عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 11-08-2025, 03:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,782
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح كتاب الحج من صحيح مسلم

شرح كتاب الحج من صحيح مسلم .. باب: نُزُولُ المُحَصَّبِ يَومَ النَّفْر والصّلاة به


  • في الأحاديث بَيانُ تَتبُّعِ الصَّحابةِ رضي الله عنهم كأبي بَكرٍ وعُمَرَ رضي الله عنهما لِهَدْيِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وحِرصِهم على اتِّباعِ سُنَّتِه
  • الحجُّ مِنَ العِباداتِ التَّوْقيفيَّةِ الَّتي أوضَحَ مَناسِكَها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في حَجَّةِ الوَداعِ وكانت أفْعالُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في حَجِّه سُنَّةً وهَدْيًا لِمَن جاء بعدَه
عَنْ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما-: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وأَبَا بَكْرٍ وعُمَرَ، كَانُوا يَنْزِلُونَ الْأَبْطَحَ، وعَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: نُزُولُ الْأَبْطَحِ لَيْسَ بِسُنَّةٍ، إِنَّمَا نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، لِأَنَّهُ كَانَ أَسْمَحَ لِخُرُوجِهِ إِذَا خَرَجَ. وعن أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ بِمِنًى: «نَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ، حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ»، وذَلِكَ إِنَّ قُرَيْشًا وَبَنِي كِنَانَةَ، تَحَالَفَتْ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ: ألا يُنَاكِحُوهُمْ، وَلَا يُبَايِعُوهُمْ، حَتَّى يُسْلِمُوا إِلَيْهِمْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. يَعْنِي بِذَلِكَ: المُحَصَّبَ.
الأحاديث الثلاثة رواها الإمام مسلم في الحج (2/951-952)، وبوّب عليها النووي: باب: اسْتحبابُ النُزُولُ بالمُحَصّبِ يَومَ النّفر، والصّلاة به.
الحَديثِ الأول
في الحَديثِ الأول: يُخبِرُ عبداللهِ بنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في عَهدِه، وأبَا بَكْرٍ، وعُمَرَ -رضي الله عنهما- في خِلافتِهما، «كانوا يَنزِلونَ الأَبْطَحَ»، وكان نُزولُه - صلى الله عليه وسلم - بالأبطح يومَ الثَّالثَ عشَرَ من ذي الحِجَّةِ، وذلك بعدَ رُجوعِه من مِنًى بعدَ انْقضاءِ أعْمالِ الحجِّ. والأبطَحُ: هو المُحَصَّبُ، وهو مَوضِعٌ يقَعُ بيْنَ مِنًى ومَكَّةَ، وهو إلى مِنًى أقرَبُ، سُمِّيَ به لاجتِماعِ الحَصْباءِ فيه بِحَمْلِ السَّيلِ إليه، ويُسمَّى الآنَ الجَعفريَّةَ، وهي تابعةٌ لمَنطقةِ الجُمّيزةِ. وقيلَ: هو موضِعُ رَمْيِ الجِمار بِمِنًى، وكان يُسمَّى بِخَيْفِ بَنِي كِنَانةَ، والخَيْفُ: هو ما انْحَدَر مِنَ الجَبَلِ وارتَفَعَ عنِ المَسِيلِ، وكان خارجَ مَكَّةَ جِهةَ المدينةِ. وكان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قدْ نزَلَ به، بعدَ انْتهاءِ أيَّامِ رَمْيِ الجَمَراتِ، وكان مَوْلاه أبو رافِعٍ - رضي الله عنه - قدْ نصَبَ له الخَيْمةَ في هذا المكانِ، ثُمَّ تَبِعَ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في ذلك أبو بَكْرٍ وعُمَرُ، فكانوا يَقِفونَ بهذا المكانِ في الوقتِ نفْسِه، وكان البَعضُ يرَى أنَّه مِن سُنَنِ الحجِّ، كعبداللهِ بنِ عُمَرَ، كما رواه عنه مُسلم في صَحيحِه (2/951): عن نافع: أنّ ابن عمرَ كان يَرى التّحْصيب سُنّة، وكان يُصلّي يومَ النّفر بالحَصْبة.
الحديث الثاني
وفي الحديث الثاني: أخبَرَتْ عائشةُ -رَضيَ اللهُ عنها- أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إنّما نَزلَ بهذا المكانِ في المُحَصَّبِ، بعْدَ مُغادرَتِه مِنًى يومَ الثالثَ عشَرَ مِنْ ذي الحِجَّةِ، ثالثِ أيَّامِ التَّشريقِ، لأنَّه كان أيْسرَ لِخُروجِه إلى المَدينةِ، وحتَّى يَجتمِعَ إليه أصْحابُه ومَن سيَرحَلونَ معَه، كما جاء في رِوايةِ مُسلمٍ (2/951): عن عائشةَ -رَضيَ اللهُ عنها-: «أنَّها لمْ تكُنْ تفعَلُ ذلك»، وقالتْ: إنَّما نزَلَه رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، لأنَّه كان مَنزِلًا أسمَحَ لخُروجِه». فذَكَرتْ أمُّ المؤمنينَ عائشةُ -رَضيَ اللهُ عنها- أنَّ النُّزولَ لهذا الوادي، لم يكُنْ مِن مَناسكِ الحجِّ، وإنَّما كانَ مَنزِلًا نَزَلَه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، ليكونَ النُّزولُ به أسْهَلَ عندَ سَفَرِه راجعاً إلى المدينةِ، ليَجتمِعَ فيه الناسُ، وليَستويَ في ذلك البَطيءُ والمُعتدِلُ، ويكونُ مَبيتُهم وقيامُهم في السَّحَرِ، ورَحيلُهم بأَجْمَعِهم إلى المدينةِ.
الحديث الثالث
وفي الحديث الثالث: وقد أخرجه البخاري (1590) فهو متفق عليه، حديث أبي هريرة قال: قال رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بمنى: «نحنُ نَازِلُونَ غدًا، بِخَيفِ بني كنانة، حيثُ تقاسَمُوا على الكُفْر» حيثُ تقاسموا، أي: تَحالفوا، «على الكفر»، وذلك أنّ قريشًا وكنانة تَحالَفَتا على بني هاشم، «ألا يُناكحُوهم ولا يُبَايعُوهم» وفي رواية للبخاري: «ألا يُبايعُوهم ولا يُؤْوُوهم».
معنى «تَقاسُمُهم على الكُفْر»
قال الحافظ النووي: معنى «تَقاسُمُهم على الكُفْر» تَحَالفهم على إخْراج النّبي - صلى الله عليه وسلم - وبني هاشم والمطلب منْ مكة، إلى خَيْف بني كنانة، وكتَبُوا بينهم الصّحيفة المشهورة، فيها أنْواعٌ مِنَ الباطل، فأرسلَ الله عليها الأرَضَة، فأكلتَ ما فيها منَ الكُفْر، وتركتَ ما فيها منْ ذِكْر الله، فأخبرَ جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبر به عمّه أبا طالب، فأخبرهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، فوجدُوه كما أخبر، وقد ذكر الخطيب أنّ قوله هنا: «وذلك أنّ بني كنانة إلخ» المعطوف على حديث أسامة، مُدْرجٌ. وقد رواه البخاري أيضاً: عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: قُلْتُ: يا رسُولَ اللَّهِ، أَيْنَ تَنْزِلُ غَداً فِي حَجَّتِهِ؟ قَال: «وهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مَنْزِلًا؟» ثُمَّ قَالَ: «نَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ المُحَصَّبِ، حَيْثُ قَاسَمَتْ قُرَيْشٌ عَلَى الكُفْرِ». فأسامة بن زيد -رضي الله عنهما- يقول: قلتُ: يا رسُول الله، أينَ تَنْزلُ غداً، في حَجّته؟ قال: «وهلْ تَرَكَ لنا عقيل» بفتح العين وكسر القاف، وهو ابن أبي طالب، «مَنْزلاً» زاد في باب: توريث دُور مكة وبيعها وشرائها، من كتاب الحج: وكان عقيل وَرِثَ أبا طالب هو وطالب، ولمْ يرثْ جَعفر ولا عليّ شيئاً، لأنّهما كانا مُسْلمين، وكان عقيلٌ وطالبُ كافرين، أي: عند وفاة أبيهما، لأنّ عَقيلاً أسْلم بعد ذلك. وقيل: ولمّا كان أبو طالب أكبر ولد عبدالمطلب، احْتَوى على أمْلاكه وحَازها وحده، على عادة الجاهليّة، مِنْ تقديم الأسَنّ، فتسلّطَ عقيلٌ أيضاً بعد الهجرة عليها. وقال الداودي: باعَ عَقيل ما كان للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ولمن هاجر من بني عبدالمطلب، كما كانوا يفعلون بدُور مَنْ هَاجَرَ مِنَ المُؤمنين، وإذا أجاز - صلى الله عليه وسلم - لعقيل تصرفه قبل إسْلامه فما بعد الإسلام بطريق الأولى.
فوائد الأحاديث
  • بَيانُ تَتبُّعِ الصَّحابةِ -رضي الله عنهم- كأبي بَكرٍ وعُمَرَ -رضي الله عنهما-، لِهَدْيِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وحِرصِهم على اتِّباعِ سُنَّتِه.
  • فيها اختُلاِف الصّحابة في سَببِ نُزولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقيل: نَزَلَ فيه نُزولًا تابعًا للنُّسكِ، وإنَّه سُنَّةٌ، كما كان يرَى عبداللهِ بنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما-، وقيل: ليس بسُنَّةٍ.
  • الحجُّ مِنَ العِباداتِ التَّوْقيفيَّةِ الَّتي أوضَحَ مَناسِكَها النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في حَجَّةِ الوَداعِ، وكانت أفْعالُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في حَجِّه سُنَّةً وهَدْيًا لِمَن جاء بعدَه، وقدْ كان الصَّحابةُ يَحرِصونَ على اتِّباعِ هَدْيِه، ويَفعَلونَ مِثلَ فِعلِه - صلى الله عليه وسلم - في كلِّ أَمرِه في الحجِّ وغيرِه، وقد نَقَلوا لنا كلَّ أفعالِه، وبيَّنوا ما كان منْها مِن مَناسكِ الحجِّ، وما لم يكُنْ منها.
  • وفي الحديث الأخير: بيان ما حصل مِنْ أذَى المشرِكونَ مِن أهلِ مَكَّةَ للنبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ومَن أسلَمَ معه، بأشدَّ أنواعِ الأذَى، حتَّى إنَّه لم يَسلَمْ مِن أذاهم أهلُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وعَشيرتُه، ممَّن أسلَمَ منهم ومَن لم يُسلِمْ، فإنَّ قُريشًا وكِنانةَ كَتَبوا كِتابًا وعقَدُوا بيْنهم عَقْدًا على بَني هاشمٍ وبني عبدالمطَّلِبِ، ألَّا يَقَعَ بيْنَهم عقْدُ نِكاحٍ، بألَّا يَتزوَّجَ أحدٌ مِنْ قُريشٌ وكِنانةُ امرأةً مِن بني هاشمٍ وبني عبدالمطَّلِبِ، ولا يُزوِّجوا امرأةً منهم إيَّاهم، وألَّا يَبيعوا لهم ولا يَشترُوا منْهم، ولا يُخالطُوهم ولا يكونَ بيْنهم وبيْنهم شَيءٌ مْطلقاً.
  • وأشارَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِلمكانِ الَّذي تَقاسَموا، أي: تَعاهدوا فيهِ على إيذاءِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وعلى الكُفرِ، وهو خَيفُ بني كِنانةَ.
اعداد: الشيخ: د. محمد الحمود النجدي

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.19 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.56 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.96%)]