تحت العشرين -1277
الفرقان
فوائد الصديق الصالح
الصاحب هو شخص تربطك به علاقة ودّية أو اجتماعية، وقد تتطور إلى علاقة وثيقة يسودها الثقة والتفاهم والاحترام، وقد نبَّه النبي - صلى الله عليه وسلم - على اختيار الصاحب الصالح؛ فقال: «لا تصاحِبْ إلا مؤمنًا، ولا يأكل طعامك إلا تقيٌّ».
وقال - صلى الله عليه وسلم -: «الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يُخالل»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك، إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبةً، ونافخ الكير، إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحًا خبيثةً»؛ فالصديق إذا لم يكن جليسًا صالحًا فإنه يعد من أخطر أسباب الانحراف في الدين والأخلاق والقيم والسلوك؛ قال -تعالى-: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} (الزخرف: 167)، ومن أهم فوائد الصديق الصالح ما يلي: - الإعانة على الطاعة؛ فالصديق الصالح يذكِّرك ويشجِّعك دومًا بأعمال الخير والبر؛ فتَقْوى عزيمتك على مجاراته.
- الصحبة مرآة النفس، فالصاحب الصالح يكشف لك محاسن ومساوئ نفسك؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: «المؤمن مرآةُ المؤمن، والمؤمن أخو المؤمن، يكُفُّ عليه ضيعته، ويحوطه من ورائه».
- التنافس على الأعمال الصالحة؛ لأن التنافس مع الصالحين يخلو من الحسد والضغينة والغَيرة؛ لأنه يقتدي بهم، وهم حريصون على توجيهه وهدايته.
- الثبات على الدين، والإكثار من الجلوس مع الصالحين وسيلة مهمة من وسائل الثبات على الدين، وفي مواجهة الفتن والمغريات.
- تهذيب السلوك؛ فالصاحب الصالح يتحلى بالأخلاق الحسنة والصفات الحميدة؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: «المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل».
- محبة الله -تعالى-؛ قال -تعالى- في الحديث القدسي: «وجبت محبتي للمتحابين فيَّ، وللمتجالسين فيَّ، وللمتزاورين فيّ».
من ثمرات ملازمة الصالحين ومحبتهم
من ثمرات ملازمة الصالحين ومحبتهم، النزول منزلتهم يوم القيامة، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: وَمَا أَعْدَدْتَ لِلسَّاعَةِ؟ قَالَ: حُبَّ اللهِ وَرَسُولِهِ، قَالَ: فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ، قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحْنَا، بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَرَحًا أَشَدَّ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ»، قَالَ أَنَسٌ: فَأَنَا أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِأَعْمَالِهِمْ. التوحيد أصل الدين
قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: أعظم الأوامر وأهمها توحيد الله -سبحانه-، وترك الإشراك به -عزوجل-، وهذا هو أهم الأمور، وهو أصل دين الإسلام، وهو دين الرسل كلهم من أولهم إلى آخرهم، وهو توحيد الله وإفراده بالعبادة، دون كل من سواه، هذا هو أصل الدين، وهو دين الرسل جميعا من أولهم نوح إلى خاتمهم محمد -عليهم الصلاة والسلام-، لا يقبل الله من أحد دينًا سواه، وهو الإسلام. أضرار رفقاء السوء
قال الشيخ عبدالرحمن السعدي -رحمه الله-: مصاحبة الأشرار مضرة من جميع الوجوه على من صاحبهم وشر على من خالطهم؛ فكم هلك بسببهم أقوام! وكم قادوا أصحابهم إلى المهالك من حيث يشعرون ومن حيث لا يشعرون، فعلى العاقل الناصح لنفسه الذي يريد لها النجاة والسعادة في الدنيا والآخرة أن يتجنب مخالطة هؤلاء ويفر منهم غاية الفرار ولا يتهاون في ذلك؛ فمن أضرار مرافقتهم ما يلي: - من أضرار جليس السوء أنه قد يشكك في معتقداتك الصحيحة ويصرفك عنها.
- أن جليس السوء يدعو جليسه إلى مماثلته في الوقوع في المحرمات والمنكرات.
- أن المرء بطبيعته يتأثر بعادات جليسه وأخلاقه وأعماله فإن طبعك يسرق من طبعه وأنت لا تدري.
- أن رؤيته تذكر بالمعصية سواء كانت ظاهرة عليه أو خفية وكنت تعرف ذلك منه فتخطر المعصية في بال المرء بعد أن كان غافلا أو متشاغلا عنها.
- أنه يصلك بأناس سيئين يضرك الارتباط بهم وقد يكونون أشد انحرافا وفسادا.
- أنه يخفي عنك عيوبك ويسترها عنك، ويحسن لك خطاياك، ويخفف وقع المعصية في قلبك، ويهون عليك التقصير في الطاعة.
- أنك تحرم بسببه من مجالسة الصالحين وأهل الخير؛ لانهماكك معه في الشهوات والملذات، ويحذرك من مجالستهم؛ فيفوتك من الخير والصلاح بقدر بعدك عنهم.
- أن في مجالستهم تضييعا للوقت الذي سيحاسب العبد على التفريط فيه يوم القيامة.
أبرُّ الأصحاب وخير الرفقاء
قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: إنَّ أبرَّ الأصحاب وخير الرفقاء عمل المرء الصالح، ولن يدخل معه في قبره إلا هذا الصاحب، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَثَلُ ابْنِ آدَمَ وَمَالِهِ وَعَمَلِهِ مَثَلُ رَجُلٍ لَهُ ثَلَاثَةُ أَخِلَّاءَ, قَالَ لَهُ أَحَدُهُمْ: أَنَا مَعَكَ مَا دُمْتَ حَيًّا، فَإِذَا مُتَّ فَلَسْتَ مِنِّي وَلَا أَنَا مِنْكَ، فَذَلِكَ مَالُهُ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَنَا مَعَكَ، فَإِذَا بَلَغْتَ إِلَى قَبْرِكَ فَلَسْتَ مِنِّي وَلَسْتُ لَكَ, فَذَلِكَ وَلَدُهُ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَنَا مَعَكَ حَيًّا وَمَيِّتًا فَذَلِكَ عَمَلُهُ». وقال ابن القيم -رحمه الله- عن أحد الحكماء أنه سُئل: أي الأصحاب أبَرّ؟ قال: «العمل الصالح»؛ فالعمل الصالح صاحب برّ بصاحبه، ومن فرّط فيه ندم أشد الندامة. من كلام الحكماء
العاقل يلزم صحبة الأخيار؛ لأن مودة الأخيار سريع اتصالها، بطيء انقطاعها، ومودة الأشرار سريع انقطاعها، بطيء اتصالها.
خيرُ ما ينشغل به الشباب اليوم
قال الشيخ عبدالكريم الخضير: خيرُ ما ينشغل به الشباب في ظروفنا التي نعيشها، وما قبل ذلك، وما بعده: أمرَانِ فقط؛ لكنهما أمرانِ يحويان الدنيا والآخرة، هما: العلْم والعمَل؛ إذ إنَّ العمل وحده دون عِلمٍ قد يكون ضررًا ونقصًا على صاحبه، فقد يَعبُد اللهَ -جلَّ وعلا- على غير ما شرعه في كتابه، أو في سُنَّة نبيِّه - صلى الله عليه وسلم -؛ فيعبد الله على جهل، ويُفسد أكثرَ مما يصلح، والعِلم أيضًا مِن دون عمل كالشجر بلا ثمر، فلابُدَّ مِن اقْتران العِلْم بالعمَل، واقتضاء العِلْم للعمَل. الصديق الصالح نعمة عظيمة
الشباب بحاجة ماسّة إلى الصحبة الصالحة، التي تُعينهم على الخير، وتذكرهم به، وتُصلح من سلوكهم وتُقوّي إيمانهم وتساعدهم على اجتناب طريق السوء؛ فالصديق الصالح نعمة عظيمة تقرّب العبد من الله وتُعين على الاستقامة، بينما الصحبة السيئة تُفسد وتُبعد عن الطريق الصحيح. صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوتي
إنَّ مِنْ عقيدة أهْل السُّنَّة والجماعة حبَّ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا نفرِّط في حب واحدٍ منهم، ولا نذكُرهم إلا بخير، فحبُّهم دين وإيمان وإحسان؛ فهم أفضل الخلق بعد الأنبياء؛ ومحبتهم من محبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ومحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من محبة الله -تعالى-.