عرض مشاركة واحدة
  #382  
قديم 14-08-2025, 10:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,562
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام



فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام
المؤلف:شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية.
سُورَةُ يوسف
المجلد العاشر
الحلقة( 382)

من صــ 421 الى صـ 435





وقوله تعالى {ذلك عيسى ابن مريم قول الحق} إنما أشار بقوله: {قول الحق} إلى اسمه ونسبته إلى أمه وذلك حقيقة قول الله. وقد قال صاحبكم أحمد: الله هو الله يعني: الاسم هو المسمى. وقوله تعالى {وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم} فإنه لما نسف بعد أن برد في البحر وشربوا من الماء كان ذلك حقيقة ذلك العجل فلا شيء مما ذكرتم إلا وهو حقيقة.
قال ابن عقيل: فيقال: للقرية ما جمعت واجتمع فيها لا نفس المجتمع؛ فلهذا سمي القرء والأقراء لزمان الحيض أو زمان الطهر والتصرية والمصراة والصراة اسم مجمع اللبن والماء؛ لا لنفس اللبن والماء المجتمع والقاري. الجامع للقري والمقري الجامع للأضياف فأما نفس الأضياف فلا والقافلة لا تسمى عيرا إن لم تكن ذات بهائم مخصوصة؛ فإن المشاة والرجال لا تسمى عيرا فلو كان اسما لمجرد القافلة لكان يقع على الرجال كما يقع على أرباب الدواب؛ فبطل ما قالوه.
وقولهم: لو سأل لأجاب الجدار: فمثل ذلك لا يقع بحسب الاختيار ولا يكون معتمدا على وقوعه إلا عند التحدي به فإما أن يقع بالهاجس وعموم الأوقات فلا.
قلت: أما ما ذكروه من القرية؛ فالقرية والنهر ونحو ذلك اسم للحال والمحل فهو اسم يتناول المساكن وسكانها ثم الحكم قد يعود إلى الساكن؛ وقد يعود إلى المساكن؛ وقد يعود إليهما كاسم الإنسان؛ فإنه اسم للروح والجسد؛ وقد يعود الحكم على أحدهما كذلك الكلام اسم للفظ والمعنى وقد يعود الحكم إلى أحدهما.
وأما الاشتقاق فهذا الموضع غلط فيه طائفة من العلماء لم يفرقوا بين قرأ بالهمزة وقرى يقري بالياء؛ فإن الذي بمعنى الجمع هو قرى يقري بلا همزة ومنه القرية والقراءة ونحو ذلك ومنه قريت الضيف أقريه أي:

جمعته وضممته إليك وقريت الماء في الحوض جمعته وتقريت المياه: تتبعتها وقروت البلاد وقريتها واستقريتها إذا تتبعتها تخرج من بلد إلى بلد ومنه الاستقراء؛ وهو: تتبع الشيء أجمعه وهذا غير قولك: استقرأته القرآن؛ فإن ذاك من المهموز فالقرية هي المكان الذي يجتمع فيه الناس والحكم يعود إلى هذا تارة وإلى هذا أخرى.
ثم قال شيخ الإسلام - بعد كلام سبق -:
والمقصود هنا: أن الذين يقولون: ليس في القرآن مجاز أرادوا بذلك أن قوله: {واسأل القرية} اسأل الجدران؛ والعير البهائم ونحو ذلك مما نقل عنهم فقد أخطئوا. وإن جعلوا اللفظ المستعمل في معنى في غير القرآن مجازا وفيه ليس بمجاز فقد أخطئوا أيضا.

وإن قصدوا أن في غير القرآن من المبالغات والمجازفات والألفاظ التي لا يحتاج إليها ونحو ذلك مما ينزه القرآن عنه فقد أصابوا في ذلك. وإذا قالوا: نحن نسمي تلك الأمور مجازا بخلاف ما استعمل في القرآن ونحوه من كلام العرب: فهذا اصطلاح هم فيه أقرب إلى الصواب ممن جعل أكثر كلام العرب مجازا.
(قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون (86)
وسئل:
عمن أصيب بمرض فإذا اشتد عليه الوجع استغاث بالله تعالى ويبكي. فهل تكون استغاثته مما ينافي الصبر المأمور به؟ أو هو تضرع والتجاء؟.
فأجاب:
دعاؤه الله واستغاثته به واشتكاؤه إليه لا ينافي الصبر المأمور به. وإنما ينافيه في ذلك الاشتكاء إلى المخلوق. ولقد قال يعقوب عليه السلام {فصبر جميل} وقال: {إنما أشكو بثي وحزني إلى الله} وقد روي عن طاووس: أنه كره أنين المريض. وقال: إنه شكوى وقرئ ذلك على أحمد بن حنبل في مرض موته فما أن حتى مات.

ويروى عن السري السقطي أنه جعل قول المريض: آه من ذكر الله وهذا إذا كان بينه وبين الله وهذا كما يروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قرأ في صلاة الفجر: {إنما أشكو بثي وحزني إلى الله} ثم بكى حتى سمع نشيجه من آخر الصفوف فالأنين والبكاء من خشية الله والتضرع والشكاية إلى الله عز وجل حسن وأما المكروه فيكره والله أعلم.
(توفني مسلما وألحقني بالصالحين (101)
قال شيخ الإسلام - بعد كلام سبق -:
وقال الصديق {توفني مسلما وألحقني بالصالحين} والصحيح من القولين أنه لم يسأل الموت ولم يتمنه. وإنما سأل أنه إذا مات يموت على الإسلام؛ فسأل الصفة لا الموصوف كما أمر الله بذلك؛ وأمر به خليله إبراهيم وإسرائيل؛ وهكذا قال غير واحد من العلماء؛ منهم ابن عقيل وغيره. والله تعالى أعلم.

(وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون (106)
قال عكرمة: تسألهم من خلق السموات والأرض فيقولون الله وهم يعبدون غيره وهؤلاء يدعون التحقيق والفناء في التوحيد ويقولون إن هذا نهاية المعرفة وإن العارف إذا صار في هذا المقام لا يستحسن حسنة ولا يستقبح سيئة لشهوده الربوبية العامة والقيومية الشاملة. وهذا الموضع وقع فيه من الشيوخ الكبار من شاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله.

(قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين (108)
سئل رضي الله عنه:
عن قوله تعالى {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني}؟ وهل الدعوة عامة تتعين في حق كل مسلم ومسلمة أم لا؟ وهل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر داخل في هذه الدعوة أم لا وإذا كانا داخلين أو لم يكونا فهل هما من الواجبات على كل فرد من أفراد المسلمين كما تقدم أم لا؟ وإذا كانا واجبين فهل يجبان مطلقا مع وجود المشقة بسببهما أم لا؟ وهل للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يقتص من الجاني عليه إذا آذاه في ذلك لئلا يؤدي إلى طمع منه في جانب الحق أم لا؟ وإذا كان له ذلك فهل تركه أولى مطلقا أم لا؟.
فأجاب - رضي الله عنه وأرضاه -:

الحمد لله رب العالمين، الدعوة إلى الله هي الدعوة إلى الإيمان به وبما جاءت به رسله بتصديقهم فيما أخبروا به وطاعتهم فيما أمروا وذلك يتضمن الدعوة إلى الشهادتين وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت والدعوة إلى الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله،والبعث بعد الموت والإيمان بالقدر خيره وشره والدعوة إلى أن يعبد العبد ربه كأنه يراه. فإن هذه الدرجات الثلاث التي هي " الإسلام " و " الإيمان " و " الإحسان " داخلة في الدين كما قال في الحديث الصحيح: {هذا جبريل جاءكم يعلمكم دينكم} بعد أن أجابه عن هذه الثلاث. فبين أنها كلها من ديننا. و " الدين " مصدر والمصدر يضاف إلى الفاعل والمفعول يقال دان فلان فلانا إذا عبده وأطاعه كما يقال دانه إذا أذله. فالعبد يدين الله أي يعبده ويطيعه فإذا أضيف الدين إلى العبد فلأنه العابد المطيع وإذا أضيف إلى الله فلأنه المعبود المطاع كما قال تعالى: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله}.

فالدعوة إلى الله تكون بدعوة العبد إلى دينه وأصل ذلك عبادته وحده لا شريك له كما بعث الله بذلك رسله وأنزل به كتبه. قال تعالى: {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه} وقال تعالى: {واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون} وقال تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة} وقال تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون}. وقد ثبت في الصحيح عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إنا معاشر الأنبياء ديننا واحد؛ الأنبياء إخوة لعلات وإن أولى الناس بابن مريم لأنا إنه ليس بيني وبينه نبي} فالدين واحد وإنما تنوعت شرائعهم ومناهجهم كما قال تعالى: {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا}.
فالرسل متفقون في الدين الجامع للأصول الاعتقادية والعملية فالاعتقادية كالإيمان بالله وبرسله وباليوم الآخر والعملية كالأعمال العامة المذكورة في الأنعام والأعراف وسورة بني إسرائيل كقوله تعالى: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم} إلى آخر الآيات الثلاث. وقوله: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه} إلى آخر الوصايا. وقوله: {قل أمر ربي
بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين} وقوله: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}.
فهذه الأمور هي من الدين الذي اتفقت عليه الشرائع كعامة ما في السور المكية فإن السور المكية تضمنت الأصول التي اتفقت عليها رسل الله؛ إذ كان الخطاب فيها يتضمن الدعوة لمن لا يقر بأصل الرسالة وأما السور المدنية ففيها الخطاب لمن يقر بأصل الرسالة كأهل الكتاب الذين آمنوا ببعض وكفروا ببعض وكالمؤمنين الذين آمنوا بكتب الله ورسله؛ ولهذا قرر فيها الشرائع التي أكمل الله بها الدين: كالقبلة والحج والصيام والاعتكاف والجهاد وأحكام المناكح ونحوها؛ وأحكام الأموال بالعدل كالبيع والإحسان كالصدقة والظلم كالربا وغير ذلك مما هو من تمام الدين.
ولهذا كان الخطاب في السور المكية: {يا أيها الناس} لعموم الدعوة إلى الأصول؛ إذ لا يدعى إلى الفرع من لا يقر بالأصل فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وعز بها أهل الإيمان وكان بها أهل الكتاب خوطب هؤلاء وهؤلاء؛ فهؤلاء: {يا أيها الذين آمنوا} وهؤلاء {يا أهل الكتاب} أو {يا بني إسرائيل} ولم ينزل بمكة شيء من هذا؛ ولكن في السور المدنية خطاب: {يا أيها الناس} كما في سورة النساء وسورة الحج وهما مدنيتان وكذا في البقرة. وهذا يعكر على قول الحبر ابن عباس؛ لأن الحكم المذكور يشمل جنس الناس والدعوة بالاسم الخاص لا تنافي الدعوة بالاسم العام فالمؤمنون داخلون في الخطاب بـ {يا أيها الناس} وفي الخطاب بـ {يا أيها الذين آمنوا} فالدعوة إلى الله تتضمن الأمر بكل ما أمر الله به والنهي عن كل ما نهى الله عنه وهذا هو الأمر بكل معروف والنهي عن كل منكر.
والرسول صلى الله عليه وسلم قام بهذه الدعوة فإنه أمر الخلق بكل ما أمر الله به ونهاهم عن كل ما نهى الله عنه؛ أمر بكل معروف ونهى عن كل منكر. قال تعالى: {ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون} {الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث}.
ودعوته إلى الله هي بإذنه لم يشرع دينا لم يأذن به الله كما قال تعالى: {إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا} {وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا} خلاف الذين ذمهم في قوله: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله} وقد قال تعالى: {قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون}.
ومما يبين ما ذكرناه: أنه سبحانه يذكر أنه أمره بالدعوة إلى الله تارة وتارة بالدعوة إلى سبيله كما قال تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة} وذلك أنه قد علم أن الداعي الذي يدعو غيره إلى أمر لا بد فيما يدعو إليه من أمرين: " أحدهما " المقصود المراد. و " الثاني " الوسيلة والطريق الموصل إلى المقصود؛ فلهذا يذكر الدعوة تارة إلى الله وتارة إلى سبيله؛ فإنه سبحانه هو المعبود المراد المقصود بالدعوة.
والعبادة: اسم يجمع غاية الحب له وغاية الذل له فمن ذل لغيره مع بغضه لم يكن عابدا ومن أحبه من غير ذل له لم يكن عابدا والله سبحانه يستحق أن يحب غاية المحبة؛ بل يكون هو المحبوب المطلق الذي لا يحب شيء إلا له وأن يعظم ويذل له غاية الذل؛ بل لا يذل لشيء إلا من أجله ومن أشرك غيره في هذا وهذا لم يحصل له حقيقة الحب والتعظيم فإن الشرك يوجب نقص المحبة.
قال تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله} أي أشد حبا لله من هؤلاء لأندادهم وقال تعالى: {ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا} وكذلك الاستكبار يمنع حقيقة الذل لله؛ بل يمنع حقيقة المحبة لله فإن الحب التام يوجب الذل والطاعة فإن المحب لمن يحب مطيع. ولهذا كان الحب درجات أعلاها " التتيم " وهو التعبد وتيم الله أي عبد الله؛ فالقلب المتيم هو المعبد لمحبوبه وهذا لا يستحقه إلا الله وحده. والإسلام أن يستسلم العبد لله لا لغيره كما ينبئ عنه قول: " لا إله إلا الله " فمن استسلم له ولغيره فهو مشرك ومن لم يستسلم له فهو مستكبر وكلاهما ضد الإسلام. والشرك غالب على النصارى ومن ضاهاهم من الضلال والمنتسبين إلى الأمة.
وقد بسطنا الكلام على ما يتعلق بهذا الموضع في مواضع متعددة. وذلك يتعلق بتحقيق الألوهية لله وتوحيده وامتناع الشرك وفساد السموات والأرض بتقدير إله غيره والفرق بين الشرك في الربوبية والشرك في الألوهية وبيان أن العباد فطروا على الإقرار به ومحبته وتعظيمه وأن القلوب لا تصلح إلا بأن تعبد الله وحده ولا كمال لها ولا صلاح ولا لذة ولا سرور ولا فرح ولا سعادة بدون ذلك وتحقيق الصراط المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وغير ذلك مما يتعلق بهذا الموضع الذي في تحقيقه تحقيق مقصود الدعوة النبوية والرسالة الإلهية وهو لب القرآن وزبدته وبيان التوحيد العلمي القولي المذكور في قوله: {قل هو الله أحد} {الله الصمد} والتوحيد القصدي العملي المذكور في قوله تعالى {قل يا أيها الكافرون} وما يتصل بذلك فإن هذا بيان لأصل الدعوة إلى الله وحقيقتها ومقصودها.
لكن المقصود في الجواب ذكر ذلك على طريق الإجمال؛ إذ لا يتسع الجواب لتفصيل ذلك وكل ما أحبه الله ورسوله من واجب ومستحب من باطن وظاهر فمن الدعوة إلى الله الأمر به وكل ما أبغضه الله ورسوله من باطن وظاهر؛ فمن الدعوة إلى الله النهي عنه لا تتم الدعوة إلى الله إلا بالدعوة إلى أن يفعل ما أحبه الله ويترك ما أبغضه الله سواء كان من الأقوال أو الأعمال الباطنة أو الظاهرة كالتصديق بما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم من أسماء الله وصفاته والمعاد وتفصيل ذلك وما أخبر به عن سائر المخلوقات كالعرش والكرسي والملائكة والأنبياء وأممهم وأعدائهم؛ وكإخلاص الدين لله وأن يكون الله ورسوله أحب إلينا مما سواهما وكالتوكل عليه والرجاء لرحمته،وخشية عذابه والصبر لحكمه وأمثال ذلك وكصدق الحديث وأداء الأمانة والوفاء بالعهد وصلة الأرحام وحسن الجوار وكالجهاد في سبيله بالقلب واليد واللسان. إذا تبين ذلك: فالدعوة إلى الله واجبة على من اتبعه وهم أمته يدعون إلى الله كما دعا إلى الله.
وكذلك يتضمن أمرهم بما أمر به ونهيهم عما ينهى عنه وإخبارهم بما أخبر به؛ إذ الدعوة تتضمن الأمر وذلك يتناول الأمر بكل معروف والنهي عن كل منكر. وقد وصف أمته بذلك في غير موضع كما وصفه بذلك فقال تعالى {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر} وقال تعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر} الآية وهذا الواجب واجب على مجموع الأمة وهو الذي يسميه العلماء فرض كفاية إذا قام به طائفة منهم سقط عن الباقين فالأمة كلها مخاطبة بفعل ذلك؛ ولكن إذا قامت به طائفة سقط عن الباقين. قال تعالى: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون}.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 33.15 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 32.53 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.89%)]