
26-07-2025, 03:41 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,628
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
 تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثانى والعشرون
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الذاريات
الحلقة (1271)
صــ 381 الى صــ 390
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) : النوافل.
وأولى الأقوال في ذلك بالصحة، قول من قال: هما الركعتان بعد المغرب، لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك، ولولا ما ذكرت من إجماعها عليه، لرأيت أن القول في ذلك ما قاله ابن زيد، لأن الله جلّ ثناؤه لم يخصص بذلك صلاة دون صلاة، بل عمّ أدبار الصلوات كلها، فقال: وأدبار السجود، ولم تقم بأنه معنيّ به: دبر صلاة دون صلاة، حجة يجب التسليم لها من خبر ولا عقل.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله (وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) فقرأته عامة قرّاء الحجاز والكوفة، سوى عاصم والكسائي (وإدْبارِ السُّجُودِ) بكسر الألف، على أنه مصدر أدبر يُدبر إدبارا. وقرأه عاصم والكسائي وأبو عمرو (وأدْبارَ) بفتح الألف على مذهب جمع دبر وأدبار.
والصواب عندي الفتح على جمع دبر.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِي مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (41) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (42) }
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: واستمع يا محمد صيحة يوم القيامة، يوم ينادي بها منادينا من موضع قريب.
وذُكر أنه ينادي بها من صخرة بيت المقدس.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ بن سهل، قال: ثنا الوليد بن مسلم، عن سعيد بن بشر، عن قتادة، عن كعب، قال: (وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِي مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ) قال مَلك قائم على صخرة بيت المقدس ينادي: أيتها العظام البالية والأوصال المتقطعة; إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء.
حدثنا بشر; قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد; عن قتادة (وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِي مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ) قال: كنا نحدّث أنه ينادي من بيت المقدس من الصخرة، وهي أوسط الأرض.
وحُدّثنا أن كعبا قال: هي أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلا.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِي مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ) قال: بلغني أنه ينادي من الصخرة التي في بيت المقدس.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِي مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ) قال: هي الصيحة.
حدثني عليّ بن سهل، قال: ثنا الوليد بن مسلم، قال: ثني بعض أصحابنا، عن الأغرّ، عن مسلم بن حيان، عن ابن بُريدة، عن أبيه بُريدة، قال: مَلك قائم على صخرة بيت المقدس، واضع أصبعيه في أذُنيه ينادي، قال: قلتُ: بماذا ينادي؟ قال: يقول يا أيها الناس هلموا إلى الحساب; قال: فيقبلون كما قال الله (كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ) .
وقوله (يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ) يقول تعالى ذكره: يوم يسمع الخلائق صيحة البعث من القبور بالحق، يعني بالأمر بالإجابة لله إلى موقف الحساب.
وقوله (ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ) يقول تعالى ذكره. يوم خروج أهل القبور من قبورهم.
القول في تأويل قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (43) يَوْمَ تَشَقَّقُ الأرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ (44) }
يقول تعالى ذكره: إنا نحن نُحيي الموتى ونميت الأحياء، وإلينا مصير جميعهم يوم القيامة (تَشَقَّقُ الأرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا) يقول جلّ ثناؤه وإلينا مصيرهم يوم تشقَّق الأرض، فاليوم من صلة مصير.
وقوله (تَشَقَّقُ الأرْضُ عَنْهُمْ) يقول: تصدّع الأرض عنهم. وقوله (سِرَاعًا) ونُصبت سراعا على الحال من الهاء والميم فى قوله عنهم. والمعنى: يوم تشقَّق الأرض عنهم فيخرجون منها سراعا، فاكتفى بدلالة قوله (يَوْمَ تَشَقَّقُ الأرْضُ عَنْهُمْ) على ذلك من ذكره.
قوله (ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ) يقول: جمعهم ذلك جمع في موقف الحساب، علينا يسير سهل.
القول في تأويل قوله تعالى: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45) }
يقول تعالى ذكره: نحن يا محمد أعلم بما يقول هؤلاء المشركون بالله من فريتهم على الله، وتكذيبهم بآياته، وإنكارهم قُدرة الله على البعث بعد الموت.
(وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ) يقول: وما أنت عليهم بمسلط.
كما حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم. قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ) قال: لا تتجبر عليهم.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ) فإن الله عزّ وجلّ كره الجبرية، ونهى عنها، وقدّم فيها. وقال الفرّاء: وضع الجبار في موضع السلطان من الجبرية; وقال: أنشدني المفضل:
وَيَوْمَ الحَزْنِ إذْ حَشَدَتْ مَعَدّ ... وكانَ النَّاسُ إلا نَحْنُ دِينا عَصَيْنا عَزْمَةَ الجَبَّارِ حَتَّى ... صَبَحْنا الجَوْفَ ألْفا مُعْلَمِينا (1)
ويروى: "الجوف" وقال: أراد بالجبار: المنذر لولايته.
قال: وقيل: إن معنى قوله (وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ) لم تُبعث لتجْبُرَهم على الإسلام، إنما بعثت مذكِّرا، فذكِّر. وقال: العرب لا تقول فعال من أفعلت، لا يقولون: هذا خراج، يريدون: مُخْرِج، ولا يقولون: دخَال، يريدون: مُدْخِل، إنما يقولون: فعال، من فعلت; ويقولون: خراج، من
(1) البيتان من شواهد الفراء في معاني القرآن (الورقة 310) رواهما عن المفضل، ولم أجدهما في المفضليات. والبيت الأول قد سبق استشهاد المؤلف به عند قوله تعالى: "إن الدين عند الله الإسلام" (2: 211) من هذه الطبعة. والشاهد هنا في البيت الثاني في كلمة "الجبار" يريد به الملك المسلط. وقال الفراء: وقوله "وما أنت عليهم بجبار" : يقول: لست عليهم بمسلط. جعل الجبار في موضع السلطان من الجبرية. قال: أنشدني المفضل: "ويوم الحزن ... البيتين" . قال: وقال الكلبي بإسناده: "لست عليهم بجبار" يقول: لم تبعث لتجبرهم على الإسلام والهدى إنما بعثت مذكرًا فذكر، وذلك قبل أن يؤمر بقتالهم. والعرب لا تقول فعال من أفعلت، لا يقولون هذا إخراج ولا دخال، يريدون مدخل ولا مخرج من أدخلت وأخرجت؛ إنما يقولون دخال من دخلت وفعال من فعلت وقد قالت العرب: دراك من أدركت، وهو شاذ. فإن حملت الجبار على هذا المعنى فهو وجه. وقد سمعت بعض العرب يقول جبره على الأمر، يريد أجبره. فالجبار: من هذه اللغة صحيح، يراد به: يقهرهم ويجبرهم.
خرجت; ودخال: من دخلت; وقتَّال، من قتلت. قال: وقد قالت العرب في حرف واحد: درّاك، من أدركت، وهو شاذّ.
قال: فإن قلت الجبار على هذا المعنى، فهو وجه. قال: وقد سمعت بعض العرب يقول: جبره على الأمر، يريد: أجبره، فالجبار من هذه اللغة صحيح، يراد به: يقهرهم ويجبرهم.
وقوله (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ) يقول تعالى ذكره: فذكر يا محمد بهذا القرآن الذي أنزلته إليه من يخاف الوعيد الذي أوعدته من عصاني وخالف أمري.
حدثني نصر بن عبد الرحمن الأوديّ، قال: ثنا حكام الرازي، عن أيوب، عن عمرو الملائي، عن ابن عباس، قال: قالوا يا رسول الله لو خوّفتنا؟ فنزلت (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ) .
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا حكام، عن أيوب بن سيار أبي عبد الرحمن، عن عمرو بن قيس، قال: قالوا: يا رسول الله، لو ذكَّرتنا، فذكر مثله.
آخر تفسير سورة ق
تفسير سورة الذاريات
بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قوله تعالى: {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا (1) فَالْحَامِلاتِ وِقْرًا (2) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا (3) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا (4) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ (5) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ (6) }
يقول تعالى ذكره (وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا) يقول: والرياح التي تذرو التراب ذروا، يقال: ذرت الريح التراب وأذرت.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا هنَّاد بن السَّريّ، قال: ثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن خالد بن عُرعرة، قال: قام رجل إلى عليّ رضي الله عنه، فقال: ما الذاريات ذروا، فقال: هي الريح.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن سِماك، قال: سمعت خالد بن عرعرة، قال: سمعت عليا رضي الله عنه وقد خرج إلى الرحبة، وعليه بُرْدان، فقالوا: لو أن رجلا سأل وسمع القوم، قال: فقام ابن الكواء، فقال: ما الذاريات ذَرْوا؟ فقال: هي الرياح.
حدثني محمد بن عبد الله بن عبيد الهلالي ومحمد بن بشار، قالا ثنا محمد بن خالد بن عثمة، قال: ثنا موسى بن يعقوب الزمعي، قال: ثنا أبو الحويرث، عن محمد بن جُبَير بن مطعم، أخبره، قال: سمعت عليا رضي الله عنه يخطب الناس، فقام عبد الله بن الكوّاء، فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن قول الله تبارك وتعالى: (وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا) قال: هي الرياح.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل، قال: سُئل عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، عن الذاريات ذَرْوا، فقال: الريح.
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطُّفيل، عن علي (وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا) قال: الريح.
قال مهران: حُدِّثنا عن سماك، عن خالد بن عرعرة، قال: سألت عليا رضي الله عنه عن (وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا) فقال: الريح.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن القاسم بن أبي بَزّة، قال: سمعت أبا الطفيل، قال: سمعت عليا رضي الله عنه يقول: لا يسألوني عن كتاب ناطق، ولا سنة ماضية، إلا حدّثتكم، فسأله ابن الكوّاء عن الذاريات، فقال: هي الرياح.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا طلق، عن زائدة، عن عاصم، عن عليّ بن ربيعة، قال: سأل ابن الكوّاء عليا رضي الله عنه، فقال: (وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا) قال: هي الريح.
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا جرير، عن عبد الله بن رفيع، عن أبي الطفيل، قال: قال ابن الكوّاء لعلي رضي الله عنه: ما الذاريات ذَرْوا؟ قال: الريح.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني يحيى بن أيوب، عن أبي صخرة، عن أبي معاوية البجليّ، عن أبي الصهباء البكريّ، عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، قال وهو على المنبر: لا يسألني أحد عن آية من كتاب الله إلا أخبرته، فقام ابن الكوّاء، وأراد أن يسأله عما سأل عنه
صبيغٌ عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: ما الذاريات ذروا؟ قال عليّ: الرياح.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|