من مائدةِ الفقهِ
عبدالرحمن عبدالله الشريف
نواقضُ الوضوءِ
نواقضُ الوضوءِ: هي الأشياءُ الَّتي تُبطِلُه وتُفسِدُه، وهي سِتَّةٌ:
1) الخارجُ مِنَ السَّبيلينِ:بولًا، أو غائطًا، أو ريحًا، أو غيرَ ذلك، قليلًا كان أو كثيرًا؛ لقولِ اللهِ تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾ [النساء: 43]، وقولِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: «وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ»[1].
2) زوالُ العقلِ: بنومٍ، أو إغماءٍ، أو جنونٍ، ونحوِه؛ لأنَّ ذلك مَظِنَّةُ خروجِ الحدثِ؛ وقد قال صلى الله عليه وسلم: «وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ»[2]، والنَّومُ النَّاقضُ هو الـمُسْتَغْرِقُ الَّذي لا يبقى معَه إدراكٌ، بحيثُ لا يُحِسُّ بمَنْ حولَه، أمَّا النَّومُ اليسيرُ فإنَّه لا يَنقُضُ الوضوءَ؛ لأنَّ الصَّحابةَ رضي اللهُ عنهم كان يُصِيبُهم النُّعاسُ فيقومون ويُصَلُّون ولا يتوضَّؤون[3].
3) مَسُّ الفرجِ بلا حائلٍ؛ لقولِه صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ»[4]، وقولِه صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ»[5].
5) أكلُ لحمِ الإبلِ؛ لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ: أنتوضَّأُ مِنْ لحومِ الغنمِ؟ قال: «إِنْ شِئْتَ تَوَضَّأْ، وَإِنْ شِئْتَ لَا تَتَوَضَّأْ»، قيل: أنتوضَّأُ مِنْ لحومِ الإبلِ؟ قال: «نَعَمْ، تَوَضَّأْ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ»[6].
6) الرِّدَّةُ عنِ الإسلامِ؛ فهي مُحبِطةٌ لجميعِ الأعمالِ، ومِنْ ضمنِها الوضوءُ؛ قال اللهُ تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [المائدة: 5].
مسألةٌ: مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهارةَ، ثُمَّ شَكَّ في حصولِ الحدثِ:
ثبت عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا، فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لَا؛ فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا»[7].
فدَلَّ هذا الحديثُ على قاعدةٍ كبرى، وهي: (أنَّ اليقينَ لا يزولُ بالشَّكِّ)؛ فلذلك إذا تيقَّن المسلمُ الطَّهارةَ، ثُمَّ شكَّ بعدَ ذلك في انتقاضِها؛ فإنَّه يبقى على طهارتِه؛ لأنَّها الأصلُ، ولأنَّها الـمُتَيقَّنةُ، واليقينُ لا يزولُ لمجرَّدِ الشَّكِّ الَّذي ليس معَه يقينٌ.
وأمَّا عكسُ ذلك، بأنْ تيقَّن الحدثَ، ثُمَّ شكَّ بعدَ ذلك في فعلِ الطَّهارةِ؛ فالأصلُ بقاءُ الحدثِ، والطَّهارةُ مشكوكٌ فيها، فلأجلِ ذلك يتوضَّأُ.
[1] رواه النَّسائيُّ (159).
[2] رواه النَّسائيُّ (159).
[3] رواه مسلمٌ (376).
[4] أخرجه أبو داودَ (181)، والنَّسائيُّ (163).
[5] رواه مسلمٌ (360).
[6] رواه مسلمٌ (360).
[7] أخرجه البخاريُّ (176)، ومسلمٌ (362).