
27-07-2025, 12:24 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,300
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
 تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثالث والعشرون
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الطلاق
الحلقة (1337)
صــ 441 الى صــ450
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا عليّ بن عبد الأعلى، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربيّ، عن جويبر، عن الضحاك في قول الله (وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ) يقول: تلك طاعة الله فلا تعتدوها، قال: يقول: من كان على غير هذه فقد ظلم نفسه.
وقوله: (لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) يقول جلّ ثناؤه: لا تدري ما الذي يحدث؟ لعل الله يحدث بعد طلاقكم إياهنّ رجعة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الزهريّ، أن فاطمة بنت قيس كانت تحت أَبي حفص المخزومي، وكان النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أمَّر عليًا على بعض اليمن، فخرج معه، فبعث إليها بتطليقة كانت لها، وأمر عياش بن أبي ربيعة المخزومي، والحارث بن هشام أن ينفقا عليها، فقالا لا والله ما لها علينا نفقة، إلا أن تكون حاملا فأتت النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فذكرت ذلك له، فلم يجعل لها نفقة إلا أن تكون حاملا واستأذنته في الانتقال، فقالت: أين انتقل يا رسول الله؟ قال: "عِنْدَ ابْنِ أُمّ مَكْتُومٍ" ، وكان أعمى، تضع ثيابها عنده، ولا يبصرها؛ فلم تزل هنالك حتى أنكحها النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أُسامة بن زيد حين مضت عدتها، فأرسل إليها مروان بن الحكم يسألها عن هذا الحديث، فأخبرته، فقال مروان: لم نسمع هذا الحديث إلا من امرأة، وسنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها، فقالت فاطمة: بيني وبينكم الكتاب، قال الله جلّ ثناؤه: (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) حتى بلغ (لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ
بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) قالت: فأي أمر يحدث بعد الثلاث، وإنما هو في مراجعة الرجل امرأته، وكيف تحبس امرأة بغير نفقة؟
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: (لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) قال: هذا في مراجعة الرجل امرأته.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) : أي مراجعة.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) قال: يراجعها في بيتها هذا في الواحدة والثنتين، هو أبعد من الزنى.
قال سعيد، وقال الحسن: هذا في الواحدة والثنتين، وما يحدث الله بعد الثلاث.
حدثنا يعقوب، قال: ثنا ابن علية، قال: أخبرنا أيوب، قال: سمعت الحسن وعكرمة يقولان: المطلقة ثلاثًا، والمتوفى عنها لا سكنى لها ولا نفقة؛ قال: فقال عكرمة (لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) فقال: ما يحدث بعد الثلاث.
حدثنا عليّ بن عبد الأعلى المحاربيّ، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك في قوله: (لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) يقول: لعلّ الرجل يراجعها في عدتها.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) هذا ما كان له عليها رجعة.
حدثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ
بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) قال: الرجعة.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) قال: لعلّ الله يحدث في قلبك تراجع زوجتك؛ قال: قال: ومن طلق للعدّة جعل الله له في ذلك فسحة، وجعل له ملكًا إن أراد أن يرتجع قبل أن تنقضي العدّة ارتجع.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان (لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) قال: لعله يراجعها.
وقوله: (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ) يقول تعالى ذكره: فإذا بلغ المطلقات اللواتي هنّ في عدة أجلهنّ وذلك حين قرب انقضاء عددهنّ (فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) يقول: فأمسكوهنّ برجعة تراجعوهن، إن أردتم ذلك بمَعْرُوف، يقول: بما أمرك الله به من الإمساك وذلك بإعطائها الحقوق التي أوجبها الله عليه لها من النفقة والكسوة والمسكن وحُسن الصحبة، أو فارقوهنّ بمعروف، أو اتركوهنّ حتى تنقضي عددهنّ، فتبين منكم بمعروف، يعني بإيفائها ما لها من حق قبله من الصداق والمتعة على ما أوجب عليه لها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ بن عبد الأعلى، قال: ثني المحاربي بن عبد الرحمن بن محمد، عن جويبر، عن الضحاك، قوله: (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ) يقول: إذا انقضت عدتها قبل أن تغتسل من الحيضة الثالثة، أو ثلاثة أشهر إن لم تكن تحيض، يقول: فراجع إن كنت تريد المراجعة قبل أن تنقضي العدّة بإمساك بمعروف، والمعروف أن تحسن صحبتها (أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) والتسريح بإحسان: أن يدعها حتى تمضي عدتها، ويعطيها مهرًا إن كان لها عليه إذا طلقها، فذلك التسريح بإحسان، والمُتعة على قدر الميسرة.
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله: (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ) قال: إذا طلقها واحدة أو ثنتين، يشاء (1) أن يمسكها بمعروف، أو يسرّحها بإحسان.
وقوله: (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) وأشهدوا على الإمساك إن أمسكتموهنّ، وذلك هو الرجعة ذوي عدل منكم، وهما اللذان يرضى دينهما وأمانتهما.
وقد بينا فيما مضى قبل معنى العدل بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع، وذكرنا ما قال أهل العلم فيه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أَبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قال: إن أراد مراجعتها قبل أن تنقضي عدتها، أشهد رجلين كما قال الله (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) عند الطلاق وعند المراجعة، فإن راجعها فهي عنده على تطليقتين، وإن لم يراجعها فإذا انقضت عدتها فقد بانت منه بواحدة، وهي أملك بنفسها، ثم تتزوّج من شاءت، هو أو غيره.
حدثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله: (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) قال: على الطلاق والرجعة.
وقوله: (وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ) يقول: وأشهدوا على الحقّ إذا استشهدتم، وأدوها على صحة إذا أنتم دُعيتم إلى أدائها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله:
(1) كذا في الأصل. ولعل أصل العبارة: فله بعد ذلك ما يشاء ... إلخ
(وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ) قال: أشهدوا على الحقّ.
وقوله: (ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) يقول تعالى ذكره: هذا الذي أمرتكم به، وعرَّفتكم من أمر الطلاق، والواجب لبعضكم على بعض عند الفراق والإمساك عظة منا لكم، نعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فيصدّق به.
وعُنِي بقوله: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ) من كانت صفته الإيمان بالله، كالذي حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط عن السديّ، (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) قالَ: يؤمن به.
وقوله: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا) يقول تعالى ذكره: من يخف الله فيعمل بما أمره به، ويجتنب ما نهاه عنه، يجعل له من أمره مخرجًا بأن يعرّفه بأن ما قضى فلا بدّ من أن يكون، وذلك أن المطلق إذا طلَّق، كما ندبه الله إليه للعدّة، ولم يراجعها في عدتها حتى انقضت ثم تتبعها نفسه، جعل الله له مخرجًا فيما تتبعها نفسه. بأن جعل له السبيل إلى خطبتها ونكاحها، ولو طلقها ثلاثًا لم يكن له إلى ذلك سبيل.
وقوله: (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) يقول: ويسبب له أسباب الرزق من حيث لا يشعر، ولا يعلم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، وذكر بعضهم أن هده الآية نزلت بسبب عوف بن مالك الأشجعيّ.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أَبو كُرَيب، قال: ثنا ابن صَلْت، عن قيس، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق عن عبد الله، في قوله: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا) قال: يعلم أنه من عند الله، وأن الله هو الذي يعطي ويمنع.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن
الأعمش، عن أَبي الضحى، عن مسروق (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا) قال: المخرج أن يعلم أن الله تبارك وتعالى لو شاء أعطاه وإن شاء منعه، (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) قال: من حيث لا يدري.
حدثني أَبو السائب، قال: ثنا أَبو معاوية، عن الأعمش، عن أَبي الضحى، عن مسروق، مثله.
حدثني عليّ، قال: ثنا أَبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا) يقول: نجاته من كل كرب في الدنيا والآخرة، (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) .
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن الربيع بن المنذر، عن أبيه، عن الربيع بن خثيم (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا) قال: من كلّ شيء ضاق على الناس.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرمة (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا) قال: من طلق كما أمره الله يجعل له مخرجًا.
حدثني عليّ بن عبد الأعلى المحاربيّ، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربيّ، عن جويبر، عن الضحاك في قوله: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا) ومن يتق الله يجعل له من أمره يُسرًا، قال: يعني بالمخرج واليُسر إذا طلق واحدة ثم سكت عنها، فإن شاء راجعها بشهادة رجلين عدلين، فذلك اليُسر الذي قال الله، وإن مضت عدتها ولم يراجعها، كان خاطبًا من الخطاب، وهذا الذي أمر الله به، وهكذا طلاق السنة فأما من طلق عند كلّ حيضة فقد أخطأ السنة، وعصى الربّ، وأخذ بالعسر.
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا) قال: يطلق للسُّنة، ويراجع للسُّنة؛ زعم أن رجلا من أصحاب النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يقال له عوف الأشجعيّ،
كان له ابن، وأن المشركين أسروه، فكان فيهم، فكان أبوه يأتي النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فيشكوا إليه مكان ابنه، وحالته التي هو بها وحاجته، فكان رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يأمره بالصبر ويقول له: إن الله سيجعل له مخرجا، فلم يلبث بعد ذلك إلا يسيرًا إذا انفلت ابنه من أيدي العدوّ، فمرّ بغنم من أغنام العدوّ فاستاقها، فجاء بها إلى أبيه، وجاء معه بغنًى قد أصابه من الغنم، فنزلت هذه الآية: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) .
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن عمار بن أبي معاوية الدهنّي، عن سالم بن أبي الجعد (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا) قال: نزلت في رجل من أشجع جاء إلى النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وهو مجهود، فسأله فقال له النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: "اتَّقِ اللهَ وَاصْبِرْ" ، قال: قد فعلت، فأتى قومه، فقالوا: ماذا قال لك؟ قال: قال: "اتق الله واصبر" ، فقلت: قد فعلت حتى قال ذلك ثلاثًا، فرجع فإذا هو بابنه كان أسيرًا في بني فلان من العرب، فجاء معه بأعنز فرجع إلى النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال: إن ابني كان أسيرًا في بني فلان، وإنه جاء بأعنز فطابت لنا؟ قال: "نعم" .
قال: ثنا حكام، قال: ثنا عمرو، عن عمار الدهنّي، عن سالم بن أَبي الجعد في قوله: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا) قال: نزلت في رجل من أشجع أصابه الجهد، فأتى النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال له: "اتَّقِ اللهَ وَاصْبِرْ" ، فرجع فوجد ابنًا له كان أسيرًا، قد فكه الله من أيديهم، وأصاب أعنزا، فجاء، فذكر ذلك لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال: هل تطيبُ لي يا رسول الله؟ قال: "نَعَم" .
قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن المنذر الثوريّ، عن أبيه، عن الربيع بن خثيم (يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا) قال: من كلّ شيء ضاق على الناس.
قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن الأعمش، عن أَبي الضحى، عن
مسروق (يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا) قال: يعلم أن الله إن شاء منعه، وإن شاء أعطاه (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) يقول: من حيث لا يدري.
قال: ثنا مهران، عن سعيد بن أَبي عَروبة، عن قتادة (يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا) قال: من شُبُهَات الأمور، والكرب عند الموت (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) : من حيث لا يرجو ولا يؤمل.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) لا يأمل ولا يرجو.
وقوله: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)
يقول تعالى ذكره: ومن يتق الله في أموره، ويفوّضها إليه فهو كافيه.
وقوله: (إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ) منقطع عن قوله: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) . ومعنى ذلك: إن الله بالغ أمره بكل حال توكل عليه العبد أو لم يتوكل عليه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن أَبي الضحى، عن مسروق (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ) توكل عليه أو لم يتوكل عليه، غير أن المتوكل يُكَفِّرْ عنه سيئاته، ويُعظِم له أجرًا.
حدثنا أَبو السائب، قال: ثنا أَبو معاوية، عن الأعمش، عن أَبي الضحى، عن مسروق بنحوه.
حدثنا أَبو كريب، قال: ثنا ابن صلت عن قيس، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) قال: ليس بمتوكل الذي قد قُضيت حاجته، وجعل فضل من توكل عليه على من لم يتوكل أن يكفرَ عنه سيئاته، ويُعظم له أجرًا.
قال: ثنا جرير، عن منصور، عن الشعبيّ، قال: تجالس شُتير بن شكل ومسروق، فقال شُتير: إما أن تحدّث ما سمعت من ابن مسعود فأصدّقك، وإما أن أحدث فتصدّقني؟ قال مسروق: لا بل حدّث فأصدّقك، فقال: سمعت ابن مسعود يقول: إن أكبر آية في القرآن تفوّضًا (1) : (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) قال مسروق: صدقت.
وقوله: (قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) يقول تعالى ذكره: قد جعل الله لكلّ شيء من الطلاق والعدّة وغير ذلك حدًا وأجلا وقدرًا يُنتهى إليه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني أَبو السائب، قال: ثنا أَبو معاوية، عن الأعمش، عن أَبي الضحى، عن مسروق (قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) قال: أجلا.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق (قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) قال: منتهى.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن الأعمش، عن أَبي الضحى، عن مسروق مثله.
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله: (قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) قال: الحيض في الأجل والعدّة.
(1) كذا في الأصل، ولم أجد في المعاجم هذا المصدر ولا فعله، ولعله محرف عن "التفويض" ، وهو رد الأمر كله إلى الله، وهو المفهوم من معنى حديث ابن مسعود هذا.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) }
يقول تعالى ذكره: والنساء اللاتي قد ارتفع طمعهنّ عن المحيض، فلا يرجون أن يحضن من نسائكم إن ارتبتم.
واختلف أهل التأويل في معنى قوله: (إِنِ ارْتَبْتُمْ) فقال بعضهم: معنى ذلك: إن ارتبتم بالدم الذي يظهر منها لكبرها، أمن الحيض هو، أم من الاستحاضة، فعِدَّتهنّ ثلاثة أشهر.
* ذكر من قال ذكر:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (إِنِ ارْتَبْتُمْ) إن لم تعلموا التي قعدت عن الحيضة، والتي لم تحض، فعدتهنّ ثلاثة أشهر.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الزهريّ (إِنِ ارْتَبْتُمْ) قال: في كبرها أن يكون ذلك من الكبر، فإنها تعتدّ حين ترتاب ثلاثة أشهر؛ فأما إذا ارتفعت حيضة المرأة وهي شابة، فإنه يتأنى بها حتى ينظر حامل هي أم غير حامل؟ فإن استبان حملها، فأجلها أن تضع حملها، فإن لم يستبن حملها، فحتى يستبين بها، وأقصى ذلك سنة.
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ) قال: إن ارتبت أنها لا تحيض وقد ارتفعت حيضتها، أو ارتاب الرجال، أو قالت هي:
تركتني الحيضة، فعدتهنّ ثلاثة أشهر إن ارتاب، فلو كان الحمل انتَظَرَ الحملَ حتى تنقضي تسعة أشهر، فخاف وارتاب هو، وهي أن تكون الحيضة قد انقطعت، فلا ينبغي لمسلمة أن تحبس، فاعتدت ثلاثة أشهر، وجعل الله جلّ ثناؤه أيضًا للتي لم تحض الصغيرة ثلاثة أشهر.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|