عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 04-09-2025, 06:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,531
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة

الحكمــــة ضالـــة المؤمـــــن (138)

{إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}(النساء: 31)


قال القرطبي: «دل هذا على أن في الذنوب كبائر وصغائر، وعلى هذا جماعة أهل التأويل وجماعة الفقهاء». وقال ابن القيم: «الذنوب تنقسم إلى صغائر وكبائر بنص القرآن والسنة وإجماع السلف وبالاعتبار».
فمن الآيات قوله تعالى: {الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللم}، وقال تعالى: {والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش} وقال سبحانه: {وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان}
ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم : «‏‏الكبائر؛ الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس».‏
وقد اختلف العلماء في بيان حقيقة الكبيرة على أقوال كثيرة منها:
قول ابن عباس: الكبيرة كل ذنب ختمه الله بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب.
وعن ابن مسعود أنه قال: الكبائر أربعة: «اليأس من روح الله، والقنوط من رحمة الله، والأمن من مكر الله، والشرك بالله؛ دل عليها القرآن».
وروي عن ابن عمر: هي تسع: «قتل النفس، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، ورمي المحصنة، وشهادة الزور، وعقوق الوالدين، والفرار من الزحف، والسحر، والإلحاد في البيت الحرام».
وقال إمام الحرمين: «هي كل جريمة تؤذن بقلة اكتراث مرتكبها بالدين وبضعف ديانته».
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «أَمْثَلُ الْأَقْوَالِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْقَوْلُ الْمَأْثُورُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ: أَنَّ الصَّغِيرَةَ مَا دُونُ الْحَدَّيْنِ: حَدُّ الدُّنْيَا وَحَدُّ الْآخِرَةِ. وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: مَا لَيْسَ فِيهَا حَدٌّ فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْقَائِلِ: كُلُّ ذَنْبٍ خُتِمَ بِلَعْنَةِ أَوْ غَضَبٍ أَوْ نَارٍ فَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ. وَمَعْنَى قَوْلِ الْقَائِلِ: وَلَيْسَ فِيهَا حَدٌّ فِي الدُّنْيَا وَلَا وَعِيدٌ فِي الْآخِرَةِ أَيْ «وَعِيدٌ خَاصٌّ» كَالْوَعِيدِ بِالنَّارِ وَالْغَضَبِ وَاللَّعْنَةِ.
وَكَذَلِكَ كُلُّ ذَنْبٍ تُوُعِّدَ صَاحِبُهُ بِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَلَا يَشُمُّ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَقِيلَ فِيهِ: مَنْ فَعَلَهُ فَلَيْسَ مِنَّا وَأَنَّ صَاحِبَهُ آثِمٌ. فَهَذِهِ كُلُّهَا مِنْ الْكَبَائِرِ».
وقال الشيخ ابن سعدي: «وأحسن ما حدت به الكبائر, أن الكبيرة ما فيه حد في الدنيا, أو وعيد في الآخرة, أو نفي إيمان, أو ترتيب لعنة, أو غضب عليه».
والكبائر تتفاوت فيما بينها، فمنها أكبر الكبائركما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : «أكبر الكبائر الإشراك بالله وقتل النفس وعقوق الوالدين وقول الزور أو قال وشهادة الزور».
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : «اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات» متفق عليه.
وتنقسم الكبائر إلى كبائر ظاهرة وهي أعمال الجوارح وكبائر باطنة ومحلها القلب، وقد قَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ: «كَبَائِرُ الْقُلُوبِ أَعْظَمُ مِنْ كَبَائِرِ الْجَوَارِحِ؛ لِأَنَّهَا كُلَّهَا تُوجِبُ الْفِسْقَ وَالظُّلْمَ، وَتَزِيدُ كَبَائِرُ الْقُلُوبِ بِأَنَّهَا تَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ، وَتُوَالِي شَدَائِدَ الْعُقُوبَاتِ».
ومن رحمة الله تعالى بعباده أن شرع لهم مكفرات للذنوب والمعاصي، فكفارة الكبائر هي التوبة النصوح كما قال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}(النور: 31).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أيها الناس: توبوا إلى الله، فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرة».
وحقيقة التوبة كما قال ابن القيم: «هي الندم على ما سلف منه في الماضي، والإقلاع عنه في الحال، والعزم على ألا يعاوده في المستقبل».
وقال النووي: «اتفقوا على أن التوبة من جميع المعاصي واجبةُ، وأنها واجبةٌ على الفور لا يجوز تأخيرها سواء كانت المعصية صغيرة أم كبيرة».
وقال أيضا: «إن للتوبة ثلاثة أركان: الإقلاع، والندم على فعل تلك المعصية، والعزم على ألا يعود إليها أبداً. فإن كانت المعصية لحقّ آدمي فلها ركن رابع وهو: التحلّل من صاحب ذلك الحقّ. وأصلها الندم، وهو ركنها الأعظم».
والحج يكفر كبائر الذنوب؛ ففي الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه».
ومنها القتل ظلما كما قال صلى الله عليه وسلم : «قَتْلُ الصَّبْرِ لا يَمُرُّ بِذَنْبٍ إِلا مَحَاه».
ومنها الاستشهاد في سبيل الله كما قال صلى الله عليه وسلم : «يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين» رواه مسلم.
وللصغائر مكفرات أخرى غير التوبة مثل اجتناب الكبائر كما قال تعالى: {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}(النساء: 31).
قال الشيخ ابن سعدي: «وعدهم أنهم إذا اجتنبوا كبائر المنهيات, غفر لهم جميع الذنوب والسيئات, وأدخلهم مدخلا كريما, كثير الخير, وهو الجنة, المشتملة على ما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر.
ويدخل في اجتناب الكبائر, فعل الفرائض التي يكون تاركها مرتكبا كبيرة, كالصلوات الخمس, والجمعة وصوم رمضان, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : «الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة, ورمضان إلى رمضان, مكفرات لما بينهما, ما اجتنبت الكبائر».
وقَالَ الْخَطَّابِيُّ: «الْمُرَاد بِاللَّمَمِ مَا ذَكَرَهُ اللَّه فِي قَوْله تَعَالَى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ}(النجم: 32)، وَهُوَ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ. وَقَالَ: {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}(النساء: 31) فَيُؤْخَذ مِنْ الْآيَتَيْنِ أَنَّ اللَّمَم مِنْ الصَّغَائِر وَأَنَّهُ يُكَفَّر بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِر».
ومنها حسن إسلام المرء كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا أسلم العبد فحسن إسلامه يكفر الله عنه كل سيئة كان زلفها، وكان بعد ذلك القصاص؛ الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف، والسيئة بمثلها إلا أن يتجاوز الله عنها»متفق عليه
ومنها الإحسان بعد الإساءة كما قال صلى الله عليه وسلم : «اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن» رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
ومنها بذل السلام وحسن الكلام: فعن هانئ بن يزيد أبي شريح قال: قلت: يا رسول الله، دلني على عمل يدخلني الجنة.قال: «إن من موجبات المغفرة بذل السلام وحسن الكلام». أخرجه الطبراني وصححه الألباني.
ومنها ذكر الله -تعالى-؛ فعن أَنَسٌ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ غُصْنًا فَنَفَضَهُ فَلَمْ يَنْتَفِضْ ثُمَّ نَفَضَهُ فلَمْ يَنْتَفِضْ، ثُمَّ نَفَضَهُ فَانْتَفَضَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، تَنْفُضُ الْخَطَايَا كَمَا تَنْفُضُ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا». أخرجه أحمد وحسنه الألباني.
فمكفرات الذنوب كثيرة بفضل الله سبحانه، وفي الختام نسأل الله -تعالى- العفو والمغفرة للذنوب كلها، دقها وجلها، كبيرها وصغيرها، إنه سميع مجيب.



اعداد: د.وليد خالد الربيع





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.03 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.40 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.99%)]