
25-07-2025, 01:48 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,340
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
 تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الحادى والعشرون
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الصافات
الحلقة (1181)
صــ 131 لى صــ 140
من الله لهم أن ينصرهم.
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ) يقول: بالحجج.
وكان بعض أهل العربية يتأوّل ذلك: ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين بالسعادة. وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله: "ولقد سبقت كلمتنا على عبادنا المرسلين" فجعلت على مكان اللام، فكأن المعنى: حقت عليهم ولهم، كما قيل: على مُلك سليمان، وفي مُلك سليمان، إذ كان معنى ذلك واحدا.
وقوله (وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ) يقول: وإن حزبنا وأهل ولايتنا لهم الغالبون، يقول: لهم الظفر والفلاح على أهل الكفر بنا، والخلاف علينا.
القول في تأويل قوله تعالى: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (174) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (175) أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (176) فَإِذَا نزلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ (177) }
يعني تعالى ذكره بقوله (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ) : فأعرض عنهم إلى حين.
واختلف أهل التأويل في هذا الحين، فقال بعضهم: معناه إلى الموت.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ) : أي إلى الموت.
وقال آخرون: إلى يوم بدر.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ) قال: حتى يوم بدر. وقال آخرون: معنى ذلك: إلى يوم القيامة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ) قال: يوم القيامة.
وهذا القول الذي قاله السديّ، أشبه بما دلّ عليه ظاهر التنزيل، وذلك أن الله توعدهم بالعذاب الذي كانوا يستعجلونه، فقال: (أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ) ، وأمر نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أن يُعْرِض عليهم إلى مجيء حينه. فتأويل الكلام: فتول عنهم يا محمد إلى حين مجيء عذابنا، ونزوله بهم.
وقوله (وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) : وأنظرهم فسوف يرون ما يحل بهم من عقابنا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) حين لا ينفعهم البصر.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) يقول: أنظرهم فسوف يبصرون ما لهم بعد اليوم، قال: يقول: يبصرون يوم القيامة ما ضيعوا من أمر الله، وكفرهم بالله ورسوله وكتابه، قال: فأبصرهم وأبصر، واحد.
وقوله (أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ) يقول: فبنزول عذابنا بهم يستعجلونك يا محمد، وذلك قولهم للنبي (مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) .
وقوله (فَإِذَا نزلَ بِسَاحَتِهِمْ) يقول: فإذا نزل بهؤلاء المشركين المستعجلين بعذاب الله العذاب. العرب تقول: نزل بساحة فلان العذاب والعقوبة، وذلك إذا نزل به; والساحة: هي فناء دار الرجل، (فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ) يقول: فبئس صباح القوم الذين أنذرهم رسولنا نزول ذلك العذاب بهم فلم يصدقوا به.
ونحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد قال ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله (فَإِذَا نزلَ بِسَاحَتِهِمْ) قال: بدارهم، (فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ) قال: بئس ما يصبحون.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (178) وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (179) سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182) }
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: وأعرض يا محمد عن هؤلاء المشركين، وخلهم وقريتهم على ربهم (حَتَّى حِينٍ) يقول: إلى حين يأذن الله بهلاكهم (وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) يقول: وانظرهم فسوف يرون ما يحل بهم من عقابنا في حين لا تنفعهم التوبة، وذلك عند نزول بأس الله بهم. وقوله (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ) يقول تعالى ذكره تنزيها لربك يا محمد وتبرئة له. (رَبِّ الْعِزَّةِ) يقول: ربّ القوّة والبطش (عَمَّا يَصِفُونَ) يقول: عمَّا يصف هؤلاء المفترون عليه من مشركي قريش، من قولهم ولد الله، وقولهم: الملائكة بنات الله، وغير ذلك من شركهم وفريتهم على ربهم.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (سُبْحَانَ
رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ) : أي عما يكذبون يسبح نفسه إذا قيل عليه البهتان.
وقوله (وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ) يقول: وأمة من الله للمرسلين الذين أرسلهم إلى أممهم الذي ذكرهم في هذه السورة وغيرهم من فزع يوم العذاب الأكبر، وغير ذلك من مكروه أن ينالهم من قبل الله تبارك وتعالى.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (سَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ) قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: "إذا سلمتم عليّ فسلموا على المرسلين فإنما أنا رسول من المرسلين" .
(وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) يقول تعالى ذكره: والحمد لله رب الثقلين الجن والإنس، خالصا دون ما سواه، لأن كلّ نعمة لعباده فمنه، فالحمد له خالص لا شريك له، كما لا شريك له في نعمه عندهم، بل كلها من قبله، ومن عنده.
(آخر تفسير سورة الصافات)
تفسير سورة ص
بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قوله تعالى: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ (2) }
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في معنى قول الله عزّ وجلّ: (ص) فقال بعضهم: هو من المصاداة، من صاديت فلانا، وهو أمر من ذلك، كأن معناه عندهم: صاد بعملك القرآن: أي عارضه به، ومن قال هذا تأويله، فإنه يقرؤه بكسر الدال، لأنه أمر، وكذلك رُوي عن الحسن.
* ذكر الرواية بذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: قال الحسن (ص) قال: حادث القرآن.
وحُدثت عن عليّ بن عاصم، عن عمرو بن عبيد، عن الحسن، في قوله (ص) قال: عارض القرآن بعملك.
حُدثت عن عبد الوهاب، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن، في قوله (ص والقرآن) قال: عارض القرآن، قال عبد الوهاب: يقول اعرضه على عملك، فانظر أين عملك من القرآن.
حدثني أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا حجاج، عن هارون، عن إسماعيل، عن الحسن أنه كان يقرأ: (ص والقرآن) بخفض الدال،
وكان يجعلها من المصاداة، يقول: عارض القرآن.
وقال آخرون: هي حرف هجاء.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ: أما (ص) فمن الحروف. وقال آخرون: هو قسم أقسم الله به.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله (ص) قال: قسم أقسمه الله، وهو من أسماء الله.
وقال آخرون: هو اسم من أسماء القرآن أقسم الله به.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (ص) قال: هو اسم من أسماء القرآن أقسم الله به. وقال آخرون: معنى ذلك: صدق الله.
* ذكر من قال ذلك:
حُدثت عن المسيب بن شريك، عن أبي روق، عن الضحاك فى قوله (ص) قال: صدق الله.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك فقرأته عامة قرّاء الأمصار خلا عبد الله بن أبي إسحاق وعيسى بن عمر، بسكون الدال، فأما عبد الله بن أبي إسحاق فإنه كان يكسرها لاجتماع الساكنين، ويجعل ذلك بمنزلة الأداة، كقول العرب: تركته حاثِ باثِ، وخازِ بازِ يخفضان من أجل أن الذي يلي آخر الحروف ألف فيخفضون مع الألف، وينصبون مع غيرها، فيقولون حيث بيث، ولأجعلنك في حيص بيص: إذا ضيق عليه. وأما عيسى بن عمر فكان يوفق بين جميع ما كان قبل آخر الحروف منه ألف، وما كان قبل آخره ياء أو واو فيفتح جميع ذلك وينصبه، فيقول: ص وق ون ويس، فيجعل ذلك مثل الأداة كقولهم: ليتَ، وأينَ وما أشبه ذلك.
والصواب من القراءة في ذلك عندنا السكون في كل ذلك، لأن ذلك القراءة التي جاءت بها قرّاء الأمصار مستفيضة فيهم، وأنها حروف هجاء لأسماء المسميات، فيعرب إعراب الأسماء والأدوات والأصوات، فيسلك به مسالكهن، فتأويلها إذ كانت كذلك تأويل نظائرها التي قد تقدم بيانها قبل فيما مضى.
وكان بعض أهل العربية يقول: (ص) في معناها كقولك: وجب والله، نزل والله، وحق والله، وهي جواب لقوله (والقرآن) كما تقول: حقا والله، نزل والله.
وقوله (وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) وهذا قسم أقسمه الله تبارك وتعالى بهذا القرآن فقال: (وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ)
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله (ذِي الذِّكْرِ) فقال بعضهم: معناه: ذي لشرف.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا نصر بن عليّ، قال: ثنا أبو أحمد، عن قيس، عن أبي حصين، عن سعيد (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) قال: ذي الشرف.
حدثنا نصر بن عليّ وابن بشار، قالا ثنا أبو أحمد، عن مسعر، عن أبي حصين
(ذي الذكر) : ذي الشرف.
قال: ثنا أبو أحمد، عن سفيان، عن إسماعيل، عن أبي صالح أو غيره (ذي الذكر) : ذي الشرف.
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (والقرآن ذي الذكر) قال: ذي الشرف.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن يحيى بن عُمارة، عن سعيد بن جُبَير عن ابن عباس (ص والقرآن ذي الذكر) ذي الشرف.
وقال بعضهم: بل معناه: ذي التذكير، ذكَّركمُ الله به.
* ذكر من قال ذلك:
حُدثت عن المسيب بن شريك، عن أبي روق، عن الضحاك (ذي الذكر) قال: فيه ذكركم، قال: ونظيرتها: (لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم) .
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (ذي الذكر) : أي ما ذكر فيه.
وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: معناه: ذي التذكير لكم، لأن الله أتبع ذلك قوله (بل الذين كفروا في عزة وشقاق) فكان معلوما بذلك أنه إنما أخبر عن القرآن أنه أنزله ذكرًا لعباده ذكرهم به، وأن الكفار من الإيمان به في عزّة وشقاق.
واختلف في الذي وقع عليه اسم القسم، فقال بعضهم; وقع القسم على قوله (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ)
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة. (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ) قال: ها هنا وقع القسم.
وكان بعض أهل العربية يقول: "بل" دليل على تكذيبهم، فاكتفى ببل
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|