مكارم الأخلاق (7) الحياء
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن لكل دين خلقاً وإن خلق الإسلام الحياء» (صحيح ابن ماجه)، وفي زيادة عن ابن عبدالبر برواية معاذ بن جبل: «من لا حياء له لا دين له».
- هذا الخلق العظيم الذي كاد أن ينعدم أيامنا هذه، مع اتخاذ وسائل التواصل الاجتماعي لجني الأموال وتحقيق الثروات، ولاسيما عند النساء، نسأل الله العافية.
كان صاحبي يعبر عن استيائه من صعوبة السيطرة على الأحفاد وانجرافهم وراء ثقافة لا تمت إلى الإسلام بصلة.
- تبقى ثوابت الدين هي الأصلح، وإن كثر الخبيث وانتشر، فإنه زبد: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ} (الرعد:17)، (الحياء) خلق هذا الدين الكامل الذي اختاره الله -تعالى- لنا وبعث به محمدا - صلى الله عليه وسلم -، و(الحياء) رأس الفضائل، من تركه ترك خيرا كثيرا، كما في حديث الصحيحين: «الحياء لا يأتي إلا بخير»، وعند مسلم «الحياء خير كله» في طريقنا لأداء صلاة العصر في المقبرة.
- يقول ابن القيم -رحمه الله- في مدارج السالكين: «حياة القلوب يكون فيه قوة خلق الحياء، وقلة الحياء من موت القلب والروح؛ ولهذا كان خلق الحياء مشتقا من الحياة اسما وحقيقة؛ فأكمل الناس حياة أكملهم حياء، ونقصان حياء المرء من نقصان حياته؛ فإن الروح إذا ماتت لم تحس بما يؤلمها من القبائح فلا تستحيي منها...»، ويقول في (مفتاح دار السعادة): «ثم تأمل هذا الخلق الذي خص الله به الإنسان دون الحيوان، وهو خلق الحياء الذي هو أفضل الأخلاق وأجلها وأعظمها قدرا وأكثرها نفعا، بل هو خاصة الإنسانية! فمن لا حياء فيه ليس معه من الإنسانية إلا اللحم والدم وصورتهم الظاهرة، كما أنه ليس معه من الخير شيء».
- صدق والله ابن القيم، وكما في الحديث عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إن لم تستح فاصنع ما شئت» (البخاري)، والحياء من الإيمان، كما في الحديث: «الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، الحياء شعبة من الإيمان» (صحيح الترغيب)؛ بل عند الإمام أحمد: «الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة».
استدرك علي صاحبي: - الحديث عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر على رجل من الأنصار يعظ أخاه في الحياء فقال له - صلى الله عليه وسلم -: «دعه فإن الحياء من الإيمان» (متفق عليه)، والحديث الآخر: «الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة والبذاء من الجفاء والجفاء في النار» (السلسلة الصحيحة».
كان الطقس حارا، جافا، ولكننا التزمنا بالذهاب لاتباع جنازة أحد رواد المسجد، وأداء أحد حقوقه علينا! - المشكلة أن العامة لا يفرقون بين الخجل والحياء؛ فالأول منقصة، والثاني منقبة، ذاك الخلق الذي يبعث صاحبه على اجتناب القبيح ويمنع التقصير في حق ذي الحق، وقيل الحياء ضد الوقاحة ولا شك أنه خلق يوجد مع الفطرة السليمة، من فقده يفقد المروءة، وعز النفس، والنخوة، بل ويفقد من دينه على قدر ما يفقد من الحياء!
- الحديث عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر على رجل من الأنصار يعظ أخاه في الحياء فقال له - صلى الله عليه وسلم -: «دعه فإن الحياء من الإيمان» (متفق عليه)، والحديث الآخر: «الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة والبذاء من الجفاء والجفاء في النار» (السلسلة الصحيحة». كان الطقس حارا، جافا، ولكننا التزمنا بالذهاب لاتباع جنازة أحد رواد المسجد، وأداء أحد حقوقه علينا! - المشكلة أن العامة لا يفرقون بين الخجل والحياء؛ فالأول منقصة، والثاني منقبة، ذاك الخلق الذي يبعث صاحبه على اجتناب القبيح ويمنع التقصير في حق ذي الحق، وقيل الحياء ضد الوقاحة ولا شك أنه خلق يوجد مع الفطرة السليمة، من فقده يفقد المروءة، وعز النفس، والنخوة، بل ويفقد من دينه على قدر ما يفقد من الحياء! دعني أقرأ لك ما تيسر في الشبكة العنكبوتية العالمية عن الحياء: الحياء من صفات الرب -سبحانه-، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن ربكم حيي كريم، يستحيي من عبده أن يرفع إليه يديه، فيردهما صفرا، أو خائبتين» (صحيح - رواه ابن ماجه). قال ابن القيم - رحمه الله-: «وأما حياء الرب -تعالى- من عبده فنوع آخر لا تدركه الأفهام، ولا تكيفه العقول؛ فإنه حياء كرم وبر وجود؛ فإنه -تبارك وتعالى- حيي كريم يستحيي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفرا، ويستحيي أن يعذب ذا شيبة شابت في الإسلام». والحياء من خلق الملائكة قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في عثمان - رضي الله عنه -: «ألا أستحيي من رجل تستحيي منه الملائكة؟» (رواه مسلم). والحياء زينة الأخلاق لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما كان الفحش في شيء إلا شانه، وما كان الحياء في شيء إلا زانه» (صحيح - رواه الترمذي وابن ماجه) وفي بيان التطبيق العملي للحياء قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «استحيوا من الله حق الحياء». قالوا: إنا لنستحيي والحمد لله. قال: «ليس ذاك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء: أن تحفظ الرأس وما وعى، وتحفظ البطن وما حوى، وتتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء» (حسن - رواه الترمذي).
وعن سعيد بن يزيد الأزدي؛ أنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أوصني، قال: «أوصيك أن تستحيي من الله -عز وجل-؛ كما تستحيي من الرجل الصالح من قومك». (صحيح - رواه أحمد).
ومن الحياء ستر العورات لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله -عز وجل- حيي ستير، يحب الحياء والستر، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر» (صحيح) استوقفني صاحبي: - هذه، هذه التي تخلى عنها الناس لأجل المال والشهرة، لا يسترون عورة، ولا خصوصية، ولا فاحش الكلام.
وماذا عن شرح قوله - صلى الله عليه وسلم -: «أن تستحيي من الله كما تستحيي من الرجل الصالح...» (الحديث).
إليك شرحه: قال ابن جرير: هذا أبلغ موعظة وأبين دلالة بأوجز إيجاز وأوضح بيان؛ إذ لا أحد من الفسقة إلا وهو يستحيي من عمل القبيح عن أعين أهل الصلاح وذوي الهيئات والفضل أن يراه وهو فاعله، والله مطلع على جميع أفعال خلقه؛ فالعبد إذا استحيا من ربه استحياءه من رجل صالح من قومه، تجنب جميع المعاصي الظاهرة والباطنة، فيا لها من وصية ما أبلغها وموعظة ما أجمعها!، ولذلك لا يستحيي من الحيوان ولا من الأطفال ولا من الذين لا يميزون، ويستحيي من العالِم أكثر مما يستحيي من الجاهل، ومن الجماعة أكثر ما يستحيي من الواحد، والذين يستحي منهم الإنسان ثلاثة: البشر ثم نفسه ثم الله -تعالى-، ومن استحيا من الناس ولم يستحي من نفسه، فنفسه عنده أخس من غيره، ومن استحيا منها ولم يستحي من الله؛ فلعدم معرفته بالله؛ ففي ضمن الحديث حث على معرفة الله -تعالى-.
اعداد: د. أمير الحداد