عرض مشاركة واحدة
  #1204  
قديم 25-07-2025, 03:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,266
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الحادى والعشرون
تَفْسِيرِ سُّورَةِ غافر
الحلقة (1204)
صــ 361 الى صــ 370





وقال آخرون فيه ما حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قوله: (أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) قال: أميتوا في الدنيا، ثم أحيوا في قبورهم، فسئلوا أو خوطبوا، ثم أميتوا في قبورهم، ثم أحيوا في الآخرة.
وقال آخرون في ذلك ما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) قال: خلقهم من ظهر آدم حين أخذ عليهم الميثاق، وقرأ: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) فقرأ حتى بلغ (الْمُبْطِلُونَ) قال: فنساهم الفعل، وأخذ عليهم الميثاق، قال: وانتزع ضلعا من أضلاع آدم القصرى، فخلق منه حواء، ذكره عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، قال: وذلك قول الله: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً) قال: بث منهما بعد ذلك في الأرحام خلقا كثيرا، وقرأ: (يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ) قال: خلقا بعد ذلك، قال: فلما أخذ عليهم الميثاق، أماتهم ثم خلقهم في الأرحام، ثم أماتهم، ثم أحياهم يوم القيامة، فذلك قول الله: (رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا) ، وقرأ قول الله: (وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا) قال: يومئذ، وقرأ قول الله: (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا) .
وقوله: (فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا) يقول: فأقررنا بما عملنا من الذنوب في الدنيا (فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ) يقول: فهل إلى خروج من النار لنا سبيل، لنرجع إلى الدنيا، فنعمل غير الذي كنا نعمل فيها.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ) : فهل إلى كرّة إلى الدنيا.
القول في تأويل قوله تعالى: {ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (12) }
وفي هذا الكلام متروك استغني بدلالة الظاهر من ذكره عليه; وهو: فأجيبوا أن لا سبيل إلى ذلك هذا الذي لكم من العذاب أيها الكافرون (بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ) ، فأنكرتم أن تكون الألوهة له خالصة، وقلتم (أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا) .
(وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا) يقول: وإن يجعل لله شريك تصدّقوا من جعل ذلك له (فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ) يقول: فالقضاء لله العلي على كل شيء، الكبير الذي كل شيء دونه متصاغرا له اليوم.
القول في تأويل قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنزلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلا مَنْ يُنِيبُ (13) فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (14) }
يقول تعالى ذكره: الذي يريكم أيها الناس حججه وأدلته على وحدانيته وربوبيته (وَيُنزلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا) يقول ينزل لكم من أرزاقكم من السماء بإدرار الغيث الذي يخرج به أقواتكم من الأرض، وغذاء أنعامكم عليكم (وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلا مَنْ يُنِيبُ) يقول: وما يتذكر حجج الله التي جعلها أدلة على وحدانيته، فيعتبر بها ويتعظ، ويعلم حقيقة ما تدل عليه، إلا من ينيب، يقول: إلا من يرجع إلى توحيده، ويقبل على طاعته.
كما حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (إِلا مَنْ يُنِيبُ) قال: من يقبل إلى طاعة الله.
وقوله: (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد
صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وللمؤمنين به، فاعبدوا الله أيها المؤمنون له، مخلصين له الطاعة غير مشركين به شيئا مما دونه (وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) يقول: ولو كره عبادتكم إياه مخلصين له الطاعة الكافرون المشركون في عبادتهم إياه الأوثان والأنداد.
القول في تأويل قوله تعالى: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ (15) يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16) }
يقول تعالى ذكره: هو رفيع الدرجات; ورفع قوله: (رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ) على الابتداء; ولو جاء نصبا على الرد على قوله: فادعوا الله، كان صوابا. (ذُو الْعَرْشِ) يقول: ذو السرير المحيط بما دونه.
وقوله: (يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ) يقول: ينزل الوحي من أمره على من يشاء من عباده.
وقد اختلف أهل التأويل في معنى الروح في هذا الموضع، فقال بعضهم: عني به الوحي.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتاده، قوله: (يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ) قال: الوحي من أمره.
وقال آخرون: عني به القرآن والكتاب.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني هارون بن إدريس الأصمّ، قال: ثنا عيد الرحمن بن
المحاربيّ، عن جُوَيبر، عن الضحاك في قوله: (يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ) قال: يعني بالروح: الكتاب ينزله على من يشاء.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ) ، وقرأ: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا) قال: هذا القرآن هو الروح، أوحاه الله إلى جبريل، وجبريل روح نزل به على النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقرأ: (نزلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ) قال. فالكتب التي أنزلها الله على أنبيائه هي الروح، لينذر بها ما قال الله يوم التلاق، (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا) قال: الروح: القرآن، كان أبي يقوله، قال ابن زيد: يقومون له صفا بين السماء والأرض حين ينزل جل جلاله.
وقال آخرون: عني به النبوّة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قول الله: (يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ) قال: النبوّة على من يشاء.
وهذه الأقوال متقاربات المعاني، وإن اختلفت ألفاظ أصحابها بها.
وقوله: (لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ) يقول: لينذر من يلقي الروح عليه من عباده من أمر الله بإنذاره من خلقه عذاب يوم تلتقي فيه أهل السماء وأهل الأرض، وهو يوم التلاق، وذلك يوم القيامة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس، قوله: (يَوْمَ التَّلاقِ) من أسماء يوم القيامة، عظمه الله، وحذّره عباده.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (يَوْمَ التَّلاقِ) : يوم تلتقي فيه أهل السماء وأهل الأرض، والخالق والخلق.
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (يَوْمَ التَّلاقِ) تلقي أهل السماء وأهل الأرض.
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد (يَوْمَ التَّلاقِ) قال: يوم القيامة. قال: يوم تتلاقى العباد.
وقوله: (يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ) يعني بقوله (يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ) يعني المنذرين الذين أرسل الله إليهم رسله لينذروهم وهم ظاهرون يعني للناظرين لا يحول بينهم وبينهم جبل ولا شجر، ولا يستر بعضهم عن بعض ساتر، ولكنهم بقاع صفصف لا أمت فيه ولا عوج. و "هم" من قوله: (يَوْمِهِمْ) في موضع رفع بما بعده، كقول القائل: فعلت ذلك يوم الحجاج أمير.
واختلف أهل العربية في العلة التي من أجلها لم تخفض هم بيوم وقد أضيف إليه؟ فقال بعض نحويي البصرة: أضاف يوم إلى هم في المعنى، فلذلك لا ينوّن اليوم، كما قال: (يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ) وقال: (هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ) ومعناه: هذا يوم فتنتهم، ولكن لما ابتدأ بالاسم، وبنى عليه لم يقدر على جرّه، وكانت الإضافة في المعنى إلى الفتنة، وهذا إنما يكون إذا كان اليوم في معنى إذ، وإلا فهو قبيح; ألا ترى أنك تقول: ليتك زمن زيد أمير: أي إذ زيد أمير، ولو قلت: ألقاك زمن زيدٌ أمير، لم يحسن. وقال غيره: معنى ذلك: أن الأوقات جعلت بمعنى إذ وإذا، فلذلك بقيت عل نصبها في الرفع والخفض والنصب، فقال: (وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ) فنصبوا، والموضع خفض، وذلك دليل على أنه جعل موضعَ الأداة، ويجوز أن يعرب بوجوه الإعراب، لأنه ظهر ظهور الأسماء; ألا ترى أنه لا يعود عليه العائد كما يعود على الأسماء، فإن عاد العائد نوّن وأعرب ولم يضف، فقيل: أعجبني يوم فيه تقول، لما أن خرج من معنى الأداة، وعاد عليه الذكر صار اسما صحيحا. وقال: وجائز فى إذ أن تقول: أتيتك إذ تقوم،
كما تقول: أتيتك يوم يجلس القاضي، فيكون زمنا معلوما، فأما أتيتك يوم تقوم فلا مؤنة فيه وهو جائز عند جميعهم، وقال: وهذه التي تسمى إضافة غير محضة.
والصواب من القول عندي في ذلك، أن نصب يوم وسائر الأزمنة في مثل هذا الموضع نظير نصب الأدوات لوقوعها مواقعها، وإذا أعربت بوجوه الإعراب، فلأنها ظهرت ظهور الأسماء، فعوملت معاملتها.
وقوله: (لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ) أي ولا من أعمالهم التي عملوها في الدنيا (شَيْءٌ) .
وكان قتادة يقول في ذلك ما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ) ولكنهم برزوا له يوم القيامة، فلا يستترون بحبل ولا مدر.
وقوله: (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) يعني بذلك: يقول الربّ: لمن الملك اليوم; وترك ذكر "يقول" استغناء بدلالة الكلام عليه. وقوله: (لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) وقد ذكرنا الرواية الواردة بذلك فيما مضى قبل. ومعنى الكلام: يقول الربّ: لمن السلطان اليوم؟ وذلك يوم القيامة، فيحيب نفسه فيقول: (لِلَّهِ الْوَاحِدِ) الذي لا مثل له ولا شبيه (القَهَّارِ) لكلّ شيء سواه بقدرته، الغالب بعزّته.
القول في تأويل قوله تعالى: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17) }
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيله يوم القيامة حين يبعث خلقه من قبورهم لموقف الحساب: (الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ) يقول: اليوم يثاب كلّ عامل بعمله، فيوفى أجر عمله، فعامل الخير يجزى الخير، وعامل الشر يجزى جزاءه.
وقوله: (لا ظُلْمَ الْيَوْمَ) يقول: لا بخس على أحد فيما استوجبه من أجر عمله في الدنيا، فينقص منه إن كان محسنا، ولا حُمِل على مسيء إثم ذنب لم يعمله فيعاقب عليه (إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) يقول: إن الله ذو سرعة في محاسبة عباده يومئذ على أعمالهم التي عملوها في الدنيا; ذُكر أن ذلك اليوم لا يَنْتَصِف حتى يقيل أهل الجنة في الحنة، وأهل النار في النار، وقد فرغ من حسابهم، والقضاء بينهم.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18) يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19) وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (20) }
يقول تعالى ذكره لنبيه: وأنذر يا محمد مشركي قومك يوم الآزفة، يعنى يوم القيامة، أن يوافوا الله فيه بأعمالهم الخبيثة، فيستحقوا من الله عقابه الأليم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: (يَوْمَ الآزِفَةِ) قال: يوم القيامة.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ) يوم القيامة.
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (وَأَنْذِرْهُمْ
يَوْمَ الآزِفَةِ) قال: يوم القيامة.
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فى قوله (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ) قال: يوم القيامة، وقرأ: (أَزِفَتِ الآزِفَةُ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ) .
وقوله: (إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ) يقول تعالى ذكره: إذ قلوب العباد من مخافة عقاب الله لدى حناجرهم قد شخصت من صدورهم، فتعلقت بحلوقهم كاظميها، يرومون ردّها إلى مواضعها من صدورهم فلا ترجع، ولا هي تخرج من أبدانهم فيموتوا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ) قال: قد وقعت القلوب في الحناجر من المخافة، فلا هي تخرج ولا تعود إلى أمكنتها.
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ) قال: شخصت أفئدتهم عن أمكنتها، فنشبت في حلوقهم، فلم تخرج من أجوافهم فيموتوا، ولم ترجع إلى أمكنتها فتستقرّ.
واختلف أهل العربية في وجه النصب (كَاظِمِينَ) فقال بعض نحويِّي البصرة: انتصابه على الحال، كأنه أراد: إذ القلوب لدى الحناجر في هذه الحال. وكان بعض نحويي الكوفة يقول: الألف واللام بدل من الإضافة، كأنه قال: إذا قلوبهم لدى حناجرهم في حال كظمهم. وقال آخر منهم: هو نصب على القطع من المعنى الذي يرجع من ذكرهم في القلوب والحناجر، المعمى: إذ قلوبهم لدى حناجرهم كاظمين. قال: فإن شئت جعلت قطعة من الهاء التي في قوله (وَأَنْذِرْهُمْ) قال: والأول أجود في العربية، وقد تقدّم بيان وجه ذلك.
وقوله: (مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ) يقول جلّ ثناؤه: ما للكافرين بالله يومئذ من حميم يحم (1) لهم، فيدفع عنهم عظيم ما نزل بهم من عذاب الله، ولا شفيع يشفع لهم عند ربهم فيطاع فيما شفع، ويُجاب فيما سأل.
وبنحو الذي قلنا فى ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ) قال: من يعنيه أمرهم، ولا شفيع لهم. وقوله: (يطاع) صلة للشفيع. ومعنى الكلام: ما للظالمين من حميم ولا شفيع إذا شفع أطيع فيما شفع، فأجيب وقبلت شفاعته له.
وقوله: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعْيُنِ) يقول جلّ ذكره مخبرا عن صفة نفسه: يعلم ربكم ما خانت أعين عباده، وما أخفته صدورهم، يعني: وما أضمرته قلوبهم; يقول: لا يخفى عليه شيء من أمورهم حتى ما يحدث به نفسه، ويضمره قلبه إذا نظر ماذا يريد بنظره، وما ينوي ذلك بقلبه (وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ) يقول: والله تعالى ذكره يقضي في الذي خانته الأعين بنظرها، وأخفته الصدور عند نظر العيون بالحق، فيجزي الذين أغمضوا أبصارهم، وصرفوها عن محارمه حذارَ الموقف بين يديه، ومسألته عنه بالحُسنى، والذين ردّدوا النظر، وعزمت قلوبهم على مواقعة الفواحش إذا قدّرت، جزاءها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عبد الله بن أحمد المَرْوَزِيّ، قال: ثنا عليّ بن حسين بن واقد قال: ثني أبي، قال: ثنا الأعمش، قال: ثنا سعيد بن جبير، عن ابن عباس
(1)
في اللسان: حمنى: الأمر وأحمني: أهمني. وقال الأزهري: أحمني هذا الأمر واحتممت له، كأنه اهتمام بحميم قريب.

(يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعْيُنِ) إذا نظرت إليها تريد الخيانة أم لا (وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) إذا قدرت عليها أتزني بها أم لا؟ قال: ثم سكت، ثم قال: ألا أخبركم بالتي تليها؟ قلت نعم، قال: (وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ) قادر على أن يجزي بالحسنة الحسنة، وبالسيئة السيئة (إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) قال الحسن: فقلت للأعمش: حدثني الكلبيّ، إلا أنه قال: إن الله قادر على أن يجزي بالسيئة السيئة، وبالحسنة عشرا. وقال الأعمش: إن الذي عند الكلبيّ عندي، ما خرج مني إلا بحقير.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعْيُنِ) قال: نظر الأعين إلى ما نهى الله عنه.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (خَائِنَةَ الأعْيُنِ) : أي يعلم همزه بعينه، وإغماضه فيما لا يحبّ الله ولا يرضاه.
وقوله: (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ) يقول: والأوثان والآلهة التي يعبدها هؤلاء المشركون بالله من قومك من دونه لا يقضون بشيء، لأنها لا تعلم شيئا، ولا تقدر على شيء، يقول جلّ ثناؤه لهم: فاعبدوا الذي يقدر على كل شيء، ولا يخفى عليه شيء من أعمالكم، فيجزي محسنكم بالإحسان، والمسيء بالإساءة، لا ما لا يقدر على شيء ولا يعلم شيئا، فيعرف المحسن من المسيء، فيثيب المحسن، ويعاقب المسيء.
وقوله: (إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) يقول: إن الله هو السميع لما تنطق به ألسنتكم أيها الناس، البصير بما تفعلون من الأفعال، محيط بكل ذلك محصيه عليكم، ليجازي جميعكم جزاءه يوم الجزاء.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ) فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة: "وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ" بالتاء على وجه الخطاب. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة بالياء على وجه الخبر.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 41.11 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 40.48 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.53%)]