عرض مشاركة واحدة
  #1299  
قديم 26-07-2025, 07:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,561
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثالث والعشرون
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الرحمن
الحلقة (1299)
صــ 61 الى صــ70





القول في تأويل قوله تعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (54) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (55) }
يقول تعالى ذكره (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) يتنعمون فيهما، (مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ) ، فنصب متكئين على الحال من معنى الكلام الذي قبله، لأن الذي قبله بمعنى الخبر عمن خاف مقام ربه أنه في نَعْمة وسرور، يتنعمون في الجنتين.
وقوله: (عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ) يقول تعالى ذكره: بطائن هذه الفرش من غليظ الديباج، والإستبرق عند العرب: ما غلظ من الديباج وخشن.
وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة يقول: يسمى المتاع الذي ليس في صفاقة الديباج، ولا خفة العَرَقَة إستبرقا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
** ذكر من قال ذلك:
حدثني عمران بن موسى القزاز، قال: ثنا عبد الوارث بن سعيد، قال: ثنا يحيى بن أبي إسحاق، قال، قال لي سالم بن عبد الله: ما الإستبرق؟ قال، قلت: ما غلظ من الديباج وخشن منه.
حدثنا محمد بن بشار قال: ثنا يحيى بن أبي عَرُوبة، عن قتادة، عن عكرِمة، في قوله: (إسْتَبْرَق) قال: الديباج الغليظ.
وحدثنا إسحاق بن زيد الخطابي، قال: ثنا الفريابيّ، عن سفيان، عن
أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريم عن ابن مسعود في قوله: (فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ) قال: قد أخبرتم بالبطائن، فكيف لو أخبرتم بالظواهر؟.
حدثنا الرفاعي، قال: ثنا ابن اليمان، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن هبيرة، قال: هذه البطائن فما ظنكم بالظواهر؟.
حدثنا أبو هشام الرفاعي، قال: ثنا أبو داود، عن يعقوب، عن جعفر، عن سعيد، قال: قيل له: هذه البطائن من إستبرق فما الظواهر؟ قال: هذا مما قال الله (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) . وقد زعم أهل العربية أن البطانة قد تكون ظهارة، والظهارة تكون بطانة، وذلك أن كل واحد منهما قد يكون وجها. قال: وتقول العرب: هذا ظهر السماء، وهذا بطن السماء لظاهرها الذي نراه.
وقوله: (وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ) يقول: وثمر الجنتين الذي يجتني قريب منهم، لأنهم لا يتعبون بصعود نخلها وشجرها، لاجتناء ثمرها، ولكنهم يجتنونها من قعود بغير عناء.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ) : ثمارهم دانية، لا يردّ أيديهم عنه بعد ولا شوك. ذُكر لنا أن نبي الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: "وَالَّذي نَفسِي بيَدِهِ، لا يَقْطَعُ رَجُلٌ ثَمَرة مِنَ الجَنَّةِ، فَتَصِلُ إلى فِيهِ حتى يُبَدّلَ الله مَكانَها خَيْرا منْها" .
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ) قال: لا يردّ يده بعد ولا شوك.
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ) يقول: ثمارها دانية.
وقوله: (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) يقول تعالى ذكره: فبأيّ آلاء ربكما معشر الثقلين التي أنعم عليكما -من أثاب أهل طاعته منكم هذا الثواب،
وأكرمهم هذه الكرامة - تكذّبان.
القول في تأويل قوله تعالى: {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (56) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (57) }
يقول تعالى ذكره في هذه الفرش التي بطائنها من إستبرق (قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ) ، وهنّ النساء اللاتي قد قُصِرَ طرفهنّ على أزواجهنّ، فلا ينظرن إلى غيرهم من الرجال.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عبيد المحاربي، قال: ثني أبي، عن أبي يحيى، عن مجاهد في قوله: (فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ) قال: قَصُر طرفهنّ عن الرجال، فلا ينظرن إلا إلى أزواجهنّ.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ) .... الآية، يقول: قُصِر طرفهنّ على أزواجهنّ، فلا يردن غيرهم.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ) قال: لا ينظرن إلا إلى أزواجهنّ، تقول: وعزّة ربي وجلاله وجماله، إن أرى في الجنة شيئا أحسن منك، فالحمد لله الذي جعلك زوجي، وجعلني زوجَك.
وقوله: (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ) يقول: لم يمسهنّ إنس قبل هؤلاء الذين وصف جلّ ثناؤه صفتهم، وهم الذين قال فيهم (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) . ولا جانّ يقال منه: ما طمث هذا البعيرَ حبلٌ قطّ: أيِ ما
مَسَّهُ (1) حبل.
وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من الكوفيين يقول: الطمث هو النكاح بالتدمية، ويقول: الطمث هو الدم، ويقول: طمثها إذا دماها بالنكاح.
وإنما عنى في هذا الموضع أنه لم يجامعهنّ إنس قبلهم ولا جانّ.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ) يقول: لم يُدْمِهنّ إنس ولا جانّ.
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن إسماعيل، عن رجل عن عليّ (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ) قال: منذ خلقهنّ.
حدثنا الحسين بن يزيد الطحان، قال: ثنا أبو معاوية الضرير، عن مغيرة بن مسلم، عن عكرمة، قال: لا تقل للمرأة طامث، فإن الطَّمْث هو الجماع، إن الله يقول (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ) .
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قوله: (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ) قال: لَم يَمَسَّهنّ شيء إنسٌ ولا غيره.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ) قال: لم يَمَسَّهنّ.
حدثنا عمرو بن عبد الحميد الآملي، قال: ثنا مروان بن معاوية، عن عاصم، قال: قلت لأبي العالية امرأة طامث، قال: ما طامث؟ فقال رجل:
(1)
كذا في (اللسان: طمث) . وفي الأصل: مشطه، ولعله تحريف من الناسخ.

حائض، فقال أبو العالية: حائض، أليس يقول الله عزّ وجل (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ) .
فإن قال قائل: وهل يجامع النساء الجنّ، فيقال: (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ) ؟ فإن مجاهدا روي عنه ما حدثني به محمد بن عمارة الأسدي، قال: ثنا سهل بن عامر، قال: ثنا يحيى بن يَعْلَى الأسلميّ عن عثمان بن الأسود، عن مجاهد، قال: إذا جامع الرجل ولم يسمّ، انطوى الجانّ على إحليله فجامع معه، فذلك قوله: (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ) .
وكان بعض أهل العلم ينتزع بهذه الآية في أن الجنّ يدخلون الجنة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني أبو حُميد أحمد بن المغيرة الحمصي، قال: ثني أبو حَيْوة شريح بن يزيد الحضرمي قال: ثني أرطاة بن المنذر، قال: سألت ضَمْرة بن حبيب: هل للجنّ من ثواب؟ قال: نعم، ثم نزع بهذه الآية (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ) ، فالإنسيات للإنس، والجنيات للجنّ.
وقوله: (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) يقول تعالى ذكره: فبأيّ آلاء ربكما معشر الجنّ والإنس -من هذه النعم التي أنعمها على أهل طاعته تكذّبان.
القول في تأويل قوله تعالى: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (59) هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ (60) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (61) }
يقول تعالى ذكره: كأن هؤلاء القاصرات الطرف، اللواتي هنّ في هاتين الجنتين في صفائهنّ الياقوت، الذي يرى السلك الذي فيه من ورائه، فكذلك يرى مخّ سوقهنّ من وراء أجسامهنّ، وفي حسنهنّ الياقوت والمرجان.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر الأثر الذي روي عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بذلك:
حدثني محمد بن حاتم، قال: ثنا عبيدة، عن حُميد، عن عطاء بن السائب، عن عمرو بن ميمون، عن ابن مسعود عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: "إنَّ المَرأةَ مِنْ أهْل الجَنَّة لَيُرَى بَياضُ ساقها مِنْ وَرَاء سَبْعِينَ حُلَّةً مِنْ حرير ومُخُّها، وذلكَ أن اللهَ تَبارَكَ وَتَعَالى يَقُولُ: (كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ) أمَّا الياقُوتُ فإنَّهُ لَوْ أدْخَلْتَ فِيهِ سِلْكا ثُمَّ اسْتَصْفَيْتَهُ لرأيْتَهُ مِنْ وَرَائِه" .
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، عن عطاء بن السائب، عن عمرو بن ميمون، قال، قال ابن مسعود: إن المرأة من أهل الجنة لتلبس سبعين حلة من حرير، يرى بياض ساقها وحسن ساقها من ورائهنّ، ذلكم بأن الله يقول (كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ) ، ألا وإنما الياقوت حجر فلو جعلت فيه سلكا ثم استصفيته، لنظرت إلى السلك من وراء الحجر.
قال: ثنا ابن علية، قال: ثنا أبو رجاء، عن الحسن، في قوله: (كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ) ، في بياض المرجان.
حدثنا أبو هشام الرفاعي، قال: ثنا ابن فضيل، قال: ثنا عطاء بن السائب، عن عمرو بن ميمون، قال: أخبرنا عبد الله: أن المرأة من أهل الجنة لتلبس سبعين حلة من حرير، فيرى بياض ساقها وحسنه، ومخّ ساقها من وراء ذلك، وذلك لأن الله قال (كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ) ، ألا ترى أن الياقوت حجر، فإذا أدخلت فيه سلكا، رأيت السلك من وراء الحجر.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، قال: "إن المرأة من الحور العين لتلبس سبعين حلة، فيرى مخّ ساقها كما يرى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء" .
حدثني محمد بن عبيد المحاربيّ، قال: ثنا المطلب بن زياد، عن
السديّ، في قوله: (كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ) قال: صفاء الياقوت وحسن المرجان.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ) صفاء الياقوت في بياض المرجان. ذُكر لنا أن نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: "مَنْ دَخَلَ الجَنَّةَ فَلَهُ فِيها زَوْجتَان يُرىَ مُخُّ سُوقِهِما مِنْ وَرَاءِ ثِيابِهِما" .
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن مروان، قال: ثنا أبو العوّام، عن قتادة (كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ) قال: شبه بهنّ صفاء الياقوت في بياض المرجان.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ) : في صفاء الياقوت وبياض المرجان.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ) قال: كأنهن الياقوت في الصفاء، والمرجان في البياض، الصفاء: صفاء الياقوتة، والبياض: بياض اللؤلؤ.
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان (كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ) قال: في صفاء الياقوت وبياض المرجان.
وقوله: (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) يقول تعالى ذكره: فبأيّ نعم ربكما التي أنعم عليكم معشر الثقلين -من إثابته أهل طاعته منكم بما وصف في هذه الآيات- تكذّبان.
وقوله: (هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ) يقول تعالى ذكره: هل ثواب خوف مقام الله عزّ وجلّ لمن خافه، فأحسن فى الدنيا عَمله، وأطاع ربه، إلا أن يحسن إليه في الآخرة ربُّهُ، بأن يجازيه على إحسانه ذلك في الدنيا، ما وصف في هذه الآيات من قوله: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) ... إلى
قوله: (كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ) .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، وإن اختلفت ألفاظهم بالعبارة عنه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن مروان، قال: ثنا أبو العوّام، عن قتادة (هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ) قال: عملوا خيرا فجوزوا خيرا.
حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا عبيدة بن بكار الأزدي، قال: ثني محمد بن جابر، قال: سمعت محمد بن المنكدر يقول في قول الله جلّ ثناؤه (هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ) قال: هل جزاء من أنعمت عليه بالإسلام إلا الجنة.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ) قال: ألا تراه ذكرهم ومنازلهم وأزواجهم، والأنهار التي أعدّها لهم، وقال: (هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ) : حين أحسنوا في هذه الدنيا أحسنا إليهم، أدخلناهم الجنة.
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، قال: ثنا سفيان، عن سالم بن أبي حفصة، عن أبي يعلى، عن محمد ابن الحنفية (هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ) قال: هي مسجَّلة للبرّ والفاجر.
وقوله: (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) يقول: فبأيّ نعم ربكما معشر الثقلين التي أنعم عليكم -من إثابته المحسن منكم بإحسانه- تكذّبان؟
القول في تأويل قوله تعالى: {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (62) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (63) مُدْهَامَّتَانِ (64) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (65) فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ (66) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (67) }
يقول تعالى ذكره: ومن دون هاتين الجنتين -اللتين وصف الله جلّ ثناؤه صفتهما التي ذكر أنهما لمن خاف مقام ربه - جنتان.
ثم اختلف أهل التأويل في معنى قوله: (وَمِنْ دُونِهِمَا) في هذا الموضع، فقال: بعضهم: معنى ذلك: ومن دونهما في الدَّرَج.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن منصور الطوسيّ، قال: ثنا إسحاق بن سليمان، قال: ثنا عمرو بن أبي قيس، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله "وكان عرشه على الماء" قال: كان عرش الله على الماء، ثم اتخذ لنفسه جنة، ثم اتخذ دونها جنة أخرى، ثم أطبقهما بلؤلؤة واحدة. قال: (وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ) وهي التي لا تعلم، أو قال: وهما التي لا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرّة أعين جزاء بما كانوا يعملون. قال: وهى التي لا تعلم الخلائق ما فيهما، أو ما فيها، يأتيهم كلّ يوم منها أو منهما تحفة.
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا يعقوب، عن عنبسة، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جُبَير بنحوه.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ومن دونهما في الفضل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ) : هما أدنى من هاتين لأصحاب اليمين.
وقوله (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) يقول: فبأيّ نعم ربكما التي أنعم عليكم -بإثابته أهل الإحسان ما وصف من هاتين الجنتين - تكذّبان؟
وقوله: (مُدْهَامَّتَانِ) يقول تعالى ذكره: مسوادّتان من شدة خضرتهما.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (مُدْهَامَّتَانِ) يقول: خضراوان.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (مُدْهَامَّتَانِ) قال: خضراوان من الريّ، ويقال: ملتفتان.
حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: أخبرنا محمد بن بشر قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد عن حارثة بن سليمان السلميّ، قال: سمعت ابن الزبَير وهو يفسر هذه الآية على المنبر، وهو يقول: هل تدرون ما (مُدْهَامَّتَانِ) ؟ خضراوان من الريّ.
حدثني محمد بن عمارة هو الأسدي، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن حارثة بن سليمان، هكذا قال، قال ابن الزُّبَير: (مُدْهَامَّتَانِ) خضراوان من الريّ.
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا مروان بن معاوية، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن حارثة بن سليمان، أن ابن الزُّبَير قال: (مُدْهَامَّتَانِ) قال: هما خضراوان من الريّ.
حدثنا الفضل بن الصباح، قال: ثنا ابن فضيل، عن عطاء، عن سعيد بن جُبير عن ابن عباس: (مُدْهَامَّتَانِ) قال: خضراوان.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن إدريس، عن أبيه، عن عطية (مُدْهَامَّتَانِ) قال: خضراوان من الرِّيّ.
حدثني محمد بن عمارة، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح في قوله: (مُدْهَامَّتَانِ) ، قال: خضراوان من الريّ.
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا يعقوب، عن عنبسة، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جُبير (مُدْهَامَّتَانِ) قال: علاهما الريّ من السواد والخضرة.
قال: ثنا حكام، عن عمرو، عن عطاء، عن سعيد بن جُبير (مُدْهَامَّتَانِ) قال: خضراوان.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 41.60 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 40.97 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.51%)]