عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 21-09-2025, 11:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,491
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلوكيات غير صحيحة سائدة في حياتنا الأسرية




سلوكيات غير صحيحة سائدة في حياتنا الأسرية- تـدخــل الآخــرين


الحرص على الاستقلال المادي عن الأهل، والتكيف في حدود القدرات المالية للزوجين والبعد عن عامل المقارنة

الأسرة في الإسلام كيان مقدَّس، وهي اللَّبِنَة الأساسية في بناء المجتمع الإنساني السليم، ولهذا أَوْلَى الإسلام بناءها عناية فائقة، وأحاط إنشاءها بأحكام وآداب تكفل أن يكون البناء متماسكاً قويّاً، يحقِّق الغاية الكبرى من وجوده، وعند غياب هذه الآداب ووجود ما يخالفها فإن كثيراً من المشكلات والأزمات تحدث بين الزوجين، فتتعرض الأسرة إلى هزَّات عنيفة، قد تؤدِّي إلى زعزعة أركانها وانفصام عراها، وأحاول في هذه السلسلة استعراض بعض السلوكيات السلبية التي سادت في بعض الأسر، وأحدثت تمزقًا نفسيًا، وعلى إثرها اهتزت العلاقات داخل الأسرة، وفقد الاستقرار والأمان، واليوم نتناول آخر هذه السلوكيات وهو (تدخل الآخرين).
تدخل الآخرين هو سلوك يقع تحت تأثيره كثير من الأسر الشرقية عموما وخطر يهدد الحياة الزوجية خصوصا، ويؤثر على استقرارها ولاسيما عند انقياد أحد الزوجين لهذا التدخل الذي غالباً ما يكون من أحد الأقرباء أو أحد الأصدقاء؛ لأن أغلب التدخلات تكون بعيدة عن مصلحة الزوجين وبقاء واستمرارية علاقتهما كونها تأتي مُصعدة للخلاف وتضخمه بشكل كبير، ولا سيما أنهم يستمعون من طرف واحد فقط وكل طرف سيتحيز لابنه أو ابنته ويتحول الموضوع من خلاف بين زوجين إلى صراع عائلي لا يمكن احتواؤه أو السيطرة عليه، ولكن ليس من الحكمة أيضاً عزل الأسرة عن المحيط الخارجي ولكن لا بد من معرفة الأسباب التي تؤدي أو تساعد على وجود تدخلات من الآخرين وتوضيح النتائج المترتبة عليها ثم وضع أساسيات في التعامل المعقول والحد من تدخل الآخرين.
أسباب تؤدي لتدخل الآخرين بحياتك
1- الاعتماد الزائد من أحد الزوجين على والديهما وعدم انتباهه لاحتياجه هو وشريكه للاستقلالية.
2- اتسام أحد الزوجين بصغر عقله؛ مما يجعله يخبر أهله بكل ما يدور بينه وبين شريكه وعدم تمييزه ما يجوز قوله وما لا يجوز.
3- انعدام ثقة أحد الزوجين بنفسه فيرى نفسه ما زال صغيراً على اتخاذ القرارات منفرداً رغم ارتباطه بشريكه وتكوين أسرة.
4- عدم نضوج أحد الزوجين فلن يستطيع أن ينزع نفسه من أسرته الأولى ليشيد حصناً مستقلاً في بيته.
5- اعتمادية الزوج وتبعيته لوالدته التي لم يستطع التخلص منها؛ مما يؤدي إلى تدخلها بطريقة سافرة في حياته.
6- شعور الأم بملكيتها لابنها، وزوجته ما هي إلا مغتصبة له فيصل بها الحال إلى الحقد والكره لهذه الزوجة، ويرجع ذلك إلى تدني مستوى الوعي لدى هذه الأم التي دون يقظةٍ منها تتسبب بتعاسة ولدها وتشتت حياته الأسرية.
7- وفاة الوالد واستبدال الابن الأكبر أو الوحيد به، فيزيد من الارتباط العاطفي بينه وبين والدته وبالتالي شعورها بالوحدة والفراغ بعد زواجه وخوفها من فقدان أهميتها في حياته؛ مما يجعلها تعتمد عليه بطريقة زائدة، وتنشغل به طوال الوقت.
8- عدم الاستقلال المادي؛ مما قد يسبب الكثير من الاحتكاكات، ويعطي مجالاً للتدخل في كيفية إنفاق المال وغيرها من الأمور.
9- ضعف التواصل بين الزوجين وعدم وجود تفاهم بينهما؛ مما يجعلهما بحاجة إلى طرف ثالث ليُحل ما بينهما من مشكلات.
النتائج المترتبة على تدخل الآخرين بحياتنا
يتغير حال البيت، وتفارقه الابتسامة، وتضيع الخصوصية، وتضعف الحميمية فيه، وينمو الغضب حتى تأتي لحظة الانفجار لتصبح الأسرة أسيرة آراء الآخرين وتدخلاتهم التي لا تخلو من التحيز والمجاملات؛ مما ينعكس سلباً على الوضع العام في الأسرة نتيجة تضخم المشكلات لتدخل الآخرين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ولاسيما تدخلات الأهل التي تزيد من توتر العلاقة بينهما؛ مما يؤدي إلى تعكر النفوس وقد يصل الأمر إلى القطيعة، وتتفاقم الأمور تبعاً لمدى بروز الحاجة إلى الاستقلال بالكيان الذاتي وربما يؤدي الاستسلام إلى انهيار الحياة الزوجية وحدوث الانفصال، ويرجع ذلك إلى تدني مستوى الوعي لدى الأزواج وغالباً ما يضعهم أمام خيار مأزقي ما بين حاجته إلى إقامة صرح مستقل راشد وبين الاتهام بالعقوق أو التقصير أو الاتهام بسيطرة الزوجة والضعف أمامها، فالطرف الثالث دائماً ما يقود في النهاية إلى اتساع دائرة الخلاف وتشعب دروب الانشقاق، لكن الأزواج البارعين لا يسمحون لأحد بالتدخل في حياتهم إطلاقاً مدركين أن كل بيت لا يخلو من الخلافات والمشكلات، وأنبهه وبشدة إلى أهمية إسداء النصائح العامة غير مباشرة للفتيات للتعلم منها ولاسيما في بداية زواجهن لجهلن بالكثير من الأمور التي يجب تعلمها ومنها حقيقة الزواج وأبجدياته، وهنا يكون دور الأم في إبداء النصيحة لمساندة بنتها دون أن تتحول هذه المساندة إلى سؤال روتيني يومي عن تفاصيل حياتها؛ لأنها بذلك تصل بها إلى منحدر خطير في حياتها الزوجية ناتج عن الاعتمادية الكلية للأم وآرائها.
طرائق للحد من تدخل الآخرين
1- الاتفاق على الخصوصية بين الزوجين، فالمناقشات الخاصة تتم بينهم في غرفة مخصصة بعيداً عن الأهل ولا يحق للآخرين الاقتراب منها.
2- الاتفاق على توطيد العلاقة بينهم وبين الأهل وتوزيع الأدوار بينهم، فالزوج يقف لأهله معلناً عن رفضه هو لتدخلهم وليس زوجته وبالمثل الزوجة مع أهلها.
3- تخصيص وقت معين للحوار مع الأهل وترضية خواطرهم بالكلمة الطيبة والاستماع إلي آرائهم باحترام لتحقيق رغبتهم بضرورة تقديم النصح للأبناء ورعايتهم حتى بعد الزواج ثم اتخاذ الزوجين القرار المناسب لهما.
4- مراجعة الزوجين لسلوكياتهما الخطأ التي وقعا فيها؛ مما دفع الأهل للتدخل، واعترافهما بالخطأ والتصميم على المعاجلة للمحافظة على خصوصية الأسرة واستقرارها.
5- مناقشة الزوجين فيما بينهما عن تدخلات الأهل والاتفاق على تخطيها بحكمة ووضع حدود على المجالات المسموح وغير المسموح للأهل بالتدخل فيها.
6- الدبلوماسية في التعامل ولاسيما الابن الذي يسكن مع أهله فهو يحتاج إلى موازنة في تعامله مع زوجته وأهله، فلابد من إعطاء الزوجة حق الخصوصية والاستقلالية ولو مقتصرة على غرفة واحدة، وأيضاً دبلوماسية الزوجة في عدم إجابتها عن الأسئلة التي لا تريد الإجابة عنها إما بالرد بصورة عامة أم بكلام يُفهم بأكثر من معنى أو الانتقال بمحور الموضوع لغيره.
7- الحرص على تحسين صورة الطرف الآخر عند أهله، وتحسين علاقة كل من الزوجين مع الأهل من خلال المصالحة والتسامح والتغاضي عن الأخطاء والمعاملة الحسنة والهدايا وغيرها من فن العلاقات الإنسانية الأسرية.
8- الحرص على الاستقلال المادي عن الأهل، والتكيف في حدود القدرات المالية للزوجين والبعد عن عامل المقارنة، وخاصة الزوجة التي تطالب أن يتصرف زوجها بالطريقة التي يتصرف بها زوج صديقتها، وتكلفه بأعباء لا يقدر على تحملها لسبب أنها تغار، وتريد التقليد، وتفشل في ذلك؛ لأن زوجها لا يؤمن لها المال فتلجأ لأهلها ليساندوها مادياً، وأيضاً ينطبق على الزوج عند مقارنته بين زوجته وأخريات أو مقارنتها بأمه باعتبارها مثلا أعلى، كل ذلك يخلق وضعاً متوتراً نتيجة المقارنة غير المنصفة، التي تحكمها الغيرة أو عدم وجود الفهم لمشكلات الحياة الأساسية، ويفتح مجالاً واسعاً لتدخلات الخارجية تصل بهم لسلسلة من المشكلات تنتهي بالطلاق الشرعي أو الانفصال النفسي.
إذاً فالتفاهم والاتفاق والعتاب والتضحية والتنازلات والحوار الهادئ.. نقاط توصلنا دائماً إلى حلول وأفكار كانت غائبة عنا، وعلى المرأة أن تكون أكثر وعياً ونضجاً وارتقاء في علاقتها بزوجها، وأن تسد من البداية باب التدخلات الخارجية مع حرصها على الاحترام والتقدير المتبادل لأهل الزوج، ووضع حد لنصائح الأم وتدخلاتها بحياتها الزوجية وتقوم بموازنة تلك النصائح والاقتراحات ومدى مناسبتها لظروف ومستقبل واستقرار حياتها الزوجية وتعمل بالرأي الذي اقتنعت به دون أن تنسب القول لوالدتها، فلن يستطيع غيرها أن يحمي حياتها؛ فالحياة الزوجية عبء ثقيل ومسؤولية كبرى تحتاج إلى همم عالية.



اعداد: إيمان الوكيل





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.83 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.93%)]