عرض مشاركة واحدة
  #134  
قديم 11-08-2025, 02:57 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,138
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة

الحكمــــة ضالـــة المؤمـــــن (135)

- {قل لله الشفاعة جميعا} (2-2)


على المسلم أن يجتهد في طاعة الله تعالى، وأن يسأل الله أن يرزقه شفاعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وشفاعة الشافعين بإذنه سبحانه، وأن يحقق التوحيد علما وعملا

تقدم أن الشفاعة لله جميعا، لا يملك أحد منها شيئا، وأن الله -تعالى- يأذن لمن يشاء من عباده أن يشفع لمن رضي الله -تعالى- أن يشفع فيه، فليس الأمر فوضى، ولا فتوة، بل الشفاعة إكرام من الله -تعالى- للشافع، ورحمة للمشفوع فيه، والأمر كله بيده سبحانه وتعالى.
وتقدم أيضا أن الشفاعة عامة وخاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، فمن الشفاعة الخاصة بالرسول صلى الله عليه وسلم:
- الأولى: (الشفاعة العظمى) يوم القيامة، وهو المقام المحمود الذي قال الله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}(الإسراء: 79).
عن جابر أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلمقال: «أُعطيتُ خمساً لم يُعْطَهنَّ أَحَدٌ قبلي: نُصِرْتُ بالرُّعب مسيرة شهر، وجعلتْ لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأَيَّما رجلٍ من أُمَّتي أدركته الصلاة فليصلِّ، وأُحِلَّتْ لي الغنائم ولم تحلّ لأحدٍ قبلي، وأعطيتُ الشفاعة، وكان النبيُّ يُبْعَثُ إلى قومه خاصَّةً وبعثت إلى الناس عامة» متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لكلِّ نبيّ دعوةٌ مستجابة، فتعجَّل كل نبيٍّ دعوته، وإِنِّي اختبأتُ دعوتي شفاعة لأُمَّتي يوم القيامة فهي نائلةٌ إِنْ شاء الله -تعالى- من مات من أُمَّتي لا يشرك بالله شيئاً».
وعن جابرأَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «من قال حين يسمع النداء: اللَّهمَّ ربَّ هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آتِ محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلَّت له شفاعتي يوم القيامة».
- الشفاعة الثانية في استفتاح باب الجنة، عن أَنس قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنا أَوَّل الناس يشفع في الجنة، وأَنا أكثر الأنبياء تبعاً» أخرجه مسلم.
عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «آتي باب الجنة يومَ القيامةِ فأستفتح، فيقول الخازن، مَنْ أَنْتَ؟ فأقول محمد، فيقول بك أمرت لا أفتح لأَحَدٍ قبلك» أخرجه مسلم.
- الثالثة: شفاعته في بعض من استحق النار من عصاة الموحدين ألا يدخلها كما جاء في الحديث: «أمرّ بقوم من أمتي قد أمر بهم إلى النار فيقولون: يا محمد ننشدك الشفاعة، قال: فآمر الملائكة أن يقفوا بهم، قال: فأنطلق وأستأذن على الرب -عز وجل- فيأذن لي فأسجد وأقول: يا رب قوم من أمتي قد أمر بهم على النار، فيقول لي: انطلق فأخرج منهم، قال: فأنطلق وأخرج منهم من شاء الله أن أخرج».
- الرابعة:إخراج بعض الموحدين من أصحاب الكبائر من النار: ففي الحديث الطويل: «ولكن عليكم بمحمد صلى الله عليه وسلم فأوتي فأقول: أنا لها, فأنطلق فأستأذن على ربِّي, فيؤذن لي، فأقوم بين يديه فأحمده بمحامد لا أقدر عليه الآن، يُلهمنيه الله، ثم أَخرُّ له ساجداً فيقال لي: يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعطه واشفع تشفع. فأقول: ربِّ أُمَّتِي أُمَّتي، فيقال: انطلق فمن كان في قلبه مثقال حبةٍ من بُرَّةٍ أو شعيرة من إيمان فأخْرجه منها، (في رواية البخاري: فأرفع رأسي فأثني على ربِّي بثناءٍ وتحميدٍ يُعلمنيه، ثم أشفع فيحدُّ لي حدّاً فأخرج فأدخلهم الجنة) فأنطلق فأفعل، ثم أرجع إلى ربي فأحمده بتلك المحامد، ثم أَخِرُّ له ساجداً له، فيقال لي يا محمَّدُ ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعطه واشفع تشفع، فأقول، أُمَّتي أُمَّتي، فيقال لي انطلق فمن كان في قلبه مثقالُ حبّةٍ من خردل من إيمان فأخرجه منها، فأنطلق فأفعل، ثم أعود إلى ربي -عز وجل- فأحمده تلك المحامد، ثم أَخِرُّ له ساجداً، فيقال لي يا محمَّدُ ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعطه واشفع تشفع، فأقول يا رب أُمَّتي، فيقال لي انطلق فمن كان في قلبه أدنى أدنى من مثقال حبةٍ من خردل من إيمان فأخرجه من النار، فأنطلق فأفعل».
ومنها شفاعته في رفع درجات بعض أهل الجنة، كما دعا لبعض أصحابه فقال: «اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك من الناس».
ومنها شفاعته في دخول بعض المؤمنين الجنة بلا حساب ولا عذاب كما قال صلى الله عليه وسلم: «وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بلا حساب عليهم ولا عذاب، مع كل ألف سبعون ألفا، وثلاث حثيات من حثيات ربي».
ومن الشفاعات الثابتة التي أكرم الله بها نبيه صلى الله عليه وسلمشفاعته لمن سكن في المدينة المنورة ومات بها،ولمن سكن بها صابراً على لأوائها مفضلاً لها على غيرها، فعن أبي سعيد مولى المهدي أنه جاء أبا سعيد الخدري ليالي الحرة فاستشاره في الجلاء عن المدينة، وشكا إليه أسعارها وكثرة عياله، وأخبره ألَّا صبر له على جهد المدينة ولأوائها. فقال له: ويحك لا آمرك بذلك: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلميقول: «لا يصبر أحد على لأوائها فيموت إلا كنت له شفيعاً أو شهيداً يوم القيامة إذا كان مسلماً» أخرجه مسلم.
وممن يشفع بإذن الله -تعالى- يوم القيامة النبيون -عليهم السلام- كما جاء في الصحيحين من حديث طويل عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وفيه قوله[: «فيقول الله عز وجل: شفعت الملائكة, وشفع النبيون, وشفع المؤمنون. ولم يبق إلا أرحم الراحمين. فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قط قد عادوا حمماً».
وليس معنى هذا أن الله يخرجهم من النار وهم كفار؛ بل المعنى أنهم لم يعملوا خيراً سوى الشهادتين ولولاهما لما خرجوا؛ شأنهم شأن غيرهم من الكفار.
وعن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلمأنه قال: «يحمل الناس على الصراط يوم القيامة فتتقادع بهم جنبتا الصراط تقادع الفراش في النار. قال: فينجي الله -تعالى- برحمته من يشاء, قال: ثم يؤذن للملائكة, والنبيين, والشهداء أن يشفعوا فيشفعون ويخرجون, فيشفعون ويخرجون, فيشفعون ويخرجون»، وزاد عفان مرة فقال أيضاً: «ويشفعون ويخرجون من كان في قلبه ما يزن ذرة من إيمان».
ومن الشفعاء كذلك الملائكة عليهم السلام،كما قال تعالى: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَىٰ}(النجم: 26)، وقوله تعالى: { وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ}(الأنبياء: 28).
ومن الشفعاء القرآن والصيام فعن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «القرآن شافع مشفع، وماحل مصدق، من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار». أخرجه ابن حبان وهو صحيح.
وعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلمقال: «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة, يقول الصيام: أي رب، منعته الطعام والشهوات بالنهار، فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان».
وثبت أن الصالحين من المؤمنين يشفعون في إخوانهم كما جاء عن أبي سعيد الخدري مرفوعا في حديث طويل: «ثم يؤتى بالجسر فيجعل بين ظهري جهنم. قلنا: يا رسول الله، وما الجسر؟ قال: مدحضة مزلة، عليه خطاطيف وكلاليب، وحسكة مفلطحة لها شوكة عقيفاء، تكون بنجد، يقال لها: السعدان، المؤمن عليها كالطرف, وكالبرق, وكالريح، وكأجاويد الخيل والركاب، فناج مسلم, وناج مخدوش، ومكدوس في نار جهنم، حتى يمر آخرهم يسحب سحباً، فما أنتم بأشد لي مناشدة في الحق - قد تبين لكم- من المؤمنين يومئذ للجبار- وإذا رأوا أنهم قد نجوا- في إخوانهم، يقولون: ربنا إخواننا، كانوا يصلون معنا، ويصومون معنا، ويعملون معنا، فيقول الله تعالى: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه، ويحرم الله صورهم على النار، فيأتونهم وبعضهم قد غاب في النار إلى قدمه، وإلى أنصاف ساقيه، فيخرجون من عرفوا، ثم يعودون، فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار فأخرجوه، فيخرجون من عرفوا ثم يعودون، فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من إيمان فأخرجوه، فيخرجون من عرفوا».
ومن الشفعاء الشهداء، فعن أبي الدرداء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يشفع الشهيد في سبعين من أهل بيته» أخرجه أبو داود وهو صحيح.
وفي الختام على المسلم أن يجتهد في طاعة الله تعالى، وأن يسأل الله أن يرزقه شفاعة نبيينا محمد صلى الله عليه وسلم وشفاعة الشافعين بإذنه سبحانه، وأن يحقق التوحيد علما وعملا، ويعمل بالصالحات، ولا يتكل على الشفاعة وحدها، فالله -تعالى- أرحم الراحمين ومع ذلك قال: {ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ومن أبطأ به عمله، لم يسرع به نسبه».



اعداد: د.وليد خالد الربيع





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.64 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.02 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.90%)]