثنا أبو إسماعيل الترمذي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سنان بن سعد، عن أنس بن مالك، أنه تلا هذه الآية (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) قال: يبدّلها الله يوم القيامة بأرض من فضة لم يُعمل عليها الخطايا، ينزلها الجبَّار تبارك تعالى.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، وحدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) قال: أرض كأنها الفضة، زاد الحسن في حديثه عن شبابة: والسموات كذلك أيضا كأنها الفضة.
حدثا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) قال: أرض كأنها الفضة، والسموات كذلك أيضا.
حدثنا ابن البرقي، قال: ثنا ابن أبي مريمَ، قال: أخبرنا محمد بن جعفر، قال: ثني أبو حازم، قال: سمعت سهل بن سعد يقول: سمعت رسول الله
(1)
في اللسان: وفي الحديث: "يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء، كقرصة النقي" قال أبو عبيد: النقي الخبز الحواري.

صلى الله عليه وسلم يقول: "يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ القيامَةِ على أرْضٍ بَيْضَاءَ عَفْرَاءَ كَقُرْصةِ النُّقِيّ" . قال سهل أو غيره: ليس فيها معلم لغيره.
وقال آخرون: تبدّل نارا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن فضيل، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن قيس بن السَّكن، قال: قال عبد الله: الأرض كلها نار يوم القيامة، والجنة من ورائها ترى أكوابها وكواعبها، والذي نفس عبد الله بيده، إن الرجل ليفيض عرقا، حتى يرشح في الأرض قدمه، ثم يرتفع حتى يبلغ أنفه وما مسه الحساب، فقالوا: مم ذاك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: مما يرى الناس ويلقون.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا أبو سفيان، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: قال عبد الله: الأرض كلها يوم القيامة نار، والجنة من ورائها ترى كواعبها وأكوابها، ويلجم الناس العرق، أو يبلغ منهم العرق، ولم يبلغوا الحساب.
وقال آخرون: بل تبدّل الأرض أرضا من فضة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، قال: سمعت المغيرة بن مالك يحدّث عن المجاشع أو المجاشعي، شكّ أبو موسى، عمن سمع عليا يقول في هذه الآية (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) قال: الأرض من فضة، والجنة من ذهب.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن شعبة، عن المغيرة بن مالك، قال: ثني رجل من بني مجاشع، يقال له عبد الكريم،أو ابن عبد الكريم، قال: حدثني هذا الرجل أراه بسمرقند، أنه سمع عليّ بن أبي طالب قرأ هذه الآية (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) قال: الأرض من فضة، والجنة من ذهب.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن شعبة، عن مغيرة بن مالك، عن رجل من بني مجاشع، يقال له عبد الكريم،أو يكنى أبا عبد الكريم، قال:
أقامني على رجل بخراسان، فقال: حدثني هذا أنه سمع عليّ بن أبي طالب، فذكر نحوه.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) ... الآية، فزعم أنها تكون فضة.
حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سنان بن سعد، عن أنس بن مالك قال: يبدّلها الله يوم القيامة بأرض من فضة.
وقال آخرون: يبدّلها خبزة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو سعد سعيد بن دلّ من صغانيان، قال: ثنا الجارود بن معاذ الترمِذِيّ، قال: ثنا وكيع بن الجرّاح، عن عمر بن بشر الهمداني، عن سعيد بن جبير، في قوله (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) قال: تبدّل خبزة بيضاء يأكل المؤمن من تحت قدميه.
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا وكيع، عن أبى معشر، عن محمد بن كعب القرظي، أو عن محمد بن قيس (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) قال: خبزة يأكل منها المؤمنون من تحت أقدامهم.
وقال آخرون: تبدّل الأرض غير الأرض.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا عليّ بن سهل، قال: ثنا حجاج بن محمد، قال: ثنا أبو جعفر، عن الربيع بن أنس، عن كعب في قوله (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ) قال: تصير السماوات جنانا ويصير مكان البحر النار. قال: وتبدل الأرض غيرها.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربيّ، عن إسماعيل بن رافع المدني، عن يزيد، عن رجل من الأنصار، عن محمد بن كعب القرظي، عن رجل من الأنصار، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ فَيَبْسُطُهَا وَيُسَطِّحهَا وَيَمُدّهَا مَدّ الأدِيم الْعُكَاظِيّ لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا، ثُمَّ يَزْجُر اللَّه الْخَلْق زَجْرَةً وَاحِدَةً"




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 48.60 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 47.97 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.29%)]