عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 27-09-2025, 02:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,530
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المحافظة على الأسرار

[الحماسة، للبحتري، ص: 304].

(8) قال يحيى بن زياد:
إذا المرء لم يحفظ سريرة نفسه
فلا تفشين يومًا إليه حديثا




[الحماسة، للبحتري، ص: 304].

(9) قال الشاعر:
لا تنطق بسرك كل سر
إذا ما جاوز الاثنين فاشي




[أدب الدنيا والدين، للماوردي، ص: 308].

(10) قال الشاعر:
إن الكريم الذي تبقى مودته
ويحفظ السر إن صافا وإن صرما
ليس الكريم الذي إن زلَّ صاحبه
بث الذي كان من أسراره علما

[تاريخ بغداد، للخطيب البغدادي، ج: 6، ص: 372].

(11) قال الشاعر:
ترى الكريم إذا تصرم وصله
يُخفي القبيح ويُظهر الإحسانا
وترى اللئيم إذا تقضى وصله
يخفي الجميل ويظهر البهتانا

[إحياء علوم الدين، للغزالي، ج: 2، ص: 179].

(12) قال الشاعر:
صُنِ السر عن كل مستخبر
وحاذر فما الحزم إلا الحذر
أسيرك سرك إن صنته
وأنت أسير له إن ظهر

[الذخائر والعبقريات، عبدالرحمن البرقوقي، ج: 2، ص: 74].

أهمية حفظ الأسرار في العلاقات الاجتماعية:
إن المحافظة على الأسرار خاصية إنسانية في العلاقات الاجتماعية؛ من حيث تعامل الفرد مع الآخرين، ومع المجتمع الذي يعيش فيه، والأسرار لها أهمية كبيرة في الأمم، فهي من أعظم أسباب النجاح، وأدوم لأحوال الصلاح؛ ومن هنا فرعاية الإسلام للمحافظة على الأسرار يُستهدف من ورائها تكوين المجتمع الإسلامي، ووضع التشريعات الضابطة لحماية العلاقات وتنميتها، وهي أمر لازم لدوام الحياة الاجتماعية وتقدمها من الناحية المعنوية، ولو أُهملت المبادئ الأخلاقية والاجتماعية، وسُمح للخيانة وفشو الأسرار بالانتشار؛ لزالت المعاني الإنسانية، كالأمانة وكتمان الأسرار، من حياة الناس، وتحولت الحياة الاجتماعية إلى جحيم لا يُطاق؛ [مجلة البيان، ج: 1 ص: 177].

حفظ الأطباء لأسرار المرضى:
يتأكد في حق الطبيب كتمان السر، ومن حق المريض عليه ألَّا يبوح بأي معلومات عنه؛ وذلك أن ثقة المريض في طبيبه هي أساس التعامل بينهما، والمريض إنما أفشى أسراره وما يعانيه للطبيب؛ لأجل الوصول إلى التشخيص الصحيح.

وحفظ أسرار المريض من حفظ الأمانة؛ وقد قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المؤمنون: 8]؛ [أسرار المرضى، هاني عبدالله جبير، ص: 6].

قال ابن الحاج رحمه الله: "ينبغي أن يكون الطبيب أمينًا على أسرار المرضى، فلا يُطلع أحدًا على ما ذكره المريض؛ إذ إنه لم يأذن له في إطلاع غيره على ذلك، ولو أذِن فينبغي ألَّا يفعل ذلك معه، اللهم إلا أن يعلم من المريض في أمره بذلك استجلاب خواطر إخوانه، ومن يتبرك بدعائه له بظهر الغيب"؛ [المدخل، لابن الحاج، ج: 4، ص: 135].

الوسائل التي تساعد على حفظ الأسرار:
نستطيع أن نوجز الوسائل التي تساعد المسلم على المحافظة على أسرار الناس في الأمور التالية:
أولًا: استحضار مراقبة الله تعالى للناس: يجب على المسلم أن يعلم بأن الله مطلع على كل خافية، فلا يعصيه بإفشاء أسرار الناس.

ثانيًا: حب الخير لكل مسلم، ومعرفة أن هناك ضررًا قد يقع على صاحب السر إذا أظهره للناس.

ثالثًا: استشعار الضرر الذي يقع على المسلم من إفشاء سره؛ فربما لحِقه أذًى عظيم من إفشاء سره؛ فقد تكون زوجة يطلقها زوجها، أو موظف يفقد وظيفته، أو قريب يهجره أقاربه، أو صديق تنقطع المودة بينه وبين باقي أصدقائه.

رابعًا: إفشاء الأسرار مظلمة لأخيك المسلم، يجدها يوم القيامة ويحاجُّك بها عند الله عز وجل.

خامسًا: من صفات المؤمن الصادق المحافظةُ على العهد، وعدم إفشاء ما يسمع من أخيه المسلم.

سادسًا: بإفشاء الأسرار يفقد الإنسان نعمة عظيمة؛ وهي نعمة مشاورة الناس له، واختيارهم له وثقتهم فيه؛ [حفظ الأسرار، مكتبة دار القاسم، ص: 12].

نبينا صلى الله عليه وسلم القدوة في المحافظة على الأسرار:
(1) روى البخاري عن عروة بن الزبير، قال: قالت عائشة عند الحديث عن الهجرة: ((بينا نحن يومًا جلوس في بيتنا في نحر الظهيرة، فقال قائل لأبي بكر: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلًا متقنعًا، في ساعة لم يكن يأتينا فيها، قال أبو بكر: فدًا لك أبي وأمي، والله إنْ جاء به في هذه الساعة إلا لأمر، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم، فاستأذن فأذن له فدخل، فقال حين دخل لأبي بكر: اخرج من عندك، قال: إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله، قال: فإني قد أُذن لي في الخروج، قال: فالصحبة بأبي أنت وأمي يا رسول الله؟ قال: نعم، قال: فخُذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتيَّ هاتين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: بالثمن))؛ [البخاري، حديث: 5807].

قال الإمام ابن بطال رحمه الله: "هذا الحديث فيه: أن المرء ينبغي له التحفظ بسره، ولا يُطلع عليه إلا من تطيب نفسه عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم لأبى بكر: ((اخرج من عندك)) ليخبره بخروجه مخليًّا به، فلما قال له الصديق رضي الله عنه: إنما هم أهلك، وعلم أن شفقتهم عليه كشفقة أهله، أطلعه صلى الله عليه وسلم حينئذٍ على سره، وأنه قد أُذِن له في الخروج إلى المدينة"؛ [شرح صحيح البخاري، لابن بطال، ج: 9، ص: 93].

قال الإمام عبدالرحيم العراقي رحمه الله: "قوله: ((اخرج من عندك)) سببه شدة التحرز في أمر الهجرة؛ لئلا يعوق عنها عائق؛ فإن فشو السر سبب لحصول المفسدة، فلما أعلمه الصديق بأنه ليس هناك من يتوقع منه إفشاء السر بقوله (إنما هم أهلك)، تكلم بما عنده"؛ [طرح التثريب، عبدالرحيم العراقي، ج: 7، ص: 274].

(2) روى الشيخان عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: ((لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوةً إلا ورَّى بغيرها))؛ [البخاري حديث: 2947، مسلم، حديث: 2769].

قوله: (ورى بغيرها): أي: إلا أظهر للناس أنه يريد جهةً أخرى؛ حرصًا على الكتمان؛ [منار القاري، حمزة قاسم، ج: 5، ص: 6].

قال ابن الملك: "قوله: (ورى بغيرها) أي: سترها بغيرها، وأظهر أنه يريد بها لما فيه من الحزم وإغفال العدو، والأمن من جاسوس يطلع على ذلك فيخبر به العدو، وتوريته صلى الله عليه وسلم كان تعريضًا بأن يريد - مثلًا - غزوة مكة، فيسأل الناس عن حال خيبر وكيفية طرقها"؛ [مرقاة المفاتيح، علي الهروي، ج: 6، ص: 2535].

حرص نبينا صلى الله عليه وسلم على كتمان أسرار غزواته:
لقد كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يكتم أسرار خططه في الغزوات، وسوف نذكر بعضًا منها:
(1) سرية عبدالله بن جحش:
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدَ الله بن جحش الأسدي ومعه ثمانية من المهاجرين، ليس فيهم من الأنصار أحد، وكتب له كتابًا، وأمره ألَّا ينظر فيه حتى يسير يومين، ثم ينظر فيه، فيمضي لما أمره به، ولا يستكره من أصحابه أحدًا، فلما سار عبدالله بن جحش يومين فتح الكتاب، فنظر فيه فإذا فيه: إذا نظرت في كتابي هذا فامضِ حتى تنزل نخلة، بين مكة والطائف، فترصد بها قريشًا وتعلم لنا من أخبارهم، فلما نظر عبدالله بن جحش في الكتاب، قال: سمعًا وطاعةً، ثم قال لأصحابه: قد أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أمضي إلى نخلة، أرصد بها قريشًا، حتى آتيه منهم بخبر، وقد نهاني أن أستكره أحدًا منكم، فمن كان منكم يريد الشهادة ويرغب فيها فلينطلق، ومن كره ذلك فليرجع، فأما أنا فماضٍ لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمضى ومضى معه أصحابه، لم يتخلف عنه منهم أحد؛ [سيرة ابن هشام، ج: 2، ص: 601].

لقد ابتكر الرسول صلى الله عليه وسلم أسلوب الرسائل المكتومة؛ مراعاة للسِّرِّيَّة وللمحافظة على الكتمان الشديد، ولحرمان أعداء المسلمين من الحصول على المعلومات التي تفيدهم عن تحركات المسلمين وأهدافهم؛ [دروس في الكتمان، محمود شيت خطاب، ص: 20].

(2) غزوة فتح مكة:
في غزوة فتح مكة المكرمة بلغ النبي صلى الله عليه وسلم في تطبيق عامل الكتمان حد الروعة، حتى لَيمكن اعتبار هذه الغزوة مثالًا من أعظم أمثلة التاريخ العسكري في تطبيق الكتمان إلى أبعد الحدود، وأمر أهله أن يجهزوه، ولكنه لم يخبر أحدًا من المسلمين في الداخل أو الخارج بنيَّاته وأهدافه من حركته واتجاهها، بل أخفى نياته وأهدافه واتجاه حركته حتى عن أقرب المقربين إليه، ولما اقترب موعد الحركة، صرح الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه سائر إلى مكة المكرمة، ولكنه بثَّ عيونه ليحُول دون وصول أخبار اتجاه حركته إلى قريش؛ [موسوعة الأخلاق الإسلامية، ج: 2، ص: 3].

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله، وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.49 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.87 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.56%)]